-->

القضاء الاداري ومراقبته للسلطة التقديرية لللإدارة

مقدمة
يعد مبدأ المشروعية مدخلا ضروريا لدراسة الرقابة على أعمال الإدارة تلك الرقابة التي تستهدف مشروعية أعمال الإدارة، والتحقق من عدم مخالفتها للقانون.
فمبدأ المشروعية يعتبر من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة وهو يعني أن تكون جميع تصرفات الإدارة وأعمالها في حدود القانون.
ويقصد بالإدارة في معناها العضوي الشكلي، مجموع الأجهزة والهيئات التي تتكون منها الإدارة، منها ما هو مركزي (رئيس الحكومة، وزراء، الكتاب العامون، المدراء،) وتشتمل أيضا المؤسسات العمومية.
أما في معناها الوظيفي فيقصد بها النشاط أو مجموع الأنشطة التي تقوم بها الأجهزة الإدارية وتتميز هذه الأنشطة بكونها تهدف إلى تحقيق الصالح العام أو المصلحة العامة الشيء الذي يميز نشاط الأجهزة الإدارية عن نشاط الخواص إلى جانب ما تتمتع به من امتيازات أخرى من ذلك نظرية القرار الإداري المنفرد وتنفيذه جبرا، إضافة إلى ما تتمتع به من سلطة تقديرية هذه الأخيرة تعني قدرة الإدارة على إعمال إدارة حرة في مباشرة النشاط الإداري.
فكما هو معلوم فإن الإدارة تمارس نشاطها بأتباع أسلوبين، الأول أن تمارس اختصاصا مقيدا وفيه يعدد المشرع الشروط لاتخاذ قرار مقدما، والأسلوب الثاني يتمثل بممارسة الإدارة اختصاصا تقديريا إذ يترك المشرع الإدارة حرية اختيار وقت وأسلوب التدخل في إصدار قرارتها تبعا للظروف المختلفة فالمشرع يكتفي بوضع القاعدة العامة التي تتصف بالمرونة تاركا الإدارة تقدير ملائمة التصرف شريطة أن تتوخى الصالح العام في أي عمل تقوم به والا تنحرف عن هذه الغاية والا كان عملها مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة.[1]
وقد منح المشرع الإدارة هذه السلطة شعورا منه بأنها الأقدر على اختيار الوسائل المناسبة للتدخل واتخاذ القرار الملائم في ظروف معينة لأنه مهما حاول لا يستطيع أن يحصر جميع الحالات التي قد تطرأ في العمل الإداري ويرسم الحلول المناسبة لها، فالسلطة التقديرية ضرورة لحسن سير العملية الإدارية وتحقيق غاياتها.
غير أنها تبقى سلاح ذو حدين فهذه الحرية التي تتمتع بها الإدارة في إطار سلطتها التقديرية يمكن أن تزيغ عن الهدف الذي منحت من أجله وتصبح مرتعا للتعسف والشطط ضد حقوق وحريات الأفراد، فكان لزاما تدخل القضاء لبسط رقابته على الاختصاص التقديري للإدارة.[2]
ومن هنا تطرح إشكالية موضوعنا وتجعلنا نتساءل عن مفهوم السلطة التقديرية للإدارة وحدود الرقابة القضائية عليها؟ وهل تبقى رقابة مشروعية أم تتجاوزها لرقابة الملائمة؟
هذه الإشكالية تفرض علينا تسليط الضوء على التساؤلات التالية:
ما المقصود بالسلطة التقديرية للإدارة وما هو الفرق بينها وبين السلطة المقيدة؟ وهل القضاء دور في مواجهتها وتمددها؟ وما هي المحاولات القضائية للحد منها؟
هذا ما سوف نتناوله في موضوعنا في مبحثين، الأول يغلب عليه الجانب النظري يشمل الإطار المفاهيمي للسلطة التقديرية، والثاني يغلب عليه الجانب العملي ويتعلق بالرقابة القضائية على سلطة التقديرية للإدارة.

المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للسلطة التقديرية للإدارة
المطلب الأول: مفهوم السلطة التقديرية للإدارة
المطلب الثاني: أساس السلطة التقديرية وتمييزها عن السلطة المقيدة للإدارة


المبحث الثاني: الرقابة القضائية على السلطة التقديرية للإدارة
المطلب الأول: الرقابة القضائية على العناصر الداخلية للقرار الإداري
المطلب الثاني: الرقابة القضائية للحد من السلطة التقديرية للإدارة







المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للسلطة التقديرية للإدارة
المطلب الأول: مفهوم السلطة التقديرية لإدارة
الفقرة الأولى: تعريف السلطة التقديرية لإدارة
السلطة التقديرية للإدارة بمعناه الواسع هي تمتعها بقسط من الحرية التصرف عندما تمارس اختصاصاتها القانونية، بحيث يكون للإدارة تقدير اتخاذ التصرف أو الامتناع عن اتخاذه، أو اتخاذه نحو معين، أو اختيار الوقت المناسب الذي تراه للتصرف، أو السبب الملائم له، آو تحديد محله.
ولذلك فان السلطة التقديرية في حقيقة الأمر هي وسيلة لتطبيق القانون والالتزام بمبدأ المشروعية، لأن غاية المشرع هي منح قدر من حرية التصرف للإدارة ما هو إلا غاية تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.
وتأسيسا على ذلك يمكن القول بأنه كلما تخلى القانون الذي يشمل على قواعد قانونية الذي يحكم نشاط الإدارة عن تحديد وتنظيم جانب أو عنصر من عناصر قرار الإدارة أو نشاطها كان للإدارة سلطة تقديرية في هذا الجانب، إما تولي القانون بتنظيم هذا الجانب سيكتسي عليها طابع الإلزام، وتكون بذلك سلطة الإدارة مقيدة بأحكام قواعد القانونية، بحيث يكون قرارها مشروعا أو غير مشروع بقدر ما كان مطابق للقانون[3].
وهذا ما ذهب إليه الفقيه بونار في تعريف هذا النوع من الاختصاص بقوله تكون سلطة التقديرية حينما يترك لها القانون هذا الاختصاص بصدد علاقتها مع الأفراد، الحرية أن تتدخل آو أن تمتنع وقت تدخل وكيفية، فالسلطة التقديرية تنحصر إذا في حرية التي يتركها القانون لإدارة لتحديد ما يصلح عمله وما لا يصلح تركه[4].
أما الفقيه الفرنسي الأخر ميشو فيري فقد عرف السلطة التقديرية كونها تتحقق في كل مرة تستطيع فيها السلطة الإدارية أن تعمل بحرية، ودون أن يكون هناك مسلكا تفرض طريقته إحدى القواعد القانونية[5].في حين ذهب هوريس هوريسو في تعريفه لسلطة التقديرية بأنها سلطة تقدير مدى ملائمة الإجراءات الإدارية[6].
السلطة التقديرية هي تلك الحرية التي يقرها القانون الإداري في مباشرة نشاطها واختصاصاتها دون أن يفرض عليها وجوب التصرف على نحو إلزامي معين، بحيث يكون لإدارة تقدير التصرف أو الامتناع عن اتخاذها أو اختيار الوقت الذي تراه مناسبا للتصرف أو السبب الملائم له أو في تحديد محله، مثال حالة ترقية الموظفين بالاختيار دون أن يقوم المشرع بضبطها بضوابط معينة[7].
وقد أعطيت لإدارة سلطة تقديرية لأن المشرع لا يمكنه أن يتنبأ بكل الحالات القانونية، فترك لإدارة أمر دراسة الحالات بحرية اتخاذ قرار المناسب بهدف تحقيق المصلحة العامة.
والاعتراف للإدارة بالسلطة التقديرية يؤكد أن الدولة هي دولة قانونية تعتنق مبدأ المشروعية وسيادة القانون، في حين أن الدولة غير القانونية أو بالأحرى الاستبدادية تكون للإدارة فيها سلطة واسعة غير قانونية لا تكتسي لسلطة التقديرية وإنما للسلطة التحكمية.
أما من أمثلة السلطة التقديرية فنجد ذلك في مجال قرارات النزع الملكية من اجل المنفعة العامة وأيضا في مجال الضبط الإداري ومنح الأوسمة......
وبهذا فإن اغلب التعريفات تتفق حول عناصر ومقومات السلطة التقديرية، وهي أن تمتلك قدرا من حرية التصرف في ممارسة اختصاصاتها والنشاط المناط بها، دون أن يفرض عليها القانون وجوب تصرف على نحو معين[8].

الفقرة الثانية: السياق التاريخي للسلطة التقديرية
السلطة التقديرية هي فكرة شرعية ونتاج جهد الكبير بذلها الفقه والقضاء في سنوات طويلة. وقد نادى رجال الثورة الفرنسية بأن القانون فوق كل شيء، وأن الإدارة لم تكن مسؤولة في غير قاعات الجمعية الوطنية. وقد ظلت الإدارة خاضعة للقانون، ومن مظاهر ذلك أن الجمعية الوطنية منعت على الإدارة حق إصدار اللوائح التنفيذية، كما احتفظت بحق إصدار التعليمات التفصيلية لتسهيل تنفيذ القوانين التي تصدرها، وألزمت جميع موظفين بإبلاغ تفاصيل نشاطهم كل عشرة أيام إلى لجنتي السلامة العامة والأمن العام المنبثقين من الجمعية التشريعية لمراقبة تنفيذ القوانين[9]. وبناءا على ذلك يمكن القول بأن المشرع الفرنسي في ظل هذه المرحلة قد استأثر بكل السلطات من أجل ضمان السيادة القانون. وهذه السيادة تستوجب إذن عدم تمتيع رجال السلطتين القضائية والتنفيذية بأية حرية في ممارسة أعمالهم، وعلى ذلك فاختصاص الإدارة والقضاء كان من قبيل الاختصاص المقيد، وتبرير ذلك يرجع إلى إن الإدارة في ظل مثل هذا النظام لم تكن بحاجة إلى قاضي يناقش شرعية أعمالها باعتبار المشرع هو القاضي شرعية الأعمال الإدارية.
لكن لوحظ أن فكر رجال الثورة اصطدم برغبة الحاجيات الضرورية للحياة السياسية وتأكد للجميع ضرورة ترك للسلطة التنفيذية، ومن جهة أخرى وجد أنه من ضروري أن تحصل الإدارة على نوع من استقلال في مواجهة القانون في إصدار قرارات تقديرية مع تنصيص على جهة قضائية خاصة للإدارة.
وفي السنة الثامنة للقيام الجمهورية الأولى أنشا المجلس الدولة، وكانت وظيفته تنحصر في تقديم المشورة وإعداد مشروعات القوانين والأوامر والمراسيم ليعرضها على الرئيس الدولة ليصدرها، بإضافة إلى النظر في الطعون والتظلمات التي يرفعها الأشخاص ضد الأعمال الإدارية غير مشروعة. وكانت سلطة مجلس الدولة تكتسي طابع فني استشاري، أما السلطة القضاء البات فكانت لرئيس الدولة لذلك سمي هذا النظام بالنظام القضاء المحجوز[10].
وفي 24 ماي 1872 صدر القانون ينص على مبدأ اختصاص مجلس الدولة المفوض أي سلطة القضاء النهائي البث[11].
وإذا كان رقابة المجلس الدولة على الأعمال الإدارة قد بدأت كما ذكرنا برقابة محدودة جدا، فان هذا المجلس أخد بتوسع مستمر من رقابة الإدارة وحاول أن يصل إلى إيجاد توازن دقيق بين ما ينبغي للصالح العام من الرعاية والحماية، وما ينبغي للحريات والحقوق الفردية من حماية ودعم.
وفي هذه الفترة يجب التمييز بين أعمال التي تباشرها السلطة التنفيذية تنفيذا للقوانين وبين الأعمال التي تباشرها بما لها من سيادة والتي تعرف بأعمال السيادة أو أعمال الحكومة، والتي لا يمكن أن تكون محلا للرقابة القضائية. ولذلك استبعدت من رقابة القضائية لما لها من أهمية لتحقيق الصالح العام. ثم التمييز بين القرارات الإدارية التي لا تقبل البحث القضائي أمام المجلس الدولة، لأنها لم تؤدي إلى مساس بالحقوق المكتسبة والتي تقبل البحث القضائي أمام المجلس الدولة.
وعليه عرفت القرارات الإدارية للمجلس الدولة تطورا، حيث أنه انتقلت من مفهوم قرارات الإدارية البحثة إلى القرارات لإدارية لا تقبل الطعن إلا لعيب عدم الاختصاص أو عيب في الشكل، أما بقية العيوب الأخرى فلم تكن تقبل الطعن إلا بالنسبة للقرارات غير التقديرية. وكان يشترط لقبولها توفر حق الشخصي لصاحب الطلب لا مجرد المصلحة الشخصية. كما أن تطور مفهوم الدعوى الإلغاء وأصبحت معها تشمل جميع القرارات الإدارية دون الاستثناء.
كما أصبحت فكرة السلطة التقديرية لإدارة توصف أنها سلطة التصرف الحر تثبت للإدارة جزئيا بالنسبة للعنصر من عناصر القرار الإداري دون أن يشمل على جميع عناصر قرار الإداري[12].
بناءا على سبق فإن فكرة التقدير الإداري مرت بمراحل متعددة متدرجة من السعة إلى الضيق، فالأعمال التقديرية تعني أن هناك الأعمال تتمتع الإدارة في اتخاذها حرية مطلقة لا تختلف عن أعمال السيادة إلا بالرقابة التي تمارس عليها فيما يتعلق بعيب الاختصاص والعيب الشكل.

المطلب الثاني: أساس السلطة التقديرية لإدارة وتمييزها عن السلطة المقيدة
الفقرة الأولى: أساس السلطة التقديرية للإدارة.
المقصود بأساس فكرة السلطة التقديرية للإدارة هو المبررات والأسس القانونية والفنية والعملية التي تستوجب إعطاء السلطات المختصة قدرا من حرية التقدير والملائمة للقيام بوظائفها بانتظام واطراد.
فإذا كانت فكرة السلطة المقيدة تجد أساسها في مبدأ المشروعية ومبدأ سيادة القانون والذي يعني ضرورة خضوع جميع التصرفات والأعمال الصادرة عن السلطات والهيئات العامة في الدولة للقانون، كما يستوجب مبدأ المشروعية وسيادة القانون أن تخضع جميع السلطات في الدولة شكليا وإجرائيا وموضوعيا فيما تقوم به من تصرفات وأعمال للقانون، فإن لفكرة السلطة التقديرية مبررات وأسانيد قانونية وفنية وعملية ومنطقية تحتم وجودها وتمتع السلطات الإدارية المختصة بها عند القيام والاضطلاع بوظائفها.

أولا: استحالة وضع قواعد عامة لكافة تفاصيل الحياة الإدارية:
فالمشرع يضع قواعد عامة مجردة، وأيا كانت الدقة في مراعاة التفاصيل، فلا يمكنه أن يلم بكافة التفاصيل التي تظهر أمام الإدارة عند التطبيق[13].
 لذلك كان من الواجب منح الإدارة قسطا من الحرية بحكم موقفها الحركي ومواجهتها للواقع، فتستطيع عن طريق هذه السلطة أن تزن الظروف وتقدر الوقائع المختلفة، فهي أقدر على مواجهة الأمور اليومية وحل المشكلات التي تعترض طريق العمل الإداري والتي تمثل خطرا على النظام العام. [14]
ولا يتصور أن يحيط المشرع بكل الحالات التطبيقية المتعددة والمتشعبة التي قد تعرض على الإدارة عند تنفيذها للتشريعات، من هنا فإن منح السلطة تقديرية للإدارة يمثل ضرورة قصوا وحتمية.

ثانيا: فكرة الصلاحية الإدارية:
إن المشرع لا يتمتع عادة بالقدر الكافي من الخبرة الإدارية التي تمكنه من استنباط كافة الضوابط الإدارية التي تحكم سير العمل بالإدارة بما يناسبه وظروف تلك الإدارة وطبيعة مشاكلها المختلفة وأسلوب العمل بها.
بينما يتمتع رجال الإدارة العامة بتلك الخبرة بحكم طبيعة عملهم مما يجعلهم أكثر قدرة على حسن تقدير الأمور واتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بكل حالة على حدي.
فالسلطات الإدارية أدرى وأقدر من السلطات السياسية والتشريعية والقضائية في الدولة بخفايا وخلفيات النشاط الإداري ومقتضياته ولوازمه ومتطلباته العملية، لأنها أكثر السلطات قربا لواقع الحياة الإدارية، لذلك كان لابد من إعطاءها قدرا أو قسطا من حرية التصرف والملائمة، دون تقييدها في جميع عناصر التصرف وأركانه، لهذا كان من المنطقي والضروري ترك عملية التنظيم القانوني لكل تصرف، شروط وأركان تمارس في نطاقها الإدارة قدرا من حرية التقدير والملائمة بما يحقق المصلحة العامة.

ثالثا: السلطة التقديرية ضرورية لفاعلية العمل الإداري
إن التشريع يوضع دائما في زمن معين بالذات، ثم يستقر على حاله فترة طويلة بحكم ما يجب أن تتميز به التشريعات من استقرار.
فإذا ما طرأ جديد واضطر الأمر إلى تعديله، وذلك يتطلب مراحل يمر بها وزمنا طويلا، ولذلك فالتشريع لا يمكنه أن يلاحق التطورات السريعة التي يمر بها النشاط الإداري للدولة، أي أن يواكب التغيرات المتلاحقة التي تصيب العلاقات الإدارية، مما يجعل الإدارة في حاجة إلى تغطية تلك التغيرات السريعة بقرارات إدارية تصدرها بسلطتها التقديرية بين الحين والآخر، دون انتظار لإجراءات صدور التشريع، وخاصة في الحالات العاجلة التي تتطلب فيها المصلحة العامة ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة للحفاظ على أمن الدولة أو على النظام العام أو لمواجهة ظروف طارئة لم تكن في الحسبان. [15]
ولا شك أن ما يضعه المشرع من تشريعات إدارية مختلفة، إنما يضعها مراعيا للظروف والأوضاع التي تكون سائدة في الإدارة في الفترة المعاصرة لمناقشة التشريع في البرلمان، وقد تكون تلك الظروف والأوضاع قد تغيرت تماما في الوقت اللاحق الذي يكون مطلوبا فيه من رجال الإدارة اتخاذ قرارا ما، وهنا تظهر أهمية الدور الذي تلعبه السلطة التقديرية التي تتمتع بها الإدارة لمواجهة تلك التغيرات.

رابعا: تفادي عيوب السلطة المقيدة
لا يقتصر دور الإدارة على أن تكون مجرد أداة لتنفيذ القوانين حرفيا، لأن من شأن ذلك أن يصيب نشاطها بالجمود والركود وتنعدم لديها ملكة الابتكار والتجديد، ومن ثم فإنه يتعين أن تكون للإدارة سلطة تقديرية حتى تتمكن من ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها على وجه سليم، مما يكفل حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد وبكفاية، بما يحقق المصلحة العامة.[16]
من هنا تظهر أهمية السلطة التقديرية، فالمصلحة العامة تقتضي الاعتراف للإدارة بسلطة تقديرية، حيث لا يمكن أن يقتصر دور الإدارة على مجرد أن تكون تابعا للقانون ومجرد آلة صماء، بل يتعين منحها القدرة على الاختيار وحتى لا توصم بالجمود، وحتى تنمو لديها ملكة الابتكار والإبداع.[17]
وبالرغم من أهمية السلطة التقديرية للإدارة، فقد تخوف البعض من إطلاق حرية التقدير بشكل كبير، لم قد يترتب على ذلك من تجاوز الإدارة حدود سلطتها، والواقع أنه لا مجال للتخوف من مساس السلطة التقديرية بحقوق الأفراد وحرياتهم العامة، حيث أن الإدارة مهما بلغت سلطتها التقديرية فإن تلك السلطة لا يمكنها أن تكون مطلقة، فالسلطة التقديرية خاضعة لقيد هام وهو وجوب مباشرتها بقصد تحقيق الصالح العام
وإلا كان قرارها مشوب بعيب الانحراف بالسلطة.
ولهذا لمس كل من مجلس الدولة الفرنسي والمصري أهمية منح الإدارة سلطة تقديرية وهي بصدد ممارسة اختصاصها، لذلك استقرت أحكامهم على الاعتراف لها بتلك السلطة.
ففيما يتعلق بالسلطة التقديرية الممنوحة لسلطات الضبط الإداري، ذهبت المحكمة الإدارية العليا في مصر إلى أن: "السلطة التقديرية التي تتمتع بها الإدارة مع خطورتها أبعد ما تكون عن السلطة التحكمية، فهي لا تعدو أن تكون نوعا من الحرية لتمكين الإدارة من تقدير خطورة بعض الحالات، وهذه تنطبق تماما على الإجراءات التي تقوم بها سلطات الضبط الإداري في ممارسة نشاطها، لتتمكن من مواجهة الحالات الواقعية
التي تعرض عليها، ويكون لها اختيار وقت تدخلها بالإجراء الضابط، وتقدير أفضل الوسائل وأجداها لمواجهة هذه الحالات، وفي هذا المجال تكون سلطة الضبط حرة، ولكنها في نفس الوقت تكون محاطة دائما بفكرة تحقيق الغاية من النشاط الضابط، وهو النظام العام بأسلوب يكفل تحقيق الصالح العام في ذات الوقت"[18].
أما مجلس الدولة الفرنسي فقد اعترف للإدارة بسلطة تقديرية لتيسير العمل الإداري، حيث منح الإدارة سلطة تقدير إنشاء أو عدم إنشاء المرافق العامة، طالما لم يلزمها القانون بذلك، ولكنه قيد سلطة الإدارة في إلغاء المرافق التي وافقت على إنشائها، وارتبطت بها مصالح الجماهير بضرورة أن يكون ذلك لضرورات المصلحة العامة.

الفقرة الثانية: التمييز بين السلطتين التقديرية والمقيدة للإدارة
يتضح مما سبق أن سلطة تقديرية تقابلها السلطة المقيدة، إذ توجد سلطة تقديرية عندما تواجه الإدارة حالات واقعية وتكون إزاءها حرة في اتخاذ قرار الذي تراه مناسبا، أي توجد هذه السلطة عندما لا يكون مسلكها قد أملاه القانون لها.
وعلى نقيض من ذلك يوجد الاختصاص المقيد حينما يرسم القانون بادئ ذي بدء القرار الذي يجب على الموظف اتخاذه تجاه حالة معينة، وهذا ما عبر عنه الأستاذ جيرو بقوله إن السلطة المقيدة أو المحدودة توجد حينما لا يترك قانون الإداري أي حرية التقدير، بل يفرض عليها طريق الأمر التصرف.
وفي الواقع فإن الإدارة حينما تباشر سلطتها مقيدة يكاد عملها يكون مماثلا لعمل القاضي، حيث إن كلاهما يطبق القانون عند توافر الشروط هذا التطبيق. ومما لا شك فيه أن السلطة المقيدة تمنع الإدارة من التحكم في الأفراد والعبث بحقوقهم، لان القانون يلزم الإدارة بأن تتخذ قرارا معينا عند توافر شروط معينة. ولعل هذا ما جعل المشرع في الوقت الحاضر إلى أن يميل إلى التوسع في الاختصاصات المقيدة والتضييق السلطة التقديرية للإدارة.
لكن رغم ذلك فان للإدارة خبرة عملية ووسائل التي يمكن لها بها مباشرة والتي لا يتوفر عليها المشرع، ولذلك ترك لها القانون سلطة تقديرية بالنسبة لبعض ما تملكه من اختصاصات. لكن الإشكالية التي تثار في هذا شأن هو: متى تكون سلطة تقديرية؟ ومتى تكون محددة؟
يجيب الأستاذ فالين عنه هذه الإشكالية فيقول: إن سلطة الإدارة تكون محددة حينما لا تكون لها حرية تقرير التزاماتها القانونية بأية حال من الأحوال، بينما تكون سلطتها تقريرية إذا كان لها تقرير ملائمة اتخاذ قرار، أو اتخاذه في صورة معينة في وقت معين. فهي ملزمة بما هو حق ولكنها حرة فيما هو صالح[19].
انطلاقا مما سبق سوف نتطرق إلى عرض مقارنة بين سلطتين التقديرية والمقيدة ونوازن فيها أوجه التشابه والاختلاف بينهما والتي يمكن حصرها في جوانب التالية:
1(السلطة التقديرية لإدارة تكون عندما يترك لها المشرع قدرا من حرية الاختيار بين أن تتخذ إجراء آو التصرف آو لا تتخذه آو حرية اختيار مناسب آو السبب الملائم لإصداره...، أما السلطة المقيدة هي تلك السلطة التي لم يترك المشرع لها أي اختيارات سابقة بحيث يلزمها بحدود واجبة الإتباع عند إصدار القرار[20].
2 (هذا النوعان من السلطة لازمان لحسن سير إدارة، فالسلطة المقيدة تحمي الحقوق الأفراد من التعسف الإدارة كما يتجسد فيها ضمان لحرية الأفراد وحمايتهم[21]، ويكفي للفرد إثبات الشروط المادية التي يتطلبها القانون من اجل إثبات إنحراف الإدارة، وبالتالي يمكن للقضاء البت فيها.
3 (من تطبيقات السلطة التقديرية الحالة التي يكون فيها المشرع قد اعترف للإدارة بسلطة الاختيار في أن تمنح الرخصة أو عدم المنح، أو الحالة الترقية وتوقيع العقوبات التأديبية على الموظفين، ومن أمثلة السلطة المقيدة حالة التي يحدد فيها المشرع شروط معينة لمنح الرخص البناء مثلا، ويجب على الإدارة منح رخصة إذا توافرت شروط المذكورة، وبالتالي تعتبر الإدارة المقيدة التزمت بالحدود التي رسمها القانون.
4 (يجوز للإدارة سحب القرارات متى كانت معيبة غير مشروعة سواء كانت تنظيمية، أو فردية على الأساس بطلان هذه القرارات، وعدم جواز الاحتجاج، ويشترط في حالة السلطة التقديرية للإدارة أن يتم السحب في أي وقت دون التقيد بشرط المدة، على خلاف قرارات السلطة المقيدة للإدارة المعيبة فيتم السحب فيها خلال المدة المحددة للطعن بالإلغاء قرار الإداري المعيب أمام القضاء.
 (5تعتبر السلطة التقديرية للإدارة هي الأصل مزاولة نشاطها، في حين تبقى السلطة المقيدة هي استثناء[22].
6 (ترتبط السلطة التقديرية للإدارة بفكرة الملائمة، إذ أن القانون عندما منح سلطة تقديرية للإدارة فإنه بذلك ترك لها حرية تقدير ملائمة أعمالها، أما السلطة المقيدة للإدارة فهي ترتبط بفكرة مشروعية ارتباطا وثيقا، ولذلك فإدارة تخضع في ممارستها للرقابة القضائية والتي تتجلى في مدى مراعاة شروط التي يتطلبها القانون، ويكون للقضاء حق إبطال أعمال الإدارة غير مشروعة ومخالفة لما نص عليه القانون[23].


المبحث الثاني: الرقابة القضائية على السلطة التقديرية للإدارة
المطلب الأول: الرقابة القضائية على العناصر الداخلية للقرار الإداري
اذا كانت الإدارة تمارس سلطتها التقديرية عن طريق إصدارها لقرارات إدارية فإن مكمن هذه السلطة لا تتركز في جميع أركان القرار الإداري، فعناصر المشروعية الخارجية من شكل واختصاص لا تمت لحرية التقدير التي تتمتع بها الإدارة بأي صلة، وتبقى حاضرة العناصر الداخلية التي تستطيع أن تتمتع من خلالها الإدارة بسلطة تقديرية وحرية في تقدير ملاءمتها، فالمشرع قد يتجه إلى تحديد الأسباب والوقائع التي يجب أن تقيد الإدارة عليها قراراتها إلا انه في حالات أخرى يستنكف المشرع عن تحديد تلك الأسباب أو يحددها بشكل غامض وعام تاركا بذلك سلطة تقديرية للإدارة للقيام بذلك.


الفقرة الأولى: الرقابة القضائية على أسباب القرار الإداري
يعرف الدكتور سليمان محمد الطماوي السبب بأنه "حالة واقعية أو قانونية بعيدة عن رجل الإدارة ومستقلة عن إدارته تتم فتوحي له بأنه يستطيع أن يتدخل ويتخذ قرارا ما"،[24] هذه الحالة الواقعية هي التي تجبر الإدارة عن اتخاذ قرارها والسبب يأخذ أحد المظهرين التاليين:
-       إما أن يكون عملا ماديا، مثال ذلك حدوث فيضان أو زلزال مهدد للنظام العام مما يستوجب تدخل الإدارة متخذة الإجراءات الضرورية لمنع انتشار الأمراض المعدية في حالة الكوارث الطبيعية وطبقا للسلطة التقديرية الواسعة للإدارة، فإنها حرة في اعتمادها الطريقة التي تراها مناسبة وملائمة لمواجهة العمل المادي.
-       وإما أن يكون عمل قانونيا مثل تأديب موظف عمومي تأسيسا على سلطة الإدارة التقديرية في تحديد ما إذا كان الفصل الصادر عن الموظف كان قد شابه إخلال بالقواعد الوظيفية من عدمه بالاستناد للمقتضيات القانونية ظهير 24 فبراير 1958 الخاص بالوظيفة العمومية.[25]
وقد أكدت المحكمة الإدارية بفاس على أن السبب الذي تعتمد عليه الإدارة في تعليلها لقرارها يجب أن يكون صحيحا ومعقولا
وقد استقر القضاء الإداري في جميع الدول على أن القرار الإداري في كل الأحوال يعتبر مشوبا بعيب السبب وقابلا للإلغاء إذا ثبت أن الإدارة اعتمدت على وقائع غير صحيحة من الناحية المادية.
ولاعتبار الوقائع المادية صحيحة يجب أن توفر أربعة شروط:
-       أن تكون الوقائع قائمة ومحققة الوجود
-       أن تكون الأسباب محددة وغير غامضة
-       أن تكون الأسباب جدية وأساسية
-       مشروعية الوقائع المادية لعنصر السبب
إلى جانب ذلك، يعترف لنفسه القاضي الإداري الفرنسي المصري والمغربي بحق رقابة السبب الواقعي من حيث تكييفه القانوني إلى جانب صحة وجوده المادي، إلا اذا أقره القانون صراحة، وقد اعتمد في ذلك مجلس الدولة الفرنسي في مراقبة التكييف القانوني الذي أعطاه المحافظ لساحة بوفو LA PLACE DE BEAUVEU ليكون أول حكم اعمل خلاله المجلس رقابته للتكييف القانوني من خلال حكم GOMMEL في 4 أبريل 1914، حيث رفض المحافظ الترخيص للسيد كومال بالبناء في ميدان "بوفو" لتوافر الطابع الأثري في هذا الموقع طبقا للمادة 118 من القانون الصادر في 13 يوليوز 1911 الذي يخول للمحافظ الحق في رفض منح الترخيص بالبناء اذا كان مشروع البناية سيترتب عليه تشويه جمال احد المواقع أو المناظر الأثرية، وبناء على طعن المتضرر قرر المجلس انه يختص بتقرير " ما اذا كان مشروع البناية المقترح سيتم في محل يعد موقعا اثريا، وفي حالة ثبوت ذلك فإنه يختص أيضا بالتحقق من أن مشروع البناء سيترتب عليه تشويه جمال هذا المنظر، لينتهي المجلس إلى الغاء قرار المحافظ على اعتبار أن ذلك الميدان لا يعد موقعا اثريا.
ولما كان القضاء الإداري المغربي، لازال متأثرا باتجاه القضاء الإداري الفرنسي والمصري فإنه مارس رقابته على ظاهرة الملائمة أي تقدير أهمية وخطورة السبب ومدى تناسبه مع القرار المتخذ، وليس الملائمة في حد ذاتها، فالقاضي في هذا المجال سلك اتجاه وسطا بين رقابتي المشروعية والملائمة بالقدر الذي يوصله إلى استئصال عيب المشروعية، دون أن يتجاوز مبدأ الفصل بين السلطات وذلك اعتمادا على مجموعة من النظريات.[26]

الفقرة الثانية: الرقابة القضائية على المحل والغاية في القرار الإداري
أولا: المحل في القرار الإداري
يقصد بمحل القرار الإداري موضوع القرار أو فحواه المتمثل في الآثار القانونية التي يحدثها القرار مباشرة، وذلك بالتغيير في المراكز القانونية سواء بالإنشاء أو التعديل أو الإلغاء. والقاعدة العامة تقول إنه يجب أن يكون لكل تصرف قانوني محل معين، وهو الأثر القانوني الذي يحدثه التصرف مباشرة وذلك بتحديد الحقوق والالتزامات الناشئة عنه، وهذا المحل هو الذي يميز التصرف القانوني ويبلور جوهره. ولكي يكون القرار صحيحا من حيث عنصر المحل فيه، يجب أن يكون المحل جائزا قانونا حيث لا يتصور تعيين شخص متوفى في وظيفة عامة[27].
ويمكن الحديث عن السلطة التقديرية لمحل القرار الإداري عندما تترك القاعدة القانونية للإدارة حرية اختيار مضمون قرارها.
كما أن الحديث عن السلطة التقديرية في محل القرار هو الحديث عن العلاقة بين السبب والمحل بصفة أساسية، فعندما يترك القانون لرئيس الإدارة الحق في اختيار العقوبة في حالة ارتكاب خطأ فإنه لا شك أن القانون قد ترك هذه الحرية لتحديد العقوبة التي تكون متناسبة مع خطورة الخطأ المرتكب، ففي حالة الاختصاص المقيد تكون العناصر التي تقابل بأثر قانوني معين واضحة الحدود لا لبس فيها. كما أن رقابة القضاء على محل القرار الإداري ليست رقابة خارجية كما هو الشأن في الرقابة على الاختصاص والشكل وإنما هي رقابة داخلية تنصب على جوهر القرار ومضمونه لتكشف عن مطابقته أو مخالفته للقانون. وعيب مخالفة القانون في المجال الإداري يكون مباشرا عندما تقضي السلطة التأديبية بتطبيق عقوبة غير منصوص عليها في لائحة الجزاءات مما يقتضي الأمر إلغاء قرارها بعدم المشروعية وهو ما أكده قرار المجلس الأعلى عدد 170-1983.[28]
فالقضاء الإداري أخذ ببسط رقابته على السلطة التقديرية للإدارة من خلال تكريسه لعدد من المبادئ القانونية العامة كمبدأ التناسب وهو تحقيق التوافق بين سبب القرار ومحله فهذه المبادئ لا يجب على الإدارة أن تتجاهلها وإلا اعتبر قررها غير مشروع. ففي المغرب مثلا نجده قد أخد بمبدأ التناسب في بعض الحالات خصوصا في مجال القرارات لتأديبية حيث في قرار سابق للمجلس الأعلى أكد فيه أنه لا يجب معاقبة الشخص عن الفعل الواحد مرتين فإن حصل وقامت الإدارة بهذا التصرف أصبح من حق القضاء إلغاؤه.[29]                                                                                                                                       
وعموما فإذا كان المشرع في حالات السلطة المقيدة أي الحالات التي يحدد فيها محل القرار الإداري وأسبابه قد حسم مسألة الملائمة أو التناسب تشريعيا فإنه في الحالات المعاكسة أي حيثما ينص عن تحديد محل القرار الإداري عندها تمنح سلطة تقديرية لصاحب الاختصاص لأن يقدر ذلك المحل بشكل يتلاءم ويتناسب مع السبب الدافع لإصدار القرار الإداري.[30]

ثانيا: الغاية من القرار الإداري
يقصد بالغاية الهدف النهائي الذي يستهدف مصدر القرار تحقيقه من اتخاذ القرار، وعليه وعلى سبيل المثال تكون غاية القرار الإداري التي تتخذها السلطات المشرفة على المرافق العامة إشباع الحاجيات، وتقديم خدمات تحقيقا للمصلحة العامة، فإذا استهدفت تحقيق ذاتي أو مصلحة خاصة يصبح عملها اعتداءا ماديا قابلا للإلغاء أمام القضاء الإداري. ويمكن تحديد الغاية من القرار الإداري وفق ثلاثة اعتبارات:
-       استهداف المصلحة العامة: فإذا حادت الإدارة عن هذا الهدف لتحقيق مصالح شخصية لا تمت بصلة للمصلحة العامة كمحاباة الغير أو تحقيق غرض سياسي أو استخدام السلطة بقصد الإنتقام فإن قراراتها تكون معيبة وقابلة للإلغاء. فالقانون لم يعطي الإدارة السلطات والامتيازات إلا باعتبارها وسائل تساعدها على تحقيق الغاية الأساسية التي تسعى إليها، وهي المصلحة العامة.
-       احترام قاعدة تخصيص: على رغم من أن الإدارة تستهدف تحقيق المصلحة العامة دائما فقد يحدد المشرع للإدارة هدفا خاصا يجب أن تسعى قراراتها لتحقيقه، وإذا ما خالفت هذا الهدف فإن قراراتها تكون معيبة بإساءة استعمال السلطة ولو تذرعت الإدارة بأنها قد قصدت تحقيق المصلحة العامة وهذا ما يعرف بمبدأ تخصيص الأهداف.
-       احترام الإجراءات المقررة: يتعين عل الإدارة احترام الإجراءات التي بينها القانون لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه. ويعد الانحراف بالإجراءات أحد أشكال إساءة استعمال السلطة، ولكنه يحدث في ميدان الإجراءات الإدارية، إذ تلجأ الإدارة إلى استعمال إجراء بعينه تراه أيسر من الإجراء المحدد لها قانونا لإنجاز هدف معين، فيصبح في هذه الحالة مشوبا بإساءة استعمال السلطة عن طريق الإنحراف بالإجراءات.
والغاية في القرار الإداري تشكل عنصرا نفسيا، الشيء الذي يجعل رقابة القاضي صعبة، فالرغبة الشخصية يجب أن تكون مطابقة للغاية التي حددها القانون، ولا يمكن للقاضي معرفة ذلك إلا إذا قام بتقييم للأسباب الدافعة لاتخاذ القرار[31]. وعليه فالإدارة ملزمة باحترام العلاقة الموجودة بين القرار والغاية المتوخاة منه.
المطلب الثاني: الرقابة القضائية للحد من السلطة التقديرية للإدارة
إن السلطة التقديرية للإدارة تقرر بموجب التشريعات بهدف ممارسة جل أوجه النشاط الذي يرى المشرع ضرورة ترك حرية تقديرية للإدارة، فالمشرع يقتصر دوره هنا على رسم الإطار العام تاركا للإدارة الحركة داخل هذا الإطار، لكنها كي لا تتعسف في الاستخدام المفرط لسلطتها التقديرية ابتدع القضاء نظريتين للحد من هذه السلطة وهما نظرية الخطأ الواضح في التقدير أو الغلو ونظرية الموازنة بين المصالح والأضرار.

الفقرة الأولى: مفهوم نظرية الغلو في التقدير وتطبيقاتها القضائية
أولا: تعريف نظرية الغلو في التقدير
تعتبر هذه النظرية نتاجا لاجتهادات مجلس الدولة الفرنسي غير أن هذه الاجتهادات لا تساعد كثيرا في تحديث معنى هذه النظرية.[32] مما دفع بعض الفقه لتعريفها أن الخطأ الواضح أو الغلو في التقدير بأنه أداة تحليل تسمح برقابة أكثر فعالية للتقديرات التي تقوم بها الإدارة في المسائل الفنية وغيرها، وانه يقع على وصف الوقائع وقد ابتكر القاضي الإداري لزيادة رقابته ولمواجهة الإدارة في تقديراتها التي كانت تتهرب مت الرقابة القضائية،[33] كما عرفه الفقيه "VEDEL" انه ذلك الخطأ الظاهر للعيان دون الحاجة للتدخل من أي متخصص لتأكيده أو نفيه.
فهذه النظرية جاءت كتتويج للمجهود الذي يبدله القضاء في سبيل تحقيق ذلك التوازن بين الحرية والسلطة، بل إن هذه النظرية استطاعت أن تعيد صياغة مفهوم السلطة التقديرية في ذاتها، لتصبح سلطة عاقلة وواعية وليس لأجل طمسها أو اجتثاثها.
أما السؤال الذي سيطرح في هذا المجال حول معيار هذه النظرية، بعيد عن الخلافات الفقهية التي قبلت عن معيار الغلو في التقدير يمكن اعتماد معيارين:[34]
-       عدم التناسب البين بين الضرر الذي يلحق بأحد الأفراد من جراء تصرف الإدارة وبين الفائدة أو المصلحة الضئيلة المحتملة أن تعود على الإدارة والمجتمع.
-       عدم التناسب البين بين الخطأ أو الذنب المقترف من الموظف وبين الجزاء الذي سلطته الإدارة عليه كان تأديبيا أو غيره وبعبارة أخرى عدم التناسب البين بين السبب القرار الإداري (الخطــأ) وبين محله (الجزاء).
 ويلاحظ أن المعيارين معا اشترطا أن يكون عدم التناسب بينا وصارخا وتظهر أهمية هذه النظرية أنها تفرض على رجل الإدارة التزاما بأن يكون خدرا عند ممارسته لسلطته التقديرية وهو ما يتطلب نوعا من التكوين للرفع من الكفاءة سواء للموظف أو للمدراء ودفعهم للممارسات الإدارية السليمة.
ويظهر مجال هذه النظرية أكثر في مجال الوظيفة العمومية خصوصا في مجال التأديب من ذلك عدم التناسب بين الخطورة والمخالفة وبين نوع العقوبة التأديبية، وقد تم اللجوء إلى هذه النظرية لبسط المراقبة على سلطة الإدارة التي ترك لها حرية اختيار العقوبة من بين العقوبات التي حددها المشرع دون انس ضع لكل مخالفة ما يقابلها من عقوبة كما هو معمول به في القانون الجنائي.[35]
وقد الفقه اختلف حول هذه النظرية بين مؤيد ومعارض وبين من مسط العصى من المنتصف وهذا ما سار عليه المشرع المغربي في قانون الوظيفة العمومية وخصوصا في المادة 66[36] الذي وان كان يجيز توقيع العقوبات على الموظفين فإنه سلك التدرج في هذه العقوبة.
وقد اعتبر البعض أن رقابة الغلو تعتبر اعلى صورة لنظرية التعسف في استعمال الحق أو السلطة، ذلك أن من المسلم به أن اختيار العقوبة المناسبة الخطأ تأديبي تبث في حق موظف هو من السلطة التقديرية للإدارة، إلا أن الحق شأنه شأن أي حق أخر يخضع لفكرة عدم التعسف في استعماله، ومبنى التعسف في هذه الحالة هو أن اختيار الإدارة للجزاء لا يتناسب في شدته بالذنب أو الخطأ الثابت في حق الموظف.[37]
هذه النظرية شكلت خطوة هامة ومرحلية للحد من السلطة التقديرية للإدارة من خلال ما تفرضه على رجل الإدارة من حد أدني من المعقولية والمنطق بخصوص حريته في التقدير وذلك للحيلولة دون ارتكاب خطأ فادح أو جسيم.[38]

ثانيا: التطبيقات القضائية لنظرية الغلو في التقدير
كان مجلس الدولة الفرنسي هو السباق لإعمال هذه النظرية ومن أمثلة ذلك قضية "leca"   هذا الأخير كان موظف بوزارة الاقتصاد والمالية طلب من الوزير مراجعة الدرجة الرقمية التي منحت له لأنها اقل من كفاءته الوظيفية لكن الوزير لم يرد على طلبه، فطعن في القرار الضمني بالرفض أمام المحكمة الإدارية التي رفضت دعواه على أساس أن قرار تقدير كفاءته غير مشوبة بخطأ واضح في التقدير، من هنا تبين أن القضاء يمارس رقابته على السلطة التقديرية للإدارة.[39] كذلك نجد التطبيقات القضائية لهذه النظرية في القضاء المصري في عدة أحكام سواء في التأديب أو خارج نطاق التأديب نجد حكم المحكمة العليا انه كان لسلطة التأديب تقدير الجزاء فإن عدم التناسب البين بين المخالفة والجزاء الموقع من شأنه أن يعيب الجزاء بعيب عدم المشروعية.[40]
وبذلك يكون القضاء المصري تبنى لقضاء الغلو قد راقب مسألة التناسب بين محل القرار الإداري وسببه، وإذا كانت هذه الرقابة اقتصرت على الجزاءات التأديبية إلا أنها امتدت على غيرها من المجالات الأخرى.
أما بخصوص القضاء المغربي. فيمكن القول انه بعد إنشاء المحاكم الإدارية 1993 بدأت هذه الأخيرة في اعتماد عدد من المبادئ التي استقر عليها القضاء الإداري في دول لها تجريه رائدة في هذا الميدان كفرنسا ومصر، ومنها اعتمادها لنظرية الغلو كوسيلة لمراقبة السلطة التقديرية للإدارة، ويمكن أن نستشهد بأول حكم استعمل مصطلح الغلو في التقدير هو الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 23 مارس 1995.[41] حيث جاء فيه "أن الإدارة سلطة تقديرية في اتخاذ العقوبة المناسبة في حق الموظف حسب خطورة الأفعال المنسوبة إليه ومدى تأثيرها داخل المرفق العام... وان هذه السلطة التقديرية لا رقابة للقضاء عليها ما لم يشبها غلو في التقدير". وقد تم تأييد هذا الحكم بقرار لاحق للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 13-12-1997،[42] فكان ذلك إيذانا بميلاد قضاء جديد وتحول كبير في مسار القضاء الإداري المغربي.

الفقرة الثانية: مفهوم نظرية الموازنة وتطبيقاتها القضائية
تعتبر هذه النظرية من ابتداع القضاء الإداري للحد من السلطة التقديرية للإدارة. فما هو مفهوم هذه النظرية (أولا) وما هي التطبيقات القضائية (ثانيا)

أولا: تعريف نظرية الموازنة
جاءت نظرية الموازنة مرتبطة بمجال نزع الملكية من اجل المنفعة العامة وتعني انه لتقدير شرعية أو عملية ما واعتبارها من المنفعة العامة يتعين معرفة مزايا وفوائد والوقوف على ترتيه من أضرار وما تستلزمه من نفقات وتكاليف مالية وإقامة الموازنة بين هذه العناصر.[43]
وهي نظرية من خلق المجلس الأعلى الفرنسي الذي أصبح يمارس الرقابة على السلطة التقديرية للإدارة التي وان كان بوسعها أن تختار فليس معنى ذلك أن تفعل ما تشاء.[44] لفكرة المنفعة العامة فكرة نسبية فلا يمكن تقديرها وتقييمها إلا إذا أخذنا يعين الاعتبار كافة العناصر المرتبطة بها، أي الموازنة بين العناصر الإيجابية والسلبية للمشروع، وطالما أن المنفعة العامة هي الشرط الأساسي لمشروعية القرار الصادر بنزع الملكية فإن الرقابة التي يمارسها القاضي على هذه المنفعة بكل عناصرها هي رقابة التي يمارسها القاضي على هذه المنفعة بكل عناصرها هي رقابة مشروعة، وهو ما اخذ به مجلس الدولة الفرنسي في حكمه المعروف باسم المدنية الشرقية.
بل إن الموازنة قد عرف تطورا فلم تعد الموازنة قائمة بين مصلحة عامة ومصلحة خاصة. وإنما تطور ليشمل الموازنة بين المصلحة العامة ومصلحة عامة أخرى. كما هو حال مشروع الطريق الرابطة بيم مرسيليا وإيطاليا والذي كان يقضي بإقامة هدم جزء من مبنى مستشفى للأمراض العقلية.[45] والذي ألغاه مجلس الدولة بعد تقديم المصلحتين.
فالقاضي الإداري لا يصادر حرية الإدارة في تقدير ملاءمة تصرفها بل يترك لها هذا المجال شريطة عدم تجازوها لحدود معينة أي المفارقة المفرطة بين كفتي الموازنة. فهو يمارس ما أطلق عليه بعقلية الاختيارات التقديرية للإدارة. إذ يقوم بوضع الأثار المترتبة عن القرار المتخذ في ميزان العدالة فيوازن بين مزاياه وأضراره.
وهكذا فبعد أن كان مجلس الدولة في ميدان نزع الملكية يقتصر على بحث ما إذا كانت عملية النزع تهدف إلى المصلحة العامة دون البحث في محتوى المشروع ولا في المصالح التي ستأثر بالقرار الإداري فقد أصبح يبسط رقابته ويقوم بجرد الإيجابيات والسلبيات الناتجة عن ذلك المشروع ثم يوازن بينهما للقول بتوفر المنفعة العامة من عدمه وهو ما يعبر عنه بمعيار المنافع والتكاليف.[46]
ولهذا لم يعد تستثر وراء الحرية التي تتمتع بها وهي تمارس السلطة التقديرية بل أصبحت مجبرة على ممارستها بشكل معقول وإعمال الحد الأدنى من الصواب والمنطق.

ثانيا: التطبيقات القضائية لنظرية الموازنة
عمل مجلس الدولة الفرنسي جاهدا لكبح جماح الإدارة وسلطتها التقديرية خصوصا في مجال نزع الملكية وقد توج مجهوده بتبنيه لنظرية الموازنة بين المنافع والإصرار في قضية ما يعرف بالمدينة الشرقية بتاريخ 28 ماي 1971، وتتلخص وقائع هذه القضية في صدور قرار إداري بإعادة تحفيظ مدينة ليل ونقل الجامعة من وسط المدينة إلى شرقها مع إحداث حي سكني للطلاب. هذا القرار اقتضى نزع ملكية ما يقارب 88 منزل. فأصدر مجلس الدولة قراره اعتبر فيه انه لا يمكن تقرير المنفعة العامة لمشروع ما إلا إذا كانت الأضرار على الملكية الخاصة والتكاليف المالية والأضرار الاجتماعية التي تضمنتها لم تكن مفرطة مراعاة الأهمية التي تحققها.
هكذا خلافا للنهج السابق لمجلس الدولة الفرنسي لم يعد يكتفي القاضي بالنظر إلى المنفعة العامة التي يحققها قرار نزع الملكية نضرة مجردة بل قام بموازنة بين أضرار المشروع ومزياه.[47]
وقد عرف قضاء التوازن تطبيقات متتالية بل اتسعت لتشمل الموازنة بين منعتين عامتين. ففي قضية الشرفة المدنية بسانت ماري قررت الإدارة فتح طريق للسيارات بين فرنسا وإيطاليا وكان هذا المشروع يتطلب هدم جزء من مبنى مستشفى للأمراض العقلية الوحيد في تلك المنطقة بكان هناك تعارض بين مصلحتين عامتين[48] وبعد إعمال مبدا الموازنة في هذه التقنية انتصر مجلس الدولة للمصلحة الصحية.[49]
أما في المغرب فإن القضاء الإداري المغربي استقر ولمدة طويلة على:
-       الإقرار بان الجهة نازعة الملكية سلطة تقديرية في تحديد المنفعة العامة
-       رقابة القضاء تقتصر على الموازنة الشكليات التي يحددها القانون فقط ولا يمتد إلى رقابة مشروعية جوهر القرار الإداري.
-       تغليب المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة.[50]
استمر الأمر على هذا الحال إلى حدود سنة 1992 ليدشن المجلس الأعلى ممثلا بالغرفة الإدارية عهدا جديدا في تعامله مع سلطة الإدارة التقديرية من خلال تبنيه لنظرية الموازنة بين المنافع والأضرار في رقابته لقرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة.
ولأهمية القرار[51] نورد وقائعه " يتعلق الأمر بنزاع بين الشركة العقارية ميموزا ووزارة السكنى فبعد أن قامت الشركة مالكة العقار بطلب رخصة لإنجاز تجزئة على العقار المذكور مساهمة منها في مشروع التنمية السكنية والقضاء على مدن الصفيح وقسمت المشروع على ثلاثة أجزاء وبعد انتهائها من الجزء الأول بدأت تحضر لتجهيز القطعة الثانية لتفادي صدور مرسوم لنزع الملكي، قامت الشركة بالطعن في القرار طالبة الغاء المرسوم وقضى المجلس بذلك.[52]" بتبنيه لنظرية الموازنة.
وبذلك أصبحت الغرفة الإدارية تتصدى للسلطة التقديرية للإدارة من خلال نظرية الموازنة بين المزايا والأضرار المترتبة على نزع الملكية.
فهذا القرار شكل قطيعة مع القضاء التقليدي للمجلس الأعلى ويتماشى مع التوجه الحديث للمنازعات الإدارية، كما أن لهذا القرار الجديد إثر وقائي يتمثل في أن الإدارة ستتردد أكثر مرة وستدرس قرارتها المستقبلية دراسة معمقة ومتأنية قبل إصداره.
وفي قرار المجلس الأعلى في قضية الحاج بوبكر بنعيسى بتاريخ 7 ماي 1997 جاء فيه أن الاتجاه الحديث للقضاء الإداري لا يكفي بالنظر في المنعة العامة المتوخاة من نزع الملكية بل يتجاوز ذلك إلى النظر فيما يعود به القرار من فائدة تحقق أكبر قدر من المنفعة العامة.



















خاتــــمة
إن الاستنتاج المنطقي والواقعي الذي يمكن الركون إليه هو أن ممارسة السلطة التقديرية لا تعني انعدام أية رقابة قضائية على الإدارة لان هذه السلطة المخولة للإدارة تمارس دائما في نطاق الشرعية.
فالمشرع عندما تخلى عن تسييج هذا المجال بنصوص قانونية، فإنه نرك الإدارة إسهاما منها في التدبير الأحسن والإبداع والابتكار حرصا على الحقوق وحريات الأفراد، واستهدافا لتحقيق الصالح العام حيث أن السلطة التقديرية لا تعني التعسف والتحكم. لذلك كان لابد أن يبسط القاضي الإداري رقابته على إعمال الإدارة ليس في إطار اختصاصها المقيد فحسب ولكن حتى في مجالها التقديري.
بل أن القضاء استطاع أن يبتدع نظريات أخرى اعتبر تطورا وعقلنة ممارسة الإدارة لسلطتها التقديرية لذلك فرقابة القضاء للإدارة لم تعد تقتصر فقط على الشرعية وإنما تتجاوزها إلى رقابة الملائمة.







المراجع
الكتب
·      خطابي المصطفى. القانون الإداري والعلوم الإدارية. الطبعة الرابعة. دار النشر النجاح الجديدة الدار البيضاء. 1999.
·      مليكة الصروخ. القانون الإداري دراسة مقارنة. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء. 1998.
·      حمد عمر حمد " السلطة التقديرية للإدارة ومدى رقابة القضاء عليها " الطبعة الأولى.
·      Jacqueline Morand-de vili, « cours de droit administratif. Montchrestien, edition 6, Paris 1999.
·      محمد رفعت عبد الوهاب" قضاء الإداري". الكتاب الأول، منشورات الجلي الحقوقية، بيروت 2003.
·      محمد فؤاد عبد الباسط ـ"القانون الإداري"، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، دون تاريخ النشر.
·      نبيل إسماعيل عمر" سلطة القاضي التقديرية في المواد التجارية والمدنية"، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية 2002.
·      عمار عوابدي" نظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري"، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1998.
·      نعيمة الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون. مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، 1963.
·      محمد عبد العال السناري، "دعوى التعويض ودعوى الإلغاء". مطبعة الإسراء، القاهرة، بدون سنة نشر.
·      سعيد الحكيم، "الرقابة على أعمال الإدارة في الشريعة الإسلامية والنظم الوضعية". دار الفكر العربي، الطبعة الثانية، القاهرة، 1987
·      محمد رفعت عبد الوهاب،" مبادئ وأحكام القانون الإداري". منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003.
·      محسن خليل،" مبدأ المشروعية وتنظيم القضاء الإداري". مطبعة التوني، الإسكندرية، 1993.
·      عبد العزيز عبد المنعم خليفة،" الانحراف بالسلطة كسبب لإلغاء القرار الإداري." دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2001.
·      حمد عمر حمد،" السلطة التقديرية للإدارة ومدى رقابة القضاء عليها"، ط1، 2003
·      محمد انس قاسم جعفر،" الوسيط في القانون العام الإداري"، ط2، دار النهضة العربية، مصر1990.
·      فوزي حبيش، "القانون الإداري العام إبطال لتجاوز حد السلطة والأعمال الإدارية"، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان 2011.
·      سامي جال الدين، "أصول القانون الإداري"، منشأ المعارف، الإسكندرية مصر 2004.
·      سليمان محمد الطاوي. النظرية العامة للقرارات الإدارية دراسة مقارنة. الطبعة الثالثة. دار الفقه القاهرة مصر. 1966
·      محمد مرغيني حيرى. الوجيز في القانون الإداري المغربي. الجزء الثاني. دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر.
·      عبد الله إدريسي. محاضرات في القانون الإداري المغربي. 
·      نبيلة عبد الحكيم كامل. دور القضاء الإداري في الرقابة على شرط المنفعة في حالة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة. الاتجاه الجديد للمجلس الدولة في مصر وفرنسا. دار النهضة العربية. 1994

مجلات
·      احمد حافظ عطية نجم "السلطة التقديرية لإدارة ودعاوي الانحراف بالسلطة في الأحكام الحديثة لمجلس الدولة الفرنسي"، مجلة العلوم الإدارية، السنة 23، العدد 01، القاهرة، ط 1982، ص 46.
·      مصطفى التراب. مراقبة سلطة الملائمة من المنع الكلي إلى الجواز النسبي. عمل المجلس الأعلى والتحولات الاقتصادية والاجتماعية. أشغال الندوة التخليدية للذكرى الأربعين لتأسيس المجلس الأعلى. الرباط 20-18 دجنبر 1997. منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية عدد 20-21 يوليوز-دجنبر 1997.
·      يحيى الجمل. رقابة مجلس الدولة الفرنسي على الغلط البين للإدارة في تكييف الوقائع. مجلة القانون والاقتصاد. العدد 3. 1977.
·      أمينة جبان. الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بين التقليد والابتداع. المجلة المغربية للقانون والاقتصاد. العدد 17. 1988.
أطروحات ورسائل
·      أطروحة لنيل شهادة ماستر في قانون العام بكلية الحقوق محمد الخيضر بسكرة الجزائر تحت عنوان" الرقابة القضائية على السلطة التقديرية لإدارة".
·        يعقوب يوسف عبد الرحمان الحمادي. القضاء الإداري ومراقبته السلطة التقديرية للإدارة في اتخاذ القرار الإداري دراسة مقارنة. أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام. جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق بطنجة. الموسم الجامعي 2010-2011
·      احمد اجعون. اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من اجل المنفعة العامة. أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام. جامعة محمد الخامس. كلية الحقوق اكدال. 1999.
قرارات
·      قرار عدد 378 صادر بتاريخ 10 فبراير 1992. ملف إداري رقم 10023.
·        قرار مجلس الأعلى رقم 170 بتاريخ 22 يوليوز 1983 المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 33-34
·        قرار المجلس الأعلى رقم 384 بتاريخ 18 ماي 1984 منشور بمجلة الشؤون الإدارية العدد الخامس سنة 1986
قوانين
·      يتعلق الأمر بالظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 الموافق 24 فبراير 1958. بمثابة قانون أساسي للوظيفة العمومية حسبما وقع تغييره وتتميمه. الجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 11 أبريل 1958.





الفهرس

المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للسلطة التقديرية للإدارة............................................................................ 3
المطلب الأول: مفهوم السلطة التقديرية لإدارة............................................................................................. 3
الفقرة الأولى: تعريف السلطة التقديرية لإدارة............................................................................................ 3
الفقرة الثانية: السياق التاريخي للسلطة التقديرية..................................................................................... 4
المطلب الثاني: أساس السلطة التقديرية لإدارة وتمييزها عن السلطة المقيدة........................................ 6
الفقرة الأولى: أساس السلطة التقديرية للإدارة........................................................................................... 6
أولا: استحالة وضع قواعد عامة لكافة تفاصيل الحياة الإدارية............................................................... 6
ثانيا: فكرة الصلاحية الإدارية....................................................................................................................... 7
ثالثا: السلطة التقديرية ضرورية لفاعلية العمل الإداري.......................................................................... 7
رابعا: تفادي عيوب السلطة المقيدة............................................................................................................. 8
الفقرة الثانية: التمييز بين السلطتين التقديرية والمقيدة للإدارة............................................................... 9
المبحث الثاني: الرقابة القضائية على السلطة التقديرية للإدارة.............................................................. 11
المطلب الأول: الرقابة القضائية على العناصر الداخلية للقرار الإداري................................................... 11
الفقرة الأولى: الرقابة القضائية على أسباب القرار الإداري...................................................................... 12
الفقرة الثانية: الرقابة القضائية على المحل والغاية في القرار الإداري.................................................... 13
أولا: المحل في القرار الإداري........................................................................................................................ 13
ثانيا: الغاية من القرار الإداري.................................................................................................................... 14
المطلب الثاني: الرقابة القضائية للحد من السلطة التقديرية للإدارة.................................................... 15
الفقرة الأولى: مفهوم نظرية الغلو في التقدير وتطبيقاتها القضائية......................................................... 16
أولا: تعريف نظرية الغلو في التقدير.......................................................................................................... 16
ثانيا: التطبيقات القضائية لنظرية الغلو في التقدير................................................................................ 17
الفقرة الثانية: مفهوم نظرية الموازنة وتطبيقاتها القضائية..................................................................... 18
أولا: تعريف نظرية الموازنة.......................................................................................................................... 18
ثانيا: التطبيقات القضائية لنظرية الموازنة............................................................................................... 19
خاتمة........................................................................................................................................................... 22
قائمة المراجع............................................................................................................................................... 23



[1] خطابي المصطفى. القانون الإداري والعلوم الإدارية. الطبعة الرابعة. دار النشر النجاح الجديدة الدار البيضاء. 1999 الصفحة 213.
[2] مليكة الصروخ. القانون الإداري دراسة مقارنة. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء. 1998. صفحة 439.
[3] حمد عمر حمد " السلطة التقديرية للإدارة ومدى رقابة القضاء عليها " ط1، ص 91. 
[4] Jacqueline Morand-de vili, « cours de droit administratif. Montchrestien, edition 6, Paris 1999, p278.
[5] محمد رفعت عبد الوهاب" قضاء الإداري". الكتاب الأول، منشورات الجلي الحقوقية، بيروت 2003، ص 197.
[6]احمد حافظ عطية نجم "السلطة التقديرية لإدارة ودعاوي الانحراف بالسلطة في الأحكام الحديثة لمجلس الدولة الفرنسي"، مجلة العلوم الإدارية، السنة 23، العدد 01، القاهرة، ط 1982، ص 46.
[7]  مليكة الصروخ، "القانون الإداري دراسة مقارنة"، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء السنة 2010.
[8] محمد فؤاد عبد الباسط ـ"القانون الإداري"، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، دون تاريخ النشر، ص109.
[9] نبيل إسماعيل عمر" سلطة القاضي التقديرية في المواد التجارية والمدنية"، دار الجامعة الجديدة للنشر الاسك ندرية2002، ص14.
[10]أطروحة لنيل شهادة ماستر في قانون العام بكلية الحقوق محمد الخيضر بسكرة الجزائر تحت عنوان" الرقابة القضائية على السلطة التقديرية لإدارة".
[11] عمار عوابدي" نظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري"، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1998، ص58.
[12] نبيل إسماعيل عمر مرجع سابق، ص18.
[13] . محمد مرغني،" المبادئ العتمة للقانون الإداري المغربي المقارن"، الجزء الأول، مطبعة الساحل، الرباط,1980، ص 399.
[14]  نعيمة الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون.مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، 1963، ص 5 وما بعدها.
[15] . -محمد عبد العال السناري، "دعوى التعويض ودعوى الإلغاء" .مطبعة الإسراء، القاهرة، بدون سنة نشر، ص.540.
[16] . سعيد الحكيم، "الرقابة على أعمال الإدارة في الشريعة الإسلامية والنظم الوضعية". دار الفكر العربي، الطبعة الثانية، القاهرة،
. 1987 ، ص. 39
[17] . محمد رفعت عبد الوهاب،" مبادئ وأحكام القانون الإداري". منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003، ص. 592، وأنظر
. محسن خليل،" مبدأ المشروعية وتنظيم القضاء الإداري". مطبعة التوني، الإسكندرية، 1993، ص 91.
[18] . عبد العزيز عبد المنعم خليفة،" الانحراف بالسلطة كسبب لإلغاء القرار الإداري." دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2001ص. 17 وما بعدها.
[19] حمد عمر حمد،" السلطة التقديرية للإدارة ومدى رقابة القضاء عليها"، ط1، 2003، ص96.
[20] عبد العزيز عبد المنعم خليفة "الانحراف بسلطة كسبب لإلغاء قرار إداري "، منشأ معارف الإسكندرية مصر 2009، ص 77.
[21]محمد انس قاسم جعفر،" الوسيط في القانون العام الإداري"، ط2، دار النهضة العربية، مصر1990، ص 101.  
[22] فوزي حبيش، "القانون الإداري العام إبطال لتجاوز حد السلطة والأعمال الإدارية"، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان 2011، ص 353.
[23] سامي جال الدين، "أصول القانون الإداري"، منشأ المعارف، الإسكندرية مصر 2004، ص 148
[24] سليمان محمد الطاوي. النظرية العامة للقرارات الإدارية دراسة مقارنة. الطبعة الثالثة. دار الفقه القاهرة مصر. 1966
[25] محمد مرغيني حيرى. الوجيز في القانون الإداري المغربي. الجزء الثاني. دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر. الصفحة 256.
[26] عبد الله إدريسي. محاضرات في القانون الإداري المغربي. الصفحة 26
[27] الدكتور عبد الغني بسيوني عبد الله .........  ص630 
[28] قرار مجلس الأعلى رقم 170 بتاريخ 22 يوليوز 1983 المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 33-34 ص 154
[29] قرار المجلس الأعلى رقم 384 بتاريخ 18 ماي 1984 منشور بمجلة الشؤون الإدارية العدد الخامس سنة 1986 ص101
[30] الدكتور حمادي عبد الرحمان أطروحة الدكتوراه     القضاء الإداري ومراقبة السلطة التقديرية للإدارة في اتخاذ القرار الإداري –دراسة مقارنة-ص 154
[31] - عبد الله الإدريسي، المرجع السابق ص: 66.
[32] يحيى الجمل. رقابة مجلس الدولة الفرنسي على الغلط البين للإدارة في تكييف الوقائع. مجلة القانون والاقتصاد. العدد 3. 1977 الصفحة 440
[33] يعقوب يوسف عبد الرحمان الحمادي. القضاء الإداري ومراقبته السلطة التقديرية للإدارة في اتخاذ القرار الإداري دراسة مقارنة. أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام. جامعة عبد المالك السعدي طنجة. الموسم الجامعي 2010-2011 الصفحة 189.
[34] محمد مرغني خيري. مرجع سابق. الصفحة 403
[35] محمد مرغيني خيري. مرجع سابق. الصفحة 396
[36] يتعلق الأمر بالظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 الموافق 24 فبراير 1958. بمثابة قانون أساسي للوظيفة العمومية حسبما وقع تغييره وتتميمه. الجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 11 أبريل 1958.
[37] محمد موغني. مرجع سابق الصفحة 397
[38] يعقوب يوسف عبد الرحمان الحمادي. مرجع سابق الصفحة 272
[39] يعقوب يوسف عبد الرحمان الحمادي. مرجع سابق الصفحة 218
[40] طعن رقم 25/415 في جلسة 07-02-1984 س 29 عدد 1 الصفحة 213 أورده يعقوب الحمادي المرجع السابق. الصفحة 225
[41] مصطفى التراب. مراقبة سلطة الملائمة من المنع الكلي إلى الجواز النسبي. عمل المجلس الأعلى والتحولات الاقتصادية والاجتماعية. أشغال الندوة التخليدية للذكرى الأربعين لتأسيس المجلس الأعلى. الرباط 20-18 دجنبر 1997 الصفحة 431.
[42]  منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية عدد 20-21 يوليوز-دجنبر 1997 الصفحة 109
[43] احمد اجعون. اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من اجل المنفعة العامة. أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام. جامعة محمد الخامس. كلية الحقوق اكدال. 1999. صفحة 370.
[44] محمد سليمان الطماوي. النظرية العامة للقرارات الإدارية. دراسة مقارنة. الطبعة الثالثة. دار الفكر العربي. 1966. الصفحة 83.
[45] راجع في موضوع. نبيلة عبد الحكيم كامل. دور القضاء الإداري في الرقابة على شرط المنفعة في حالة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة. الاتجاه الجديد للمجلس الدولة في مصر وفرنسا. دار النهضة العربية. 1994 . الصفحة 10.
[46][46] أمينة جبان. الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بين التقليد والابتداع. المجلة المغربية للقانون والاقتصاد. العدد 17. 1988. الصفحة 10.
[47] يعقوب يوسف عبد الرحمان الحمادي. مرجع سابق. الصفحة 217
[48] المصلحة العامة المتمثلة في إقامة طريق وما يترتب عليه من انتعاش اقتصادي واجتماعي وأخرى صحية تعود للمرضى.
[49] حيث جاء في حيثياته أن القرار الصادر بنزع ملكية ما يشير اليه من منفعة هو قرار باطل نظرا لما يؤدي اليه من المساس بالمنفعة الصحية لا تقل أهمية عن الأخرى. مشار اليه في أطروحة الدكتور يعقوب حمادي الصفحة 217.
[50] الظاهر جبران. قضاء الإلغاء ومراقبة مشروعية المقرر المعلن عن المنفعة العامة. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية. عدد 24. السنة 1998 الصفحة 59.
[51] قرار عدد 378 صادر بتاريخ 10 فبراير 1992. ملف إداري رقم 10023. أوردته أمينة جبران المرجع السابق. الصفحة 259.
[52] معللا قراره كالاتي: وحيث أن الإدارة وان كانت تتوفر على سلطة تقديرية في خصوص المنفعة العامة التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع الملكية فإن ذلك لا يمنع القضاء الإداري من مراقبة مضمون وأغراض المنفعة العامة وما إذا كان المنزوع ملكية كما هو الحال في النازلة يسعى إلى تحقيق نفس الأغراض والأهداف بموافقة الإدارة المسبقة وحيث أن المنفعة العامة التي تتذرع بها الإدارة لإصدار المرسوم المطعون فيه قد تحققت بالفعل عبر المشروع الذي أنجزت الطاعنة طرفا منه. مما يجب معه الغاء المقرر المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *