-->

الحماية الجنائية للعقارات

                  
المبحث الثاني : الحماية الجنائية للعقارات
تشكل الثروة العقارية إحدى الدعائم الأساسية في البناء الاقتصادي في العالم مما يجعل الاعتناء بتنظيمها وضبط أحكامها غاية في الأهمية، وذلك لضمان ثباتها واستقرارها وتداولها واستثمارها[1] .
وبما أن العقار هو المحور الأساسي لكل نمو وتقدم على المستوى الاجتماعي والاقتصادي لكل المجتمع،  فقد أضحى من الموضوعات التي تهم رجال القانون ، سواء بالنسبة لمن أوكلت إليهم مهام الدفاع في القضايا أم من أنيط بهم رد الحقوق لأصحابها والفصل في قضايا الناس ، وقد زادت مشاكل العقار في العصر الحاضر ، مما حذا بجل التشريعات إلى التدخل لحمايته جنائيا .
والمقصود بالحماية الجنائية للعقار هي الحماية التي يمنحها القانون الجنائي للحائز بسبب الاعتداء الذي يقع على شيء يبسط يده عليه، والهدف منها هو ضمان كافة الحقوق الواردة على العقار والتقليل من النزاعات والعمل على استقرار الأوضاع بين المتنازعين لحماية الأمن العام.
ولأجل ذلك عملت مختلف التشريعات على حماية العقار بصياغة مجموعة من النصوص القانونية الهدف منها هو تطهيره من كل ما يشوبه من مشاكل ونزاعات .
وقد حذا المشرع المغربي حذو باقي التشريعات وخص العقار بجملة من النصوص الزجرية ضمن ترسانته القانونية هدفها إحاطة العقار بسياج من الضمانات وبحمايته جنائيا من كل اعتداء يمس ببنيته أو الحقوق الواردة عليه .
ولقد تعددت فصول هذه الحماية بتعدد الجرائم التي تقع على العقار، وذلك في الباب التاسع المتعلق بالجنايات والجنح المتعلقة بالأموال.
وحتى يتسنى لنا دراسة جرائم الاعتداء الواقعة على الحقوق الواردة على العقار وبنيته التي جاء بها القانون الجنائي ينبغي تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين :
المطلب الأول : الحماية الموضوعية للعقار
                           المطلب الثاني : الحماية الإجرائية للعقار



                       المطلب الأول : الحماية الموضوعية للعقار
سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى ثلاث فقرات، نتطرق في الفقرة الأولى إلى الحماية الجنائية للعقار في الفقه الإسلامي، ثم إلى الحماية الجنائية لبنية العقار في الفقرة الثانية، على أن نخصص الفقرة الثالثة للحديث عن الحماية الجنائية للحيازة العقارية.
.
الفقرة الثانية : الحماية الجنائية لبنية العقار
تتعدد القواعد الموضوعية المخصصة لحماية بنية العقار وتختلف باختلاف أنواعه.
وقد تعرضت مجموعة القانون الجنائي إلى جرائم الاعتداء على بنية العقار في الفرع الثامن من الباب التاسع المتعلق بجرائم الأموال العقارية تحت عنوان " التخريب والتعييب والإتلاف " في الفصول من 580 إلى 590 ، ومن 597 إلى 600 ، ومن الفصل 604 إلى 608 وذلك على غرار ما فعله القانون الجنائي الفرنسي ( المادة 434 وما يليها )، معتبرة من جهة أن جرائم الإحراق تندرج ضمن جرائم التخريب والتعييب والإتلاف مادام كل منها يؤدي إلى تدمير العقار[2] .
ولمقاربة هذه الجرائم الماسة بالعقارات سنحاول الاستعانة بالنصوص التشريعية في كل من القانونيين المغربي والجزائري.
أولا : حماية العقار من جرائم الإحراق
يعتبر الحريق جريمة خاصة في كل الشرائع ، فهو يشترك في نتائجه مع الجرائم التي تقع على الأموال من جهة ومع الجرائم التي تقع على الأنفس من جهة أخرى لأنه قد يؤدي إلى هلاك الأموال والأنفس معا[3] .
وجرائم الإحراق تنقسم إلى جنايات وجنح ومخالفات ، فإذا توفرة الجريمة على الركن المعنوي اعتبره جناية وإذا تخلف هذا الركن عدة من الجنح والمخالفات .
1)  جرائم الحريق العمدي للعقار
لقد تعرضت إلى هذه الجنايات وإلى عقوبتها الفصول 580 إلى 584 من ق ج وتميز هذه الفصول بين المحلات العقارية المسكونة أو المعدة للسكنى وغيرها من المحلات العقارية الأخرى ، مع الأخذ في الاعتبار عنصر الملكية في بعض الحالات .
أ- جنايات إيقاد النار في المحلات العقارية المسكونة أو المعدة للسكنى
ينص الفصل 580 على أن " من أوقد النار عمدا في مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى ثابت، أو متنقل أو باخرة أو سفينة أو متجر أو ورش ، إذ كانت هذه المحلات مسكونة أو معدة  للسكنى، وعلى العموم ، في أي محل آخر مسكون أو معد للسكنى ، سواء كان مملوكا له أو لغيره ، يعاقب بالإعدام" .
ويقابل هذا الفصل في قانون العقوبات الجزائري المادة 395/1 .
ويستفاد من النصين أن قيام هذه الجريمة مرتبط بضرورة التوفر على مجموعة من العناصر هي:
- العنصر الأول : فعل إيقاد النار
ويتحقق فعل الحرق بإيقاد النار ، ولا تهم الوسيلة التي استخدمت للإحراق ، فقد يتحقق إقاد النار، بإلقاء عود كبريت أو صب نوع من الزيوت أو الغازات أو المواد السريعة الالتهاب أو غيرها من الوسائل التي يتحقق بها اشتعال النار وبالتالي فلا ضرورة للنص على تلك الوسائل ، بل الضروري هو فعل إيقاد النار[4] .
- العنصر الثاني : محل إيقاد النار:
يشترط النص لتطبيق مقتضياته أن يكون إيقاد النار في مبنى أو مسكن أو مأوى ثابت وأن تكون هذه الأشياء محلات مسكونة بالفعل أو معدة للسكنى .
غير أن تعداد المشرع لمحل الحرق ليس حصريا بنصه ، لإتيان المشرع نفسه بعبارة " على العموم " مما يستفاد منه أن التعداد كان على سبيل البيان وليس على سبيل الحصر ، وهو نفس ما سار عليه التشريع الجزائري .
والقانون يعاقب على إيقاد النار في المحلات المسكونة بالفعل أو معدة للسكنى سواء أكان الذي أوقد النار فيها هو المالك لها أو غيره، وعلة معاقبة مالك العقار الذي أوقد النار في مساكنه بخلاف القاعدة القائلة بأن المالك حر في التصرف في ملكه كما يشاء، وبالطريقة التي يريدها هي إمكانية تعدي الضرر إلى الغير في كل الأحوال، فالمشرع قد راعى في تحديد العقوبة ما ينجم عن إحراق المحلات المذكورة من ضرر بليغ على الأرواح والأموال .
ولقد عرف المشرع المغربي المسكن من خلال الفصل 511 من القانون الجنائي الذي ينص على ما يلي: " يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى ثابت أو متنقل سواء كان مسكونا فعلا أو معدا للسكنى ، وكذلك جميع ملحقاته ، كالساحات وحظائر الدواجن والتخزين والإسطبل أو أي بناية داخل في نطاقه مهما كان استعماله حتى ولو كان لها سياج خاص بها داخل السياج أو الحائط العام".
ويكفي لاعتبار المحل مسكونا أن يبيت فيه شخص واحد على الأقل كالحارس مثلا ولا يعد المحل معدا للسكن إذا كان مخصصا لاجتماع الناس في أوقات معينة فقط كالمدارس والإدارات والمساجد والمقاهي ، وهذا عكس ما سارت عليه بعض المحاكم الفرنسية التي نصت على أن " عبارة المحل المسكون أو المعد للسكنى لا يقتصر مدلولها على المباني التي خصصت للسكنى بصفة ثابتة ومستمرة ، بل يتناول أيضا الأماكن التي تتم فيها بصفة عارضة أو مؤقتة ، أو يجتمع فيها أشخاص في بعض الأوقات، لأن المسكن لا يتكون من إقامة مستمرة لقضاء حاجات الحياة ، لكنه ينتج عن إقامة وقتية لقضاء بعض الحاجات"[5] .
وقد أشار الأستاذ جندي عبد المالك[6]  إلى أن محكمة النقض الفرنسية في أحكام  عديدة لها انتهت إلى أن عبارة " محل مسكون أو معد للسكنى " تشمل المباني الملحقة بالمسكن والتي تعد جزءا مكونا ومتمما له ، ذلك أن إحراق هذه اللواحق من شأنها تهديد حياة الناس الذين يسكنون هذا المنزل كإحراق المنزل نفسه، إلا أنه بالمقابل لا يعد من ضمن ملحقات المسكن إذا كان الملحق غير مسكون وكان يبعد عن المنزل ولا يخشى من اتصال النار منه إلى محل السكن ، وهو نفس الموقف الذي تبناه المشرع المغربي، في الفصل 511 من ق ج الذي اعتبر ملحقات المنزل تخضع لنفس حكم المنزل نفسه في حالة إشعال النار فيه .
العنصر الثالث : القصد الجنائي
يمكن تعريف القصد الجنائي بأنه"علم الجاني باتجاه إرادته إلى ارتكاب فعل مخالف للقانون الجنائي "[7] .
ويتحقق القصد الجنائي في جريمة إيقاد النار عمدا، متى وضع الفاعل النار عن علم في المحل المسكون أو المعد للسكنى، مريدا إحراقه فتؤذي إلى تخريبه أو تعييبه، أو إتلافه كما هو واضح من عنوان الفرع الثامن من الباب التاسع الخاص بالجنايات والجنح المتعلقة بالأموال .
ولا يهم إن كان الفاعل يقصد بإيقاد النار إتلاف المحل أو كان يقصد المزاح السيئ، أو قصد إشعال النار ثم إطفائها بعد ذلك منعا للضرر ليلقي تهمة كاذبة عل شخص آخر، فهذه الظروف تبقى مستقلة عن أركان الجريمة.
أما إذا لم يتعمد الفاعل إيقاد النار في شيء، بل امتدت إليه نتيجة إهمال وعدم احتياط، فإن الفعل يعد جنحة وفقا للفصل 607 من القانون الجنائي المغربي.
ب_ جنايات إيقاد النار في المحلات غير مسكونة أو المعدة للسكنى:                                           ينص الفصل 581 من ق ج على أنه " يعاقب بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة من أوقد عمدا في شيء غير مملوك له من الأشياء الآتية :
مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى ثابت أو متنقل ، أو باخرة أو سفينة أو ورش أو متجر ، إذ كان غير مسكون ولا معد للسكنى ..."ويقابل الفصل الأخير المادة 396 فقرة 1 و 2 من قانون العقوبات الجزائري[8] ، ويستفاد من الفصلين المذكورين أن العناصر التكوينية للجناية المنصوص عليها بهما، تتجسد في إيقاد النار عمدا في محل غير مسكون ولا معد للسكنى ، وألا يترتب عن الحريق موت إنسان أو إصابته ( الفصل 584 )[9] .
- العنصر الأول : أن يكون المحل غير مسكون ولا معد للسكنى :
يميز القانون بين إيقاد النار في محل مسكون أو معد للسكنى ( الفصل 580 ) وبين إيقاد النار في محل غير مسكون ولا معد للسكنى ( الفصل 581 ) لكون الجناية المنصوص عليها به أقل خطرا من الجناية السابقة وأخف عقوبة ، إذ لا تهدد في الغالب الأرواح البشرية ، وإنما يقتصر ضررها على المال، وذلك كالمخازن والمعامل وغيرهما مما لا يعتبر محلا مسكونا ولا معدا للسكنى .
- العنصر الثاني : أن يكون المحل مملوكا للغير :
يشترط لقيام هذه الجريمة أن يكون الشيء محل إيقاد النار غير مملوك للجاني فالقاعدة أن للمالك مطلق الحرية وله حق التصرف في ملكه ، ولا يعاقب إذ كان محل الإحراق ملكه إلا إذا ألحق أضرارا بالغير وتنطبق في هذه الحالة عقوبة الجريمة المنصوص عليها بالفصل 580 من ق ج ، ويعد الجاني غير مالك لمحل الإحراق إذا كان مالكا على الشياع ولا يعفى إلا إذا كانت ملكا خالصا ولم يلحق أضرارا بالغير
- العنصر الثالث : ألا يترتب عن الحريق موت إنسان أو إصابته بجروح أو عاهة مستديمة :
لقد نص المشرع على هذا الشرط في الفصل 584 من ق ج ، ونص على العقوبة المقررة لهذه الجريمة، فقرر الإعدام في حق مرتكب الحريق الذي تسبب في موت إنسان ، والسجن المؤبد بالنسبة للجروح والعاهة المستديمة .
ويلاحظ أن المشرع المغربي لم يعرف العاهة المستديمة وإنما اكتفى بإيراد بعض الأمثلة لها في الفصل 402 من ق ج[10]،  إضافة إلى أن المشرع سوى في العقوبة بين الجروح والعاهة المستديمة .
2)  جرائم الحريق بإهمال
إن الأفعال التي تقع عن إهمال لا يعاقب عليها طالما أنه لم ينشأ عنها ضرر ، أو طالما أن الضرر الناشئ عنها قابل للتعويض ، ومع ذلك فقد نصت جل التشريعات على عقاب الحريق الناشئ عن الإهمال، ويمكن تفسير ذلك بأنه يمكن للحريق أن يتسبب في الاضطراب الشديد الذي يهدد الأمن العام بسبب الخوف من امتداد النار .
أ- جنح حريق العقار
ينص الفصل 607 من القانون الجنائي على أنه " يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين أو بالغرامة من مائة وعشرين إلى خمس مائة درهم من تسبب في غير الحالات المشار إليها في الفصل 435 والفقرة الخامسة من الفصل 608 في إحداث حريق بأملاك عقارية أو منقولة للغير وكان ذلك ناتجا عن عدم تبصره أو عدم مراعاة النظم والقوانين".
كما ينص الفصل 435 من نفس القانون على أن " من تسبب من غير عمد في الأحوال المشار إليها في الفصل 607 والفقرة الخامسة من الفصل 608 في حريق نتج عنه موت شخص أو أكثر وإصابته بجروح يعد مرتكبا للقتل أو الإصابة الخطأ ويعاقب بهذه الصفة تطبيقا للفصول الثلاثة السابقة ".
والفصول الثلاثة هي 432 و 433 و 434 .
ويقابل هذه الفصول في التشريع الجزائري المادة 405 مكرر[11]  .
ووفق صريح هذه الفصول فإن فعل حريق العقار يكون غير معتمد وغير مقصود ، أي أن الجاني لا يكون قد ارتكبه عن علم ودراية ، بل عن سوء تقدير وعدم احتياط ، وقد عبر المشرع عن ذلك باستعمال عدة عبارات مثل عدم تبصره أو عدم مراعاة للنظم والقوانين.
كما أن المشرع في هذه الجريمة سوى بين العقارات سواء كانت محفظة أو غير محفظة ، غير أنه يلزم من جهة أخرى حتى تتحقق هذه الجنحة ضرورة توفر ثلاثة أركان وهي : حصول الحريق ، أن يكون الشيء محل الحرق مملوكا للغير ، وأن يكون الحرق بسبب الإهمال .
وتجدر الإشارة إلى أن القانون ميز في العقوبات عن هذه الجنح بحسب ما ينتج عنها بين ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن ينتج عن الحريق – غير العمد – موت إنسان ، وفيها تكون العقوبة هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات ، والغرامة من مائتين وخمسين إلى ألف درهم ( الفصول 607 و 435 و 432 ) .
الحالة الثانية : أن ينتج عن الحريق إصابة شخص على الأقل بجروح أدت إلى عجزه عن الأشغال الشخصية لمدة تزيد على ستة أيام ، وفي هذه الحالة تكون العقوبة من شهر إلى سنتين وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم أو إحدى هاتين العقوبتين فقط ( الفصول 607 و 435 و 433 ).
الحالة الثالثة : ألا ينتج عن الحريق موت أو إصابة ، وفيها تكون العقوبة هي الحبس من شهر واحد إلى سنتين أو الغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم .
كما نص الفصل 46 وما يليه لغاية الفصل 55 من ظهير 10 أكتوبر 1917 على الحريق خطأ بالنسبة للغابات، كما أحال الفصلان 3 و 4 من ظهير 20 يونيو 1930 المتعلق بالمحافظة على نباتات الحلفاء واستغلالها، على ظهير 1917 فيما يخص الحريق الخطأ[12].
ب- مخالفات حريق العقار.
ينص الفصل 608 من القانون الجنائي على أنه " يعاقب بالاعتقال من يوم إلى خمسة عشر يوما وغرامة عشرين إلى مائتي درهم وإحدى هاتين العقوبتين فقط : كل من تسبب في إحراق مال منقول أو عقار مملوك للغير في الحالات التالية :
إما نتيجة عدم إصلاح أو عدم تنظيف للأفران أو المداخين أو محلات الحدادة أو المساكين أو المصانع المجاورة ، وإما نتيجة الإهمال أو عدم الاحتياط عند إشعال حراقيات أو إطلاقها "
انطلاقا من هذا الفصل نستشف أن أركان هذه الجريمة تقوم على ثلاثة عناصر هي :
- العنصر الأول : حصول الحريق
والمراد أن يقوم الجاني بإشعال النار فيقع الحريق فعلا ، إذ أن القانون يعاقب على حصول الحريق التام لا على الشروع فيه ، والشروع هنا غير متصور ، بل يلزم أن يؤدي الحريق إلى إتلاف أموال الغير[13].
- العنصر الثاني : أن يكون الشيء محل الحريق مملوكا للغير
يلزم أن تكون الأموال التي أتلفت بسبب الحريق مملوكة للغير ، وبهذا تستثنى أموال الجاني " فلا جريمة إذا قام الجاني بإتلاف أمواله بالحرق أو بغيرها ، إلا أنه إذا قام الجاني بحرق أمواله وامتدت النار إلى أموال غيره فأحرقت فإنه يعد مرتكبا للجريمة .
- العنصر الثالث : أن يكون الحريق بسبب الإهمال
الحريق بإهمال جريمة غير عمدية ، لأن الجاني فيها لم يوجه إرادته إلى إحداث الحريق وإلا كان عمدا ، ويعد ركن الإهمال السمة المميزة للجرائم غير العمدية ، لذلك يلزم التثبت من توافر عنصر الإهمال أو الخطأ لسلامة تكيف الواقعة وانطباق النص قانوني عليها .
وصور الإهمال هي: عدم التبصر أو عدم الاحتياط أو عدم الانتباه أو الإهمال أو عدم مراعاة النظم والقوانين[14] .
ثانيا : جرائم تخريب وتعيب وإتلاف الأملاك العقارية
لقد تدخل المشرع الجنائي وجرم كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تخريب وتعيب وإتلاف العقار وذلك من خلال مقتضيات زجرية نص عليها في القانون الجنائي .
1)  جرائم تخريب وتعييب الأموال العقارية
تنقسم جرائم التخريب والتعييب إلى نوعين : منها ما يكون ناتجا عن استعمال مواد متفرقعة أو مواد متفجرة ، ومنها الآخر ما يكون ناتجا عن غير هذه المواد .
أ_جنايات التخريب بواسطة المفرقعات أو المواد المتفجرة
نصت على هذه الجنايات - فيما يخص العقار – الفصول 585 و 586 و 588 و 589 من القانون الجنائي المغربي، ويقابلها في قانون العقوبات الجزائري المواد 400 و 401 و 402 ويؤخذ من هذه النصوص أن جرائم التخريب المرتكبة بواسطة مفرقعات أو متفجرات لكي ترتب آثارها لابد من توفرها على أربعة عناصر :
- العنصر الأول : فعل التخريب
وهو الفعل المادي في هذه الجريمة ، وقد عرفه الدكتور رمسيس بنهام " التخريب هو الإتلاف العشوائي الذي لا يستهدف شيئا معينا بذاته " كما عرفه الدكتور مأمون سلامة بأنه : " كل ما من شأنه إفساد المال أو الشيء كليا أو جزئيا بحيث يؤثر على فعاليته لتحقيق الغرض منه "[15]  .
وبوجه عام فإن التخريب هو كل ما من شأنه تعطيل الاستفادة بالشيء، إلا أن الجديد في هذه الجريمة هو أداة التخريب المستعملة وهي الألغام والمتفجرات بمختلف أنواعها.
ويشكل استخدام المتفجرات أو المفرقعات خطرا حقيقيا فهي أداة إذا ما استخدمت تؤدي إلى التخريب والقتل والإتلاف والحرق بشكل عشوائي .
- العنصر الثاني : أن يقع التخريب على العقار إلا ما خرج بنص خاص .
يجب لتطبيق الفصول 585 و 586 و 588 أن يكون المخرب من العقارات المنصوص عليها في هذه الفصول، وتشمل محلات التخريب :
* المحلات المسكونة أو المعدة للسكنى، ونص عليها الفصل 585[16].
* المحلات غير المسكونة وغير المعدة للسكنى ، ونص عليها الفصل 585
* تخريب عقارات مملوكة للفاعل نتج عنه ضرر للغير وقد تعرض لهذه الصورة الفصلان 585              و 582.
* تخريب الطرق والسدود والمسالك والحواجز والقناطر ...، وقد تعرض لها الفصل 586[17].
-  العنصر الثالث : المواد المستعملة في التخريب
لكي تكون هذه الجرائم جنايات وتعاقب بهذه الصفة بالعقوبات المقررة قانونا ، يتعين أن تكون المواد المستعملة في التخريب ، مواد مفرقعة ، أو مواد متفجرة ، وتشمل البارود والديناميت والملنيت ، وكل المواد التي تحدث انفجارا بحكم خواصها الكيماوية أيا كان نوعها .
-  العنصر الرابع : القصد الجنائي
يتحقق القصد الجنائي بمجرد إلقاء المادة المتفجرة أو زرع اللغم عمدا على محل التخريب سواء أدى ذلك إلى التخريب أم لا وسواء كان التخريب كليا أو جزئيا ، كما يتحقق القصد الجنائي عند الشروع في الفعل المجرم ، ولا عبرة بالباعث الدافع إلى ارتكاب الجريمة .
عقوبة تخريب وتعييب العقار :
تختلف العقوبة في جرائم التخريب والتعييب باختلاف الفعل الإجرامي والقصد الجنائي ، فإذا نتج عن استعمال المواد المفرقعة تخريب الأشياء المنصوص عليها في الفصلين 586 و 587 من ق ج م ، فإن العقوبة تتراوح بين العشرين والثلاثين سنة سجنا ، أما إذا نتج عن العمل الإجرامي إلحاق جروح أو عاهة مستديمة ، فالعقوبة هي السجن المؤبد ، وفي حالة ما إذا ترتب عن ذلك موت شخص أو أكثر فالعقوبة هي الإعدام ، وتطبق عقوبة الإعدام كذلك ، في حق كل من خرب عمدا بواسطة مفرقعات أو أي مادة متفجرة محلات مسكونة أو معدة للسكنى وذلك حسب مقتضيات الفصل 580 من القانون الجنائي الذي أحال إليه الفصل 585 من نفس القانون كما يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات عن أي ضرر لحق الغير متى كان عمدا .
ب-  جنايات التخريب أو الهدم بواسطة مواد غير مفرقعة وغير متفجرة
لقد نص المشرع المغربي على هذه الجنايات من خلال الفصل 590 من ق ج[18] ، والذي يقابل المادة 406 مكرر من قانون العقوبات الجزائري ، ويستخلص من هذه النصوص أن الجريمة تتكون من أربعة عناصر هي :
- العنصر الأول : فعل التخريب أو الهدم
لم يقتصر المشرع الجنائي في هذا الفصل على التخريب الذي تقدم بيانه، بل أضاف إليه الهدم، وذلك لتكون جميع صور المس ببنية العقارات المبنية به داخلة تحت أحكامه.
- العنصر الثاني : الوسيلة المستعملة للتخريب
اشترط المشرع لتطبيق أحكام الفصل 590 أن تكون الوسيلة المستعملة في التخريب أو الهدم هي غير الحريق وغير المواد المفرقعة أو المتفجرة ، لأن هذه الأخيرة لها أحكامها .
- العنصر الثالث : أن يكون الشيء محل الحريق مملوكا للغير
- العنصر الرابع : القصد الجنائي : هذه الجريمة من الجرائم العمدية اشترط القانون لقيامها القصد الجنائي أي تعمد ارتكاب الأفعال من طرف الجاني وهو على علم ودراية وإرادة بفعل التخريب لعقار لا يملكه .
ج- جنح التخريب والهدم
لقد نص على هذه الجنح الفصل 595 من القانون الجنائي المغربي[19]، ويستفاد منه أنه لقيام هذه الجنحة لابد من توفر أربعة عناصر هي :
ارتكاب فعل التخريب أو الهدم أو التعييب، وأن ينصب هذا التخريب أو التهديم على العقارات المنصوص عليها في الفصل 595 ، وأن يتم تحقيق النتيجة التخريبية أو التهديمية بأي وسيلة كانت ، وأن يتم ارتكاب هذه الأعمال بطريقة متعمدة بمعنى أن الجاني كان على علم بنتائج أعماله ، وذلك دون الاعتداد بالباعث الذي قد يكون دفعه إلى ارتكاب الجريمة .
3)  جرائم إتلاف الأملاك العقارية
نصت على هذه الجرائم وعقوبتها الفصول 597 و 598 و 599 و 604 و 605 و 606[20] و 609 من القانون الجنائي وكذلك الفصول 509و510و520 من نفس القانون حينما يعمد الجاني إلى إتلاف بنية العقار أو نزع حدود فاصلة بين عقارين وذلك بقصد ارتكاب السرقة كما يقع غالبا في المحاصيل الزراعية .
ويستفاد من النصوص الجنائية السالفة أن جريمة إتلاف الأملاك العقارية تتكون من العناصر  التالية :
- العنصر الأول : ارتكاب عملية الإتلاف : يقصد بالإتلاف إعدام الشيء وإزالة مقوماته ، ويختلف إتلاف الأشياء باختلاف مالها من مقومات[21] ، وعلى هذا فقيام الجريمة لابد من أن ينتج عنه حصول إتلاف للعقارات .
ولم ينص القانون على حصول الإتلاف بطريقة معينة، وبناء على ذلك يجوز أن يحصل الإتلاف بأي طريقة ولا يشترط أن يكون الإتلاف تاما بل يكفي أن يكون جزئيا بشرط أن يجعل العقار محل الإتلاف غير صالح للاستعمال أو معطلا عنه.
- العنصر الثاني : نوع العقار محل الإتلاف :
يستفاد من الفصل 598[22] والفصل 599[23] من ق ج . أن الأموال العقارية التي تكون محلا للإتلاف بمفهومه السابق هي المزروعات القائمة على سوقها قبل حصادها، والنباتات، والحبوب، والأشجار، والخنادق، والأنصاب، أو أي علامة أخرى ثابتة لإثبات الحدود الفاصلة بين العقارات.
- العنصر الثالث : أن يكون الإتلاف واقعا على ملك الغير :
لابد أن يكون الإتلاف وقع على ملك الغير ، إذ أن المالك له حق التصرف المطلق في ماله ، حيث يمكنه أن يتلف الشيء الذي يملكه دون أن يلحقه أي عقاب ، غير أنه إذا كان المال مملوكا على الشياع وقام أحد الشركاء بإتلاف المال المشاع فإنه يعتبر مرتكب لجريمة الإتلاف .
- العنصر الرابع : القصد الجنائي : هذه الجريمة أيضا من الجرائم العمدية التي يشترط لقيامها عنصر القصد الجنائي ، الذي يتحقق من خلال اتجاه  إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المنهي عنه .

الفقرة الثالثة : الحماية الجنائية للحيازة العقارية
حماية للأملاك العقارية من الاعتداء نص المشرع المغربي في الفصل 570 من مجموعة القانون الجنائي على ما يلي : " يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم من انتزاع عقار من حيازة غيره خلسة أو باستعمال التدليس ،.
وإذا وقع انتزاع الحيازة ليلا أو باستعمال العنف أو التهديد أو التسلق أو الكسر أو بواسطة أشخاص متعددين أو كان الجاني أو أحد الجناة يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ فإن الحبس يكون من ثلاثة أشهر إلى سنة والغرامة من مائتين إلى سبعمائة وخمسين درهما. "
ولقد قصد المشرع المغربي من حماية الحيازة بقاء المجتمع مستقرا فلا يهتز وذلك حماية للأمن العام. ويقابل الفصل الأخير المادة 386 من قانون العقوبات الجزائري التي تنص على: " يعاقب بالحبس من سنة إلى خمسة سنوات وبغرامة من 2000 د ج إلى 20.000 دج كل من انتزع عقارا مملوكا للغير وذلك خلسة أو بطرق التدليس .
وإذا كان انتزاع الملكية قد وقع ليلا بالتهديد أو العنف أو بطريقة التسلق أو الكسر من عدة أشخاص ، أو مع حمل سلاح ظاهر أو مخبأ بواسطة واحد أو أكثر من الجناة فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات ، والغرامة من 10.000 إلى 30.000 د ج "[24] .
وإن الدراسة المتأنية لهذه الفصول توحي بأن جريمة الاعتداء على الأملاك العقارية لا تقوم إلا بتحقق واقعة انتزاع العقار من يد الغير خلسة أو باستعمال التدليس وباقي الوسائل المحددة في الفقرة الثانية من الفصل المذكور.
انطلاقا مما سبق سوف نقسم هذه الفقرة إلى نقطتين أتناول في الأولى العناصر المكونة لجنحة انتزاع عقار من حيازة الغير ( أولا ) والسياسة العقابية في جريمة الاعتداء على حيازة العقار ( ثانيا ) .
أولا : العناصر التكوينية لجنحة انتزاع عقار من حيازة الغير :
1)  الركن المادي لجنحة انتزاع عقار من حيازة الغير
من المعلوم أن لكل جريمة ركنا ماديا إذ لا يمكن القول بوجود جريمة إلا إذا تجسدت في أرض الواقع ، واعتبارا لهذه القاعدة فإن جريمة انتزاع عقار من حيازة الغير تنشأ بفعل يشكل أساسه نشاطا خارجيا يستهدف حيازة الغير لعقار ما[25] .
واعتبارا لهذه القاعدة فإن الركن المادي في جريمة انتزاع عقار من حيازة الغير يتجسد في ثلاث عناصر هي:
- العنصر الأول : فعل الانتزاع
لم يحدد المشرع المغربي في الفصل 570 من ق ج مفهوما لفعل الانتزاع إيمانا منه بأن هذا التحديد سيفتح المجال للتحايل وإفراز سلوكات جديدة لانتزاع الحيازة ورغبة منه في عدم تقييد القاضي بصور أو حالات قد يتجاوزها الواقع ، مما قد يجعل العديد من حالات الاعتداء على الحيازة العقارية لا تدخل ضمن صور الانتزاع المعدة سلفا .إلا أن هناك من الفقه من عرفه على أنه الدخول إلى العقار والولوج إليه بطريقة غير مشروعة ، وفرض سيطرة مادية عليه تحرم الحائز من التصرف فيه، وذلك بأن يكون الجاني قد دخل رغم إرادة الحائز أو بغير استئذان أو بغير وجه قانوني .
أو هو وضع اليد عليه بدون حائزه أو بدون رضاه رضى صحيحا، وإن كانت الصورة الغالبة في فعل الانتزاع تتجسد في استيلاء الجاني على العقار والظهور بمظهر الحائز الشرعي ، وذلك بضمه إليه كليا أو جزئيا .
ويلزم أن يقع الانتزاع بفعل الجاني أو تخطيطه ، ولا يشترط أن يقوم الجاني بنفسه بالفعل المجرم بل قد يستعمل غيره للقيام بذلك كأن يرسل من يقوم مقامه بانتزاع العقار أو دخول المسكن واحتلاله لفائدته، وفي هذه الحالة نكون أمام فاعل أصلي وشريك .
وقيام الجاني بحرث الأرض دون إذن حائزها ودون علمه يعتبر جنحة انتزاع عقار من حيازة الغير وهذا ما سار عليه المجلس الأعلى في قرار له صادر 8/7/2009[26].
غير أن الاعتداء على الحيازة العقارية لا يكون دائما بانتزاع الجاني للعقار من يد الغير ، بل قد يكتفي بوضع قفل أو سياج يحول دون استغلال العقار ، ويقوم بمنعه من استغلاله على الوجه الذي أعد له، أي أن فعلا الانتزاع لا يشترط فيه السيطرة المادية للمنتزع على العقار بالدخول إليه والتصرف فيه ، بل يكفي منع الحائز من ممارسة نشاطه المعتاد على العقار ، هذا ما سارت عليه محكمة الاستئناف بفاس في أحد قراراتها[27]  إلا أن قرارها هذا يناقض ما سار عليه المجلس الأعلى الذي ينص على أن " الاكتفاء بالقول أن المتهم منع المشتكية من حرث الأرض ، لا يبرز أي عنصر من العناصر المنصوص عليها في الفصل 570 من ق ج "[28] .
وجاء في قرار آخر ما يلي " إن المنع من الحرث لا يشكل في جوهره انتزاعا لعقار من حيازة الغير لانعدام الركن المادي "[29] .
وهذه القرارات كانت محل انتقاد من طرف جانب فقهي الذي يعتبر أن سلوك المنع من الحرث ، يتوفر على العنصر المادي وذلك بشكل واضح ، فالمنع في جوهره سلوك ونشاط ، فهو حركة عضوية تجسدت في الواقع من طرف صاحبها ، أدت إلى تحقيق نتيجة سعى إليها من وراء ذلك ، وهو سلوك لا يتأتى واقعا إلا بالقهر والشدة ، وهو بذلك يطبعه العنف والتهديد .
وفي قرارات أخرى اعتبر المجلس الأعلى أن المرور والرعي في العقار لا يشكلان انتزاعا للحيازة،[30] لأنه لا يشكل ركنا ماديا في جريمة انتزاع عقار من حيازة الغير، طبقا للفصل 570 من ق ج  وهذا عكس ما سار عليه نفس المجلس في قرارات أخرى، التي اعتبر فيها أن الرعي في الأرض يعتبر صورة من صور الحيازة المادية والفعلية الواجب حمايتها بمقتضيات الفصل 570 من ق ج[31].
- العنصر الثاني : أن يقع انتزاع العقار من حيازة الغير
يجب أن يكون العقار محل الانتزاع مملوكا للغير أو في حيازته وقت القيام بالفعل المجرم ، ويستفاد ذلك من مصطلح " غيره " الذي جاء به الفصل 570 من ق ج،إذ لا تتحقق جنحة الاعتداء على الملكية العقارية إلا بانتزاع حيازة عقار مملوك للغير بل يكفي أن تتوفر فيه صفة الحائز الشرعي التي جاء بها المجلس الأعلى في أحد قراراته[32]، كأن يكون مكتريا، بل إن المشرع يحمي الحيازة الشرعية حتى في مواجهة المالك نفسه، كأن يكون ضحية الاعتداء على الحيازة هو المكتري ويكون المعتدي هو رب الملك المكري ، كما أنه لا يشترط في الحائز ، عندما يكون مالكا ، أن يكون هو المالك الوحيد ، بل إن من حق المالك على الشياع ، متى كان حائزا ، أن يتمتع بالحماية المقررة للحائز ، ولا شك أن الشركاء على الشياع يكونون متضامنين في هذه الدعوى ، تضامنا ناتجا عن طبيعة المعاملة ، وعن ما يخوله بل يوجبه القانون على كل شريك من المحافظة على المال الشائع ، ولذلك يحق لكل من توفرت فيه شروط استعمال دعوى الحيازة سواء أكان منفردا أو مع باقي الشركاء أن يرفع هذه الدعوى لحماية حيازته .
كما يمكن أن تكون الحيازة ناتجة عن حق الانتفاع باعتباره حق من الحقوق العينية ، والحيازة الواردة في الفصل 570 من القانون الجنائي ، يمكن أن تنتقل بالطرق القانونية من صاحبها إلى خلفه ، سواء أكان هذا الخلف عاما أو خاصا ، وفي هذه الحالة فإن الحماية التي يضمنها الفصل أعلاه يستفيد منها هذا الخلف مثله في ذلك مثل سلفه الحائز الأصلي .
ولم يفرق القانون في الحائز بين ما إذا كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، وبذلك يبقى نص الفصل 570 من القانون الجنائي على عمومه، وبهذا يكون الاعتداء على حيازة العقار جنحة معاقبا عليها، متى توفرت فيه شروط هذه الجنحة[33] .
وبتمعن صياغة الفصل 570 من القانون الجنائي يتبين أنها جاءت عامة تفيد كل انتزاع لعقار سواء أكانت عقارات خصوصية وحبسية وجماعية وغيرها ، إلا إذا ورد نص خاص يتناول عقارا  معينا فيتعين تطبيق النص الخاص .
- العنصر الثالث : أن يكون محل الانتزاع عقارا
إن الفصل 570 من القانون الجنائي ينطبق على الاعتداء على الملك العقاري فقط ويقتصر على العقار الأصلي دون العقار بالتخصيص ذلك أن هذا الأخير يعتبر منقولا بالنسبة للقانون الجنائي ويعاقب على الاستيلاء عليه بالنصوص المتعلقة بجرائم الأموال وكذلك العقارات بحكم الاتصال إذا فصلت عن المال الثابت ، فالمستأجر الذي ينزع بابا أو نافذة يضمها  إلى ملكه يعد مبددا ولا يعاقب بمقتضيات الفصل 570 الأنف الذكر .
ولكن هل تسري مقتضيات الفصل الأخير من القانون الجنائي على العقار بالتخصيص متى انتزع العقار وحده من حيازة الغير ؟
يرى الأستاذ أبو مسلم الحطاب ، أن انتزاع منقول بطبيعته مرصود لخدمة عقار بطبيعته من حيازة الغير لوحده ، في ظروف مماثلة لظروف الفصل 570 يجب وصفه بالسرقة  لا بجريمة انتزاع عقار من حيازة الغير ، إلا إذا وقع انتزاع حيازته مع العقار المرصود لخدمته من حيازة الغير حيث تسري عليهما مجتمعين مقتضيات الفصل 570من القانون الجنائي[34] .
وينبغي التذكير أن العقار بطبيعته المشمول بحماية الفصل 570 من ق ج يشمل كل من الأرض والمنشآت والأشجار والنباتات والبنايات، كما يشمل ما تحت سطح الأرض وما فوقها .
ونشير في الأخير إلى أن العقار المخصص للسكنى إذا كان فعلا مسكونا فإنه تتم حمايته بمقتضيات الفصل 441 من ق ج ، الذي يعاقب على الدخول أو محاولة الدخول إلى مسكن الغير .
-العنصر الرابع : أن يقع الانتزاع بإحدى طرق معينة :
لا يستوعب القانون الجنائي كل صور الاعتداء على الحيازة، وإنما حدد الصور التي أصبغ عليها صبغة الجريمة، وهي تتم بطريقة معينة وهذه الطرق هي :
* الخلسة : لم يعرف القانون الجنائي الخلسة تاركا أمر تعريفها للفقه والقضاء ، وهكذا عرف الأستاذ أحمد الخمليشي الخلسة بأنها الاستيلاء على العقار بسرعة وفي غفلة من الحائز كالقيام بحرث الأرض أو غرسها في ظرف وجيز أثناء غيبة الحائز السابق أو ابتعاده عن مكان الأرض لعمل ما ، وهذه الطريقة هي أكثر صور الخلسة تداولا أمام المحاكم .
وهو نفس  التوجه الذي ذهب إليه المجلس الأعلى في قرار له الذي جاء فيه " وحيث استمعت المحكمة إلى شهود الإثبات فتبين من شهادتهم أن المتهم ارتكب  جريمة الترامي على أملاك المتضرر خلسة حيث انتهز غيبته فكانت هذه الوسيلة على غير أساس"[35].
وفي قرار آخر للمجلس الأعلى اعتبر أنه " لا يكفي  ذكر توافر العناصر التكوينية للجريمة دون بيان الفعل الذي قام به المتهم والذي يشكل الخلسة أو التدليس كقيامه بالاعتداء على العقار في غيبة المشتكي الحائز له ، وذلك بالنسبة لعنصر الخلسة ...،بذلك تكون المحكمة عرضة قضاءها للنقص "[36] .
فالخلسة تتحقق إذن باستيلاء على العقار بسرعة وفي حين غفلة من أمر حائزه ، أي دون علمه ورضاه.
* التدليس : على غرار الخلسة لم يعرف المشرع التدليس الذي يترجم النية الإجرامية للمعتدي وبالتالي ينقل الفعل من طابعه المدني الصرف إلى دائرة القانون الجنائي .
أما الفقه فقد عرفه " كل فعل أو عمل أو إخفاء أو استعمال صفة من شأنها تضليل الغير للاستيلاء على العقار " ، وفي نفس المعنى أكد المجلس الأعلى في قرار له على أن : " التدليس في جنحة انتزاع حيازة عقار يتحقق بكل ما من شأنه أن يوهم الغير بأن ما قام به من فعل الانتزاع في محله ، مما يدعو الغير إلى عدم إبداء أية مقاومة .."[37] .
أما المشرع الجزائري فقد حدد الطرق التدليسية من خلال المادة 372 من قانون العقوبات على الشكل التالي :  أ- استعمال الطرق الاحتيالية
       ب- أن تتخذ هذه الأكاذيب نطاقا معينا يؤدي إلى التصرف في مال أو منقول ليس ملكا                                 للجاني وليس له التصرف فيه .
       ج- باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة[38]
خلاصة القول أن بعض محاكم الموضوع تجد صعوبة في استخلاص عنصر التدليس من وقائع ملف الدعوى كأحد عناصر ارتكاب جنحة انتزاع عقار من حيازة الغير، وسبب في ذلك هو أن صور التدليس تتعدد وتتنوع حسب تطور المجتمع وتعقد علاقات أفراده[39] .
* الليل : لم يعرف القانون الجنائي الليل كأحد العناصر الرئيسية في ارتكاب جنحة انتزاع عقار من حيازة الغير، ولذلك فإنه يبقى من عناصر الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ، ويعرف بعض الفقه الليل بأنه هو ما تعارف عليه الناس ، أي الفترة الزمنية الممتدة من غروب الشمس إلى شروقها في اليوم الموالي ، والحكمة من تشديد العقوبة في هذه الحالة هي أن الليل هو الوقت الذي يأوي فيه الناس إلى الراحة من عناء الأعمال ، فالمجنى عليه يباغث بالجريمة وقد خلدا إلى الراحة والاستسلام إلى النوم، فلا يمكنه الدفاع عن حرمة مسكنه الدفاع الذي كان يستطيعه أثناء النهار .
*استعمال العنف أو التهديد : ويقصد باستعمال العنف أو التهديد انتزاع العقار من حائزه وحرمانه من حيازته باستعمال أية وسيلة من وسائل القوة أو العنف أو التهديد ، فيستوي أن تكون القوة مادية أو معنوية، ولا يقتصر استعمال القوة على الإيذاء أو التعدي بالضرب بل يشمل كل ما فيه قهر للإرادة. والتهديد بالعنف قد يكون صريحا يوجهه منتزع الحيازة علانية إلى من يحاول اعتراضه فيما عزم عليه،كما قد يكون ضمنيا يستفاد من الملابسات والمظاهر المحيطة بعملية انتزاع الحيازة . ويمكن تحديد مفهوم التهديد بالرجوع إلى الفصول 425 إلى 429 من القانون الجنائي
* استعمال التسلق أو الكسر : حدد القانون مفهوم التسلق في الفصل 513 من ق ج الذي ينص على أنه يعد تسلقا الدخول إلى مبنى أو ساحة أو حظيرة أو أية بناية حديقة أو بستان أو مكان مسور وذلك بطريق تسلق الحوائط والأبواب أو السقوف أو الحواجز الأخرى ، كما حدد مفهوم الكسر في افصل 512 من ق ج " يعد الكسر التغلب أو محاولة التغلب على أية وسيلة من وسائل الإغلاق سواء بالتحطيم أو الإتلاف أو أية طريقة أخرى تمكن من الدخول إلى مكان مغلق .
* بواسطة أشخاص متعددين : وهما اثنان فأكثر من الجناة الذين عزموا وخططوا على تنفيذ الفعل المجرم معا ، ويعتبر ظرف التعدد متوافر حتى ولو وقعت الجريمة عند حد الشروع ، وظرف التعدد تستخلصه محكمة الموضوع انطلاقا مما يطرح عليها ، ويكفي  أن يقنع القاضي بأن المتهم قد ارتكب الجريمة بمؤازرة غيره ، ويجب أن يكون هناك تفاهم مسبق على ارتكاب الجريمة ، فإذا انتفى ذلك التفاهم وصادف أن وجد الجناة معا في مكان الجريمة فلا يتوفر ظرف التعدد[40] .
* حمل السلاح : إن مجرد الاعتداء المصحوب بسلاح[41] يشكل ظرفا مشددا تطبق بشأنه الفقرة الثانية من الفصل 570 من ق ج ، سواء كان السلاح ظاهرا أم مخبأ ، وسواء استعمل من شخص واحد أو من عدة أشخاص من الأشخاص المساهمين في الجريمة ، وإن مجرد حمل السلاح يكفي لتطبيق هذا النص بصرف النظر عن استعمال هذا السلاح من عدمه وبغض النظر عن خطورة السلاح ، إذ يستوي أن يكون سلاحا آليا ( مسدسا أو بندقية مثلا ) أو سلاحا أبيض ( خنجر ، أو سيف ) أو غيرهما .
2) الركن المعنوي لجريمة انتزاع حيازة العقار
لقيام جريمة انتزاع عقار من حيازة الغير ، لابد أن يتوفر ركنها المعنوي ، الذي هو توجيه الإرادة إلى تحقيق النشاط الإجرامي ، ويعتبر هذا العنصر أساسيا في قيام جريمة الانتزاع ، فهو الذي يضفي الصفة الإجرامية على فعل انتزاع الحيازة ، بعبارة أخرى فهو الذي يخرج بالفعل من دائرة الأفعال المدنية إلى دائرة الأفعال الجنائية .
وأشير في هذا المجال إلى أن العنصر المعنوي في جريمة انتزاع عقار من حيازة الغير، ينفرد بخاصيات تجعله مميزا عن النية الإجرامية عند الفاعل في جرائم الأخرى ، فإن كان القصد الإجرامي بنوعيه الخاص والعام هو معيار تجريم عدد من الأفعال المخالفة للقانون ، فإن هذا الركن في جريمة انتزاع الحيازة ، أبرزه المشرع في صور ، منها التدليس و الخلسة والعنف والتهديد وغير ذلك مما هو محدد في الفصل 570 من ق ج ، وعلى هذا الأساس ، فإن تعامل المحاكم مع هذه الجريمة مقيد بالبحث في هذه الصور ، لبيان مدى اتسام الفعل بالسمة الجرمية ، وخضوعه لمقتضيات الفصل 570 من ق ج ، ومؤدى هذا أن دخول الفرد لعقار غيره واحتلاله له ، يبقى في أصله عملا خاضعا لقواعد القانون المدني، ما تعلق منها بالحيازة إلى أن يثبت أن هذا الاعتداء اقترن بالخلسة والتدليس أو غيرهما ليصبح خاضعا للقانون الجنائي .
وأشير إلى أن العنصر المعنوي المنصوص عليه في الفعل الإجرامي، يهدف من ورائه المشرع إلى تضييق دائرة تحريم أفعال الاعتداء على حيازة الغير.
ثانيا : السياسة العقابية في جنحة انتزاع عقار من حيازة الغير
تعتبر العقوبة أهم آثر من الآثار الجنائية التي تترتب عن ارتكاب جريمة ما ، ويمكن تعريف العقوبة بأنها إيلام يصيب المجرم باسم المجتمع في جسمه أو حريته ، أو ماله أو حقوقه[42] ، والعقوبة المقررة لمن انتزع عقارا من حيازة غيره هي إما عقوبة مخففة أو مشددة .
1)  العقوبة المخففة
هي التي نصت عليها الفقرة الأولى من الفصل 570 من القانون الجنائي ، وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائة وعشرين درهما إلى خمسمائة درهم حين يتم انتزاع العقار من حائزه عن طريق الخلسة أو التدليس ، فالخلسة والتدليس يعتبران من ضمن أركان الجريمة التي لا تقوم إلا بهما.
2)  العقوبة المشددة
ونصت عليها الفقرة الثانية من الفصل 570 من ق ج ، وهي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائة وعشرين درهما إلى سبعمائة وخمسين درهما ، وعلة التشديد هي ازدياد خطورة الفعل الجرمي لخطورة الوسيلة التي استعملت في تنفيذه ، بالإضافة إلى أن هذه الوسيلة تكشف عن شخصية مجرمة خطيرة تستحق عقابا مشددا ، فالعقوبة المشددة إذا مرتبطة بوسيلة انتزاع الحيازة وبوجود ظروف من ظروف التشديد والتي سبق لنا بيانها .






المطلب الثاني : الحماية الإجرائية للعقار
لم يكتفي المشرع الجنائي المغربي بضمان حماية موضوعية للعقار ، بل قوى هذه الحماية بأخرى إجرائية ، ذلك أنه إذا كان القانون المدني بتعاون مع قانون المسطرة المدنية عمل على ضمان حماية مدنية للعقار ما لم يلبس الاعتداء عليه ثوب الجريمة ، فإنه ليس غريبا أن يأتي القانون الجنائي متكاملا مع قانون المسطرة الجنائية في سبيل توفير حماية زجرية للعقار متى اكتسى الاعتداء عليه صبغة الجريمة .
ولم تكن الغاية من ذلك إحداث ازدواجية في الحماية – على المستوى الزجري – حيث أخذ في الاعتبار ما توفره قواعد الموضوع من حماية ، وإنما الغاية من ذلك بلا خلاف حماية النظام العام الذي يتعكر صفوه بمجرد الاعتداء على الأموال العقارية .
ولذلك يعتبر قانون المسطرة الجنائية وسيلة لتطبيق القواعد الموضوعية للقانون الجنائي ، وهمزة وصل بين جزئيه وهما الجريمة والجزاء .
واقتضاء حق الدولة في العقاب ، يمر بعدة مراحل إجرائية ، تبتدئ بالبحث في الجرائم ، وجمع الأدلة عنها ، وتعقب مرتكبيها ثم متابعته أمام القضاء لإصدار الحكم بحقهم أو تبرئة ساحتهم ثم تنفيذ الحكم.
  وبناء على ذلك ، يتبين أن الحماية الإجرائية للعقار لا يحققها وجود قواعد موضوعية تتعلق بالتجريم والعقاب فقط، بل ينبغي لكي تكون هذه الحماية واقعية ،ضرورة ترسيخ مجموعة من القواعد الإجرائية التي تبين كيفية تطبيق تلك القواعد الموضوعية ، والتي يتعين القيام بها متى وقع الاعتداء على عقار لتطبيق الجزاء على المعتدي .
وعلى هذا الأساس فسوف نقسم هذا المطلب إلى ثلاث فقرات متتالية ، نخصص الأولى لبيان خصوصية مسطرة المتابعة بالدعاوي العقارية، ونستعرض في الثانية لدور مؤسسة النيابة العامة في حماية العقار، أما الفقرة الثالثة فسوف نخصصها للأحكام الصادرة عن القضاء الزجري في دعاوى العقار.
الفقرة الأولى : خصوصية مسطرة المتابعة بالدعاوي العقارية
إن أي دعوى عمومية تهدف بالأساس إلى الكشف عن الحقيقة لمعرفة الجاني وإقرار سلطة الدولة في العقاب، والعمل على ضمان حرية المتهم البريء.
والأصل أن النيابة العامة هي التي تختص دون غيرها برفع دعوى العمومية ومباشرتها بوصفها نائبة عن المجتمع وممثلة له، فهي وحدها تقدر ملائمة تحريك الدعوى العمومية ضد المتهم من عدمه .
أولا : تحريك الدعوى العمومية في المنازعات العقارية
لم يحدد المشرع المغربي الكيفية التي ترفع بها الشكاية للنيابة العامة ، ولكن العمل القضائي دأب على ألا يقبل شكاية بالاعتداء على ملك الغير إلا إذا أثبت مشتكي الحيازة الفعلية للعقار موضوع الاعتداء بوثائق رسمية ، لأن الحائز الفعلي من حقه أن تحمى حيازته ، ولا تنتزع منه إلا بالطريق القانوني الذي حدده المشرع ، ولا تنتفي عنه لمجرد المنازعة بشأنها أمام القضاء .
ويقصد بالشكاية إبلاغ المجنى عليه للنيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي بوقوع جريمة معينة عليه ، طالبا تحريك الدعوى الناشئة عنها توصلا إلى معاقبة فاعلها .
فهي إذن تصرف قانوني يصدر عن شخص أهل لتقديمها تفترض عدوانا على مصلحة خاصة به يسبغ عليها المشرع الجنائي حمايته، وينبغي أن يكون المقصود منها تحريك الدعوى الجنائية[43] .
ويتولى القانون وحده تحديد صاحب الحق في تقديم الشكوى ، فالمبدأ في قانون الإجراءات الجنائية أن المجنى عليه هو صاحب الحق في تقديم الشكوى ، والمجنى عليه في الجريمة هو المعاني منها ، أي من انصب عليه عدوانها المباشر ، وهو غير المضرور من الجريمة، أي من أصابه ضرر شخصي ومباشر من جرائها ، فليس للمضرور حق تقديم الشكوى إلا إذا كان نفسه المجنى عليه في الجريمة[44].
وللمجنى عليه ، أن يقدم الشكوى إما بنفسه ، أو بواسطة وكيل عنه ، وفي الحالة الأخيرة يجب أن يكون التوكيل لاحقا للواقعة المشكو عنها، فلا يغني عن ذلك توكيل عام بإجراءات التقاضي سابقا على الواقعة المشكو منها، ويرجع السر في ذلك إلى أن " الوكالة الخاصة بالواقعة " ، تدل على أن المجنى عليه قد وازن الأمور بنفسه وقد رفع الدعوى ، ودون ذلك تفوت الحكمة التي من أجلها قيد القانون حرية النيابة في رفع الدعوى على شكوى المجنى عليه .
وإذا كان المجنى عليه شخصا اعتباريا ، فإن الحق في تقديم الشكوى يكون لمن يمثله قانونيا ، أما إذا كان شخصا طبيعيا ، فيلزم أن تتوفر له أهلية الشكوى بأن يكون قد بلغ من العمر 18 سنة وغير مصاب بعاهة ، أما إذا لم يبلغ سن 18 سنة وقت تقديم الشكوى ، أو كان قد بلغها لكن كان مجنونا أو معتوها ، فإن الشكاية تقدم ممن له الولاية الشرعية على المجنى عليه ، أما إذا كان هذا الأخير محجورا عليه لسفه أو كان مفلسا أو محكوما عليه بعقوبة جناية ، فيجوز تقديم الشكوى منه دون تدخل القيم أو السنديك لتوفر الإدراك عنده ، أو لعدم إصابته بعاهة في العقل .
وتقدم الشكاية ضد المتهم الذي يتطلب القانون لرفع الدعوى الجنائية ضده وتحريكها قبله ، تقدم المجنى عليه بشكوى ، هذا ويلزم أن يكون شخص المتهم معروفا للمجنى عليه، ولم يشترط قانون المسطرة الجنائية في الشكاية شكلا خاصا  فكما يجوز أن تكون كتابية يجوز أن تكون شفهية .وتقدم الشكاية إلى النيابة العامة أو إلى أحد ضباط الشرطة القضائية .
إلا أن النيابة تبقى هي الجهة الأكثر استعمال لحق رفع دعوى، وذلك استنادا إلى الفصل 36 من ق م ج الذي ينص على أنه " يعهد إلى النيابة العامة بإقامة الدعوى العمومية ومراقبتها ضمن الشروط المحددة في الفصول الآتية ..." وسلطتها في تحريك الدعوى العمومية لا تعني أن هذه الأخيرة ملك لها ، بل هي ملك للمجتمع الذي يملك حق الادعاء العام ، وما النيابة العامة إلا ممثلة له ، ولذلك لا يحق لها أن تتفق مع الفاعل على عدم إقامتها أو تتنازل عنها أو تصالح بشأنها أو أن تعطل سيرها الطبيعي[45] .
فبعد ما تتلقى النيابة العامة الشكاية من الطرف المتضرر تشرع في إجراء بحث حول الشكاية المقدمة إليها التي تفيد وقوع اعتداء على عقار ، وعلى ضوء نتيجة البحث الذي أمرت بإجرائه تقوم النيابة العامة بإحالة النزاع على المحكمة لتقول كلمتها فيه ، أو تمتنع عن تحريك الدعوى العمومية ، وذلك انطلاقا من سلطة الملائمة أو ما يسمى أيضا بمناسبة المتابعة ، لأن المغرب اختار الأسلوب التقديري الذي مؤداه تخويل النيابة العامة سلطة تقدير ما يرد عليها من شكايات ومستندات[46] .
ويستشف هذا الأسلوب التقديري من نص الفصل 38 من قانون المسطرة الجنائية الذي جاء فيه أن وكيل الملك يرفع الإجراءات إلى هيآت التحقيق أو هيآت الحكم المختصة للنظر فيها أو يقتصر على تركها بموجب مقرر قابل دائما للإلغاء ، وحتى تبقى للأبحاث مصداقيتها، خاصة وأن الشكاية المحالة على الضابطة القضائية بقصد البحث يستمع في شأنها للمشتكي والمشتكى به أو المشتكى بهم، وهذا يسبب الكثير من الحرج في بعض الأحيان ، لهذا فإن النيابة العامة حفاظا على حريات الأشخاص تلجأ إلى إقرار بعض الشروط الضرورية لقبول الشكاية وتسجيلها بسجلاتها الخاصة وهي شروط موضوعية يمكن وصفها بالعمل القضائي للنيابة العامة لأن المشرع لم يحدد شكلا خاصا أو معينا الشكاية فيصح أن تكون كتابة أو شفويا يقدمها المعني بالأمر مباشرة ، وتتضمن الوقائع موضوع التشكي وأسماء المشتكى بهم والشهود والحجج عند الاقتضاء ، وبالنسبة للشكاية المتعلقة بالاعتداء على ملك الغير يجب بيان القطعة الأرضية المعتدى على حيازتها حدودا ومساحة ، مع توضيح أن الحيازة كانت بيد المشتكي وأنه يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه من غير نزاع إلى أن وقع الاعتداء عليها بالحرث أو غيره من أنواع الاعتداء، وإرفاق الشكاية إما بشهادة تثبت التملك من المحافظة العقارية إذا تعلق الأمر بعقار محفظ أو بعقد يفيد التملك عن طريق الشراء أو بأية وثيقة تفيد أن الملك يؤول للمشتكي ، أو الإدلاء.
بحكم صادر عن المحكمة قضى باستحقاق المشتكي للملك أو قضى بالتخلي مدنيا بناءا على دعوى حيازية كانت رائجة بين طرفي النزاع وأصبح الحكم نهائيا  وحائزا لقوة الشيء المقضي به[47] .
ولا يكفي أن تحكم المحكمة لفائدة المالك أو الحائز بل لابد أن ينفذ الحكم وتثبت الحيازة الفعلية بمقتضى محضر التنفيذ يشهد مأمور التنفيذ بمقتضاه بتمكين المحكوم لفائدته من القطعة الأرضية موضوع النزاع.
هذا مع إدراج أسماء الشهود الذي عاينوا الاعتداء وبيان عناوينهم ليتأتى للضابطة القضائية الاستماع إليهم ، أمام توفر هذه المعلومات تدرج النيابة العامة الشكاية بسجلاتها وتسلم للمشتكي إشهادا بذلك ، وهو عبارة عن نسخة من الشكاية تحمل الرقم المخصص للشكاية وتاريخ التسجيل وطابع القسم المختص بتلقي الشكايات وهو في الغالب قسم الشكايات والمحاضر .
وتجدر الإشارة إلى أن عملية البحث التمهيدي تعتبر إجراء أوليا يمكن أن تقوم به النيابة العامة أو الشرطة القضائية استنادا إلى الفصل 18 من ق م ج ، وذلك من أجل معرفة الفاعل وعناصر الفعل وظروفه ، ومن الحصول على أدلة الاتهام وبذلك تريح المحاكم ، وقضاء التحقيق من دعاوي لا فائدة من ورائها ، كما تتجلى في التروي وعدم تحريك الدعاوي الجنائية دون دليل ، ذلك أن اتهام الأشخاص وتحريك الدعوى ضدهم يعتبر في حد ذاته إجراء خطيرا ، ولذلك لا تلجأ إليه النيابة العامة إلا بعد البحث التمهيدي[48] .
ثانيا : الجهة القضائية المختصة للبث في الدعاوي العقارية
الاختصاص القضائي هو المرحلة التي تسمح بالنظر أو الحكم في الجرائم ، ويعرف الاختصاص على أنه السلطة التي خولها القانون للمحكمة لتفصل في الدعوى الجنائية ، أو بعبارة أخرى هو صلاحية المحكمة للبث في قضية أو أخرى بحيث إذا لم يعهد لها القانون بذلك لا تستطيع أن تصدر حكما ، وإذا فعلت يكون حكمها غير صحيح لأنها تكون غير مختصة لإصداره ، ويعتبر الاختصاص في المواد الجنائية من النظام العام بمعنى أن أطراف الدعوى لا يملكون الاتفاق على تغيير قواعده ولا سكوت على مخالفة قواعده إذا وقعت من طرف المحاكم بل من حقهم أن يطعنوا في اختصاص المحكمة في جميع مراحل الدعوى سواء في مرحلة الاستئناف أو حتى أمام المجلس الأعلى . والواقع أن الجريمة عندما ترتكب لا يهتدي بسهولة إلى معرفة الجهة القضائية التي تستطيع البث فيها وإنما من أجل الوصول إلى ذلك لابد من تكييف الجريمة وتحديد طبيعتها حتى يمكن معرفة المحكمة المختصة قانونا للنظر فيها[49] .
وقواعد الاختصاص تنقسم إلى قسمين هي : قواعد الاختصاص النوعي وقواعد الاختصاص المحلي ، فالأولى سميت بالنوعي لأنها تتحدد بنوع الجريمة المرتكبة ومدى خطورة الجهة الناشئة عنها .      فإذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة فإن المحكمة المختصة بالنظر فيها تكون هي المحكمة الابتدائية أو محاكم الجماعات والمقاطعات، أما بالنسبة للجنايات فإن أمر النظر فيها يرجع إلى غرف الجنايات بمحاكم الاستئناف. واختصاص المحلي أو المكاني هو الذي يعطي للمحكمة صلاحية الفصل في دعوى ما بناء على أساس جغرافي تحقيقا لمصالح الخصوم وتقريبا للقضاء من المتقضين.
والدعوى المرفوعة من المجنى عليه بخصوص جنحة  انتزاع العقار والاعتداء عليه يرجع الاختصاص فيها إلى القضاء العادي ، ولا شك أن المحاكم الابتدائية هي المختصة للنظر في هذا النوع من الدعاوى لما لها من ولاية عامة ، بحيث تختص هذه المحكمة بالبث في جميع المخالفات والجنح إلا ما استثني منها بنص خاص ، أما الجنايات الواقعة على العقار مثل جرائم الإحراق التي تؤدي إلى القتل فتختص بها غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف ، فهذه الأخيرة تبث في النزاع ابتدائيا واستئنافيا ( الفصل 457 من ق م ج ) .
أما الاختصاص المكاني للجرائم الواقعة على العقار فيعود للمحكمة التي يوجد بدائرتها العقار محل الاعتداء، إذن فمكان الجريمة هو الذي يحدد اختصاص المحكمة، لأن هذا المكان توجد فيه آثار الجريمة، وذلك استنادا إلى الفصل 259 من قانون المسطرة الجنائية المغربي .
الفقرة الثانية : دور مؤسسة النيابة العامة في حماية العقار
إن من بين المستجدات التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية منح النيابة العامة[50] صلاحيات تتجاوز اختصاصها التقليدي في تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها ، وذلك في محاولة لتأهيل هذا الجهاز حتى يؤدي دوره كاملا في الرفع من مستوى العدالة الجنائية في المغرب .
وقد انصب اهتمام القانون الجديد على ضحايا الجريمة ، عموما وضحايا اعتداء على الحيازة  العقارية بصفة خاصة ، سيما أمام عدم تضمين القانون الجنائي  إجراءات أولية للحفاظ على الوضع الظاهر إلى أن يبث القضاء في الاعتداء على الحيازة ، خصوصا وأنها تظل بيد المعتدي لمدة قد يطول أمدها في انتظار نهاية المسطرة .
ولضمان استقرار الأوضاع الناشئة عن الحيازة الفعلية وحفظا للأمن العام وللحيلولة دون حصول الأفراد على ما يدعونه من حقوق عن طريق الجريمة وبغير الالتجاء إلى القضاء ، وحفاظا على استقرار المراكز القانونية للأطراف إلى أن تتغير بحكم قضائي لأجل كل ذلك فقد خول قانون المسطرة الجنائية للنيابة العامة بشروط معينة حماية الطرف المتضرر من جرائم الاعتداء ، على حيازة العقار عن طريق مباشرتها لصلاحيات قانونية محددة .
أولا : شروط تدخل النيابة العامة في حماية العقار
نصت المادة 40 من ق م ج بالنسبة لوكيل الملك على أنه " ...يجوز له إذا تعلق الأمر بانتزاع حيازة أن يأمر بإتخاد أي إجراء تحفظي يراه ملائما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ..."
كما نصت المادة 49 من ق م ج انه لوكيل العام للملك " يجوز له إذا تعلق الأمر بانتزاع حيازة بعد تنفيذ حكم أن يأمر باتخاذ أي إجراء تحفظي يراه ملائما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما كانت على أن يعرض هذا الأمر على المحكمة أو هيأة التحقيق التي رفعت إليها القضية أو التي سترفع إليها ، خلال ثلاثة أيام على الأكثر لتأييده أو تعديله أو إلغائه"[51] .
1) شرط الاعتداء على الحيازة بعد تنفيذ حكم
لا يكفي لتدخل النيابة العامة في منازعات الحيازة ، أن يتحقق اعتداء على حيازة الغير للعقار بمفهوم الفصل 570 من ق ج ، وإنما يتعين أن يتحقق هذا الاعتداء بعد تنفيذ حكم سواء كان هذا الحكم قد صدر في إطار دعوى جنائية أو في دعوى مدنية وثم تنفيذه كدعوى استرداد الحيازة مثلا  ، وسواء أكان هذا الحكم المنفذ قد صدر عن قضاء عادي أو استثنائي أو عن القضاء استعجالي ، وحصول المنفذ له على محضر التسليم من طرف العون القضائي مثلا ، والحكمة من ذلك أن الاعتداء على حيازة الغير للعقار بعد تنفيذ حكم ينهض في الحقيقة ، قرينة قوية على سند المنفد له في أحقيته في الحيازة[52] .
2) شرط الملائمة لتدخل النيابة العامة لحماية الحيازة
ومفاد ذلك أن إصدار الأمر بإجراء تحفظي لحماية الحيازة من عدمه أمر جوازي تقوم به النيابة العامة أو لا تقوم به حتى مع قيام الجريمة التي تعرضها أمام المحكمة المختصة أو الهيئة التحقيق ، كما لها أن تقدم في حالة اعتقال لحالة التلبس أو عدم التوفر على الضمانات الكافية للحضور تقييدا بأحكام المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية ، ولها أيضا ألا تقدمه في حالة سراح أو ألا تقدم الملف للجهة المختصة دون أن تتدخل لحماية الحيازة . غير أن إرجاع الحالة أو اتخاذ  إجراء تحفظي يبقى إجراء مؤقتا إلى حين النظر فيه من طرف المحكمة التي تبث في الموضوع أو هيئة التحقيق ، فالنيابة العامة عليها أن تعمل على إحالة الإجراءات المتخذة داخل ثلاثة أيام إلى المحكمة التي ستبث في الموضوع أو إلى هيئة التحقيق[53] .
ثانيا :مجال تدخل النيابة العامة في منازعات الحيازة
طبقا للمادتين 40 و 49 من قانون المسطرة الجنائية، فإنه بتحقق انتزاع حيازة الغير لعقار بعد تنفيذ حكم قضائي قضى بها، تخول للنيابة العامة التدخل قصد تعزيز حماية الحائز ومن ثم حماية الأمن العام، بمجرد الاعتداء على الحيازة العقارية. وبذلك لم يكتفي المشرع بحماية السلطة الإدارية ، وخاصة أجهزة الأمن بوقف أي عدوان حال على الحيازة ، والاقتصار على هذه الحماية ذات الطابع  الوقائي ، وإنما دعمها قانون المسطرة الجنائية ، عن طريق الحماية القضائية لمركز الحائز سواء في صورة وقائية، ترمي إلى وقف العدوان الحال أو المستقبل أو في صورة علاجية ترمي إلى محو الاعتداء الواقع عليه  ورد الحيازة المسلوبة إلى الحائز ، ولو عن طريق اتخاذ تدابير قسرية ، بتسخير القوة العمومية لإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ، وإذا كان الاعتداء على الحيازة العقارية يؤدي من غير شك إلى وضع الجاني والمجني عليه في مركزين مغايرين لما كان عليه قبل الجريمة ، فإن هذا الوضع يقتضي عن حق إسعافا آنيا ومستعجلا لإبقاء ما كان على ما كان ، ولهذه الغاية خول المشرع المغربي صلاحية جديدة للنيابة العامة مؤداها إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بالنظر لسهولة تحرك النيابة العامة في مثل هذه الظروف ، وهو ما لا يتحقق في أغلب الأحوال لقضاء الموضوع ، بالنظر للبطء الشديد الذي تسير به عدالته وذلك لمنع استخدام القوة لتغيير الوضع القائم وتجنبا لكل ما من شأنه أن يلحق ضررا فادحا بالحائز مما لا يمكن تداركه .
وفضلا عن إمكانية إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ، فإنه يجوز للنيابة العامة أن تأمر بأي إجراء تحفظي لحماية الحيازة ، غير أن المادتين 40 و 49 لم تشر إلى نوع الإجراء التحفظي الممكن اتخاذه من طرف النيابة العامة ، ولو على سبيل المثال مما خلق غموضا في النصين ينعكس أثره سلبا على العمل القضائي عند التطبيق ، لذلك كان على المشرع الاقتصار على تخويل النيابة العامة حق اتخاذ ما تراه مناسبا من الإجراءات والتدابير لحماية الحيازة من غير حاجة إلى وصف الإجراء المذكور بكونه تحفظيا،
لأن المعنى يستقيم بدون هذا الوصف ، سيما أن هذه الإجراءات تستهدف المحافظة على وضع قائم وتتسم بالسرعة والاستعجال ولا تغير من المركز القانوني للأطراف[54] .
والمشرع المغربي لم يحدد بشكل واضح طبيعة أمر النيابة العامة بإجراء تحفظي هل هو قرار إداري يخضع لرقابة القضاء الإداري، أم هو قرار قضائي ؟
ويبدو أن قرار النيابة بالقيام بإجراء تحفظي يبقى ذا طابع قضائي لأن النيابة العامة تستمد ذلك من القانون وخضوع أعمالها لرقابة جهة قضائية مختصة وأن الإجراء المتخذ يكون في نطاق ضيق ووقتي.
كما أن المشرع المغربي في المادتين49 و 40 من  قانون المسطرة الجنائية لم ينص  بشكل واضح وصريح على واقعة تعليل الأمر الصادر عنها شأنه في ذلك شأن التشريع الجنائي المصري في المادة 373 مكرر من قانون العقوبات مع اختلاف بسيط بالنسبة لهذا القانون الذي ألزم فيه القاضي الجزائي المختص أن يصدر قرارا مسببا خلال ثلاثة أيام على الأكثر بتأييده أو بتعديله أو بإلغائه .
ولقد أجمع الفقه[55] على أن تسبيب أمر النيابة العامة أمر واجبا ، وإن لم يكن من القيود التشريعية المستخدمة صراحة على نحو ما فعل المشرع بالنسبة للقاضي الجزائي ، إلا أنه لم يعد من القيود المستفادة صراحة من المادة بدون نص.
وتجدر الإشارة إلى أن المادتين 40 و 49 لم تتحدثا عن طريقة عرض النزاع على النيابة العامة، وإذا كان الأمر كذلك فإنه ينبغي ألا يغيب عن الأذهان الحكمة من وراء المادتين التي تكمن أساسا في رغبة المشرع حسم هذه المنازعات على وجه السرعة ، ومتى كان الأمر كذلك ، فمن الطبيعي أن يكون طرح النزاع أمام النيابة العامة بإجراءات ميسرة تختلف عن الإجراءات المتبعة أمام المحكمة أو القضاء المستعجل ولذلك فقد استقر الفقه على أن عرض النزاع أمام النيابة العامة يتحقق في أي شكل من أشكال الإبلاغ سواء اتخذ صورة شكوى أو بلاغ أو محضر شرطة أو درك...،وقد يتحقق بحضور الخصوم أنفسهم [56] .
الفقرة الثالثة : أحكام  القضاء الزجري في دعاوى العقار
لا تكتمل الحماية القضائية للحقوق بمجرد صدور المقررات القضائية وإقرار الحماية الموضوعية بل تظل هذه الحماية رهينة بتحقيق شقها الثاني هو الحماية التنفيذية التي تؤدي إلى ترجمة منطوق الحكم إلى الواقع الخارجي ليصبح موافقا له .
وإذا كانت الغاية من إصدار الأحكام هي الفصل في النزاعات والخصومات طبقا للقانون فتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الثقة للمتقاضين وضمان حقوقهم وزرع الطمأنينة في أنفسهم لا يتأتى إلا إذا ترجمت هذه الأحكام إلى واقع ملموس عن طريق تنفيذها  تحقيقا للغاية المتوخاة من إصدارها ، إذ بدونها تبقى بدون جدوى .
غير أن تنفيذ الأحكام قد تعتريه صعوبات ، لذلك تم إقرار نظام الإشكال في التنفيذ ليكون الوسيلة القانونية التي يلجأ إليها من تعرض للخطأ في التنفيذ أو التعسف فيه لرد هذا التنفيذ إلى ما يتفق وحكم القانون .
وسنتعرض لتنفيذ الأحكام أو القرارات والأوامر الصادرة بشأن الاعتداء على العقار والإشكاليات التي تعترض عملية التنفيذ من خلال النقطتين التاليتين :
أولا: تنفيذ الأحكام والمقررات في قضايا النزاع العقاري
يعتبر الحكم الصادر من المحكمة المختصة بشأن المنازعات العقارية أقوى السندات التنفيذية ، الذي يصبح قابلا للتنفيذ بمجرد صدوره ، ذلك أن القاعدة العامة تقضي بأن الأحكام الزجرية عامة تنفذ متى صارت نهائية أي استنفذت كل طرق الطعن العادية وغير العادية[57] .
أما بخصوص تنفيذ القرار الصادر من محكمة الجنح بشأن الحيازة الذي يعتبر أقوى سندات التنفيذ، فيكون قابلا للتنفيذ فور صدوره سواء بالتأييد أو بالإلغاء ولو مع حصول استئنافه ، وذلك بحكم طبيعته الوقتية ، فهو يأخذ صفة الاستعجال مما لا يسوغ معه التأخير في تنفيذه ويصبح نهائيا .
ويبدأ التنفيذ بأمر يصدر من جهة يخول لها القانون هذا الاختصاص ومن المنطقي أن تكون الجهة التي تمتلك سلطة الادعاء الجنائي ،وهي النيابة العامة ، والوسيلة الإجرائية التي تملكها لكي تضع الأوامر والقرارات والأحكام الصادرة بشأن الحيازة موضع التنفيذ هي إصدار "  أمر التنفيذ  " المادة 597 من ق م ج )[58] .
وتتولى النيابة العامة تنفيذ هاته الأوامر والقرارات والأحكام بالطريق الإداري وذلك بتوجيه أمر التنفيذ إلى مركز أو قسم الشرطة الذي يقع بدائرة العقار موضوع التنفيذ، ويحق لوكيل الملك أو للوكيل العام للملك أن يسخر القوة العمومية لهذه الغاية .
       وعملا بنص المواد 40 و 49 من ق م ج، لا يعتبر الأمر الصادر من النيابة العامة باتخاذ إجراء تحفظي لحماية الحيازة سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ فهو لا يكتسب صفة السند التنفيذي إلا بعد تأييده من طرف هيئة التحقيق أو المحكمة، وبذلك يضمن  المشرع مراجعة أمرها بواسطة القاضي مما يحقق العدالة ويضع الأمور في نصابها [59].
ومسطرة تنفيذ الحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه يتحدد حسب طبيعته القانونية ، وعليه فإنه إذا اعتبر الحكم بإرجاع الوضع إلى حاله تعويض عينيا يتم الحكم به في إطار الدعوى المدنية التابعة التي يمارسها الطرف المتضرر ، فإن تنفيذه يخضع في ذلك لمسطرة تنفيذ الأحكام المدنية والتي تندرج ضمن القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية ، وذلك بناءا على طلب من المستفيد أو من ينوب عنه ويتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم ، ولابد في هذا الإطار من الحصول على نسخة تنفيذية من الحكم القاضي بإرجاع الوضع إلى حاله ، وتبليغ الحكم موضوع التنفيذ للمحكوم عليه ، ولا يجري التنفيذ إلا بعد استصدار شهادة من كتابة الضبط تفيد عدم الطعن بالتعرض أو الاستئناف ضد الحكم موضوع التنفيذ أما إذا اعتبر إرجاع الوضع إلى حاله جزءا من العقوبة الزجرية فإن المسطرة المتبعة في تنفيذه هي التي تضمنتها قواعد المسطرة الجنائية المتعلقة بالمقررات القضائية ، وعليه يجري التنفيذ بطلب من النيابة العامة كلما أصبح الحكم غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن العادية والنقض لفائدة المترافعين ويكتسي بصفة نهائية قوة الشيء المقضى به [60].
ثانيا : الإشكاليات الناجمة عن تنفيذ المقررات الصادرة في الدعاوى العقارية
إذا كان القانون يضع قواعد يتعين احترامها حتى يصدر الحكم صحيحا ، ويصير قابلا للتنفيذ ، فإنه يضع أيضا قواعد يتعين التنفيذ وفقا لها ، ومما لاشك فيه ، أن مخالفة إحدى القواعد تستوجب منح صاحب المصلحة الوسيلة القانونية لتصحيح هذه المخالفة ، فهذا يقتضيه تطبيق مبدأ الشرعية في نطاق الإجراءات الجنائية وفي نطاق التنفيذ أيضا .
وتتمثل هذه الوسيلة في المنازعة التنفيذ لوجود صعوبات مادية أو قانونية تمنع السير العادي لإجراءاته ، ولذلك فإن دعوى الإشكال في التنفيذ تنحصر غايتها في البث بعبارة صريحة في طلب إيقاف التنفيذ المتنازع فيه ، ومن ثم فهذا الإشكال ليس طريقا من طرق الطعن في الأحكام لأن هذه الأخيرة محددة في القانون على سبيل الحصر وليست دعوى الإشكالات من بينها ، وإنما هي تظلم من إجراءات تنفيذها[61].
ولا يخفى ما لإشكالات التنفيذ في الأحكام الجنائية من أهمية تبدو في عدة مظاهر أبرزها أن التنفيذ هو الأثر القانوني للحكم ، ويمثل الهدف النهائي للإجراءات الجنائية ، والإشكال إذ يستهدف إعاقة التنفيذ، فهو يستهدف بطريق اللزوم إعاقة آثر الحكم . وكأي حكم قضائي  فإن إرجاع الحالة إلى ماكانت عليه من طرف المحكمة الزجرية قد لا يخلو من صعوبات في تنفيذه ، سواء في هوية المحكوم عليه أو في أجزاء الحكم أو أسبابه أو غير ذلك من الحالات التي يستوجب عرضها على الجهة المختصة بتدليل هذه الصعوبة.
وإذا كانت الجهات المخول لها إثارة الصعوبات في التنفيذ واضحة ، فإن الغموض يحوم حول الجهة القضائية المختصة بالبث في هذه الصعوبة إذا تعلق الأمر بالحكم القاضي بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ، ذلك أن هذا الأخير لا يتعلق الإشكال في تنفيذه فقط ، وإنما يزيد عن ذلك بتحديد السلطة المخولة لها قانونا البث في صعوبة هذا التنفيذ .
والواقع أن هذا الإشكال لم يكن ليطرح لولا غموض الطبيعة القانونية للحكم القاضي بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ، وتبعا لذلك انقسم الفقه على نفسه في تحديد الجهة المختصة بالبث في النزاعات العارضة المتعلقة بتنفيذه ، بحسب تكييفه القانوني له ، فالبعض أسند الاختصاص لقاضي المستعجلات سواء تعلق الأمر برئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ، مستندا في ذلك على الفصل 545 من ق م ج القديم والمطابق للمادة 598 التي تحيل على قانون المسطرة المدنية في تنفيذ التعويضات المدنية للمحكوم له ن وطبقا للفصلين 149 و 436 من ق م م [62] .
بينما ذهب البعض إلى أن الصعوبات الناتجة عن تنفيذ الأحكام الزجرية عموما ولو تضمنت مطالب مدنية، ينعقد الاختصاص فيه إلى المحكمة الجنحية أو الجنائية التي أصدرت الحكم ، استنادا إلى المادة 599 من ق م ج التي تنص على أنه " يرجع النظر في النزاعات العارضة المتعلقة بالتنفيذ إلى المحكمة التي أصدرت المقرر المراد تنفيذه " .
وهذا الرأي تبناه أغلب الباحثين إذن  فالمحكمة الزجرية مصدرة الحكم تكون هي صاحبة الاختصاص بالبث في الصعوبة من عدمها وكذا تدليلها ما دام أن هذه الصعوبة تهدف دائما إلى إيقاف تنفيذ لمصلحة مثيرها بطبيعة الحال ، وما دام أن الفصل 647 بعد ما حدد طريقة البث في الأمر أجاز لمحكمة حق إيقاف التنفيذ[63] .

                                        خاتمة الفصل الثاني:
بالنظر لما يعرفه العقار غير المحفظ من اعتداءات فقد تدخل المشرع المغربي من أجل حمايته وذلك عن طريق مجموعة من الدعاوى منها ما هو ذو طبيعة مدنية و منها ما هو ذو طبيعة جنائية.
  أما المبحث الثاني فقد تعرضنا فيه للحماية الجنائية للعقار وذلك بتناول شقيها الموضوعي و الإجرائي، و بينا هذه الحماية من منظور التشريع الجنائي الإسلامي الذي يعاقب عليها بالتعزير الذي قد تصل العقوبة فيه إلى حد الإعدام بحسب خطورة الجرم وذلك ضمانا للمال الذي يعتبر أحد الضرورات الخمس التي جاء الإسلام من أجل حمايتها.
وبما أن العقار قد يكون موضوعا لجرائم الإحراق والتخريب والإتلاف، فقد تعرضنا للعناصر التكوينية لهذه الجرائم وللعقوبات المقررة لها باعتبارها أكبر ضمان لمواجهة كل معتدي سولت له نفسه الاعتداء على عقار الغير وذلك استنادا إلى الفرع الثاني من الباب التاسع من القانون الجنائي، وبالنسبة لجريمة انتزاع عقار من حيازة الغير فقد أوضحنا أنها هي تلك الحماية التي يمنحها القانون الجنائي للحائز بسبب الاعتداء الذي يقع على شيء يبسط يده عليه بغض النظر عما إذا كانت هذه الحيازة قانونية أو واقعية أو هما معا وتطرقنا للعناصر التكوينية وللعقوبات المقررة لها في الفصل 570 من ق.ج. وبما أن الحماية الموضوعية تبقى دون فعالية إذا لم يواكبها الجانب المسطري  لهذا فقد تعرضنا للشق الإجرائي وذلك من خلال الحديث عن كيفية تحريك الدعوى العمومية ومن له الحق في تحريكها إضافة إلى الأدوار الجديدة للنيابة العامة في إرجاع الحالة إلى وضعها، ثم إلى إصدار الأحكام و تنفيذها والإشكالات المترتبة عن عملية التنفيذ، كل هذا من أجل الوصول إلى حماية فعالة و مضمونة للعقار.













                                              خاتمة عامة
تعتبر قضايا العقار من القضايا الشائكة التي تحتاج إلى بحث طويل وشاق ، وإلى التدرب على أساليب الفقهاء والقضاء ،
    ونظرا لما يحظى به العقار من أهمية فقد تدخل المشرع المغربي من أجل حمايته بمجموعة من الدعاوى منها ما هو ذو طبيعة مدنية ومنها ما هو ذو طبيعة جنائية،

وبما أن العقار قد يكون موضوعا لمجموعة من الجرائم فقد تطرقت للحماية الجنائية التي أقرها المشرع المغربي، وذلك من خلال المبحث الأخير، الذي استعرضت فيه كل من الحماية الموضوعية والإجرائية للعقار في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية .
كما تعرضنا لمختلف الجرائم الواقعة على العقار في التشريع الجنائي المغربي والمقارن والعقوبات المقررة لها باعتبارها أكبر ضمان لمواجهة كل معتد تسول له نفسه الاعتداء على عقار الغير، حيث تطرقنا لجرائم الإحراق وجرائم التخريب والإتلاف وجرائم انتزاع العقار من حيازة الغير التي جاء بها الفصل 570 من ق ج  .
ونظرا لأن الحماية لا تقتصر على الشق الموضوعي ، فقد تطرقنا شرحا وتوضيحا للجانب الإجرائي من خلال توضيح كيفية تحريك الدعوى العمومية ومن له الحق فيها ، ثم للأدوار التي أنيطت بالنيابة العامة من أجل حماية العقار ، ليتأتى بعد ذلك دور القضاء بإصدار أحكام فاصلة في المنازعات العقارية التي لا يخلو أمر تنفيذها من صعوبات فحاولنا توضيح الجهة المختصة للنظر في صعوبة التنفيذ، في كل حالة تمت إثارة إشكالات تنفيذ هذه الأحكام .
كل ما سبق حاولنا مناقشته على ضوء الآراء الفقهية ، والنصوص القانونية الوطنية والمقارنة ، مع تطبيقاتها العملية في القرارات القضائية التي أصدرها المجلس الأعلى .
أهم النتائج المتوصل إليها:
- وتأسيسا على ما سبق نخلص إلى أن الأنظمة العقارية بالمغرب تتسم من جهة بالتعدد ومن جهة أخرى بكثرة النصوص القانونية و تقادمها – وتضاربها أحيانا – المؤطرة لكل نظام عقاري على حدة ، وكنتيجة طبيعية لهذا الوضع بدأ الدارس والباحث والمهتم يلمس أزمة حقيقية في مجال العقار على مستوى تداخل المجالات المحسوبة على كل نظام مع تعدد وتقادم يصل إلى حوالي قرن من الزمن، بل وتعارض النظم القانونية المؤطرة لأنواع الأملاك العقارية المختلفة وهو الأمر الذي انعكس و ينعكس سلبا على التنمية بكل مجالاتها ، ويقف حجر عثرة أما تدبير محكم للمجال العقاري المغربي .
-  على مستوى تكوين ملك الدولة الخاص ، تتعامل الدولة تارة كشخص عادي حيث تتنافس شأنها شأن الأشخاص العاديين من أجل إغناء ذمتها بالأموال العقارية .
وذلك وعيا منها بجسامة مهمتها ودورها تجاه المجتمع ، ورغبة منها في إشباع حاجاته بالخدمات الضرورية ، وتارة أخرى تتعامل كسلطة إدارية عامة ، ويتجلى ذلك في كل من نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، والمصادرات....
-  كما اتضح لنا أن شروط الحيازة في الفقه المالكي والقانون متقاربة إلى حد ما ، فشرط الاستمرار في القانون يقابله طول مدة الحيازة في الفقه ، وشرط الهدوء يقابله عدم الإكراه وعدم اعتبار الحيازة الحاصلة بالغضب ووجوب كونها بطريق شرعي ، ودون منازعة المحوز عليه للحائز ، كما أن شرط العلنية يقابله النسبة ، وادعاء ملكية المحوز ونسبة الناس ذلك إلى الحائز مع حضور المحوز عليه وعلمه بذلك .
وشرط عدم الالتباس أي كون الحيازة واقعة على الشيء المملوك للحائز لا على الشيء الذي يملك منفعته فقط يقابله فقها أن حيازة الانتفاع غير معتبرة ولا أثر لها . وأن العمل القضائي المغربي على مدى القرن الماضي يشكل أساس يمكن الرجوع إليه واعتماده عند أي تعديل للقانون العقاري .
-  استنتجنا أيضا أن شروط الحيازة هي موانع الاستحقاق ، ذلك أنه بتوفر هذه الشروط يمتنع على المحوز عليه المطالبة بحقه ، لأن سكوته طول مدة الحيازة مع حضوره ورؤيته للحائز يتصرف في الشيء المحوز بشتى أنواع التصرفات يعتبر رضى منه على ذلك ، فالمتعارف عليه بين الناس أن الإنسان لا يترك ماله بيد غيره ، ولا يحرك ساكنا من غير مانع يمنعه من ذلك  بحيث إذا مرت المدة المعتبرة في الحيازة مع توفر شروطها ، وقام هذا المحوز عليه يطالب بحقه فإنه يصير مدعيا لغير العرف ، وتصبح دعواه غير مسموعة .
 - كما يلاحظ في قانون المسطرة الجنائية  مساس بوحدة بعض المصطلحات المستعملة في التشريع الجنائي في الزجر عن جرائم الاعتداء على العقار بالطبيعة ، ولنأخذ مثلا ما ورد في المادة 41 منه من أنه يمكن للمتضرر أو المشتكي به ، قبل إقامة الدعوى العمومية ، وكلما تعلق الآمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين سجنا أو أقل ، في حين أن مصطلح السجن لا يطلق على العقوبات السالبة للحرية لمدة سنتين ، وإنما يطلق عليها مصطلح " الحبس " طبقا للتحديدات المبينة في الفصلين 16 و 17 من القانون الجنائي .
- كما يلاحظ أيضا أن المقتضيات الموضوعية لحماية الحيازة من الناحية الجنائية يكتنفها النقص، ذلك أن قضايا انتزاع الحيازة بفعل جرمي تستحق أكثر من نص قانوني عوض الاقتصار على فصل يتيم يؤطر قضايا تشغل حيزا هاما من القضايا الرائجة أمام المحاكم المغربية .
-  تخبط العقار غير المحفظ بمجموعة من المشاكل رغم أنه يمثل نسبة حوالي 3/2 وبالتالي كثرة قضاياه أمام المحاكم ، إضافة إلى قلة الضمانات التي يمنحها وذلك راجع بالأساس إلى تشتت مصادره ما بين الفقه الإسلامي والقانون المدني مما يضع القاضي الذي يعرض عليه النزاع أمام صعوبة تحديد القانون الواجب التطبيق وهو ما لمسنه من خلال قرارات المجلس الأعلى ، كما أن تحديد المراجع المتعلقة بالفقه الإسلامي في موضوع النزاع يتطلب رصيدا فقهيا متينا من القاضي .
ومساهمة منا في معالجة المشاكل التي يتخبطها العقار بالطبيعة في المغرب نقترح :
* ضرورة تحين القانون العقاري و تشجيع سياسة التحفيظ العقاري وتعميمها ، وتكثيف الإعلانات الهادفة إلى إثارة انتباه الملاك لأهمية التحفيظ العقاري في حفظ العقار واستقراره ، ولعل الدافع إلى إبداء هذا الاقتراح يكمن في دور الرسم العقاري الذي يطهر العقار ، ليس فقط من الحقوق السابقة على تأسيسه إذا لم تسجل فيه ، وإنما يطهره أيضا من إمكانية اعتبار الحيازة القانونية تؤدي إلى تملكه لاندماج حيازة العقار المحفظ مع ملكيته الثابتة في الرسم العقاري ، وهي ميزة كفيلة بتحقيق العديد من الأهداف جملة واحدة ، بدءا بإصلاح البنية العقارية وأيضا بالقضاء نهائيا على مشاكل الحيازة مدنيا وحد منها جنائيا، ذلك أن العقار المحفظ أقل استهدافا لفعل انتزاع حيازته مقارنة مع العقار غير المحفظ.
* إنشاء محاكم عقارية متخصصة في النزاعات العقارية وتكوين قضاة أكفاء ومتخصصين .
* يجب إصدار قوانين زاجرة تحد من تلاعبات أصحاب النيات السيئة من الانتهازيين في المجال العقاري الذين يتحايلون على أراضي الجموع وأملاك الدولة والملك الحبسي .
* مراجعة الوضع الذي  توجد عليه أراضي الجيش والأملاك الجماعية السلالية وأراضي الأحباس وملك الدولة الخاص لجعلها ملائمة لمتطلبات العصر .
* القيام بإحصائيات دقيقة حول العقارات والتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة في الميدان العقاري مثل المكتب الجهوي للاستثمار والمحافظات العقارية والوزارات المعنية
* تبسيط المساطر الإدارية والقضائية المتعلقة بالعقارات
* النص صراحة في الفصل 570 من القانون الجنائي على الحيازة المراد حمايتها وهي الحيازة المادية والفعلية للعقار تجنبا لكل تأويل .















الفهـرس

4
مقدمة
12
  الفصل الأول : الأحكام العامة للعقار بالطبيعة
13
   المبحث الأول: ماهية العقار بالطبيعة وملكيته 
14
    المطلب الأول : مفهوم العقار بالطبيعة وتطوره
14
    الفقرة الأولى : مفهوم العقار بالطبيعة
22
    الفقرة الثانية : نظرة تاريخية عن الوضعية القانونية للعقار بالمغرب  
31
    المطلب الثاني: الملكية العقارية
32
    الفقرة الأولى: عناصر حق الملكية ونطاقها 
38
    الفقرة الثانية: الحيازة كمظهر للملكية العقارية
47
   المبحث الثاني : أنواع العقارات بالمغرب
48
   المطلب الأول : أنواع العقارات بالنظر إلى طبيعتها والأنظمة القانونية التي                                    تخضع لها .
48
    الفقرة الأولى : أراضي الجموع وأراضي الجيش
57
    الفقرة الثانية : أملاك الدولة وأملاك الأحباس
64
  المطلب الثاني : أنواع العقارات بالنظر إلى خضوعها لنظام التحفيظ                                                                                             أو عدمه :
64
    الفقرة الأولى : الإطار القانوني للعقارات غير المحفظة

   
84
     خاتمة الفصل الأول
86
  الفصل الثاني : الحماية القانونية للعقارات
87
   المبحث الأول : الحماية المدنية للعقارات
88
    المطلب الأول : حماية العقار عن طريق دعوى الاستحقاق
88
    الفقرة الأولى : أسس دعوى الاستحقاق
96
    الفقرة الثانية : القواعد الموضوعية للفصل في دعوى الاستحقاق
104
    الفقرة الثالثة : القواعد المسطرية للفصل في دعوى الاستحقاق
109
    المطلب الثاني : حماية العقار عن طريق دعاوي الحيازة
112
    الفقرة الأولى : الأحكام المشتركة لدعاوي الحيازة
115
    الفقرة الثانية : أنواع دعاوي الحيازة
120
     الفقرة الثالثة : المسطرة المتبعة لرفع دعاوي الحيازة
127
   المبحث الأول : الحماية الجنائية للعقارات
128
    المطلب الأول : الحماية الموضوعية للعقار
128
    الفقرة الأولى : الحماية الجنائية للعقار في الفقه الإسلامي
130
    الفقرة الثانية : الحماية الجنائية لبنية العقار
140
    الفقرة الثالثة : الحماية الجنائية للحيازة العقارية
148
    المطلب الثاني : الحماية الإجرائية للعقار
148
    الفقرة الأولى : خصوصية مسطرة المتابعة بالدعاوي العقارية
152
    الفقرة الثانية : دور مؤسسة النيابة العامة في حماية العقار
155
    الفقرة الثالثة : أحكام القضاء الزجري في دعاوي  العقار 
159
    خاتمة الفصل الثاني
161
    خاتمة عامة
166
   لائحة المصادر
176
   الفهرس




[1]- عبد الخالق أحمدون : نظام التحفيظ العقاري ، مرجع سابق ، ص 4 .
[2]- أبو مسلم الحطاب : مرجع سابق ، ص 74 .
 -[3]كنزة غانم : مرجع سابق ، ص 53 و 54 .
[4]- الفاضل الخمار : الجرائم الواقعة على العقار ، دار  هوامه للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى 2006 ، ص 65 .
[5]- جندي عبد المالك : الموسوعة الجنائية ، الجزء الثالث ، دار إحياء التراث العربي بيروت 1976 ، ص 163 – 164 .
[6]- نفس المرجع ص 180 .
[7]- عبد السلام بنحدو : الوجيز في القانون الجنائي المغربي ، المقدمة والنظرية العامة ، طبعة 1996 ، ص 163 .
299- ينص الفصل 396 /1و2 من قانون العقوبات الجزائري على أنه : " يعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل من وضع            النار عمدا في الأموال الآتية إذا لم تكن مملوكة له :
       - مبان أو مساكن أو غرف أو خيم أو أكشاك ولو متنقلة أو بواخر أو سفن أو مخازن أو ورش إذا كانت غير مسكونة أو غير مستعملة للسكن "

[9]- ينص الفصل 584 من ق ج المغربي " في جميع الحالات المشار إليها في الفصول 581 إلى 583 ، إذا ترتب عن الحريق العمد موت شخص          أو أكثر، فإن مرتكب الحريق يعاقب بالإعدام وإذا ترتب عن الحريق جروح أو عاهة مستديمة ، فالعقوبة هي السجن المؤبد " .
[10]- ينص الفصل 402 من القانون الجنائي " إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل العنف أو الإيذاء قد نتج عنه فقد عضو أو بثره أو           الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أي عاهة دائمة أخرى فإن العقوبة تكون السجن من خمسة إلى عشر سنوات ، وفي حالة توفر سبق            الإصرار أو الترصد أو استعمال السلاح يكون العقوبة السجن من عشر إلى عشرين سنة "
[11]- تنص المادة 405 مكرر من قانون العقوبات الجزائري : " يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 10.000 إلى                    20.000 دينار كل من تسبب بغير قصد في حريق أدى إلى إتلاف أموال الغير ، وكان ذلك نشأ عن رعونته أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه              أو إهماله أو عدم مراعاة للنظم" .
[12]- أبو مسلم الحطاب : مرجع سابق ص 90 .
[13]- عبد المالك الجندي: الموسوعة الجنائية ، مرجع سابق ص 365 .
[14]- كنزة غانم : مرجع سابق ص 67 .
 -[15]فاضل الخمار : مرجع سابق ص 72.
[16]- ينص الفصل 585 من القانون الجنائي المغربي على أنه " تطبق العقوبات المقررة في الفصول 580 إلى 584 ، حسب التفصيلات المقررة            فيها ، كل من خرب عمدا بواسطة مفرقعات أو أي مادة متفجرة كلا أو جزءا من مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى أو باهرة أو سفينة أو         ناقلة من أي نوع أو عربة أو طائرة أو متجر أو ورش آو إحدى ملحقاتها ، وعلى العموم أي شيء منقول أو عقار من أي نوع كان ويعاقب              على المحاولة كالجريمة التامة ".
[17]- ينص الفصل 586 من ق ج م على أن " من خرب عمدا بواسطة مفرقعات أو آية مادة متفجرة ، مسالك عامة أو خاصة أو حواجز أو سدود أو          طرقا أو قناطر صناعية ، يعاقب بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة ، ويعاقب على المحاولة كالجريمة التامة " .
[18]- ينص الفصل 590 من ق ج م على " من خرب أو هدم عمدا بأية وسيلة كانت ، كلا أو بعضا من مبان أو قناطر أو حواجز أو سدود أو طرق          أو منشآت صناعية يعلم أنها مملوكة لغيره وكذلك من تسبب في انفجار آلة تجارية أو تخريب محرك آلي في منشآت صناعية ، يعاقب بالسجن          من خمس سنوات إلى عشر.
        وإذا نتج عن الجريمة المشار إليها في الفقرة السابقة قتل إنسان أو جروح أو عاهة مستديمة للغير ، فإن الجاني يعاقب بالإعدام في حالة القتل            والسجن من عشر إلى عشرين سنة في الحالات الأخرى " .
[19]- ينص الفصل 595 من ق ج م على أنه " يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم من خرب أو هدم أو كسر         أو عيب ، عمدا شيئا مما يـأتي :
      بناء أو تمثالا أو رسما أو أي شيء آخر مخصص للزينة أو المنفعة العمومية أنشأته أو وضعته السلطة العامة أو أذنت به .
      بناء أو تمثالا أو رسما أو شيئا ما له قيمة فنية موضوعا في متحف أو مكان مخصص للعبادة أو في أي مبنى مفتوح للجمهور " .

[20]- ينص الفصل 606 من ق ج م على ما يلي : " من ردم كلا أو جزءا من خندق أو أتلف كلا أو جزءا من سياج مهما تكن المادة التي صنع منها          أو قطع أو قلع حسك أخضرا ، أو جافا أو نقل أو أزال نصبا أو أي علامة أخرى مغروسة أو متعارف إليها لإثبات الحدود الفاصلة بين                    العقارات المختلفة يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم " .
[21]- أبو مسلم الحطاب : مرجع سابق ص 100
[22]- ينص الفصل 598 من ق ج م على أنه " في غير الحالات المشار إليها من الفصلين 518 فإن من قطع حبوبا أو كلأ يعلم أنه مملوك لغيره ،             يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من مائتين وخمسين درهما .
       فإذا كانت الحبوب لم تنضح بعد ، فإن الحبس يكون من شهرين إلى ستة أشهر ".
[23]- ينص الفصل 599 ق ج م على أنه " في غير الحالات المشار إليها في الظهير الخاص بقانون الغابات فإن من اقتلع شجرة أو أكثر وهو يعلم            أنها مملوكة لغيره ، أو قطعها أو عيبها أو أزال قشرتها بطريقة تميتها أو أتلف أطعمة أو أكثر مغروسة ، يعاقب على التفصيل الآتي : استثناء            من قاعدة عدم تعدد العقوبات المقررة في الفصل 120 :
       بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائتين وخمسين درهما عن كل شجرة ، بشرط ألا يتجاوز مجموع عقوبات الحبس خمس سنوات .
       بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرمة من مائة وعشرين إلى مائتي درهم عن كل طعمة ، بشرط ألا يتجاوز مجموع عقوبات الحبس سنتين "

[24]- فاضل الخمار: مرجع سابق، ص 13.
[25]- حسن البكري : الحماية القانونية لحيازة العقارات في التشريع الجنائي المغربي ، مكتبة الرشاد  ص، 20 .
[26]- قرار المجلس الأعلى ن عدد 1158/6 ، المؤرخ في 8/7/2009 ملف جنحي عدد : 10100/08 ، منشور بمجلة الملف ، العدد 16 – أبريل           2010 ص 298 .
[27]- قرار عدد 1347 / 98 صادر بتاريخ 24/12/1998 في الملف الجنحي رقم 434/97  ( مشار إليه في رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا                 المعمقة في القانون الخاص " الحماية الجنائية لحيازة العقار في القانون المغربي " ليوسف بن طامة كلية الحقوق بوجدة ، ص 19 .
[28]- قرار المجلس الأعلى 2327 /8 صادر بتاريخ 23/07/1998 ملف جنحي عدد 23698/3/93 مشار إليه في مقال لفاطمة الزهراء علاوي              تحت عنوان الحماية الجنائية لحيازة العقار في القانون المغربي منشور بمجلة القانون المغربي ، العدد 10 شتنبر 2006 ، ص 56 .
[29]- قرار المجلس الأعلى عدد 506/3 صادر بتاريخ 23/07/1998 ملف جنحي عدد 23698/3/93 ، مجلة القانون المغربي عدد10  ، ص 56.
[30]- قرار المجلس الأعلى عدد 6783 صادر بتاريخ 09/09/1993 ملف جنحي عدد 23907/91 ، نفس المرجع ،ص 58.
[31]- قرار المجلس الأعلى عدد 2415/6/95 صادر بتاريخ 25/10/1995 ملف جنحي عدد 29931/94 ، نفس المرجع ، ص 60 .
[32]- قرار المجلس الأعلى عدد 272  صادر بتاريخ 05/05/1985 ، مشار إليه لدى محمد القدوري " حيازة العقار كدليل على الملك ، دار الأمان،         الرباط ، ص 178 .
[33]- محمد القدوري : حيازة العقار كدليل على الملك وسبب فيه في ضوء الفقه المالكي ولقضاء المغربي دار الأمان ، الرباط ص 179 .
[34]- كنزة غانم : مرجع سابق ، ص 38 وما بعدها .
[35]- قرار المجلس الأعلى عدد 330 بتاريخ 5 فبراير 1970 ، مشار إليه في رسالة يوسف بن طامة ، مرجع سابق ص 23. 
[36]- قرار المجلس الأعلى 2477 بتاريخ 12/03/1991 في الملف الجنائي 26622 /89 ، مشار إليه في مجلة الملحق القضائي ، العدد 37 ، في            مقال الحيازة  وحمايتها في الميدان المدني والزجري ، ليحيى بلحسن ص 73 .
[37]- قرار المجلس الأعلى : رقم 1552 صادر بتاريخ 26/11/81 في الملف الجنحي رقم 650/71 منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 131 ص           142 .
[38]- مقنى بن عمار : جريمة التعدي على الحيازة العقارية في التشريع الجزائري والمقارن ، مقال منشور بالمجلة المغربية للمنازعات  القانونية              عدد 9/2009 ، ص 28 وما بعدها .

[40]- الفاضل خمار : مرجع سابق ص 36 .
[41]- لقد عرف المشرع المغربي في الفصل 303 من ق ج على أنه " يعد سلاحا في تطبيق هذا القانون جميع الأسلحة النارية والمتفجرات وجميع            الأجهزة والأدوات أو الأشياء الواخزة أو الرادة أو القاطعة " ، إلا أن الخناجير المستعملة وكذلك السكاكين ومقصاة الجيب والعصي فإنها لا               تعتبر سلاحا إلا إذا استعملت للقتل أو الجرح أو الضرر أو التهديد .
[42]- عبد السلام بنحدو : مرجع سابق ص 108 .
[43]- عبد السلام بنحدو : الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية ، طبعة 2008 ، ص 40 و 41 .
[44]- خالد عدلي أمير : مرجع سابق ص 159 .
[45]- عبد السلام بنحدو : مرجع سابق ص 42 .
[46]- مصطفى حلمي : مرجع سابق ص 79 .
[47]- الفصل 451 من قانون الالتزامات والعقود .
[48]- أبو مسلم الحطاب : مرجع سابق ، ص 133 .
[49]- عبد السلام بنحدو : مرجع سابق ص 160 .
[50]- نقصد بالنيابة العامة على امتداد هذا الفصل كل من وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية ونوابه ، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ونوابه          وذلك نظرا للتشابه الحاصل في اختصاصاتهما مع في العقار .
[51]- محمد القدوري : مرجع سابق ص 185 .
[52]- عبد الناصر الحمداوي : الحيازة بين الفقه المالكي والقانون المغربي ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة محمد الأول ،                                  كلية الحقوق بوجدة ، السنة الجامعية 2009 -2010 ص 100 و 101 .
[53]- كنزة غانم :  مرجع سابق ص 112 .
[54]- مصطفى حلمي : مرجع سابق ص 93 .
[55] - محمد المنجي : في دراسة تأصيلية من الناحيتين المدنية والجنائية ، الطبعة الثانية 1985 ص 393 .
 [56]- عبد الناصر الحمداوي : مرجع سابق ص 101 .
 -[57]مصطفى حلمي : مرجع سابق ص 102 .
[58]- تنص المادة 597 من ق م ج " تقوم النيابة العامة والطرف المدني كل فيما يخص بتتبع تنفيذ المقرر الصادر بالإدانة حسب الشروط                      المنصوص عليها في هذا القسم :
      - يقع التنفيذ بطلب من النيابة العامة عندما يصبح المقرر غير قابل لأي طريقة من طرق الطعن العادية ، أو للطعن بالنقض لمصلحة الأطراف .
      - يحق لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك أن يسخر القوة العمومية لهذه الغاية ."
[59]-  مصطفى مجدي هرجة :  مرجع سابق ، ص 23 .
[60]-  إبراهيم  البحماني : مرجع سابق ،ص 35 و 36 .
[61]-  كنزة غانم :  مرجع سابق ، ص 139 ومابعدها .
[62]-  إبراهيم البحماني ، مرجع سابق ص 177 وما بعدها .
[63]-  يوسف بن طامة مرجع سابق ، ص 52 .

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *