-->

حماية المستهلك في مجال القروض



إن صدور قانون حرية الأسعار والمنافسة أدى إلى توطيد العلاقة ما بين القاعدة القانونية والمعاملات الاقتصادية، التي عرفت تطورا في الولايات المتحدة الأمريكية وفي دول الاتحاد الأوربي. وهو الأمر الذي أفرز ظاهرة قانونية جديدة عرفت في الفقه المقارن باسم "القانون الاقتصادي"، الذي يعتبره البعض بمثابة القانون المتخصص في تنظيم وتفعيل العلاقات الاقتصادية، سواء صدر ذلك عن الدولة أو الإرادة الخاصة أو باتفاقهما. ويعرفه البعض الآخر ـ أي القانون الاقتصادي ـ بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي يتلخص موضوعها في منح السلطات العمومية إمكانية التصرف بكل فعالية في الاقتصاد. في حين يرى اتجاه ثالث بأن القانون الاقتصادي يعيش بدون تعريف لأنه بكل بساطة هو القانون الذي يتولى تنظيم الاقتصاد.وهكذا يتضح أن القانون والاقتصاد يتصفان بالتكامل، لذلك فالغاية من ارتباط قواعد المنافسة بالقانون الاقتصادي ليست هي تحقيق التكافؤ ما بين المقاولات، وإنما الهدف منه هو حماية فئة خاصة من المتعاقدين، ولذلك فإن البعض يصفون هذا الارتباط بالفعالية الاقتصادية التي تعني "التزام المنتجين بتحقيق رفاهية المستهلك أخذا بعين الاعتبار ضعف موارده المالية".والاهتمام بالمستهلك يجب أن يتم على أساس اعتباره شريكا اقتصاديا وليس بالنظر إليه كمتعاقد قد يوجد في وضعية الطرف الضعيف أمام المهني الذي يتمتع بقوة اقتصادية تساعده على فرض شروطه في العقد، رغم وجود النصوص القانونية التي تلزم الأطراف ببعض الواجبات من أجل حماية إرادة المتعاقد المغلوب على أمره وفرض التوازن في العلاقة التعاقدية كما هو الشأن بالنسبة لقواعد قانون الالتزامات والعقود.



ولقد فرضت التحولات الاقتصادية نوعا خاصا من العقود لمواكبة التطور التقني والعصري الذي أصبحت تعرفه مقاولات الإنتاج والتسويق، والأمر يتعلق بعقود الإذعان والتي تعد من ابتكار الفقه والقضاء لإبراز اختلال التوازن ما بين أطراف العقد. ومن بين أهم المميزات التي يمتاز بها عقد الإذعان أن هذا الأخير يتم إعداده من طرف الموجب الذي يوجد في وضعية اقتصادية وتقنية متفوقة واحتكار قانوني أو فعلي سواء بصفة انفرادية أو من خلال اتحاد مع مؤسسات تجارية واقتصادية مماثلة، مما نجم عنه تهيئ إما مطبوعات أو فاتورات أو طلبات بضاعة أو وصولات أو بصفة عامة عقود نموذجية متضمنة لمقتضيات وشروط جاهزة ونهائية تتميز بتغليب مصلحة الموجب، لا سيما وأن هذا الأخير عهد بإعدادها إلى أشخاص ذاتيين أو معنويين متخصصين في مجالات علمية متنوعة.



ومن بين المجالات التي كثر فيها استعمال هذه العقود النموذجية نجد التعاملات البنكية وخاصة مجال الائتمان، حيث يتوفر كل بنك على مطبوعات خاصة لا تتطلب من المستهلك سوى التوقيع عليها دون أن يكون له الحق في مراجعة أي بند من بنودها أو الاحتجاج على تعسف شابها.



لذلك جاء مشروع "تدابير حماية المستهلك" رقم 08-31 من خلال القسم السادس تحت عنوان "الاستدانة" على حماية المستهلك في مجال التعاملات مع المؤسسات البنكية وخاصة في مجال القروض وذلك من خلال المواد من 69 إلى المادة 146 (77 مادة)، بالإضافة إلى مواد أخرى ضمنت في القسم التاسع والخاص بالعقوبات الزجرية وهو ما يعني أن المشرع إهتم كثيرا بحماية المستهلك في هذا المجال والذي يعرف اللا توازن والضعف بالنسبة لهذا الأخير. في حين نجد المشرع الفرنسي قد خصص الكتاب الثالث من قانون حماية المستهلك لهذا القرض وأطلق عليه اسم "الاقتراض". وقد جمع فيه واضعو المشروع ما بين المقتضيات الخاصة بالقرض الوارد على المنقول أو ما يسمى بقرض الاستهلاك والنصوص التي تنظم القروض العقارية، لذلك تم الاعتماد في تكوينه على عدة نصوص قانونية.



وإذا دخلنا المجال البنكي وجدنا بأن الائتمان هو أهم ما يميز التعامل السائد في هذا المجال.



ويقصد بالائتمان في لغة الاقتصاد: تسليف المال لاستثماره في الإنتاج والاستهلاك. وهو يقوم على عنصرين أساسيين هما: الثقة والمدة. وهو في القانون البنكي مبادلة مال حاضر كنقود أو سلعة بوعد بالسداد في المستقبل.



ذلك أن عمل البنوك يتمثل أساسا في القيام بعمليات سلبية هي تلقي الودائع والتي تسمح لها فيما بعد القيام بالعمليات الإيجابية وهي منح الائتمان لآجال قصيرة أو متوسطة.



ويمكن التمييز بين نوعين من أنواع الائتمان وهما: القرض والاعتماد.



وإذا كان القرض عبارة عن عقد يمنح بموجبه البنك إلى العميل مبلغا معينا دفعة واحدة مقابل فائدة، فإن الاعتماد هو عقد يتعهد بموجبه البنك بوضع مبلغ معين تحت تصرف العميل يسحب منه متى شاء مرة أو مرات خلال مدة معينة، وإذا أوفى بالدين أمكن له أن يعيد السحب وهكذا.



ويقسم الائتمان من حيث الغرض منه إلى ائتمان إنتاجي وائتمان مضاربة وائتمان استهلاكي.



وهكذا، يستعمل القرض الاستهلاكي كنوع من أنواع الائتمان في تمويل شراء السلع والخدمات الاستهلاكية، أي أنه يعقد بغرض تلبية حاجات المستهلك الشخصية أو الأسرية كشراء سيارة أو جهاز تلفاز أو شراء عقارات ....، وهو يقابل القرض الذي يعقده الشخص لحاجات مهنته أو مؤسسته. وهو اليوم يشكل أكثر المحركات قوة للاستهلاك الجماهيري في دول العالم المتقدمة، كما اتخذ منه المنتجون والبائعون وسيلة دعاية وإشهار.



وأهم ما يميزه ـ أي القرض الاستهلاكي ـ أنه يسمح للمستهلكين بتمويل عمليات شراء المنتجات والخدمات دون انتظار ادخار النقود اللازمة لذلك.



كما أن ما يميز القرض عن عملية الدفع نقدا هو الاختلاف الزمني، حيث يقبل البنك ـ أو أي مؤسسة ائتمان ـ بالانتظار وقتا معينا للوفاء بدينه.



يضاف إلى ذلك أن مانح القرض غالبا ما يطالب بمكافأة معينة مقابل الخدمة التي يقدمها وكذا الخطر الذي يتحمله، وتتمثل هذه المكافأة في نسبة الفائدة التي تضاف إلى أصل القرض، ولا يشترط في هذا الأخير أن يكون الوفاء دفعة واحدة فقد يكون على دفعات محددة في الزمن.



وإذا كانت تلك هي مزايا القروض الاستهلاكية، فإنه لا يخلو من المخاطر الناجمة عن وجود المستهلك في وضعية ضعف قبل مؤسسات الائتمان المتمثلة أساسا في البنوك وشركات التمويل، بما تملك من وسائل مالية وفكرية جبارة، تجعلها تصيغ شروط الحصول على الائتمان من جانب واحد، مما يؤدي إلى عدم التوازن العقدي. ناهيك عما تخلفه تسهيلات منح القروض من رغبة جامحة لدى المستهلك للقيام بشراءات غير ضرورية ودون روية تنتهي غالبا بالعجز عن الوفاء وما يصاحب ذلك من آثار اجتماعية مدمرة خاصة بالنسبة لأصحاب الدخول الضعيفة.



وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية مهد هذا النوع من القروض ومنها انتشر استعماله في أوربا قبل أن يتخذ طابعا دوليا. وبعد أن أحس المشرعون بالمخاطر السابقة وغيرها، بادرت عدة تشريعات إلى سن قانون لحماية المستهلك في مجال القروض الاستهلاكية ومن بينها المشرع الفرنسي الذي سار على خطى المشرعين الإنجليزي والألماني. أما في المغرب ورغم أن إصدار قانون لحماية المستهلك لم يولد بعد، فإن ذلك لا يمنعنا من دراسته ولو كان مشروعا، خاصة وأن الخطاب الملكي الأخير كان بمثابة إعطاء الضوء الأخضر من أجل التسريع بإصداره بعد أن كان يلاقي معارضة قوية من بعض اللوبيات وبعض الفعاليات الاقتصادية، حيث لم يكن مشروع قانون واحد بل انطلق من مقترح ثم مشروع قانون رقم 00-27 وبعد ذلك المشروع الحالي الذي بين أيدينا مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.



فأين إذن تتمثل أهم نقط القوة والضعف لمشروع قانون رقم 08-31 في مجال القروض سواء الاستهلاكية أو العقارية.



هذا ما سنتطرق إليه من خلال مبحثين جامعين مانعين:



المبحث الأول: الإطار العام لحماية المستهلك في مجال القروض.



المبحث الثاني: حماية المستهلك حسب تصنيفات القروض.



المبحث الأول:



الإطار العام لحماية المستهلك في مجال القروض.



المطلب الأول: قواعد الإعلام كأداة لحماية المستهلك



الفقرة الأولى: الإشهار



إن القول بتوفير الحماية القانونية للمستهلك تتطلب بالضرورة إلزام المهنيين بإطلاع وتنوير وتبصير الأشخاص المتعاملين معه عن كل ما يتعلق بالشيء محل العقد، لهذا فإن الالتزام بالإشهار والإعلام يعتبر من الوسائل الضرورية التي يجب أن تتوفر بغية تحقيق الشفافية والنزاهة في العلاقات التعاقدية ولعل هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع بالحكومة إلى وضع مشروع قانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلين وتخصيص الفصل 2 من الباب الأول من القسم السادس كأحد الأسس والقواعد التي تشكل ركيزة أساسية لحماية المستهلك.



حيث إن مشروع قانون 31.08 وخاصة المادة 71 التي تنص على أن كل إشهار بغض النظر عن الوسيلة المستعملة فيه (باستثناء الإشهار السمعي) إذا كان يتعلق بإحدى عمليات القروض الاستهلاكية يجب أن يكون نزيها وإخباريا، ومن أجل تحقيق هذه النزاهة والشفافية والإخبارية المشروع جاء فوضع مجموعة من المعايير التي ينبغي الالتزام بها، وهي منصوص عليها في المادة 71.



ـ هوية المقرض إذا كان شخصا طبيعيا وإذا كان شخصا معنويا  عنوان مقره الاجتماعي سواء كان هذا الشخص معنوي من مؤسسات الائتمان وأبناك أو مؤسسات غير بنكية والتي تعتبر في حكم مؤسسات الائتمان، وكذلك المؤسسات الغير البنكيةExtrabancaire.



وبإلقاء نظرة على التشريع المقارن وخاصة الفرنسي يتضح لنا أن المشرع الفرنسي بدوره وضع على عاتق مانح القرض (أي المقرض) التزاما خاصا يتمثل في إعلام المستهلك طالب القرض، ويعتبر هذا الالتزام إيجابي، يتمثل في وجوب تضمين إلزامية في حالة بث الإعلان إشهاري يتعلق بالقرض الاستهلاكي وقد رتب على مخالفته عقوبات جزائية معينة.



ـ أما في الحالة التي يتم فيها الإشهار أو الإعلان عن القرض دون مقابل (أي بالمجان) فنشير هنا إلى أنه رغم ما قد يوحي من عدم تحميل المستفيد من القرض لأية فائدة وأنه يكتفي فقط برد رأس المال، إلا أنه يطرح بعض المشاكل وخاصة التغرير.



كما أن هذا النوع من القرض قد يدفع بالمستهلكين إلى القيام بشراءات غير ضرورية تحت وقع الإشهار الخادع بالصفة التبرعية للقرض، لهذا السبب رأى المشرع الفرنسي أسس وقواعد خاصة يكون من شأنها أن تدفع المحترفين إلى الامتناع عن هذه الممارسة ومنها:



1 ـ منع أية دعاية أو إشهار يتعلق بالقرض دون مقابل خارج مجال البيع.



2 ـ عدم جواز مطالبة التاجر الذي يعلن عن قرض بدون مقابل الخاص ببيع سلعة معينة بثمن يفوق الثمن الأدنى (الأخفض) لنفس السلعة خلال 30 يوما السابقة على الإعلان.



3 ـ وجوب منح تخفيض لمن يدفع نقدا لشراء السلعة المعينة بالقرض المذكور.



كما ألزم مشروع قانون 31.08 المغربي إلزامية الإعلام، وهذا ما يتضح من خلال المادة 75 من المشروع.



وكذلك القانون البنكي رقم 34.03 لسنة 2006، بحيث إنه لابد من الإشارة في هذا الباب ونحن بصدد الإشهار عن القروض الاستهلاكية أنه لمواجهة التجاوزات التي تشهدها عملية الوساطة في هذه القروض عملت الجمعية المهنية لشركات التمويل APSEAssociation professionnelle des sociétés de financement، بتوافق مع السلطات النقدية على اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية المستهلك (المقترض) ومنها بالأساس بعث رسالة بشكل منتظم (شهري أو بعد كل عملية) من قبل شركات التمويل لكل زبون حصل على قرض، تبرز فيها مبلغ القرض والمعدل العام المعتمد وعدد الاستحقاقات وقيمة كل استحقاق وجميع تكاليف الملف، ويتوفر الزبون على أجل 8 أيام من تاريخ الإرسال لإلغاء عقد القرض.



إضافة إلى ما سبق قوله، يمكننا أن نذهب أبعد من ذلك ونقول بأن هذا الحق في الإعلام يتحقق بدرجة أولى من خلال وجود أو نشر ثقافة استهلاكية لدى المستهلك أو المواطن المغربي، التي تعتبر شبه منعدمة لديه (لا يميز بين الشراء والاستهلاك) بحيث لم يعتمد بعد شراء أو اقتناء ما هو في حاجة إليه من أجل إشباع حاجياته الضرورية ولكن يقتني كل ما يراه سواء كان في حاجة إليه أم لا.



وكذلك تأثير الطابع الاشهاري عموما على المعلومات التي تعطى للمستهلك.



الفقرة الثانية: العرض المسبق



بالإضافة إلى الإشهار كأداة لإعلام المستهلك في مجال القروض، وحتى يتمكن هذا الأخير من إعلام كامل ودقيق حول عملية القرض، حيث ألزم المشروع المقرض بتقديم عرض مسبق في شكل مكتوب من نسختين إلى كل مقترض، الغرض منه تمكينه من تقييم  طبيعة ومدى الالتزام المالي الذي يمكن أن يتعهد به وشروط تنفيذ العقد المذكور، وهو ما أشارت له المادة 72 من المشروع.



والإعلام الذي يقدمه العرض المسبق هو أكثر دقة من ذلك المتحصل من الإعلانات الخاصة بالإشهار، لأنه يتضمن بالإضافة إلى ما نصت عليه المادة 71 بخصوص البيانات الإلزامية التي يجب أن تضمن في الإشهار، بيانات أخرى أكثر، كوجوب أن يبين فيه عند الاقتضاء السلعة أو المنتوج أو الخدمة الممولة، وأن تبين كذلك الأحكام المطبقة في حالة التسديد المبكر أو عجز المقترض عن الأداء.[1]



ونصت المادة 78 على أن هذا العرض المسبق يتم إعداده وفقا لنماذج تحدد بنص تنظيمي والمستهلك فور استلامه هذا العرض المكتوب، منحته المادة 80 أجل 7 أيام ابتداء من تاريخ قبوله للعرض، لقراءة العرض وطلب الاستشارة ليقرر إما إبرام العقد أو التراجع عنه.



ويتشابه هذا الأجل مع الأجل الممنوح لذات الغرض في السعي التجاري، وهو يعتبر حجر الزاوية في نظام الحماية القانونية للمستهلك، ومادام هذا الأجل لم يمر فإن المستهلك يبقى حرا في إبرام العقد أو عدم لإبرامه. 



ويماس المستهلك حقه في التراجع خلال هذا الأجل، بإرفاق العرض المسبق باستمارة قابلة للاقتطاع وتودع هذه الاستمارة مقابل وصل يحمل طابع وتوقيع المقترض، وهكذا فإن التفاوت في القوة الاقتصادية بين الطرفين، قد تم تصحيحه بإنشاء ميزة فريدة لصالح الطرف الضعيف ـ المستهلك ـ وهي عدم إمكانية القبول الحال للعقد مما يؤدي بطريقة مباشرة إلى سلامة الرضا من العيوب.



وقد رتب المشروع عن إخلال المقرض بتقديم العرض المسبق المتضمن للبيانات والشروط السابقة الذكر، عقوبة الغرامة من 6000 إلى 20.000 درهم، (المادة 187).



ومن مظاهر الحماية في هذا الإطار، تطرق المشروع في المواد 139 إلى 142 لمسألة حماية كفيل المستهلك، حيث ألزم المقرض بضرورة إخبار الكفيل بعجز المدين الأصلي عن الأداء لكي يحل محله، وفي حالة عدم إخباره فإن الكفيل لا يكون ملزما بأداء الغرامات أو الفوائد عن التأخير.



المطلب الثاني: القواعد التي تحكم النزاعات المترتبة عن عقد القرض:



إن عقد لقرض يمكن أن يثير نوعين من النزاعات، ينشأ أولها عن إخلال مانح القرض بالقواعد القانونية التي تحكم إبرام عقد القرض أو تنفيذه، وينشأ ثانيها عن عجز المستفيد من القرض أي المقترض عن السداد.







الفقرة الأولى: إخلال المقرض بقواعد إبرام عقد القرض



أولا ـ الجزاءات العقابية:



إذا قمنا بإطلالة على الفقه والتشريع الفرنسيين نجد هذا الأخير في المواد 311-4 إلى 331-32 من قانون الاستهلاك وضعت عدة قواعد آمرة، بغرض حماية المستهلك المستفيد من القرض، ونصت على عقوبات جزائية منها الغرامة في حالة عدم مشروعية الإشهار أو العرض المسبق، إضافة إلى جواز الحكم بنشر الحكم وتصحيح الإشهار على نفقة المحكوم عليه، هذا عن التشريع الفرنسي، أما مشروع القانون المغربي فهو بدوره لم يخرج على هذا النهج وهذا الشيء ليس بغريب عنا لأن التشريع المغربي يظل مخلصا لنظيره الفرنسي وهذا ما يمكن أن نستشفه من خلال المواد 187 و188 و189.



كما يجوز رفع دعوى مدنية إما من طرف المستهلك للمطالبة بالتعويض عن الضرر الفردي الذي أصابه من جراء الجريمة، وإما من طرف إحدى جمعيات حماية المستهلكين للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المصلحة الجماعية للمستهلكين وهو نفس الاتجاه الذي ذهب إليه المشرع المغربي رقم 08-31 وخاصة المادتان 149 و151 حيث أجاز رفع دعوى من طرف الجمعية المعترف لها بصفة المنفعة العامة.



ثانيا ـ الجزاءات الخاصة:



* سقوط الحق في المطالبة بالفوائد:



ففي حالة قيام مانح القرض بإبرام عقد القرض دون تسليم المستفيد العرض المسبق يترتب  على ذلك جزاء مدني خاص يتمثل في حرمان مانح القرض من حقه في الحصول على الفوائد، والتزام المستفيد فقط برد رأس المال وفقا للجدول المتفق عليه، ويقتصر جزاء سقوط الحق في الفوائد على الإخلال بالقواعد الآمرة المنصوص عليها في المواد من 8-311 إلى 13-311 من قانون الاستهلاك الفرنسي، وهو نفس ما نص عليه المشرع المغربي بالحرف في الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 190 من مشرؤوع حماية لمستهلك.



الفقرة الثانية: عجز المستهلك عن أداء القرض:



يقوم عجز المستهلك حينما يتوقف عن رد ما حل أجله من مستحقات القرض، وهي أكثر الحالات إثارة للمنازعات فيما يتعلق بالقرض الاستهلاكي، وحسب المادة 100 من المشروع فإنه لا يمكن التصريح بعجز المقترض عن الأداء إلا إذا لم يقم بتسديد قسطين على الأقل بعد استحقاقهما ولم يستجب للإعذار الموجه إليه.



وعموما في حالة عجز المقترض عن الأداء يمكن للمقرض أن يطالب بالتسديد الفوري لرأس المال المتبقي المستحق بإضافة الفوائد الحال أجلها وغير المؤداة، ويمكن كذلك للمقرض مطالبة المقترض بتعويض يحسب بالنظر إلى المدة المتبقية من العقد.



ونص المشروع في المادة 105 على وجوب إقامة دعوى المطالبة بالأداء أمام المحكمة المختصة خلال السنتين المواليتين للحدث الذي أدى إلى إقامتها تحت طائلة سقوط الحق، وإذا طرأ تعديل على كيفيات تسديد الأقساط غير المؤداة، فإن أجل السقوط يبتدئ منذ أول عارض لم يتم تسويته بعد أول تعديل تم الاتفاق عليه.



وهذا الأجل هو أجل سقوط لا أجل تقادم، يترتب عن ذلك أنه لا يجوز أن ينقطع أو يوقف سريانه، وأن المقترض يجوز أن يتمسك بالسقوط بطريق الدعوى وكذا بطريق الدفع المخالفة لقاعدة أن الدعوى تتقادم والدفوع لا تتقادم.



في حالة التسديد المبكر المادة 199 تنص على جواز مبادرة المقترض في أي وقت ودون تعويض بالتسديد المبكر لمبلغ القرض الممنوح له كله أو بعضا منه.



المبحث الثاني:



حماية المستهلك حسب تصنيفات القروض



سوف نتطرق في هذا المبحث إلى ثلاثة أصناف من القروض حددها المشروع وهي القروض المخصصة (المطلب الأول)، والقروض بالمجان (المطلب الثاني) ثم القروض العقارية (المطلب الثالث).



المطلب الأول: القروض المخصصة



هذا النوع من القروض نظمها المشروع في المواد من 86 إلى 95، وعبر عنها المشرع الفرنسي بعمليات الائتمان المرتبطة.



ويكون القرض مخصصا إذا أبرم بغرض تمويل عملية معينة. ولهذا يجب التفرقة بين البيع الأجل La vente à crédit الذي لا يقوم على عقد ائتمان والذي يكون فيه الوفاء بالسعر كليا أو جزئيا لاحقا للتسليم والائتمان التبعي لعقد البيع الرئيسي، حيث يستلزم النوع الأخير إبرام المستهلك لعقدين معا هما: عقد البيع أو عقد أداء الخدمة وعقد القرض، فيتم استخدام المبلغ المقترض في الوفاء بثمن المبيع كليا أو جزئيا. فيكون العقدان مرتبطان ببعضهما البعض، فمن أجل الحصول على الائتمان فإن البائع يكون وسيطا بين عميله والمؤسسة مانحة القرض، كما أن الوثيقة المكتوبة تشير صراحة إلى أن القرض الممنوح مخصص لتمويل شراء معين سواء تعلق الأمر بسلعة أو منتوج أو تقديم خدمة معينة.[2] وفي أحيان أخرى فإن مبلغ القرض يتم دفعه مباشرة من المؤسسة الممولة (مانحة القرض) إلى البائع دون المرور عبر المشتري.



وهكذا، فإن القرض والبيع يشكل في نظر المتعاقدين عملية واحدة، فهناك إرتباط تقني متبادل بين عقد البيع الرئيسي وعقد القرض التبعي سواء تعلق الأمر في مجال المنقولات أو العقارات.



ومن خلال مقتضيات مشروع قانون رقم 08-31 فلم يتم ترك إبرام عقد القرض للقواعد العامة المعروفة، بل أخضع لقواعد قانونية خاصة تتناول بشكل خاص تنظيم شكل التعبير عن الإرادة وكيفية هذا التعبير عن رضا المستهلك طالب القرض، إضافة إلى قواعد أخرى تتعلق باستفادته من مدة التروي لقبول عرض القرض، وكذلك مدة أخرى بعد انعقاد العقد للعدول عن هذا العقد. كما أن هذه النصوص جعلت هناك ارتباط بين العقد الرئيسي (كالبيع أو أداء الخدمة) وعقد القرض كما تم منع سحب الأوراق التجارية على المقترض (المستهلك).



ويتم احترام كل المقتضيات القانونية التي سبق وأن تطرقنا إليها أعلاه سواء تعلق الأمر بعملية الإشهار وكذا العرض المسبق ومهلة التروي.



وهكذا، فعندما يشير العرض المسبق إلى السلعة أو الخدمة موضوع القرض، فإن التزامات المقترض لا تصبح نافذة إلا ابتداء من تاريخ تسليم السلعة أو تقديم الخدمة ذات التنفيذ المستمر فإن تلك الالتزامات لا تبح نافذة إلا مع بداية تسليم السلعة أو تقديم الخدمة وتتوقف بتوقفهما.



وفي عقد البيع أو الخدمة يجب الإشارة إلى ما إذا كان الطرفان قد اتفقا على تسديد الثمن كليا أو جزئيا بواسطة القرض تحت طائلة عقوبة مالية، ولا يمكن مطالبة المشتري أو طالب الخدمة بالتعهد بأي التزام إزاء البائع أو مقدم الخدمة ما لم يوافق على العرض المسبق المقدم من طرف المقرض، وفي حالة عدم تحقق هذا الشرط فإن البائع أو مقدم الخدمة لا يكون من حقه أن يتلقى أي أداء أو إيداع تحت أي شكل من الأشكال.



وفي حالة التنازع حول تنفيذ العقد يمكن للمحكمة المختصة أن تأمر بإيقاف تنفيذ عقد القرض إلى حين حل النزاع، كما يفسخ عقد القرض أو يبطل بقوة القانون عندما يتم فسخ أو لإبطال العقد الذي من أجله تم إبرام عقد القرض بحكم قضائي حاز قوة الشيء المقضي به، وإذا كان الفسخ القضائي أو لإبطال عقد البيع أو تقديم الخدمة بفعل البائع فإنه يمكن إجبار هذا الأخير قضائيا بناء على طلب المقرض على ضمان المقترض من أجل تسديد القرض، دون الإخلال بأداء التعويضات والفوائد إزاء المقرض والمقترض.[3]



كما يكون البائع في حل من تنفيذ التزامه بتسليم البضاعة أو تقديم الخدمة مادام لم يتم إخباره من طرف المقرض بمنح القرض ومادام بإمكان المقترض ممارسة حق الرجوع، إلا أنه إذا طلب المشتري بواسطة طلب صريح محرر ومؤرخ وموقع منه شخصيا، تسلم السلعة أو تقديم الخدمة فورا، فإن حقه في التراجع ينقضي بتاريخ تسليم السلعة أو تقديم الخدمة.[4]



ومن خلال المادة 93 من المشروع فهناك حالات يتم فيها فسخ عقد البيع أو عقد تقديم الخدمة بقوة القانون وبدون تعويض، وهذه الحالات هي:



ـ إذا لم يخبر المقرض البائع بمنح القرض داخل أجل 7 أيام.



ـ إذا استعمل المقترض حق الرجوع داخل الآجال الممنوحة له.



وفي هاتين الحالتين فالبائع أو مقدم الخدمة ملزم برد جميع المبالغ التي تلقاها سلفا من المشتري.               



المطلب الثاني: القروض بالمجان



عمل المشروع على تنظيم القروض بالمجان كما هو الشأن بالنسبة للقروض المخصصة وذلك في 3 مواد 96-97-98.



حيث قام بتعريف القرض بالمجان من خلال المادة 96 حي ثجاء فيها: "يراد بالقرض بالمجان كل قرض يسدد دون أداء فوائد".



ومعنى ذلك أن القرض الذي يؤدى مبلغه دون تأدية الفوائد التي تترتب عادة عن منح القروض.



وقد أوجبت المادة 97 على أن كل إشهار يتم في أماكن البيع ويتضمن عبارة "قرض بالمجان" أو يقترح امتيازا مماثلا، ينبغي أن ينص على مبلغ الخصم المستفاد منه في حالة الأداء نقدا، ويفهم من هذا أن المشروع يمنع كل إشهار يتم خارج محلات البيع إذا كان يحمل عبارة قرض بالمجان أو أي امتياز مماثل لذلك، وذلك عموما حماية للمستهلك حتى لا يكون عرضة للاحتيال إذا تم هذا الإشهار خارج محلات البيع.



لكن المشروع قد اشترط عند الأداء أو الوفاء أن يتم الإشارة إلى قيمة الخصم، هذه القيمة التي يمكن اعتبارها بمثابة فائدة، إذ يعمل المقرض على إضافة هامش إلى مبلغ القرض الذي سيؤدى نقدا.



ونصت المادة 98 على أنه في الحالة التي تغطي فيها عملية تحميل مجموع مصاريف القرض أو بعضها أي الإعفاء الكلي أو الجزئي من تكاليف القرض، فإنه لا يجوز للبائع أو مقدم الخدمة أن يطلب من المشتري بواسطة قرض أو المكتري مبلغا نقديا يزيد على السعر المتوسط المعمول به فعلا عند شراء سلعة أو خدمة مماثلة نقدا في نفس مؤسسة البيع بالتقسيط خلال الثلاثين يوما الأخيرة قبل بدء الإشهار أو العرض.



وما يمكن استنتاجه من هذه المادة هو أن الأمر يتعلق بتمويل اقتناء أو كراء مصحوب بخيار الشراء لسلع فقط أو خدمة مماثلة لتلك السلع، وهذا المقتضى التي يمنع البائع أو مقدم الخدمة من مطالبة المشتري بمبلغ نقدي يزيد عن متوسط سعر السلعة أو الخدمة، هو من شأنه أن يحمي المستهلك من تدليس أو احتيال البائع.



وفي حالة مخالفة الأحكام المتعلقة بالقرض بالمجان خاصة الواردة في المادتين 97-98 يتم فرض غرامة مالية على المقرض أو البائع تتراوح من 6000 درهم إلى 20000درهم وذلك ما نصت عليه المادة 187.



المطلب الثالث: القروض العقارية



إن الحصول على مسكن يتطلب إنفاق مبلغ طائل، يتم تمويله في الغالب عن طريق القروض أو ما يعرف بالقروض العقارية، فيتمكن بناء على ذلك المستهلك من الحصول على مسكن في الحال، مع تأجيل الوفاء بكل أو جزء من المبالغ الممثلة لقيمة المسكن. المتحصل عليه.



ويلتزم المستهلك عموما بدفع مبلغ معين في مقابل الخدمة السابقة وهي الفائدة، وغالبا ما يتم الوفاء برأ المال والفوائد وفق جدول زمني يمتد لعدة سنوات.



وهذا النوع من القروض تكتنفه مخاطر مما استدعى ضرورة حماية المستهلك في هذا المجال من خلال المشروع بإعلام وحماية المستفيد (المستهلك) من الائتمان في النطاق العقاري، من خلال الباب الثاني من القسم السادس وذلك من خلال المواد من 106 إلى 136 (21 مادة).



إن مشروع قانون رقم 08-31 تسري أحكامه على القروض المرتبطة مادام أن الهدف من سنه هو حماية المستفيد من الائتمان العقاري، لذلك فهو يهم بشكل أساسي القروض التبعية للعمليات العقارية التي حددتها المادة 107 منه.



ويقصد النص السابق في المقام الأول القروض المخصصة لتمويل اكتساب ملكية عقار أو الانتفاع به. كما تنصرف المادة في المقام الثاني إلى الاكتتاب أو شراء الحصص التي تسمح بالحصول على ملكية أو الانتفاع من عقار للاستعمال السكني أو الاستعمال المختلط.



والمشرع الفرنسي ـ مادام أن المادة 107 هي اقتباس من النص الفرنسي ـ فيهدف من وراءه حماية العقارات ذات لاستعمال المختلط والتي يكون الساكن فيها غالبا عضوا في مهنة حرة ويمارس نشاطه فيها.[5]



وأخيرا فإن هذه المادة تسري أيضا على القروض المخصصة إما لشراء قطعة أرض بغرض بناء مسكن وإما لمجرد الترميم أو تطوير المسكن.



بالنسبة للمشرع الفرنسي فإنه اعتبره قرضا عقاريا يطبق عليه قانون 79 المتعلق بحماية المستهلك في مجال الائتمان العقاري إذا تجاوز المبلغ 140 ألف فرنك، أما إذا كان المبلغ يساوي أو أقل من هذا المبلغ فإنه يجوز تطبيق أحكام قانون 78 المتعلق بالائتمان الاستهلاكي.



خلاصة القول أن جميع العمليات المتعلقة بشراء أو الاكتتاب بحق عقاري تخضع لمواد هذا المشروع بشرط أن تكون ممولة عن طريق القروض مع ملاحظة وهي الاستثناءات الواردة في المادة 108 من المشروع، حيث لا تطبق مواد المشروع إذا تعلق الأمر بقروض ممنوحة لأشخاص القانون العام وكذا القروض المخصصة لتمويل نشاط مهني.



وهكذا، فإن تجار المنقولات والشركات المدنية وكذا المتعهدين الدين يبرمون عقود قروض من أجل شراء أو تشييد عقارات لا يجوز لهم التمسك بأحكام مواد مشروع قانون 08-31.



طبعا المشروع نص على عملية الإشهار في هذا المجال وهي شروط تعرضنا لها في المبحث الأول.



بالنسبة لعقد القرض فالمشروع حدد شروطا لذلك، وتتمثل في ما هو واجب في حق المقرض كتوجيه عرض مكتوب بالمجان سواء للمقترض أو أي كفيل ـ شخص طبيعي ـ بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل وبالمجان،[6] وهو عرض يستلزم عدة بيانات سواء تعلق الأمر بهوية الأطراف وجدول المستحقات وطبيعة القرض والسعر الإجمالي وشروطه والتأمينات والضمانات وكذا مصاريف منح القرض.



وقد يقوم المقرض بإشراك المستفيد من القرض في تأمين جماعي تكتتبه المؤسسة يضمن بموجبه المؤمن رد القرض في حالة وفاة المقترض أو عجزه وأحيانا في حالة البطالة، لذلك فالمقرض هو ملزم بتبيان المخاطر التي يغطيها عقد التأمين وكيفية تنفيذه. كما أن المقرض له فسخ عقد القرض داخل أجل شهر.[7]



وبما أن القرض العقاري هو بطبيعته قرض تبعي لعقد بيع العقار أو تشييده أو ترميمه ذلك أن المستهلك لا يلزم بالعقد الرئيسي إلا إذا أبرم العقد الثاني، وهكذا فالمشروع يقيم روابط متبادلة بين العقدين في مرحلة انعقادهما.



ويترتب على ذلك من جهة أولى : أنه يتم فسخ عقد القرض إذا لم يتم إبرام العقد الرئيسي الذي يموله في خلال أجل معين وهو أربعة أشهر من تاريخ قبول العرض كحد أدنى.[8]



ولتجنب التحايل على القاعدة السابقة عن طريق عمل مانح القرض على توقيع المستفيد على كمبيالة أو سند لأمر أو شيك، نص المشروع على اعتبار مثل هذا التوقيع غير مكتوب، كما يترتب على فسخ عقد القرض التزام المستفيد برد جميع المبالغ التي تسلمها إضافة إلى ما يقابلها من فوائد وكذا مصاريف دراسة الملف والتي لا يمكن أن تتجاوز 1000 درهم.[9]



ومن جهة ثانية: فإن العقد الرئيسي يبرم وهو معلق على شرط واقف هو الحصول على القرض، وإذا لم ينص في العقد على مدة صحة الشرط الواقف اعتبر صحيحا طيلة فترة العقد الرئيسي ذاته.



هناك إشكالية: وهي أن المشروع لم يحدد معنى الحصول على القرض، مما أدى إلى الاختلاف في تحديده بين قبول العرض أو تسلمه، وتميل محكمة النقض الفرنسية في قرار صدر في 9 دجنبر 1992 إلى القول بأن الحصول على القرض يحدد بتسليم العرض المطابق للطلب المقدم من قبل المستفيد.



* بالنسبة للقواعد التي تربط عقود القرض ببعضها البعض:



فقد تكون الحاجة ماسة لإبرام عقود ائتمان عدة من أجل تمويل شراء أو بناء مسكن، بحيث يترتب على عدم إتمام أحدها عدم استطاعة المستهلك تحقيق العملية المذكورة وبالتالي تصبح عقود القرض الأخرى غير ذات فائدة.



ونصت المادة 117 من المشروع على هذه الحالة وذهبت إلى تقرير بأن كل عقد قرض لا ينعقد إلا تحت شرط واقف هو الحصول على كل واحد من عقود القرض السابقة.



ولا يتأنى ذلك إلا بتوافر شرطين هما: قيام المستفيد من القرض مسبقا بإعلام مانحي القرض بلجوئه إلى عدة عقود قرض لتمويل نفس العملية وعدم سريان الشرط الواقف إلا على عقود القرض التي يتجاوز مبلغها 10% من المبلغ الإجمالي للقرض.



* بالنسبة للتسديد المبكر للقرض وعجز المقترض عن الأداء:[10]



ففي حالة التسديد المبكر لكل أو بعض القروض الخاضعة لأحكام الفصول 1 إلى 3 من الباب الثاني من القسم السادس، فإنه يمكن أن يتفق على منح تعويض للمقرض عن الفوائد غير الحال أجلها دون أن تتجاوز النسبة الفعلية الإجمالية TEG للقرض 3% خلال السداسي السابق. ونص المشروع على تحديد التعويضات التي يجوز الرجوع بها على المستفيد في حالة الرد المسبق أو تخلفه عن الوفاء في صورة تعويضات جزافية بعدما ثبت اشتراط مؤسسات القرض لتعويضات جد مرتفعة بالمقارنة مع الضرر الواقع فعلا. وتم النص على هذه القاعدة حتى مع إمكانية إعمال نص الفصل 264 من ق.ل.ع وما تتيحه للقاضي من سلطة تعديل الشرط الجزائي المبالغ فيه.



ولذلك نرى أن صعوبة التوفيق بين القاعدة السابقة والمادة 264 على أساس أن تدخل المشرع في تحديد الجزاءات الاتفاقية قد يقلل بطريقة شاذة فرص تطبيق المادة 264 من ق.ل.ع.



وكما هو الحال بالنسبة للقروض الاستهلاكية فإنه يجوز وقف التزامات المدين لأسباب قاهرة كالمرض أو التسريح من العمل بناء على أمر من رئيس المحكمة المختصة (مهلة الميسرة)، ويجوز للقاضي أن يحكم بعدم ترتيب المبالغ المستحقة لأية فوائد طيلة الفترة التي تستغرقها نظرة الميسرة والتي قد تصل إلى سنتين.[11]



وفي هذه الحالة فالمقرض له الحق في فسخ العقد والمطالبة بالتسديد الفوري لرأسمال المتبقى، كما يجوز له مطالبة المقترض العاجز عن الدفع بتعويض لا يفوق 4% من رأسمال المتبقى مع إحترام الفقرة 3 من المادة 264 من ق.ل.ع.



وهنا كذلك يطرح إشكال: يتعلق بمسألة مدى أثر الحوادث التي تمس العقد الرئيسي على التزامات المستفيد من القرض؟



فإذا خصص القرض لتمويل أشغال عقارية عن طريق عقد تعهد أو تشييد أو مقاولة، وأشار عقد القرض إلى هذا التخصيص، فهل يجوز للقاضي أن يوقف التزامات المقترض في حالة قيام نزاع بشأن العقد العقاري أو الرئيسي وإلى حين فض النزاع؟



محكمة النقض الفرنسية تجيب بالإيجاب، بل الأكثر من ذلك فإنه يجب إدخال أو تدخل مانح القرض في الخصومة والذي يجوز له المطالبة بالتعويض في هذه الحالة.فإذ كان العرض من الجسامة بحيث يؤدي إلى بطلان أو فسخ العقد الرئيسي فإن محكمة النقض ترى أن عقد القرض يبطل أو يفسخ تبعا لذلك بأثر رجعي مهما كانت طبيعة العقد الرئيسي.



ويترتب عن ذلك التزام المقرض بإرجاع الفوائد المدفوعة، وفي مقابل ذلك يلتزم المقترض برد رأسمال، وفي حالة ما إذا دفع رأسمال إلى البائع مباشرة كما هو الحال في برامج التشييد في فرنسا (لسكن الاقتصادي في المغرب) فالمقرض يحتفظ بتسيير التمويل ويتصرف بالتشاور مع البائع، فإن رد رأسمال يقع على هذا الأخير.



* فيما يخص القرض عن طريق الإيجار والوعد بالبيع:



فالمقرض طيلة المدة التي يستغرقها القرض يبقى مالكا مما يشكل ضمانا قويا له. فالمستهلك يكون مستأجرا ويستعمل الشيء الذي لم يدفع ثمنه بعد والذي يدفع عن بدلات الإيجار، وعند نهاية هذا العقد فإن ملكية هذا الشيء تنتقل إلى المستأجر.



وهو عقد خاضع لنفس عملية الإشهار وكذلك العرض الموجه. وفي حالة عدم تنفيذ المكتري لهذا العقد فللمكري المطالبة بأداء الأكرية غير الحالة وتعويض لا يفوق 2% من مبلغ رأسمال (مع احترام المادة 264 ق.ل.ع) ولا يمكنه المطالبة بتسليم العقار إلا بعد رد المبالغ المدفوعة وتطبق هنا نفس المقتضيات الواردة في المادة 144 التي أشرنا إليها فيما يخص حالة العجز عن الأداء وتدخل رئيس المحكمة المختص. يتبع


TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *