اختصاص
المحاكم التجارية في النزاعات
الناشئة
بين الشركاء في شركة تجارية
من إعداد: - نورة بوطاهر
- أنس الأعرج
مقدمة:
إن ضرورة معالجة القضايا التجارية من طرف قضاة متخصصين
ومتوفرين على جميع الإمكانيات اللازمة لجعلهم يفصلون في النزاعات المعروضة عليهم بالسرعة التي تتطلبها الحياة
التجارية، أصبحت في ظل عولمة التجارة والاقتصاد من أهم المطالب التي يعلق على
تحقيقها المستثمرون، ولاسيما الأجانب. هذه الضرورة هي التي دفعت المغرب إلى إحداث
محاكم تجارية مستقلة عن المحاكم العادية بمقتضى القانون رقم95-53، ضمت محاكم تجارية ومحاكم استئناف تجارية،
وغرفة تجارية بالمجلس الأعلى، وانطلق العمل بهذه المحاكم رسميا في 4 ماي 1998. ونشير إلى أن الحديث عن
محاكم متخصصة في القضايا التجارية، تم الإعلان عنه سنة 1994، مع فارق بسيط يتمثل
في أن الأمر كان يتعلق بمشروع إنشاء محاكم الأعمال- أي محاكم متخصصة في القضايا
التجارية والاجتماعية أيضا-. والمحاكم التجارية بالمغرب شبيهة إلى حد
كبير بالمحاكم التجارية الفرنسية، مع بعض الفوارق البسيطة، كانتخاب القضاة وشفوية
المسطرة، وعدم وجود محاكم استئناف تجارية. وبما أن المحاكم التجارية، لها طابع القضاء
المتخصص، فإن المشرع المغربي لم يتبنى المعيار القيمي في تحديد اختصاصها، وإنما
تبنى المعيار النوعي لتوزيع الاختصاص بينها وبين غيرها من المحاكم، فالتخصص إذن
يعتبر أساس وجود المحاكم التجارية والمعيار المرتكز عليه في تحديد اختصاصها
النوعي. وهكذا قام المشرع المغربي بوضع لائحة
بالمنازعات التي تدخل في اختصاص هذه المحاكم من خلال المادة الخامسة من القانون
رقم 95-53. ومن بين أهم هذه المنازعات نجد النزاعات
الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية، ونشير إلى أن المشرع الفرنسي لم يكن يعطي
الاختصاص في هذا النوع من القضايا للمحاكم القنصلية إلا بعد تعديل الفصل 2-631 من
القانون التجاري بمقتضى قانون 17 يوليوز 1956، فقبل هذا التاريخ كان حل النزاع يتم
باللجوء إلى مسطرة التحكيم الإجبارية.
ودراسة هذا الموضوع تكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى المشاكل العديدة التي
يطرحها عدم تحديد الاختصاص النوعي بإتقان وإحكام، مما يهدد بضياع حقوق المتقاضين،
وتأخير سير الدعوى. كما أن أهمية هذا الموضوع تبرز أكثر، بمعرفة أن القانون أسبغ
الصفة التجارية على أغلب الشركات وذلك بحسب شكلها، مما يمدد اختصاص المحاكم
التجارية. والسؤال الذي يمكن لنا طرحه هو إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من تحديد
اختصاص المحاكم التجارية في النزاعات الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية؟
الإجابة عن هذا
التساؤل تقتضي منا تحديد الأشخاص المشمولين بهذا الاختصاص وذلك فيالمبحث الأول، ثم تحديد المقصود بالنزاعات الناشئة بين الشركاء وذلك في المبحث الثاني.
المبحث الأول:
بيان الأشخاص المشمولين بالاختصاص
1- الدعاوى
المتعلقة بالعقود التجارية
2- الدعاوى
التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية
3- الدعاوى
المتعلقة بالأوراق التجارية
4- النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية
5- النزاعات
المعلقة بالأصول التجارية
فحسب
البند الرابع من المادة الخامسة، تعتبر المحاكم التجارية مختصة في جميع الحالات
التي يتعلق فيها النزاع بشركاء في شركة تجارية، لدى سنقوم في هذا المبحث بتحديد
المقصود بالشركة التجارية، وذلك في(المطلب الأول)، ثم المقصود بشركاء في شركة تجارية وذلك في ( المطلب الثاني).
المطلب الأول
المقصود بالشركة التجارية
تنقسم الشركات إلى شركات مدنية تخضع لقواعد القانون المدني، وشركات تجارية
تخضع لأحكام القوانين التجارية. والشركات التجارية تنقسم من حيث الاعتبار
الذي يتحكم في تكوينها إلى شركات الأشخاص قائمة على الاعتبار الشخصي، وشركات
للأموال قائمة على الاعتبار المالي، لكن هذا التقسيم أصبح يتراجع أمام تعميم الصفة
التجارية بالشكل على جميع الشركات باستثناء شركة المحاصة. بمعنى أن جميع الشركات أصبحت تجارية من حيث
الشكل مهما كان غرضها، ما عدى شركة المحاصة، التي لا تكون تجارية إلا إذا كان
غرضها تجاريا. والمشرع المغربي بإتباعه المعيار الشكلي من
أجل إضفاء الصبغة التجارية على الشركات، نهج مسلك القانون الفرنسي الذي اتبع معيار
لشكلية بمقتضى قانون 24يوليو 1966. وذلك على عكس المشرع المصري الذي يتبع
المعيار الموضوعي في تمييز الشركات المدنية عن الشركات التجارية، بحيث تعتبر
الشركة تجارية إذا كان غرضها هو القيام بعمل تجاري، في حين تعتبر مدنية إذا كان
غرضها هو القيام بنشاط مدني. وسنقوم بإعطاء نبذة موجزة عن هذه الشركات
التجارية كالتالي:
1- شركة التضامن: شركة تجارية تؤسس بين شريكين فأكثر تكون لهم صفة تاجر،
يسألون بصفة غير محدودة وعلى وجه التضامن عن ديونها.
2- شركة التوصية البسيطة: هي أيضا شركة تجارية بحسب شكلها، تتأسس بين شريكين فأكثر
أحدهما على الأقل شريك متضامن يسأل بصفة غير محدودة وعلى وجه التضامن عن ديون
الشركة، وأخر على الأقل شريك موصي لا يسأل عن ديونها إلا في حدود حصته في
رأسمالها.
3- شركة ذات المسؤولية المحدودة: هي أيضا شركة تجارية بحسب الشكل، تتكون من شخص واحد أو
أكثر لا يسألون عن ديونها إلا في حدود حصصهم في رأس المال، وهكذا فإن الخاصية
الأساسية للشركة ذات المسؤولية المحدودة هي أن كافة الشركاء فيها لا يسألون عن
ديونها إلا في حدود حصتهم في رأسمالها.
4- شركة التوصية بالأسهم: هذه الشركة تشبه شركة التوصية البسيطة، من حيث أنها تضم
نوعين من الشركاء، شريك متضامن أو أكثر لهم صفة تاجر ويسألون مسؤولية شخصية
وتضامنية عن ديون الشركة، وثلاثة شركاء موصين على الأقل لهم صفة
"مساهمين"، لا يسألون عن ديون الشركة إلا في حدود حصتهم في رأسمالها،
إلا أنها تختلف عنها في كون جزء من رأسمالها يقسم إلى أسهم وليس إلى حصص، وفي أن
تيسيرها يقترب من نظام تسيير شركة المساهمة، من هنا فإن هذه الشركة تعتبر من شركات
الأموال بالنسبة للشركاء المساهمين الذين ليس لشخصهم اعتبار فيها، ومن شركات
الأشخاص بالنسبة للشركاء المتضامنين الذي يوجدون في نفس وضعية الشركاء في شركة
التضامن فهي إذن من طبيعة مختلطة.
5- شركة المساهمة: هي شركة تجارية
بحسب الشكل، يقسم رأسمالها إلى أسهم قابلة للتداول، تؤسس بين خمسة مساهمين على
الأقل، لا يسألون إلا بقدر مساهمتهم في رأسمالها.
6- شركة المحاصة: هي شركة مستترة ليست لها شخصية معنوية تنعقد بين شخصين
أو أكثر لاقتسام الأرباح والخسائر الناتجة عن نشاط تجاري يزاوله أحد الشركاء باسمه
الخاص، وهذه الشركة لا تتمتع بالشخصية المعنوية، كما أنها لا تعتبر تجارية إلا إذا
كان غرضها تجاريا.
وهكذا كلما تعلق النزاع بأحد الشركات
المشار إليها أعلاه، فإن المحكمة التجارية لا يمكنها أن تصرح بعدم اختصاصها
النوعي، كما أن اختصاص هذه المحكمة يمتد حتى لو كانت الشركة التجارية تمارس نشاطا
مدنيا. لكن الإشكال يثور بصدد النزاعات التي يمكن
أن تنشأ بين الشركاء في مرحلة التأسيس أي قبل تقييد الشركة في السجل التجاري،
خصوصا إذا ما علمنا أن الشركة التجارية في القوانين الجديدة لا تكتسب الشخصية
المعنوية إلا بالتسجيل في السجل التجاري، فهل تختص بها المحاكم التجارية، أم أن الاختصاص يرجع
إلى المحاكم العادية؟، وما يؤجج هذا الإشكال هو ما جاء في المادة الثامنة من
قانون شركات المساهمة والمطبقة على باقي الشركات، من أن العلاقات بين المساهمين في
مرحلة التأسيس خاضعة لعقد الشركة وللمبادئ العامة في قانون الالتزامات والعقود.
فهناك من يرى أن الاختصاص ينعقد خلال هذه المرحلة للمحكمة التجارية، ما دام أن عقد
الشركة يهدف بالأساس إلى تأسيس شركة تجارية، كما أن هذه المرحلة تدخل في إطار
الأعمال التحضيرية لممارسة النشاط التجاري الذي يظل من صميم النشاط الاقتصادي
للشركة، ولأن طبيعة النزاعات التي قد تثار بين الشركاء سوف لن تتعلق سوى ببنود عقد
الشركة أو شروط التأسيس. وهذا الرأي منطقي، خصوصا إذا ما علمنا أن مشروع قانون رقم
53-95، كان يساير إعطاء الاختصاص للمحكمة التجارية في النزاعات المتعلقة بالتأسيس،
بحيث أن المادة الخامسة كانت تنص على: "النزاعات بين شركاء في شركة تجارية
فيما يتعلق بتأسيسها أو مدتها أو حلها أو تصفيتها".
المطلب الثاني
المقصود بالشركاء في شركة تجارية
بداية نشير إلى
أن الشركاء في شركة تجارية، ليسوا من صنف واحد، فهناك شركاء يكتسبون الصفة التجارية،
وهناك شركاء لا يكتسبون هذه الصفة بالرغم من أنهم منخرطون في شركة تجارية؛ بحيث أن
الشريك في شركة التضامن والشريك المتضامن في شركة التوصية البسيطة، وكذا الشريك
المتضامن في شركة التوصية بالأسهم، يكتسب صفة تاجر عند دخوله كشريك في هذه
الشركات. وعلى خلافه، فإن الشريك الموصي في شركة التوصية البسيطة أو شركة التوصية
بالأسهم، والشريك في شركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة، لا يكتسب
الصفة التجارية لمجرد دخوله كشريك في إحدى هذه الشركات. وتقرير الصفة التجارية بالنسبة للصنف
الأول من الشركاء، غير مرتبط بطبيعة هذه الشركات التجارية من حيث الشكل، وإلا
اعتبر جميع الشركاء والمساهمين تجارا نتيجة انتمائهم للشركات التجارية، في حين أن
المشرع حدد صفة تاجر فقط في الشريك المنتمي لشركة التضامن، وباقي الشركاء
المتضامنين في كل من شركة التوصية بالأسهم وشركة التوصية البسيطة، والشريك المسير
لشركة المحاصة. ويرى الأستاذ محمد لفروجي أن الاعتبار
الشخصي لهذه الشركات هو الذي يقف وراء هذا التمييز، وذلك لأن المسؤولية الشخصية
التضامنية والمطلقة للشريك التاجر عن ديون الشركة تجعله يتأثر مباشرة بالأعمال
التي تقوم بها الشركة، الأمر الذي يقتضي أن يكون الشريك أهلا لممارسة هذه الأعمال
التجارية شأنه شأن التاجر الشخص الطبيعي الذي يمارس نشاطه بصورة مستقلة ولحسابه
الخاص. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل صفة شريك في شركة تجارية تعتبر كافية لقيام اختصاص المحكمة
التجارية؟ أم أنه لابد أن يكون الشريك قد اكتسب بفعل دخوله كشريك في الشركة
التجارية صفة تاجر، بمعنى أخر عدم اختصاص المحكمة التجارية إذا بقي الشريك محافظا
على صفته المدنية ؟
هناك جانب من الفقه المغربي يرى أن المحكمة التجارية تكون
مختصة سواء كان الشريك مكتسبا للصفة التجارية أم لا، وذلك من منطلق أن المحاكم
التجارية ليست بمحاكم التجار فقط، بمعنى أنها ليست بمحاكم مهنية يتقاضى فيها
التجار. كما أن الاجتهاد القضائي الفرنسي لم يشترط
الصفة التجارية في الشريك، من أجل إعطاء الاختصاص للمحكمة التجارية، وذلك بالاعتماد على صياغة
الفصل632-2 من القانون التجاري الفرنسي، التي لا تميز بين الشريك التاجر وغير
التاجر. ويعزو ذ محمد المجدوبي الإدريسي موقف هذا
الاجتهاد القضائي، إلى ميل القضاء الفرنسي إلى اعتبار الأعمال المتعلقة بإنشاء أو
تسير أو حل الشركات التجارية من قبيل الأعمال التجارية الموضوعية. مع الإشارة إلى
أن هناك محاكم تجارية مغربية، تتبنى اتجاها مخالفا، مثل ما ذهبت إليه محكمة
الاستئناف التجارية بفاس التي اعتبرت في قرارها رقم 72 بتاريخ 8/6/1999، في الملف
عدد 62/98: "أن مجرد المساهمة في شركة تجارية بنص القانون لا يضفي على المساهم
فيها الصفة التجارية إذا كان لا يمارس عملا تجاريا بصورة اعتيادية واحترافية كما
تنص على ذلك أحكام المادة 6 و7 من مدونة التجارة وبالتالي فإن المحكمة التجارية
غير مختصة نوعيا للبت في الطلبات المدنية الصرفة". ونحن نرى أن المحكمة التجارية تكون
مختصة كيفما كان الشريك، وذلك بالنظر لعمومية البند الرابع من المادة الخامسة،
التي تتحدث عن اختصاص المحكمة التجارية بالنزاعات بين الشركاء دون تمييز بين شريك
تاجر وغير تاجر.
وهناك إشكال أخر يثور بشأن هذا النوع من الاختصاص، ويتمثل في توسيع اختصاص المحكمة
التجارية ليشمل النزاع الحاصل بين أحد الشركاء في مواجهة الشركة؟
هناك جانب من الفقه الفرنسي يرى أن المقصود بالنزاعات بين الشركاء ليس قاصرا على
المنازعات بين الشركاء في شركة تجارية بصفتهم هذه، بل من الممكن أن يمتد هذا
الاختصاص ليشمل النزاع القائم بين أحد الشركاء في مواجهة الشركة، وحجتهم في ذلك هي
أن الشركة هي في الأصل متكونة من الشركاء. وهذا الاتجاه أيده القضاء الفرنسي عند
قبوله للدعوى التي يرفعها الشريك المساهم ضد الشركة في شخص مسيرها للمطالبة بحقه
في الإطلاع على وثائق الشركة. بينما هناك رأي مخالف يرفض تمديد اختصاص المحكمة
التجارية للنزاع الحاصل بين الشركاء والشركة، وذلك بالنظر إلى كون هذا التمديد
يتجاوز حرفية وصياغة النص زيادة على إقصائه لمفهوم الشخصية المعنوية للشركة من خلال
تسليط الضوء فقط على الشركاء المكونين للشركة. وهكذا ينبغي، تطبيقا
لهذا الاتجاه، تفسير البند الرابع من المادة الخامسة تفسيرا ضيقا، بحيث ينحصر في
النزاع الناشئ بين شريكين في نفس الشركة، في حين يتم استبعاد الدعوى التي يقيمها
الشريك في شركة تجارية ضد شخص أجنبي عن الشركة، والدعوى التي ترفعها الشركة في
مواجهة مراقب الحسابات.... وهكذا فإن الاختصاص ينعقد للمحكمة التجارية كلما
تعلق الأمر بنزاع بين شركاء (بالمعنى المحدد أعلاه)، ينتمون لأحد الشركات التجارية
المحددة في المطلب الأول من هذا المبحث، غير أن هذه الشروط لا تكفي لوحدها من أجل
إعطاء الاختصاص للمحكمة التجارية، بل لابد من أن يكون للنزاع طبيعة خاصة، وهذا ما
سنناقشه في المبحث الموالي.
المبحث الثاني:
تحديد المقصود بالنزاعات
سنتناول في هذا المبحث الشروط
المتطلبة في النزاع حتى يكون من اختصاص المحكمة التجارية (المطلب الأول)، كما سنتطرق
للنزاع الذي ينشأ بين الشركاء ويكون متضمنا لجانب مدني (المطلب الثاني).
المطلب الأول
الشروط المتطلبة في النزاع
يشترط في النزاع الناشئ بين الشركاء حتى يكون من اختصاص
المحكمة التجارية، أن ينصب على تأسيسها أو تسيرها أو حلها أو تصفيتها، وبصفة عامة
أن يتعلق بحياة الشركة منذ تأسيسها إلى غاية تصفيتها، بمعنى أن النزاع يجب أن يأخذ
مصدره من عقد الشركة. وهذا الاشتراط يجد أساسه من خلال ملاحظة الفصل 2-632 من
قانون التجارة الفرنسي الذي يستعمل عبارة pour
raison أي " بسبب
الشركة"، مما يعني أن النزاع يجب أن يكون متعلقا
بالشركة، ثم بالنظر إلى مشروع القانون المغربي الخاص بالمحاكم التجارية، حيث أن
البند الرابع من المادة الخامسة كان ينص على: "النزاعات بين شركاء في شركة
تجارية فيما يتعلق بتأسيسها أو مدتها أو حلها أو تصفيتها". وهكذا فإن المحكمة
التجارية لا تختص نوعيا للبت في النزاعات الناشئة عن العلاقات الشخصية، لأن النزاع
يكون أجنبيا عن المصالح المشتركة للشركاء، وهو ما قرره القضاء الفرنسي في العديد من القرارات عند
استبعاده للنزاعات المتعلقة بتفويت الأسهم من اختصاص المحاكم التجارية لعدم
الارتباط المباشر لهذا التفويت بعقد الشركة. غير أن تفويت الحصص والأسهم متى كان من شأنه أن يؤثر على
تسيير الشركة أو مراقبتها عن طريق انتقال الحصص والأسهم، فإن النزاع المثار بشأنه
يظل من اختصاص المحكمة التجارية. كما أن الاختصاص يعود للمحكمة التجارية،
إذا ما تم هذا التفويت في إطار مسطرة التصفية القضائية لكون المحاكم التجارية يرجع لها الاختصاص فيما يتعلق بصعوبات المقاولة. وهذا ما أكد عليه القضاء المغربي من خلال
الحكم رقم 147/2002 الصادر بتاريخ 28/02/2002، عن المحكمة التجارية بأكادير:
"حيث إن المطالبة بمقابل بيع الأسهم أو تنفيذ الالتزامات الناشئة عن تحويل
الحصص ليست سوى عملية مدنية صرفة واختصاص المحكمة التجارية حسب البند الرابع من
المادة الخامسة تشير إلى النزاعات بين الشركاء في شركة تجارية واهتداء بالقانون
المقارن وعلى الخصوص القانون الفرنسي المادة 631 الفقرة الثانية من القانون
التجاري فإن نص المادة الخامسة المذكورة يجب أن تفهم على أساس أن النزاع الذي
يكتسي صبغة تجارية يكون مصدره عقد الشركة وبمعنى أخر أن يرتبط هذا النزاع بتأسيس
أو تسير أو حل الشركة أما ما عدا ذلك من النزاعات فلا يدخل في اختصاص المحاكم
التجارية، كما لو كان النزاع يتعلق بموضوع لا علاقة له بالشركة كأداء دين،
والاجتهاد القضائي الفرنسي جرى على استبعاد المنازعات المتعلقة ببيع الحصص أو
الأسهم من دائرة الاختصاص التجاري". وهكذا فإن المحاكم التجارية تختص في النزاعات الناشئة خلال
تأسيس الشركة، والنزاع الحاصل أثناء حياة الشركة وكذا خلال انقضائها:
بالنسبة للنزاعات التي تحصل بين
الشركاء في مرحل التأسيس، نجد مثلا: عدم قيام أحد الشركاء في شركة ذات المسؤولية
المحدودة، بأداء كامل حصته، مما يعرقل تأسيس الشركة، على اعتبار أن المادة 50 من
القانون 96-5، تشترط لصحة التأسيس، أن يتم دفع مجموع مبالغ الحصص.
بالنسبة للنزاعات التي تحصل أثناء قيام الشركة نجد: تنازع الشركاء
حول توزيع الأرباح،كما يدخل في اختصاصها أيضا طلب أحد
المساهمين التصريح ببطلان محضر الجمعية العامة لإخلاله بإجراءات دعوة الجمعية
العامة للانعقاد، أو الإخلال بمبدأ المساواة بين المساهمين، أو بدعوى الطعن
في قرارات الجمعية العامة بسبب استبداد الأغلبية أو المساس بالمصلحة الاجتماعية
للشركة كعدم الالتزام بأغراض الشركة. كما يثور النزاع بين الشركاء، بسبب قيام
أحد الشركاء بالاستيلاء على جميع أموال وعقارات الشركة وإدارتها وتسيرها لحسابه
الخاص دون مراعاة أو اعتبار لأي من باقي الشركاء ودون تقديم أي حساب، كما تختص في
النزاع الناتج عن استعمال أحد الشركاء لأموال أو الأشياء المشتركة لمصلحته أو لمصلحة الغير دون الحصول على إذن مكتوب من
باقي الشركاء.
المطلب الثاني
النزاعات التي تتضمن جوانب مدنية
حسب المادة
التاسعة من قانون المحاكم التجارية، تختص المحكمة التجارية بالنظر في مجموع النزاع
التجاري الذي يتضمن جانبا مدنيا، وهكذا إذا عرض على المحكمة التجارية نزاع يتضمن
جوانب مدنية، فإنه يتعين على المحكمة أن تتبين الجانب الأكثر أهمية من الأخر، فإذا
كان النزاع في جوهره يتعلق بتأسيس الشركة أو تسييرها أو حلها أو ما شابه ذلك،
فإنها تكون مختصة فيه حتى ولو كان يتضمن جانبا مدنيا. لكن المسألة تزداد تعقيدا عندما تجد
المحكمة التجارية نفسها أمام نزاع يتضمن جانبا مدنيا، يرجع الاختصاص فيه للمحكمة
ذات الولاية العامة، خصوصا إذا ما علمنا أن الفصل 15 من قانون المسطرة المدنية،
ينص على اختصاص المحكمة بالنظر في جميع الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة
التي تدخل بنوعها أو قيمتها في حدود اختصاصه، مما يعني بمفهوم المخالفة أنه لا
يجوز للمحكمة أن تبت في الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة إذا خرجت عن حدود اختصاصها النوعي. وهناك نموذج لهذا النوع من النزاعات التي
تهم الشركاء والتي تتضمن جانبا مدنيا، والمتمثل في النزاع حول استحقاق متروك أو
قسمته، عندما يكون هذا المتروك عبارة عن سهم أو حصة في شركة، بحيث أن الشركاء
يطالبون باختصاص المحكمة التجارية بالنظر إلى أن المتروك هو جزء من رأس مال
الشركة، في حين يطالب الورثة باختصاص المحكمة الابتدائية (حاليا المختص هو قسم قضاء الأسرة)، على
اعتبار أنهم ليسوا بتجار و بأن الاختصاص في التركة هو المحاكم العادية. وقد
انعكس هذا الإشكال على القضاء، حيث برز اجتهاد قضائي يحكم بعدم اختصاص المحكمة
التجارية في هذا النزاع، واجتهاد أخر يقضي باختصاصه.
فالاتجاه الأول، وتمثله المحكمة التجارية بطنجة، اعتبرت أن طلب التشطيب من السجل التجاري
على إراثة وتسجيل أخرى، وإبطال محضر الجمعية العمومية للشركة يتوقف على البت في
صفة المدعي كوارث أم لا للهالك، وهي مسألة تدخل في صميم الحالة المدنية للأشخاص،
وبالتالي قضت بعدم اختصاصها نوعيا في هذا النزاع،هذه أهم حيثيات هذا الحكم: "حيث يتبين من
الإطلاع على مقال الدعوى بأن الطلب وإن كان في مظهره يهدف إلى الحكم بطلبات ندخل
في إطار اختصاص المحكمة التجارية (التشطيب من السجل التجاري على اراثة وتسجيل أخرى
وإبطال محضر الجمعية العمومية للشركة) إلا أنه وفي جوهره واعتبارا لمنازعة المدعى
عليهم في صفة المدعي كوارث يخرج عن اختصاصنا نظرا لن البت في الطلبات المذكورة
يتوقف كشرط أساسي على البت في صفة المدعي كوارث أم لا للهالك، وهي مسألة تدخل في
صميم الحالة المدنية للأشخاص.
وحيث إن الاتجاه المجمع عليه في
القضاء الفرنسي الذي تتشابه مقتضياته في مادة الاختصاص مع مقتضيات التشريع المغربي
يذهب إلى أن المحاكم التجارية غير مختصة للبت في المسائل التي تهم الحالة المدنية
للأشخاص ولو كان النزاع قد أثير بصفة عارضة بمناسبة البت في قضية تجارية، وحيث إن
الاستناد إلى الفصل 9 من قانون المحاكم التجارية للقول بإسناد الاختصاص هو استناد
في غير محله، ذلك أن الأمر في النازلة لا يتعلق بنزاع تجاري يتضمن جانبا مدنيا
وإنما بنزاع شرعي أساسا يتوقف على البت فيه قبل البت في النزاع التجاري بشأن
التشطيب وبطلان محضر الجمع العام، وهو ما يجعل النزاع التجاري نزاعا فرعيا والنزاع
الشرعي هو النزاع الأصلي، وهو مما يقتضي معه التصريح بعدم اختصاص وإحالة الملف على
المحكمة الابتدائية بتطوان للبت فيه طبقا للقانون".
وعلى عكس هذه المحكمة صرحت محكمة الاستئناف
التجارية بفاس، بكون المحكمة التجارية تكون مختصة في مثل هذا النوع من النزاعات
معتمدة على الحيثيات التالية: "حيث إن جوهر النزاع وموضوع الطلب الذي يحدده
الإطار القانوني هو إبطال محضر الجمعية العادية المنعقدة بصفة استثنائية بتاريخ
29/12/1997 للشركة استنادا للاراثة التي أدلى بها المدعي المؤرخة في 13/10/97،
وبالتالي التشطيب على الاراثة المدلى بها من طرف المدعى عليهم المؤرخة في
26/11/97.
وحيث إن المحكمة التجارية تكون مختصة كلما تعلق الأمر بنزاع حول قيام الشركة أو
تأسيسها وبصفة عامة كل النزاعات الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية.
وحيث إن منازعة المدعى عليهم للمدعي في صفته كوارث لا يمكن اعتباره نزاعا شرعيا
معروضا على المحكمة التجارية، وإنما مجرد دفع تقيمه عند البت في الدعوى التجارية
الرامية بالأساس إلى المطالبة بإبطال محضر جمع عام لشركة مجهولة الاسم.
وحيث يكون بذلك الحكم المستأنف قد جانب الصواب لما قضى بعدم اختصاص المحكمة
التجارية نوعيا للبت في النزاع رغم أن موضوع الدعوى يدخل ضمن اختصاصها النوعي وفق
أحكام مقتضيات الفصل 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية".
وهذه المسألة تحتاج إلى تدخل تشريعي، أو على الأقل صدور قرار عن المجلس الأعلى من
أجل حسم الخلاف بشأنها.
خاتمـة:
من خلال ما يبق
اتضح لنا أن انعقاد الاختصاص للمحاكم التجارية في النزعات الناشئة بين الشركاء في
شركة تجارية، يتطلب أن يكون لشركة الصفة التجارية، وأن يكون النزاع حاصل بين
الشركاء فقط، كما أن هذا النزاع ينبغي أن لا يكون ذا طابع شخصي، كما لاحظنا أن
هناك مجموعة من الإشكالات تثور بصدد تحديد هذا الاختصاص، بعضها وجد الحل مثل مسألة
تأثير عدم اكتساب بعض الشركاء لصفة التجارية، على من الاختصاص للمحاكم التجارية،
في حين أن هناك إشكالات أخرى ما تزال تنتظر الحل، وبالأخص مسألة النزاع المتضمن
لجانب مدني.
اختصاص
المحاكم التجارية بالبت في
النزاعات
المتعلقة بالأصول التجارية
جهاد أكرام
محام
متمرن بهيئة الدار البيضاء
لقد نصت المادة
5 من القانون 53-95 على اختصاص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة
بالأصل التجاري في فقرتها الخامسة. فما هو الأصل التجاري
(المبحث
الأول)؟ ثم ما المقصود بالنزاعات المتعلقة به (المبحث الثاني)؟
المبحث
الأول:
مفهوم الأصل التجاري
الأصل التجاري مال معنوي منقول مكون من اجتماع عناصر معنوية وأخرى مادية،
بغاية الاستغلال التجاري(1). ويتفاوت مدى إجبارية توافر العناصر المادية أو
المعنوية باختلاف طبيعة ومكان مزاولة النشاط التجاري للتاجر، بحيث تتطلب الأصول
التجارية المستغلة في عقارات غير مملوكة للتاجر توافر الحق في الكراء، وتستلزم تلك
المستغلة بمناسبة البيع والشراء وجود بضاعة دون تلك التي يكون الغرض منها تقديم
خدمات وأعمال. والأمثلة كثيرة، ولكن كافة الأصول التجارية تستلزم بالضرورة توفر
عنصر الزبناء الذي لا يمكن القول بوجود أصل تجاري بدونه. فالأصل التجاري ينشأ
ويتطور وتزداد قيمته وتضمحل ثم يندثر بحسب اتصال عنصر الزبناء به. من هنا نقول إن
قيام الأصل يتوقف لزاما على توفر عنصر الزبناء(2). ولكن اعتبار كل استغلال لعناصر
مادية ومعنوية مجتمعة -من بينها عنصر الزبناء- كافيا لنشوء الأصل التجاري، أمر غير
سليم و ذلك لأنه:
-من جهة أولى، فإن عنصر الزبناء كما قلنا سابقا ليس العنصر الضروري الوحيد
لنشوء الأصل التجاري، بل فقط العنصر الأساسي المشترك بين كافة الأصول التجارية.
فهناك أصول تجارية لا تنشأ إلا مع وجود الحق في الكراء، وأخرى إلا بوجود بضائع ...الخ.
- ومن جهة ثانية، لأن وجود الأصل التجاري المستغل في المحل
المكترى يكون رهينا بمرور مدة معينة على الانتفاع بالمحل الذي يمارس فيه التاجر
نشاطه، و هي سنتان في عقود الكراء الكتابية وأربع سنوات في العقود الشفوية (الفصل 5 من ظ 24/5/1955).
- ومن جهة ثالثة –وهي التي تهمنا-، فلو كان الأمر كذلك لأمكن اعتبار المحامي أو الطبيب
اللذين يزاولان مهنتهما في ظل ظروف مشابهة لتلك التي يمارس فيها التاجر نشاطه،
لأمكن اعتبارهما مالكي أصول تجارية. صحيح أن كلا من المحامي والطبيب وغيرهما من
أصحاب المهن الحرة غير التجارية يتوفر على الزبناء، ويملك بالتالي مالا معنويا
منقولا شبيها إلى حد بعيد بالأصل التجاري، غير أنه لا يمكن أن يكون كذلك بل هو أصل
مهني. وإذا كان الأصل التجاري قد فرض وجوده كنظام قانوني مستقل عن الأموال التي
تشكله، فإن الأصل المهني لا يقل عنه أهمية، خاصة إذا نظرنا إلى الظروف التي
يمارس فيها بعض المحامين والأطباء مهنهم؛ فإذا كان المشرع قد تبنى تنظيما قانونيا
للأصل التجاري وأقر له حماية قانونية، فإن الدور قد حان لتخصيص الملكية المهنية
بنفس الامتياز.
وليس هذا
موضوعنا، ولكن الذي نرمي إليه من وراء كل هذا هو أن نشوء أصل تجاري، وبالتالي ثبوت
الاختصاص للقضاء التجاري في النزاعات المتصلة به، مشروط بكون العمل المستغل بواسطة
هذا الأصل عملا تجاريا. وفي هذا الصدد قضت محكمة الاستئناف بالبيضاء في قرار حديث
لها "أنه وإن كانت تتوفر للاستغلال المهني للمصحة المذكورة عناصر من طينة تلك
التي يتشكل منها المحل التجاري كعنصر الزبناء والأثاث والآليات فإنها لا ترقى لهذه
الصفة لفقدان الصفة التجارية للنشاط الممارس بها باعتبار
أنه يلزم في المحل التجاري أن تثبت الصفة التجارية
لنشاطه كما يلزم أن يمارس المستغل النشاط التجاري على وجه الاحتراف حتى يكتسب صفة
التاجر. أضف إلى ذلك أن الزبناء كأحد أهم العناصر المتعلقة بالمبيع ترتبط بشخص
صاحب المحل كطبيب لكفاءته و تمرسه لا بالمقر الذي يزاول فيه مهنته"(3).
المبحث
الثاني :
المقصود
بالنزاعات المتعلقة بالأصل التجاري
-مشروع القانون 95-53: إذا
كان الاختصاص في قضايا الأصول التجارية قد نص عليه في مشروع القانون 53-95، فإن النص
الأصلي للمادة 5/5 لم يبق على
حاله في الصيغة النهائية للمادة المصادق عليها. ففي حين نصت المادة 5 في المشروع
على اختصاص المحاكم التجارية للبث في النزاعات الخاصة بالأصول التجارية بين كافة
الأشخاص، نجد المشرع قد حذف عبارة "بين جميع الأشخاص" في الصيغة
النهائية لهذه المادة. كما وأن هذه الفقرة أثارت نقاشا حادا بمناسبة المناقشات في
لجنة العدل و التشريع و عرفت التعديل أكثر من مرة(4).
-الاختصاص
على أساس معيار موضوعي: وقد أسند المشرع الاختصاص للقضاء التجاري للبث في
نزاعات الأصول التجارية على أساس موضوعي محض وبغض النظر عن صفة أطراف النزاع. ولا
يقدح في هذا القول حذف المشرع عبارة "بين جميع الأشخاص" من المادة5 ، ما دام أنه
لم يتطلب صراحة توافر صفة التاجر في أطراف النزاع، بل فقط تعلقه بالأصل التجاري. و
في ذلك قضت محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء "أن عقد التسيير الحر باعتباره
ينظم أحد التصرفات المنصبة على الأصل التجاري و التي تكفلت مدونة التجارة بتنظيمها
فإن جميع النزاعات المتعلقة بشأن تطبيق هذا العقد تكون من اختصاص المحاكم التجارية
بغض النظر عن صفة موقع العقد و ذلك تطبيقا لمقتضيات المادة5 من القانون المحدث للمحاكم التجارية"(5).
-مرونة المعيار:
هذا، وبنص المشرع على "النزاعات المتعلقة بالأصل
التجاري"، يكون قد استعمل معيارا مرنا في تحديد النزاعات الخاضعة لسلطة
القضاء التجاري في مادة الأصول التجارية، حيث إن هذه العبارة تغطي العديد من
النزاعات كلما وقفت المحكمة على ما لها من علاقة بالأصل التجاري. ومن تم يمكن
القول بأن النزاعات المتعلقة بالأصل التجاري التي يختص القضاء التجاري بالفصل فيها
لا تقع تحت حصر، ولكننا نكتفي هنا بدراسة نوعين من النزاعات نظرا لشيوعهما
وأهميتهما، وهما تباعا النزاعات الناشئة بمناسبة العمليات الواقعة على الأصل
التجاري(المطلب الأول)، والنزاعات الناشئة في إطار ظهير 24
ماي 1955(المطلب
الثاني).
المطلب
الأول:
النزاعات
الناشئة بمناسبة العمليات الواقعة على الأصل التجاري
يذهب جانب من الفقه إلى القول باقتصار الاختصاص المذكور في المادة 5/5 من القانون 53-95 على هذه
النزاعات(6). والأقرب للصواب عكس ذلك لأن النزاع المتعلق بالأصل التجاري أعم وأشمل
من النزاع المتعلق بالعملية المنصبة عليه. ويقصد بالعمليات الواقعة على الأصل
التجاري في هذا المجال مختلف العمليات التي يكون هذا الأصل موضوعا لها. ويغلب أن
تتخذ هذه العمليات شكل العقد، ولكن لا مانع من ورودها في شكل آخر كما هي حالة
الوعد بالجائزة الذي يكون محله أصلا تجاريا. وقد حددت مدونة التجارة عددا من
التصرفات العقدية المتعلقة بالأصل التجاري في القسم الثاني من الكتاب الثاني منها
تحت عنوان "العقود المتعلقة بالأصل التجاري"، فخصت بالذكر كلا من عقد
البيع وعقد الرهن وعقد تقديم الأصل التجاري حصة في شركة وعقد التسيير الحر.
وإذا كان المشرع من خلال المواد من 81
من المدونة قد وضع لائحة بالعقود المتعلقة بالأصل التجاري، وكلها في الحقيقة من
قبيل العقود المنصبة على الأصل التجاري، فإن هذا التعداد
ليس حصريا، بل تقنينا لجملة من العقود الشائعة والتي
توظف تقنيات قانونية مغايرة عن تلك المنصوص عليها في ظ.ل.ع نظرا لخصوصية الأصل
التجاري. كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال القول إن المشرع يستطيع أن يحدد
لائحة حصرية للعقود. وعليه نقول إن العقود الواردة على الأصل التجاري غير محصورة
في المواد
من 81 من المدونة.
وخير مثال على ذلك عقد هبة الأصل التجاري. فنقول إن كل نزاع متعلق بعمل وارد على
الأصل التجاري خاضع لولاية القضاء التجاري.
وقد أسند
القانون الاختصاص للمحاكم التجارية في هذا النوع من القضايا بغض النظر عن تجارية
أطراف النزاع(7) و لا تجارية العمل الوارد عليه:
- فمن
جانب أول، فإن هذه العمليات وإن كانت تستوجب مبدئيا صفة التاجر في
أحد طرفيها، فإنها لا تستلزم في الطرفين معا. وتلك حالة عقد بيع الأصل التجاري
لشخص لم يكتسب الصفة التجارية بعد، و إنما ينوي الشروع في الاستغلال التجاري بعد
شرائه للأصل. وتقاس عليها حالة عقد التسيير الحر. بل وإننا قد نكون أمام حالة
تنتفي فيها الصفة التجارية عن كافة أطراف العقد، وبالتالي أطراف النزاع، وتلك حالة
عقد بيع الأصل التجاري من طرف ورثة التاجر لشخص يعتزم البدء في ممارسة التجارة
باستغلال هذا الأصل.
- ومن
جانب ثان، فإن الاختصاص يثبت بغض النظر عن كون العمل المنصب على
الأصل التجاري تجاريا أم لا. ورغم أن بيع الأموال أو رهنها أو إكرائها لا يعتبر
عملا تجاريا، فقد دأب الفقه على منح الوصف التجاري للعمليات المنصبة على الأصل
التجاري، واعتبر أن هذه الأعمال تكتسب الوصف التجاري بالتبعية لصفة القائم بها ولو
تعلقت بالأعمال التحضيرية لممارسة التجارة(8)؛ غير أن ذلك لا يزيد شيئا ولا ينقصه
في مسألة اختصاص المحكمة التجارية في النزاعات المتعلقة بالعمليات المنصبة على
الأصل التجاري.
المطلب
الثاني:
النزاعات
الناشئة تطبيقا لظهير 24 ماي 1955
جاء هذا الظهير لينظم مساطر تجديد وإنهاء عقود كراء الأملاك والأماكن
المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف، وبالتالي لوضع "ضابط خاص لإقرار
العلاقات بين المكرين والمكترين للأملاك أو الأماكن التي أعدت لشؤون تجارية أو
صناعية أو حرفية. وكان الغرض الرئيسي منه هو حماية هذه الطبقة من المكترين من
الغلو في غبن حقوقهم الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، فوجبت وقتئذ الحيلولة دون
حدوثه لأنه كان تسبب في ضرر لمستغلي تلك المتاجر ولأرباب ديونهم. ومن تم يمس
المؤسسات ويمتد مفعوله في نهاية الأمر إلى ما كان يرغب فيه الصالح العام وهو
استقرار نشاط الأعمال التجارية والصناعية والحرفية"(9). على أن هذا النوع من
النزاعات شكل مصدرا لجدل حاد في الأوساط الفقهية المغربية من حيث مدى اختصاص
المحاكم التجارية بالبث فيه على أساس المادة 5/5
من القانون 53-95، بل إن
الجدل تجاوز الوسط الفقهي للقضائي(10)، كل هذا بالرغم من صراحة الأعمال التحضيرية
لقانون إحداث المحاكم التجارية في النقطة موضوع النقاش (هذا إذا اعتبرنا أن نص
المادة5 منه لم
يكن فاصلا بكيفية صريحة).
والحقيقة أن
الجدال بدأ قضائيا: فبعد أن حكمت المحكمة التجارية بالبيضاء بعدم اختصاصها
بالنظر في قضايا إفراغ المحلات التجارية على أساس المادة 5/5 ق.م.ت،
وأيدت أحكامها محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء وسارت استئنافية فاس
التجارية في ذات الاتجاه(11)، خالفته محكمة الاستئناف التجارية بمراكش وحكمت باختصاصها
بالبث في قضايا إفراغ المحلات التجارية على أساس الفقرة 5
من المادة 5 من القانون 53-95، أي باعتبار
هذه المنازعات متعلقة بالأصول التجارية(12)؛ فوقع أن تضاربت أحكام المحاكم
التجارية المغربية في تقبل النظر في هذه القضايا بين رافض في شخص محكمتي البيضاء وفاس
الاستئنافيتين، وقابل في شخص محكمة الاستئناف بمراكش.
انقسم الفقه أيضا إلى جانبين، جانب قال باختصاص المحاكم التجارية وآخر قائل
باختصاص المحاكم الابتدائية(13)، ولكل رأي أسسه. وقد كنا وما نزال من جانب الرأي
الأول، وما الذي نكتبه هنا سوى استعراض لرأينا في الموضوع والذي كنا قد أدلينا به
بمناسبة نقاشنا مع أستاذ المادة التجارية في السنة الثالثة للإجازة، أي قبل فصل
المجلس الأعلى في الموضوع بمدة وجيزة.
فقد ذهب الرأي الأول إلى القول، أولا بأن عقد الكراء الذي يبرمه التاجر مع
صاحب المحل الذي يستغل فيه الأصل التجاري، عقد تجاري وبالتالي اختصت المحاكم
التجارية على أساس الفقرة2 من المادة5 من القانون53-95، وثانيا بأن
المادة 5 ق.م.ت
جاءت مطلقة ودون تحديد، ولو أن المشرع أراد قصر هذه النزاعات على العمليات التي يكون الأصل التجاري موضوعا لها لاستعمل عبارة
النزاعات المنصبة على الأصل التجاري، وإلى أن الحق في الكراء الذي يتوخى ظهير1955 حمايته هو
أحد عناصر الأصل التجاري، وبالتالي اختصت تلك المحاكم على أساس الفقرة 5 من المادة
المذكورة.
وقد قوبل هذا الرأي بالنقد الشديد من طرف أنصار الرأي الثاني الذي اعتبر
بعضه أن عقد كراء المحل التجاري ليس عقدا تجاريا لأنه لم يرد في مدونة التجارة بل
في ظهير 1955؛ وذهب بشأن
الأساس الثاني إلى أن عقد كراء المحل التجاري ينصب على عقار، وإلى أنه لا علاقة
لظهير 1955 المقنن
لكراء المحلات التجارية وهي عقارات، بالأصل التجاري وهو مال معنوي منقول؛ وقال البعض
بأن المحاكم التجارية في المغرب قليلة وأن القضاء عليه أن يراعي لحكمه باختصاصه في
هذه الدعاوى قرب المتقاضين منه، خصوصا وأن المحاكم التجارية في فرنسا والتي يفوق
عددها بكثير عدد نظيرتها بالمغرب لا تختص بالبث في دعاوى إفراغ المحلات التجارية.
في حين قال جانب آخر من الفقه بأن الاختصاص في هذه القضايا منعقد للمحكمة
الابتدائية بالنظر إلى صراحة مقتضيات الفصل 27
من ظهير 1955 (14).
و موقفنا من
هذا الجدال موقف متحيز للقائلين بإسناد هذا الاختصاص المحاكم التجارية، وسنحاول
تأسيس هذا الرأي على النية الحقيقية لواضعي قانون إحداث المحاكم التجارية التي
إنما انصرفت إلى إسناد ذاك الاختصاص لهذه المحاكم، وقبل ذلك تفنيد كل أساس من
الأسس التي استند عليها القائلون باختصاص المحاكم الابتدائية.
+ إن القول بأن عقد الكراء التجاري هو عقد منصب على عقار، في حين أن الأصل
التجاري مال معنوي منقول، لا يفيد في إبعاد اختصاص المحاكم التجارية. فهذا العقار
الذي ينصب عليه عقد الكراء، إنما يستغل فيه هذا المال المنقول المدعو الأصل
التجاري، ورفع دعوى المطالبة بفسخ عقد الكراء التجاري، وبالتالي إفراغ المحل
التجاري، إنما يعني إمكانية نهاية استغلال هذا الأصل التجاري فيه وبالتالي اندثاره
وتخلفه متى تبع ذلك انقطاع اتصال الزبناء به؛ فكيف بعد كل هذا لا يتصل نزاع إفراغ
المحل التجاري بالأصل التجاري، وهو الذي من شأنه أن يؤدي إلى إعدامه؟ وهل من
منازعة أوثق اتصالا بالأصل التجاري من تلك التي تهم إفراغ المحل التجاري الذي
يستغل فيه؟ (ولا أحد هنا يخلط يبن العقار والأصل التجاري كما يزعم بعض الفقه.)
+ أما القول بكون إفراغ المحلات التجارية مقننا بظهير 24
مايو 1955 الذي لا
علاقة له بالأصل التجاري، فلا أسهل من تفنيده. فهذا الظهير لم يوضع إلا حماية
للملكية التجارية وبالضبط حماية للأصول التجارية، بل إن مدونة التجارة ذاتها، ومن
خلال كتابها الثاني المتعلق بالأصول التجارية، لم تقر للأصل التجاري ذات الحماية
التي أقرها لها ظهير 24 ماي 1955.
+ أما القول بأن المحاكم التجارية الفرنسية لا تختص بالبث في هذه النزاعات،
فذلك لأن نصوص القانون الفرنسي لا تسند لها هذا
الاختصاص، بحيث لا تنص سوى على الاختصاص في النزاعات المتعلقة بالعمليات المنصبة
على الأصول التجارية(15).
+ كما أن القول إن القضاء عليه أن يراعي قرب المواطنين منه للحكم باختصاصه في نوع
من النزاعات، فلا يجدي مع كون الاختصاص الأصلي للسلطة القضائية تطبيق القانون ولا
سنه، خصوصا مع وضوح المقتضيات التشريعية، وإلا اعتبر ذلك تدخلا في شؤون سلطة سيدة
في الدولة. ونضيف أن مراعاة هذا المبدأ واجب ملقى على عاتق المشرع لا القضاء. فإن
لم تكن الدولة قادرة على تعميم المحاكم التجارية فما كان عليها إحداثها من أصله.
بل ونضيف: هل من الممكن أن تعلل المحكمة التجارية حكمها القاضي بعدم الاختصاص كما
يلي:
" وحيث إن عدد المحاكم التجارية في المغرب
قليل.
وحيث إن مقر المحكمة التجارية بعيد عن
مقر المتقاضي. وحيث إنه كان على المشرع مراعاة مبدأ قرب القضاء من المواطنين."؟
ألن يكون حكمها في هذه الحالة غير مرتكز على
أساس قانوني و بالتالي معرضا للإلغاء؟
+ أما القول بصراحة الفصل 27
من ظهير 1955، فلا نظن
أنه يستحق الرد من أساسه. فهل منع الفصل18
من ق.م.م المحاكم التجارية من النظر في القضايا المسند إليها الاختصاص فيها بموجب
القانون 53-95 أو غيره من
القوانين، وقبلها المحاكم الإدارية من البث في النزاعات المحددة في المادة 8 من القانون 90-41، على أساس
أن هذا الفصل يخول الاختصاص في جميع القضايا التجارية والإدارية للمحاكم
الابتدائية؟ ثم أليس من المبادئ الراسخة في كافة الأنظمة القانونية تقييد اللاحق
من التشريعات لسابقيه؟
وإذا ابتدأ
الجدال قضائيا، فقد انتهى أيضا كذلك من خلال قرار المجلس الأعلى عدد 2248 بتاريخ 14/11/2001 في الملف
عدد 2228/2000 الذي جاء
فيه: "حيث إن المادة الخامسة من القانون المحدث للمحاكم التجارية أسند الاختصاص
لهذه الأخيرة بالنسبة للنزاعات المتعلقة بالأصول التجارية وإن حق التوبة يخضع
لمسطرة تجديد عقد كراء محل معد للتجارة الذي هو أحد عناصر الأصل التجاري الداخل في
النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية"(16).
على أن كل هذا
الإشكال والجدل الفقهي والقضائي ما كان ليثور لو أمعنت المحاكم التجارية النظر في
الأعمال التحضيرية للقانون 53-95. فإذا أمكن
القول بأن الفقرة 5/5 من هذا
القانون لا تفصل في مسألة الاختصاص هاته، فإن إرادة المشرع في إسناده للمحاكم
التجارية واضحة من خلال ما أورده ذ/ عبد الكبير طبيح في كتابه عن المحاكم التجارية،
والذي يمكن اعتباره نوعا ما بمثابة الأعمال التحضيرية لقانون إحداث هذه المحاكم
بالنظر إلى أن مؤلفه كان عضوا في لجنة العدل و التشريع في البرلمان، وشارك بالتالي
في مناقشات بنود ومواد القانون المحدث للمحاكم التجارية. فقد جاء في كتابه هذا:
"فالمادة5 المذكورة
عرفت عدة محاولات لتعديلها كان في مقدمتها التعديل الذي قدمته الحكومة لأول مرة
والذي أضاف إلى اختصاصات محكمة التجارة الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية، التي
لم ينص عليها المشروع بصفة منفصلة، كما استثنى، أي تعديل الحكومة الأول، النزاعات
المتعلقة بأداء الكراء المتعلقة بالأصول التجارية، وحذف الفقرة 2 من نص
المادة في المشروع وهي الفقرة التي تدخل في اختصاص المحكمة التجارية البث في
النزاعات القائمة بين تاجر وغير تاجر إذا تعلق الأمر بأحد الأنشطة المنصوص عليها
في مدونة التجارة. على أن هذا التعديل الأول على هذه المادة لم يكن ليغطي جميع
القضايا التي هي بطبيعتها تجارية وكان من شأنه أن يجعل عدة قضايا لها طبيعة تجارية
تخرج عن اختصاص المحكمة التجارية مما سيفقد هذه الأخيرة الغرض الذي من أجله أحدثت.
ولقد كان المثال الواضح على ذلك هو الرغبة في استثناء النزاعات المتعلقة بأداء
الكراء في الأصول التجارية، هذا الاستثناء الذي يتناقض مع ظهير 24/5/1955 المنظم
لإفراغ الأصول التجارية. إذ أن المطالبة بأداء واجبات الكراء بالنسبة لأصل تجاري
معين، قد تنقلب إلى دعوى إفراغ الأصل التجاري وبالتالي فإن مسايرة التعديل الأول
كان سيجعل أهم النزاعات حول الأصول التجارية خارج اختصاص المحاكم التجارية.
ونظرا لأهمية
المآخذ التي ظهرت على التعديل الأول الذي أدخلته الحكومة على نص المادة 5 بادرت هذه
الأخيرة إلى تقديم تعديل ثان وتم حذف الاستثناء الذي وضع للنزاعات على الأصول
التجارية ليبقى للمحكمة التجارية صلاحية البث في جميع النزاعات المتعلقة بالأصول
التجارية، باستثناء قضايا الزيادة في الكراء في إطار ظهير 31 يناير 1953"(17).
كما جاء في
تدخل ذ. العياشي المسعودي نيابة عن فريق التجديد والتقدم بمناسبة مناقشة المادة 5 من مشروع
قانون المحاكم التجارية : "…وقد تم قبول وجهة نظرنا فيما يتعلق بالاختصاص النوعي. وهكذا تم التراجع عن
استثناء قضايا أداء الكراء من النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية…"(18). والذي
يظهر من كل ذلك أن الاختصاص في دعاوى الأصول التجارية منعقد للمحاكم التجارية بدون
منازع.
------------------------------------------
الهوامش:
1)- وقد عرفته المادة 79 من المدونة بكونه "مالا منقولا معنويا
يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة
تجارية".
2)- وقد أوجبت
المادة
80 من المدونة اشتمال الأصل التجاري على زبناء
و سمعة تجارية.
3)- قرار بتاريخ 10/10/2002 في الملف الاستئنافي عدد2001/1347– مجلة المحاكم المغربية ع 96– ص 196.
4)- عبد الكبير طبيح – المحاكم التجارية: الأسباب و الغايات – سلسلة حقوق الناس – منشورات الرهان الآخر –
الدار البيضاء – الطبعة الأولى – 2000 - ص 37.
5)- قرار رقم 99/537 بتاريخ4/5/99 في
الملف عدد 7/99/513– مجموعة قرارات محكمة الاستئناف التجارية
بالدار البيضاء – ع 2–
ص 77. رغم أنه يصعب تحديد ما إذا كانت حيثية هذا
القرار تثير اختصاص القضاء التجاري في مادة العقود التجارية أو الأصول التجارية.
والملاحظ أيضا أن هذا القرار لا يعالج سوى النزاعات المتعلقة بالعمليات المنصبة
على الأصل التجاري.
6)- من هذا الرأي
الفقهي: عز الدين بنستي – دراسات في القانون التجاري المغربي–ج 1– ط.1–
1998- ص 79. وأيضا بوعبيد عباسي – أورده محمد صابر –
اختصاص المحاكم التجارية للبث في النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهير 24/5/1955– مجلة المحاكم المغربية ع 92– ص 106.
وبصورة ضمنية: محمد بولمان – قضايا الكراء التجاري بين المحاكم المدنية و
المحاكم التجارية – مجلة المحاكم المغربية ع 96– ص 163.
7)- أنظر القرار
الوارد في الهامش 5.
8)- أنظر في تجارية
العمليات الواقعة على الأصل التجاري بتفصيل: علي حسن يونس – القانون التجاري –1977– ص
155. كما قضت محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء
"أن الأعمال التي يقوم بها التاجر بمناسبة تجارته و لو تعلقت بالأعمال
التحضيرية تعتبر تجارية ما لم يثبت خلاف ذلك". قرار رقم 98/41 بتاريخ 26/8/98
في الملف عدد 7/98/102– ق.م.ا.ت.ب–
ع 1– ص 62.
9)- أنظر تصدير ظهير 24 ماي 1955
بعنوان بيان الأسباب.
10)- وقد كان من
قبلهما تشريعيا، حيث أثارت المادة 5/5 نقاشا حادا بمناسبة مناقشتها في لجنة العدل
والتشريع بمجلس النواب.
11)- قرار رقم 98/1 بتاريخ 25/6/98
في الملف عدد 3/98/4– ق.م.ا.ت.ب–
ع 1– ص 8.
قرار محكمة الاستئناف
التجارية بفاس رقم 98/227 بتاريخ 21/12/98
في الملف عدد 98/339– أشار إليه محمد صابر – م.س –
قرار منشور بمجلة المنتدى - ع 1– أكتوبر 1999.
وقد أرادت الصدف أن يكون أول قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء محور
جدل ونقاش حاد في الساحة القانونية المغربية. والذي نريد الإشارة إليه، أن جانبا
من الفقه الذي كتب في إشكالية الاختصاص في إفراغ المحلات التجارية، اعتبر موقف
المحكمة الأولى وسطا بالنظر إلى أنها تقر لنفسها هذا الاختصاص بحسب صفة أطراف
الدعوى، في حين قال بأن الثانية ترفض مطلقا البث في قضايا الكراء التجاري. (أنظر
كلا من: محمد صابر – م.س؛ ومحمد بولمان – م.س) والذي نراه أن محكمة الاستئناف
التجارية بالبيضاء ترفض مطلقا الاختصاص في قضايا الكراء التجاري على أساس
الفقرة 5 من المادة 5،
وهذا نفس موقف استئنافية فاس التجارية. وأن هذه الأخيرة لا يمكنها استبعاد
اختصاصها في هذه القضايا متى كان أطرافها من التجار، نظرا لصراحة الفقرة 2 من المادة 5،
وذاك مرة أخرى نفس موقف استئنافية البيضاء التجارية. فالمحكمتان على ذات الرأي ولا
اختلاف بينهما إلا من حيث الأساس المعتمد للقضاء في النزاعات التي عرضت عليهما
والتي استوجبت هذا النوع من التعليل.
12)- وقد كان ذلك
بمناسبة قرارها رقم 98/186 بتاريخ 26/10/98
في الملف عدد 98/189– أشار إليه محمد صابر – م.س –
قرار منشور في مجلة المنتدى – ع 1.
13)- من الفقه القائل
باختصاص المحاكم التجارية في النزاعات الناشئة في إطار ظهير 24/5/1955: محمد صابر –
م.س ، و المهدي شبو – أورده محمد صابر، محمد المرنيسي. و من الفقه
القائل بالعكس: عز الدين بنستي في محاضرات ألقيت على طلبة القسم العربي للسنة
الثالثة من الاجازة في القانون الخاص كلية الحقوق بالبيضاء – السنة الجامعية 2001/2002.
بوعبيد عباسي – م.س -، و محمد بولمان م.س.
14)- أنظر هذا الرأي
الأخير لدى: Najia TAK-TAK – Baux commerciaux:
Compétence des tribunaux de commerce – Actualité Juridique – N 8 – p 12.
15)- Droit
& pratique de la procédure civile – Dalloz , Action – 1998 – éd. DELTA –
page 142 (n639)
16)- أورد هذا القرار
محمد صابر – م.س -. قرار منشور في مجلة المحاكم المغربية
عدد 91.
17)- عبد الكبير طبيح
– م.س –
ص 37 و 38.
18)- الأعمال
التحضيرية للقانون المحدث للمحاكم التجارية –
محضر الجلسة العامة رقم 206 ص19 -
و قد وردت هذه الأعمال التحضيرية في: صياغة مواد قانون إحداث المحاكم التجارية بين
المشروع و المصادقة النهائية – جمع و تركيب محمد زاوك – غير منشور.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق