-->

تكييف العقد المركب

مقـــــــــــدمــــــــــــــة:
        تعد فكرة العدل من أقدم الفضائل الإنسانية التي تعبر عن رغبة أصيلة لدى الإنسان في إحقاق الحق ورد الظلم في كل مكان وزمان ، ولهذا تبنتها القوانين القديمة والحديثة كغاية يسعى القانون لإدراكها ، اذ يعتبر العدل هو  المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه القانون و العقد معا.
       و إذا كان العدل يتحقق عن طريق مجموعة من الوسائل كالقانون و القضاء، فإن العقد يبقى الوسيلة الأنسب لتحقيق العدل في المعاملات بين الأفراد في نطاق القانون  بحيث أن الفرد قلما يرضى بالتعاقد إذا لم يكن في ذلك مصلحة له و إنصاف لحقوقه و بذلك يكون الرضا قرينة على العدل.
       و لما كان العقد  هو توافق إرادتين على إحداث اثر قانوني،  بحيث يستوي أن يكون دلك الأثر إنشاء التزام أو نقله أو تعديه أو إنهاؤه، فإن هدا التوافق لا يتحقق إلا متى ما كان الموضوع الذي انعقدت عليه كل من الإرادتين واحد في جملته و تفصيله.
       إلا انه في الكثير من الأحيان  قد تواجه العقد الكثير من العقبات و الإشكالات العملية و القانونية بالنسبة لأطرافه،  تحول دون تنفيذه على النحو  الذي تم الاتفاق عليه  وخاصة في الحالة التي يكون فيها كل طرف من المتعاقدين قد اتجهت إرادته لإبرام عقد مختلف على الذي كان يقصد الطرف الأخر إبرامه، مما قد يخلق نزاع بين الطرفين، فإعمال  العدل في مثل هده الحالات  يتوقف على الوسيلة الثانية التي تتولى تحقيقه التي تكمن في القضاء .
فلقد اتفق التشريع الفرنسي و السويسري[1] على منح القاضي  امكانية خلق الحل العادل في المنازعات المعروضة أمامه إذا أعازته النصوص التشريعية [2]  ، و يرجع ذلك إلى أن جميع النظم  القانونية مهما اتفقت و مهما اتسعت مدارك القائمين عليها لا يمكن أن تحصر كل صغيرة و كبيرة و تضع حلا خاصا بها،  وهو ما دفع البعض إلى منح  الاجتهاد القضائي مكانة مماثلة للمصادر الأخرى للقانون ،فالقاضي يشرح ويفسر و يقر و يقترح و يأتي بقاعدة ذات أصل قضائي على غرار القاعدة ذات الأصل التشريعي و العرفي.
        فالأصل أن المتعاقد لا يلتزم إلا بما ورد في العقد و في حدود ما فصحت عنه إرادته  فهو حر فيما يتعاقد فيه شريطة عدم مخالفة القانون و النظام و العام و الأخلاق الحميدة ، إلا أن هذه الحرية قد تخل بالعدل و المساواة بين الأطراف  سواء أكان احد الطرفين في مركز ضعيف أو حتى في حالة التكافؤ بين الطرفين  فانه من المحتمل أن يسئ احدها أو كلاهما التعبير عن الإرادة  مما يؤدي إلى سوء فهم الطرف الأخر لهذه الإرادة، مما يترتب عنه  لبس في العلاقة التعاقدية و خاصة في الحالة التي يكون فيها العقد يوحي بوجود عقدين مختلفين فتختلف الآراء حول ماهية هذا العقد.
       و من هنا يتدخل القاضي في إطار ما يسمى بتكييف العقد،  فالتكييف هو  أشبه بعمليه ترجمة لبعض الأحداث الواقعية إلى أفكار قانونية وهو مسألة قانونية محضة.
       و لقد كانت هناك مجموعة من المحاولات الفقهية التي حاولت تعريف التكييف ـفهناك من عرفه  انه علاقة قانونية بين الواقع و النص القانوني الذي تخضع له،  في حين عرفه جانب أخر بأنه عمليه ذهنية لتحليل قانوني و أداة ضرورية في مجال الفكر  تأخذ بعين الاعتبار العناصر التي ينصب عليها التكييف- واقعة بحثه او عقد  - و العمل على إدخالها في إحدى الفئات القانونية الموجودة عن طريق ربطها بنظام قانوني  يكون محلا لتطبيقها بواسطة خصائص فئة الربط[3].   
       أما المقصود بتكييف العقد المركب  فهو ربطه بفئة قانونية من العقود بهدف تحديد النظام القانوني  المطبق عليه  أي تحديد  القواعد التي تحكم قيامه  و أثاره و انقضائه.
يعتبر موضوع تكييف العقد المركب من الأهمية بما كان  لأنه يشكل حجر الزاوية في القانون المدني،  إن لم يكن في جميع فروع القانون الأخرى، و يرجع ذلك لكون  ان آليات التكييف تعتبر خادمة للعقد و مساعدة على الوقوف على تطبيقه في ارض الواقع ، لأن الغرض  من التعاقد  هو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه  ولن يتم هذا التنفيذ  إن لم يتم رفع كل العراقيل و المعوقات  التي تعترض طريقه،  ومن بينها رفع الغموض واللبس في العبارات  و المقاصد المترجمة لعنصر الرضا لكي يتأتى للقاضي بعد ذلك وضع العقد في الإطار القانوني الخاص به  و ذلك لانقاد العقد  من الخروج عن الغاية التي ابرم من أجلها.
         و إذا كان الجميع يتفق حول ماهية و أهمية تكيف العقود فان الذي يثير الإشكال بخصوص هذا الموضوع هو ذلك الخلط  بين مؤسسة التكييف و باقي المؤسسات القانونية المشابهة لها  نظرا للتقارب الكبير بينها و خاصة و أن القائم بها واحد وهو القاضي، زيادة عن ذلك فان الحيرة قد تدق  ليس فقط  بالنسبة لتمييز التكييف عن غيره من العمليات و إنما كذلك حول المناهج المعتمدة بخصوص  إعمال تكييف العقود.
        و بما أن القاضي هو الذي يتولى هده العمليات كلها فالتساؤل الذي يطرح في هذا الصدد هو مدى سلطة القاضي في تكييف العقود المركبة و حدود الرقابة المفروضة عليه و كذلك معرفة الآثار المترتبة عن تكييف العقود.
و كمحاولة منا للتصدي لهده الإشكالات ارتأينا تقسيم موضوعنا على النحو التالي:
المبحث الأول: الإطار النظري لتكييف العقد المركب
المطلب الأول: ماهية تكييف العقد المركب
المطلب الثاني: مناهج تكييف العقد المركب
المبحث الثاني :تطبيقات تكييف العقد المركب
المطلب الأول: عقد الائتمان الائجاري و العقد السياحي كنموذج لتكييف العقد المركب
المطلب الثاني: دور القاضي في تكييف العقد المركب و أثار هدا التكييف
المبحث الأول : الجانب النظري للتكييف العقد المركب
سنتناول حاول من خلال هدا المبحث تحديد المقصود بتكييف العقد المركب، و ذلك من خلال تمييز كل من  مؤسسة التكييف و  مؤسسة العقد المركب عن غرهما من  المؤسسات المشابهة لهما ، و التعريف بعد دلك  ببعض النظريات التي قيلت في هذا الصدد  وهذا من جهة أولى) المطلب الأول(ومن جهة ثانية  سنعرف بالمناهج المعتمدة في  تكييف العقود المركبة و دلك لما فيه ذلك من أهمية للوصول إلى التكييف الصحيح (المطلب الثاني)
المطلب الأول: ماهية تكييف العقد المركب
سنتناول هده النقطة بالشرح من خلال فقرتين سنخصص الأولى لتحديد معنى التكييف من خلال مقارنته ببعض المؤسسات المشابهة له على أن نخصص الفقرة الثانية لدراسة مفهوم العقد المركب و تميزه عن بعض العقود الأخرى.
الفقرة الأولى: مفهوم التكييف
سنقوم بتحديد مفهوم التكييف و ذلك من خلال مقارنته بمؤسسة التفسير أولا ثم مقارنته بمؤسسة التكميل ثانيا
اولا-   التكييف و التفسيير :
يثور السؤال دائما حول عمليتي التكييف و التفسير باعتبارهما من بين مهام القاضي أثناء تصديه لموضوع الدعوى المدنية المعروضة عليه للوصول إلى الحكم ، حيث يقع الخلط بينهما في الكثير من  الأحيان  وخاصة في الحالة التي يكون فيها عقد من اختلاق  المتعاقدين في معاملة تم فيها مزج أنواع متعددة  من الشروط والالتزامات ضمن عقد واحد مركب مكون من عمليات قانونية مختلفة، سواء أ كان هذا العقد من العقود المسماة المعروفة التي نظم القانون إنشائها انعقادا وانتهاء ورتب أحكامها ومدى نسبية آثارها بين المتعاقدين أو حتى الغير أم  لم يكن من العقود  التي افرد لها المشرع اسما خاصا في القانون المدني ولهذا السبب  كان من الضروري من وجهة نظر القانونيين الاهتمام بمعرفة هاتين العمليتين الحيويتين و التمييز بينهما.
فنجد التكييف هو تلك العملية المتمثل في تحديد طبيعة العقد و إبراز ماهيته من اجل إضفاء وصف قانوني للعقد  و  إعطائه اسم من الأسماء، أي إعطاء العقد الوصف القانوني  الذي يتحدد بالأثر الأساسية التي اتجه الأطراف إلي تحقيقها  و تحديد هده المقاصد يجب أن يكون بيانا للغايات العملية التي اتجه طرفا العقد إلى تحقيقها بصرف النظر عن أية تسمية يطلقها المتعاقدين على هده المقاصد أو العقد في جملته.
       و" التكييف حسب بعض الفقه عملية قانونية اجتهادية تقوم على اجتهاد القاضي في فهم الواقع والقانون من اجل أن يطبق الثاني سليما[4]"
أما التفسير فيقصد لغة  " الشرح والبيان " أما اصطلاحا لم يكن تعريف التفسير في الدراسات القانونية من الناحية الاصطلاحية، محل إجماع لدى فقهاء القانون
ويمكن تقسيم مختلف التعريفات التي تناولت مفهوم التفسير إلى اتجاهين رئيسيين، اتجاه يأخذ بالمفهوم الضيق للتفسير واتجاه يأخذ بمفهومه الواسع.
         وفقا للمفهوم الضيق للتفسير، فإن هذا الأخير هو: "الاستدلال على الحكم القانوني وعلى الحالة النموذجية التي وضع لها هذا الحكم من واقع الألفاظ  التي عبر بها المشرع على ذلك"، وبمعنى أكثر تفصيلا فإن التفسير في هذا المقام هو: "تحديد المضمون الحقيقي للقاعدة القانونية، بالكشف عن مختلف التطبيقات التي تنسحب عليها أحكامها، وإيضاح ما غمض من هذه الأحكام، واستكمال النقص فيها، ورفع ما قد يبدو في الظاهر من التناقض بينها وبين غيرها من القواعد القانونية،  والغالب أن يرد التفسير على نصوص التشريع[5].
         أما الاتجاه الذي يوسع من نطاق التفسير، إلى إيراد تعريفات مقتضبة، إلا أنها تتميز بالعمومية على نحو يسمح بأن تدخل تحت مظلتها جميع مصادر القاعدة القانونية، وهكذا يعرف تفسير القانون وفقا لهذا الاتجاه بأنه، "العملية العقلية التي تهدف إلى البحث والتوضيح للمعنى الذي ترمي إليه القاعدة القانونية"
 و اذا كان هذا هو معنى التفسير القواعد القانونية  بصفة عامة   فتفسير العقد بهذا المعنى يكون ذلك العملية الذهنية التي يقوم بها القاضي لتوضيح ما غمض من بنود العقد وتحديد معالمها  من اجل الوقوف على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين.
و التفسير يجري في حالتين حالة يكون فيها العقد غامض العبارات  بحيث تكون العبارات لا تعبر عن النية المشتركة للمتعاقدين أو عندما يكون لها أكثر من معنى  أو عند وجود صعوبة في التوفيق بين بنود العقد  و إجزائه  و في هده الحالة  يجب البحث عن الغرض المقصود  أثناء التعاقد  و قد أشار المشرع إلى هده القاعدة في الفصل 462 من قانون الالتزامات و العقود،  أما الحالة الثانية فهي حالة العقد الواضح المعنى، فبالرغم من أن الأصل أن هذا النوع من العقود لا يحتاج إلى تفسير  حسب الفصل 461 من ق لع الذي جاء فيه إذا" كانت ألفاظ  العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها"،  فانه مع دلك في بعض الأحيان يكون العقد الواضح العبارة  في حاجة إلى تفسير  إذا كان ظاهر العقد مخالف لقصد المتعاقدين  بحيث تكون العبارات المعبرة عنها مغلوطة كما هو الحال بالنسبة للغلط في الحساب وتجد هده الحالة سندها في المادة 462 التي جاء فيها " يكون التأويل في الحالات التالية: إذا كانت الألفاظ المستعملة  لا يتأتى التوفيق بينها  و بين الغرض الواضح الذي قصد عند تحريره"[6].
         ويتفق الدور الذي يقوم به القاضي في تفسير العقد و تكييفه في نقطة أساسية، تكمن في الموجهات التي يستعين  بها  القاصي  أتناء قيامه بعمليتي التفسير و التكييف ، فالقاضي عند شروعه في تفسير العقد و تكييفه  يضع في اعتباره  كل عقد له طبيعة خاصة و أحكام معينة  تفرض عليه طابع معين، كما أن القاضي  يعتمد على الظروف و الملابسات التي  تكتنف إبرام العقد  و التي تساعد في الاقتراب من تفسير و تحديد نوعية العقد، فقد تكون هده الظروف متعلقة بشخص المتعاقدين  أو الحالة  المالية للمتعاقدين و صفتهم ومهنتهم  و أسلوب تعاملهم أو أن تكون هده الظروف متعلقة بموضوع التعاقد ذاته  مثل المستندات التي يتداولها المتعاقدين فيما بينهما  أثناء المفاوضات العقدية أو مكاتبات متبادلة بين الطرفين تعرض لوجهة نظرهما، وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية في إحدى قراراتها التي جاء فيها ‘’ لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير العقود و الشروط بما تراه  او في بمقصود المتعاقدين مستعينة بذلك بجميع ظروف التعاقد و ملابساته ، ولا تخضع لرقابة محكمة النقض في ذلك متى كان تفسيرها مما تحمله عبارة هذه الشروط ، و لا خروج لها على المعنى الظاهر لها[7]’’ إلا أنهما يختلفان بالنسبة لهذه الموجهات في نقطة واحدة هي انه في عملية التفسير  يسترشد القاضي  بالأعراف والعادات السائدة وما  جرى العمل بها في نفس التعاقد، بحيث أصبحت لها بمرور الوقت قوة الإلزام القانوني و الأدبي، فمثلا قد يندرج في إطار العرف الشروط المألوفة في التعاقد ويكون قد جرى بها العمل في كافة العقود المشابهة، بحيث اذ لم يذكرها المتعاقدين في العقد  يحكم القاضي على أساس وجودها ما لم يثبت العكس و هو ما لا نجده بالنسبة للتكييف.
 كما ان هناك علاقة جدلية بين كل من التفسير و التكييف فمادام أن  تكييف  العقد هو إعطاؤه الوصف القانوني الذي يتحدد بالآثار الأساسية التي اتجه طرفاه إلى تحقيقها ، فهذا الوصف يترتب على تحديد مقاصد طرفي العقد ، ومن هنا   كان ارتباطه بتفسير العقد،  فتكييف العقد لا يتأتى من الناحية القانونية إلا بعد استنفاد مرحلة التفسير،  فلا يمكن تكييف العقد  بأنه عقد بيع مثلا  إلا بعد تحليل  مضمون العقد  و استقراء الغاية التي هدف إليها المتعاقدين  أثناء إبرام العقد [8] وتحديد هذه المقاصد يجب أن يكون بيانا للغايات العملية التي اتجه طرفا العقد إلى تحقيقها بصرف النظر عن أية تسمية يطلقها المتعاقدان على هذه المقاصد أو على العقد في جملته،  فالتكييف باعتباره عملية تحديد الوصف القانوني للعقد، هو عمل قانوني صرف ، لا سلطة فيه لإرادة العاقدين، فالعاقدان لهما حق تحديد الآثار العملية التي يرغبان في تحقيقها بالعقد، فان تحددت هذه الآثار، يكون وصف هذا العقد عملا قانونيا محضا، لأنه يعني إدخال صورة الآثار كما حددها العاقدان في إطار قانوني معين، ولذا فالتكييف حق للقاضي، يقوم به على ضوء تفسير مقاصد العاقدين، ولكنه لا يلتزم فيه برغبة هذين العاقدين إن كانت تتعارض مع صورة الآثار المقصودة، فإن سميا العقد تسمية لا تتفق مع حقيقته عن جهل أو عن عمد، كان للقاضي أن يصحح هذه التسمية، من تلقاء نفسه، ودون حاجة إلى موافقتهما على هذا التصحيح[9].
        وخلاصة القول  أن عملية التكييف  ما هي إلا تتويج  لمرحلة التفسير التي تسبق التكييف  فتحديد الالتزامات التي يشتمل عليها العقد  و كذا النصوص القانونية القابلة للتطبيق بخصوصها  تتوقف على مدى صحة الوصف القانوني الذي يضفيه القاضي على العملية التي حصل التعاقد بشأنها.
ثانيا : التكييف و التكميل.
         من بين ابرز المهام التي يضطلع بها القاضي  إضافة إلى  تكييف العقود و تفسيرها تجد مهمة تكميل العقد، و يقصد بهذه المؤسسة الأخيرة  قيام القاضي بإضافة ما نقص  من بنود العقد  التفصيلية التي أرجا الاتفاق عليها إلى ما بعد  إبرام العقد شريطة ألا يكون المتعاقدين قد علقا  انعقاد العقد على الاتفاق على هذه المسائل  التفصيلية الناقصة أو التي لم يتفق  الطرفان عليها مسترشدا بطبيعة التعامل والعرف و القواعد المكملة.
        وقد يوحي الأمر  في بعض الأحيان على أن مؤسسة التكييف هي نفسها مؤسسة التكميل نظرا لاتفاقهما في بعض المسائل أبرزها اتحاد سلطة القاضي في كل من التكييف و التكميل، إذ تعتبر سلطة القاضي في تكييف العقد من أهم السلط المخولة له اذ تثور سلطته على إرادة الأطراف المعبر عنها في بنود العقد،  متجاوزا بذلك دوره التقليدي في الفصل في المنازعات  فيضفي علي العقد الوصف القانوني المناسب طبقا للالتزامات الواردة به، و ينطبق ذات الأمر  بالنسبة لسلطة القاضي في تكميل العقد بحيث يستكمل القاضي  النقص الذي أغفله المتعاقدين و تحل محله إرادة المتعاقدين في العقد  و بالتالي ففي كلا الطرحين يضطلع القاضي بدور ايجابي منتج في العقد[10].
      هذا من جهة و من جهة أخرى فـمن وجه التشابه يدق كذلك لكون  كلا العمليتين  لرقابة قضاء النقض  كما سآتي توضيحه في المحاور الآتية.
و إذا كانت هده هي أوجه الالتقاء بين كل من التكييف و التكميل فان هدا لا يمنع من تواجد بعض الاختلافات بينهما ، فوجه الإخلاف الأول يكمن في سبقية تكييف العقد على تكميله  و معنى هذا انه يستوجب على القاضي أن يضع  العقد في الإطار القانوني الذي يلائمه  أولا و يصبغ عليه الوصف القانوني السليم  ثم يتدخل في مرحلة أخيرة لإكمال ما نقص من بنوده التفصيلية.
         يدق الاختلاف أيضا بالنسبة للوسائل التي يستعين بها  القاصي في تكميل العقد و تكييفه فبالنسبة لتكميل العقد يستعين القاضي  بالقواعد المكملة  و العرف  وطبيعة التعامل   وهو ما لا نصادفه بالنسبة لموجهات القاضي في تكييف العقود  حيت يقتصر القاضي على بحث الالتزامات الرئيسية  في العقد و دلك لكونها تعبر عن إرادة الأطراف الحقيقية ، كما يسترشد القاصي بالعنوان الذي وضعه المتعاقدان و الظروف الذي لابست تحريره  و أخيرا يسترشد بالغرض من إبرام العقد.
 الفقرة الثانية: ماهية العقد المركب
أ مفهوم العقد المركب
  و يقصد بالعقد المركب  ذلك  العقد الذي يشتمل على عدة عقود امتزجت جميعها فأصبحت عقدا واحدا  يتخد اكثر من وصف قانوني واحد ،  بحيث لا يمكن القطع في انتساب عناصره إلى  صنف معين من العقود، [11]  و الأمثلة التي يوردها الفقه  على هذا  النوع  من العقود كثيرة  أهمها عقد الفندقة  '’contrat d’hôtellerie فهو مزيج بين عقد الكراء بالنسبة للسكن  ،وبيع بالنسبة للمأكل و عمل بالنسبة للخدمة و وديعة بالنسبة للأمتعة. و  عقد الإستصناع الذي يتم بمواد مقدمة من رب العمل  اذ يتراوح هدا العقد بين عقد بيع و مقاولة  بحسب نسبة قيمة مواد للعمل  الذي يقدمها الصانع  ،فادا كانت قيمة  المواد اكبر من قيمة العمل فالعقد بيعا أما اذا  كان العكس فالعقد مقاولة، و اذا كان قانون الالتزامات و العقود قد اعتبر هدا العقد مقاولة من غير تفصيل إلا أن الفقه و القصاء لازال لم يستقر  على معيار كافي  لتكييف هدا العقد .[12]
 و بخصوص تعريف العقد المركب  يذهب رأي فقهي  إلى ان   العقد المركب لا يكون فقط في حالة تجمع عدة عقود في اتفاق واحد بل  قد يكون دلك  حتى  في الحالة التي يتضمن فيها الاتفاق الجمع بين عدة عاصر و أثار لعقود مختلفة  ينتج عنها عقد واحد و تهدف إلى تحقيق هدف  واحد ، في حين  دهب رأي أخر إلى انه لا نكون بصدد عقد مركب إلا في الحالة  التي يكون فيها الاتفاق يتضمن ربطا بين عدة عقود  مستقلة عن بعضها  بحيث  اذا انفصل  كل منها عن الأخر لا يؤثر في العقد .[13]
و ما يستنتج من كل ما سبق انه لكي نكون بصدد عقد مركب فلا بد أن تندمج  اوصاف مجموعة من  العقود داخل هدا العقد المركب بحيث يعد كل منها سبب للآخر  اذ لا  يقوم بغياب احدها  بحيث اذا تعرض احدها للبطلان فان العقد يبطل باكمله [14]
  ب   تمييز العقد المركب عن غيره من العقود
 1- العقد المركب و العقد البسيط
يعرف العقد البسيط بأنه ذلك العقد الذي يتناول عملية قانونية واحدة ينهض بها عقد واحد   و لا يضم في طياته خليطا من عقود متنوعة [15]  اذ لا مجال للشك في طبيعته القانونية  لعدم اختلاطه مع  غيره من العقود  و من ابرز العقود البسيطة هناك العقود المسماة كالبيع و الايجار و الوكالة ...
و من  خلال هدا التعريف يظهر الفرق جليا بين العقد المركب و العقد البسيط ا ذ أن الأول  كما سبق بيانه يظم أكثر من نوع واحد من العقود مما يجعل معه القاصي في حيرة من أمره و هو بصدد تحليل هدا العقد بينما يكون العقد البسيط اكثر يسرا لتكيفه من طرف القاضي ما دام انه  يتكون من عقد واحد لا غير. و تكمن  أهمية تمييز العقد المركب من العقد البسيط في  معرفة القواعد التي تحكم العقد  فالعقد البسيط لا إشكال فيه كما سبق بيانه  أما العقد المركب  فوصعه بين حالتين :
الحالة الأولى : يهدف فيها المتعاقدان إلى عدة أغراض  و في هذه الحالة تخصع كل عمليه لأحكام العقد الخاص بها[16]
الحالة الثانية : يهدف فيها المتعاقدين إلى غرض واحد يسعيان إلى تحقيقه  من خلال مجموع العمليات القانونية  التي يشتمل عليها العقد  و هده الحالة بالضبط هي التي تثار  إزائها الصعوبة  في التطبيق بسبب تضارب أحكام العقود الخاصة بكل عملية من العمليات.
2- العقد المركب و مجموعة العقود
بالإضافة إلى العقود المركبة التي تشكل وحدة قانونية قائمة الذات  فان هناك حالات أخرى تختلط فيها مجموعة من العقود المتميزة دون أن تصل إلى حد التجانس و تكوين عقد واحد قائم الذات  و هده الحالة هي التي يطلق عليها  بمجموع العقود   group du contrat  او مركب العقود[17]  le complexe de contrat 
  و لكي  نكون أمام مجوعة   عقود يجب التسليم بفرضيتين  الفرضية الأولى نكون أمام  تعدد  العقود المستقلة  التي لا يربط بينها أي رابط كيفما كان نوعه  و الفرضية الثانية  هي حالة العقد الواحد سواء كان مركب  أم بسيط [18]   .
و ما تجب الإشارة إليه هو أن تكوين مجموعة عقود يفترض  وجود علاقة اتحاد لكي تضمن ارتباط الاتفاقات  و هدا الاتحاد  إما إن يكون قويا  عندما يكون بين طرفين أو أكثر  من اجل تحقيق عدة عمليات  فيكون هناك إيجاب  واحد و قبول واحد  الأمر الذي يكيف على انه عقد واحد ببنية مركبة  لأنه يتكون من عدة عمليات ، في حين يكون هدا الاتحاد ضعيف عندما لا يتضمن  سوى هوية الأطراف أي ان الرابط الوحيد  الذي يجمع العقدين  هو إبرامها  من طرف نفس الأطراف،  فكون أن العقدين تم ابرماهما من طرف نفس الأطراف  لا يشكل في حد ذاته رابطا  كافيا   ،  بحيث يمكن أن تبرم سلسلة من العقود دون أن تشكل لدينا مجموعة عقود في حين إذا أبرمت  بمحل واحد تحول عندئذ إلى مجوعة  عقود.[19]
 فالعقود  في هذه الحالة  ترتبط فيما بينها برابطة  وحدة المحل و هو ما جعل بعض الفقه يتسائل عن فرضية ارتباط العقود بوحدة السبب  إذ أن  الوصول إلى  هدف واحد يتطلب في بعض الأحيان إبرام عدة عقود ’.
 ولقد تم الجواب على هذا التساؤل بأنه   في مجال تعدد العقود  يكون كل عقد مكون  لهده المجموعة ابرم  من اجل تحقيق الهدف المباشر  و بالتالي فالسبب بدوره يعد احد الروابط التي تربط هده العقود ببعضها البعض.
 وبصفة عامة يجب التميز بين حالتين  الحالة الأولى التي توجد  عدة اتفاقات مبرمة  بشكل متتابع  حول نفس المحل و هنا يظهر ما يسمى بسلسلة العقود  و الحالة الثانية هي  عندما تكون هده العقود مبرمة لتحقيق غرض واحد و لها سبب واحد   وهنا يظهر  ما يطلق عليه بتعدد العقود.
الفقرة الثالثة النظريات الفقهية المصاغة في مجال التكييف
لقد عمد الفقه إلى صياغة مجموعة من النظريات الفقهية  في مجال التكييف ، و كان الهدف منها تحديد الحالات التي تكون فيها رقابة على قضاة الموضوع أثناء  قيامهم بعملية التكييف ، و هده النظريات منها ما يضيق من الرقابة على التكييف( أولا)  و أخرى تحاول توسيع هده الرقابة  بجعلها شاملة.
أولا : النظريات التي تقلص من الرقابة على التكييف
من ابرز النظريات التي صيغة بهدف تضييق الرقابة على التكييف نجد نظرية الأفكار القانونية التي تعرض لها المشرع بالتعريف و الفكر الغير القانونية التي لم يتعرض لها بدلك  وهي من اخطر النظريات التي صيغة للتميز بين الواقع و القانون والتي جاء بها الأستاذ   باريس  من خلال المذكرة الشهيرة التي تقدم بها أمام محكمة النقض  الفرنسية سنة 1822 و ترتكز محاولة هذا الفقيه لتحديد ما يخضع لرقابة النقض و ما لا يخضع لها، فإذا  ما قام المشرع بتعريف فكرة قانونية معينة  كما فعل مثلا بالنسبة للبيع  في الفصلين  1582 و 1583  من القانون المدني الفرنسي و المقايضة في الفصل 1702 من نفس القانون  فان تكييف قاضي الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض [20] و على العكس من دلك  إذا  قام المشرع بتسمية فكرة قانونية معينة  دون أن يعرفها  أو يبين عناصرها ،  فان تكييف قاضي الموضوع لها ينفلت من رقابة محكمة النقض.
و إلى جانب هده النظرية ظهرت نظرية ثانية سميت بنظرية التقدير القانوني  و التقدير غير القانوني  سنة 1834 و هي من صياغة فقهاء كثرين مثل المدعي العام "دوبان" dupin و المستشار بروي" broé"  فبالنسبة لهؤلاء يجب التمييز بين نوعين من الأفكار القانونية ، الأفكار التي عرفت من طرف المشرع  و لكنها لا يستعصى وضع تعريف لها بحيث يخضع تكييفها لرقابة محكمة النقض و أفكار يستحيل وضع تعريف لها لأنها تحتاج بالإضافة إلى ذلك ، استحضار ظروف الزمان و المكان و  استعانة القاضي بأحاسيسه النفسية و تجربته الشخصية من أجل تكييفها و لا يخضع في  رقابتها لمحكمة النقض.
و إلى  جانب هده الآراء يضيف الأستاذ "كورنو"  تصورا أخر مفاده  أن محكمة النقض لا يمكنها أن تراقب إلا المفاهيم القابلة لتقدير منطقي  أما المفاهيم التي يستعمل فيها القاصي أحاسيسه  و ضميره من اجل تكييفها فإنها لا تخضع لرقابة النقض[21]
إلا أن هاتين النظريتين معا وجهة لهما العديد من الانتقادات، فبالنسبة للنظرية الأولى فهي لا تعطينا معيارا دقيقا  نستطيع بواسطته أن نميز بين ما يعتبر معرفا من طرف المشرع  و ما يعتبر غير معرف  إذ آن  فكرة التعريف هده تحتاج بدورها إلى الكثير من الدقة  فمن الممكن اعتبار جميع التسميات سواء المعرفة منها أم لا تخفي وراءها مفهوما محددا في دهن المشرع  وحتى وإن قام المشرع  بإستعمال بعض العبارات لتسميتها  فهي بدورها تبقى غامضة لكونه لم يحدد مفهوم معين لها، ما بالنسبة للنظرية الثانية فالانتقاد الأساسي الموجع لها  متمثل في صعوبة الفصل بين ما يعتبر تقديرا قانونيا و ما لا يعتبر كذلك.[22]
  ثانيا : النظريات الموسعة للرقابة على التكييف.
أول من تبنى هده الفكرة هو الفقيه "دالوز" الذي يعتبر بحق أول من تبنى هذه الفكرة سنة 1847  فحسب هده النظرية  يجب على محكمة النقض أن تراقب جميع التكييفات التي يجريها قاضي الموضوع ، و كيفما كانت طبيعتها  ومن الأمثلة التي ساقها الأستاذ "دالوز"  -" انه لو تبين لمحكمة النقض أن هناك تراضيا بين طرفين  و محلا للعقد و مقابلا لهدا المحل و هي العناصر الأساسية المكونة لعقد البيع و أن قاضي الموضوع لم يعتبره كذلك  أي قد رتب عليه أثار عقد أخر فإن ذلك لا يعتبر من جانبه قضاء سيئا و لكنه خرقا  صريح لقواعد القانون المدني و يضيف الفقيه  المذكور " اذا كان من حق قاضي الموضوع  أن يستخلص وقائع النزاع دون أن يخضع في ذلك لرقابة النقض  فان على هده الأخيرة أن تراقب التكييف الذي انتهى إليه حفاظا على وظيفتها الأساسية  و المثمتلة في توحيد الاجتهادات القضائية على صعيد محاكم الموضوع.
و تسند هده النظرية –الرقابة الشاملة-  على أربع أسس أولها  اعتبار ان  التكييف في جميع الحالات  نشاطا قانونيا محضا ، بحيث انه مادام أن التكييف هو دائما  مرتبط  بالبحث عن القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على الوقائع المستخلصة ، بحيث  فقد ذهب  جانب من الفقه بهذا الخصوص  إلى أن التكييف هو دائما  نشاط قانوني رغم خصوصية الوقائع .
أما الأساس الثاني  فيقضي بأنه  لا توجد هناك فكرة ستتعصي على القاضي التعريف بها   و دلك أن كل فكرة كيفما كان نوعها و طبيعتها  إلا يمكن تعريفها بكيفية أو بأخرى.[23]
و الأساس الثالت  يكمن في انه لا يعتبر تكييف الوقائع تعريفا لمبدأ قانوني فحسب و لكنه بالإضافة إلى ذلك  هو عبارة تطابق الواقع مع هدا المبدأ القانوني  ،  و الاساس الرابع يتجلى فية كون قيام محكمة النقض بوظيفتها الاساسية تستوجب منها  رقابة شاملة على عملية التكييف  ما دام أن محكمة النقض  تتمثل وظيفتها في السهر على التطبيق السليم للنصوص القانونية،  من طرف محاكم الموضوع ، و بالتالي  خلق وحدة قانونية شاملة  بحيث أن مثل هده الوحدة تكون عرضة للتعطيل  كلما غابت الرقابة الشاملة  التي تجريها محكمة النقض على بعض التكييفات  و التي تمارس من جانب المحاكم الدنيا.[24]
المطلب الثاني :عناصر تكيف العقد المركب
كما هو معلوم فان العقد المركب هو ذلك العقد الذي يتكون من مجموعة من العقود المتسلسلة في عقد واحد بحيث لا يمكن  ان نقطع في انتسابها لصنف معين  من العقود  الشي الذي يجعله غير قابل للانقسام او التجزئة بحيث يجعل القاضى في حيرة من امره عندما تطرح امامه صور عن هذا النوع ويتعلق الامر في مسالة التكيف بحيث يقوم بمجموعة من العمليات من اجل الوصول الى حل لشكال المطروح عن طريق التفسير للعقد ومعرفة ارادة ونية المتعاقدين اثناء ابرام العقد وهذا التفسير يتخد اما شكل تفسير شمولي اوتوزيعي
الفقرة الاولى :التكييف التوزيعي
-نظرا لكون العقد المركب يتخد اكثر من وصف قانوني بحيث لايمكن القطع في انتسابها لصنف معين من العقود الشئ الذي يجعل القاضي في حيرة من امره عندما يكون امام مهمة تكيف هذا النوع من العقود[25]، بحيث تتجلي اهمية العقد المركب لكونه يتضمن مختلف العقود التي يتكون منها هذا العقد[26] وبالتالي فتفسير الذي قد يعتمد عليه القاضي في تفسيره للعقد المركب هو المنهج التوزيعي نظرا لكافة انواع العقود المرتبطة ومتكونة في عقد واحد مثلا:عقد الفندقة يتضمن مجموعة من العقود المختلفة ومتميزة مثل عقد ايجار الغرفة المفروشة وعقد الوديعة بالنسبة لمستلزمات للسائح  البيع للمواد الغذائية او تقديم الخدمات اخري للسائح ،في حين ان هذه العملية تواجهها صعوبات من خلال تعارض احكام هذه العقود المختلفة وتجد صعوبة في توفيق بين عقد الوكالة والنقل او الوديعة والايجار[27] ،نتيجة عدم قابلية هذا العقد الانقسام ونتيجة اللانقسامية تؤذي الى ظهور تكيف جديد للمجموع مما يؤدي الى تطبيق نظام قانوني موحد مما
نتتج عن هذه العملية الى تحديد وظيفة مزدوجة للعقد يؤدي الى ان هذا العقد غير قابل للانقسام  [28]
وبالتالي فان عدم قابلية لتجزئة هي رابطة بين مختلف عناصر العقد او عدة عقود خاضعة لنظام قانوني موحد حتي ولو  لم تخضع هذه العقود لتكيف موحد [29] الشئ الذي جعل من القضاء الاعتماد على الازدواجية في العقد المركب بحيث لا يكمن تقسيمه مما اذي الى اعتبار ان هذه العملية ظلت محدودة التطبيق على مستوي الممارسة لقضاية وجعل العقد الواحد لامحل للقول بتقسيمه وتجزئته[30]
عموما فان هذه العملية للتفسير التوزيع تواجهها صعوبات امام القاضى في ايجاد الحلول المناسبة عند الاخذ بالمنهج التوزيعي الشئ الذي تدفعه الى البحث عن نية وارادة لمتعاقدين معا في تحديد طبيعة العقد بناءا على العنصر الجوهري الذي يعتمد عليه في تحديده لتكيف العقد المركب
الفقرة الثانية :التفسير الشمولي
يقصد بالتكيف الشمولي هو اعتماد على العنصر الاساسي في العقد المركب بحيث يتم التركيز على مكونه الرئيسي واخذ الطبيعة القانونية للعقد وفي بعض الاحيان قد يكتسب طبيعة قانونية جديدة متقلة عن مكوناته ذلك ان التكيف الشامل يؤذي بخدمات جليلة لعملية التكيف لانه يحل المشاكل التي قد تنتج عن وجود عدة عقود مرتبطة بفئات قانونية مختلفة[31] بالتالي فان عملية التحليل وتفسير العقد هي عملية هدفها الرئيسي هو معرفة المراد من طرف الاطراف وتغليب الاصل على الفرع ومن تم يتبع الثاني الاول في تكيف العقد المركب ومثتل على ذلك :عقد وكالة الاسفار الذي يعتبر نموذجا للعقد السياحي حيث ان السائح الزبون يتعاقد على اساس ان العقد وحدة شاملة لعدة خدمات وهذا يظهر من خلال ادائه الثمن الشامل لكل الخدمات المتفق عليها ينه ونين المهني وليس العكس الذي يتمثل في انه يدفع هذا الزبون للمهني ثمنا عن كل خدمة يقدمها له 8
كذلك حالة العقد الموصوف بلا يجار الذي يدور بين الإيجار والبيع فحسمت القوانين الحديثة النزاع في شانه وجعلته بيعا وبالتالي فان عملية التفسير الشمولي لا تجد تطبيقه إلا في العقود التي تتكون من مجموعة العقود لمتكونة في عقد واحد أما التفسير التوزيعي غالبا مايكون إلا في العقود البسيطة بحيث أن عملية التكيف يبدآ بالعناصر الأساسية للعقد إلا انه هناك استثناء في بعض الأحيان إلى صعوبة التميز بين العناصر الأساسية عن الثانوية قصد تطبيق معيار الفرع يتبع الأصل   مما يشكل إشكال بالنسبة لعدم الاعتماد على المنهج الشمولي في بعض العقود على تكيفها لعقد واحد نتيجة لتطور الذي عرفه مهام المهني
 في العقد السياحي الذي يعد من العقود المركبة حيث وسعت من نشاطها فدخلت ميدان تنظيم الرحلات السياحية وأعدادها بشكل مسبق في صورة جماعية هذا ما دفع بالقضاء إلى تغليب أحيانا عقد المقاولة وفي كثير من الحالات كان يميل إلى اعتباره عقد وكالة [32]هناك مثال أخر في الحالات التي يكون فيها الطابع لتابع لمحل العقد مقارنة مع الأخر او آخرين هو الذي يؤدي الى تكيف المجموع اعتبارا لمحل العقد الرئيس كعقد بيع بمجرد أن يكون هناك تفويت لشئ مقابل شئ ذو قيمة ضئيلة مقارنة مع المبلغ المالي الذي ادي كمقابل ،فاذا كان الشئ قد تم مقايضته مقابل شئ اخر لا يمثل سوى1/10 من قيمة الشئ المفوت ومبلغ مالي يمثل 9/10من هذه الطبيعة فان هذه العملية تكيف على انها عقد بيع في مجموعها أما اذا كان المبلغ المالي المؤدي كمقابل لا يمثل سوى1/10 من قيمة الشئ المفوت فان العقد يعتبر عقد مقايضة في مجموعه 11
المبحث الثاني تطبيقات تكييف العقد المركب
المطلب الثاني عقد الائتمان الايجاري و العقد السياحي نمودجين
سنتناول هذا المطلب من خلال فقرتين نخصص الاولى لدراسة تكييف عقد الائتمان الايجاري و الثانية لتكييف العقد السياحي
الفقرة الأولى تكييف عقد الائتمان الايجاري
يعتبر القانون من مقومات وتطور التعاون التجاري والاقتصادي في المنفعة العامة ،مما دفع بالمنعشين  الاقتصادين الى ايداع طريقة جديدة للائتمان   لتمويل ما يحتاجونه من بيانات موسعة واليات وتجهيزات متطورة هذه التقنية التمولية هي عقد ائتمان الايجاري باعتباره نوعا من انواع العقود المركبة
فعملية تكيف العقود المركبة تبقى من اختصاص القضاة لمعرفة  الاتفاقات التي ادت الى ابرام العقد المركن ومعرفة ارادة ونية المتعاقدين بحيث ان عقد الائتمان الايجاري من العقود المركبة المتضمنة لسلسلة من العقود مجتمعة في عقد واحد الشئ الذي جعل القاضي في حيرة من امره بحيث يتم الاعتماد على منهج التفسير من اجل استنباط الجوهر الاساسي والعنصر الاكبر في العقد من اجل تمكينه للوصول الى حل مناسب[33] حيث ان عقد الائتمان الايجاري من العقود المركبة والمزدوجة [34]
تصنف في خانة العقود التجارية الواردة تعدادها ف الكتاب الرابع من مدونة التجارة بالاضافة الى انه من العمليات الائتمان التى حدد لها المشرع المواد من 431الى 442 من مدونة التجارة وكما هو معلوم فان عملية الائتمان قد ينصب على العقارات او المنقولات بالاضافة الى اصول التجارية او احد عناصرها المعنوية[35]
وبالتالي  تتجلي عملية تكيف العقد بالنسبة لعقد الائتمان الايجاري في ثمن البيع والايجار المحدد المدة بحيث يقوم المستاجر باقنناء المنقول او العقار مقابل ثمن المستحقات الناتجة عن الائتمان التجاري تستهلك كلفة الاقتناء والقرض في نهاية العقد يبقي من حق الزبون استعمال خيار الوعد بالبيع الذي وقع التراضي بخصوصه بعد ادائه للمبلغ المتبقي الذي يكون اقل من القيمة الاتية  لشئ  المتعاقد بخوصه وبالاضافة الى ذلك فان القاضي اول خطوة يقوم بيها عند عرض الملف امامه هو الاطلاع عن لجوء الطرفين الى التسوية الودية لفض النزاعات لانها تعتبر اول خطوة يترتب عليهم اللجوء اليها قبل اللجوء الى القضاء نظرا لاهميتها[36] والزامية ادراجها في بنود العقد بحيث يخضع تحث طائلة البطلان طبقا لما تنص عليه المادة 433من م ت5 ،
حيث ان في حالة عدم اللجوء الى هذه الوسائل يتم رفض الطلب نظرا لقيمتها القانونية على اعتبار ان التجارة تعتمد على السرعة في العمليات التجارية زيادة على ذلك للحفاظ على الصمعة التجارية لكلا الطرفين لكون القضاء يتسم بالعلنية مما قد يؤدي الى المس بالصمعة التجارية وفي حالة عدم الوصول الى حل مناسب حينها يتم عرض الملف الى القضاء لنظر في القضية ومعرفة سبب النزاع لكن قبل ذلك قوم بتفسير ومعرفة ارادة ونية الطرفين اثناء ابرامهم للعقد نظرا لكون عقد الائتمان الايجاري يعد من العقود المركبة مما يؤدي الى تكيف دقيق على اساس انه بيع بتقسيط نظرا لغرضه حتى لو سماه اطرافه عقد ايجار وذلك على اساس  ان وصفه بانه عقد ايجار لا بقصد منه الا ترتيب بعض الضمانات البائع تنشأ عن لايجار ولا تنشا عن البيع 6 ، الشيء الذي يجعل من هذه العملية تجد صعوبة في تكيف هذا النوع من العقود نظرا للعقود المختلطة ما بين البيع والايجار في نفس الوقت مما ادي الى اراء فقهية مختلفة وهناك من اعتبره عقد بتقسيط وهناك من اعتبره عقد الائتمان الايجاري زيادة على ذلك قد يتصف بانه من العقود الادعان نظرا لشروط التعسفية التى يفرضها مؤسسة الائتمان على المستعمل لحاجته لتلك المنقول او العقار مما تدفع بالمستعمل بتحمل طيلة مدة العملية نفس الالتزامات المفوت الذي يبقي ظامن طبقا للمادة 432 م ت [37]
ان زيادة على ذلك انه يبرز لنا اننا امام عقد الائتمان الايجاري هو شرط ادراج في العقد الوعد بالبيع من جانب واحد وفي حالة عدم ادراج ذلك الشرط نكون امام عقد ايجار عادي 8،هذا ما يجعل القاضي اثناء تكيف العقد من معرفة ارادة الطرفين بحيث على ضوئها يمكن اعطاء تكيف حقيقي الذي يعكس النية الحقيقية للاطراف حتى ولو كانت غير واضحة بحيث تحقيق العدالة التعاقدية من جهة وحماية لمؤسسة لائتمان الايجاري التى تعتبر فاعل حيوى داخل الاقتصاد الوطني من جهة الاخرى حيث انه يقوم القاضي من معرفة سبب النزاع المرتبط بمستحقات ام لا خاصة انا المادة 433 م تنصت على ضرورة ان يكون عدم الاداء لتلك الاقساط راجع لمجموعة من الاقساط وليس قسط واحد فقط الشئ الذي يجعل ان القضايا التي تعرض امام المحكمة سببها راجع لعدم اداء المستعمل للاقساط ا لشهرية  كما جاء في احد الاحكام المحكمة الاسثئناف التجارية بالدارالبيضاء[38] ما يلىِ  "حيث ان المكترية توقفة عن اداء القسط الحال رغم انذارها ولتمست المدعية معاينة الفسخ العقد واسترجاع الالات ومعدات المذكورة اعلاه من المدعى عليه" عموما فان عقد الائتمان الايجاري من العقود المزدوجة الشئ الذي يطرح صعوبة على القاضي في تكيفه للعقد ومعرفة الغاية التي اسس عليها الطرفين العقد مما تدفعه الى الاعتماد على تفير منهجي دقيق للوصول للحوهر اساسي الذي يكيف من خلاله العقد مما يؤدي بالقاضي قد يصيب في فرض الحكم المناسب ام يجعل حكمه يخضع للرقابة محكمة النقض
*رقابة  تكيف العقد المركبة من طرف محكمة النقض
ان خضوع تكيف العقد المركب للرقابة محكمة النقض من اجل معرفة مدى مطابقة القانون ورعاية تطبيقه بشكل سليم،بحيث انه ينظر الى الحل الذي توصلت اليه
محكمة الحكم المطعون فيه للنظر فيما اذا كان مطابقا للقانون اما غير مطابق له
ومدى صحة تلك القواعد المطبقة على ا لموضوع[39] وبالتالي فان محكمة النقض تمارس مهمتها الرقابية الا عندما يكون سبب من اسباب التى حددها الفصل 359من ق م م  11الشئ لذي يجعل تكيف العقد المركب يخضع لرقابة محكمة النقض في حالة عدم ارتكاز الحكم على اساس قانوني او انعدام التعليل بسبب التفسير الذي يقوم به قاضي الموضوع في تكيفه للعقود  مما قد يؤدي الى تكيف خاطئ قد تم بشكل متعمد او بشكل غير متعمد مما يؤدي الى مراقبتها من طرف محكمة النقض لمعرفة التكيفات للقواعد القانونية هذا من جهة من جهة اخرى فان القضاة الموضوع لهم السلطة التقديرية اثناء مراقبة الوقائع التي بنى عليها المتعاقدين العقد ولا رقاابة عليهم الا في حالة اذا حرفو بنودا العقد او خرقو بعض القواعد القانونية مما يجعلهم خضعين لرقابة محكمة النقض
  الذي يتجلي دورها في الحرص على ضمان اعطاء تعريف موحد لكل المفاهيم القانوينة وكذا ضمان احتراها من طرف محاكم الموضوع من اجل تحقيق المساواة للموطنين امام القضاء الشيءالذي يجعل ان الغاية من هذا التكيف هو ضمان وحدة التطبيق وتفسير القانون بين محاكم الموضوع عموما اا كانت الغاية من تكيف العقد المركب هو معرفة تفسير منهجي شمولي لمجموع العقود المتسلسلة والاخذ بالعنصر الاساسي والجوهري فيها وتطبيقة على العقد بصفة عامة فان القاضىي يقوم بمعرفة حيتيات وارادة الطرفين الى ابرام العقد للوصول الى سبب النزاع من اجل اعطاء حل مناسب يراضي كلا الطرفين وبما ان عقد الائتمان الايجاري من العقود المركبة التي تشمل عقدين بيع والايجار في نفس الوقت فانه يترتب على ذلك صعوبة للقاضي اثناء تكيفه للعقد مما قد يصيب  في حكمه او يخطئ مما يجعل النزاع يوثار امام اعلى محكمة اعلى درجة للنظر في مدى تطبيقه للقواعد القانونية المناسبة ،وبالتالي يكون من الاختصاص قاضي الموضوع النظر في الارادة  ونية المتعاقدين اثناء إبرامهم للعقد في حين يكون اختصاص محكمة النقض النظر في الوصف القانون  المناسب الذي طبقه قاضي الموضوع.
الفقرة الثانية : تكييف العقد السياحي
يعتبر العقد السياحي من بين أكثر العقود  المركبة تعقيدا  لكونه يشتمل على عدة التزامات ناتجة عن مجموعة من العقود المبرمة نفس الوقت ، وهو بهده الخاصية يطرح أمام القاضي  إشكالية إضفاء الوصف القانوني  الصحيح  عليه .
و أمام هده الصعوبات يبقى التساؤل قائما طالما أن تنظيم الرحلة يستتبع بالضرورة إبرام عدة عقود متداخلة  كالنقل و الإقامة و البيع .
 و بالتالي  هل تنطبق أحكام  هده العقود جميعا في ان واحد،  أم أن للقاضي تغليب احدهما بوصفه العقد الأصلي و تطبيق مقتضياته دون غيره ؟
و لقد تجاذب  التصنيف المعمول به في تكييف العقد السياحي رأيان  مختلفان فهناك من يقول بإعمال التكييف التوزيعي بالنسبة لهدا العقد بينما يذهب اتجاه آخر للأخذ بالتكييف الشمولي للعقد السياحي
أولا:  التكييف التوزيعي للعقد السياحي
لقد مر معنا بان التكييف التوزيعي  يتجلى في  أن الأحكام التي ينبغي تطبيقها على العقد المركب هي أحكام مختلف العقود التي يتكون منه العقد[40]  ، فقد دهب  رأي مرجوح  فقها و قضاء إلى القول بتجزئة العقد السياحي  إلى عقود منفصلة  بحيث يمتد هدا التكييف ليشمل كافة العقود المندرجة في إطاره، إذ يعتبر عقد وكالة  بالنسبة لأعمال الوساطة  التي تمارسها وكالات السياحة  مع باقي الوسطاء ، و عقد نقل عندما تلتزم وكالة الأسفار  بتوصيل المسافر سالما إلى مكان الوصول بواسطة  وسائل نقل تملكها ، و عقد مقاولة  بالنسبة للرحالات  الشاملة  voyages forfaits التي تعلن عليها  وكالات السياحة و السفر  و تدعو الجمهور للاشتراك فيها  بحيث تعد برنامج  الرحلة و تنفذه  بوسائل مملوكة لها أو مستأجرة  وتتولى تقديم خدمات  المبيت و الماكل و النقل، و يشتمل بالإضافة إلى ذلك على عقد الوديعة عندما يلتزم الفندقي بإيداع  امتعة  العميل بالفندق  و حراستها  فضلا عن عقد الكراء بالنسبة للإقامة في الغرفة[41]
إلا أن الإشكال الذي يدق بالنسبة لهدا التصنيف من التكييفات هو  صعوبة إعمال مقتضيات كافة هده العقود في آن واحد نظرا لصعوبة  التوفيق بينها،  فبالرغم من إمكانية التوفيق بين بعض العقود  كعقد النقل و المقاولة فان مثل هده الإمكانية تكون شبه مستحيلة إذا ما أردنا تطبيقها ما بين عقدي  الوكالة و النقل مثلا  فالوكيل في عقد الوكالة يعمل لحساب الموكل   و بالتالي لا تنصرف إلى ذمته أثار التصرف  و إنما تترتب مباشرة في ذمة  الأصيل  و يصبح الموكل بعد تنفيذ الوكالة هو الدائن أو المدين  كما أن الوكيل  لا يكون مسؤولا  إذا كان التصرف الذي ابرمه مع الغير باطلا أو قابلا للبطال  ما لم يثبت خطا في جانبه [42] بينما الناقل في عقد النقل يكون مسؤول شخصيا عن تنفيذ عقد النقل  و يتعاقد باسمه  و يلتزم بضمان سلامة المسافر  و لا يجوز له أن يتنحى عن تنفيذ عقد النقل كقاعدة عامة.
هدا من جهة ومن جهة أخرى فانه يطرح إشكال آخر في حالة الإخلال بالالتزامات الناتجة عن العقد السياحي ففي  فرضية ضياع الوديعة  يطرح التساؤل  حول معرفة الطرف المسؤول  عن هذا الضياع  ، فهل  يجب على السائح رفع دعواه على  الفندقي باعتباره وديعا أم في مواجهة وكالة السياحة و السفر.
فللإجابة على هدا الإشكال يجب التمييز بين فرضيتين ،  في الحالة  التي يبرم فيها عقد الإقامة الفندقية بطريق غير مباشر فالأولى تتمثل في كون وكالة السفر مجرد  سمسار  أو وسيط intermédiaire""  يقتصر دورها على حجز الغرف ، بحيث  تقوم وكالة أخرى بتنظيم الرحلة  و بالتالي فلا مسؤولية عليها [43]

أما الفرضية الثانية  فهي حينما تقوم وكالة السفر بإعداد برنامج  الرحلة و الإعلان عنه و تنظيمه  بحيث تقوم بدور الوكيل و المقاول آو هما معا بحيث في هده الحالة تترتب مسؤوليتها عن هلاك الوديعة  عند انعدام العناية بالشيء المودع أو الإهمال  و عدم بدل العناية بالشكل المطلوب  طبقا للفصل 806 من قانون الالتزامات و العقود [44]  .
و بالنسبة  للوكالة فإذا ما ظهرت وكالة السياحة بمظهر الوكيل  مع اتخاذها لأوضاع ظاهرة  يستنتج منها أنها القائمة على تنظيم الرحلة  وكان العميل حسن النية  فانه انطلاقا من المبدأ القانوني للأوضاع الظاهرة  فان  وكالة  السفر تكون مسئولة عن الضرر الذي يلحق السائح كما لو كانت  هي المنظمة للرحلة تماما.
كما أن تحديد مسؤولية وكالات الأسفار في باقي الحالات يتعين النظر إلى كافة العقود  لتحديد التزاماها حسب المراحل التي قطعتها الرحلة ـ فمثلا في حالة وقوع حادت أتناء الرحلة ترتبت عليها أضرار جسدية لحقت  بأحد العملاء  يتعين على القاضي إعمالا لمبدأ تجزئة العقد السياحي النظر إلى المرحلة التي وقع فيها الحادث  فإذا  وقع الحادث أتناء تنفيذ  وكالة السفر  لعملية النقل كانت ملتزمة في مواجهة السائح المضرور  بالتزامات الناقل و أهمها ضمان السلامة.
ثانيا: التكييف الشمولي في العقد السياحي
في مقابل معيار التكييف التوزيعي هناك معيار آخر لتكييف العقد السياحي  يتمثل في التكييف الشمولي ، فوفقا لهده النظرية  يتم النظر  إلى مجموع العقود بكونها المحصلة النهائية للعقد السياحي  و تغليب الأصلي منها إذا أمكن تمييزه[45]
وحسب هده النظرية  فالسائح  أو العميل  عندما يتعاقد مع  وكالات الأسفار  لا يقصد    الاستفادة من أجزاء العقد و هي منفصلة  و إنما يقصد  الرحلة بأكملها  و كافة الخدمات التي تلحقها كحفظ أمواله و ضمان مبيته و  الاستفادة من خدمات النقل .. كما انه يقوم بتسديد مبلغ واحد يساوي كافة العمليات التي استفاد منها بحيث لا يخصص كل جزء من الثمن لمرحلة معينة من مراحل الرحلة، و هو ما ينهض دليلا معقولا على وحدة العقد السياحي و عدم قابليته للتجزئة[46] إذ انه مهما تعددت الروابط القانونية التي تتخلل العمليات التي تربط وكالات الأسفار بالمسافر أو العميل  إلا انه تكون بين كل هده العناصر وحدة إقتصادية  لها سبب واحد ومحل واحد هو  القيام برحلة الهادئة.
ولقد ساير القضاء هدا التوجه  في العديد من الأحكام و القرارات ولعل أبرزها  الحكم الصادر عن محكمة  الاستئناف بباريس  بتاريخ 29/10/1962   حيت أقرت بوحدة  العقد المبرم بين وكالة السياحة و السفر و بعض العملاء  تعهدت بتنظيم رحلة شاملة لهم يدخل فيها النقل و الإقامة و المعيشة  و غيرها من الخدمات السياحية [47]
وما تجب الإشارة إليه  هو أن المشرع المغربي لم يخصص نصا صريحا  إعمالا لهده النظرية  بل كل ما هنالك مجرد إشارات بسيطة التي يمكن للقاضي القياس عليها  و من ذلك  ما أورده في مدونة الحقوق العينية في المادة 8  الذي جاء فيها :  "العقار بالتخصيص  هو المنقول الذي يصنعه مالكه في عقار يملكه رصدا لخدمة  هدا عقار أو استغلاله أو يلحقه به بصفة دائمة" [48]
و رغم وجاهة هدا الطرح إلا أن الصعوبات لا تفارقه بدوره على غرار التكييف التوزيعي ،  فتحديد ما يعتبر عنصر أصلي و ما يعتبر ثانوي تعتبر عملية من الصعوبة بما كان بالناسبة للقاضي  بحيث لا يبقى أمامه سوي البحت في إرادة  الباطنة المتعاقدين  و تحديد ما هو جوهري بالنسبة إليهما أثناء إبرام العقد.[49]
 المطلب الثاني  :سلطة القاضي في تكييف العقد المركب  و اثار هذا التكييف على العقد
الفقرة الأولى:  سلطة القاضي في تكييف العقد المركب
كما هو معلوم أن تكييف العقود من صميم اختصاصات القاضي  في ضوء ما يتهي إليه في تفسيره لإرادة المتعاقدين [50] وهو أمر يقر بصحته كل من الفقه و القضاء ،فعلى مستوى القضاء الفرنسي نجد أن محكمة النقض الفرنسية  أقرت للمحاكم  بسلطتها في تكييف توافق الإرادتين  أو إعادة تكييف اتفاقية  تمت تسميتها خطا  إذ ينتج عن دلك أن مجرد إعطاء اسم لعقد من العقود لا يشكل  عائقا أمام القضاء في تكييف العقود طالما انه سيد القانون[51]
و على مستوى القضاء المغربي فلقد تم تأكيد هده السلطة كذلك من خلال مجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقص و لعل أبرزها القرار الصادر عن المجلس الأعلى –محكمة النقض حاليا – بتاريخ 7 يناير 1976  الذي جاء فيه « إن الطبيعة القانونية للعقود رهينة، ليس بالتحديد الصادر عن الأطراف، وإنما بالطبيعة المستخلصة من بنودها، لذلك فإن على قاضي الموضوع أن يحدد هذه الطبيعة وأن يستخلص من هذا التحديد الآثار القانونية أو الاتفاقية التي تولدها العقود[52] ":
 أما على المستوى التشريعي فنجد أن المشرع المغربي  إشارة إلى سلطة القاضي في تكييف  ودلك قي الفصل الثالث[53]  من قانون المسطرة المدنية  و لو أنها  لم تصرح  على هدا المقتضى صراحة إلا انه بالتمعن  في مضمونها  نجد إشارة من المشرع   إلى سلطة القاضي في التكييف المغربي وهو ما أكدت عليه المادة 12 من القانون الفرنسي.
و يعود السبب وراء إسناد هده المهمة الخطرة للقضاء هو كثرة الأوصاف القانونية  التي قد ترد على العقود  مما تجعل الأطراف في حيرة من أمرهم  حول ماهية هدا العقد ، فلما كان القاضي ملما أكثر من غيره بالقواعد القانونية و فاهما للنصوص التشريعية فهو بهده الخاصية يسهل عليه وضع العقد في الإطار القانوني الخاص به  بحيث يكون القاضي أجدر من غيره في إضفاء الأوصاف القانونية ، لان كل خطا بشأنها يستتبع تطبيق  قواعد قانونية لا تنسجم  و الطبيعة القانونية التي اصبغها المشرع عليها  كما يستتبع توقيع آثار غير تلك التي يرمي إليها.
هذا بالإضافة إلى أن مؤسسة التكييف تكون جديرة بتلافي الخلافات التي قد تنشا بين الأطراف عند اختلافهم حول ماهية هد العقد  الأمر  الذي يستدعي إحالة الأمر على القضاء من اجل إعماله التكييف الصحيح و خاصة في الحالة التي يتعلق فيها الأمر بحقوق طرف ضعيف من أطراف العقد.
فعلى سبيل المثال  في إطار العلاقات الشغلية  نجد المشرع قد منح للطبقة العاملة امتيازات كثيرة نظرا لكونه الطرف الضعيف الأولى من رب العمل بالحماية ـ وهده الحماية متوقفة على اعتبار هدا العقد عقد عمل ، لذلك نجد في غالب الأحيان في حالة النزاع  يتمسك العامل  بكون العقد هو عقد عمل  بينما يحاول رب العمل التملص من ذلك  بادعائه أن العقد  الذي يربط  بينهما هو عقد مقاولة أو وكالة ، ففي مثل هده الحالات يتدخل القاضي من إضفاء تكييف صحيح على العقد  و إعطاء كل ذي حق حقه[54].
وما تجب الإشارة إليه هو أن تكييف العقد لا يربط  بزمن تنفيذ العقد و إنما بوقت تنفيذه   والتكييف بهده الخاصية  يحتم على القاضي و هو يكيف العقد إن ينظر في اتفاقات الأفراد أثناء إنشائها  و دلك بقطع النظر عن تنفيذه من طرف المدين آم لا،  و هو ما أكده القضاء الفرنسي الذي ذهب إلى أن عقد  المقايضة الذي بمقتضاه يضع مكري غرفة مؤقتة بتصرف المكتري  لا يفقد هدا التكييف بمجرد تخلف المكري عن تنفيد التزامه .[55]و هده القاعدة القاعدة القضائية التي كرستها محكمة النقض في مجال تكييف العقد ما  هي إلا تطبيق للمادة 1134 الفقرات 2 و 3 من القانون المدني الفرنسي. كما يرى دلك الفقيه غيستان[56]، فلما كانت عملية تكوين العقد تعطي للعقد قوته الملزمة  فيستوجب على القاضي تكييفه  لحظة تكوينه  لأنه احد مظاهر قوته الملزمة  زيادة على ذلك فهو يحمي  احد المتعاقدين من تعسف و تحكم الآخر  ودلك هو السبب الذي يجعل يجعل تكييف عقد الكراء  لا يكيف بالاستعمال الذي باشره المكري  و إنما يرتبط بالنية المشتركة  للمتعاقدين أثناء إبرامه، هذا المبدأ الذي كرسه القضاء  لا يقتصر على حماية أطراف العقد فحسب  بل يسعى إلى حماية الأغيار كذلك ، فتطبيقا لذلك لا يسوغ لأحد الأطراف  الاختفاء وراء تكييف  تم تعديله  من جانب واحد  بفعل عدم تنفيذه  للتملص من المسؤولية المحتملة تجاه الأغيار.
وما تجب الإشارة إليه  كذلك  أن القاضي و هو بصدد تكييف عقد من العقود  يرتكز على مجموعة من العناصر التي تمكنه من وضع العقد في إطاره القانوني  فإدا كانت إرادة الأطراف هي  المحور الأساسي في تحديد مضمون العقد  و تساهم في تكييف العقد إلا أن العبرة هي بالالتزامات الرئيسية  التي تكون جوهر العقد.
فكما هو معلوم  فالالتزامات  إما أن تكون أصلية  وهي التزامات  مستقلة بذاتها بحيث تكون محور الالتزام  الأساسي ،  كالتزام البائع بتسليم المبيع في عقد البيع، و إما أن تكون التزامات تبعية   و هي التزامات فرعية و ملحقة للالتزامات الأصلية التي يضعها الأفراد  تعضيدا  للالتزام الأصلي  ،فهي إما أن  تكون كذلك بطبيعتها  كما هو الشأن بالنسبة للبائع الذي يلتزم بالضمان[57] ا وان تكون من اختلاق الطرفين .
 والالتزامات التي يهتدي بها القاضي في تكييفه للعقود هي الالتزامات الرئيسة  إذ لا عبرة بالالتزامات الفرعية  في تكييف العقود لأن الطابع التابع للالتزام لا يستدعي سوى تعديلا في النظام دون المساس بهيكلة العقد  و بالتالي دون المساس بتكييفه[58]
كما يستعين القاضي بإرادة الأطراف ،و ذلك مردا لكون أن أساس الالتزامات التي يبني عليها القاضي قناعته لتكييف العقد هو الإرادة  ،إلا أن هذه الأخيرة لا يمكن دوما أن تحل محل  العناصر الأساسية للعقد فإذا إتجهت الإرادة إلى إبرام عقد بيع  خال من الثمن فلا يكمن اعتباره عقد بيع  وذلك لكون  الثمن يعتبر من بين أركان عقد البيع ، ما دام انه عقد من عقود المعاوضة  التي تقتضي ضرورة توفر عوض عن نقل الملكية [59]
و القضاء بدوره يوجه النظر إلى  أهمية دور  الإرادة في التكييف  و هو ما أكدته محكمة النقض المصرية  حين قضت بان  "تكييف العقود مناطه حكم القانون و ما عناه  العاقدون  وقت إبرامها و التعرف على  قصد العاقدين هو من اختصاص محكمة الموضوع، فمتى استظهرت هدا القصد  وردته إلى شواهد  و أسانيد  تودي إليه عقلا ثم كيفته التكييف القانوني الصحيح  .."[60]
و بالإضافة إلى هده المحددات  قد يلجأ القاضي إلى تكييف العقد انطلاقا من العلاقات الواقعية الموجودة بين الطرفين  كما هو الأمر بالنسبة لعلاقة  ،تبعية الأجير بالمأجور  ودلك لكون  أن الوثائق التي تثبت اتفاق الأطراف لا تقيد القاضي  رغما عن التعابير المستعملة من طرفهما  فما فعله الطرفان يهم أكثر مما يقولانه  بحيث يمكن للقاضي  تجاهل المستند الخطي عندما يلاحظ أن الوضعية الواقعية للأطراف لا تتلائم مع التكييف المعطى من طرف المتعاقدين، فالتكييف الذي يعطيه الطرفين للعقد غير ملزم لقضاة الموضوع  بحيث يجب عليهم تكييف العقد اعتمادا على حقيقته و على طبيعة الالتزامات الناتجة عنه  و إلا كانوا مقصرين  و اعتبروا متنكرين لسلطتهم  التي استمدوها من نص القانون  و بالتالي فالعبرة ليست دائما للمستند الكتابي و إنما يبقى للقاضي القيام بكافة إجراءات التحقيق لمعرفة ما تم إبرامه من قبل  الطرفين فعلا ، كالوقوف على مركز ذوي الشأن  و وضعهم الاجتماعي  و  الأسباب التي   تحول  دون إجرائهم  تصرف معين.
 الفقرة الثانية :آثار تكييف العقد المركب
لقد سبق القول على أن الغاية  من التكييف هي وضع العقد في إطاره القانوني  و دلك بعد إغفال الطرفين المتعاقدين تكييف عقدهم آو تعمدهم إعطائه وصف قانوني غير صحيح  و بالتالي يستوجب على القاضي التدخل  لتصحيح الوضع و إسناد التكييف الصحيح للعقد  فالأثر المترتب في هده الحالة  هو تصحيح التكييف الخاطئ .
أما بالنسبة للحالة التي يكون فيها التكييف الخاطئ صادر عن القاضي نفسه  فان أمر تصحيحه يعود لمحاكم الدرجة  الثانية التي يبقى لها الحق في تصحيح هدا التكييف   و إذا أخطأت محاكم الموضوع كان لمحكمة النقض واجب رد الأمور إلى نصابها و إعطاء العقد التكييف الصحيح و هو أمر مستقر عليه فقها و قضاء سواء في المغرب أو خارجه.
و من التطبيقات القضائية بهذا الخصوص والتي صححت فيها محاكم الموضوع التكييف  الخاطئ من قبل المتعاقدين نجد تكييف هؤلاء للعقد على أساس انه عقد منشئ لشركة قراض و يتبين فيما بعد  آن هذا التكييف  خاطئ  و يتبن للقضاء آن تكيف هدا العقد من نوع خاص[61]
و من تطبيقات القضائية لمحكمة النقض - الذي نقضت فيها قرارات محاكم استئناف  و وصحح  في التكييف الخاطئ نجد قرار المجلس الاعلى بتاريخ 1997 حيث كيفت محكمة الاستئناف العقد المتعلق ببئر على أساس انه عقد شغل و استندت في ذلك إلى وجود عنصر الآجر لكن محكمة النقض اعتبرت أن محكمة الاستئناف بفاس اخطات في تكييف العقد و دلك لإقتصارها فقط  على عنصر  الأجر دون إبراز لباقي العناصر الاخرى،وبالتالي  كيفت العقد على انه عقد مقاولة استنادا إلى عدم وجود التبعية[62]
و كأثر ثاني لهدا التكييف نجد إمكانية إبطال العقد ، فمثلا إذا ما  كيف الطرفين عقدهما على انه عقد بيع  و تبين أن هدا العقد غير متوفر على الشروط المنصوص عليها قانونا في عقد البيع  فانه يترتب عليه البطلان كأثر للتكيف الصحيح  و بالتالي فالبطلان  لا يكون إلا تطبيقا للقواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات و العقود بعد تصحيح  التكييف الخاطئ.
و لقد تساءل بعض الفقه حول إمكانية ترتيب البطلان كجزاء   على التكييف الخاطئ  خاصة في حالة وجود سوء نية كما هو الحال بالنسبة لحالة التكييف الخاطئ العمدي الرامي  إلى استبعاد تضييق بعض القواعد الملزمة كالقانون الجبائي.
تجاذب هده الإشكالية رأيان ،الأول هو متمتل في  إمكانية إبطال العقد بدعوى أن الباعث على هدا التكييف غير مشروع  حيث استند هدا الرأي إلى السبب في القانون الذي يعتبر وسيلة لضبط الشرعية  و مرونته تسمح بتطبيق هدا المبدأ على نطاق واسع  بحيث إذا كان السبب مخالف للقانون  و الأخلاق الحميدة و النظام العام حسب  الفصل (62) من قانون الالتزامات و العقود  كان سببا غير مشروع  و بالتالي العقد يكون  قابل للابطال  وذلك لان الشخص الذي يهدف إلى استبعاد قاعدة قانونية  عن طريق التكييف الخاطئ يعتبر  باعثه  غير مشروع.
إلا أن هدا الرأي ووجه بالعديد من الانتقادات أولها أن  نية استبعاد تطبيق القانون عن طريق التكييف الخاطئ هو أمر مجادل فيه لكون قانون الالتزامات و العقود  في المادة 62 شانه شان المادة 1131 من القنون المدني الفرنسي لم تنص على الحالة التي يحظر فيها القانون استعمال طرق  من اجل استبعاد القانون . كما انه من المستقر عليه انه لا بطلان  بدون نص ،  و في هذا الصدد كان المشرع الفرنسي صريحا بخصوص هذه المسالة و ذلك في  المادة 12 من  ق م م الفرنسي    حيث لم  يرتيب جزاء البطلان على تكييف العقد تكييفا خاطئا ، اذ يعود للقاضي إعطائه التكيف الصحيح  و هو نفس الموقف الذي تبناه المشرع المغربي في حالات محددة كعد الصلح و بيع الثنايا ،حيث نص على انه في حالة الخطأ في تكييف العقد خطا  فان التكييف الصحيح هو الواجب الأعمال دون أن ينص على بطلان العقد. كما أن الفقه يدافع على هدا الطرح من خلال استناده على ضرورة حماية الأغيار الدين تعاقدوا بحسن نية  و الحفاظ على حقوقهم التي ارتبطت بعقد صحيح .





خاتمة
لقد  حاولنا من خلال هدا العرض تحديد معالم احد الفروع القانونية الأكثر تعقيدا على مستوى القانون المدني التي لا غنى عنها للقاضي   عند تطبيقه للقانون  ما دام أن التكييف   وجد لمنطقة الأمور ، ما دام انه  يحدد الطبيعة القانونية للعقود. فهو بذلك يساعد القاضي للاهتداء إلى الحل القانوني السليم،  و يساهم في احلال التوازن العقدي بين الافراد.
كما أن التكييف يساعد على تطويع البنود الجامدة للعقد  و ذلك لمرونته و قابليته للتطور رغما عن جمود النصوص و غموضها  و هو بدلك يشكل  تطورا قانونيا  ليس فقط لأنه يسمح بسد مختلف حاجيات الممارسة العملية  و لكن لأنها تساعد على  إدراك حمولة  القواعد القانونية  و تسهل معرفتها.
و هدا إذا ما دل على شيء  فإنما يدل على أهمية التكييف  و مكانته ضمن فروع القانون  إذ لا يمكن فهم القانون و استيعابه دونما  إدراك لقواعد التكييف، و لا يمكن تطبيق القانون الصحيح دون التكييف الصحيح .
و هذه الأهمية التي يحضى بها التكييف هي التي جعلت سلطة القاضي تخضع لمراقبة صارمة من طرف  محكمة النقض ما دام أن القاضي مجرد إنسان عادي غير معصوم من الخظأ و يكون عرضة لكثير من الانزلاق اثناء تكييفه للعقود.
إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروح هو  السبب وراء عدم اهتمام المشرع المغربي بهذه المؤسسة القانونية الفعالة بالرغم من أهميتها بحيث لم يخصص لها نصوص قانونية خاصة بها.




لائحة المراجع
·      احمد السعيد الزرقد  عقد النزول في الفندق  ، دراسة في التزامات الفندقي و مسؤوليته المدنية في مواجهة السائح او العميل طبعة 2008 
·      احمد السعيد الزقرد ،عقد الرحلة  دراسة في التزامات و سؤولية وكالات السياحة و السفر  طبعة 2008  [1]
·      ادريس العلوي العبدلاوي  ، شرح القانون المدني ، النظرية العامة للالتزام ، نظرية العقد طبعة 1996
·      حسن الحجون -بحث نهاية التدريب تحت عنوان عقد الائتمان الايجاري دراسة عملية ،تحت اشرف الاستاذة عواطف مرابط السنة 2007/2009
·      سحر صلاح الدين صبري البكباشي ، دور القاضي في تكميل العقد، اطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة بني سويف كلية الحقوق قسم مدني 
·      عبد الرحمان الشرقاوي :القانون المدني ،دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تاثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون للاقتصادي ،الكتاب الاول  مصادر الالتزمات ،الجزء الاول التصرف القانوني الطبعة الثالثة 2015
·      عبد الرحمان الشرقاوي :المختصر في شرح قانون المسرة المدنية دراسة عملية مقارنة مع مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية  الطبعة الاولى 2015
·      عبد الرحمان الشرقاوي :قانون العقود الخاصة ،الكتاب الثاني العقود الواردة عن منفعة الشيء عقد الكراء طبعة الثانية 2016
·      عبد الرحمان الشرقاوي ، العقد الساحي  الطبعة الاولى 2015
·      عبد الرحمان اللمتوني دور الاجتهاد القانوني في خلق القاعدة القانونية اطروحة لنيل الدكتوراه  السنة الجامعية 2010 .2011
·      عبد القادر العرعاري  ،  مصادر الالتزام  الكتاب الاول ، نظرية العقد  نظرية العقد  ،الطبعة الثانية 2005
·      عبد القادر عرعاري :مصادر االتزامات ،الكتاب الاول،نظرية العقد ،الطبعة الربعة  سنة 2014
·      عبد الكريم شهبون  الشافي في شرح قانون الالتزامات و العقود المغربي الكتاب الثاني العقود المسماة و ما يشابهها  الطبعة الأولى 2002
·      عبد اللطيف الخالفي الوسيط في مدونة الشغل  الجزء الأول علاقات الشغل الفردية  الطبعة الاولى 2004
·      فريدة اليموري العقود المسماة ،عقد البيع الجزء الاول  طبعة 2016
·      محمد الإدريسي  تكييف العقود في القانون المدني على ضوء التشريع و القضاء المغربي الجزء الثاني الطبعة الأولى 2011
·      محمد الادريسي ، تكييف العقود في القانون المدني على ضوء التشريع و القضاء  المغربي الجزء الأول طبعة 2011
·      محمد الكشبور ،رقابة المجلس الاعلى على رقابة الموضوع في المواد المدنية  محاولة التمييز بين القانون و الواقع
·      محمد الهادي المكنوزي :محاظرات تطبيقية في قانون الاعمال ،الجزء الثاني العقود التجارية الطبعة 2013
·      مقني بن عمار  أطروحة دكتوراه تحت عنوان  القواعد العامة للتفسير  وتطبيقاتها في منازاعات العمل  و الضمان الاجتماعي 2008.2009
·      مقني بن عمار القواعد العامة للتفسير و تطبيقاتها في مجال منازعات العمل والضمان الاجتماعي  اطروحة لنيل الدكتوراه .






الفهرس
-       مقدمـة…………..............……………………………………..1
-       المبحث الأول : الجانب النظري للتكييف العقد المركب ..........................4
-       المطلب الأول: ماهية تكييف العقد المركب ........................................4
-       الفقرة الأولى: مفهوم التكييف.......................................................4
-       اولا-   التكييف و التفسيير .........................................................4
-       ثانيا : التكييف و التكميل.............................................................8
-       الفقرة الثانية: ماهية العقد المركب .................................................9
-       أ مفهوم العقد المركب ...............................................................9
-       ب   تمييز العقد المركب عن غيره من العقود......................................10
-       العقد المركب و العقد البسيط........................................................10
-       العقد المركب و مجموعة العقود ...................................................11
-       الفقرة الثالثة النظريات الفقهية المصاغة في مجال التكييف.....................12
-       أولا : النظريات التي تقلص من الرقابة على التكييف............................12
-       ثانيا : النظريات الموسعة للرقابة على التكييف...................................14
-       المطلب الثاني :عناصر تكيف العقد المركب.......................................15
-       الفقرة الاولى :التكييف التوزيعي...................................................15
-       الفقرة الثانية :التفسير الشمولي...................................................16
-       المبحث الثاني تطبيقات تكييف العقد المركب......................................18
-       المطلب الثاني عقد الائتمان الايجاري و العقد السياحي نموذجين................18
-       الفقرة الأولى تكييف عقد الائتمان الايجاري .......................................18
-       الفقرة الثانية : تكييف العقد السياحي................................................22
-       أولا:  التكييف التوزيعي للعقد السياحي.............................................22
-       ثانيا: التكييف الشمولي في العقد السياحي ........................................24
-       المطلب الثاني:سلطة القاضي في تكييف العقد المركب  و اثار هذا التكييف على العقد....................................................................................25
-       الفقرة الأولى:  سلطة القاضي في تكييف العقد المركب ...........................25
-       الفقرة الثانية :آثار تكييف العقد المركب ............................................29
-       خاتمة ..................................................................................31
-       لائحة المراجع.........................................................................33
-       الفهرس................................................................................35


[1]سحر  صلاح الدين صبري البكباشي ، دور القاضي في تكميل العقد، اطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة بني سويف كلية الحقوق قسم مدني  2006،2007 ص 

[3] مقني بن عمار القواعد العامة للتفسير و تطبيقاتها في مجال منازعات العمل والضمان الاجتماعي  اطروحة لنيل الدكتوراه  2008.2008 ص 222 ،
[4] عبد الرحمان الشرقاوي ، العقد الساحي  الطبعة الاولى 2015 ص 99
[5] عبد الرحمان اللمتوني دور الاجتهاد القانوني في خلق القاعدة القانونية اطروحة لنيل الدكتوراه  السنة الجامعية 2010 .2011 ص 200
[6] عبد القادر العرعاري  ،  مصادر الالتزام  الكتاب الاول ، نظرية العقد  نظرية العقد  ،الطبعة الثانية 2005 ص  260
[7]    نقص مدني 20 مارس سنة 1971، الطعن رقم343 س 32ق اوردته     سحر صبري صلاح الدين البكشاشي  في اطروحتها تحت عنوان دور القاضي في تكميل  ص العقد 33
[8] عبد القادر مرجع سابق  ص263
 [9] ادريس العلوي العبدلاوي  ، شرح القانون المدني ، النظرية العامة للالتزام ، نظرية العقد طبعة 1996 ص 600
[10] سحر صلاح الدين صبري مرج سابق ص 80
[11] عبد القادر العرعاري  مرجع سابق ص 42
[12] عبد القادر العرعاري مرجع سابق ص 42
[13] عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق الصفحة 44
[14] عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق ص 45
[15] ادريس العلوي العبدلاوي  مرجع ساق الصفحة  156
[16]  ادريس العبدلاوي مرجع سابق الصفحة ص 158
[17] محمد الادريسي ، تكييف العقود في القانون المدني على ضوء التشريع و القضاء  المغربي الجزء الأول طبعة 2011 الصفحة 544
[18] محمد مرجع سابق  الصفحة  445


[21]  محمد الكشبور ،رقابة المجلس الاعلى على رقابة الموضوع في المواد المدنية  محاولة التمييز بين القانون و الواقع  301
[22]   محمد الكشبور مرجع سابق ص 301 و  304
[23] محمد الادريسي مرجع سابق الصفحة 186
[24] محمد الكشبور مرجع سابق الصفحة  309
[25] عبد القادر عرعاري :مصادر االتزامات ،الكتاب الاول،نظرية العقد ،الطبعة الربعة سنة 2014ص 53
[26] عبد رحمان لشرقاوي العقد السياحي الطبعة الاولي 2012ص 107
[27] عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق107
[28] -محمد الادريسي :تكيف العقود  في القانون المدني ،الجزء الاول الطبعة الاولي 2011 ص 504
[29] محمد الادريسي  مرجع سابق ص507
[30] عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق  ص 109 
[31] محمد الادريسي مرجع سابق  ص443
[32] عبد الرحمان الشرقاوي :قانون العقود الخاصة ،الكتاب الثاني العقود الواردة عن منفعة الشيء عقد الكراء طبعة الثانية 2016ص 37

[33] عبد الرحمان الشرقاوي :القانون المدني ،دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تاثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون للاقتصادي ،الكتاب الاول  مصادر الالتزمات ،الجزء الاول التصرف القانوني الطبعة الثالثة 2015ص73
[35] محمد الهادي المكنوزي :محاظرات تطبيقية في قانون الاعمال ،الجزء الثاني العقود التجارية الطبعة 2013ص73
[36] -بحث نهاية التدريب تحت عنوان عقد الائتمان الايجاري دراسة عملية من انجاز الملحق القضائي حسن الحجون ،تحت اشرف الاستاذة عواطف مرابط السنة 2007/2009ص 58
[37] - "في حالة تفويت مالا تشمله عملية الائتمان الايجاري فان على المفوت اليه ان يتحمل طيلة مدة العملية نفس الالتزمات المفوت الذي يبقي ظامناّ"
[38] -حكم رقم 1782/2003 صادر عن المحكمة الاسثناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 09/09/2003 غير منشور
[39] عبد الرحمان الشرقاوي :المختصر في شرح قانون المسرة المدنية دراسة عملية مقارنة مع مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية  الطبعة الاولى 2015 ص 214
[40]  عبد الرحمان الشرقاوي ، مرجع سابق الصفحة 107
[41]  احمد السعيد الزقرد ،عقد الرحلة  دراسة في التزامات و سؤولية وكالات السياحة و السفر  طبعة 2008  الصفحةص 4 3
[42] عبد الكريم شهبون  الشافي في شرح قانون الالتزامات و العقود المغربي الكتاب الثاني العقود المسماة و ما يشابهها  الطبعة الأولى 2002 ص 456
[43] احمد السعيد الزرقد  عقد النزول في الفندق  ، دراسة في التزامات الفندقي و مسؤوليته المدنية في مواجهة السائح او العميل طبعة 2008  ص 209
[44] عبد الكريم شهبون  الشافي في شرح قانون الالتزامات و العقود المغربي الكتاب الثالث العقود المسماة و ما يشابهها  الطبعة الأولى 2002
[45] احمد السعيد الزرقد عقد الرحلة  مرجع سابق ص 36
[46] احمد السعيد الزرقد عقد الرحلة  مرجع سابق ص38
[47][47] حكم محكمة استئناف باريس 69.10.1969 جازيت دي باليه 1969/ص 159  أورده احمد السعيد الزرقد في كتابه عقد الرحلة ص المرجع السابق ص 39
[48]  عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق ص 111
[49] عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق ص 112

[51] محمد الإدريسي  تكييف العقود في القانون المدني على ضوء التشريع و القضاء المغربي الجزء الثاني الطبعة الأولى 2011 ص 18
[52] قرار محكمة النقض بتاريخ 7 يناير 1976، أورده محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية، محاولة للتمييز بين الواقع والقانون، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2001، ص: 322
[53] جاء في مضمون هدا النص  يتعين على القاضي إن يبت في حدود طلبات الأطراف  و لا يسوغ له أن يغير تلقائيا  موضوع أو سبب هده الطلبات  و يبث دائما طبقا للقانون المطبقة على النازلة  ولو لم يطلب الأطراف دلك  بصفة صريحة
[54] عبد اللطيف الخالفي الوسيط في مدونة الشغل  الجزء الأول علاقات الشغل الفردية  الطبعة الاولى 2004
[55] قرار محكمة النقض الفرنسيةبتاريخ قي 27.1,1950  اورده محمد الادريس في كتابه تكييف العقد المركب في القانون المدني مرجع سابق ص 14
[56] محمد الادريسي  مرجع سابق ص 15
[57] عبد القادر العرعاري  مرجع سابق ص 14
[58] مقني بن عمار  أطروحة دكتوراه تحت عنوان  القواعد العامة للتفسير  وتطبيقاتها في منازاعات العمل  و الضمان الاجتماعي 2008.2009 ص 47
[59]  فريدة اليموري العقود المسماة ،عقد البيع الجزء الاول  طبعة 2016 ص 82
[60] قرار محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ  21 مارس 1990 اورده مقني بن عمار في اطروخته تحت عنوان[60] مقني بن عمار  اطروحة القواعد العامة للتفسير  وتطبيقاتها في منازاعات العمل  و الضمان الاجتماعي  مرجع سابق الصفحة  48

[61] محمد الادرسي مرجع سابق ص 393
[62] قرار المجلس الاعلى عدد 442 الصادر بتاريخ 15/04/1997 الملف الاجتماعي عدد 298/4/95 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53-54 السنة 21 يوليوز 1999 ص343

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *