-->

اهلية الجنين بين الشريعة الاسلامية والقانون المغربي

Description : http://www.9alami.info/wp-content/uploads/2012/08/fsjes-rabat-suissi.jpg
Description : Logo-UM5-Ar
 



جامعة محمد الخامس
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية- الســويـسي
Faculté des Sciences Juridiques Economiques et Sociales
 Souissi





أهلية الجنين بين الشريعة الإسلامية و القانون المغربي



الطالب عريان الراس بنعيسى
ماستر القانون و الممارسة القضائية

مقدمة

الأسرة خلية اجتماعية تتفاعل داخلها علاقات إنسانية معقدة على قدر كبير من الأهمية.
وتنطلق الأسرة عادة من تعاقد قانوني بين رجل و أمرآة موضوعه تأسيس أسرة.
وداخل الأسرة يتم أنجاب أطفال يتربون ويتهيأون ليقوموا بدورهم كاملا داخل المجتمع وفي الوقت الحالي فان القانون هو الذي يحكم أوضاع الأسرة تأسيسا وأثرا أي حقوقا و التزامات سواء فيما بين الأزواج أو فيما بينهم وبين أبنائهم.
ودور القانون هو حماية النسل البشري وما أحاطه المشرع بحماية من تاريخ استقراره في الرحم إلى غاية خروجه إلى العالم.
يعتبر موضوع الأهلية من المواضيع الهامة في الشريعة الإسلامية و القانون، بحيث نظمها المشرع بشكل محكم لما لها من دور في اكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات. وقد نص قانون الالتزامات و العقود على أن أهلية الفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية و هي صلاحية الشخص في اكتساب حقوق و تحمل التزامات و الأهلية و نظمتها مدونة الأحوال الشخصية من الفصل 206 إلى غاية الفصل [1]228 وهي مقسمة إلى أهلية وجوب و أهلية أداء.
 أهمية الموضوع من الجانب نظري و التطبيقي فمن  الجانب النظري هل يثبت للجنين الشخصية القانونية مما يترتب عليه إمكانية تبوث الجنين بعض الحقوق. و من الناحية التطبيقية هل من الممكن أن يباشر الجنين وهو في بطن أمه بعض الحقوق المعترفة له كالإرث و الوصية و الوقف؟ . ...
إشكالية الموضوع ما مدى أعتراف كل من الشريعة الإسلامية و القانون المغربي بأهلية الوجوب للجنين
سوف نتناول بحثنا عبر مبحثين المبحث الأول أهلية الجنين في الشريعة الإسلامية والمبحث الثاني أهلية الجنين في ظل القانون المغربي.

المبحث الأول: أهلية الجنين في الشريعة الإسلامية

سوف نتناول الأهلية حسب الشريعة الإسلامية عبر ثلاث مطالب, المطلب الأول تعريف للأهلية والمطلب الثاني أنواع الأهلية, و المطلب الثالث الآثار المترتبة على التنظيم الشرعي لأهلية الجنين.

المطلب الأول: تعريف الأهلية


لقد اعتبر علماء الشريعة الإسلامية الأهلية و الذمة وجهان لعملة واحدة.
الذمة وصف شرعي اعتباري، يقصد بها فقهاء الشريعة الإسلامية من ناحية سلبية الالتزام، فإذا قالوا في ذمة عمرو مائة درهم عنوا بذلك أنه ملزم بأداء المبلغ المذكور لصاحبه.
والذمة في اللغة يعني بها العهد أو الكفالة، قال تعالى:"لا يرقبون في مومن إلا ولا ذمة". وفي الحديث الشريف: (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم.
وعرف ابن الحاجب الذمة بأنها: أمر تقديري يفرضه الذهن فلا وصف ولا ذات لها.
وعرفها ابن عرفة بأنها ملك متمول كلي حاصل ومقدر يخرج منه ما أمكن حصوله.[2]

نظرة فقهاء الشريعة الإسلامية إلى الذمة والأهلية:
يقول الفقيه الكبير السنهوري بأن الذمة سابقة لوجود الأهلية فهي تثبت للجنين منذ تكوينه جنينا في بطن أمه حيث تكون له ذمة ناقصة تصبح كاملة حين ولادته حيا، وبذلك تصبح له أهلية وجوب تؤهله بأن يلزم ويلتزم، فالجنين عندما يكون في بطن أمه تكون له ذمة وأهلية ناقصة تخوله حقوقا كثيرة فهو يرث ويوقف عليه ويوصي له، بل عندما يولد حيا يمكن أن يلزم ويلتزم وينوب عليه في ذلك وليه أو الوصي عليه أو المقدم.
وهكذا نستنتج من نظرية الفقيه السنهوري أن الذمة سابقة للأهلية فلا يشترط لها لا البلوغ ولا الرشد ولا التكليف ولا التمييز وإنما يجعل الولادة مع الحياة شرطا لتمام الذمة التي عنها تترقب أهلية الوجوب.

إن الفقيه الزرقاء يخالف الفقيه السنهوري في نظريته فهو يرى بأن الذمة ما هي إلى وعاء تقديري اعتباري يقدر قيامه في الشخص لإثبات الديون والالتزامات في شخصه.
وهكذا يرى بأن الذمة لا تثبت للإنسان إلا بعد أن يولد حيا، فلا يكون له ذمة، وبالتالي لا أهلية له إذا كان جنينا في بطن أمه.[3]

المطلب الثاني: أنواع الأهلية

يقسم الفقه عادة الأهلية الى أهلية وجوب وأهلية أداء.

 - 1أهلية الوجوب

يقصد بأهلية الوجوب صلاحية الشخص لاكتساب حقوق وترتب التزامات عليه.
وكل فرد مؤهل لاكتساب الحقوق و ترتب التزامات غير إرادية عليه منذ بدء وجوده الى انتهاء حياته .وبذلك تكون أهلية الوجوب مقترنة بوجود الشخص وملازمة له ولا تفارقه ما دام حيا.
غير أنها مثل أهلية الأداء يضيق مداها ويتسع تبعا لمراحل الوجود التي يمر بها الفرد.
فمنذ تحقق اللقاح يكتسب الجنين حق الاستمرار في الوجود عن طريق تجريم الإجهاض –م 449 وما بعدها من القانون الجنائي-وفرض نفقته على الاب بما في ذلك من نفقات المراقبة الطبية و العلاج ان اقتضى الحال وما قد يفرضه القانون من التدخل الطبي الوقائي ضد بعض العاهات أو الأمراض المحتملة.
وعند ولادته ينشأ له الحق في الاسم و الجنسية و توثيق حالته المدنية الى جانب الحقوق المالية التي يكتسبها بالإرث أو الوصية مثلا.
هذه أمثلة للحقوق المكتسبة بأهلية الوجوب أما بالنسبة لالتزامات فتختلف الاتجاهات التشريعية بشأنها.
منها ما يقصرها على بعض الالتزامات القانون أي التي يفرضها القانون مباشرة على الفرد مثل نفقة الأقارب و الرسوم القضائية والضرائب وهذا التوجه هو الذي أخذ به القانون المغربي.
ومنها ما يمدد أهلية الوجوب إلى التزامات مترتبة عن سلوك المعني بالأمر و تصرفاته الشخصية مثل الالتزام بالتعويض في مجال المسؤولية التقصيرية.

-2 أهلية الأداء

أهلية الأداء هي صلاحية الفرد لاستعمال الحقوق التي يكتسبها ولانجاز التصرفات الإرادية عن طريق التعاقد أو الإرادة المنفردة بما ينشأ عنها من التزام و ألزام.وقد نص قلع في م3 على أن "كل شخص أهل للإلزام و الالتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك".
أن نصوص المدونة اتسمت بالاضطراب وعدم الوضوح في موضوع أهلية الأداء[4].
أن أهلية الوجوب بوصفها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له أو عليه تثبت لكل إنسان في المجتمع ولان مناطها الحياة والصفة الإنسانية ولا علاقة لها بالسن أو العقل فهي تبدأ من وقت الحمل لذلك فان الجنين تثبت له شخصية قانونية تجعله يتمتع بأهلية وجوب ولا يملك شيئا من أهلية الأداء ونظرا للوضع الطبيعي للجنين فان أهلية الوجوب لديه تكون ناقصة من عدة نواح أنها تثبت له من جهة الوجوب له لا عليه وأنها مقصورة على بعض الحقوق دون بعضها الأخر ثم هي متوقفة على تمام ولادته حيا.
الأهلية في اللغة: هي الصلاحية و الجدارة و الكفاية لأمر فلأهلية للأمر هي الصلاحية له ومنه قوله تعالى في حق المؤمنين "و ألزمهم كلمة التقوى وكانوا بها وأهلها " و أيضا قوله تعالى "هو أهل التقوى وأهل المغفرة " وفي الاصطلاح هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق و التحمل بالالتزامات ومباشرة التصرفات القانونية التي يكون من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله التزاما على وجه يعتد به قانونا 

المطلب الثالث: الآثار المترتبة على التنظيم الشرعي لأهلية الجنين.

سوف نتطرق لها عبر ثلاث محاور من حيث النسب أو من حيث الميراث ومن حيث الوصية و الوقف.

1-الآثار المترتبة من حيث النسب

هو صلة الإنسان بمن ينتمي إليه من الآباء والأجداد، وهو من النعم التي أنعم بها الله على عباده.
وهو حق للأب والأم معا قبل أن يكون حقا للجنين، فحق الأب يتمثل في صيانة ابنه من الضياع وأنه يترتب على ثبوت نسبه حقوق أخرى كحقه في الولاية والنفقة والإرث، وحق للم لأنه جزء منها وهو ينفي عنها التعرض للعار.

ـ وسائل ثبوت النسب:
v  الفراش: هو الزواج الصحيح المستوفي  شروطه، ويلحق به الدخول بالمرأة في عقد زواج فاسد ووطؤها بشبهة؛ كأن يخالط امرأة زفت إليه على أنها زوجته، فإذا ولدت الزوجة ولدا فإن نسبه يثبت من ذلك الزوج دون حاجة إلى إقرار ولا بينة. ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم[5] (الولد للفراش، وللعاهر الحجر).
v  الإقرار: هو الاعتراف بنسبة الولد إلى المقر، وإن لم يذكر السبب في بنوته
v  الحمل: إذا تم العقد صحيحا ثم حدثت الفرقة بين الزوجين لأي سبب من الأسباب، وهذه الفرقة إما أن تكون قبل الدخول والخلوة أو بعدهما، فإن تمت قبلهما ثم أتت المطلقة بولد قبل مضي ستة أشهر من الطلاق، ثبت نسبه من الزوج للتيقن بأنها حملت به قبل الفرقة وإن أتت به بعد ستة أشهر فلا يثبت نسبه لعدم التيقن بحدوث الحمل قبل الطلاق، وإن تمت الفرقة بعد الدخول والخلوة ثم أتت بولد قبل مضي أقصى مدة الحمل من يوم الفرقة ثبت نسبة الولد، وإن ولدته بعد مضي أقصى مدة الحمل فلا يثبت نسبه.
v  البينة: وهي إذا ادعى شخص على آخر أنه ابنه أو ابن لأبيه وأنكر المدعى عليه هذه الدعوى فأثبتها المدعي بالبينة حكم له القضاء بثبوت النسب، باعتباره نسبا حقيقيا قامت على صحته البينة الشرعية  وتترتب عليه جميع الآثار الشرعية.
v  البصمة الوراثية: هي تعيين هوية الإنسان عن طريق تحليل جزء أو أجزاء من لحمض النووي الموجود داخل نواة  خلية الإنسان[6]، ويظهر هذا التحليل في صورة شريط من سلسلتين ا بحيث تمثل إحدى  السلسلتين الصفات الوراثية من الأب، وتمثل السلسلة الأخرى الصفات الوراثية من الأم.

2-الاثار المترتبة من حيث الميراث


اتفق الفقهاء على أن الحمل من جملة الورثة إذا تحقق فيه شرطان:
·      أن يتقن وجوده في بطن أمه ولو كانت نطفة في الرحم عند وفاة مورثه.
·      أن ينفصل كله حيا عند جمهور الفقهاء، وبما أن نوع الحمل مجهول فقد تكون وراثته محتملة لأنه يجوز أن يكون الحمل ذكرا أو أنثى، وقد يكون حيا أو ميتا، واحدا أو متعددا، عاصبا أو صاحب فرض ولكل حكمه الخاص في الإرث.
وإذا جاء الحمل ميتا فإنه لا يستحق شيئا، لأن حياته وقت وفاة المورث لم تكن متحققة، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الحياة المستقرة للجنين تعلم بالاستهلال بعد ولادته، والاستهلال يكون إما بصراخه أو بكائه أو عطاسه أو تثاؤبه.
تقسيم التركة حال وجود حمل ضمن ورثتها:
اختلف الفقهاء في جواز قسمة التركة قبل ولادة الحمل أو عدم جواها على عدة آراء[7]:
·      أن توقف التركة التي بين مستحقيها حمل حتى يتبين أمر الحمل بولادته والتأكد منه هل ذكر أم أنثى، واحد أم متعدد وقال به المالكية.
·      إن الولادة إن كانت قريبة وقفت  التركة حتى يولد الحمل أما إن كانت بعيدة فلا توقف القسمة، لأن في وقفها إضرار بقية الورثة، وقال به بعض الحنفية.
·      تقسم ويوقف للحمل أوفر النصيبين على تقدير كونه ذكرا أو أنثى.
·      تقسم ولا يحجز للحمل فغن ولدت الحامل تستأنف القسمة.
·      تقسم التركة إذا لم يرض الورثة بتأخير القسمة إلى وضع العمل ويعمل بالأحوط في حق الحمل فلا يعطى من التركة إلا من تيقن بأنه وارث معه، ولا يعطى الوارث إلا أقل نصيب يستحقه.

3-الآثار المترتبة من حيث الوصية

الوصية تصرف قانوني بإرادة منفردة من جانب واحد بذلك فالوصية لا تتوقف على قبول ولا ترد حالة إنشائها، إلا أنها غير لازمة للموصي حاله حياته، وهي تصح لكل من صح شرعا تملكه للموصى به حقيقة أو حكما، وبما أن الجنين تثبت له الحقوق النافعة له نفعا محضا تبعا لأهلية الوجوب الناقصة لديه، فإنه يصح الإيصاء للحمل.
وقد أجاز الفقهاء الوصية للجنين إلا أنهم اختلفوا في بعض الشروط، ومنها على الخصوص اشتراط وجوده حال الوصية على قولين.
1)   الأحناف والإمامية والشافعية، والحنابلة، والزيدية، اشترطوا أن يكون وجود الجنين في بطن أمه متيقنا حال الوصية، فإذا لم يكن موجودا وقت إنشاء للوصية فلا تصح الوصية له.
2)   لا يشترط فقهاء المالكية مثل هذا الشرط الأخير للموصى له[8]، وقت إنشاء الوصية أو عند الوفاة، بل تصح عندهم لمن يصح تملكه في الوقت الذي عينه الموصي، وذلك توسعه على الموصي، وتمكينا له من عمل البر، وقد أخذ بهذا الرأي بعض أصحاب الشافعي، وهو ما أخذت به مدونة الأسرة صراحة في المادة[9] 282 وهي بذلك أجازت الوصية لمن لم يكن موجودا وقت إنشاء الوصية، ويحتمل أن يوجد في المستقبل، سواء وجد عند وفاة الموصي، أم لم يوجد إلا بعدها.
يشترط أيضا لكي يستحق الجنين الوصية:
1)   أن يولد الجنين وتكون حياته مستقرة بعد الولادة، وتعمل هذه الحياة بظهور العلامات التي نص عليها الفقهاء من البكاء والصراخ والحركة الدالة على الحياة.
2)   أن يكون الحمل الموصى له موصوف بالأوصاف التي حددها الموصي فمثلا، إن قال أن الوصية لحمل فلأنه من فلان فيجب أن يثبت نسب الحمل من فلان هذا حتى تصح له الوصية.

4-أثار المترتبة من حيث الهبة

الهبة بحسب الأصل عقد من عقود التبرعات الملزمة بجانب واحد وهو الواهب وهي عقد ناقل للملكية ونتيجة لذلك، اختلف الفقهاء في جواز الهبة للجنين، فذهب جمهورهم إلى عدم صحة ذلك لأن الهبة عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول وأن للحقوق التي تثبت للجنين لا تحتاج، إلى قبول، فمن وهب شيئا إلى جنين فلا تصح هبة، لحاجتها إلى قبول وقبض والجنين لا يقدر على القبول وليس له ولي يقبل عنه كما أن الهبة تمليك لمال في الحال والجنين لا يملك بنفسه.
أما فقهاء المالكية، فإنهم يجيزون الهبة للجنين في بطن أمه، ولم يشترط القبض في صحة الهبة له وأيضا لمن لم يوجد في البطن ولكنه سيولد في المستقبل، فإن ولد الجنين حيا وعاش كان المال له، وإذا مات بعد الولادة كان لورثته، وأن ولد ميتا بقي المال على ملك الواهب.

 5-الآثار المترتبة على الوقف


هو من بين الحقوق التي تثبت للجنين، وهو من عقود التبرعات كالوصية والهبة لأنه تصرف من طرف واحد وهو الواقف، فهو مثل الوصية تكون من الموصي.[10]
عرفه الفقهاء بعدة تعريفات منها:
الحنفية: هو حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة.
وقال المالكية هو إعطاء منفعة شيء مدة وجوده لازما بقاءه في ملك معطيه.
الشافعية: هو حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود.
فمن ذلك يتضح أن فقهاء الشريعة أقروا أن صحة الوقف وثبوت استحقاق الموقوف كلاهما يتم بإيجاب الواقف وحده دون توقف على قبوله، غير أن ثبوت الاستحقاق يرتد برد الموقوف عليه.
وقد ذهب جمهور الفقهاء بناء على ذلك إلى صحة الوقف على الأولاد والذرية الموجودة منهم ومن سيولد فيما بعد، ويدخل في الموجود منهم الجنين إذا ولد لأقل من ستة أشهر، أما من ولد لأكثر فإنه يتناوله وصف من سيولد فيما بعد.

المبحث الثاني: أهلية الجنين في ظل القانون المغربي


سوف نتناول أهلية الجنين في ظل القانون المغربي عبر فرعين، المطلب الأول أهلية الجنين حسب قانون الالتزامات و العقود ومدونة الأسرة و المطلب الثاني حماية القانونية للجنين و الآثار المترتبة.

المطلب الأول: أهلية الجنين حسب القانون المغربي


أهلية الجنين حسب ما نظمها قانون الالتزامات و العقود ومدونة الأسرة

الأهلية في قانون الالتزامات و العقود تبدأ أهلية الالتزام في الوجود في مرحلة من مراحل عمر الإنسان و تكتمل في مرحلة أخرى و الشخص في أثناء هذا التطور يسمح له القانون على سبيل الاستثناء بمباشرة بعض التصرفات أما بالنسبة لبقية التصرفات فيتولاها عنه شخص أخر هو الولي ثم انه قد يحدث بعد أن يبلغ السن التي تكتمل لديه فيها أهلية الأداء والتي توصف عادة بأنها سن الرشد. 
الأهلية لها علاقة وطيدة بالإدراك و التميز فمناط أهلية الأداء هو الإدراك و التميز فالإنسان لا يولد ومعه هذا الإدراك و التميز بل يبدأ لديه بعد فترة من عمره ثم يكتمل بعد ذلك  ومن ثم فان أهمية الأداء لا توجد عند الولادة بل يبدأ وجودها بعد ذلك ثم تكتمل.
وترتيبا على ما تقدم يتضح أن الإنسان يمر حسب الوضع الطبيعي ومن حيث الأهلية للالتزام أي أهلية الأداء بمراحل ثلاث المرحلة الأولى و تنعدم فيها أهلية الأداء و توجد ناقصة في المرحلة الثانية وتكتمل عند بداية و بالنسبة للمرحلة الثالثة فهي لا تثير عناء كبير فما لم يطرأ مانع أو عارض من عوارض الأهلية فان الشخص يظل متمتعا بأهلية أداء كاملة حتى الموت.
 و قد أحال المشرع الى مدونة الأسرة الفصل الثالث من قلع " الأهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية وكل شخص أهل للإلزام والالتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك".
و لقد اختلف الفقهاء حول طبيعة الحقوق التي تثبت للجنين ويمكن التميز بين عدة أراء.

حقوق الجنين معلقة على شرط واقف

يرى بعض الفقه أن حقوق الجنين معلقة على شرط واقف هو تمام ولادته حيا فإذا تم ذلك تأكدت هذه الحقوق بأثر رجعي أي ليس من وقت الميلاد بل من وقت تحقق سببها وان ولد ميتا فهو كأنه لم يكتسب هذه الحقوق في أي وقت من الأوقات.

حقوق الجنين معلقة على شرط فاسخ

 أورد بعض الفقه تصورا أخر لطبيعة حقوق الجنين يجعلها معلقة على شرط فاسخ وهو عدم الولادة حيا فإذا ولد الجنين ميتا فان هذه الحقوق الممنوحة له و المعترفة له بها تزول تبعا لزوال شخصيته القانونية.

حقوق الجنين حقوق احتمالية

وهناك رأي ثالث يعد حقوق الجنين من قبيل الحقوق الاحتمالية ينصب الاحتمال فيها على تمام الولادة حيا وهو عنصر أصيل وليس عارضا إذا لا يتصور وجود الحق من دونه وتتوزع حقوقه على مرحلتين مرحلة كونه جنينا وفيها تثبت له بعض الحقوق الاحتمالية حتى إذا ما بدأ المرحلة الثانية حالة خروجه إلى الحياة تأكدت الحقوق و اكتملت.
والواقع انه يتعين التميز بخصوص طبيعة حقوق الجنين بين الحقوق المالية مثل تلك الناتجة عن الميراث و الوصية حيث يتوقف تحقق ثبوت ملكيته لها على ولادته حيا فإذا ولد حيا أمكن لقرابته الاستفادة منها لأنها تنتقل إلى غيره عن طريق الميراث على أن شرط الولادة و بين الحقوق الغير المالية مثل النسب و الجنسية التي تستند في ثبوتها إلى مسائل أخرى مثل إثبات قوة الفراش بين الزوج و الزوجة بالنسبة للنسب مثلا أي بمجرد ثبوت البناء الشرعي بينهما .

المطلب الثاني: حماية القانونية للجنين و الآثار المترتبة.


إن اعتراف القانون للجنين بأهلية وجوب ناقصة يفيد حقه في الاستئثار بقيمة معينة تجعله ينفرد بها على سبيل الاختصاص دون غيره من الأشخاص ليس له جدوى إذا لم توفر له الحماية القانونية حيث يلزم إلى جانب ذلك أن يكون محميا بالقانون يمنع الغير من التعرض له إذ أن الحالة المادية للجنين تجعل من المستحيل عليه أن يباشر التصرفات القانونية أو رعاية مصالحه مما يفرض تعيين شخص يقوم بذلك مقامه ويباشر السلطات اللازمة لتحقيق انفراد الجنين بالشيء أو بالقيمة وتمكينه من الاستفادة منهما بعد ولادته حيا إضافة إلى ذلك فأن مرور الزمن المتمثل في التقادم و هو واقعة مادية يترتب عليها القانون أثار معينة من حيث اكتساب الحقوق أو سقوطها تلك هي إشكاليات سنتناول في جزئين نخصص الأول للوصاية على الجنين و الثاني لسريان التقادم في حقه والحماية الجنائية لقد ميز الفقه بين الولاية و الوصاية فالولاية سلطة على شخص القاصر لتنشئته وسائر التصرفات المتعلقة بشخصه أما الوصاية فهي سلطة أدارية على مال القاصر لحفظه و إدارته واستثماره.

1-   الوصاية على الجنين


وقد أختلف الفقه حول مسألة الوصاية على الجنين فمنهم من يرى عدم الجواز و منهم من يرى جواز الوصاية على الجنين و الرأي الراجح هو التنصيص على وصاية الجنين لأنه يعد حيا حكما وتقديرا وهو بذلك يثبت له ملك الحقوق التي تتسع لاكتسابها أهليته القاصرة من بدء تكوين فيما لو تحقق شرط استحقاقه لها وهو ولادته حيا ويسمى الوصي في هذه الحالة بالوصي المختار وفي حالة عدم وجود ولي أو وصي للجنين فأن القاضي حينئذ يعين مقدما ليقوم بشوون هذا الجنين و غيرها مما يكون في مصلحته و العمل على صيانة حقوقه.

2-   سريان التقادم في حق الجنين

نص الفصل 379 من قانون الالتزامات و العقود على أنه "لا يسري التقادم ضد القاصرين غير المرشدين وناقصي الأهلية الآخرين إذا لم يكن لهم وصي أو مساعد قضائي أو مقدم وذلك الى بعد بلوغهم سن الرشد أو ترشيدهم أو تعيين نائب قانوني لهم"
ويتبين من الفصل السالف الذكر أن المشرع قد قرر وقف التقادم لمصلحة ناقصي الأهلية شريطة عدم وجود من يمثلهم قانونا لحماية حقوقهم  وصيانتها من الضياع   وعموما يتوقف التقادم لصالح كل شخص لم يبلغ سن الرشد سواء كان مميزا أم فاقد التمييز ولا يسري في حقه إلا أذا وجد الممثل القانوني من ولي أو وصي أو مقدم وكلمة شخص تفيد العموم وهي بذلك تشمل حتى الجنين.

3-   الحماية الجنائية للجنين


مما يحمد للقانون الجنائي كفل للجنين حماية فعالة إذ أنه جرم كل فعل أو سلوك يشكل اعتداء عليه يصدر من أي شخص كان حتى لو كان صادرا من أمه ولم يجعل من رضاها سببا لإباحة إجهاض الجنين ولم يعتد بما أذا كان حدوثه نتيجة علاقة غير شرعية أو كان نتيجة غير شرعية كما أن المشرع يحرم الإجهاض أذا تم في أي وقت من أوقات الحمل حتى لو تم عند بداية تلقيح الحيوان المنوي ببويضة المرأة كما أن المشرع لم يعتد بوسيلة معينة لإحداث الإجهاض أذ أن كل وسيلة صالحة للاجهاض سواء كانت أيجابية أو سلبية أو نفسية ما دام أنها غير طبيعية وينتج عنها الإجهاض.
فحسب القانون الجنائي المغربي في الفصل 451 "الأطباء و الجراحون وملاحظو الصحة وأطباء الاسنان والقابلات والمولدات والصيادلة وكذلك طلبة الطب أو طب الاسنان أو الصيدلة وعمال الصيدليات و العشابون و المضمدون وبائعو الأدوات الجراحية و الممرضون و المدلكون و المعالجون بالتسبب و القابلات العرفية الذين يرشدون الى وسائل تحدث الإجهاض أو ينصحون باستعمالها أو يباشرونها يعاقبون بالعقوبات المقررة في أحد الفصلين 449 و450على حسب الأحوال وبحكم على مرتكبي الجريمة علاوة على ذلك بالحرمان من مزاولة المهنة المقررة في الفصل 87 إما بصفة نهائية أو لمدة محدودة.
ولتحقق جريمة الإجهاض لا بد من توفر ركن المادي و المعنوي فالركن المادي يفترض وجود الفعل المادي و الفعل المادي يتكون من فعل الإسقاط وقيام علاقة سببية وتحقق النتيجة ففعل الإسقاط هو كل فعل يقوم به الطبيب أو الجراح من أجل إجهاض المرأة الحامل و على الرغم من ذلك فقد أقر لمشرع الجنائي ضرورة الإجهاض من أجل المحافظة على صحة الأم بناء على الفصل 453" لا عقاب على الإجهاض اذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح باذن من الزوج. والركن لثاني لقيام الجريمة هو العنصر المعنوي و هو القصد الجنائي هو اتجاه الإرادة الى تحقيق واقعة إجرامية مع العلم بتحقيقها و بأن القانون الجنائي يجرمها بمعنى أن القصد الجنائي يتحقق في صورتي العلم و الإرادة.













الفهرس



 










 قانون 70.03 بمثابة مدونة الاسرة.[1]
[2] موقع وزارة الأوقاف و الشؤون السلامية أطلع عليه يوم 12/12/2016 
http://habous.gov.ma/daouat alhaq/item/4485-

[3] فوجه الخلاف بين الفقيهين السنهوري والزرقاء حدد في النقط الثلاث التالية:
أ‌- الزرقاء يرى بأن الذمة تترتب على الأهلية، أي أن الإنسان يجب أن تكون له أهلية حتى تكون له ذمة لأنها مجرد وعاء، بينما السنهوري يرى بأن الذمة في الأصل والأهلية مترتبة عليها.
ب‌-  الزرقاء يرى بأن الجنين لا تكون له ذمة لأنه لا أهلية له، فلا ذمة ولا أهلية إلا بعد ولادة الجنين حيا، لكن السنهوري يقول: بما أن الجنين في بطن أمه يرث ويوقف عليه ويوصى له –إذا ولد حيا- له ذمة أي له وعاء تقديري ويترتب على ذلك أن أهلية وجوب ناقصة تكتمل بميلاده.
ج- إذا كان الزرقاء يجعل الولادة مع الحياة شرطا الحصول على الأهلية كنتيجة لثبوت الذمة، فإن السنهوري يجعل الولادة مع الحياة شرط تمام للذمة التي تترتب عليها أهلية الوجوب.

[4]-أحمد الخمليشي التعليق على قانون الأحوال الشخصية الجزء الثاني أثار الولادة و الاهلية و النيابة الشرعية الصفحة 301 مطبعة المعارف الجديدة
 صحيح مسلم[5]
[6]  - حمض نووي موجود داخل نواة خلية الإنسان وهو مكون م مجموعة من المركبات تشمل ي مجموعها التركيب الجيني للإنسان وهو المسؤول عن تشكيل الرموز الجينية لكل ما يتعلق بالإنسان من صفات وراثية.

[7] - عائشة أحمد سالم حسن، الأحكام المتصلة بالحمل في الفقه الإسلامي، ص 92 الطبعة الأولى.
[8] - مجلة الحقوق ا لعدد الثالث، السنة الثامنة والعشرون.
[9] - المادة 282 من مدونة الأسرة "تصح الوصية لمن كان موجودا وقتها أو منتظر الوجود".
[10] - عائشة أحمد سالم حسن، الأحكام المتصلة بالحمل في الفقه الإسلامي، ص 101-102 الطبعة الأولى 2008م.

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *