-->

بحث فى مسئولية المهندس المعماري فى القانون السورى

بحث فى مسئولية المهندس المعماري فى القانون السورى

المسؤولية هي التي تتحقق عند إخلال المدين بالتزام يجب عليه، ويترتب على هذا الإخلال ضرراً أصاب الغير ، ويعرفها البعض بأنها التزام شخص بتعويض الضرر الذي أصاب شخص آخر، وبالتالي يلزم بتعويض الضرر الذي لحق الغير. هذا وتنقسم المسؤولية المدنية إلى قسمين المسؤولية العقدية، والمسؤولية التقصيرية : أ / : المسؤولية العقدية : تقوم هذه المسؤولية على الإخلال بالتزام عقدي يختلف باختلاف ما اشتمل عليه العقد من التزامات، فالدائن والمدين في المسؤولية العقدية يرتبطان بعقد، وفي حالة إخلال احدهما بشروط العقد تتحقق المسؤولية . ب / : المسؤولية التقصيرية : تقوم هذه المسؤولية عند الإخلال بالتزام قانوني واحد لا يتغير وهو الالتزام بعدم الإضرار بالغير، فالدائن والمدين لا يرتبطان بعقد قبل أن تتحقق المسؤولية بل إن المدين هنا يكون أجنبياً عن الدائن . ونستطيع القول : إن المسؤولية التقصيرية هي حالة الشخص الذي يخالف التزام فرضه عليه القانون. 
تحديد نوع المسؤولية الهندسيةتثور مسؤولية المهندس قانوناً عندما يتخلف عن بذل العناية التي تتطلبها مهنته ، أو تحقيق الغاية التي أوجبها عليه المشرع وهي ضمان المهندس لسلامة البناء من التهدم الكلي أو الجزئي مدة عشر سنوات . وقد كانت تلك المسؤولية محلاً للعديد من التساؤلات حول تحديد طبيعتها المدنية هل هي مسؤولية عقدية أم مسؤولية تقصيرية و استقر الرأي على أنها عقدية في حالات و تقصيرية في حالات أخرى، إضافة إلى مسؤوليته الجزائية من المعلوم أن المسؤولية لا تكون عقدية إلا إذا وجد عقد صحيح بين المضرور والمسؤول عن الضرر، وكان هذا الضرر نتيجة إخلال أحد طرفي العقد بالالتزام العقدي . ويترتب على هذا القول أن مسؤولية المهندس هي مسؤولية تقصيرية كلما انعدمت الرابطة التعاقدية . والرأي السائد في تكييف المسؤولية الهندسية والمجمع عليه فقهياً وقضائياً، أن مسؤولية المهندس عن أخطاءه المهنية، إنما هي مسؤولية عقدية إذا توافر العقد المنظم بين المهندس و بين المقاول أو صاحب العمل أو وجد بذلك اتفاقية مصادق عليها من نقابة المهندسين ، وقد أخذ بذلك القضاء الفرنسي وتبعه القضاء المصري و السوري ، ولكي تكون مسؤولية المهندس عقدية فإنه لابد من توافر الشروط التالية : 1-الشرط الأول : أن يكون هناك عقد صحيح بين المهندس والمقاول أو مالك البناء و أن تتوافر في العقد جميع أركانه وشروطه إضافة إلى أن يكون محل العقد مشروعاً.. 2- الشرط الثاني : إخلال المهندس بالعقد أو دفتر الشروط الفنية أو الاتفاقية المذكورة ، حيث يسأل المهندس في حال عدم قيامه بالالتزامات التي يفرضها عليه العقد ودفتر الشروط المبرم مع المقاول أو الإدارة ، عن كل تقصير أو إهمال يصدر عنه أثناء قيامه بإشادة البناء أو ظهور عيب في البناء خلال عشر سنوات من تسليم البناء . بالرجوع إلى قواعد المسؤولية العقدية نجد أن الخطأ العقدي هو عبارة عن انحراف ايجابي أو سلبي في سلوك المهندس المهني و الذي يؤدي بالتالي إلى مساءلته، ومعيار هـذا الانحراف هو معيار سلوك الرجل المعتاد ، وهذا ما نص عليه القانون المدني الأردني بقوله : " إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه فإنه يكون قد وفي بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ولو لم يتحقق الغرض المقصود ،هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك" (1) . وعليه فإن الأصل في المسؤولية العقدية هو افتراض وقوع الخطأ من جانب المدين إذا لم يقم بتنفيذ التزامه كلياً أو في جزء منه أو تأخر في تنفيذه ، ولا يستطيع المهندس نفي الخطأ عن نفسه إلا إذا اثبت أن عدم التنفيذ أو سوء التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي كما أشارت إلى ذلك المادة (448) من القانون نفسه والتي تنص على انه : "ينقضي الالتزام إذا اثبت المدين إن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه" . شروط تحقق المسؤولية المدنيةنصت المادة /164/ من القانون المدني السوري على أنه : " كل خطأ سبب ضرراً يلزم من ارتكبه بالتعويض" . و هذا يعني أن قوام المسؤولية هنا هو الفعل الضار الذي يوجب الضمان والتعويض المنصوص عنه في المادة السابقة ، و لا بد لتحقق الضمان ووجوبه من تحقق المعادلة التالية : هي الخطأ و الضرر و العلاقة السببية بين وجود الخطأ و وقوع الضرر . و لذا لا بد من شروط لتحقق مسؤولية المهندس و هي تهدم البناء تهدماً كلياً أو جزئياً و بالتالي إلحاق الضرر بالغير بسبب هذا التهدم ، فعندئذ يكون المهندس مسؤولاً عن هذا الضرر ، فتتحقق المسؤولية . و استناد المضرور للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء تهدم البناء يستلزم شروط (1) : الأول - أن يكون الضرر مرتبطاً سببياً بانهيار البناء كلاً أو جزءاً (2): فكل خطأ سبب ضرر يلزم من ارتكبه بالتعويض و لا يستطيع المهندس نفي المسؤولية عنه إلا بنفي العلاقة السببية ما بين تهدم البناء و الضرر الذي وقع كأن يثبت مثلاً أن زلزالاً أصاب البناء كان أكبر قوةً من القوة التي درسها في تصميمه و كان هو السبب في التهدم ، فالزلزال هنا لا يعتبر قوة قاهرة في جميع الأحوال إلا إذا حدث بقوة اكبر مما جُهز عليه البناء ، فإذا صمم المهندس البناء على انه سيتحمل زلزالاً بقوة 6 درجات على مقياس ريختر و حدث الزلزال بقوة 7.5 درجة ، فان المهندس هنا لا يسأل عن خطأه في تهدم البناء لان الأنظمة النقابية و التصميمات العالمية ( نورم التصميم ) تقتضي على المهندس أن يصمم درجة تحمل البناء على زلزال بقوة 6 درجات لا غير و ما يحدث بأعلى من ذلك فهو غير مسئول عنه . أو لنفرض أن قصفاً مغيراً كان هو السبب في التهدم وهذا هو خطأ الغير أو أن المضرور نفسه هو الذي تسبب في التصدع ببنائه طابقاً علوياً يزيد على قوة التحمل التي درسها المهندس لبنائه و هذا هو خطأ المضرور . من جميع ما تقدم نلحظ انقطاع رابطة السببية بين انهيار البناء و بين الضرر الذي أحدثه الانهيار و الذي يؤدي بالتالي إلى انعدام مسؤولية المهندس . الثاني – أن يكون هناك بناء قائم :

و لتبيان ذلك لا بد في البداية من تحديد ماهية البناء حيث أنه مجموعة من المواد مهما كان نوعها خشباً أو حديداً أو جبساً شيدتها يد الإنسان لتتصل بالأرض اتصال قرار و يستوي أن يكون البناء معداً لسكن إنسان أو حيوان أو لإيواء أشياء كمستودع أو قبو أو كراج أو عمد تذكارية ..حيث يعتبر كل هذا بناء 0 أو هو مجموعة المواد التي يتألف منها ما شيد فوق الأرض ليشكل بناء بالمعنى المتعارف عليه(1) ، كما ينطبق لفظ البناء أيضاً على البناء الذي ما زال قيد الإنشاء أو الترميم. فـإذا أحدث تهدمه ، و لمـّا يزل في طور التشييد ، ضرراً كان المهندس المشرف على بناءه مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه . 
الثالث - يجب أن يكون البناء قد تهدم أو خرب جزئياً : أي أن يكون الضرر الذي أصيب به المضرور ناجماً عن تهدم البناء كلياً أو جزئياً ، فننظر هنا فيما يعتبر تهدماً و ما لا يعتبر كذلك : • ما يعتبر تهدما ً : هي الحالة التي يتجلى فيها تفكك البناء و انفصاله عن الأرض الـتي يتصل بها ، و يستوي أن يكون التهدم جزئياً أو كلياً كما إذا وقع سقف أو تهـدم حائط أو انهارت شرفة أو سقط درج كان معداً للصعود. • مالا يعتبر تهدماً : لا يكفي أن تقوم مسؤولية المهندس على ضرر تسبب به البناء ما دام لم يتهدم، كما لو أن شخصاً زلت قدمه و هو يمشي في شرفته أو و هو يصعد درجه فأصيب بضرر ، أو أن جسماً صلباً سقط من نافذةفوقع على شخص أصيب من جراء ذلك بأذى ،فإن هذا الضرر لا يعتبر ناجماً عن تهدم البناء مادام سقوطالجسم الصلب لم يكن ناجماً عن تهدم النافذة . و يجب أن ينجم الضرر عن تهدم البناء تهدماً فعلياً لا عن مجرد أن يكون البناء مهدداً بالسقوط أو التهدم . و قد كان القانون الروماني يجعل الحق للشخص المهدد أن يستولي على البناء و أن يصلح ما به من خلل . و اتبع القانون الفرنسي القديم هذه القاعدة دون أن يجعل للشخص المهدد حق الاستيلاء على البناء ، أما القانون الجديد فأجاز اتخاذ تدابير وقائية ومنه أخذ القانون المدني السوري في الفقرة الثانية من المادة / 177 / : " و يجوز لمن كان مهدداً بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية لدرء الخطر فإن لم يقم المالك بذلك جاز الحصول على إذن من المحكمة في اتخاذ هذه التدابير على حسابه" . و على ذلك فالحريق غير التهدم فإذا احترق بناء و امتد الحريق إلى مبانٍ مجاورة فأصيبت بضرر ، لم يكن هذا الضرر بالتالي ناجماً عن تهدم البناء حتى لو كان البناء المحترق قد انهدم عقب الحريق مباشرة نتيجة لهذا الحريق و أصاب الغير بالضرر . أما إذا انهدم البناء بعد الحريق بمدة كافية ، كان الضرر الذي يحصل ناجماً عن تهدم البناء و بالتالي تتحقق مسؤولية المهندس عن هذا التهدم . و لكـــــــــــــن ..ما هو الأساس الذي تقوم عليه المسوؤلية عن تهدم البناء ؟ متى تحققت المسؤولية على الوجه المبين آنفاً قامت هذه المسؤولية على أساس الخطأ المفترض في جانب المهندس المسئول ، و الخطأ المفترض ذو شقين : الأول : قابل لإثبات العكس بأن يثبت بأن التهدم ليس سببه إهمالاً منه ، وهو يستطيع ذلك بإحدى وسيليتن : - فإما أن يثبت أن البناء قام على أساس متين و كميات كافية من الحديد المسلح و انه كان قائماً على البناء كما ينبغي من حسن الإشادة و الرعاية . - و إما أن يثبت أن التهدم كان نتيجة لسبب غير سبب النقص في الكميات أو لا يرجع إلى سوء في الإشادة ، و ذلك كحريق شب في البناء أو متفجرات دمرته أو نحو ذلك فإذا قام بإثبات ذلك دفع عن نفسه الخطأ المفترض و تعين على المضرور أن يثبت الخطأ في جانبه . والشق الثاني غير قابل لإثبات العكس : أي أن الإهمال منسوب إلى خطأ المهندس و لا يستطيع المهندس نفي المسؤولية عنه إلا بنفي العلاقة السببية ما بين تهدم البناء والضرر الذي وقع. الرابع: ألا يكون سبب الانهيار أو الـتهدم هو غياب الصيانة : فالبناء بحاجة إلى الصيانة للحفاظ على كيانه من التصدع أو التشقق أو هلاك بعض أجزائه ، فإذا ظهرت مثل هذه البوادر ترتب على المالك إصلاحها و تحرر المهندس المنفذ من المسؤولية . الخامس : أن يكون سبب الانهيار عيب في البناء : حيث أن عيب البناء يفترض فيه أن المواد التي استعملت كانت غير صالحة فأدت إلى حصول الانهيار ، أو أن هندسة البناء و تنفيذ الأشغال و الإشادة كان سيئاً فأدى ذلك إلى الانهيار و إحداث الضرر المشكو منه و بما أن البناء معد لمواجهة العوامل الطبيعية فإن انهياره بسبب تعرضه للعوامل الطبيعية يسبب مسؤولية على مهندس البناء إذا ثبت تقصيره في توقع التصدع أو الانهيار .


مسئولية المهندس المعماري الجزائية

نصت المادة /550 / من قانون العقوبات السوري على أنه : " من سبب موت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات" . و نصت المادة / 551 / ف /2 : "يعاقب على كل إيذاء آخر غير مقصود بالحبس ستة أشهر على الأكثــر أو بــغرامة لا تتجاوز المائة ليرة " . و المادة / 586 / من القانون نفسه تقول : " من تسببّ خطأً بالتخريب و التهديم و سائر الأفعال المذكورة.. عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر". من خلال النصوص التي سبق ذكرها يتبين لنا كيف حدد الشارع أركان القتل أو الإيذاء غير العمديين ، واهتم على نحو خاص بأن يحدد صور الخطأ باعتباره الركن المعنوي . ومن الجدير بالذكر أن القتل غير العمدي متميز عن الإصابة غير العمدية فلكل من الجريمتين نتيجة متميزة ، بل ماهية الفعل قد تكون مختلفة فهو فعل من شأنه إحداث الموت في القتل غير العمدي، وإحداث الإيذاء البدني في الإصابة غير العمدية ، و على ذلك فإن الركن المعنوي يختلف بنيانه في الجريمتين فعناصره في كل من الجريمتين تتعلق بماديات مختلفة ولكن ذلك لا ينفي الصلة الوثيقة بينهما ، ففي أغلب الحالات يمثل القتل غير العمدي تضخماً لأثار الإصابة غير العمدية وقد تكون الآثار المباشرة للفعل مقتصرة على الجروح ثم تزداد خطورتها فتفضي إلى الوفاة فيسأل المتهم عن القتل غير العمدي ، و قد قررت محكمة النقض : "أن جريمة القتل الخطأ تتركب واقعتها من أمرين أولهما أن الجاني قد جرح المجني عليه وثانيهم أن هذا الجرح نشأت عنه الوفاة ،فلمحكمة الموضوع إذا استبعدت ظروف نشوء الوفاة عن الجرح أن تعدل وصف التهمة من قتل خطأ إلى جرح خطأ و لكن محكمة النقض حرصت بعد ذلك على توضيح الفروق بين الجريمتين فقالت : " مناط التمييز بينهما هو النتيجة المادية الضارة فهي القتل في الأولى و الإصابة في الثانية



أركان المسؤولية الجزائية

يتوجب في القتل أو الإيذاء غير العمدي توافر ركن مادي قوامه الاعتداء على سلامة الحياة و من ثم النتيجة التي تتمثل في الإيذاء أو الوفاة وأخيراً العلاقة السببية التي تربط بينهما و بالإضافة إلى هذا يجب أن يتوافر في الفعل ركن معنوي و هو النية نحو وجود النتيجة ، و يتخذ هذا الركن في بحثنا في أكثر صوره صورة الخطأ حيث أن المهندس في غالب الأحيان لا تتجه ارداته نحو تهدم البناء ، و على ذلك إذا لم يثبت الخطأ من جانب المهندس كان الإيذاء أو الوفاة عرضياً و لا تقوم من اجل ذلك المسؤولية ، و لا يشترط في الخطأ أن يكون جسيماً ، فأيسر صور الخطأ تكفي لقيام المسؤولية الجزائية ، من ذلك إخلال المهندس بواجباته المفروضة عليه من الحيطة و الحذر و من ذلك عدم اجتناب التصرفات الخطرة أو عدم التبصر في آثار هذه التصرفات كالمهندس الذي يريد إشادة بناء ملاصق لعقار آخر فيجب على المهندس في هذه الحالة التبصر في آثار الحفر و التي من الممكن إن تؤثر على متانة البناء المجاور أو تصدعه .



عناصر خطأ المهندس غير العمدي

للخطأ غير العمدي الذي يأتيه المهندس عنصران ، الأول : • الإخلال بواجب الحيطة والحذر التي يفرضها القانون : ضابط الإخلال بواجب الحيطة و الحذر هو ضابط موضوعي قوامه الشخص المعتاد الذي يلتزم في تصرفاته قدراً متوسطاً من الحيطة والحذر ، فإذا التزم المهندس في تعاقده بإشادة البناء و الإشراف عليه القدر المناسب من الحيطة والحذر فلا محل لأي مسؤولية تنسب إليه ، أما إذا نزل دون هذه الحيطة نسب إليه الإخلال و لو التزم ما اعتاده من تصرفات إذ لا يقره القانون على ما ألفه من إهمال

(1) . •
العنصر الثاني في العلاقة ما بين إرادة الفاعل و النتيجة : لا تقوم مسؤولية المهندس الجزائية بمجرد الإخلال بواجبات الحيطة و الحذر، إذ لا يعاقب القانون في حالة سلوك معين بحد ذاته و إنما يعاقب على السلوك إذا أفضى إلى نتيجة ضارة و من ثم كان متعيناً أن تتوافر صلة تجمع بين الإرادة نحو الفعل و النتيجة على نحو تكون فيه محل لوم من القانون ،و بغير هذه الصلة لا يكون الشخص محلاً ليسأل عن حدوث النتيجة ، و لهذه العلاقة صورتان : الأولى : لا يتوقع فيها المهندس تهدم البناء و من ثم حدوث الوفاة و في هذه الحالة لا يبذل جهداً للحيلولة دونه في كان ذلك من واجبه و باستطاعته . 

أما الصورة الثانية : فيتوقع فيها المهندس إمكان حدوث الوفاة أو تصدع البناء و لكن لا تتجه إرادته إلى ذلك بل يرغب عنها و يأمل في عدم حدوثها و يتوقع أنها لن تحدث و يطلق على الخطأ في الصورة الأولى تعبير " الخطأ غير الواعي " أو " الخطأ بدون تبصر " و في الثانية " الخطأ الواعي " أو الخطأ مع التبصر" .



صور الخطأ غير العمدي



ذكر المشرع صور الخطأ التي تقوم بها مسؤولية المهندس عن الإيذاء أو الوفاة غير العمديين فأشار إلى الإهمال أو عدم الاحتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة ، و يكفي أن تتوافر صورة واحدة من هذه الصور فلا يشترط إذاً اجتماع صورتين أو أكثر ، و نحدد فيما يلي مدلولات هذه الصور:

1-
الإهمــــــــال :



تشمل هذه الصورة الحالات التي يقف فيها المهندس موقفاً سلبياً فلا يتخذ الاحتياطات اللازمة لردع الفعل من الحدوث و تتمثل هذه الصورة في • الخطأ عن طريق عدم القيام بالفعل : كأن يهمل المهندس المسؤول الإشراف و الصيانة في البناء فينهار و يصيب سكانه بالأذى فيقتل بعضهم و يصاب الباقي بجروح ، أو كان المهندس الذي يشرع في هدم البناء لم يتخذ الاحتياطات المعقولة التي تقي الأنفس و الأموال مما قد يصيبها من أضرار . • الرعونة و هي سوء التقدير أو نقص المهارة أو الجهل بما يتعين العلم به و أوضح هذه الحالات حين يقوم المهندس على تصريف أنقاض البناء إلى الشارع الرئيسي و هو غير مقدر لخطورة العمل الذي يقوم به وغير مدرك لـما يترتب عليه من آثار كإصابة المارة في الطريق . و كذلك تتحقق المسؤولية هنا إذا باشر المهندس عملاً من اختصاص مهنته و هو غير حائز على المعلومات و المهارات المتطلبة لهذا العمل ، أو أنه غير متبع للأصول و القواعد المستقرة في عمله و فنه كأن يضع المهندس خطة فاسدة لإقامة البناء بسوء تقدير المواد و الكميات اللازمة لإشادة البناء أو سوء تقدير وضع التربة المشاد عليها البناء أو سوء في تقدير حمولات البناء أكثر من اللازم .. و الذي يفضي ذلك كله إلى انهيار البناء بعد تمامه أو انهيار أجزاء منه أثناء بناءه .


2-
قلة الاحتراز : 

يراد بهذه الصورة حالة ما إذا أقدم المهندس على الفعل مدركاً لخطورته ومتوقعاً ما يمكن أن يحدث لهذا الفعل من آثار، ولكنه مع ذلك كله غير متخذ للاحتياطيات التي من شأنها الحيلولة دون تحقق هذه الآثار كالمهندس الذي يعلم بفساد المواد التي يعتمد عليها في إشادة البناء أو انتهاء مدة صلاحية الاسمنت أو صدأ حديد التسليح و قِدمه .




3-
عدم مراعاة القوانين و الأنظمة: 

و تتحقق هذه الصورة من صور الخطأ إذا لم يطابق سلوك المهندس قواعد السلوك الآمرة الصادرة من الدولة و خاصة القواعد التي تستهدف توقي النتائج الضارة . كأن يغفل المهندس وضع لافتة أو أضواء مشعة ليلية تنبيهاً للعامة على المواد و الأشياء التي وضعت في الطريق العام أو تنبيهاً على الحفرة التي حفرت لإشادة البناء .. و قد استعمل المشرع لفـظ ( القوانين و الأنظمة ) ليشمل ذلك قواعد السلوك العامة و كان حري بالمشرع، من وجهة نظر شخصية، أن يحيط بجميع النصوص التي تقرر سلوك المهندسين منها القرارات و اللوائح والتعليمات كالتعليمات الصادرة عن نقابة المهندسين السوريين ( أو ما يسمى بالكود العربي السوري ) لا أن ينص فقط على القوانين و الأنظمة. 



TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *