-->

الحماية القانونية للمتقاسم في عقد القسمة

مقدمة
يعد التملك غريزة من الغرائز المتأصلة في الإنسان يسعى من خلاله إلى الاختصاص بالشيء والتصرف فيه على وجه الاستقلال .
ولما كان حق الملكية حقا فطريا لكل فرد لا يستطيع الاستغناء عنه فقد عملت جل الدساتير والقوانين على تنظيم مقتضياته وحماية صاحبه لتعد الملكية وفق دلك اتصال شرعي بين الإنسان والشيء ليصير المالك بمقتضاها مختصا بما يملك اختصاصا يتيح له الانتفاع به ويثبت له حق التصرف فيه إلا ادا وجد مانع شرعي أو قانوني يمنعه من دلك ولذلك فالملكية حق عيني يخول صاحبه دون غيره بصورة مطلقة استعمال هدا الشيء واستغلاله والتصرف فيه وفق الحدود المحددة له قانونا ودون تعسف سواءا كانت ملكية فردية أو جماعية شائعة .
فادا كانت الملكية الشائعة والتي تعد ملكية يشترك فيها مجموعة من الشركاء دون تعيين النصيب المادي لكل منهم في دلك . وقد تكون الملكية الشائعة بشكل اضطراري اد تنشأ بناء على واقعة قانونية كالميراث وقد تكون اختيارية اد تنشأ وفق تصرف قانوني إرادي كالعقد.
وقد يحدث أن يطالب أحد الشركاء على الشياع أو بعضهم الخروج منه واسترداد حصصهم عينا أو نقدا مع مراعاة الضوابط والقوانين الجاري بها  العمل مما قد ينتج عنه انقضاء هدا الشيوع عن طريق إجراء قسمة مما يدفعنا إلى التساؤل عن وضعية هؤلاء المتقاسمين بعد إجراء عملية القسمة ؟ وماهي الحماية القانونية لكل متقاسم من المتقاسمين؟ وماهي أهم الحقوق التي يتمتع بها كل متقاسم ؟.
للإجابة على كل هده الإشكاليات ارتأينا تقسيم موضوعنا وفق التصميم الأتي :
المبحث الأول    :  حق إبطال القسمة المعيبة وضمان المتقاسمين
  المطلب الأول : الحق في إبطال القسمة المعيبة
  المطلب الثاني : الحق في الضمان
المبحث الثاني :  حق المتقاسمين في قسمة المهايأة وفي الاستقلال بالحصةالمفرزة
 المطلب الأول : حق المتقاسمين في قسمة المهايأة
 المطلب الثاني : حق المتقاسمين با الاستقلال بالحصة المفرزة


المبحث الأول: :  حق إبطال القسمة المعيبة وضمان المتقاسمين
قد يتفق الشركاء على الشيوع في إجراء القسمة بينهم ودون اللجوء إلى انقضاء ورفع دعوى بذلك ولما كانت القسمة أمام القضاء وتكون أكثر عدل ومساواة بين حقوق كل المتقاسمين فإن هذا لا يعني أن القسمة الاتفاقية أو الرضائية تنعدم فيها الحماية القانونية للمتقاسمين إنما شرع لهم القانون مجموعة من الحقوق حماية لهم، وذلك بمنحهم الحق في إبطال القسمة المعيبة (المطلب الأول) كما جعلهم ملتزمون اتجاه بعضهم بالضمان بكل أنواعه (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الحق في إبطال القسمة  المعيبة
يتمع كل متقاسم من المتقاسمين على قدم المساواة بغض النظر عن أهليتهم بحقوق أساسية وهامة، من بينها الحق في المطالبة بإبطال القسمة التي شابها عيب وإجراء  قسمة جديدة.
وقد تعرض المشرع لأسباب إبطالها في الفصل 1089 من ق.ل.ع وحددها في الغلط، والإكراه، أو التدليس أو الغبن، وهو نفس المقتضى الذي أكده الفصل 1091 من نفس القانون، حيث اعتبر أن القسمة لا تجوز إبطالها إلا لأسباب السابقة، سواء كانت قسمة اتفاقية أو قضائية أو قانونية.
أما بخصوص مدونة الحقوق العينية فقد عرض المشرع لهذه الأسباب في المادة 315 و هي نفسها التي ذكرها قانون الالتزامات والعقود.
وسنركز حديثنا عن الغبن كسبب مهم من الأسباب المؤدية إلى إبطال القسمة فقد تطرق المشرع المغربي إلى مفهوم الغبن في المواد، 55 و 56 من قانون الالتزامات والعقود، والمادة 315 من مدونة الحقوق العينية.
والغبن بفتح الغين وسكون الباء يقصد به، شراء السلعة بأكثر من قيمتها مما يتغابن الناس به وبيعها بأقل كذلك سواء على المشتري أو على البائع[1].
وبتطبيق هذه المقتضيات على عقد القسمة فإن الغبن هو ذلك الفرق بين الحصة التي ألت إلى المتقاسم نتيجة القسمة والقيمة الحقيقية لحصته في الشيء المقسوم الذي يساوي الثلث أو يزيد عنه.
ولقد حصر المشرع المغربي أسباب إبطال القسمة جراء الغبن في حالتين"
-      كون المغبوب قاصرا.
-      كون المغبون ناقص الأهلية.
وذلك من خلال إحالته على الفصل 56 ق.ل.ع
أما خارج هذه الحالات فلا يكون الغبن سبب لإبطال القسمة إلا إذا كان مرتبط بتدليس من الطرف الأخر.
والتدليس حسب الفصل 315 من مدونة الحقوق العينية: هو كل فرق لا يقل عن الثلث بين قيمة ما آل إلى المتقاسم بمقتضى القسمة، وبين القيمة الحقيقية لحصته في الشيء المقسوم.
وتكون العبرة في تقدير لقيمته وقت إجراء القسمة، مع العلم أنه يسوغ للمدعى عليه والحالة هذه طلب الإبقاء على القسمة إذ، هو أكمل للمدعي ما نقص من نصيبه عينا أو نقدا.
ويشترط في دعوى إبطال القسمة أن ترفع خلال سنة من وقت تمام القسمة من طرف المتقاسم الذي تقرر الإبطال لمصلحته أو من طرف نائبه القانوني دون إغفال مقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية، الذي يقضي بتبليغ القضايا المتعلقة بفاقدي الأهلية للنيابة العامة[2].
كما يحق للمتقاسم إلى جانب رفع دعوة إبطال القسمة، أن يرفع دعوى أخرى بطالب فيها بالتعويض عن الضرر الذي لحقه نتيجة العيب شرط أن تتوفر شروط دعوى المسؤولية التقصيرية. وفي حالة وفاته يجوز لورثة المتقاسم رفع دعوى الإبطال خلال المدة المتبقية طبقا لمقتضيات الفصل 313 من قانون الالتزامات والعقود.
ويشترط لتحقق غبن المتقاسم أن يكون جاهلا بالغبن، وأن لا يكون متواطأ مع المتقاسم الذي قام بالغبن.
قال ابن عاصم في تحفته.
وأن يكون جاهلا **** والغبن بالثلث
بما صنـــع **** فما زاد وضع[3].
فحين رفع الدعوى من طرف المتقاسم المغبون يصح أم يكون حسن النية بما آل إليه من قسمة الشيء وأن يكون مساوي أو يزيد عن الثلث.
وإذا تم إبطال القسمة لأحد الأسباب السابقة، فإن هذا الإبطال يكون بأثر رجعي، بحيث يعود المتقاسمون إلى الوضع الذي كانوا عليه عند إجرائها مع عدم الإخلال بما اكتسبه الغير الحسن النية من حقوق كما ورد في الفصل 1091 من قانون الالتزامات والعقود[4].
لذلك فإن أثر إبطال القسمة يختلف حسب ما إذا تعلق الأمر بالمتقاسمين أو الغير.
-      بالنسبة للمتقاسمين.
فإن إبطال القسمة سواء كانت رضائية أو قضائية ينطوي عنه انبعاث حالة الشيوع من جديد، بل وتعتبر أنها لم تنقضي بعد، ويلزم كل من المتقاسمين حيث الفصل 316 ف.ل.ع أن يرد للأخر كل ما أخذه بمقتضى القسمة الباطلة.
-      بالنسبة للغير حسن النية.
نص المشرع على أن الإبطال لا يكون له أثر في مواجهته، ولا يمكن أن يلحق به أي ضرر لذلك من الغير الذي اكتسب حقا على الجزء المقرر من العقار المشاع وبادر إلى تقييده بالسجل العقاري دون أن يكون عالما بأن القسمة معينة ثم تقرر إبطالها بعد ذلك، يظل تقييده منتجا لكافة أثاره القانونية وهو ما يؤكده الفصل 66 من قانون 14.07 فلا يمكن بأي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير حسن النية. على أنه باستحضار المادة 2 من مدونة الحقوق العينية نجذها أوردت استثناء على الحجية المطلقة، لتقيد الغير الحسن النية متى أثبت المتقاسم تضرره بسبب تدليس أو زور حيث يكون له المطالبة بحقه عن طريق رفع دعوى في الموضوع خلال 4 سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله[5].
المطلب الثاني: الحق في الضمان.
نص الفصل 1090 قانون الالتزامات والعقود على
" يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض حصصهم من أجل الأسباب السابقة على القسمة وفقا لأحكام البيع ".
فالمشرع المغربي اعتبر إذن الضمان القائم بين المتقاسمين كان الضمان القائم بين البائع والمشتري وأخضعه للأحكام نفسها.
وحسب الشريعة الإسلامية إذا ظهر مستحق لمجموع  الحصة بطلت القسمة، وإذ ظهر مستحق لمقدار معين في حصة أحد المتقاسمين، أو بجزء شائع منها، فصاحب الحصة مخير بين فسخ القسمة وبين الرجوع على شركائه بمقدار النقصان.
والمشرع المغربي يميز في الاستحقاقا بين مسألتين
-      حالة الاستحقاق الكلي.
في حالة استحقاق حصة أحد المقاسمين بمجموعها يتم فسخ القسمة وإعادتها على أسس جديدة مع حق المتقاسم الذي استحقت حصته بمطالبة شركائه بالتعويض مع الاعتداد بحسن أو سوء نيته، وبحسن أو سوء نيته شركائه، وتوافر أو عدم توافر التدليس لدى هؤلاء الشركاء[6].
حالة الاستحقاق الجزئي.
في هذه الحالة يفرق، القانون بين أن يبلغ الاستحقاق من الأهمية ما يجعل المقسوم معيبا وبين أن يكون الاستحقاق قليل الأهمية.
ü   الحالة التي يبلغ فيها الاستحقاق الجزئي من الأهمية حدا بحيث يعيب الشيء القسوم وبحيث أن المتقاسم كان يمتنع عن القسمة لو علم به.
يعطي الخيار للمتقاسم بين فسخ القسمة وبين الاحتفاظ بما تبقى له من حصته مع تضمن شركائه قيمة الجزء المستحق والعطل والضرر عند الاقتضاء.
ü   حالة الاستحقاق الجزئي الذي لا يتسم بطابع الأهمية.
في هذه الحالة لا يكون للمتقاسم حق فسخ القسمة بل يبقى حقه محصور في المطالبة بالتعويض من شركائه عما نقص من حصته مع العطل والضرر عند الاقتضاء[7]. يلاحظ أن المشرع المغربي يفرق في حالة الاستحقاق الجزئي بين أن يكون الاستحقاق واقعا على جزء هام، وبين أن يكون واقعا على جزء ليس بذي أهمية، ولا يمنح للمتقاسم الخيار بين فسخ القسمة وبين الرجوع على شركائه بمقدار النقصان إلا في الحالة التي يكون فيها الاستحقاق قد وقع على جزء هام من حصته، أما الشريعة الإسلامية فلا تفرق بين الحالتين، وتمنح دوما للمتقاسم حق الخيار. والاستحقاق الذي يضمنه المتقاسمون لا يقصد به المفهوم الضيق الذي يؤول إلى تجريد المتقاسم من ملكية كل أو بعض المال الذي آل إليه نتيجة القسمة، بل الاستحقاق بالمفهوم الواسع الذي يشمل إلى جانب التجريد من حق الملكية، وقوع أي تعرض للمتقاسم يكون نتيجة فقدان المال الذي وقع في نصيب من الميزات والأوصاف التي كانت ترافقه، أو منع المتقاسم من التمتع بهذا المال بحسب ما أعد له.
فالفصل 1090 ق.ل.ع جعل المتقاسمون يطالبون بالضمان إذ، كان أحدهم جرد  من ملكيته ما آل إليه كلا أو جزءا، كأن يستحق الغير ملكيته كل أو بعض المال الذي آل لأحد المتقاسمين كذلك يطالب المتقاسمون بالضمان إذا حصل تعرض لأحدهم كأن تكون قطعة الأرض التي وقعت في نصيب أحدهم قومت يوم القسمة على أساس أنها تصلح للبناء في حين أنها مكلفة بارتفاق بعدم البناء أو على أساس أنها خالية من أي عيب أو تكليف في حين أنها مكلفة بحق انتفاع أو بحق سطحية لمصلحة الغير، أو كأن يظهر مستأجر ببدل زهيد للدار التي اختص بها .أحد المتقاسمين في حين أنها اعتبرت عند إجراء القسمة أنها غير مشغولة وأن بإمكان هذا المتقاسم أن يشغلها بنفسه أو أن يؤجرها ببدل لائق[8].
وضمان المتقاسمين هذا لا يكون إلا من أجل الأسباب السابقة على القسمة كما ورد صراحة في الفصل 1090. أما إذا كان الضرر الذي أصاب المتقاسم يرجع لسبب لاحق على القسمة فلا ضمان على بقية المتقاسمين.
وبالرجوع إلى مدونة الحقوق العينية نجد المادة 324 تنص على أنه.
" يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض أنصبتهم مما قد يقع عليها من تعرض أو استحقاق بسبب سابق على القسمة إلا إذا تم الاتفاق صراحة على الإعفاء منه أو نشأ بسبب خطأ المتقاسم نفسه ".
وعليه فإن أحكام ضمان المتقاسمين بعضهم لبعض تتلخص في الشروط الآتية:
1.   وقوع تعرض أو استحقاق على الحصص.
2.   أن يكون هذا الاستحقاق أو التعرض بسبب سابق عن القسمة.
3.   عدم اشتراط الإعفاء من الضمان.
وقد تعرض المشرع المغربي لأحكام استحقاق حصة المتقاسم ضمن المواد 324 و 325 و 326 من مدونة الحقوق العينية، وميز فيها بين العقار المحفظ والغير محفظ[9].
·      بالنسبة للعقار غير المحفظ.
إذا استحقت حصة المتقاسم كلها أو بعضها بما زاد على الثلث فإنه يحق للمتقاسم طلب فسخ القسمة وإجراء قسمة جديدة فيما بقي من العقار الشائع كله إذا كان ذلك ممكنا ولم يلحق ضرر بالغير وإذا تعدر ذلك كان لمستحق الضمان الرجوع على المتقاسمين الآخرين بالتعويض أما إذا كان ما استحق من المتقاسم فيما حدود الثلث فما دون، فليس له سوى الرجوع على المتقاسمين بالتعويض وهذه ما تؤكده المادة 325 م.ح.ع [10].


·      بالنسبة للعقار المحفظ.

إذا استحقت حصة المتقاسم كلا أو جزءا بتحمل المتقاسمون التعويض كل بحسب حصته، والعبرة في تقديره بقيمة النصيب المستحق وقت القسمة، وإذا كان أحد المتقاسمين معسرا وزع ما ينوبه على مستحقي الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين، على أن يعودوا عليه في حدود منابه إذا أصبح موسرا طبقا لمقتضيات المادة 326 م.ح.ع.
 بقي أن نشير إلى أن مدونة الحقوق العينية قد ألغت الفصل 46 الذي كان وارد في المشرع رقم 19.01 والذي كان يستثنى العيوب الخفية من دائرة ضمان المتقاسمين بعضهم لبعض، الشيء الذي يفهم الخفية اللاحقة بإحدى الحصص المفرزة، ولعل ما يؤكد ذلك أن الفصل 1090 ق.ل.ع أحال بخصوص ضمان الشركاء على أحكام عقد البيع بما فيها ضمان العيوب الخفية[11].
المبحث الثاني: حق المتقاسمين في قسمة المهايأة وفي الاستقلال بالحصةالمفرزة
وسنتطرق في هذا المبحث إلى حقين هامين من خلال مطلبين:
       (المطلب الأول): حق المتقاسمين في قسمة المهايأة
(المطلب الثاني): حق المتقاسمين با الاستقلال بالحصة المفرزة
المطلب الأول: حق المتقاسمين في قسمة المهايأة
   المطلب الاول : حق انتفاع المتقاسمين في قسمة المهاياة
يتمتع المتقاسمون أثناء إجراء قسمة المهايأة بحقوق تجعلهم متساوون امام بعضهم البعض
   بغض النضر عن اهليتهم سواء كان من بينهم قاصر او ناقص أهلية أو عديمها .
    وكما هو معلوم أن قسمة المهايأة تنحصر فقط على منافع الشيء أو الحق المشاع وهو
     ما جاء به المشرع في مدونة الحقوق العينية و بالتحديد في المادة 313 منها بحيث
نصت في فقرتها الثالثة بان قسمة المهايئة تقام على المنافع وهي إما مهاياة زمانية او مهايأة مكانية.[12]
فا قسمة المهايأة  الزمانية هي التي يتفق الشركاء فيما بينهم بالتناوب في الانتفاع بجميع
العقار المشاع كل منهم بمدة تتناسب مع حصته فيه مع ضرورة تعيين المدة التي يختص بها
 كل من الشركاء كما جاء في المادة 327 من مدونة الحقوق العينية.
أما بالنسبة لقسمة المهايئة المكانية فتتم كذلك باتفاق الشركاء بالانتفاع لكن بجزء مفرز من
العقار المشاع يتناسب مع حصته فيه شريطة التنازل للشركاء الاخرين مقابل ذلك الانتفاع
   بباقي الاجزاء الاخرى
وتجدر الإشارة ان الشياع او الملكية الشائعة كصورة من صور الملكية المشتركة التي تكون
بين شخصين او عدة اشخاص على الشيئ يكون فيها لكل منهم حصة معلومة القدر على
جزء من اجزاء الشيئ المشترك دون ان تكون هذه الحصة مفرزة عن سواها من الحصص[13]
وهذا ما كرسته ايضا المادة 960 من قانون الالتزامات والعقود . بحيث نصت انه اذا كان
الشيئ او الحق لاشخاص متعددين بالاشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشيوع فانه يوجد
 حالة قانونية تسمى الشيوع او شبه الشركة[14]
وبما ان قسمة المهاياة تقتصر فقط على المنافع فقط دون رقبة الشيئ المملوك على الشياع
فان هذا الاخير لا ينقضي ويبقى الحق للمتقاسمين في استعمال الشيئ واستغلاله والتصرف
فيه دون الاضرار بحقوق المتقاسمين الاخرين . كل حسب حصته المعلومة القدر و الغير
 المفرزة . وباعتبار ايضا ان المتقاسم في قسمة المهاياة كانت زمانية او مكانية حقا عينيا
يخول له سلطة مباشرة على الشيئ دون وساطة احد شريطة عدم الحاق الضرر بالاخر
والتعسف في استعمال هذا الحق...
ثم ان قسمة المهاياة بشقيها الاثنين زمانية ومكانية لهي عقد كسائر العقود الاخرى التي
تخضع في احكامها للقانون الوضعي تارة أي قانون الالتزامات و العقود باعتباره الشريعة
 العامة ومدونة الحقوق العينية ثم الفقه الاسلامي تارة اخرى .. فيجب ان يكون عقد القسمة
صحيحا ومستوفيا للاركان الصحيحة المذكورة في الفصل 2 من قانون الالتزامات و العقود
من رضى و اهلية وسبب ومحل فيجب ان يحرر عقد قسمة المهاياة في محرر ثابت التاريخ
اعمالا بالمادة 4 من مدونة الحقوق العينية
المطلب الثاني حق الاستقلال بالحصة المفرزة
لم يعرف المشرع المغربي القسمة  شأنه في دلك  شأن أكثر التقنينات أما في الشريعة
 الإسلامية فهي تعرف القسمة على أنها تعيين الحصة الشائعة يعني إفراز الحصص بعضها
 عن بعض بمقياس معين كالذراع أو الكيل ....
والقسمة إما آن تكون بتية وإما أن تكون مهايأة .فالقسمة البتية وهي التي تقضي على
الشيوع نهائيا بحيث تفرز لكل شريك حصته أو نصيبه في الشيء أو الحق العيني المشاع .
ويفترض عند إجراء القسمة البتية العينية أن يستقل كل متقاسم بحصته مفرزة التي تؤول اليه.
مثال : لو آن شخصا مات وترك عقارا مشتركا بين ورثته وليكن هدا العقار أرضا مساحتها
1000م) مربع( محفظة وكان الورثة بنتا وأخوين شقيقين فان للبنت نصف هدا العقار أي 500 م ولأخوين الباقي مناصفة كونهم عصبة ويستقل كل منهم بما أل اليه جراء إجراء القسمة دون أن يشوب هده القسمة عيب من عيوب الرضا المتمثلة في الإكراه الغلط التدليس والغبن وتكون بدلك حصة كل فرد خالية من أي حق عيني مالم يرتب هدا الحق الشركاء جميعهم .
فادا قام أحد الشركاء والحالة هده بإثقال حصته بحق عيني قبل إجراء القسمة البتية فان هدا الحق العيني ينتقل ليثقل الحصة المفرزة التي ستؤول إليه بعد القسمة .وهو ماتنص عليه المادة 323من مدونة الحقوق العينية وهده ضمانة للمتقاسمين أثناء إجراء القسمة البتية .
ففي حالة ما ادا قام أحد الشركاء بتصرف قانوني بقدر حصته في كل جزء من أجزاء الشيء المشترك فمن المعلوم أنه قبل أن تتم القسمة يكون من حق كل شريك على الشياع استعمال حصته المعلومة القدر والغير مفرزة واستغلالها والتصرف فيها شريطة عدم الإضرار بحقوق باقي الشركاء .
فلو قام شريك ببيع حصته المعلولمة القدر  المفرزة وكانت هده الحصة عبارة عن أرض محفظة .كأن يبيع نصف الأرض مفرزة فان هدا البيع يعتبر باطلا لأنه يحق لكل الشركاء كل جزء من أجزاء دلك الشيء المشاع ولا يمكن أن تباع الحصة مفرزة بل يجب أن يباع النصيب الشائع في كل العقار دون تحديد وتنتقل نفس الحقوق والواجبات للمشتري الجديد باعتباره الخلف الخاص مع حفظ حق الشفعة لباقي الشركاء





خاتمة :
تلك هي أبرز أوجه الحماية القانونية وبعض أهم الحقوق التي فرضها المشرع من أجل مصلحة المتقاسمين.
فادا كانت القسمة هي طريق عبره ينقضي الشياع ونصبح أمام ملكية فردية بدل ملكية شائعة بحيث يستفرد كل متقاسم بالحصة التي ألت إليه فان الأمر لا يقف عند هدا الحد بل وفر القانون لهؤلاء المتقاسمين مجموعة من الحقوق والضمانات التي تشكل حماية لحقهم في الاستئثار بالحصة التي ألت لكل منهم والتصرف فيها دون مزاحمة أي شخص وضمانا للعدل والمساواة بين الحقوق فالقسمة كما قال الفقهاء روحها هي المساواة في الحقوق بين المتقاسمين.
وبما أن القسمة تعد عقدا فإنها أخضعت للأحكام الخاصة بالعقود خصوصا فيما تعلق بالإبطال والفسخ في حال أعيب رضا المتقاسمين وكذلك مسألة الضمان بين المتقاسمين بعضهم لبعض. إضافة إلى مجموعة من الحقوق التي ذكرنا بعضها في هدا الموضوع ليبقى التساؤل المطروح إلى أي حد شكلت هده المقتضيات الحماية القانونية لحقوق المتقاسم في عملية إجراء القسمة .



                       
                                لائحة المراجع
Ø   الكتب
محمد الكشبور : القسمة القضائية في القانون المغربي
مأمون الكزبري : التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي
إدريس الفاخوري : الحقوق العينية وفق قانون 39.08
إبراهيم بحماني : تنفيد الأحكام العقارية محمد خيري قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي
 محمد محبوبي : الشفعة في الفقه المالكي والتشريع المغربي
Ø   النصوص القانونية
مدونة الحقوق العينية 39.08
قانون الالتزامات والعقود
المسطرة المدنية


[1] - بهجة التسولي: شرح منظومة التحفة لابن عاصم الأندلسي.
[2] - إدريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق قانون 39.08.
[3] - تحفة ابن عاصم الأندلسي.
[4] - إدريس الفاخوري مرجع سابق.
[5] - إدريس الفاخوري مرجع سابق.
[6] - مأمون الكزبري: التحفظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي الجزء الثاني طبعة 1987 ص 139.
[7] - مأمون الكزبري. مرجع سابق ص 140.
[8] - مأمون الكزبري، مرجع سابق ص 141.
[9] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق ص 151.
[10] - إدريس الفاخوري: .م.س. ص 152.
[11] - مرجع سابق
[12] المادة 313 من مدونة الحقوق العينية
[13] مامون الكزبري. التحفيض العقاري والحقوق العينية الاصلية و التبعية
[14] المادة 690 قانون الالتزامات والعقود المغربي

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *