-->

أحكام تأسيس شركة المساهمة

مقدمة

عمد المشرع المغربي في إطار تحديث المنظومة القانونية المتعلقة بقطاع الأعمال , إلى إعادة النظر في القانون المنظم لشركة المساهمة , هذه الشركة التي كانت تخضع لظهير 11 غشت 1922، الذي يكتفي بالإحالة فيما يتعلق بتنظيم هذه الشركة على القانون الفرنسي ل 24 يوليوز 1867, مع بعض التعديلات التي وردت عليه,رغبة من المشرع في سد النقص الذي أبان عنه ذلك القانون وملاءمته مع التحولات التي عرفتها شركات المساهمة ,غير أن هذه الحركة التشريعية لم تكن موفقة في ذلك بسبب قدم النص الأصلي وقصور التعديلات أللاحقة عليه, والتي كانت مجرد ترميمات اقتضتها متطلبات النمو الاقتصادي للبلاد.
هذا ما جعل العديد من الفقهاء المغاربة ينادون بوضع حد لتطبيق هذا القانون(1922)، فكان لابد من الانتظار إلى أن حلت سنة 1996 سنة تحديث البنية القانونية, ومن ضمنها قانون رقم 17.95 [1] المتعلق بشركات المساهمة, والذي أخد عن القانون الفرنسي للشركات 24 يوليوز 1966, وقد توخى المشرع المغربي من هذا القانون تعزيز الليبرالية وإعطاء الأولوية  للاستثمار الخاص عن طريق أحكام آليات توجيه مدخرات العموم نحو الاستثمار في إطار شركات المساهمة  و دعم الثقة.
لكن الواقع العملي لتطبيق قانون 17.95 كشف عن وجود عراقيل في عالم الأعمال بالمغرب بسبب المساطر القانونية المعقدة لتأسيس الشركة أو القدرة الاقتصادية على تأسيسها, مما دفع بالمشرع إلى إصدار قانون 20.05[2] المغير و المتمم لقانون 17.95, والذي أتى بمفاهيم جديدة وتجاوز بعض التعقيدات, كما عمل على تبسيط إجراءات تأسيس شركات المساهمة ,كما خفف من الطابع الزجري المبالغ فيه للقانون السابق ,حيت شمل التغيير و التعديل 78 مادة.
وقد عرف المشرع المغربي في المادة 1 من قانون 17.95 شركة المساهمة بأنها "شركة تجارية بحسب شكلها و كيفما كان غرضها, يقسم رأسمالها إلى أسهم قابلة للتداول ممثلة لحصص نقدية أو عينية دون أية حصة صناعية, ويجب أن تتضمن العدد الكافي من المساهمين الذي يمكنها من تحقيق غرضها وتسييرها ورقابتها, على ألا يقل عدد المساهمين عن خمسة لا يتحملون أية خسارة إلا في حدود حصصهم, و دون أن تزداد أعباؤهم إلا برضاهم ."
مدتها لا تتجاوز 99 سنة قابلة للتمديد في نفس الحدود ,تبتدئ من تاريخ تقييدها في السجل التجاري ,و كل شركة يقع مقرها الاجتماعي بالمغرب تخضع لتشريعه, ولا يجوز أن يقل رأسمال شركة المساهمة عن 3 ملايين درهم إذا كانت تدعو الجمهور إلى الاكتتاب, وعن 300 ألف درهم إذا كانت لا تدعو إلى الاكتئاب.
السؤال الذي يطرح لدينا هو: ما هي أهم التعديلات أو التغييرات التي أتى بها قانون 20.05 على مستوى تأسيس وتسيير شركة المساهمة وهل استجابت لحل الإشكالات و العراقيل على المستوى العملي.
محاولة منا لمعرفة ذلك سنقسم الموضوع كالتالي:

المبحث الأول:المستجدات المتعلقة بإجراءات تأسيس و تسيير شركة المساهمة.
المبحث الثاني:المستجدات المتعلقة بجزاءات مخالفة إجراءات تأسيس و تسيير شركة المساهمة.

 





المبحث الأول:المستجدات المتعلقة بإجراءات تأسيس و تسيير شركة المساهمة.
عمل المشرع المغربي من خلال القانون 20.05 المعدل للقانون رقم 17.95 إلى تبسيط إجراءات تأسيس شركة المساهمة ,و ذلك فيما يتعلق بالنظام الأساسي إيداعه و نشره ( المطلب الأول ) ,إضافة إلى تعديلات تهم إدارة تسيير و مراقبة شركة المساهمة و التي تهدف إلى فصل السلط و تعزيز حقوق المساهمين وتحسين وسائل و طرق المراقبة(المطلب الثاني)

المطلب الأول: أهم تعديلات إجراءات تأسيس شركة المساهمة
من خلال استقراء مضامين القانون 20.05 ,نلاحظ انه أتى بتعديلات جوهرية تخص تأسيس شركات المساهمة,والتي اتسمت بطابع البساطة مقارنة بالقانون السابق رقم 17.95 ,و يتجلى ذلك من خلال مجموعة من المواد المؤطرة للتأسيس ,تأتي في مقدمتها:
المادة 17: و التي عدلت في فقرتها الأخيرة بمقتضى القانون 20.05 بحذف المادة 30 حيث اكتفى المشرع بإشهار واحد يتم بعد التقييد في السجل التجاري ,بينما كان ينص القانون 17.95 على شهر مزدوج, الأول قبل تقييد الشركة في السجل التجاري عن طريق نشر إشعار التأسيس (المادة 30 المنسوخة), و الثاني بعد التقييد (المادة 33), لذلك تم الاكتفاء بما تنص عليه المادة 33.
و قد أحسن المشرع صنعا بهذا التعديل, ذلك أن الشهر المزدوج غير ذي جدوى من شانه أن يثقل المسطرة و الفاعلين الاقتصاديين بطول الوقت , و ضغط التكاليف ماديا [3].
المادة 19 : تدخل المشرع من اجل توضيح بعض المفاهيم ,فنص على أن إيداع النظام الأساسي الخاص بالشركات التي تدعو الجمهور للاكتتاب ,يتم لدى كتابة ضبط المحكمة الموجود بدائرتها المقر الاجتماعي للشركة التي هي طور التأسيس ,أو لدى مكتب موثق و لا يكون فقط لدى هذا الأخير أي الموثق كما كان يفهم من الصياغة القديمة للمادة 19 ,كما اشترطت هذه المادة و لأول مرة ضرورة توافر ببطاقة الاكتتاب في السهم على بيانات محددة بمرسوم [4].
 المادة 21: هذه المادة تجيز لكل ذي مصلحة ممارسة الرقابة على الدفعات المتبقية من الحصص النقدية عن طريق تقديم طلب لرئيس المحكمة التجارية المختصة بشرط أن ينصرم اجل 3 سنوات ,بصفته قاضي للمستعجلات , لإصدار الأمر إلى الشركة تحت طائلة غرامة تهديديه ,بالدعوة لدفع الأموال غير المحررة ,و بالتالي تقرير الجزاء عن عدم تفعيل الدفعات المتبقية ,الأمر الذي لم يكن منصوصا عليه في ظل المادة 21 من قانون رقم 17.95  هذا الأخير يوجب مراقبة الحصص النقدية المتبقية من طرف مجلس الرقابة أو مراقب الحصص.
 المادة 24 : أيضا أدخل عليها تعديل مهم بمقتضى قانون رقم 20.05 ,حيث أضيفت لها الفقرة الأخيرة بكاملها ,و التي استثنت شركات الدولة و الشركات التابعة العامة و الشركات المختلطة , من مسطرة فحص الحصص  العينية  المنصوص عليها في نفس المادة , و يبرهن هذا التعديل بكون هذه الشركات تخضع لمراقبة مشددة من طرف وزارة المالية بمقتضى القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشات العامة ,و لذلك تم إعفائها من هذا التعيين للتخفيف من شكليات تأسيسها.
 المادة 26: جاءت بنقطة جد مهمة ,و هي  أن التقرير الذي يضعه مراقب أو مراقبي الحصص ,لم يعد يقتصر وضعه بالمقر الاجتماعي للشركة و كتابة الضبط ,بل أصبح من اللازم أن يسلم نظيرا منه إلى مجلس القيم المنقولة    وبالتالي فمجلس القيم المنقولة أصبح يتدخل في فحص الحصص العينية.
و في نظرنا هذا أمر محمود فيه حماية للاقتصاد الوطني ,لأنه من المحتمل أن يكون هناك تواطأ بين المساهمين و مراقبي الحصص ,و بالتالي هذا الإجراء يحد من ذلك الاحتمال.
المطلب الثاني:أهم التعديلات الخاصة بتسيير شركة المساهمة
نضرا لضخامة رؤوس الأموال المستثمرة في شركة المساهمة و كذا عدد المساهمين المشاركين فيها ,كان من الصعب عدم وجود نظام يحكم التسيير لهذا كان من الضروري أن يعرف هذا النظام مجموعة من التعديلات لتشعب وللتنوع الذي يتسم به نظام التسيير حيث طال التغيير كل من المواد50.55.56.58.60.58.60.61.62.69.70.73.75.80.86.87  ,  95.98.100.102.104. إلى أخره. دون أن ننسى التعديلات التي أدخلت على الاشخاص المسيرين و كل ذلك بموجب قانون 20.05.
لهذا سوف نحاول من خلال هذا المطلب الوقوف عند التغييرات الجوهرية التي طرأت على المسيرين و كذا نظام التسيير.
ü             التغييرات المتعلقة بالأشخاص المسيرين
إن أهم تعديل هم الأشخاص المسيرين هو ما جاءت به المادة 20 من قانون 20.05 المعدل ,و المتمم لقانون 17.95.
حيت نجد أن هذه المادة قد فرضت على المكتتبين تعيين المسؤولين الأولين أما في النظام الأساسي أو في عقد منفصل ,كما نجد أنها أبعدت أعضاء مجلس الإدارة الجماعية الأولين التي كانت في ضل القانون القديم ,و مرد هذا إلى أنهم يعينون من قبل أعضاء مجلس الرقابة ,لان تعيينهم كان يتناقض مع الفقرة الأخيرة من المادة 20.
كما أضافت هذه المادة عددا من المسؤولين المدير العام المنتدب ,والمدراء العامين  المنتدبين.
حيت يرى أستاذنا احمد شكري السباعي ,أن هذا التغيير يروم توزيع المسؤوليات ,خاصة في الشركات الكبرى[5].
   أما من جهة الشروط الواجبة توفرها في المؤسسيين فنجد المادة 38 من قانون 20.05 ,فقد منعت الأشخاص اللذين سبق الحكم عليهم من اقل من 5 سنوات في جرائم الاختلاس ,و النصب ,و خيانة الأمانة من تدبير أو إرادة أو التسيير إلا أن جانب من الفقه اعتبر أن مدة 5 سنوات هي مدة قليلة تشجع على التمادي ,حيث يجب أن يتم حرمانهم أبديا[6].
   أما فيما يتعلق بشروط تعيين المتصرفين أي أعضاء مجلس الإدارة نجد المشرع يتطلب أن يكون المساهم مالكا لعدد من أسهم الشركة يحدده النظام الأساسي. فهو بهذا نجده قد ألغى أسهم الضمان ,فالحد الأدنى المشترط فهو مرتبط بتقييد العضوية في المجلس ,بالنسبة للمساهمين الكبار دون المساهمين الصغار ,و ليس ضمانا للمسؤولية [7] حيت تبقى هذه الأسهم في نظر أستاذنا احمد شكري السباعي هي وهمية و لا تقدم أي ضمانات حقيقية, نظرا لعددها الضئيل الأمر الذي لا يمكن معه أن تغطى المسؤولية عندما تكون جسيمة[8].
ü  التغييرات المتعلقة  بتسيير شركة المساهمة
    بالنظر لضخامة عدد المساهمين في شركات المساهمة ,عادة ما يستحيل معه تولي كل هؤلاء مهام التسيير فان المشرع اوجد نظاما للإدارة يضمن في نفس الوقت الفعالية على هذا المستوى دون أن يقصى المساهمين من تدبير شؤون الشركة ,فالمشرع وزع مهام الإدارة بين ثلاث هيئات هي :1 - مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية 2 - الجمعية العامة للمساهمين 3- مراقبو الحسابات[9].    وقد عرفت كل هذه الأجهزة تعديلات إلا أننا سوف نقف عند التغييرات التي همت مجلس الإدارة على اعتبار أن جل الشركات تفضل هذا النظام.
  حيث نجد ان قانون 20.05 قد وضع نظاما جديدا إلى جانب نظام مجلس الإدارة ,و هو مجلس الإدارة الجماعية و المراقبة ,و هذا راجع إلى أن هذا المجلس لم يكن خاضعا لرقابة و تحمل المسؤولية.
فالقانون رقم 20.05 قد فصل بين مهام رئيس مجلس الادارة و المدير العام ,الذي يساعده مدير أو مدراء عامون منتدبون ,فالمدير العام لم يعتبر مفوضا من قبل الرئيس بل من قبل المجلس ,فأصبح يمارس صلاحياته باستقلال عن الرئيس ,و من جهة تم التقليص من صلاحيات رئيس المجلس باعتباره جهازا جماعيا.
فالمدير العام هو الذي أصبح يمثل  الشركة في علاقتها بالا غيار ,بحيث أصبحت الشركة ملزمة في علاقاتها مع الاغيار بتصرفات المدير العام .و لو لم تكن تدخل ضمن وغرضها ما لم يثبت ذلك أن الغير كان على علم بان تلك التصرفات تتجاوز هذا الغرض أو لم يكن يجهله ,إلا انه يمكن لرئيس مجلس الإدارة التمتع بكل الصلاحيات التي خولت للمدير العام حينما يجمع بين المنصبين.
و في إطار مواكبة قانون رقم 20.05 لتطور التكنولوجي  نجده في المادة 50 مكرر,اعتمد وسائل الاتصال عبر الصوت و الصورة لحضور أعضاء مجلس الإدارة ,رغم عدم تواجدهم بمكان الاجتماع ,و ذلك حتى يتسنى احتساب النصاب  والأغلبية. إلا انه استثنى من هذه الوسائل ما يتعلق بتعيين رئيس مجلس الإدارة  و عزله ,و اختيار طريقة الإدارة ,لكن يبقى التساؤل حول الإجراءات المعمول بها حين انقطاع التيار الكهربائي.
أما في ما يتعلق ببدائل الحضور و المكافآت فنجد التغيير قد طال المكافآت الاستثنائية الواردة في المادة 55 حيت أضيفت فقرة ثالثة.حيت نجد أن المشرع قد تخلى عن المراقبة القبلية التي كان يقوم بها المجلس إلى مراقبة بعدية تقوم على الترخيص و إن كان البعض بخصوص هذه المسالة بفضل المراقبة القبلية لقيامها على دراسة مسبقة بخصوص مصاريف السفر و التنقل[10].
المبحث الثاني: المستجدات الخاصة بجزاءات مخالفة إجراءات التأسيس و التسيير بين قانون 17.95 و قانون 20.05.
في حالة عدم احترام المؤسسين لإجراءات تأسيس وتسيير شركة المساهمة فان ذلك يمكن أن يترتب عليه نوعان من الجزاءات :و هي إما جزاءات مدنية(المطلب الأول),أو من جهة أخرى جزاءات جنائية (المطلب الثاني) .
المطلب الأول : الجزاءات المدنية
تعتبر المادة 21 من قانون 20.05 أهم التعديلات التي أدخلت على قانون 17.95 حيت تنص هذه المادة في القانون القديم "يجب أن تحرر للحصص النقدية بما لا يقل عن الربع من قيمتها الاسمية و يتم تحرير الباقي في دفعة واحدة أو عدة دفعات حسب قرار يتخذه مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية داخل اجل لا يتجاوز 3 سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري "حيث تممت الفقرة بما يلي "و إلا جاز لكل ذي مصلحة أن يتقدم بطلب لرئيس المحكمة التجارية المختصة بصفته قاضيا للمستعجلات لإصدار الأمر إلى الشركة تحت طائلة غرامة تهديدية بالدعوة لدفع الأموال غير المحررة " . و الملا حظ هنا إن المشرع المغربي جعل تاريخ تحرير الأسهم و التقييد في سجل التجاري متلازمان و مترابطان.
كما منح لكل من له مصلحة الحق في التقدم إلى رئيس المحكمة التجارية أي سلوك المسطرة الاستعجالية ,ذلك قصد إصدار أمر بالدفع للأموال الغير المحررة تحت طائلة الغرامة التهديدية هذا من جهة,و من جهة أخرى هو تمكين المشرع المغربي لكل ذي مصلحة اللجوء إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات قصد استصدار أمر تحت طائلة غرامة تهديدية ,واردة في الفصل 158 في حالة عدم إيداع نظير القوائم التركيبية مرفق بنسخة من تقرير مراقب الحسابات بكتابة ضبط المحكمة داخل اجل 30 يوما من تاريخ مصادقة الجمعية العامة عليها ,و قد جاء هذا الإيداع _ أي نظيرين من القوائم التركيبية بكتابة الضبط _قصد تمكين هذا الأخير من إرسال النظير الثاني إلى المكتب المغربي للملكية الصناعية و التجارية.
كما جاء في المادة 350 في فقرتيها الأولى و الثانية على التوالي بمسؤولية المتسببين ببطلان الشركة سواء المؤسسين ,و كذا المتصرفين ,و أعضاء مجلس الإدارة الجماعية و أعضاء مجلس الرقابة المزاولين لمهامهم وقت تعرض الشركة للبطلان مسؤولين على وجه التضامن على الأضرار التي تلحق المساهمين و الغيار نتيجة[11]الفقرة الأولى كما أجاز للقضاء بنفس المسؤولية التضامنية  ضد المساهمين الذين لم تفحص حصصهم العينية و امتيازاتهم و لم تتم المصادقة عليها و تتقادم هذه الدعوى بمرور 5 سنوات من تاريخ اكتساب مقرر البطلان الصبغة النهائية (الفقرة الثانية المادة 350)هذا في حالة تصريح بالبطلان[12]  تطبيقا بالمادة 24 أما في حالة عدم التصريح ببطلان الشركة فان المؤسسين و الأعضاء الأوائل في أجهزة تسييرها و في مجلس الإدارة الجماعية وفي مجلس الرقابة يعتبرون مسؤولين على وجه التضامن عن الأضرار الناتجة عن عدم تضمين النظام الأساسي للشركة بيانا إلزاميا (أو عن  إغفال إجراء قانوني يتعلق بتأسيس الشركة أو عن القيام بها بشكل غير صحيح )كعدم بيان شكل الشركة أو مدتها أو مقرها أو غرضها آو مبلغ رأس المال أو عدم بيان عدد الأسهم التي تم إصدارها و قيمتها الاسمية ,أو شكل الأسهم ,أو هوية أصحاب الحصص العينية و تقييم الحصص ,أو هوية المستفيدين  من امتيازات و غيرها.أو عن إغفال إجراء قانوني يتعلق بتأسيس الشركة أو القيام به بشكل غير صحيح ,كعدم تحرير الأسهم النقدية بربع قيمتها على الأقل أو عدم الاكتتاب الكامل في رأس المال,أو عدم تحويل الحصص العينية بعد تقييمها  لفائدة الشركة التي هي في طور التأسيس أو عدم  القيام بإجراءات الشهر,سواء تلك التي تتعلق بتأسيس الشركة آو التي تتعلق بإعلام الغير بوجود الشركة كالتقييد في السجل التجاري أو بالنشر في الجريدة الرسمية و الصحيفة المخولة لها نشر الإعلانات القانونية و كذا القيام بواحدة أو اكتر من هذه الإجراءات بشكل غير صحيح(المادة 349 الفقرة 1 ).
و تخضع هذه المسؤولية في تقديرها و التعويض عنها للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية ,وتتقادم هذه المسؤولية بمرور 10 سنوات من تاريخ القيد في السجل التجاري المادة 349 الفقرة 3.[13]
أما بالنسبة لأعضاء مجلس الرقابة فإنهم يسألون فقط عن أخطائهم الشخصية المرتكبة أثناء تنفيذ انتدابهم و لا يتحملون أية مسؤولية عن أعمال التسيير و نتائجها , و مع ذلك فانه يمكن تصريح بمسؤوليتهم المدنية عن الأخطاء التي يرتكبها أعضاء مجلس الإدارة الجماعية إذا كانوا على علم بها و لم يطلعوا الجمعية العامة عليها. (المادة 355 مكررة)[14].
لقد أتت هذه المسؤولية التضامنية الجديدة كنتيجة حتمية لإلغاء جزاء البطلان عند الإخلال بالإجراءات الموضوعية و الشكلية المتعلقة بتأسيس الشركة وكذا بشهرها المنصوص عليها في القانون.  
 المطلب الثاني: الجزاءات الجنائية
إن دراسة المسؤولية الجنائية التي تترتب على مخالفة إجراءات تأسيس شركة المساهمة,تندرج ضمن إطار سياسة تدخل المشرع الجنائي لمراقبة ميدان الأعمال و المعاملات بصفة عامة و ميدان شركة المساهمة بصفة  خاصة .لما لها من دور فعال في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية ,و باعتبارها كذلك النموذج الامثل و التقليدي لشركات الأموال.حيث عرفت الجزاءات الجنائية مجموعة من التعديلات التي يطغى عليها تخفيض العقوبة أو الغرامة أو هما معا أو حذف العقوبة.
و في نظر استاذنا احمد شكري السباعي فهذا التخفيف من الطابع الزجري هو استجابة لضغط المقاولين و رجال الأعمال .كما ان هذا التراجع هو دعوة صريحة إلى التسيب و استغلال الادخار في وقت تعاني فيه الشركات و المقاولات العديد من الصعوبات الناتجة عن سوء تدبير المال العام.علاوة على أن ذلك يتناقض مع سياسة مجلس القيم في إحاطة الادخار و المعاملات في سوق البورصة و جمهور المكتتبين بسياج من الضمانات الزجرية لحماية الادخار و الاقتصاد من التلاعب.[15]
فبخصوص القسم الرابع عشر الذي تحدث فيه المشرع عن العقوبات الزجرية فقد افتتحه بتعديل في المادة 373 حيث تمت إضافة المديرون العامون المنتدبون إلى أعضاء مجلس الإدارة ,تم حدد كذلك المدة المتعلقة بحالة العود في خمس سنوات من تمام تنفيذ العقوبة في المادة 375 ,كما تم حذف المادة 376 المتعلقة بتطبيق العقوبة الأشد في حالة ما إذا كان الفعل مجرما في نفس الوقت في القانون الجنائي و قانون شركة المساهمة .
و بخصوص حذف العقوبة الحبسية مع مضاعفة الغرامة ,فقد قام المشرع في المادة 378 بحذف عبارة  "يمكن فضلا عن الغرامة الحكم بعقوبة حبسية لمدة تتراوح بين شهر و ستة أشهر "و عوضها وفق ما جاء في التعديل بعبارة "تضاعف الغرامة المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا تم إصدار الأسهم النقدية عند اكتتاب بمقدار الربع...".كما تم تغيير الفقرة الرابعة من نفس المادة التي كانت تنص على انه يمكن أن تضاعف العقوبات المنصوص عليها في هذه المادة إذا تعلق الأمر بشركات مساهمة تدعوا الجمهور إلى الاكتتاب يمكن فضلا عن الغرامة بعقوبة الحبس لمدة تتراوح بين شهر و ستة أشهر.
و نجد المادة 381 هي بدورها حذفت الفقرتين الأولى و الثانية المتعلقة بتداول الأسهم ,كما تم حذف بعض العقوبات الحبسية بالنسبة للمخالفات البسيطة كما في حالة استهلاك القيمة الاسمية لأسهم رأس المال بواسطة إجراء القرعة و هو ما عبرت عنه المادة 400.
أما في الباب الثالث المتعلق بمخالفات الإدارة و التسيير ,فقد قام المشرع بتخفيض الغرامة إلى النصف كما هو الشأن في المادة 386 فيما يخص أجهزة الإدارة الذين لم يعدو برسم كل سنة مالية الجرد والقوائم التركيبية السنوية و تقرير التسيير  أو لم يعقدوا الجمعية العامة العادية خلال الستة أشهر الموالية لاختتام السنة المالية أو خلال فترة تمديد تلك المدة أو الذين لم يخضعوا القوائم التركيبية السنوية و تقرير التسيير لموافقة الجمعية المذكورة  حسب مدلول المادة 388.
إذن يتأكد جليا من خلال ما سبق أن المشرع المغربي فيما يخص الجزاءات المترتبة على مخالفة إجراءات تأسيس شركة المساهمة نجده أحيانا يحذف بعض الأفعال المجرمة التي كانت في السابق بمقتضى قانون 17.95 كما هو الشأن بالنسبة للمادة 381 و 400 ,ومرة نجده يحذف العقوبة الحبسية مع مضاعفة الغرامة كما في المادة 378.و أحيانا يعمد إلى تخفيض الغرام الى النصف و ذاك ما نص عليه في المواد 385.386.388.
كما أن المشرع لم يجرم و يعاقب كل المخالفات الجوهرية و الشكلية التي تطال تأسيس الشركة و إنما انتقى المخالفات التي تشكل خطر أو اعتداء فاضحا و نية سيئة لتحقيق مأرب شخصية على حساب الادخار و المدخرين[16] و لا شك أن هذا الانتقاء و هذا التخفيف يجب  إلا يصل إلى تلاعب المسيرين و المساهمين و المستثمرين و استهتارهم بمصالح الغير المتعاملين مع شركات المساهمة و بذلك تفقد العقوبة غايتها في تحقيق الردع الخاص و العام.
فصحيح أن القوانين التجارية يجب أن تكون ملائمة للحياة الاقتصادية و مشجعة للمستثمرين لكن في نفس الوقت رادعة للمخالفين لها ,ضمانا للأساس الذي تقوم عليه التجارة و هو الائتمان.
خاتمة
 ختاما يمكن القول أن المشرع المغربي يهدف من خلال تعديله للقانون المتعلق بشركات المساهمة إلى تحسين النصوص القانونية و ملاءمتها مع الظروف الاقتصادية و المالية المعاصرة و تجاوزا للثغرات التي كانت تعتري قانون 17.95 .فماذا يمكن القول عن قانون 20.05 بعد دخوله السنة السابعة إلى حيز التطبيق ؟و هل أصابت التعديلات مكامن النقص في قانون 17.95 ؟إذا كان الجواب بنعم فلماذا تقدمت وزارة الصناعة و التجارة و التكنولوجيات الحديثة في ماي 2013 بمشروع قانون رقم 78.12 الذي يقضي بتغيير القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة و الذي تتمحور أهم التعديلات التي يتضمنها في تبسيط المساطر و إصلاح نظام الاتفاقيات المقننة وتحسين الحكامة في تسيير شركات المساهمة و تعزيز حقوق المساهمين و ضمان الشفافية في حالات الإدماج و تأطير عمليات شراء الشركة لأسهمها [17].
هل يعزى ذلك إلى قصور قانون 20.05 في ترميم قانون شركات المساهمة ام ان المشرع المغربي لم يتمكن من الوصول إلى الصيغة الملائمة لاحتواء هذا القانون ؟أم أن المنظومة الاقتصادية و مناخ الأعمال و تغير المفاهيم الذي يفرض على المشرع نهج هذا الأسلوب من التغيير و التعديل ؟؟.                   
لائحة المراجع
القوانين
*                      القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124 صادر في 14 ربيع الأخر 1417 (30 أغسطس 1996)  الجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 4 جمادي الآخرة 1417 (17 أكتوبر 1996 )ص 2320. 
*                      القانون رقم 20.05 القاضي بتغيير و تتميم القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.08.18 بتاريخ 17 من جمادي الأول 1429 ( 23 مايو 2008)الجريدة الرسمية عدد 5639 بتاريخ جمادي الآخرة 1429 (16 مايو 2008)ص
*                      مرسوم رقم 2009.481 الصادر في 4 محرم  1431 ( 21 ديسمبر )بتطبيق القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة , الجريدة الرسمية عدد 5806 بتاريخ 21 يناير 2010 ص 169. 1359
المؤلفات
ü احمد شكري السباعي"الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي " الجزء الثالث طبعة جديدة مزيدة ومنقحة 2012
ü احمد شكري السباعي"الوسيط في الشركات والمجموعات ذاث النفع الاقتصادي" الجزء الرابع سنة 2014.
ü فؤاد معلال "شرح القانون التجاري الجديد الشركات التجارية "مطبعة الالفية الرباط الطبعة الرابعة 2012.
البحوث
Ø بحت لطلبة الماستر قانون الأعمال و المقاولات تحت اسم قراء في المستجدات ,كلية الحقوق السويسي السنة الجامعية 2012/2013.








الفهرس
المقدمة ...............................................................................................................1
المبحث الأول:المستجدات المتعلقة بإجراءات تأسيس و تسيير شركة المساهمة.......................4
المطلب الأول: أهم تعديلات إجراءات تأسيس شركة المساهمة..................................4
المطلب الثاني:أهم التعديلات الخاصة بتسيير شركة المساهمة ...................................6
المبحث الثاني: المستجدات الخاصة بجزاءات مخالفة إجراءات التأسيس و التسيير بين قانون 17.95 و قانون 20.05.  ....................................................................................10
المطلب الأول: الجزاءات المدنية ...................................................................10
المطلب الثاني: الجزاءات الجنائية ...................................................................13
الخاتمة .............................................................................................................16
لائحة المراجع .....................................................................................................17




[1]  القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124 صادر في 14 ربيع الأخر 1417 (30 أغسطس 1996)  الجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 4 جمادي الآخرة 1417 (17 أكتوبر 1996 )ص 2320. 
[2]  القانون رقم 20.05 القاضي بتغيير و تتميم القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.08.18 بتاريخ 17 من جمادي الأول 1429 ( 23 مايو 2008)الجريدة الرسمية عدد 5639 بتاريخ جمادي الآخرة 1429 (16 مايو 2008)ص 1359.
[3]   فؤاد معلال  "شرح القانون التجاري الجديد ,الشركات التجارية "مطبعة الالفية الرباط الطبعة الرابعة  2012. ص 395
[4]  ينظر المادة الأولى من مرسوم رقم 2009.481 الصادر في 4 محرم  1431 ( 21 ديسمبر )بتطبيق القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة , الجريدة الرسمية عدد 5806 بتاريخ 21 يناير 2010 ص 169.
[5] - أحمد شكري السباعي الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي الجزء الثالث طبعة جديدة مزيدة ومنقحة 2012 ص 143
[6] - أحمد شكري السباعي مرجع سابق ص 89
[7]  فؤاد معلال ,مرجع سابق ص 242 .
[8] - أحمد شكري السباعي مرجع سابق ص 143
[9]  فؤاد معلال , مرجع سابق ص 238.
[10] - أحمد شكري السباعي الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي الجزء الرابع طبعة 2014 ص 37
[11]   الاستاد  احمد شكري السباعي  مرجع سابق  ص 187.188.
[12]  نفس المرجع السابق ص 188.189.
[13]  نفس المرجع السابق ص 190.
[14]  بحت لطلبة الماستر قانون الأعمال و المقاولات تحت اسم قراء في المستجدات ,كلية الحقوق السويسي السنة الجامعية 2012/2013.
[15]  احمد شكري السباعي مرجع سابق ص 212.213.
[16]  احمد شكري السباعي , مرجع سابق ص 206.
[17]  الموقع الالكتروني www.Hispriss .com./details_3932.Hotmail  يوم 12/11/2014 على الساعة 11.30 صباحا

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *