-->

وسائل الطعن بالنقض

وسائل الطعن بالنقض

القضاء ، وقضاء النقض خاصة، صناعة ، يحتاج مزاولة  لفكر ثاقب، يسير غور النوازل ، ويدرك الوسائل التي هي الركائز الأساسية  للدفاع عن حق أو دحض باطل أثناء محاكمة الأحكام أو القرارات أم المجلس الأعلى.
فهي سلاح طالب النقض، ومن خلال الرد عليها أو اعتمادها يتم تقييم قضاء النقض، فمن أدرك مراميها وعرف أحكامها فقد ألم بقضاء النقض.
ولأهميتها البالغة، ومكانتها المرموقة وصدارتها الأكيدة ، ودقة أحكامها خصت لها هذه المداخلة في جوانبها النظرية والعملية بطريقة مرجعية فخص شطرها الأول النظري ببيان مضمون الوسيلة وشروط قبولها وأنواعها وخص شطرها الثاني العملي، ببيان كيفية الرد على الوسائل حسب اختلاف أنواعها.
وقد ذكرها المشرع في الفصل 355 من ق.م. فأوجب أن" يتوفر مقال النقض تحت طائلة عدم القبول على عدة بيانات من جملتها الوسائل"
والمجلس الأعلى في العديد من قراراته أكد هذه المبدأ. ومن جملتها القرار عدد 46 بتاريخ 4/12/86 (المنشور في مجموعة قرارات المجلس الأعلى في المادة المدنية ص 658) والقرار عدد 260 بتاريخ 6/3/70 (نفس المرجع ص : 767)
كما يطبق نفس الحكم في حالة اقتصار المقال على عناوين الوسائل دون شرح أو بيان لها. وهو ما أكده قرار المجلس عدد 268 الصادر بتاريخ 4/6/69 (المرجع السابق ص 724).
غير أنه إذا احتفظ الطالب في المقال بحق تقديم مذكرة تفصيلية فانه لا يخلو إما أن تكون الغاية منها :
أ – تفصيل ما أجمله في مقال النقض في موضوع الوسائل المثارة كلها أو بعضها وحينئد يتعين عليه التقدم بها ، تحت طائلة اعتباره متنازلا عنها، داخل ثلاثين يوما من ايداع مقال النقض بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه حسب صريح الفصل 364 ق.م.م.
ب- جبر الخلل الحاصل في الوسائل الناقصة المذكورة في مقال النقض، أو ذكر الوسائل لعدم تضمين مقال النقض لها. وحينئد لا يقبل هذا الجبر أو الذكر إلا إذا قدمت المذكرة داخل أجل الطعن بالنقض، وهذا ما اعتمده قرار المجلس الأعلى عدد 268 سابق الذكر المتضمن المبدأ التالي :" يجب أن تكون عريضة طلب النقض مشتملة على ملخص الوقائع والوسائل وإلا كانت غير مقبولة، وإن العريضة المحتفظ فيها بالبيان المفصل تقتصر على الطعن بعدم الارتكاز على أساس وعدم التعليل وخرق القواعد الجوهرية للمرفعات مجملة، وان البيان المفصل الذي تقدم به الطالب لا يسد هذا الخلل لإيداعه خارج أجل الطعن بالنقض".
ج- تقديم وسائل أخرى إضافية ، وحينئد لا تقبل هذه الوسائل إلا إذا قدمت داخل أجل النقض، فقد قرر المجلس الأعلى "أن المذكرة التفصيلية المقدمة قبل انصرام أجل الطعن تدمج في مقال النقض لتلافي نقصان هذا الأخير ..."(قرار عدد 28، يناير 1964، المسطرة المدنية في شروح ص 236 ريولط). والملاحظ أن أجل إيداع المذكرتين موضوع الفقرتين ب و ج ليس على غرار أجل المذكرة التفصيلية موضوع الفقرة – أ – المتعلقة بتفصيل ما أجمل في وسائل النقض والتي يبتدئ سريان تاريخ مدة قبولها من يوم إيداع مقال النقض وليس من تاريخ تبليغ الحكم أو القرار المطعون فيه.
والتحدث عن الوسائل يقتضي التعرف على مضمونها، وشروط قبولها، وأنواعها، وصيغ الرد عليها، وهذا ما يدعو إلى تناول الموضوع في أربعة مباحث.
المبحث الأول : مضمون الوسيلة
يجب أن تتضمن الوسيلة نعيا على القرار أو الحكم المطعون فيه بالنقض في الجانب الذي أخل به استنادا إلى ما هو منصوص عليه فيه أو إلى ما وقع إغفاله أو رده صراحة أو ضمنا مما هو مستدل به أمام قضاة الموضوع، أو إلى ما هو متعلق بالنظام العام، وهو الجانب الذي يهم المجلس دون غيره مما قد يثار فيها من وقائع زائدة على الوقائع المدعمة للنعي.
المبحث الثاني : شروط قبول الوسيلة
يشترط لقبول الوسيلة أن تكون :
مبنية على سبب أو أكثر من الأسباب المعتمدة قانونا أو قضاء التالية :
أ– خرق القانون الداخلي،
ب- خرق قاعدة مسطرة أضر بأحد الأطراف
ج – عدم الاختصاص،
د – الشطط في استعمال السلطة
ه- عدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل
وهذه هي الأسباب المعتمدة قانونا بمقتضى الفصل 359 ق.م.م وتحريف العقود : وهذا هو السبب المضاف المعتمد قضاء
فإذا بنيت الوسيلة أو الوسائل على غير تلك الأسباب فإنها تكون غير مقبولة وهذا ما أمده قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 7/2/72 تحت عدد 54 (مجلة القضاء والقانون عدد 120 ص 578).
2 – لمقدمها مصلحة  فيها . فإذا لم يتحقق هذا الشرط بأن لم يستفد الطاعن شخصيا من موضوع الوسيلة فإنها تكون غير مقبولة لانتقاء المصلحة : قرار المجلس عدد 15 بتاريخ 30/10/68 (م.ق.م في المادة المدنية لسنة 66-82 ص 602)
3 – لمقدمها الصفة للاستدلال بها وإلا كانت غير مقبولة، فقد أوضح المجلس في قراره عدد 75 وتاريخ 24/12/69 : "أن المشتري لمحل النزاع عن طريق المزاد العلني ليست له الصفة للحلول محل المالك السالف أو رئيس كتابة الضبط الذي كان مارسا له ولا الطعن لدى المجلس في نقطة من الحكم لا تهمه شخصيا وليس من شأنها أن تضر به إذ أن محكمة الاستئناف قضت بقبول استئنافه وبالتالي يكون غير مقبول الوجه المستبدل به من طرف المشتري من عدم قبول استئناف المالك السابق ورئيس كتابة الضبط".
4- واضحة غير مبهمة ولا غامضة وناقصة وإلا كانت غير مقبولة وهذا ما رمى إليه قرار المجلس الأعلى عدد 214 بتاريخ 22/4/70 الذي ورد فيه أنه "يكون غير مقبول الوجه المستدل به الذي لم يفهم المقصود من مضمونه والذي لم يبين الطالب فيه ما هي القواعد التي خالفتها المحكمة..." (قضاء المجلس الأعلى عدد 17 ص 38).
5 – غير مبنية على الواقع الصرف، وإلا كانت غير مقبولة ، قرار المجلس الأعلى عدد 354 بتاريخ 4/7/66 (م.ق.م.ص 625).
6- غير مخالفة للواقع، فلو بنيت على ادعاء وجود ما هو غير موجود ، أو ادعاء عدم وجود ما هو موجود، كانت غير مقبولة:
غير أن الملاحظ أن الكثير من قرارات المجلس تكتفي بذكر أن الوسيلة "خلاف الوقع" بل هناك قرارات أوضحت أن الوسيلة من جهة غير مقبولة، و من جهة محالفة للوقع، مما ينبئ عن عدم اعتبار الوسيلة التي تكون حلاف الواقع غير مقبولة. قد أوضح قرار المجلس الأعلى عدد 121 و تاريخ 28/1/70 أن الوسيلة المستدل بها جديدة فضلا عن كون الفصل 6 من ظهير 13-5-54 ينص على أن وجيبة الاستئناف يجب آداؤها في ظرف أجل 15 يوما الموالية لانصرام أجل الاستئناف لا من يوم التصريح به فتكون المحكمة قد صادفت الصواب عندما قضت بقول الاستئناف و تكون الوسيلة من جهة غير مقبولة. و من جهة أخرى مخالفة للواقع (م.ق.م.ص.778،ص.779).
7- غير جديدة، أي سبق عرض مضمونها على محكمة الموضوع و على الأقل في المرحلة الاستئنافية، و إلا كانت غير مقبولة، قد أوضح قرار المجلس عدد 129 و تاريخ 5-3-69 أنه تكون غير مقبولة الوسيلة المستدل بها لأول مرة أمام المجلس و المتخذة اعتمادا على كون محكمة الموضوع بتت في الدعوى دون الانتقال من قبل إلى عين المكان....( مجلة القضاء و القانون عدد 109 ص .450 ) .
و آما للوسائل الجديدة من أثار فإنه يمكن عرضها في تقديم يعرف بها و يعطي تمييزا بينها و بين غيرها و في فروع تهم جزاء كل منها.
أولا تعريف : الوسيلة الجديدة هي تلك التي لم يعرض موضوعها أمام قضاة محكمة الموضوع آو عرض عليهم و رفضوه لعدم تدعيمه بأية حجة و لم يقع الإدلاء بالحجة إلا أمام المجلس الأعلى، أو كان موضوعها يعزز سببا غير السبب المعروض على محكمة الموضوع أو تم عرضه على محكمة الدرجة الأولى دون محكمة الدرجة الثانية: قرار المجلس الأعلى عدد 129 بتاريخ 5/3/1969 (م.ق.م.109 ص. 480 : م.ق.م. العدد 13، ص 26)
ثانيا: التفرقة بين الوسائل الجديدة و غيرها :
إذا كان الفصل 359 ق.م.م. قد تناول بيان أسباب النقض فإن الفصل 355 من نفس القانون لم يتناول إلا وجوب ذكر الوسائل في مقال النقض دون إعطاء أي بيان عن الوسائل.
و إذا كانت مسطرة الطعن بالنقض لا تتضمن حظرا للتقدم بالوسائل الجديدة فإن ذلك لا يمنع من ركون القضاء- نظرا لطبيعة النقض- إلى عدم جواز إبداء الوسائل الجديدة، و كذا الطلبات الجديدة، و الحجج الجديدة التي لم يسبق إبداؤها أمام محكمة الموضوع و على الأقل في المرحلة الاستئنافية. ذلك أن الطعن بالنقض لا يعني طرح الموضوع أمام المجلس الأعلى للفصل فيه، و إنما يعني مخاصمة الأحكام ببيان ما إذا كانت موافقة أو مخالفة للقانون فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع.
من طلبات وبراهين، ومن تم فلا يحق للخصوم إبداء دفوع وطلبات جديدة لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع حتى يعاب عليها عدم اعتمادها.
وإذا كانت الطلبات الجديدة هي تلك التي تتجاوز الموضوع الأصلي للطلب المعروض أمام محكمة الموضوع أو تغييره، وكانت البراهين الجديدة هي تلم التي أعدت لتأييد الوسيلة وإعطائها قوة أكثر مما كانت عليه معروضة أمام محكمة الموضوع، وكانت الوسيلة الجديدة هي تلك التي لم يتم الدفع بها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أو لم يتم التمسك بها في المرحلة الاستئنافية وإن عرضت على محكمة الدرجة الأولى، فإن حكم كل من الطلبات الجديدة والوسائل الجديدة هو عدم قبولها وهكذا فالمجلس العلى في قراره عدد 49 وتاريخ 13/12/69 أوضح "أن الوسيلة الرامية إلى دحض قوة الشيء المقضي به لا تقبل أمام المجلس الأعلى إن لم تثر أمام محكمة الموضوع" في حين أن البراهين القانونية الجديدة تكون مقبولة في أية مرحلة من مراحل الدعوى شريطة ألا يختلط بها أو تحتاج في الأخذ بها إلى عنصر واقعي كما سيأتي ذكره في الفرع الثالث المتعلق بالوسائل التي يختلط فيها الواقع والقانون.
وإثارة موضوع الوسيلة أمام محكمة الموضوع إما أن يكون بصفة جلية وواضحة وهو شيء لا يثير أي لبس. ويتضح ذلك من المستنتجات المقدمة أمامها ومذكرات الخصوم، أو من الوقائع التي حدثت بالجلسة المثبتة في محضرها. وإما أن يكون بصفة ضمنية ويستخلص ذلك من أوراق الملف وموقف الطرفين وهذا كله يجعل الوسيلة غير جديدة فتكون اذا ما أثيرت أمام المجلس مقبولة. كما ان دراسة محكمة الموضوع لوسائل تعرضت لها تلقائيا دون إثارة من الأطراف تكون وسائل مقبولة لأنها لا تعتبر وسائل جديدة.
وإذا ما صدر قرار أو حكم به مخالفات ناجمة عنه ليس بإمكان الطاعن الاهتداء إليها إلا من خلال الحكم بعد صدوره، فإن ما يثار حول تلك المخالفات لا يشكل وسيلة جديدة لأن موضوعها لم ينشأ إلا بمقتضى القرار أو الحكم.
والعلة في عدم قبول الوسائل الجديدة تكمن في أنه لا يجوز محاكمة قرار محكمة لم يعرض عليها واقع أو وسيلة مؤثرين، فالمجلس بصفته محكمة مخاصمة الأحكام يدرس القضية بالحالة التي كانت معروضة عليها أمام محكمة الموضوع بصفة صريحة أو ضمنية، وعلى هذا الأساس الأخير فإنه إذا طلب الطاعن من محكمة الاستئناف تأييد الحكم المستأنف، فإن هذا يعني أنه عرض عليها ضمنيا جميع الأسباب التي اعتمدها الحكم المذكور ويجوز له التمسك بها أمام المجلس الأعلى.
وقد تكون الوسيلة المعروضة على المجلس داخلة في عموم ما أبداه الطالب أمام محكمة الموضوع فتكون مقبولة، وفي هذا الشأن صدر قرار المجلس العلى عدد 562 وتاريخ 22/2/89 في الملف المدني عدد 99619 (غير منشور). لكن حيث أن الوسيلة وعلى النحو الوارد فيها وإن أثيرت لأول مرة أمام المجلس إلا أنها تندرج في الوسيلة المثارة أمام محكمة الموضوع من كون الخبير لم يستدع الطاعن للحضور لمحل النزاع وقام بإجراء خبرته في غيبته مما تكون معه الخبرة مخالفة لمتطلبات الفصل 63 ق.م.م والقرار المطعون فيه أجاب عنها بما فيه الكفاية إذا أثبت في تعليلاته أن الخبير أثبت في تقريره استدعاء الأطراف برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل فحضروا ولم يحصل أي صلح بينهم" وذلك ردا على ما ورد في الوسيلة من "أن المحكمة لم تجب على دفعه بأنه يسكن بعيدا عن البيضاء فكان على الخبير مراعاة المدة بالنسبة للمسافة مع إضافة الخمسة أيام المنصوص عليها قانونا" واتضح للمجلس أن الطالب لم يتمسك بهذه المسافة فأجاب عن الوسيلة بما سطر أعلاه.
والوسائل المعروضة على المجلس تختلف باختلاف موضوعها، فهي إما تكون قاصرة على تناول الوقائع، أو تكون قاصرة على ما ارتكبه القرار من مخالفات قانونية، أو جامعة بين القانون والواقع، وعلى هذا الأساس يمكن عرض ما تعلق بها وحكم كل منها في فروع ثلاثة:
الفرع الأول: الوسائل المتعلقة بالوقائع
الوسائل المتعلقة بالوقائع هي تلك التي تقتصر على مناقشة الوقائع التي سبق عرضها على محكمة الموضوع فترمي الوسيلة إلى نفي تلك الوقائع أو الواقعة أو تؤكد وجودها على النحو الذي عرضت به على محكمة الموضوع أو على نحو مغاير دون أن تتطرق للعنصر القانوني.
ولما كانت الوقائع قاصرة من حيث إقرارها أو نفيها على محكمة الموضوع التي تستقل بتقديرها ولا رقابة عليها من طرف المجلس في ذلك، فإنه يمنع على الأطراف مناقشتها أمام المجلس، كما يمنع على المجلس مناقشتها، وإذا ما نوقشت من الطالب فإن الوسيلة التي تناولتها تكون غير مقبولة إذا لم تحتو على أي عنصر قانوني.
وقد أوضح المجلس في قراره الصادر بتاريخ 4/7/69 تحت 354 " إن ما أثاره المكتري المطالب بالافراغ من استمراره في الانتفاع بالعين المكراة يتعلق بالواقع مما يجعله غير مقبول أمام المجلس (مجلة القضاء والقانون عدد 107 ص 387) ورغم ذلك فإن للمجلس حق رقابة الوصف الذي تخلعه المحكمة على الوقائع وما رتبته عليها من نتائج قانونية وذلك من باب مراقبة حسن تطبيق المحكمة للقانون.
الفرع الثاني: الوسائل المتعلقة بالقانون
الوسائل المتعلقة بالقانون هي تلك التي لا يتعرض فيها الطاعن إلى مناقشة الوقائع وإنما يقتصر على مناقشة المبادئ القانونية بمعناها الواسع التي خرقت أو طبقت خطا أو طبقت تطبيقا سيئا.
وهذه الوسائل تكون غير مقبولة أمام المجلس الأعلى سواء سبقت إثارتها أمام محكمة الموضوع، أو أثيرت لأول مرة أمام المجلس الأعلى مادامت الوقائع المؤدية إليها معروضة أمام محكمة الموضوع التي على قضاتها طبق أحكام الفصل 3 من ق.م.م. البت في طلبات الأطراف طبا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة.
ومن تم فالواقع المعروض على المحكمة كاف لوجوب تطبيق القانون الواجب التطبيق عليها ولا تعتبر حينئذ الوسيلة القانونية المثارة لأول مرة أمام المجلس الأعلى وسيلة جديدة لأنها نابعة قانونا من الوقائع المعروضة على القضاء وتعتبر مثارة أمامهم بصفة ضمنية.
ولا يجوز للمجلس الأعلى إثارة الوسيلة المتعلقة بالقانون تلقائيا إلا إذا تعلقت:
1- بالنظام العام: ومن الامثلة على ذلك القرار الصادر عن المجلس الأعلى عدد 270 بتاريخ 4/6/69 المتضمن: " إن المحكمة الابتدائية قضت على الورثة بالأداء على سبيل التضامن بينهم بدون أن تقوم بتصفية التركة أو تختبر هل خلف الهالك متروكا يفي بقضاء ديونه وهل حاز الورثة منها شيئا وما مقدار ما حازه كل واحد منهم من ذلك لتجري أحكام الشريعة الاسلامية على مقتضاها. وأن محكمة الاستئناف أيدت الحكم المذكور بدون أن تتلافى ما تضمنه من الخلل خارقة بذلك أحكام الإرث التي هي من النظام العام ولذلك قضى المجلس بنقض القرار (م.ق.م 737-733).
والمجلس الأعلى حين رغبته في استخلاص ما إذا كانت الوقائع التي تهم الوسيلة القانونية قد سبق عرضها على محكمة الموضوع يلتجئ إلى القرار أو الحكم المطعون فيه ليستشف منه ذلك، فإن لم يتعرض القرار أو الحكم للواقع المذكور التمسه في باقي أوراق الملف ومستنداته، فإن سبق للمعني بالأمر سحب الوثيقة المثبتة لذلك فعليه الإدلاء بها أو بصورة منها مشهود بمطابقتها لأصلها مما كان معروضا على محكمة الموضوع:
2-أو عوض بها علة فاسدة لحكم منطوقه مطابق للقانون، وكمثال على ذلك ما ورد في القرار عدد 66 وتاريخ 21/1/80: "حيث يستخلص من الفصل 29 من القرار الوزيري الصادر بتاريخ 3/6/1915 المتعلق بتطبيق النظام العقاري للتحفيظ ان إصلاح الخطأ الذي وقع في الرسم العقاري لا تلتزم به دعوى مبتدئة أمام القضاء وإنما يقوم به المحافظ من تلقاء نفسه وإلا فللأطراف أن يقدموا إليه مطلبا بذلك. فإذا رفض القيام بهذا الإصلاح أو لم يقبل الأطراف وجهة نظره فإن قراره في هذا الشأن يعرض على المحكمة التي تبت في الأمر بحكم تصدره بغرفة المشورة وإن هذه العلة القانونية المستمدة من الوقائع الثابتة لقضاة الموضوع تحل محل علة المحكمة التي ردت فيها طلب الطاعنين على أساس عدم وجود أي خطأ وقع في التحفيظ فالوسائل جميعها غير مرتكزة على أساس. (م.ق.م. 406).
الفرع الثالث: الوسائل التي يختلط فيها القانون بالواقع
الوسائل التي يختلط فيها الواقع بالقانون هي تلك التي يستند فيها الطالب إلى وقائع وحجج وإلى قاعدة قانونية. ولا يخلو الحال من أحد أمرين: - إما ان تكون الوقائع والحجج سبق عرضها على محكمة الموضوع وعلى ضوئها أصدرت قرارها أو حكمها. – وإما أن تكون الوقائع والحجج لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع.
ففي الحالة الأولى تكون الوسيلة المختلطة المستندة على وقائع وحجج سبق عرضها على محكمة الموضوع بدرجتيها أو على محكمة الاستئناف، فإن الوسيلة المثارة أمام المجلس تكون مقبولة لأنها غير جديدة من حيث الوقائع والحجج وان كانت جديدة من حيث القانون.
وحسبما ورد في الفرع الثاني السابق فان الوسيلة القانونية تكون مقبولة ولو أثيرت لأول مرة أمام المجلس الأعلى مادامت الوقائع والحجج المستند إليها فيها سبق وأن عرضت على محكمة الموضوع.
ولا يمكن للمجلس وكما سبق القول إثارتها من تلقاء نفسه إلا إذا تعلقت بالنظام العام أو كان القصد منها تعويض علة منتقدة لحكم منطوقه مطابق للقانون بعلة المجلس المستخلصة من الوقائع الثابتة لمحكمة الموضوع.
ولهذا فالشق الأول من هذا الفرع يشكل وحدة مع الفرع الثاني سالف الذكر.
أما في الحالة الثانية وهي التي تثار فيها وسيلة مختلطة لم يسبق عرض الوقائع والحجج المستند إليها فيها على قضاة الموضوع أو لم يتم تنبيههم إليها ولم يدرسوها، فإن الوسيلة لا تكون مقبولة لاختلاط الواقع بالقانون فقد أوضح المجلس في قراره عدد 47 بتاريخ 26/3/70 ان الوسيلة التي يختلط فيها الواقع بالقانون تكون غير مقبولة إذا كانت جديدة أمام المجلس (م.ق.ق عدد 115 ص. 297) وقرار المجلس عدد 295 وتاريخ 18/2/69 (م ق.م.ص 48).
ويسري نفس الحكم على الوسيلة المتعلقة بالنظام العام مادام ان قضاة الموضوع لم يكونوا على علم بالوقائع التي تستند إليها الوسيلة (ع.2 ص 1004 سنة 1982)، ولا يمكن مساءلتهم بعدم اخذهم بعين الاعتبار وقائع لم تعرض عليهم، والمجلس الأعلى لا يمكنه تحصيل فهم الواقع والتأكد منه وتقديره لأن ذلك لا يدخل في وظيفته وخارج عن اختصاصه.
وإذا كانت الوسائل الجديدة – أساسا – غير مقبولة، فإن البراهين القانونية الجديدة تكون مقبولة حسب المذكور في الفرع الثاني سالف الذكر إلا إذا اختلط بها أو احتاجت للأخذ بها إلى عنصر واقعي. فإذا أدلى بحجة لأول مرة أمام المجلس: على ان عرفا ينظم عملا معينا فإنها لا تقبل لاختلاط القانون فيها بالوقائع المتعلقة بإثبات العرف ومدى تطبيقه (نقض مصري 4-6-53 ع 2 هامش ص 1004) غير أنه إذا كانت هذه الحجة مجرد رد على حجة قانونية اعتمدها القرار المطعون فيه تلقائيا فإنها تكون مقبولة باعتبار ان موضوع الوسيلة لم ينشأ إلا بمقتضى القرار أو الحكم الذي تناول حجة قانونية لم يكن وجه التعرف على اعتماده لها واضحا أثناء المسطرة (ع2 ص 1004) وإنما بعد صدوره ولم يستشف ذلك إلا من تعليلاته.
المبحث الثالث: أنواع الوسائل
سأكتفي في هذا البحث بعرض وجيز لأنواع الوسائل لن موضوعها أسباب النقض ويمكن تقسيم الوسائل المثارة أمام المجلس الأعلى:
أولا: من حيث تعلقها بأسباب الطعن بالنقض تقسم إلى قسمين رئيسيين.
1-وسائل تهم الشكل:
وهي تلك التي تستند على أحد الأسباب المذكورة في الفصل 359 ق.م.م التالية:
أ-خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف:
والملاحظ ان الشرط الأساسي في هذا السبب هو أن يحدث الخرق ضررا للطالب سواء أكانت القاعدة المسطرية التي تم خرقها ثانوية أو جوهرية.
ب-عدم الاختصاص:
وهو تجاوز محكمة ما اختصاصها إلى اختصاص محكمة أخرى ترابيا أو نوعيا.
ج-انعدام التعليل:
وهو عدم تبرير منطوق الحكم أو القرار من الناحية القانونية بصفة مطلقة كليا أو جزئيا ويلحق به التبرير الناقص والفاسد والخاطئ.
كما يلحق به التعليل المكمل للمنطوق غير المبرر بصفة مطلقة أو ناقصة أو فاسدة أو خاطئة ويلحق به تناقض الوقائع المبني عليها الحكم أو القرار دون تناقض الأسباب القانوني إذا ما كان باقي التعلل كافيا في التعليل. كما يلحق به تناقض الأسباب مع المنطوق.
والوسائل المرتكزة على هذه الأسباب أو أحدها تكون لها الأسبقية في الرد عليها من طرف المجلس لتعلقها بالشكل.
2- وسائل تهم الموضوع :
وهي تلك التي تستند إلى أحد الوسائل الأربعة الباقية التالية:
أ- خرق القانون الداخلي:
ويقصد بالقانون القانون بمعناه الواسع فيشمل الظهائر والقوانين والمراسيم بمثابة قانون والمراسيم والقرارات التنظيمية. والمعاهدات المصادق عليها المنشورة بالجريدة الرسمية والاجتهاد القضائي والمبادئ العامة للقانون والأعراف والعادات المحال عليها قانونا.
ويندرج تحت ه\ا السبب الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ولا يدخل ضمنه الخطأ في الواقع إلا إذا نتج عنه خطأ قانوني وكذا الخطأ المادي.
ب- الشطط في استعمال السلطة :
وهو تجاوز محكمة ما اختصاصها إلى اختصاص السلطة التشريعية أو التنفيذية فيما عدا النزاعات الإدارية، وتدخل فيه كذلك كل حالة استأثرت فيها المحكمة بما لا تملكه من حقوق، وذلك مثل : رفض قبول حجة مقبولة قانونا، أو قبول وسائل إثبات غير منصوص عليها قانونا والحكم على الغير دون استدعائه والتخفيظ تعسفا من الأداءات المحددة قانونا بعلة الإنصاف (المسطرة المدنية في شروح ريولط ص 242).
ج- عدم ارتكاز الحكم على أساس:
وهو عدم تبرير الحكم أو القرار من الناحية الواقعية. أو بإيرادها غامضة أو ناقصة بصفة لا تمكن المجلس من مراقبة حسن تطبيق المحكمة للقانون، أو إيرادها محرفة ونتج عن ذلك خطأ قانوني.
د- تحريف العقود : ويتجلى ذلك في تأويل المحكمة للعقد تأويلا غير قانوني.
ثانيا : من حيث إثارة الوسائل : تقسم إلى :
1-   وسائل مثارة من طالب النقض.
2-   وسائل مثارة من المطلوب في النقض.
3-   وسائل مثارة من المجلس تلقائيا،
فالأولى قد سبقت دراستها بتفضيل من حيث شروط قبولها والتمييز بينها وبين غيرها ...
والثانية غالبا ما تتعلق بعدم قبول طلب النقض لأسباب ترجع إلى انعدام حالات الفصل الأول من ق م م أو إلى وقوع الطعن بالنقض خارج الأجل أو إلى تحقق حالة الفصل 115 من نفس القانون، أو إلى عدم توفر مقال النقض على البيانات الإلزامية أو عدم أداء الرسوم القضائية.
والثالثة لا تكون إلا إذا تعلقت بالنظام العام وثبتت من القرار أو الحكم المطعون فيه المدلى بصورة منه مشهود بمطابقتها للأصل. فقد يكشف المجلس أن القرار صدر من ناقض واحد أو اثنين بدل ثلاثة أو أي خلل آخر يهم تكوين الهيأة فيقضي بالنقض تلقائيا.
المبحث الرابع : صيغ الرد على الوسائل
يمكن تقسيم صيغ الرد على الوسائل إلى قسمين رئيسيين : صيغ عامة وصيغ عامة وصيغ خاصة:
أولا : الصيغ العامة:
الوسيلة المثارة أمام المجلس الأعلى إما أن تكون غير مقبولة – أو على غير أساس، أو غير مقبولة في جزء منها وعلى غير أساس في الباقي أو معتمدة.
1-   الوسائل غير المقبولة:
الوسيلة غير المقبولة هي تلك التي لم يتوفر بها شرط أو أكثر من شروط القبول الثمانية المنصوص عليها في البحث الثاني.
ويمكن إيراد صيغة الرد عليها كما يلي:
"حيث إن الوسيلة لم تبن على أحد الأسباب المنصوص عليها في الفصل 359 من ق م م ولذلك فهي غير مقبولة .. أو :
"حيث أن ما أثاره الطاعن في الوسيلة من ... لا مصلحة له فيه (أو : لا صفة له في إثارته) اعتبار ال .... مما تكون معه الوسيلة غير مقبولة" أو :
" حيث أن الوسيلة المتضمنة ل ..... مبهمة (أو ناقصة أو غامضة) فهي غير مقبولة". أو
"حيث إن موضوع الوسيلة وهو لا يهم النظام العام أثير لأول مرة أمام المجلس الأعلى ولذلك فهي غير مقبولة ... إلخ.
2-   الوسائل المرتكزة على غير أساس:
وهي تلك التي ردها المجلس لعدم مصادقتها للصواب كما لو كان موضوع الوسيلة النعي على القرار اعتماده نصا قانونيا مع أنه كان عليه اعتماد نص آخ. فثبت للمجلس أن ما اعتمده القرار في محله وأن موضوع الوسيلة لا أساس له فيرد المجلس عليها بإيراد الواقعة وكما أثبتها القرار والمبدأ القانوني الذي ينظمها وتخضع على غير أساس. وكذا الشأن فيما لو أعطت الوسيلة تأويلا لنص قانوني غير المعتمد في القرار الذي رأى المجلس صوابه:
وكمثال على ذلك ماورد في قرار المجلس عدد 1026 وتاريخ 24/12/80 من "أن التقادم بكل إجراء تنفيذي ولا يحسب في مدة التقادم الزمن السابق لحصول ما أدى إلى انقطاعه عملا بمقتضيات الفصلين 381 و383 من ق ل ع.
لذلك فإن المحكمة كانت على صواب عندما اعتبرت مدة التقادم لا تبتدئ إلا من آخر يوم وقع فيه تنفيذ الحكم وهو 14/12/73 فالوسيلة لا ترتكز أساس" (م ق م ص. 306).
3-   الوسيلة المركبة من أكثر من فرع أحدها غير مرتكز على أساس والباقي غير مقبول.
وهي تلك الوسيلة التي يردها المجلس لعدم مصادفة أحد فروعها للصواب.
ويكون الفرع الآخر غير مقبول لسبب من الأسباب المذكورة في النقطة الثالثة من المقدمة.
وكمثال على ذلك ما أورده القرار عدد 354 الصادر بتاريخ 7-69 من "أنه من جهة حيث أن المكري غير ملزم بإثبات احتياجه للسكنى بمحله الذي يطلب إفراغه ليسكن فيه بنفسه. وبذلك يكون اعتماد الحكم المطعون فيه على بينة الاحتياج علة زائدة لا يتوقف منطوقه عليها. ومن جهة أخرى فإن ما أثاره الطاعن من استمراره في الانتفاع بالعين المكراة يتعلق بالواقع وبذلك تكون الوسيلة غير مبنية على أساس في فرعيها الأولين وغير مقبولة في فرعها الثالث "(م ف م 626).
والملاحظ أنه من باب دقة الصياغة ألا يؤتي للرد على فروع الوسيلة بكلمة ومن جهة" عن كل فرع. وإنما بكلمة .. وبخصوص الفرع الأول .. وبخصوص الفرع الثاني .. إلخ.
أما كلمة "من جهة" فإنها تخصص للرد على نقطة معينة بأجوبة متعددة حسبما تقتضيه أو جهها المتعدة.
4-   الوسيلة المعتمدة:
وهي الوسيلة التي ثبت صدق مؤاخذتها على القرار فيعتمدها المجلس للقضاء بنقضه، إما لكونه على غير أساس أو منعدم التعليل أو خارقا للقانون .. إلخ باعتماد سبب من الأسباب الستة المسطرة في بداية العرض، وكمثال على ذلك ما أورده المجلس بخصوص:
أ- عدم الارتكاز على أساس في قراره عدد 160 وتاريخ 18/3/70)" حيث أن محكمة الاستئناف بعدما ارتكزت من جهة على خطأ المصاب لم تبين من جهة أخرى هل فعل .. كل ما في استطاعته لتجنب الضرر وهل اتخذ الاحتياطيات الضرورية التي أملاها الموقف في طريق سلوك جدا بالراجلين كتجنب السرعة واستعمال المنبه عند الاقتضاء خصوصا حين مقابلته لعربة فتكون المحكمة لم تركز حكمها على أساس قانوني (مجلة قرارات المجلس ص. 640).
ب- انعدام التعليل (وفي قراره عدد 16 وتاريخ 4/11/69:" حيث أن الحكم المطعون فيه حين قضى بالتخلي عن بقعة النزاع دون أن يبين العناصر الأزمة لقيام دعوى استرداد الحيازة التي ينص عليها الفصل المحتج به (364 ق م م) قد فوت على المجلس الأعلى حقه في مراقبة تطبيق القانون وبذلك لم يكن معللا تعليلا كافيا (م ف م ص 234).
ج- خرق القانون وفي قراره عدد 378 وتاريخ 17/5/78" حيث أن الطاعن دفع أمام قضاء الموضوع بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في الفصل 106 من ق ل ع وان المحكمة لما رفضت الدفع بعلة أن الدعوى العمومية لم يفصل فيها نهائيا إلا بتاريخ 5/7/71 في حين أن أمد التقادم المذكور لا ينقطع بالمتابعة الجنائية ولكن بالمطالبة القضائية بالتعويض عن الضرر، وأن المحكمة لما بتت في الدعوى على هذا النحو المذكور تكون قد خرقت مقتضيات الفصل 381 من ق ل ع. مما يعرض قرارها للنقض."(م ق 410).
د- عدم الاختصاص : وفي قراره عدد 769 وتاريخ 15/12/76 :" حيث أن قاضي المستعجلات لما قام بإجراء بحث بالاستماع إلى الشاهد .. لإثبات الاتفاق الذي أنكره المستأنف على إخلاء الدكان وأمر بالإفراغ تنفيذا لما أثبته يكون قد تعدى حدود الاقتصاص المخول له بالمقتضيات المشار إليها في الفصل 149 و152 من ق م م وفصل في جوهر النزاع (م ق م ص 556).
هـ- الشطط في استعمال السلطة:
وفي قراره الصادر بتاريخ 14/12/55 "بمقتضى الفصل 37 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري يتعين على المحكمة التي رجع إليها تعرض بواسطة المحافظ الحكم في وجود وضعية إثبات ومدى الحقوق التي يطالب بها المتعرضون ثم إحالة الأطراف بعد ذلك على المحافظ المختص وحده ليعتمد على حكمها بقبول أو رفض طلب التحفيظ كليا أو جزئيا ماعدا الطعن المنصوص عليه في الفصل 96. يتعرض القرار للنقض بسبب خرق هذه المقتضيات والشطط في استعمال السلطة إذا هو بين أن تركة الهالك المشتركة بين كل من الطالبين والمتعرضين تتضمن أرضية خارجة عن التحديد وألغى على الحالة حكم القضاة الأولين على التعرضات وأمر بإحالة الملف على المحافظ لتوسيع التحديد أو وضع مطالب أخرى تضم كل الأراضي ... " (المحكمة لا تملك أية حرية لتوجيه الأوامر للمحافظ): (ش ح ف م  م لريوط 243).
و- خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف وفي قراره 1572 وتاريخ 8/6/88 :"حيث أن الطاعن لم يتضرر من عدم قيام المستشار المقرر بإصدار أم بالتخلي مادام أن عدم الإصدار يترك الباب مفتوحا في وجه الطرفين للإدلاء بما يفيدها لغاية حجز القضية للمداولة فتكون الوسيلة غير مقبولة.
ز- تحريف عقد وفي قراره 3194 وتاريخ 23/11/88 في الملف المدني عدد 3419/48 غير منشور :"حيث أن العقد الرابط بين الطرفين يستعمل كلمتي ملك وتجزئة للدلالة على الأرض المستخرج منها القطعة المبيعة ويستعمل كلمة قطعة المبيعة موضوع العقد، والشرط الواقف يهم بيه القطعة كاملة، والعدول عن صريح عبارة القطعة إلى المعني الذي تنفذه التجزئة أو الملك في العقد دون تعليل يكون معه القرار خارقا للفصلين 461 و462 من ق ل ع وعرة للنقض".
ثانيا : الصيغ الخاصة
وهي صيغ تهم الرد على وسيلة من الوسائل المعتمدة على سبب خرق القاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف. وسأقتصر في هذا الخصوص على بعض الحالات التي يكثر عرضها على المجلس لأن المقام لا يسع لذكر العديد منها أو معظمها.
ويمكن تقسيم هذه الصيغ إلى ثلاثة:
1-   صيغ حالة عدم ثبوت الخرق
2-   صيغ ثبوت الخرق دون الضرار.
3-   صيغ ثبوت الخرق والضرر.
1-   صيغ حالات عدم ثبوت الخرق.
في هذه الحالة تكون الوسيلة على غير أساس. أو غير مقبولة، وتختلف الصياغة من حالة لأخرى. وعلى سبيل المثال نورد الحالات كثيرة التداول التالية:
أ‌-     في حالة التمسك بخرق الفصل 334 ق م م لعدم إصدار المقرر أمرا بالتخلي لا يخلو الحال:
-      إما أن يثبت للمجلس أن الأمر بالتخلي صدره في هذه الحالة تكون الصيغة كما يلي :
"لكن حيث أن المقرر أصدر أمرا بالتخلي بتاريخ ... وبلغ للطرفين فتوصل به الطاعن بتاريخ ... حسب الثابت من ... فتكون الوسيلة خلاف الواقع " (فهي غير مقبولة).
- وإما أن يثبت للمجلس أن الأمر بالتخلي لم يصدر لأن القضية لم يجر فيها تحقيق فتكون الصيغة :"لكن حيث أن القضية لم يجر فيها تحقيق. إذا اعتبرتها المحكمة جاهزة بمجرد تقديم المستنتجات الكتابية وأدرجتها في المداولة في نطاق سلطتها المخولة لها بمقتضى الفصل 333 من ق م م ومن تم لا يصدر فيها أمر بالتخلي وتبقى الوسيلة على غير أساس".
ب- وفي حالة التمسك بخرق الفصل 342 من ق م م لعدم تحرير المقرر تقريره أو عدم تلاوته.
- إذا ثبت للمجلس وجود تقرير فإنه لا يقبل الوسيلة لمخالفتها للواقع.
- وإذا ثبت للمجلس وجوده وعدم النص على تلاوته من عدمها فالصيغة تكون:
"لكن حيث أنه بمقتضى ظهير 10/9/93 فإن تلاوة التقرير من عدمها لم تبق من مشمولات الفصل 342 من ق م م فتكون الوسيلة على غير أساس".
- ويصلح الرد المذكور في الحالة التي يكون فيها التقرير موجودا والقرار نص على إعفاء المقرر من تلاوته .. او نص على تلاوته له.. أو جمع بين عدم التلاوة والتلاوة بسبب عدم تشطيبه على الجملة غير الصالحة من المطبوع، لكن مع إضافة الجملة التالية :" ... وما أورده القرار من التنصيص على تلاوة التقرير "أو عدم تلاوته" إنما هو من قبيل التزيد الذي لا أثر له على القرار وتكون الوسيلة على غير أساس.
- وإذا ثبت للمجلس عدم وجود التقرير لعدم إجراء تحقيق تكون الصيغة كما يلي :
" لكن حيث أن القضية لم يجر فيها تحقيق وإنما اعتبرت جاهزة بعد تقديم المستنتجات الكتابية فحجزتها المحكمة للمداولة في نطاق السلطة المخولة لها بمقتضى الفصل 333 من ق م م ومن تم لا يحرر في شأنها تقرير وتبقى الوسيلة على غير أساس".
جـ- وفي حالة التمسك بخرق الفصل 345 من ق م م لعدم تلاوة التقرير يمكن إيراد الرد كما يلي :
"لكن حيث إنه إذا كان الفصل 345 من ق م م يقضي بتضمين القرار تلاوة التقرير من عدمها عند الاقتضاء فإن المقتضى القانوني الموجب لذلك هو
   
 
 


ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *