حماية
الملكية الصناعية والتجارية من المنافسة غير المشروعة
|
المقدمة :
إن الحق الفكري أو الذهني حق يتربع بدون منازع عرش كل
الحقوق ويحتل مركزا بارزا ضمن حقوق الملكية، فالإنتاج هو أوجه ما وصل إليه الإنسان بفضل ملكة العقل التي وهبها الله
تعالى له، فلهذا فمنذ أن خلق الله الإنسان فضله بالعقل على كافة مخلوقاته .
إن الهدف المنشود من وراء الابتكار هو المنفعة والفائدة
المادية، وتبعا لذلك فإن المبتكر يجد نفسه مضطرا للعمل داخل أسوار السوق التجارية
ومطالبا بأن يواكب ابتكاراته تطور الإنتاج وجدة السلع ومن ثم تأتي أعماله مطبوعة
بطابع الآلية متحددة بالتصميم المسبق للصناعة المطلوبة .
وإذا كان الإنتاج المادي يشكل عنصرا هاما في بناء الأمم
وتقدمها فإن الإنتاج الفكري لا يقل أهمية في دوره عن الإنتاج المادي حيث يتم من
خلاله إرساء الأسس لجميع صور التقدم ولهذا يعتبر حق الابتكار الصورة الفكرية أو
العلمية أو الوجدانية التي أتت بها الملكة الراسخة في نفس المبتكر مما أبدعه ولم
يسبق إليه أحد.
إن الابتكار هو انعكاس للشخصية المعنوية للمبتكر يلتصق به
دائما وأبدا ويعطي لصاحبه حقا مزدوجا ، فهو من جهة يعطي صاحبه حقا معنويا يتمثل في
الاعتراف له بالأبوة على ذلك الابتكار ، كما يعطي له من جهة أخرى حقا ماليا يتمثل
في الاعتراف له باستثمار تلك الفكرة استثمارا مشروعا .
والمغرب يعد من بين الدول التي أصدرت تشريعات قانونية
لحماية الملكية الفكرية بصفة عامة والملكية الصناعية بصفة خاصة، وقد حرص المشرع
على إجراء التحديث اللازم عليها ليواكب الاتفاقيات الدولية التي توصل إليها
المجتمع الدولي في مجال الملكية الفكرية والتي تشرف عليها المنظمة العالمية
للملكية الفكرية
وخلال السنوات الأخيرة بدل المغرب مجهودات جبارة بخصوص
مراجعة وتحديث ترسانته القانونية ولا أدل على ذلك الخاصية التي اتسمت بها الولاية
التشريعية الممتدة ما بين 1993 و 1997 ، التي عرفت عملا تشريعيا لا بأس به تمثل في
مصادقة البرلمان على عدد مهم من النصوص ذات الصلة الوثيقة بالحياة الاقتصادية
ببلادنا ، وذلك قصد بلوغ هدف يعلمه الكل وهو تجديد الاقتصاد الوطني هذه المجهودات
أدت إلى وضع قوانين جديدة يمكن ان نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر القانون
المحدث للمحاكم التجارية ومدونة التجارة الجديدة
أما فيما يخص الملكية الصناعية فقد صدر ظهير شريف رقم
19-00-1 بتاريخ 9 ذي القعدة 1420 الموافق ل15 فبراير 2000 بتنفيذ القانون رقم
97/17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية وقد تم وضع هذا القانون طبقا لمقتضيات
الاتفاق حول جوانب حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة الذي أكدت ديباجته على
ضرورة دعم الدول النامية .
هذا القانون الجديد تم إعداده مراعاة لخصوصية الواقع
الاجتماعي والاقتصادي للمغرب مسايرة للتطورات الناتجة عن تدويل المبادلات التجارية
العالمية خصوصا بعد التوقيع على الاتفاق النهائي لمفاوضات الكات بمراكش في 15
أبريل 1994 والذي تمخض عنه ميلاد المنظمة العالمية للتجارة ، وكذا دخول الاتفاق
حول جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة حيز التنفيذ ، لاسيما وأن المغرب
أصبح عضوا في هذه المنظمة المذكورة .
وقد جاء القانون رقم 97/17 ليضع حدا لتلك الازدواجية
القانونية التي كان يعرفها ميدان حماية الملكية الصناعية والمتمثلة في كل من ظهير
23 يونيو 1916 الذي كان يسري في كل أقاليم المملكة باستثناء منطقة طنجة التي كان
يسري عليها قانون 4 أكتوبر 1938 ولهذا كان من الضروري أن يصدر هذا القانون الجديد
من أجل توحيد التشريع المطبق في ميدان الملكية الصناعية وجعله ساري المفعول على
كافة أرجاء التراب الوطني .
وكما عرف المغرب ازدواجية في القوانين فإنه عرف كذلك
ازدواجا إداريا فيما يخص حماية حقوق الملكية الصناعية ويتمثل في وجود مكتبين
للملكية الصناعية الأول بمدينة الدار البيضاء والثاني بمدينة طنجة، ثم جاء القانون
الجديد للقضاء على هذه الوضعية الشاذة وذلك بإلغاء لمكتب طنجة
كل هذا لضمان حماية جيدة لحقوق الملكية الصناعية
والتجارية مما قد يصيبها من منافسة غير مشروعة وغيرها.
وعليه ومن خلال الأهمية التي تحتلها الملكية الصناعية
والتجارية في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحماية الملكية الصناعية تتجلى لنا
أهمية الموضوع القانونية والاقتصادية والاجتماعية الأمر الذي يدعونا إلى إبراز
أسباب مبررات اختياره من جهة وطرح الإشكالات التي يثيرها من جهة أخرى.
ففي ما يخص الأهمية فموضوع حماية الملكية الصناعية
والتجارية من المنافسة غير المشروعة يعد دعامة من الدعائم القانونية الأساسية التي
تعمل على تشجيع الابتكار والإبداع مما يسمح بعقد صفقات تجارية وصناعية والمساهمة
في تنشيط وتنمية الاقتصاد الوطني وإنعاش الاستثمار كما أن هذه الحماية توفر
للمبتكر ضمانة قانونية تشجعهم على عملهم الابتكاري وللإبداع فيه وفي ما يخص أسباب
اختيار الموضوع فهي :
المستجدات التي جاء بها قانون رقم 97/17
أما فيما يخص الإشكالات التي يرثيها هذا الموضوع فتتجلى
في :
1-ما هي
أنواع المبتكرات التي يمكن حمايتها ؟
2-ما هو
نطاق حماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية ؟
3-ما هو
موقف القضاء المغربي من هذه الحماية ؟
لمعالجة هذا الموضوع يقتضي تقسيمه إلى فصلين نخصص ( الفصل
الأول) لأقسام الملكية الصناعية والتجارية الخصائص والاجتهادات القضائية أما
(الفصل الثاني) سنخصصه للمنافسة غير المشروعة .
لقد أصبح من الضروري تسليط الأضواء على أحد فروع الملكية
الفكرية ، نظرا لأهميتها بالنسبة للمخترع والباحث، ويتعلق الأمر بالملكية الصناعية
والتجارية ومحتوياتها وأقسامها. وما تتضمنه من حقوق وواجبات ومعلومات أخرى ضمن
إطارها القانوني في ضوء ما جاء به القانون الجديد رقم 97/17 الصادر في 15 فبراير
2000 . الذي جاء ليضع حدا لتلك الازدواجية القانونية التي كان يعرفها ميدان حماية
الملكية الصناعية والتجارية . لذا يتوجب الوقوف عليه نظرا لما تشكله الملكية
الصناعية والتجارية من أهمية بالغة كأداة فعالة للتطور العلمي والتقني وعاملا
كبيرا للتقدم الاقتصادي الهادف إلى خلق مناخ مناسب لاستثمار والرواج الصناعي والتجاري
، خصوصا بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو.
ولقد أصبح من بين معايير تحديد قوة الدولة الاعتماد على
مقدار ما تملكه من إبداعات وابتكارات فالتفاوت في امتلاك هذه الحقوق بين الدول
يترتب عليه تفاوت شديد في درجة الإنتاج وجودته ومستوى الدخل الوطني وكذا مستوى
معيشة الفرد.
بالإضافة إلى ما تكتسيه الاجتهادات القضائية الصادرة في
مجال حقوق الملكية الصناعية والتجارية في تحليل وتفسير وما وضعه المشرع من قوانين
حتى تواكب مسيرته وتكون هي أيضا في قلب الحدث وأيضا لمعرفة أنواع النزاعات
المتعلقة بحقوق الملكية الصناعية والتجارية ومعرفة موقف القضاء منها
ولهذا سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين نخصص ( المبحث الأول)
لمعرفة أقسام الملكية الصناعية والتجارية والخصائص المميزة لها بينما نخصص (المبحث
الثاني) للوقوف على بعض الاجتهادات القضائية
المبحث الأول : أقسام الملكية الصناعية والتجارية
والخصائص المميزة لها
يقصد بالملكية الصناعية والتجارية الحقوق المختلفة التي
تكون ثمرة النشاط الإبداعي الخلاق للفرد في مجال الصناعة والتجارة، وهي تخول
لصاحبها سلطة مباشرة على اختراعه ، أو محل حقه للتصرف فيه بكل حرية وإمكانية
مواجهة الغير بها ، وهي لا ترد على أشياء مادية بل ترد على إبداع أو ابتكار أو ما
يسمى بالمنقولات المعنوية ، كما أنها مؤقتة ومحددة بزمن منصوص عليه في القانون حسب
كل بلد من البلدان وتشريعاته ، ولأجل اكتسابها لابد من توفر الشروط المتطلبة
قانونا ، ويترتب على ذلك آثار مهمة
ولتوضيح كل ما سبق سيتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص
(المطلب الأول) لنطاق حقوق الملكية الصناعية والتجارية والشروط العامة المتعلقة
بكل قسم منها ( والمطلب الثاني) لآثار اكتساب حقوق الملكية الصناعية والتجارية.
المطلب الأول : نطاق حقوق الملكية الصناعية والتجارية
وشروطها
العامة
تنقسم الملكية الصناعية والتجارية في شموليتها إلى أربعة
أقسام يختلف بعضها عن البعض الآخر في عدة أوجه سواء في موضوعها أو شكلها أو شروطها
وذلك كما يلي : فهناك براءة الاختراع ( الفقرة الأولى) والرسوم والنماذج الصناعية
( الفقرة الثانية ) والعلامة التجارية ( الفقرة الثالثة ) والاسم التجاري ( الفقرة
الرابعة )
الفقرة الأولى : براءة الاختراع
براءة الاختراع هي كل اكتشاف أو اختراع في جميع أنواع
الصناعات يخول لصاحبه بالشروط والمدة المحددة فيها الحق دون سواه في استغلال
الاكتشاف أو الاختراع المذكور.ويستمد هذا الحق أساسه من التسجيل بصفة قانونية في
مكتب الملكية الصناعية الذي يمنح بموجبه شهادة تسمى براءة الاختراع ، ويرتبط هذا
الاختراع أو ذلك الاكتشاف ارتباطا وطيدا بالصناعة وأنواعها ويقصد بذلك الفروع التي
تتولد عنها في تطبيقاتها كالصناعات الفلاحية والميكانيكية وكذا صناعة الآلات
الكهربائية سواء أكانت المنتوجات طبيعية أو مصنوعة. وقد عرف المشرع المغربي براءة
الاختراع في المادة القانون رقم 97/17 الصادر بمقتضى ظهير 15 فبراير 2000 المتعلق
بحماية الملكية الصناعية بأنه " يمكن أن يكون كل اختراع محل سند ملكية صناعية
مسلم من الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية ويخول السند المذكور صاحبه أو ذوي حقوقه
حقا استئثاريا لاستغلال الاختراع ويملك الحق في سند الملكية الصناعية المخترع أو
ذوي حقوقه
كما عرف المشرع الأردني براءة الاختراع في الفقرة الخامسة
من المادة الثانية من قانون براءة الاختراع الأردني بأن البراءة هي الشهادة
الممنوحة لحماية الاختراع" .
إن براءة الاختراع تؤدي إلى التقدم في الفن الصناعي للدول
المهتمة بهذا المجال وفي هذا الإطار يكون للبراءة أثر كبير على الإنتاج والتجارة
الداخلية الخارجية وميزان المدفوعات ، كما ترتب علاقات اقتصادية جديدة وتقيم حدود
المنافسة المشروعة وتقر ما هو حق وما هو واجب في مجال الابتكار والإبداع .
كما تتجلى حماية براءة الاختراع من طرف المشرع في نقل
التكنولوجيا للدول النامية ولها تأثير واسع على الاستثمارات التجارية وكذا على
تنشيط البحوث داخل المؤسسات التشريعية والصناعية . ففي هذا الميدان هناك بحث أجري
سنة 1985 من طرف مؤسسة ( IFO) ولجنة
الجماعات الأوروبية والمكتب الأوروبي لبراءة الاختراع ، حددت فيه أهمية البراءة في
مجال الاختراعات بحيث قامت هذه المؤسسات باستجواب واضعي طلبات الحصول على براءة
لمعرفة الأسباب الرئيسية التي تدفعهم إلى تقديم هذه الطلبات وكان وفق هذه
الإحصائيات أن هاجس الحصول على السبق في المجال التقني هو الحفاظ على المدى البعيد
على الأسواق الخارجية المهمة ثم أخيرا حماية الاستثمارات وذلك بالنظر إلى ترويج
هذه البراءة .
ف 45 % من واضعي طلبات الحصول على براءة الاختراع يعتبرون
هذه البراءة سلاحا قويا للحد من الأخطار المحدقة بالاستثمارات ، كما تمثل هذه
البراءات وسيلة فعالة للحيلولة دون المنافسة غير المشروعة.
ولكي تمنح براءة الاختراع لابد أن يكون هناك ثمة ابتكار
أو اختراع ، بحيث يؤدي إلى ابتداع وخلق وسائل جديدة لتخطي العقبات التي تقوم في
الصناعة وتؤدي أيضا إلى التقدم في الفن الصناعي . وأيضا أن يكون هذا الاختراع
جديدا والمشرع أخذ بمبدأ الجدة النسبية من حيث الزمان والمكان. ولذا يعتبر
الاختراع جديدا من حيث الزمان إذا لم يتوصل إليه أحد قبل تقديم طلب البراءة بعشرين
عاما ويعتبر جديدا من حيث المكان إذا توصل إليه في المغرب دون غيره .
وأيضا ضرورة أن يكون الاختراع قابلا للاستغلال الصناعي،
لكون هذه البراءة تخول صاحبها الحق في احتكار واستغلال اختراعه فيحب أن يكون
الاختراع قابلا للتنفيذ الصناعي.
وأخيرا أن يكون الاختراع مشروعا، حيث لا تمنح البراءة عن
الاختراعات التي ينشأ عن استغلالها إخلال بالآداب والنظام العام مثل : اختراع آلات
اللعب القمار أو آلات فتح الخزائن الحديدية
الفقرة الثانية : الرسوم والنماذج الصناعية
تعتبر الرسوم والنماذج الصناعية إلى جانب براءة الاختراع
تطبيق من تطبيقات الملكية الصناعية المستمدة من الابتكارات والمعارف التي يتوصل
إليها الإنسان في المجال الصناعي.
وهي مبتكرات جديدة كذلك ، إلا أنها تتعلق بشكل المنتجات
وليس بمضمونها والرسوم هي الأشكال الفنية والزخارف والصور التي توضع على المنتوج،
أما النماذج فهو التصميم أو القالب الذي يظهر فيه المنتوج .
وقد عرف القانون رقم 97/17 المتعلق بحماية الملكية
الصناعية، الرسوم والنماذج الصناعية في المادة 104 " يعتبر رسما صناعيا حسب
مدلول هذا القانون كل تجميع للخطوط أو الألوان ، ويعد نموذجا صناعيا كل صورة
تشكيلية تخالطها أو لا تخالطها خطوط وألوان بشرط أن يعطي التجميع أو الصورة
المذكورة مظهرا خاصا لأحد المنتجات الصناعية أو الحرفية وان يأتي استخدامه نموذج
لصنع منتوج صناعي أو حرفي "
وليكون الرسم أو النموذج الصناعي متمتعا بالحماية
القانونية ، لابد أن تتوفر فيه شرط الجدة، أي لم يسبق أن نشر أو استعمل قبل تاريخ
إيداعه ، يعني لم يطلع عليه الناس . كما تنص على ذلك الفقرة الأولى من المادة 105
من القانون رقم 97/17 سواء داخل المغرب أو خارجه. إلا أن هناك حالات لا يتم
الاعتداد فيها باطلاع الجمهور على الرسوم والنماذج الصناعية المطلوب عنه شهادة
التسجيل وذلك أن الرسم أو النموذج الصناعي لا يفقد جدته عند إطلاعه الجمهور عليه
عند تقديمه للمرة الأولى من خلال الستة اشهر السابقة لتاريخ إيداعه في معرض دولي
رسمي أو معترف به رسميا منظما بأحد بلدان الاتحاد الدولي للملكية الصناعية. ذلك ما
نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 105 من القانون رقم 97/17 . والسبب في ذلك أن
الرسوم والنماذج الصناعية المقدمة للمرة الأولى في معرض من هذا القبيل تستفيد من
حماية مؤقتة طبقا لأحكام المادة 186 من القانون قم 97/17 المتعلق بحماية الملكية
الصناعية .
ويشترط كذلك في هذا الرسم أو النموذج الصناعي أن يكون
قابلا للاستخدام الصناعي أي أن يكون قابلا للاستخدام كنموذج لصنع منتوج صناعي أو
حرفي .
وأن أهم ما يميز الرسوم والنماذج الصناعية على الرسوم
والنماذج الفنية هو الاستخدام الصناعي، فإذا لم يصلح له الرسم أو النموذج الصناعي
فإنه لا يعد رسما صناعيا ولا يقبل الحماية القانونية وضرورة أن يكون هذا الرسم أو
النموذج الصناعي مشروعا، أي أن يكون غير مخالف للنظام العام أو الأخلاق العامة،
وقد عبر على ذلك المشرع في المادة 113 من قانون رقم 97/17 التي تنص على أنه لا
يستفيد من الحماية المقررة في هذا القانون الرسوم والنماذج الصناعية التي تمثل
الصور والشارات والمختصرات والتسميات والأوسمة والشعارات المنصوص عليها في المادة
155، وفي هذه الحالة لا يكون استعمالها مشروعا إلا إذا منحت السلطات المختصة إذنا
بذلك .
وتطبق فكرة النظام العام أو الآداب العامة في مفهومها
الذي يتماشى وهاجس حماية المصلحة الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية للمجتمع
والأفراد ، وفي هذه الحالة يمكن للمسؤول عن التسجيل في المكتب المغربي للملكية
الصناعية والتجارية ، أن يرفض طلب تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي لكون موضوعا
مخالفا للنظام العام.
كما لا يمكن لأي شخص معني بالأمر، في حالة منح شهادة
تسجيل رسم أو نموذج صناعي أن يطلب من المحكمة المختصة ببطلان هذه الشهادة بالشطب
أو الإلغاء .
ولا يمكن لأي كان أن يستعمل هذا الرسم أو النموذج إلا
بإذن صاحبه وإلا وقعت عليه العقوبة الزجرية التي قررها المشرع في المادة 221 من
القانون رقم 97/17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية .
الفقرة الثالثة: العلامة التجارية
العلامة الصناعية أو التجارية هي التسمية أو الشارة التي
يعطيها الصانع لمنتوجه، أو التاجر للسلعة التي يسوقها ، وذلك لتمييزها عن المنتجات
والسلع المماثلة لها، بحيث تصبح مع مرور الوقت دليلا على السلعة المماثلة .
وهناك أشخاص آخرين ليسوا تجارا ولا صناعا بالمفهوم العادي
ولكنهم يقومون بنشاط اقتصادي لا يقل أهمية عن التجارة أو الصناعة، إنهم أصحاب
الخدمات كالأبناك وشركات التأمين ومقاولات النقل ومكاتب الدراسات والفنادق ، هذه
مؤسسات كلها تقوم بأعمال تجارية وتتخذ لها علامة تميزها عن المؤسسات التي تقوم
بنفس النشاط. وهذه العلامات تسمى بعلامات الخدمة. وقد عرف القانون رقم 97/17
المتعلق بالملكية الصناعية في المادة 133 علامة الصنع أو التجارة أو الخدمة بأنها
كل شارة قابلة للتجسيد الخطي تمكن من تمييز منتجات أو خدمات شخص طبيعي أو معنوي.
ويمكن أن تكون عبارة عن تسمية أو شعار، أو خاتم، أو نقش،
أو أرقام، أو غير ذلك، ويمكن أن تستمد من اسم المنتج نفسه، وحسب الفصل 133 من
القانون رقم 97/17 يشترط في العلامة التجارية :
1-أن تكون
في شكل شارة، وقد تتخذ هذه الشارة عدة أشكال لا يمكن تصور حصر لها على أن المشرع
وضع لائحة لها على سبيل المثال في الفقرة الأولى من المادة 133 من القانون رقم
97/17 التي جاء فيها أن الشارة تعتبر بوجه خاص تلك التسميات ، الكلمات، الأسماء
العائلية والجغرافية والحروف والأرقام، وكذلك الشارات التصويرية مثل الرسوم
واللصائق والطوابع والأبعاد الثلاثية والشعارات المرسومة والصور المركبة .
2-ويجب أن
تكون هذه الشارة قابلة للتجسيد الخطي لتعتبر علامة، أي يجب أن يتم تجسيد الشارة
خطيا لكي تعتبر علامة صنع أو تجارة، ويكون ذلك بكتابتها أو تصويرها على أية دعامة
من الدعامات التي يمكن إجراء الكتابة والرسم عليها .
حيث إذا كانت الشارة لا تقبل التجسيد الخطي ، كما لو كان
لها طابع شفوي فقط، فإنها لا تعد علامة صنع أو تجارة أو خدمة، لأنها لا تكون
موضوعا للتسجيل لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، لأن التسجيل يتطلب
مستنسخ لنموذج العلامة المراد حمايتها.
3-أن يكون
للشارة طابع مميز، أي تسمح الشارة بتميز منتج أو خدمة لشخص طبيعي أو معنوي معين من
المنتجات أو الخدمات من نفس النوع المقدمة من طرف أشخاص آخرين منافسين. ويمكن أن
تتوفر للشارة طابع مميز لكي تصلح كعلامة صنع أو تجارة أو خدمة كلما كانت متسمة
بخاصية الإبداع والجدة .
4-أن تكون
الشارة مشروعة لكي تشكل وعاء لعلامة الصنع أو التجارة أو الخدمة ، أي أن لا تكون
هذه الشارة تمثل كلمات أو رسوم أو رموز يمنع القانون استعمالها في العلامات ، أو
يوقف استعمالها على ضرورة حصول إذن من السلطات المختصة، أو أن تكون ماسة بحقوق
سابقة أو منافية للنظام العام أو للآداب العامة، أو من شأنها مغالطة الجمهور في
طبيعة المنتج أو الخدمة أو جودتها أو مصدرها الجغرافي هذه الحالات تطرقت إليها
المادة 135 من القانون رقم 97 / 17.
وحتى تتمتع علامة الصنع أو التجارة بالحماية القانونية
يجب إيداعها في المكتب المغربي للملكية الصناعية وفي حالة الإيداع والشهر
والتسجيل، وفقا للشروط القانونية تعتبر ملكا لصاحبها ويمنع على أي كان استعمالها
بدون إذن تحت طائلة توقيع جزاءات زجرية .
فبعد توصل المكتب المغربي للملكية الصناعية بطلبات العلامات
و ... يراقب ما إذا كانت هذه الطلبات مطابقة من حيث الشكليات للقرار الوزيري
المؤرخ في 21/02/1917 كما يراقب من جهة أخرى ما إذا كان الرمز المختار كعلامة غير
متناقض مع مقتضيات الفصل 75 من ظهير 1916.
وفي جميع الأحوال يراقب المكتب عدم مخالفة مواضيع الطلبات
النظام العام والآداب والأخلاق الحميدة ثم بعد ذلك يعمل على تسجيل الإيداع ويعطيه
رقما تسلسليا مميزا ويدينه بساعة وتاريخ وضعه .
الفقرة الرابعة : الاسم التجاري
عرف المشرع المغربي في المادة 177 من القانون 97/17
المتعلق بحماية الملكية الصناعية الاسم التجاري بأنه تلك التسمية أو الشارة
المميزة التي يستغل بها منشأة من المنشآت ، أما الاسم التجاري المخل بالآداب
العامة أو النظام العام أو الذي يضلل الناس فيما يخص طبيعة المنشأ ( المادة 178 من
القانون أعلاه) فلا يعتبر اسما تجاريا يحميه القانون إذا اتخذ اسم صحابي أو أخذ الأولياء
أو ملوك المغرب وفقهائه المعروفين ، اسما تجاريا لمؤسسة تتجر في الخمور مثلا، لما
فيه من مقدسات المواطنين ، وحتى لو كانت المؤسسة يملكها غير المسلمين ، لأن الذي
يحدد النظام العام أو الآداب العامة هو مكان المؤسسة الأجنبية ، لا جنسية أو دين
مالكها، ويمنع دخول البضائع التي تصنعها وتتجر فيها المؤسسة التي تحمل اسما تجاريا
مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة إلى المغرب.
إن الاسم التجاري يبقى هو تلك التسمية التي يستعملها
التاجر شخصا طبيعيا كان أو شركة في نشاطه التجاري من أجل جلب الزبناء إليه وتحقيق
تفرد أصله التجاري ، وفيما يخص التاجر الشخص الطبيعي فإنه يستغل أصله التجاري تحت
اسم تجاري مشتق من اسمه الشخصي العائلي أو تسمية معينة .
ولقد أحاط المشرع الاسم التجاري بحماية هامة، تتمثل في
احتكار التاجر لهذا الاسم بعدما يقوم بتقييده في السجل التجاري وإشهاره في إحدى الجرائد
المخول لها نشر الإعلانات القانونية ، إلا أن عدم استعمال التاجر لذلك الاسم يؤدي
إلى سقوط الامتياز من حسب المادة 73 من مدونة التجارة التي نصت على أنه :"
يفقد الامتياز المترتب عن تقييد كل شخص لم يستعمل اسما تجاريا أو عنوانا تجاريا
وتسمية تجارية أكثر من 3 سنوات تبتدئ من تاريخ التقييد في السجلات أو أوقف ذلك
الاستعمال منذ أكثر من 3 سنوات، ويمكن النطق بتشطيب هذا التقييد من طرف المحكمة
بناءا على طلب كل ذي مصلحة ويشار إلى هذا التشطيب بهامش التقييد ويعطي به إشعار
لمصلحة السجل التجاري المركزي قصد تضمين نفس البيان في السجل المركزي".
هكذا عند تقييد الاسم التجاري في السجل التجاري فإنه يدخل
في تكوين الأصل التجاري باعتباره عنصرا من عناصره المعنوية ، ومن ثم يستفيد صاحبه
من الحماية القانونية ضد أي تقليد يقوم به تاجر آخر، وذلك باستعمال نفس الاسم
التجاري.
المطلب الثاني : آثار اكتساب الملكية الصناعية والتجارية
تخول هذه الملكية أصحابها حق استثمار مبتكراتهم بجميع
الطرق القانونية التي يرونها مناسبة كما تضع على علاماتهم التزامات معينة لا يمكن
التهرب منها
وعليه سنحاول التطرق إلى الحقوق المترتبة على اكتساب
الملكية الصناعية والتجارية ( فقرة أولى ) وكذا الالتزامات المترتبة على ذلك (
فقرة ثانية )
الفقرة الأولى : الحقوق المترتبة على اكتساب الملكية
الصناعية والتجارية
تعتبر حقوق الملكية الصناعية والتجارية حقوقا معنوية ذات
طابع اقتصادي ، تمنح أصحابها أو ذوي حقوقهم مجموعة من الحقوق طيلة مدة حمايتها
وتتجلى هذه الحقوق في حق الاستغلال ( أو لا) وحق التصرف ( ثانيا(
أولا: حق الاستغلال : لقد خول القانون رقم 97/17 المتعلقة بحماية الملكية
الصناعية لأصحاب هذه الحقوق أو ذوي حقوقهم الحق باستئثاري في استغلال مبتكراتهم
موضوع سندات الملكية الصناعية الممنوحة من طرف المكتب المغربي لحماية الملكية
الصناعية والتجارية. وفي هذا الصدد نص المشرع في المادة 51 من القانون رقم 97/17
على أن :" تسري الآثار المرتبطة بطلب براءة اختراع من تاريخ إيداع طلب
البراءة وتخول لأصحابها أو ذوي حقوقهم حق الاستغلال الاستئثاري المنصوص عليه في
الفقرة الأولى من المادة 16 أعلاه " وقد أشارت كذلك المادة 123 من القانون رقم
97/17 على أن :" يكون لكل من يبدع رسما أو نموذجا صناعيا أو لذوي حقوقه حق
استغلال استئثاري للرسم أو النموذج الصناعي المذكور".
ويقصد بالحق الاستئثاري في استغلال هذه الحقوق الاستفادة
منها ماليا بالطرق والوسائل المشروعة التي يراها أصحاب سندات الملكية الصناعية
صالحة لذلك ، كاحتكار صناعة المنتجات وبيعها وعرضها للبيع وتصديرها . وكذا احتكار
تطبيق الطريقة الصناعية موضوع سندات الملكية الصناعية أو أي طريق آخر من طرق
استغلال الممكنة ولا يقيدهم في ذلك سوى أن يكون استغلالهم مشروعا . ويؤخذ مصطلح
الاستغلال هنا في أو سع مفهوم له، إذ يشمل مختلف الميادين التي تسمح باستغلال
المبتكرات من صناعة وتجارة .
إلا أن هذا الحق في الاستغلال لا يدوم إلى مالا نهاية، بل
ان ذلك الحق محدد زمانا ومكانا أي أنه حق نسبي من حيث الزمان وحق نسبي من حيث
المكان.
1- من حيث الزمان :
لقد حدد المشرع المغربي النطاق الزمني للحق الاستئثاري في
الاستغلال وهي محددة في 20 سنة بالنسبة لبراءة الاختراع تبتدئ من تاريخ إيداع
الطلب الرامي إلى الحصول على مدة البراءة لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية
والتجارية ، وهذا ما نصت عليه المادة17 من القانون رقم 97 /17.
أما بالنسبة للرسوم والنماذج الصناعية فإن الحق
الاستئثاري في استغلالها يسقط بمرور مدة محددة في 15 سنة بحيث نص المشرع في فقرته
الأولى من المادة 122 من القانون رقم 97/17 على أن تسري أثار تسجيل الرسم والنموذج
الصناعي طوال خمس سنوات من تاريخ الإيداع ويمكن تجديده وفق نفس الإجراءات والشروط
المنصوص عليها في الفصل الثالث من هذا الباب لفترتين جديدتين متتاليتين من 5 سنوات
ويجب أن يتم تجديد التسجيل خلال 6 أشهر قبل انصرام مدة صلاحيته"
وبعد مرور هذه المدة تصبح ملكا شائعا مباحا للجميع، ويجوز
بذلك لكل شخص استغلالها في صناعته وتجارته دون أن يتابع بدعوى المنافسة غير
المشروعة.
2- من حيث المكان :
يتحدد حق أصحاب الملكية الصناعية والتجارية في احتكار
استغلال
مبتكراتهم في نطاق الدولة التي أصدرت سندات الملكية
الصناعية، مما يفيد أن قرار منح هذه السندات المسلمة من طرف المكتب المغربي
للملكية الصناعية أو التجارية يترتب عليه آثاره القانونية، وتكون له حجية في جميع
أنحاء المملكة المغربية، دون أن يمتد إلى خارجها ما لم يكن أصحابها قد قاموا
بحماية مبتكراتهم على المستوى الدولي، وذلك عن طريق سلوك إجراءات التسجيل الدولي
وفقا لاتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية أما أصحاب الحق الاستئثاري في
الاستغلال هم المبتكرون أو ذوو حقوقهم وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة
16 والمادة 95 من القانون رقم 97/17.
ثانيا حق التصرف :
الحق في ملكية حقوق الملكية الصناعية والتجارية من الحقوق
المالية التي يدخل في نطاق الذمة المالية لأصحابها. وإذا كان الأصل أن أصحاب سندات
الملكية الصناعية يمارسون شخصيا ومباشرة حقهم في استثمار مبتكراتهم ، فقد يسمح لهم
أن يتصرفوا في هذا الحق لصالح الغير.
إلا أن تدخل الغير يختلف حسب طبيعة العملية التي أدت إلى
انتقال الحق ومن ثم ينتقل هذا الحق بسبب الوفاة بطريق الميراث أو الوصية كما أنه
يجوز التصرف في هذه الحقوق بالبيع أو الهبة أو الرهن أو منح الغير ترخيصا
باستغلالها ( المادة 56 والمادة 125 من القانون رقم 97/17)
وعليه سندرس التصرفات الناقلة للملكية ثم التصرفات غير
الناقلة للملكية .
+التصرفات
الناقلة للملكية :
تكون إما بالتنازل بعوض أو التنازل بدون عوض :
الحالة الأولى: التنازل بعوض :
التنازل بعوض هو بيع حقيقي تسري عليه أحكام البيع . ولقد
عرف المشرع المغربي حق البيع في الفصل 478 من ق ل ع بأنه :" عقد بمقتضاه ينقل
أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق مقابل ثمن يلزم الأخير بدفعه له " إذن
نلاحظ أن البيع لا يقتصر على الأشياء المادية بل إنه يشمل كذلك الحقوق المالية .
ويجب أن يخضع عقد بيع المبتكرات إلى شروط موضوعية وأخرى
شكلية وإلا اعتبر البيع غير صحيح. ونعلم أن الشروط الموضوعية هي نفسها المتطلبة في
سائر العقود الأخرى، والتي هي الأهلية والرضى والمحل والسبب . أما الشكلية فتتمثل
في شرط الكتابة والتسجيل فبالنسبة لشرط الكتابة فإن المشرع المغربي اعتبر شرط
الكتابة من شروط الانعقاد بالنسبة لكافة حقوق الملكية الصناعية ( المادة 560
والمادة 125)
أما بالنسبة للتسجيل فإن بيع المبتكرات لا يكون نافدا بين
الطرفين ولا حجة على الغير إلا إذا تم تسجيل العقد الذي وقع بموجبه هذا البيع في
السجلات الوطنية الخاصة بذلك وذلك تطبيقا لأحكام كل من الفقرة الأولى من المادة 58
من القانون رقم 97/17 التي نصت على أن "جميع العقود التي تنقل أو تغير
بموجبها الحقوق المرتبطة بطلب براءة أو ببراءة أو تؤثر فيها، يجب أن تضمن في سجل
يسمى ( السجل الوطني للبراءات ) تمسكه الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية كي يتأتى
الاحتجاج بها على الغير" وكذا الفقرة الأولى من المادة 126 التي نصت على أن
جميع العقود التي تنقل أو تغير بموجبها الحقوق المرتبطة برسم أو نموذج صناعي أو
تؤثر فيها، يجب أن تضمن في سجل يسمى السجل الوطني للرسوم والنماذج الصناعية تمسكه
الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية يتأتى الاحتجاج بها على الغير "
ويترتب على بيع المبتكرات حقوق وواجبات : فحقوق المشتري
تتمثل في انتقال الملكية إليه واستغلالها وإدخال التحسينات عليها كلما دعت الضرورة
. أما التزاماته فهي الالتزام بأداء الثمن، والالتزام بتسلم المبتكرات في الزمان
والمكان المتفق عليهما.
أما التزامات البائع فهي الالتزام بالتسليم والالتزام
بضمان العيوب
الحالة الثانية :التنازل بدون عوض :
يجوز التنازل بدون عوض عن حقوق الملكية الصناعية وذلك عن
طريق الإرث أو الوصية أو الهبة
+التصرفات
غير الناقلة للملكية :
وهي الرهن والترخيص باستغلال حقوق الملكية
1- الرهن :
يستطيع أصحاب الملكية الصناعية والتجارية الحصول على قروض
إذا وضعوا سندات الملكية الصناعية كضمانة عن طريق رهنها. لان هذه الحقوق تعتبر
منقولات معنوية يجوز رهنها. لأن المنقولات سواء كانت مادية أو معنوية تخضع لعملية
الرهن وبالرجوع إلى القواعد العامة الخاصة برهن المنقولات نجدها تخضع إلى الرهن
الحيازي . لكن بالنسبة للمبتكرات لا يؤدي رهناه إلى نقل حيازتها إلى الدائن
المرتهن، وإنما فقط حقه في الحصول على شهادة تثبت حقه في الرهن، لأن حقوق الملكية
الصناعية والتجارية تعد أحد عناصر الإنتاج وحيازتها يؤدي إلى حرمان أصحابها من
الاستغلال وعرقلة أعمالهم مما سيؤدي إلى عجزهم عن تسديد ديونهم الموثقة بالرهن.
وهذا الرهن يخضع لنفس الشروط المتطلبة في أي عقد رهن آخر.
وتكون مدة الرهن محددة في العقد، حيث لا يجوز أن تزيد على
المدة المتبقية من مدة سندات الملكية الصناعية الخاصة بالمبتكرات
ويخول عقد رهن المبتكرات للدائن المرتهن عدة حقوق تتجلى
في استيفاء دينه من قيمته بالأولية على بقية الدائنين أو تقرير الأفضلية حسب تاريخ
تسجيل الرهن في السجلات الوطنية الخاصة بالمبتكرات التي يمسكها المكتب الوطني
للملكية الصناعية والتجارية . كما يخول عقد الرهن للدائن المرتهن حق تتبع
المبتكرات ولو كانت بيد شخص ثالث ، كما يخوله الحق في بيعها بالمزاد العلني عن
طريق القضاء في حالة ما إذا امتنع المدين عن الوفاء .
2- الترخيص باستغلال حقوق الملكية :
لقد ترتب على ظهور الملكية الصناعية والتجارية، وقيام
الثورة الصناعية مند النصف الأخير من القرن19 ، حدوث تغيرات اقتصادية هائلة ، إذ
تدفق الإنتاج واتسعت الحركة التجارية الداخلية والخارجية ، وظهور علاقات اقتصادية
جديدة استلزمت قيام أنظمة قانونية مستحدثة .
وأمام هذه الحركية وما واكبها من تطورات شملت ميدان
الملكية الصناعية والاعتراف بالصفة المعنوية لبعض الأموال المنقولة ظهر عقد
الترخيص باستغلال حقوق الملكية الصناعية الذي يعتبر من العقود الحديثة التي ظهرت
عندما استقرت في الأذهان فكرة ملكية الابتكارات كمنقول معنوي .
وبذلك يجوز أن مستعمل حقوق الملكية الصناعية غير مالكها .
وعقد الترخيص باستغلال المبتكرات هو عقد بمقتضاه يلتزم
أصحاب سندات الملكية الصناعية الخاصة بهذه المبتكرات بمنح إجازة باستغلالها للمرخص
لهم في إقليم معين أو عدة أقاليم مقابل التزام هؤلاء بدفع عوض بالكيفية المحددة في
العقد.
وأهم خصائص عقد الترخيص أنه عقد غير قابل لنقل الملكية،
فتبقى الملكية في ذمة المرخص ويقتصر أثر عقد الترخيص على أن المرخص يمنح المرخص له
حقا شخصيا باستعمال المبتكرات. ومن هنا يتبين لنا بأن عقد الترخيص يغلب عليه
الطابع الشخصي الذي يهيمن على عقد الامتياز بصفة عامة. إذ أن أصحاب المبتكرات
يمنحون الترخيص باستغلال هذه المبتكرات إلى شخص معين لاعتبارات تتعلق بالكفاءة
الفنية والتجارية والثقة المالية في شخص المرخص له .
الفقرة الثانية: الالتزامات المترتبة على اكتساب الملكية
الصناعية
والتجارية
إن ملكية أصحاب المبتكرات هي ملكية من نوع خاص تمثل في
حقيقتها وظيفة اجتماعية واقتصادية . فإذا كانت ملكية سندات الملكية الصناعية
الممنوحة من طرف المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية تخول أصحابها عدة
حقوق، فإنها تترتب عليها أيضا عدة التزامات في ذمة أصحابها وهي تتجلى في التزامهم
بدفع الرسوم المقررة عند طلب الحصول على سندات الملكية الصناعية. وإلزامهم
باستغلال المبتكرات فعلا حتى يستفيد المجتمع بأسره من هذه المبتكرات خلال المدة
القانونية . وإلا جاز للجهة الإدارية المختصة منح ترخيص إجباري للغير من أجل
استغلالها .
أولا : الالتزام بدفع الرسوم :
إن الالتزام بدفع الرسوم هو مقابل الخدمة والحماية التي
تسبغها الدولة على المبتكرات ، على أن السبب الحقيقي لهذا الالتزام هو أن من شأنه
استبعاد المبتكرات التافهة حتى لا تكون عائقا للصناعة . وهكذا نجد المشرع المغربي
في الفقرة الأولى من المادة 82 من القانون رقم 97/17 على أنه :" يتعرض صاحب
البراءة لسقوط حقوقه إذا لم يدفع الرسوم المستحقة داخل الآجال المقررة للإبقاء على
سريان العمل بها "
وفي المادة 122 من القانون رقم 97/17 أيضا
وإذا كان مقدم طلب الحصول على سندات الملكية الصناعية
يلزم بدفع رسوم معينة عند تقديم الطلب تشمل رسم الإيداع ورسم النشر فإنه يكون
ملتزما كذلك بدفع رسوم تصاعدية. إذ أن الرسم ترتفع قيمته كل سنة عن الرسوم السابقة
أو ترتفع عدد كل تجديد، ولعل السبب الرئيسي يكمن في أن المشرع أخذ بعين الاعتبار
وضعية المبتكر المالية . ولذا ألزمه بدفع رسوم ضئيلة في السنوات الأولى نظرا لكثرة
المصاريف التي أنفقها من أجل إتمام ابتكاره
ثانيا : الالتزام باستغلال الابتكار
يشكل الالتزام بالاستغلال الوسيلة القانونية التي لجأت
إليها أغلب التشريعات الوطنية لضمان استغلال المبتكرات ، بحيث يعد هذا الالتزام
المظهر الذي يتجسد من خلاله الدور الاقتصادي لنظام الملكية الصناعية والتجارية .
ولهذا يلتزم أصحاب هذه الملكية باستغلال حقوقهم لا فائدة المجتمع من المزايا التي
تحققها الابتكارات . ويعتبر التزام أصحاب سندات الملكية الصناعية الممنوحة لهم من
أجل استغلال مبتكراتهم هو المقابل الذي تنتظره الجماعة نظير منحهم الحق الاستئثاري
في استغلال مبتكراتهم خلال المدة القانونية التي حددها القانون رقم 97/17 . لأن استغلال
يؤدي حتما إلى ازدهار وتشجيع التقدم الصناعي ، وتسهيل سبل الحياة ورقع مستواها.
فلا جدوى من سندات الملكية الصناعية التي تمنح لأصحابها دون أن يقوموا فعلا
باستثمارها، لأن ذلك يكون عائقا يقف في وجه التقدم.
فإذا لم يقم أصحابها باستغلالها نهائيا أو طوال مدة معينة
أصبح من اللازم أن تتدخل الدولة، وتمكن غيرهم بالقيام باستغلالها
وقد تطرق المشرع المغربي في القانون رقم 97/17 إلى
العمليات القانونية التي تفرض على المبتكرات دون إرادة أصحابها، وهي تتجلى في كل
من التراخيص الإجبارية والتراخيص التلقائية .
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق