-->

الاوضاع القانونية الخاصة بالمحررات

مقدمة :

      لا ريب أن الإنسان مدني بطبعه، وكما قال ابن خلدون لا يمكن أن يعيش الفرد وحيداً منعزلاً عن أبناء جلدته، فهو في حاجة ماسة إلى من يشاركه أموره، ويتفاعل معه بما يحقق النفع لنفسه ولمجتمعه. فكيفما كانت متطلبات الحياة الواسعة بحاجياتها الكثيرة والمتعددة، فإننا نجد هذا الإنسان عبر مختلف الحقب التاريخية يسعى لتحقيق الاختلاط بين الناس.
      غير أن المجتمع ليس طينة واحدة، بحيث يوجد فيه الطيب والخبيث، الكريم واللئيم وفيه الخير والشر، لهذا لابد لكل فرد أن يعمل على الحفاظ على مصالحه، لدفع الضرر وجلب المصلحة الناتجة عن هذا الاختلاط، وأحسن طريق لتحقيق هذه الأهداف هو أن يكون الإنسان حازماً في معاملاته، دقيقاً في علاقاته، وضابطاً لتصرفاته، باعتماد آليات ووسائل الضبط القانونية لإثبات حقه وحماية نفسه من التعسف والضياع، بذلك يكون قد سيج كل معاملاته تحصيناً كاملاً وقيدها تقييداً[1] محكماً في إطار علاقات متعددة ومتنوعة. ولتحقيق هذه الغاية كان لابد من وجود مؤسسة لها دراية بهذا الشأن، تسهر على ضبط المعاملات بين الأشخاص وتحريرها بكل دقة وإتقان، والمؤسسة المؤهلة للقيام بهذا الدور هي مؤسسة التوثيق.
      ومن هذا المنطلق ظهر علم التوثيق أو ما كان يصطلح عليه بعلم الشروط والسجلات أو علم الصكوك أو علم الوثائق وغيرها من المسميات في بطون كتب الفقه الإسلامي[2]،  حيث اعتبر من أجل العلوم قدراً، وأعظمها خطراً، إذ به تنضبط أمور الناس على القوانين الشرعية، وتحفظ دماءهم وأموالهم على الضوابط المرعية، وعليه اعتماد الحكام في إثبات ما يعرض عليهم من أقضية[3]. وبذلك أصبح علم التوثيق من العلوم الإسلامية التي حظيت باهتمام بالغ من لدن علماء الشريعة والباحثين، ووظيفة من أهم الوظائف التي دعت إليها ضرورة الناس وحاجاتهم المتعددة، وهذا راجع إلى مفهومه الذي تنطوي تحته عدة معاني لغوية واصطلاحية، فالتوثيق في اللغة كما جاء في لسان العرب لابن منظور يطلق على عدة معاني كالعقد والأحكام، الثبوت والتقوية، العهد والأيمان والشد والإحكام، أما في الاصطلاح فقد عُرف كعلم أو صنعة، حيث عرفه الأستاذ الفقيه سيدي أحمد الغازي الحسيني فقال : "وفن التوثيق هو الذي يرسم خطوط كل معاملة وينظم سيرها ويحدد مدى نشاطها طبقاً لنصوص التشريع وقواعد العرف الثابت وآراء الفقهاء وما جرى عليه عمل القضاة"[4].
      وقد اعتنى الناس منذ قديم الزمن بتوثيق معاملاتهم قصد صونها، ثم جاء ديننا الحنيف، بالشريعة الإسلامية التي اعتنت بالوثيقة والتوثيق والقائمين عليه من قضاة وعدول، بل رغبت فيه، وحثت الناس على تدوين معاملاتهم، وكتابة عقودهم، وتوثيق بيوعاتهم وغير ذلك، ونجد سند هذا في القرآن الكريم وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أحاديث، وما سار عليه الخلفاء والتابعون في نهجهم.
      ولما كان التوثيق يكتسي كل هذه المكانة القصوى في الحياة العملية واليومية للأفراد لما يؤمنه من ضمان وحماية للحقوق والمصالح، فقد كان محل اهتمام كبير من طرف الفقهاء المسلمين عبر كل زمان ومكان، فألفوا فيه الكثير، اختصاراً وتوسعاً، فتناولوا مختلف جوانب التوثيق وشروط الكتابة، وكل ما كان له علاقة بها[5]. كما أنه نال اهتماما بالغا في النظم القانونية الحديثة بما فيهم النظام أو التشريع المغربي إذ يعرف هذا الأخير تنوعا ملحوظا و تعددا في القوانين التي تهتم بتنظيم ميدان التوثيق مما نتج عنه تنوع في الأنظمة التوثيقية  بالمغرب، من توثيق تقليدي وأخر عرفي وتوثيق عصري ومعلوماتي. وكمثال على ذلك، نجد:

-       القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق
-       ظهير 2006 بشأن خطة العدالة [6] و مرسومه التطبيقي[7]
-       القانون رقم 39.08 بمثابة مدونة للحقوق العينية [8]
-       ظهير 13 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري كما تم تغييره و تعديله و تتميمه بموجب القانون وقم 14.07.
-       ظهير 12 غشت المتعلق بقانون الالتزامات و العقود المغربي[9]
-       قواعد الفقه الإسلامي
-       قواعد العرف و المعاملات ...إلخ
     كل هذه القواعد القانونية أفرزت لنا كما أسلفنا تعددا في الأنظمة التوثيقية وبه تنوع في الأوضاع القانونية الخاصة بكل محرر و بياناته و من هنا يبرز لنا أهمية هذا العرض إذ هذه الأهمية تتعدى الفاعلين والدارسين للميدان القانوني لتطال عموما الناس لكونهم الأكثر احتكاكا بهذه الأنظمة و بالتالي من الأجدر بهم الإلمام بهذه الأوضاع القانونية لتكون معاملاتهم مسيجة فعليا بالمقتضيات القانونية. 
غير أنه و قبل أن نخوض في غمار هذا العرض وجبت الإشارة إلى أن المحررات هي عديدة و متنوعة و مختلفة باختلاف أوجه المعاملات البشرية و متعددة بتعدد الميادين الاجتماعية حيت هنالك المحررات أو الوثائق القضائية والوثائق الإدارية والوثائق المعلوماتية... الخ،  والتعرض للأوضاع القانونية الخاصة بكل هذه الأنواع هو من الأمر المستحيل ولذلك فإن عرضنا المتواضع هذا سنحاول أن نصب فيه التركيز على المحررات التي تهم ميدان معاملات الأشخاص فيما بينهم، وهذا ما يحيلنا على طرح الاشكاليات التالية:
·      ما هي الأوضاع القانونية الخاصة بشكل كل من المحررات الرسمية والعرفية والالكترونية؟
·      وما هي أهم البيانات اللازمة لصحة هذه المحررات؟
·      وكيف تكسب هذه المحررات حجيتها القانونية؟
وهذا ما سوف تتم الإجابة عليه في هذا العرض على الشكل التالي :
المبحث الأول : الأوضاع القانونية الخاصة بالمحررات الرسمية
المبحث الثاني : الأوضاع القانونية الخاصة بالمحررات العرفية والالكترونية















المبحت الأول : الأوضاع القانونية الخاصة بالمحررات الرسمية

      نظم المشرع المغربي المحرر الرسمي بمقتضي الفصول من 418 إلى 423 من قانون الالتزامات والعقود، ويقصد بالورقة الرسمية هي إفراغ العقد في الشكل الذي حدده القانون ورسمه، وأن تحترم الشروط الجوهرية التي نص عليها الفصل 418 من ق.ل.ع[10]، منها أن يتم تحريرها من طرف موظف عمومي، و أن يكون هذا الموظف مختص بتوثيقها، أي طبقا للأوضاع القانونية و في حدود سلطته واختصاصاته.
     بيد أن هناك ارتباط بين توثيق المحررات الرسمية ونظام التوثيق العدلي ذو الطابع الإسلامي المؤطر بقانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، و نظام التوثيق الذي ينظمه ظهير 4 ماي 1925، المأخوذ من القانون الأساسي لنظام التوثيق الفرنسي الصادر في 16 مارس 1803.
     كما نضيف، أن للوثيقة الرسمية الحجة القاطعة في مواجهة الغير خصوصا في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي على تحريرها، وهذا ما أكده الفصل 419 من ق.ل.ع[11]، وعلى العموم سنتحدث في المطلب الأول على المحررات العدلية باعتبارها من أقدم التوثيقات، وسنخصص المطلب الثاني للحديث على المحررات العصرية على اعتبار أنه مستجد مقارنة مع نظيره ( التوثيق العدلي).

المطلب الأول: المحررات العدلية

      يحتل التوثيق مكان رفيعة و بارزة، لأن غايته صيانة الحقوق والمعاملات بشكل محكم ومضبوط، فلا يكتب الوثيقة إلا العالم بأصولها وفروعها والملم بقواعدها وشروطها.
      تعتبر الشهادة العدلية أهم وسيلة لإثبات المعاملات، لذلك اعتنى بها الإسلام ونظم قواعدها وأحكامها في القرآن والسنة. وجاء في التبصرة حول التعريف بحقيقة الشهادة العدلية وموضوعها شرعا في الفصل الأول من القسم السابع من الجزء الأول، مضمونه أن البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره لذلك سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الشهود بينة لوقوع البيان بقولهم،[12] المراد به الحجة والبرهان.
      من هنا سننتقل للحديث على الضوابط والبيانات اللازمة في المحرر العدلي في الفقرة الأولى، ونخصص الفقرة الثانية للحديث على خصائص وشروط الوثيقة العدلية.

الفقرة الأولى : الضوابط والبيانات اللازمة في الوثائق العدلية

أولا : بيانات المحرر العدلي

      من المعلوم أن العدل الموثق عند صياغته للوثيقة العدلية  فإنه يقوم بعملية بناء هندسي وفق ضوابط توثيقية دقيقة قررها الفقه ونضمها التشريع من أجل كتابة سليمة تامة تضبط جميع أركان الشهادة.
     حيت أن لكل وثيقة عدلية بيانات جوهرية و شكلية يلتزم بها العدول في تحريرهم للوثيقة العدلية حتى تكون خالية من أي عيب و تصير رسمية بمجرد خطاب قاضي التوثيق عليها، و من أهم هذه الضوابط نجد ما يلي :
1- افتتاح الوثيقة العدلية بالبسملة :
     بما أن الوثيقة العدلية ذات مرجعية إسلامية يحررها العدول من أجل توثيق معاملات بين المسلمين كان من البديهي ذكر أسم الله في مستهل تحرير الوثيقة وذالك للمكانة الكبيرة التي حظيت بها هذه الوثيقة بين الناس وكذا تنظيمها المستهل من القرآن الكريم.
 2- بيان اسم العدلان المتلقيان للشهادة وتحديد مكان وجود مكتبهم و دائرة نفوذهم :
     فمباشرة بعد البسملة وجب ذكر اسم العدليين المتلقيان للشهادة و المحكمة التي يوجد ضمن دائرتها نوفد مقر العدليين فلهذا الركن أهمية بليغة في تحديد الاختصاص المكاني للعدول هذا ما نصت علية المادة 25 من المرسوم التطبيقي لممارسة خطة العدالة[13].
3- تحديد نوع العقد :
     أي مسمى العقد وبيان نوعيته هل هو عقد كراء أو شراء أو عقد زواج ...
4-تاريخ تلقي الشهادة :
     يلعب تحديد تاريخ انعقاد الوثيقة دورا مهما في المحررات ككل. فبالرجوع إلى أي محرر كان عدلي أو عصري فإن التاريخ يعتبر عنصر جوهري ضروري يبطل العقد إذا لم يوجد فهو يذكر مباشرة بعد كلمة الحمدلة مستهلة الوثيقة فهو بيان لازم بالنظر لإثبات وجود عوارض الأهلية من عدمها من التاريخ المذكور، وهذا ما أكدته المادة 25 السابقة ذكرها من المرسوم التطبيقي لخطة العدالة. 
5- ذكر أسماء الأطراف المتعاملين والمبرمين للعقد :
     بالرجوع إلى المادة 25 من المرسوم التطبيقي لخطة العدالة نجد أن العدل ملزم بذكر اسم الأطراف المتعاقدين، أي ذكر الأسماء الشخصية و العائلية وإسم الأب و الجد إذا اقتضى الأمر ذالك، وكذا بيان عنوانهم وحرفتهم ورقم بطاقتهم الوطنية والسلطة التي تسلمت منها.
     و يتعين على الشاهد العدل أن يذكر في الوثيقة أنه يعرف المشهود عليه والمشهود له معرفة عين و اسم وإن لم يكن يعرفهما وجب عليه ذكر أوصافهم. فعلى العدلين أن يتخدا الاحتياطات اللازمة أتناء كتابة الأسماء المشهود له والمشهود عليه أول اللفيف أو أي اسم حتمت الضرورة تضمينه بالوثيقة دون إهمال أو تفريط وذالك سدا وتحرزا مما يمكن أن يلحقها من تعديل أو تغيير[14].
6-بيان المشهود به بيانا تاما :
     فالعدل الموثق ملزم بذكر الشيء موضوع الاشهاد بيانا تاما يرفع به الجهالة عنه كذكر نوع المعاملات المشهود عليها وذكر اسم المعقول عليه إذا أمكن وتحديد جنسه ونوعه وتوابعه فالعدل ملزم بذكر كل تفاصيل التعاقد.
7-ذكر مراجع الحفظ لدى متلقي الاشهاد :
     ومن بين أهم البيانات الواجب توافرها في المحررات العدلية أيضا أن يتم ذكر مراجع حفظ الوثيقة بقسم التوثيق بالمحكمة الابتدائية.
8-توقيع العدليين المتلقيين للإشهاد :
     على العدليين عند الانتهاء من تحرير الوثيقة دون بياض في ورقة جيدة بكيفية واضحة مخطوطة باليد أو مطبوعة  لا يشوبها  انقطاع وجب عليهم أن يحصل التوقيع من قبلهم  وهذا ما جاءت به المادة 27 من المرسوم التطبيقي لخطة العدالة.
9- خطاب قاضي التوثيق على الوثيقة العدلية :
     بالرجوع إلى المادة 34 من خطة العدالة نجد أن المشرع ألزم العدليين بعد تحليل الوثيقة بإيداعها لدى قاضي التوثيق و ذالك بغرض مراقبتها و الخطاب عليها، فغاية هذا الخطاب هو إقامة رقابة قانونية على المحرر العدلي من حيت مكوناته و قانونيتهم كما أن هذا الخطاب هو الإجراء الذي يضفي على الوثيقة العدلية الصبغة القانونية الرسمية و يدخلها في زمرة الأوراق الرسمية كما حددها الفصل 418 من قانون الالتزامات و العقود.

ثانيا : حجية الوثيقة العدلية

     عندما نتحدث عن حجية الوثيقة العدلية نتساءل حول طبيعتها القانونية و كيفية اكتسابها لصفتها الرسمية، فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود فإن الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون في مكاتبهم و يخاطب عليها القضاة في محاكمهم[15].
     فمن خلال الفصل السابق ذكره وبالرجوع إلى المادة 35 من خطة العدالة نجد أن الوثيقة المحررة من طرف العدليين لا تكون تامة إلا إذا كانت مخاطبا عليها.[16]
     فالخطاب هو الذي يكسي الوثيقة العدلية حجيتها و يعطيها الصفة الرسمية و ذالك بصريح العبارة الواردة في المادة 418 من قانون الالتزامات والعقود في فقرتها الثانية أي أن قبل الخطاب عليها تبقى الوثيقة مجرد أوراق بالتعريف الفقهي المحض.
     فحجية الوثيقة العدلية تكمن في المخاطبة عليها، فالخطاب كما أسلفنا الذكر هو الذي يضفي الصفة الرسمية على الوثيقة العدلية ويجعلها حجة قائمة بذاتها ودليل قاطع في مواجهة الناس كافة على مضمونها الذي تم بمحضر العدليين.

الفقرة الثانية : خصائص و شروط الوثيقة العدلية

      المحررات العدلية تعتبر من بين الأدلة الكتابية التي يلجأ إليها الأفراد في إثبات حقوقهم، وعلى هذا الأساس يجب كتابتها بطريقة صحيحة خالية من كل نقص أو خلل، حتى لا يفقدها ذلك قوة ثبوتها وحجيتها.
     و لكي تمنح هذه المحررات لأصحابها الضمانات الكافية، عهد المشرع بأمر تسيير خطة العدالة لعدد من الأشخاص، منهم من منحه صلاحيات تلقي اتفاقات الأفراد وتحريرها ونقصد بهم العدول، ومنهم من كلفه بمراقبة المحرر العدلي شكلا و مضمونا و المخاطبة عليه و نقصد بهم قضاة التوثيق.
      بما أن التوثيق العدلي مستمد من أصول الشريعة الإسلامية فإنه يتميز بمجموعة من الخصائص و المميزات و يحدد بمجموعة من الشروط، لا على مستوى تنظيمه الهيكلي ولا على مستوى عمله، و هو ما سنعمل على دراسته في هذه الفقرة.

أولا : خصائص الوثيقة العدلية

     بدخول الإسلام إلى المغرب عرف هذا الأخير أنواع مهمة من التوثيقات أبرزها التوثيق العدلي، بحيث يتميز عن غيره بمجموعة من المميزات منها ما هو عام، و منها ما هو خاص، و يمكن إجمالها فيما يلي:
1)   المميزات العامة :
      أول خاصية يتميز بها هذا التوثيق كونه مستمد من كتاب الله سبحانه و تعالى و سنة نبيه. إذن هو تشريع رباني محكم له احترام كبير في نفوس جميع المسلمين سواء كانوا متعاقدين أو شهود أو موثقين أو غيرهم... و كلهم يخافون من مخالفة شرع الله سبحانه و تعالى فيما يتعلق بالشهادة و الثوثيق.
     بيد أنه نظام مستقل في مرجعيته و تصوره و نشأته، و هو قائم بذاته و لا علاقة له بالفكر الغربي الدخيل، فهو تشريع متكامل لا نقص فيه و لا تناقض[17]، غايته تحقيق مصالح العباد. إضافة إلى كل هذا يعتبر التوثيق نظام وطني يعكس الأصالة المغربية و الهوية الإسلامية و يكرس أعرافنا و تقاليدنا المغربية والاجتماعية. إذا التوثيق يعتبر نظام قانوني مرجعيته دينية.
2)   المميزات الخاصة :
      إن البناء التنظيمي و الموضوعي للوثيقة العدلية يتميز بالخصائص التالية :
ü       التوثيق العدلي يتم بواسطة عدلين كأصل عام :
     بمعنى أن العمليات التوثيقية لا تتم إلا على يدي عدلين اثنين تتوفر فيهم شروط الكتابة والشهادة، على الاعتبار أنه في الشريعة الإسلامية يعتبر هذا الأخير المبدأ العام في نظام الاشهاد[18]، غير أن هذا المبدأ قد ترد عليه حالات استثنائية يكون فيها تلقي الاشهاد بعدل واحد مع يمين المدعي أو من يقوم مقامه عند الاقتضاء.
     هذه الإمكانيات أتاحها الفقه  في أنواع متعددة من الشهادات و العقود و التصرفات، أما بالنسبة لقانون خطة العدالة 16.03 لم يجز هذه الإمكانيات، و فظل الأخذ بالمبدأ العام في جميع الأحوال إلا في حالة التعذر خصوصا حينما يتعلق الأمر بالتلقي الفردي.
ü   التوثيق العدلي يجمع بين أحكام الشهادة و أحكام الكتابة :
      إن المنتصب لخطة العدالة يجب أن تتوفر فيه شروط الشهادة و شروط الكتابة في آن واحد، لأن الشهادة ملزمة للكتابة و لا غنى أحدهما عن الأخرى.
      فالشهادة لا تكون تامة إلا بالكتابة و الوثيقة لا تكون كاملة إلا بالاشهاد إذا فهما وجهان لعملة واحدة، هذه القاعدة العامة تبين لنا التلازم الحاصل بين أحكام الشهادة وأحكام الكتابة، لكن هذا التكامل ليس على اطلاقه إذ يمكن أن يتلقى العدلان الشهادة لكن تعذر عليهم كتابتها أو إفراغها في شكلها القانوني لسبب ما، هنا بطبيعة الحال الفقه الإسلامي وخصوصا الفقه المالكي يعطي الأولوية للشهادة على الكتابة، بينما القانون الوضعي  يميل لإعطاء الأولوية للكتابة على الشهادة[19].
      نخلص إلى أن نظام التوثيق يمتاز بالازدواجية لا من حيث تلقي الشهادات و تحريرها من طرف عدلين، و لا من حيث مرجعيته فهو يمزج بين أحكام الشريعة الإسلامية و أحكام القانون و كذلك يجمع بين أحكام الشهادة وأحكام الكتابة.
ü   التوثيق العدلي يخضع لرقابة القضاء :
      بمعنى أن القاضي المختص شرعا في الفصل بين الناس من خلال فض خصوماتهم ومنازعاتهم، هو أيضا مختص في سماع الشهادات وإقامة البينة لإثبات الدعاوي أو نفيها[20].  فهو يتأكد من عدالة الشهود و صحة شهاداتهم وفق القواعد الشرعية والضوابط المسطرية، و هذا يدل على أن هناك تداخل بين النظر في الدعوة والنظر في إثباتها أو نفيها. فأغلب الفقهاء يرون أن روح الشهادة يكمن في أدائها لذا القاضي لأنه هو المختص قانونا بسماع الشهادات و إثبات البينة.
     رغم هذا التداخل، إلا أن تلقي الشهادات أصبح يتم داخل مكتب العدول بمعنى أنه أصبح خارج مقر المحكمة، رغم هذا ظلت العلاقة قائمة بقوة بين القاضي والعدول أو الشهود من حيث الجوهر، لأن شهادة العدلين لا تكون تامة إلا إذا أدياها لدى القاضي وفق المسطرة المعمول بها، وبعد المخاطبة عليها بالصيغة المقررة فقها وعملا.
      وحسب المادة 27 من قانون خطة العدالة رقم 16.03 : " يحرر العدول الشهادة ويقدماها للقاضي المكلف بالتوثيق في أجل لا يتعدى ستة أيام من تاريخ تلقيها ما لم ينص على خلاف ذلك ...".
      نخلص إلى أن التوثيق العدلي يخضع للمراقبة القضائية في موضوع الوثيقة و شكلها الشيء الذي يزيدها قوة و متانة و يضاعف من الضمانات المحاطة بها بغية الرقي بها وجعلها مهنة قضائية لا تتجزء عن النظام القضائي.

ثانيا: شروط الوثيقة العدلية

      كما سبق القول، يتميز التوثيق العدلية بعدة خصائص عن نظرته التوثيق العصري، إلى جانب الخصائص هناك مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوفر عليها الوثيقة العدلية حتى تكون صحيحة و تكتسي صفة الرسمية.
      يشترط في الوثيقة العدلية أن تكون ألفاظها بينة غير محتملة ولا مجهولة، و هذا ما أكده ابن حيدرة: " الوثيقة الحسنة هي المحكمة، التي ربط أولها بأخرها[21]".
     فبالرجوع إلى قانون خطة العدالة الفصل 19 منه[22]، نجده ينص على ما يلي : " تكتب الشهادة تحت مسؤولية العدلين في وثيقة واحدة دون انقطاع أو بياض أو بثر أو إصلاح أو إقحام أو إلحاق أو تشطيب أو استعمال حرف إضراب.... تذييل الوثيقة بتوقيع عدليها مقرونا باسميهما مع التنصيص دائما على تاريخ التحرير....".
      بعد قراءتنا لهذا الفصل نجد على أن الشروط الشكلية التي يجب أن تتوفر عليها الوثيقة العدلية تكتب أو تحرر تحت مسؤولية العدلين وتتمتل فيما يلي :
ü   كتابة الشهادة في وثيقة واحدة مع احترام الضوابط المشار إليها سابقا، من بتر أو إصلاح إلى غير ذلك... .
ü   أن يتم تذييلها بعد توقيع العدلين عليها، و يكون ذلك مقرونا باسمهما الشخصي والعائلي، كما يجب التنصيص على تاريخ التحرير بالساعة و اليوم و الشهر....
     في حالة الامتناع عن التوقيع أو وضع البصمة على الشهادة و بعد إدراجها في مذكرة الحفظ، على العدلين أن يشيرا إلى هذا الامتناع قبل توقيعهما، و عليهم أن يخبروا قاضي التوثيق بذلك، و هذا ما أكده الفصل 20 من قانون خطة العدالة[23]. 
     إلى جانب هذه الشروط، هناك شروط أخرى، كتعيين دائرة انتصاب العدلين. أما فيما يخص بيانات مذكرة الحفظ يشترط الإشارة في طبيعة الوثيقة إلى رقم المذكرة التي أدرجة فيها الوثيقة، و كذا العدد التسلسلي الذي جعل للوثيقة، و هذا ما نص عليه الفصل 33 من قانون 16.03[24]،  مع بيان موضوع الاشهاد ببيان نوع المعاملة هل هي زواج – بيع أو صلح....
      و يشترط أن تشتمل الشهادة كذلك على هوية المشهود عليه و حقه في التصرف في المشهود فيه... و كونه يتمتع بالأهلية القانونية لهذا التصرف.
     بعد توفر كل هذه الشروط تقدم الوثيقة إلى القاضي المكلف بالتوثيق لمراقبتها و المخاطبة عليها. في الحالة التي يتخلف فيها خطاب القاضي عن الأداء لسبب معين إما وفاة العدل أو انتقاله أو فقد أهليته أو أي عائق آخر، وبعد تلقيه الشهادة بصفة قانونية و إدراجها في مذكرة الحفظ، يكلف القاضي بناء على طلب يقدم إليه من ذوي مصلحة العدلين لتعريف به مع إدراج نص ضمن شهادة التعريف، ثم يحرر رسم ذلك، و يعتبر بذلك رسم التعريف بعد الخطاب عليه بمثابة الأصل، و هذا ما نص عليه الفصل 21 من قانون خطة العدالة[25].
     إذن، و نظرا للأهمية التي تكتسيها الوثيقة العدلية، فقد أصدرت وزارة العدل عدة مناشير ودوريات في هذا المجال، ركزت فيها على احترام الضوابط التوثيقية و القواعد الفقهية للوثائق العدلية، و حثت القضاة و العدول على ضبط الإجراءات التوثيقية، و منها : التركيز على التلقي الثنائي و تجنب التلقي الفردي إلا في الحدود التي يسمح بها القانون، وأيضا مسك مذكرات الحفظ بكيفية سليمة، وإلزام العدول بتحرير الرسوم داخل الأجل القانوني و باللغة العربية السليمة وتفاديا للعبارات المبهمة.

المطلب الثاني : المحررات العصرية

      استلزم المشرع المغربي أوضاعاً قانونية خاصة يجب على الموثقين احترامها عند تحريرهم للوثيقة العصرية حتى تكون صحيحة وخالية من كل عيب ينال من ضماناتها وحجيتها في توثيق المعاملات القانونية وإن كانت لا تتطلب المرور بنفس مراحل الوثيقة العدلية[26]، ولكي  تمر العملية التعاقدية في مناخ من السلالة والإئتمان والثقة، فإن المشرع قد وضع للشخص المشرف عليها - الموثق - مجموعة من الأوضاع القانونية التي يتعين عليه أن يحترمها وهو بصدد كتابة المحرر التوثيقي ليكون صحيحاً وخالياً من كل عيب قد يمس حجيته، كما أوجب عليه مراعاة مجموعة من البيانات عند توثيقه للمحرر حتى تتكامل له عناصره اللازمة لاعتباره محرراً رسمياً[27].
      فبالرجوع إلى مختلف الوثائق التي يصدرها الموثق العصري يتبين أن صياغتها تتسم بوحدة منهجية منضبطة لقواعد بنيوية تشمل في أقسامها ما يمكن نعته بوحدة البنية، وإن تعددت البيانات، ذلك أنه في إطار وحدة منهج الخطاب القانوني عموماً يلاحظ أن بنية الصيغ التي تحرر بها العقود التوثيقية لا تختلف عن باقي صيغ الخطاب القانوني الأخرى، سواء كانت استشارة قانونية أو حكماً أو قراراً قضائياً، بل ولو تعلق الأمر بعمل علمي أكاديمي صرف[28]. وهذا ما سنعمل على تحليله من خلال فقرتين اثنتين، الأولى تتضمن القواعد القانونية الخاصة بتلقي الوثيقة العصرية وشروطها، والفقرة الثانية تتناول بنية الوثيقة العصرية ومكوناتها.

الفقرة الأولى : القواعد القانونية الخاصة بتلقي الوثيقة العصرية وشروطها

      ألزم قانون 32.09 الموثق العصري بعدة قواعد وشروط يجب أن يحتكم إليها هذا الأخير.

أولا : قواعد تلقي الوثيقة العصرية

     يسلك الموثق مسطرة خاصة نظمتها المادة 35 من قانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق العصري بأن يتلقى إشهاداته على العقود والرسوم بشكل إنفرادي ويفترض حضور الأطراف جميعا في مجلس العقد.
1) التلقي الإنفرادي : نجد أن الثوثيق العصري يعتمد على التلقي الإنفرادي كقاعدة في معاملاته، فالمعلوم من منهجية التوثيق العدلي أن الوثيقة يجب أن تتصدر بذكر اسم العدلين ودائرة انتصابهما وتذيل بشكلهما وتوقيعهما، إذ تعتبر هذه البيانات من أهم ضوابط الوثيقة الأساسية التي يؤدي إغفالها إلى المس بالقوة الثبوتية للوثيقة. أما التوثيق العصري، فإن التلقي فيه لا يتم إلا بموثق واحد ولا يتوقف على آخر[29]، ودون حاجة إلى خطاب القاضي المكلف بالتوثيق مثلما هو الشأن بالنسبة للوثائق العدلية إذا فهو بذلك يخالف جوهر الإثبات في الشريعة الإسلامية المحكوم بقوله "وأشهدوا ذوي عدل منكم"[30]، وعليه فالإكتفاء بموثق واحد في تلقي الشهادة يُعد ارتكاباً لمحذور من محاذير الشرع[31].
2) لغة كتابة محررات الموثقين العصريين : ففي إطار المستجدات التي تم صياغتها في قانون  39.09 والرغبة الملحة للمشرع المغربي من أجل تجاوز هذه الأوضاع الشاذة، فقد حرصت وزارة العدل أثناء إعدادها للمشروع 32.09 على التدخل من خلال المادة 42 التي أوجبت على الموثيقين تحرير وثائقهم باللغة العربية كقاعدة عامة، على أنه يترك لهم إستتناء كتابتها بلغة أخرى غير العربية إذا رغبت الأطراف في ذلك.
      إذا تجدر الإشارة إلى إن مقتضيات المادة 42 من القانون رقم 32.09 تعد قاعدة مكملة وليست آمرة، بحيث يجوز للأطراف الإتفاق على مخالفتها، كما أن المشرع المغربي لم يرتب أي جزاء على عدم احترام هذه القاعدة، فلا يمكن أن نعتبر العقد أو المحرر باطلاً أو قابلاً للإبطال أو رهين إحدى الجزاءات الأخرى في هذه الحالة، الشيء الذي يفرغ المادة من محتواها في غياب أي إلزامية أو جزاء، بل الأكثر من ذلك نجد أن المادة 42 من قانون 32.09 أشارت إلى آثار عدم التقيد بشكليات التحرير في العقود والمحررات التوثيقية فاعتبرتها باطلة، غير أنها لم تشر إلى الكتابة أو اللغة التي ينبغي أن يحرر بها العقد واستثنتها من هذا الجزاء[32].

تانيا : مسطرة التلقي والإشهاد

      بعدما تحدثنا عن القواعد المنظمة للوثيقة العصرية نقف في هذه المرحلة على شروط هذه الوثيقة، فنلاحظ أن قانون 32.09 وظهير 4 ماي 1925 ألزم الموثق العصري بعدة شروط من أجل ممارسة مهامه ولكي يطفي على العقد الصبغة الرسمية ومن هذه شروط نجد :
1) مسك الدفاتر والفهارس والبيانات واللوائح المكتبية : في هذا الخصوص يجب على الموثق تلقي إشهاداته في دفتر الفهرسة حسب ما نصت عليه المادة 40 من قانون    32.09 : "يشار في العقد إلى قراءة الأطراف له أو أنهم اطلعوا على مضامينه من طرف موثق، ويتلقى الموثق الإشهادات في دفتر الفهرسة المشار إليه في المادة 41". فحسب الفقرة الثانية من هذه الأخيرة فإن الموثق يضمن في السجل البيانات الموجزة للعقود التي يتلقاها حسب الأرقام التسلسلية يوماً فيوم، وبدون ترك بياض ولا مسافة بين السطور بصورة منتظمة ومتتابعة؛ كل من رقم الوثيقة وتاريخها، طبيعة العقد، التعريف بالمتعاقدين، ومواطنهما، تحديد المبيع، والثمن، بيانات التسجيل[33] وغيرها على الشكل الأتي :
-رقم الوثيقة – تاريخ الوثيقة – نوع العقد وطبيعته – الأسماء الكاملة للأطراف ومحل إقامتهم – بيان محل العقد إذا كان أملاكا فموقعها وثمنها إذا كان الأمر يتعلق بعقود الملكية أو الإنتفاع أو التصرف في الممتلكات – تسجيل الرسم وبياناته. كما يجب على الموثق العصري تقديم دفتر الفهرسة كل شهر لقابض التسجيل بمحل إقامة الموثق الذي يؤشر عليه ويذكر في تأشيرته عدد الرسوم المقيدة، وأن يتم التقديم خلال العشرة أيام الموالية لنهاية كل شهر.
      إذا نستنتج أن المشرع من خلال القانون 32.09 الجديد لم يغير شيئاً من البيانات، فكانت كل من الفقرة الثانية والثالثة مطابقة للفقرة الثانية والثالثة من الفصل 26 من القانون القديم.
2) تحرير الوثيقة العقدية : لقد ذهب الفقيه عبد الرزاق السنهوري إلى القول بأنه : "يجب أن تكون الورقة مكتوية بخط واضح غير مشتمل على إضافة أو كشط، وذلك لإبعاد كل شبهة في المحرر، وإذا اقتضى الأمر إضافة أو حذف فيجب أن يكون في آخر المحرر موقعا عليه من ذوي الشأن والموثق"[34]،  وحرصا من المشرع  على أن تأتي المحررات مكتوبة بوضوح و خالية من كل العيوب والشوائب التي قد تمس حجيتها وضع المشرع جملة من القواعد[35], يتوجب على الموثق إحترامها أثناء الكتابة للمحررات وفي هذا الشأن نصت المادة 41 من القانون 32.09 أن العقد يحرر تحت مسؤولية الموثق دون انقطاع أو إصلاح في صلبه أو إقصام أو كتابة بين السطور أو إلحاق أو تشطيب أو ترك بياض بإستثناء ما يفصل بين الفقرات والبنود، وفي هذه الحالة يوضع خط على البياض، وترقم جميع الصفحات ويشار إلى عددها في أخر العقد ويجب تصحيح الأخطاء والاغفالات بواسطة إحالات تدوين في أسفل الصفحة الأخيرة على الكلمات والأرقام الملغاة وعدد الإحالات والإشارة إلى حيز الفراغ من الكتابة مع بيان الخطوط التي وضعت عليه ويذيل الموثق هذه البيانات بتوقيعه وخاتمه مع توقيع باقي الأطراف بعد إطلاعهم على مضمون التصحيح.
إلى جانب  ذلك فهناك مجموعة من الشكليات الأخرى التي تشكل مجموعة من القواعد التي لها أهميتها في منح العقد  مقوماته وتكسبه الصفة الرسمية وتميزه عن غيره من المحررات العرفية، وهي ضوابط شدد عليها المشرع وأكد على ضرورة توفرها، ومن أهمها أوجب على الموثق أثناء تحريره لمختلف العقود أن يتقيد باستعمال أسلوب يتضمن التعبير الدقيق عن إرادة الأطراف ليسد بذلك باب التأويل، وقيام النزاعات حول عيب أو لبس في الأسلوب إما لعدم دقته أو لغموضه، والتقيد بما استوجبه المشرع بخصوص لغته، لما في ذلك من تعبير عن احترام خصوصيات المجتمع ولتمكين الأطراف من التأكد والثقة بما تتضمنه العقود التي يبرمونها من حقوق والتزامات[36].
3) حضور الموثق والأطراف مجلس العقد : يعتبر العقد التوتيقي أهم العقود المتلقاة وفق مراسمها الشكلية والرسمية المفترضة قانونا وهو بهذا يختلف جذريا عن العقد العرفي, فالموثق ملزم هنا بحضوره شخصيا حتى يتسنى له التأكد من هوية الأطراف وصفتهم للتعرف ومطابقة الوثائق المدلى بها قانونا، وبعد تحقق هذه الإجراءات السالفة الذكر على الوجه المطلوب، ينطلق الموثق في توضيح جوانب العقد للأطراف ومقدار التزام كل طرف وأثار ذلك عليهم مع مدهم بالبيانات اللازمة والتوضيحات الكافية بخصوص البنود التي يحتويها الإتفاق[37].
       فالمشرع ألزم الموثق بحضوره وكذا حضور الأطراف في مجلس العقد واعتبر أن العقود الخالية من البيان المتعلق بمكان إنشائها وكذا الحضور في مجلس العقد باطلة كمحررات رسمية، لكن تبقى لها حجية العقود العرفية إذا كانت موقعة من قبل جميع الأطراف[38].
      وبعد تحقق الموثق من الإجراءات السابقة على الوجه المطلوب ينطلق في توضيح جوانب العقد للأطراف ومقدار التزام كل طرف وآثار ذلك عليهم، مع مدهم بالبيانات اللازمة والتوضيحات الكافية بخصوص البنود التي يحتويها الاتفاق، حتى يعلم الأطراف موجباته وقدره لتأتي مرحلة التوقيع حيث يوقع الأطراف والمترجم والشهود عند الإقتضاء، ثم يوقع الموثق ويخاطب على الرسم إيذاناً برسميته، وبذلك فمحررات الموثقين العصريين تمر من أربع مراحل قبل صيرورتها رسمية، وهي المناقشة والتحرير والقراءة ثم التوقيع[39].

الفقرة الثانية : بنية الوثيقة العصرية وبياناتها و جزاء التخلف بها

      إن بنية أي وثيقة عقدية تصدر بمعرفة موثق عصري لا مناص من أن تتضمن مقدمة صياغية وهيكلاً عقدياً ثم سوراً تختتم به، وما وصفناه بالمقدمة والهيكل والسور يتضمن عادة مجموعة من الضوابط التوثيقية المختلفة القيمة والحجية، فمنها ما هو معدود من البيانات الجوهرية للوثيقة ومنها ما هو مصنف من البيانات الثانوية، و تخلف أحد بياناتها الأساسية والجوهرية، يرتب جزاءاً بحسب مدى جوهرية وأساسية هذه البيانات.                                                                                        

أولا : بنية الوثيقة العصرية

       يلتزم الموثق العصري المصدر لأي وثيقة عصرية  بأن يحدد أوضاعاً وضوابط وأسس أوجبها القانون ينبغي أن لا يخرج عن إطارها، وذلك على شكل فصول وقواعد مترادفة ومتناسقة، يبين في كل فصل من هذه الفصول عناصر الاتفاقية الأساسية منها أو الثانوية أو القانونية وذلك تحت طائلة بطلان المحرر التوثيقي أو انقلابه إلى محرر عرفي إذا اشتمل على توقيع الأطراف[40]. وتتضمن بنية الوثيقة ما يلى  :                                                                             
1) الفرش أو فرش النص العقدي : يمكن التعبير عن الفرش أيضاً بمقدمة صياغة الوثيقة العقدية وكذا الديباجة أو الاستهلال أو التقديم، ويتضمن مجموعة من البيانات لا تختلف في مجملها في كل العقود وأهمها :                                                                                                          
أ - التاريخ : ويقصد به تاريخ مثول الأطراف المتعاقدة أمام الموثق للإشهاد عليهم، وقد ألزم المشرع ذكره في طليعة الرسم، وإذا لم يتضمن المحرر هذا البيان كان لاغياً كمحرر رسمي، بحيث يصير مجرد محرر عرفي وذلك إذا تضمن توقيعات الأطراف.                                                              ب - مسمى العقد : أي  نوع التصرف القانوني الذي يحرره الموثق، هل هو بيع أو هبة... أو غيرها من التصرفات القانونية التي تدخل ضمن اختصاصات الموثق العصري.                                                                 ج - تعيين الموثق أو تلقي الإشهاد : وذلك بذكر اسم ولقب الموثق في فرش الوثيقة،  وكذا الدائرة التي ينتصب للإشهاد فيها، وذلك قصد إضفاء الصبغة الرسمية على توثيقه[41].                                              ه - أطراف العقد : وهي مرحلة ذكر وضبط هويات جميع الأطراف المتعاقدة والتأكد منها بجميع الوسائل الممكنة، ولا يجب الاقتصار على الإيجار فيها وإنما يتم التفصيل فيها وذلك طبقاً لما تقتضيه المادة 36 من قانون 32.09 والتي نصت صراحة على البيانات الواجب تضمينها في هذا الشأن إلا إذا كان قد تم ذكرها في العقد من قبل، فإن كان الأطراف لا يتوفرون على وثائق أو بطائق رسمية تعرف بهم، عرف بهم الموثق بواسطة شاهدين.
2) هيكل النص العقدي أو المحرر التوثيقي : يتجلى أساساً في شكل النص العقدي وفي موضوع العقد، الذي يمثل الجزء الأساسي والمميز للمحرر الرسمي كونه يبين ما تعلق به، الرضا في التعاقد ويحدد مقدار التزام كل طرف من المتعاقدين والآثار التي تترتب عنه. ويمكن تحديد وتصنيف البنود التي يتضمنها هيكل النص العقدي في أربعة بنود :                                                                  أ- البنود المبلورة للعناصر الأساسية في العقد : يمكن إجمال هذه البنود في كل الفقرات التي تحدد ما وقع الاتفاق والتراضي عليه، والذي على ضوئه يمكن تحديد طبيعة العقد وتكييفه بشكل صحيح. والعناصر الأساسية لكل عقد هي التي يؤدي تخلف أحدها أو كلها إلى عدم انعقاده من الأساس ، وهي إما أساسية بحكم القانون أو أساسية بحكم الاتفاق . فالعناصر الأساسية بحكم القانون تنصب أساساً على أركان كل عقد ، وخاصة الرضا الذي يرتكز بعناصر العقد الاساسية والاحتياطية وكذا الاختيارية إن لزم أو المحل الذي يجب أن يكون موجوداً أو قابلاً للوجود، معيناً أو قابلاً للتعيين، ومشروعاً[42]، والسبب الذي يجب أن يكون  كذلك مشروعاً وغير مخالف للقانون أو الأخلاق الحميدة. بينما العناصر الأساسية بحكم الاتفاق[43] فهي كل العناصر الثانوية التي تؤثر في التعاقد لولا أن إرادة المتعاقدين قصدت أن تصير عناصر أساسية يجب الخضوع لها تحت طائلة البطلان ، وهي تتمثل أساساً في كل البنود التعاقدية الرامية إلى مخالفة ما يتصل بالقواعد المكملة بصفتها عناصر اختيارية في العقود لا يؤثر إغفالها على الانعقاد[44].                                                                                                       
ب - البنود المبلورة للعناصر الثانوية في العقد : هذه البنود هي في الأساس عناصر متفق عليها وتضمينها إنما غايته تأكيد ما اتفق الأطراف المتعاقدون عليه ضمناً، وإغفال هذه العناصر الثانوية في الصيغة العقدية لا يؤثر في صحتها، ويدخل في هذا النطاق كل البنود التي تتصدى لبيان متحمل مصاريف التسليم أو التسلم أو يحدد فوائد التأخير وأحكام الضمان ومصاريف التوثيق ومكان وزمان التسليم و صوائر التسجيل ورسوم الضرائب،  فكل هذه العناصر والبنود منصوص عليها ومنظمة بقواعد مكملة فإن ورد النص عليها في بنود خاصة في الوثيقة فلا بأس، وإن تم إغفالها فلا يؤثر في صحة التعاقد. 
ج– البنود المبلورة للعناصر العرضية في العقد : العناصر العرضية في الصيغة العقدية هي تلك العناصر غير المألوف إدراجها، وإنما يقع إيرادها على سبيل الإستيثاق والضمان، كما هو الأمر في حالة إدخال أحد الأغيار كملتزم بأداء الثمن في البيع، أو كمن يشهد شخصياً في العقد على هوية شخص لا يمتلك وثائق رسمية تعرف به، وإشهاد شخصين في حالة التلقي الرسمي من الأمي، ومن هنا يأتي ذكر اسم الترجمان القضائي في صلب العقد ويوقع مع جميع أطرافه، وإلا نزعت صفة الرسمية عن هذا المحرر التوثيقي.                                                                                                         د- البنود المبلورة للعناصر القانونية في العقد : يقصد بالبنود المبلورة للعناصر القانونية في العقد كل ما يرد فيه بناء على اشتراط قانوني ويدخل في هذا الشأن إشارة وتلاوة الموثق للنصوص المنظمة ومحاربة الغش والتهرب الضريبيين المنصوص عليهما في هذا الباب، لهذا فعلى الموثق أن يقدم للأطراف المتعاقدة النصح والإرشاد الكافي في هذا المضمار، وذلك تماشياً مع نصوص المادة 37 من قانون 32.09[45]، وعليه كذلك أن يسرد عليهم المقتضيات المتعلقة بكتمان وإخفاء الأصول وأن يبين لهم الغرامات المطبقة على كل تهرب من أداء الواجبات المفروضة.                                                                   
3) السور أو القفل : أو خاتمة محرر النص العقدي يقصه به كل البنود التي ترمي إلى تبيان تمام كتابة ما يتعلق به الرضا في العقد والآثار القانونية لذلك. ويمكن تلخيص هذه البنود أو بيانات السور فيما يلي:      
 - تعيين محل المخابرة والتقاضي.                                                                              
-  التماس التقييد بالسجل العقاري إذا كان العقد واقعاً على عقار محفظ.                                     
- الإشارة إلى قراءة العقد على الأطراف وإطلاعهم على بنوده ومقدار التزام كل طرف حسب الفقرة الأولى من المادة 40 من قانون 32.09.                                                                      
- الإشارة إلى حصول التوقيع دلالة على إمضاء العقد وقبول مضمونه والرضا به رضاء تاماً في اللفظ والمعنى.                                                                                                           
- الإشارة إلى توقيع الشهود والترجمان والضامن عند الإقتضاء حسب المادة 43 من قانون 32.09.           
- تعيين مكان تحرير العقد وتاريخه[46].

ثانيا : بيانات الوثيقة العصرية

      حتى تمر العملية التعاقدية في جو من الأمانة والثقة، ألزم المشرع المغربي على الموثق بضرورة الالتزام بمجموعة من الضوابط وهو بصدد تحرير الوثيقة التعاقدية، حتى تكون صحيحة وخالية من كل عيب أو خلل قد يؤثر على حجيتها القانونية كما سبقت الإشارة، وذلك باعتبار هذه الوثيقة محرراً رسمياً لا يطعن فيه إلا بالزور.                                                               
1) البيانات العامة للوثيقة العصرية :
       حدد المشرع المغربي بموجب القانون 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق مجموعة من البيانات التي يتعين أن تشتمل عليها الوثيقة العصرية بصفة عامة وفي مجال التصرفات العقارية بصفة خاصة، وقد اعتبر الفقه هذه البيانات أركاناً وشروطاً ضرورية لاعتبار هذا المحرر صحيحاً منتجاً لكل آثاره القانونية. وتتخلص هذه البيانات فيما يلي :                                           
أ-  تحديد أطراف العقد بدقة :  بذكر أسمائهم الكاملة وبيان مواطنهم وتاريخ ومكان ولادتهم وجنسيتهم ونوع الوثيقة الرسمية التي تثبت هويتهم ومراجعها[47]، وكذا الإشارة إلى حالتهم العائلية والنظام المالي للزواج عند الإقتضاء، وهي البيانات المحددة بالفصل 36 من القانون أعلاه. وبخصوص التعريف بالأطراف بواسطة وثائقهم الرسمية فقد فرض المشرع من خلال المادة 37 من هذا القانون على الموثق التحقق والتثبت من هوية الأطراف وصفاتهم وأهليتهم، وفي حال إخلاله بذلك يتحمل مسؤولية تقصيره، لكن الملاحظ هو أن المشرع وعلى خلاف القانون القديم[48] لم يتناول الإجراءات القانونية الواجب اتباعها من طرف الموثق في حال إذا كان الأطراف لا يتوفرون على الوثائق الرسمية التي تعرف بهم، بحيث كان القانون القديم يعطي للموثق إمكانية التعريف بهم بواسطة شاهدين، في حين لم ينظم القانون الجديد ولم يتناول هذه الإمكانية.
ب-  مكان إنشاء المحرر: استلزم المشرع تحديد مكان تحرير الوثيقة العصرية وذلك بالإشارة إلى الدائرة التي يزاول بها الموثق إشهاده، على أن الهدف من ذلك هو مراقبة مدى احترام الموثق لاختصاصه المكاني، لأنه طبقاً للفصل 12 من القانون أعلاه بإمكان الموثق ممارسة مهامه بمجموع التراب الوطني، لكن يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع الأطراف خارج مقر مكتبه، إلا لأسباب استثنائية ووفق إجراءات مسطرية وقانونية محددة قانوناً.                                                                               ج-  تاريخ إنشاء المحرر: بحيث أوجب المشرع تضمين تاريخ وساعة توقيع الأطراف والموثق بالأرقام والحروف[49]، ومعلوم أن لتاريخ المحرر دور مهم في فض الكثير من النزاعات القضائية المثارة بشأن العقود التوثيقية وخصوصاً عندما يتعلق الأمر باحتساب مدة التقادم ومعرفة وتحديد القانون الواجب التطبيق.                                                                                                           
د- الإشارة إلى حضور الأطراف لمجلس العقد : والتماسهم من الموثق الإشهاد عليهم وتوثيق الإتفاق موضوع العقد، بحياد تام بعيداً عن كل تأثير أو تدخل من طرفه، وفي إطار من الشفافية والصدق، وعدم إخفاء الحقائق التي من شأنها أن تؤثر على العملية الموكولة إليه[50].            
م- بيان أركان وشروط العقد مع تعيين محله : وينبغي أن يكون التعيين كاملاً، وأن يتم بيان مراجع الوثيقة المعتمدة من الأطراف في إبرام العقد وتضمين المبالغ المالية بالحروف والأرقام[51].                         
ه- الإشارة إلى رضا الأطراف بالعقد وقراءة بنوده عليهم : وتفسيرها وتوضيحها لاستيعابها وهم في حالة رشد وصحة مع إخبارهم بمضمونه والآثار القانونية المترتبة عليه من طرف الموثق[52].                
و- تعيين محل المخابرة والتقاضي : بتحديد الجهة القضائية المختصة بفض النزاعات التي قد تنجم عن هذا العقد وفق المقتضيات القانونية والمسطرية المنظمة للاختصاص المكاني للمحاكم، مع الإشارة إلى ما إذا كان الأطراف قد اتفقوا على سلوك مسطرة التحكيم أو الوساطة.                                             
ي- توقيع جميع الأطراف والموثق : وكذا الشهود والترجمان إن تمت الاستعانة بهم في تلقي الإشهاد[53]، مع الإشارة إلى أنه إذا كان أحد الأطراف لا يحسن التوقيع، يتم وضع بصمته على العقد بعد أن يشهد عليه الموثق بذلك، وإذا تعذر عليه حتى الإبصام، فإن الموثق يشهد عليه بذلك بمحضر شاهدين، مع ضرورة توقيع الموثق بعد توقيع آخر طرف،  بحيث يكتسب المحرر الصبغة الرسمية ابتداءاً من تاريخ توقيع الموثق[54].                                                                                                                    هذا وتجدر الإشارة إلى أنه لكي يكون المحرر العصري سالماً من كل العيوب والشوائب التي قد تضعف حجيته، فإنه يتعين على الموثق احترام مجموعة من القواعد، أهمها تجنب الألفاظ المجملة التي لها احتمالات متعددة، وكذا إصلاح الأخطاء الكتابية. 
2) بيانات الوثيقة العصرية المنظمة بموجب بعض القوانين الخاصة :
      لقد سعى المشرع المغربي في الآونة الأخيرة إلى سن مجموعة من القوانين سمتها الأساسية الحرص على التنصيص على مكونات العقد داخل صلب القانون نفسه، كقوانين 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز و 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة و 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، والتي اصطلح عليها الفقه وسماها مجازاً بـ "قوانين الأصفار"، على أن هدفه الأساسي من ذلك هو حماية المتعاقد المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العقد، من خلال توفير الحد الأدنى من الحماية له، وذلك بالتنصيص على مشتملات العقد، بشكل يجعل المحرر يلعب دوراً أساسياً في خدمة القانون، ووسيلة فعالة وناجعة لفض النزاعات أمام القضاء. وتبعاً لذلك، فبالإضافة إلى البيانات العامة المنصوص عليها في القانون 32.09 استلزم المشرع توفر بعض البيانات الخاصة في المحرر التوثيقي في بعض أنواع المعاملات العقارية، وهي خصوصية نابعة من طبيعة العقارات موضوع العقد .

ثالثا : الجزاءات القانونية المترتبة عن تخلف بيانات المحرر التوثيقي


      تكتسب العقود والمحررات المنجزة من طرف الموثق الصبغة الرسمية المقررة بقانون الإلتزامات والعقود. والورقة الرسمية بمفهوم المادة 418 من هذا القانون هي الوثيقة التي يتلقاها الموظفون العمومية الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وهي حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع والإتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره، إلى أن يطعن فيها بالزور. وطبقاً للمادة 423 من القانون أعلاه فإن الورقة التي لا تصلح لتكون رسمية بسبب عدم اختصاص أو عدم أهلية الموظف أو بسبب عيب في الشكل، تصلح لاعتبارها محرراً عرفياً إذا كان موقعاً عليه من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة. وبالإطلاع على الأحكام الخاصة بحجية الوثيقة العصرية يتبين أن القانون 32.09 اعتمد وتبنى جميع القواعد العامة المتعلقة بحجية الوثيقة الرسمية الواردة بقانون الإلتزامات والعقود، بحيث نص الفصل 49 من هذا القانون على أنه : "يكون باطلاً كل عقد تم تلقيه وفقاً للشكل الرسمي إلا أنه أنجز خلافاً لأحكام المواد 30 و 31 و 37 و 39 و 40 من هذا القانون، وذلك إذا لم يكن هذا العقد مذيلاً بتوقيع كافة الأطراف، أما إذا كان يحمل توقيع كل الأطراف،  فتكون له قيمة وحجية العقد العرفي..."، كما طبق المشرع وأقر بموجب الفقرة الثانية من المادة أعلاه، نفس الجزاء القانوني إذا تلقى الموثق عقداً خارج مكتبه خلافاً للمادة 12 من هذا القانون أو إذا تلقاه موثق موقوف أو معزول.                                                                                                                                                                         يعتبر بطلان المحرر العصري نظاماً جزائياً مدنياً أقره المشرع من أجل حماية القواعد القانونية الخاصة بإنشاء التصرفات القانونية بمنع ترتيب آثارها، ولأجل ذلك فقد جعله من النظام العام[55]، وبتفحص أحكام بطلان المحرر التوثيقي كما هي منظمة بالفصل 49 الذي يتبين من خلاله أن المشرع أقر بطلان هذه الوثيقة وتجريدها من حجيتها القانونية في الحالات التالية :                                                                       
أ- إذا لم يتضمن هذا المحرر أحد البيانات الجوهرية المشار إليها أعلاه، أو إذا تسرب عيب أو خلل إلى إحدى هذه البيانات كالحالة التي لا يتحقق فيها من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف وعدم إبداء النصح للأطراف أو إعلامهم بمضمون العقد وآثاره والاستعانة بترجمان في حال عدم إتقان أحد الأطراف للغة التي حرر بها العقد...                                                                              ب- إذا تلقى الموثق هذا المحرر خارج مكتبه مخالفاً بذلك قواعد الاختصاص المنصوص عليها بالمادة 12.                                                                                                               
ج- إذا صدر المحرر عن الموثق وهو في حالة عزل أو توقيف[56].                                            د- إذا كانت للموثق أو زوجه أو أصوله أو فروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في إبرام العقد[57].                      
ه- إذا كانت زوجة الموثق أو أقاربه أو زوج أو أقارب شريكه أو أقارب أحد أطراف العقد، شاهداً في العقد الذي تلقاه هذا الموثق.                                                                                                                                   
إن الوثيقة المحررة من طرف الموثق، هي ورقة رسمية لها حجية قانونية لا يطعن فيها إلا بالزور، إلا إذا لحقها عيب شكلي أو اعتراها خلل مس ضوابطها القانونية[58]، بحيث تصبح باطلة. إلا أن المشرع المغربي لم يرتب بطلان المحرر التوثيقي بصفة كلية، بحيث اعتبره ووضعه في مصاف المحرر العرفي إذا كان يحمل توقيع الأطراف المتعاقدة، بحيث إذا كان المحرر العصري المشوب بالعيوب الشكلية أو الموضوعية المذكورة أعلاه، مذيلاً بتوقيع كافة الأطراف، تكون له قيمة العقد العرفي[59]. ومعلوم أن الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانوناً في حكم المعترف بها منه يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها، بذلك تملك قوة ثبوتية لا يمكن النيل من حجيتها إلا بإنكار خط أو توقيع المتعاقد المذيل بها.                                                                                                                 بقيت الإشارة إلى أن المشرع قد نص على أن المحكمة تصرح بالبطلان بناء على طلب كل من له مصلحة أو من طرف النيابة العامة، بحيث يتعين إثارة هذا الدفع قبل أي دفاع في الجوهر، وهنا يثار التساؤل عن مدى إمكانية المحكمة إثارة هذا البطلان من تلقاء نفسها؟ أي هل يعتبر البطلان في مثل هذه الحالة أعلاه بطلاناً مطلقاً يعطي المحكمة الحق في إثارته تلقائياً بدون تدخل من أي طرف لمساسه بالنظام العام، أم أنه مجرد بطلان نسبي يتوجب على من له مصلحة به أن يثيره ويتمسك به؟[60]               
      بقيت الإشارة إلى أنه بإمكان أطراف العقد التوثيقي الباطل مقاضاة الموثق ومطالبته بالتعويض، على أن ذلك لا يعفيه من المتابعة التأديبية وكذا الزجرية متى تحققت موجباتها.


















المبحث الثاني : الضوابط القانونية الخاصة بالمحررات العرفية والالكترونية

      يعتبر توثيق المعاملات والعقود بين الناس منبعا لاستقرارها، وشعور المتعاملين في إطارها بالأمن والاطمئنان وضمان الحقوق، وبذلك فقد أصبح التوثيق ركيزة أساسية لنماء الدول في كافة الحقول والميادين، وهذا ما يفسر تنوع أنماط التوثيق ببلادنا، فإلى جانب التوثيق العدلي والعصري الذي سبق وتطرقنا لهما، فإن تطورات العصر وغزو التقنية لكافة المجالات فرضت أنواع أخرى من التوثيق، التي تميزت بنوع من البساطة والسرعة والسهولة في إنجازها، سواء من حيث البيانات اللازمة لصحتها وكذا الشروط الواجب توافرها فيها، هذا إلى جانب قوتها الثبوتية ضمانا للحقوق ولاستقرار المعاملات، أكيد أننا نتحدث هنا عن المحررات العرفية والمحررات الالكترونية.

المطلب الأول : المحررات العرفية

      حسب المفهوم المتداول للتوثيق العرفي  يمكن تعريفه بأنه كل ما يقوم به المتعاقدون أو غيرهم من أعمال توثيقية دون أن يشهدوا على صحتها من لهم الصلاحية في الإشهاد و التوثيق، ذلك أن الوثيقة العرفية هي التي تصدر من ذوي الشأن بوصفهم أشخاص عاديين و يوقع عليها الملتزم لكي تكون دليلا كتابيا حيث لا يشترط فيها لتصلح للإثبات سوى الكتابة و التوقيع[61].
     هذا ما سنعمل على توضيحه من خلال هذا المطلب و ذلك بتخصيص الفقرة الأولى منه لمعرفة شروط و بيانات المحرر العرفي و التطرق في الفقرة الثانية لحجية الوثيقة العرفية.

الفقرة الأولى : شروط و بيانات المحرر العرفي

      تجب الإشارة إلى أن المحررات العرفية هي على نوعين إما أن تكون معدة للإثبات مسبقا، فيكون ذوي الشأن قد وقعوها مسبقا، لتعد بذلك أدلة كاملة للإثبات وقد تكون غير معدة للإثبات ومع ذلك يعطيها القانون قوة الإثبات، فمن الواجب أن يشتمل المحرر العرفي على مجموعة من البيانات وأن تتوفر فيه مجموعة من الشروط.

أولا : بيانات المحرر العرفي

      ويمكن إجمالها في البيانات التالية :
·      مسمى العقد : كأن نقول عقد بيع مسكن فردي
·      أطراف العقد : ونقصد أطراف عقد المحرر العرفي أي البائع و المشتري في عقد البيع مع ذكر وثائق التعريف التي تعرف بهم و رقم بطاقتهم الوطنية ومحل سكناهم.
·      تسطير ما تم الإتفاق عليه بين الطرفين، ويكون ذلك على شكل فصول ,مع بيان هذا المبيع ووصفه و بيان مساحته، و عنوانه، والإتفاق  على الثمن و كيفية أدائه، و يتحمل المشتري اعتبارا من تاريخ البيع جميع الضرائب و الرسوم كيفما كان نوعها، المفروضة حاليا على العقار و التي ستفرض مستقبلا[62]
·      كما يجب ذكر مكان تحرير المحرر العرفي و تاريخه مع المصادقة على المحرر من قبل الجهات المعنية.

ثانيا : شروط اعتبار المحرر وثيقة عرفية في القانون المغربي

      يشترط التقنين المغربي كغيره من التقنينات الوضعية الأخرى في المحررات العرفية ـ المنجزة من طرف المتعاقدين أو غيرهم ممن ليس لهم صلاحية  الإشهاد و التوثيق ـ أن تكون مكتوبة وموقعة من طرف الملتزم بما تضمنته[63]، ونقصد بالكتابة أن تكون مكتوبة بأية لغة كانت وبأية وسيلة كتابية سواء خط اليد أو الآلة، و بغض النظر عمن كتبها سواء الملتزم نفسه أو الملتزم له أو غيرهما، فبدون شرطي الكتابة و التوقيع معا لا تكون للوثيقة العرفية أي قيمة إثباتية.
      أما فيما يخص التوقيع فحسب الفصل 426 من قانون الالتزامات و العقود فمن شكلياته أن يكون بيد الملتزم نفسه و أن يرد في أسفل الورقة المكتوبة، ولا يقوم طابع الملتزم أو ختمه مقام توقيعه بيده.
     و هناك مجموعة من الدوافع التي تجعل الأفراد يستعيضون بالتوثيق العرفي عن التوثيق العدلي ضنا منهم أن المحررات العرفية المصادق عليها بمثابة الإشهاد عليها و توثيقها لدى الموثقين الرسميين،هذا بالإضافة إلى البساطة و السرعة في  إنجازها مقارنة بالوثيقة الرسمية، علاوة على ذلك إمكانية التهرب من أداء الواجبات الضريية بما فيها التسجيل و التمبر، و بخس مصاريفها ... .

الفقرة التانية : حجية المحرر العرفي

     القانون المغربي كغيره من القوانين الأخرى، يعتبر الكتابة و التوقيع شرطان أساسيان في العمل بالورقة العرفية، وبدونهما معا لا تكون لها أية قيمة إثباتية، ومن شكليات هذا التوقيع في التقنين المغربي أن يكون بيد الملتزم نفسه، وأن يرد في أسفل الورقة المكتوبة، ولا يقوم طابع الملتزم أو ختمه مقام توقيعه بيده، وهذا ما نص عليه الفصل 426 من القانون الالتزامات و العقود المغربي.
      فإذا حررت الورقة العرفية ووقعت طبقا لما ذكر اكتسبت حجيتها الإثباتية إذا لم ينكرها الموقع عليها أو ورثته أو خلفاؤه، ومن ثم كانت لها نفس القوة التي للورقة الرسمية بشروطها وحدودها القانونية بحيث نص الفصل 424 من قانون الالتزامات والعقود المغربي  على أن: "الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه، يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها، ذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و420 عدا ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد ".
     وفي نفس السياق ذهبت محكمة النقض إلى أن : "الثابت بمقتضى الفصل 424 من قانون الالتزامات و العقود أن الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها يكون لها نفس قوة دليل الورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات التي تتضمنها وذلك ما لم يطعن فيها بسبب الإكراه أو الاحتيال أو التدليس أو الصورية أو الخطأ المادي "[64].
      ونصت المادة 14 من قانون الإثبات المصري على أنه : "يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة...".
كما نص أيضا الفصل 431 من القانون المدني المغربي على أنه : " يجب على من لا يريد الاعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه فإن لم يفعل اعتبرت الورقة معترف بها...".
      ويتبين من خلال هاتين المادتين أن المحرر العرفي يعتبر حجة على صاحبه إذا أقر أنه هو الذي حرره أو سكت ولم يقل شيئا، وبالتالي تكون له قيمة إثباتية كتلك التي للمحرر الرسمي.
      وإذا ثبتت صحة التوقيع على محرر عرفي سواء بإقرار الخصم أم بإثبات ذلك بعد الإنكار، فإن هده الورقة العرفية تحوز الحجية  في مواجهة أطرافها وبالنسبة للكافة، لكنها لا يكون لها حجة على الغير بالنسبة للتاريخ المدون بها  إلا إذا أصبح التاريخ ثابت.
      بحيث جاء في الفصل 425 من قانون الالتزامات و العقود أن : "الأوراق العرفية دليل على تاريخها بين المتعاقدين وورثتهم وخلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم مدينه.
      ولا تكون دليلا على تاريخها في مواجهة الغير إلا :
- من يوم تسجيلها سواء كان دلك في المغرب أو في الخارج؛
- من يوم إيداع الورقة بين يدي موظف رسمي؛
- من يوم الوفاة أو من يوم العجز الثابت إذا كان الذي وقع على الورقة ببصمته متعاقدا أو شاهدا قد توفي أو أصبح عاجزا عن الكتابة عجزا بدنيا،
- من يوم التأشير أو المصادقة على الورقة من طرف موظف مأذون له بذلك أو من طرف قاضي سواء في المغرب أو الخارج؛
- إذا كان التاريخ ناتجا عن أدلة أخرى لها نفس القوة القاطعة.
ويعتبر الخلف الخاص من الغير، في حكم هذا الفصل، إذا كان لا يعمل باسم مدينه".
      وبناء على هذا فإن الورقة العرفية إذا وقعت من طرف الملتزم بها؛ كتبها هو أو كتبها غيره، فإنها تكتسب نفس القوة الاثباتية التي تكتسبها الوثيقة الرسمية – و لا سيما إذا صودق علي توقيعه أمام جهة مختصة أو سجلت أو أودعت ... طبقا للقانون – وذلك ما لم يتم إنكار ما فيها أو الطعن فيها بالزور في حالة المصادقة على التوقيع بها .[65]
      أما إذا لم يصحح التوقيع الموضوع في أسفل الورقة أمام جهة مختصة، فيمكن لمن ينسب إليه أو لورثته الطعن فيها بالإنكار كذلك، وحينئذ يلجا إلى مسطرة تحقيق الخطوط بواسطة الخبراء المختصين[66].
      والتوقيع قابل وحده لأن يكون محل تحقيق وبحث ولو لم تكن الكتابة بخط المنكر، وهذا بخلاف التوقيع الذي يكون في أسفل أصل الوثيقة الرسمية، فإن مجرد الإنكار غير كاف في الطعن فيه، بل لا بد من الدفع بزوريته تحت المسؤولية اللازمة في ذلك.
      أما فيما يخص صور المحررات العرفية فمن المعلوم أن المحررات العرفية لا تستمد حجيتها إلا من التوقيع، وصورها ينعم فيها التوقيع، وبالتالي ينتج عن ذلك عدم وجود أي قيمة إثباتية لصور المحررات العرفية وهذا يعتبر فرق من بين أحد الفروق بين المحرر الرسمي والعرفي.
      وهناك حالة تكون فيها صورة للمحرر العرفي مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ولو لم تكن موقعة  وهي ما إذا كانت الصورة محررة بخط الملتزم، فتستكمل  بالبينة والقرائن.
      فإذا لم تكن بخطه أو غير موقعة منه ولم يسلم بها وجب الرجوع إلى الأصل إن وجد و إلا فلا قيمة لها[67].

المطلب الثاني : المحررات الالكترونية                                     

      أدى التطور التكنولوجي السريع الذي نعيشه الان والذي يطلق عليه عصر ثورة المعلومات والبيانات إلى ظهور وسائل وأساليب جديدة لم تكن معروفة منذ سنوات قليلة، ومن بينها نجد أدوات إثبات جديدة والتي تعرف بالمحررات الالكترونية وهي محررات تعتمد على دعامات غير ورقية، ومن هنا تتبين الأهمية النظرية والعملية لدراسة المحررات الالكترونية، فالمكتبة القانونية لازالت فقيرة بمثل هذه الدراسات ناهيك عن المكانة المرموقة التي بدأ الأنترنيت يحتلها بين وسائل الاتصال الحديثة.                           
      ولقد وجدنا أنه من المناسب لإغناء هذا الموضوع والإحاطة ببعض جوانبه أن نقسمه إلى فقرتين : الفقرة الأولى سنعالج من خلالها الأحكام القانونية الخاصة بالمحررات الالكترونية، بينما سنعالج في الفقرة الثانية أهم بيانات المحررات الالكترونية وحجية إثباثها.    

الفقرة الأولى : الأحكام القانونية الخاصة بالمحررات الالكترونية                 

      يمكن تعريف المحررات الالكترونية بأنها البيانات والمعلومات التي يتم تبادلها من خلال المراسلات التي تتم بين طرفي العلاقة بوسائل إلكترونية، سواء أكانت من خلال شبكة الانترنيت أو من خلال الأقراص الصلبة أو أي وسيلة إلكترونية أخرى لتوصيل المعلومة بينهما أو إثبات حق أو القيام بعمل، ولهذه المحررات مجموعة من الشروط كما لها العديد من الصور وهذا ما سنعمل على توضيحه :                                             

أولا : شروط المحررات الالكترونية                                                  

      للمحررات الالكترونية مجموعة من الشروط ومن أهمها :                                  
أ- قابلية الكتابة الالكترونية للقراءة :                       
      تعرف الكتابة الالكترونية بأنها كل حروف أو أرقام أو رموز أو أي علامات أخرى تثبت على دعامة الكترونية أو رقمية أو ضوئية أو أي وسيلة أخرى مشابهة وتعطي دلالة قابلة للإدراك، وبالتالي تعتمد المحررات الالكترونية في كتاباتها على الاشارات والرموز والأرقام والتي يجب أن تكون مقروءة ومفهومة لدى أطراف العقد، ولن يتأتى ذلك إلا باستعمال رموز وحروف معروفة لديهم[68]، وهذا الشرط بطبيعة الحال متوفر في الكتابة الالكترونية وإن كان ذلك يستدعي استعمال الحاسوب عن طريق برامج معينة تقوم بترجمة هذه الرموز المستعملة إلى اللغة التي يفهمها ويستوعبها الانسان[69]، وذلك لأن هذه المحررات مادامت تقوم على وسائط غير مادية - إلكترونية، فمن الطبيعي أن تتم قراءتها بواسطة جهاز الحاسوب وبلغة مفهومة وواضحة . ومن بين التشريعات التي أشارت إلى هذا الشرط نجد المشرع الفرنسي في المادة 1316 من القانون المدني حيث اشترط في الرموز والإشارات المستعملة في الكتابة الالكترونية أن تكون مفهومة وواضحة وكذلك المشرع المغربي في الفقرة الأولى من الفصل 417 المعدل بموجب القانون 53.05 والذي أشار إلى هذه المسألة بنفس العبارة التي استعملها المشرع الفرنسي في المادة السابقة، وبالتالي فالإشارات والرموز غير المفهومة والتي لا يستوعبها الانسان ولو بواسطة جهاز الحاسوب، والتي لا تعبر عن مضمون الالتزام بشكل واضح لا تصلح أن تكون كتابة الكترونية تشكل المحرر الالكتروني.                                                                             
ب- استمرارية ودوام الكتابة الالكترونية :                                    
      إذا كانت المحررات الورقية تتوفر على هذا الشرط بالنظر إلى طبيعتها فإن استخدام المحررات الالكترونية يثير اشكالا هاما حول مدى تحقق شرط الاستمرارية فيها، فالكتابة الالكترونية لتكون دليلا يعتد به في إثبات الحقوق والتصرفات القانونية أمام القضاء، لابد من أن يتوفر فيها شرط الاستمرارية وبالتالي قد اشترط الفقه أن يكون الدليل الكتابي الالكتروني مثله مثل الأدلة الكتابية الورقية متصفا بالدوام والاستمرارية حتى تتوفر إمكانية الرجوع إليه عند الحاجة من طرف كل ذي مصلحة من الأطراف[70].                              
      وفي هذا الصدد شكك الأستاذ عبد الباسط جميعي، في مدى الاحتفاظ بالمحررات الالكترونية لفترة طويلة، على اعتبار أن الدعائم الالكترونية تتصف بالحساسية المفرطة مما يجعلها عرضة للتلف والاندثار، إلا أن التطورات التقنية في مجال نقل وتبادل وحفظ المعطيات القانونية أخذت أشكالا متنوعة وتطورات عبر الزمن، بدءا من الأقراص المرنة المستخدمة للتخزين والحفظ إلى الأقراص الصلبة، وأقراص الليزر وشرائح الذاكرة، والتطورات في هذا الإطار مستمرة وكل يوم تظهر وسائل جديدة ذات سعة كبيرة ودرجة أمان وحماية عالية. مما يجعل هذه التخوفات من اندثار المحرر الالكتروني مستبعدة، إذ أن الوسائل المستخدمة بشأن الحفاظ على المعلومات والبيانات الالكترونية أصبحت بمقدورها أن تحافظ على المحررات الالكترونية وتجعلها مستمرة في الزمن.             
      ونجد المشرع المغربي في معرض حديثه عن المحررات الالكترونية[71] نص على هذا الشرط لأهميته في إقرار الحجية القانونية للمحررات الالكترونية والحفاظ على حقوق الأطراف.                                                       
ج- حفظ المحررات الالكترونية من كل تعديل أو تحريف :               
      يجب أن تكون المحررات الالكترونية محمية من التعديل والتغيير، أي أن يكون المحرر الالكتروني مقاوما لأي محاولة لإجراء تعديل أو تحريف في مضمونه حتى يحوز على الثقة والأمان[72]، مما يجعل هذه المسألة أهم مشكلة للعمل بالمحررات الالكترونية في الميدان القانوني، فإذا كانت المحررات الورقية قد وضعت لها قواعد تضمن سلامتها لكونها محررة بطريقة يسهل معها كشف أي تحريف وقع فيها، حيث لا يتم التغيير إلا بإتلاف الدليل وترك أثر عليه، فإن المحرر الالكتروني عكس ذلك فقد يتعرض للتغيير والتحريف دون أن يترك أي أثر لذلك، ولهذا السبب تم ابتكار وسائل متطورة تجعل من المحرر الالكتروني مجرد رموز وإشارات غير مفهومة بحيث لا يستطيع أحد المساس بها أو كشف محتواها إلا لمن يتوفر على المفتاح الخاص بذلك وهذه التقنية هي المسماة بتقنية التشفير ( لقد أشار المشرع المغربي لتعريف هذه التقنية بشكل مقتضب من خلال تعريفه لوسائل التشفير وتحديد وظائفه بكونه تحويل للمعطيات سواء كانت عبارة عن رموز أو إشارات عن طريق برامج مخصصة لهذا الغرض وذلك في الفقرة الثانية من المادة 12 من قانون رقم 35.05) والتي تقف في وجه أي تغيير يلحقه المحرر. مما يجعلنا نقول بأن المحررات الالكترونية مثلها مثل المحررات العادية يمكن أن تتوفر فيها شروط الأمان والثقة ، بشكل يجعلها في مأمن من التغيير والتجويف الذي قد يضر بأطراف التصرفات القانونية ،وحتى إذا ما سلمنا بحدوث أي تغيير في المحرر الالكتروني فإن الوسائل الحديثة التي تم ابتكارها تمكن من كشف ذلك التغيير.                                                                                                                                     
د- التوقيع الالكتروني :                                                    
      يعتبر التوقيع الشرط الأساسي والمحوري للمحررات، وذلك لأن المحرر بدون توقيع لا قيمة له من الناحية القانونية، فهو الذي يعبر عن نية الشخص في التعاقد أو الالتزام، وفي مجال المحررات الالكترونية فإن القانون يشترط التوقيع عليه حتى ينتج اثاره القانونية وبالتالي اعتبرت معظم القوانين أن التوقيع الالكتروني يفي بهذا الغرض، وتجدر الإشارة في البداية إلى أن هناك تباين في التعريفات التي أعطيت له بحسب الزاوية التي ينظر منها إليه، فهناك من يقوم بتعريفه بالنظر إلى الوسيلة المستعملة في وضعه، وهناك من عرفه على أساس الوظائف التي يقوم بها، ومن بين التشريعات التي عرفت التوقيع الالكتروني انطلاقا من وظائفه نجد المشرع المغربي في الفصل 417.2 والذي حدد هذه الوظائف في التعريف بشخصية الموقع والتعبير عن التزامه بمحتوى المحرر الالكتروني متأثر بتوجه المشرع الفرنسي الذي أخذ منه هذا المقتضى بشكل حرفي، وقد أحسن المشرع المغربي والفرنسي صنها عندما لم يتطرقا للطريقة أو الشكل الذي يكون عليه التوقيع الالكتروني وهو أمر سيجعل النص القانوني يستوعب جميع الأشكال التي يتم بها حاليا أو التي ستستجد في المستقبل.                                                       
بينما نجد المشرع المصري قد عرفه[73]  بكونه يتخذ شكل حروف أو أرقام أو إشارات أو غيرها، ويكون له طابع متفرد يمكن من تحديد شخصية الموقع ويميزه عن غيره، وبالتالي يكون قد اعتمد على الشكل الذي يتخذه التوقيع الالكتروني والوظائف التي يقوم بها.                                           
      أما على المستوى الفقهي فمعظم التعريفات ركزت على وسيلة التوقيع ووظائفه حيث عرفه أحد الفقهاء باعتباره مجموعة من الاجراءات القانونية التي تسمح بتحديد هوية من تصدر عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف الذي يصدر بمناسبته.                                                    
      وما نخلص إليه في الأخير أن التصور التقليدي للتوقيع كالكتابة بخط اليد لم يعد واردا وليس له معنى في ظل التقنيات الحديثة وظهور التوقيع الالكتروني.        

ثانيا : صور المحررات الالكترونية

      إن المحررات الالكترونية أدلة كتابية مثلها مثل المحررات الورقية، حيث لا يمكن التغاضي عن أهميتها في ضمان حقوق الأفراد وإثبات تصرفاتهم القانونية في العصر الحديث، والمحررات تنقسم إلى نوعين، عرفية وأخرى رسمية حيث نص الفصل 417 من ق.ل.ع على ما يلي : “الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية…”.
      فبخصوص المحررات الإلكترونية العرفية تجدر الإشارة أولا أنه من المسلم به أن المحررات العرفية لا يشترط فيها المشرع أن تتخذ شكلا معينا[74]، ولكي تكون لها حجية في الإثبات لابد من توفر شرط جوهري وهو التوقيع ما لم يتم إنكاره حسب  الفصل 431 من ق.ل.ع، ولهذا ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ اﻟﻌﺮﻓﻴﺔ الالكترونية ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ تستوفي الشروط المنصوص ﻋﻠﻴﻬﺎ تحديدا ﻓﻲ  الفصلين 417-1 ﻭ 417-2 ﻣﻦ ق.ﻝ.ﻉ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ترتد ﻓﻲ آﺧﺮ المطاف ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :
* ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ توﻗﻴﻊ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ صدرت ﻋﻨﻪ.
* ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ معدة ﻭﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﺿﻤﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺗﻀﻤﻦ تماﻣﻴﺘﻬﺎ.
* ﺃﻥ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ توﻗﻴﻌﺎ ﻣﺆﻣﻨﺎ حسب الفصل 3-417  من ق.ل.ع.
* ﺃﻥ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ تاﺭﻳﺨﺎ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ اﻟﻤﺆﻣﻦ.  وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ الذكر ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﺻﻔﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﻋﺮﻓﻴﺔ ﻓﻜﻠﻤﺎ تجمعت هذه اﻟﺸﺮﻭﻁ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ اﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺛﻖ اﻟﻌﺼﺮﻱ ﻓﻲ حدود ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ المحدد في ﻇﻬﻴﺮ 4  ﻣﺎﺭﺱ 1925 ﺇﻻ ﻭﺗﻤﺘﻌﺖ بحجيتها ﻭﻗﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺜﺒﻮﺗﻴﺔ .
      يتبين من خلال ما سبق أن المشرع المغربي أعطى للمحرر الإلكتروني الذي تتوفر فيه الشروط القانونية نفس القيمة التي يتمتع بها المحرر الورقي، ويستخلص ذلك من خلال الفقرة الثانية من الفصل 417-2 التي تنص على شروط إصباغ الرسمية على هذه المحررات، وحسنا فعل المشرع المغربي عندما عالج هذه المسألة، تفاديا للإشكاليات التي قد تثار بشأنه.
      نفس الشيء بالنسبة للمشرع التونسي حيث تنص الفقرة الثانية من الفصل 453 مكرر من م.إ.ع على ما يلي : “وتعد الوثيقة الإلكترونية كتبا غير رسمي إذا كانت محفوظة في شكلها النهائي بطريقة موثوق بها ومدعمة بإمضاء إلكتروني”، أي والذي قرر عرفية الوثيقة الإلكترونية إذا كانت محفوظة في شكلها النهائي بطريقة موثوق بها ومدعمة بإمضاء إلكتروني، وبفقدان أحد هذه الشروط تسقط حجيتها، وتنفي عنها صفة المحرر العرفي[75]، ولا تعتبر حينئذ حجة كاملة يعتد بها في الإثبات، وإنما بداية حجة كتابية.
      أما بخصوص المحررات الإلكترونية الرسمية فكما هو معلوم أن المحررات الرسمية هي التي يتلقاها الموظف العمومي المرخص له قانونا بتوثيق العقود، والموظف العمومي هو كل شخص تعينه الدولة للقيام بخدمة من الخدمات، فكل من تتوفر فيه صلاحية كتابة محرر ما يصبح ذلك المحرر رسميا، مع اشتراط أن يكون للموظف العمومي الحق في تحرير السند الرسمي من حيث الموضوع والزمان والمكان[76]. من هنا يتبين أن ما يعطي الحجية للمحرر الرسمي هو توثيقه من طرف موظف عمومي تكون له صلاحية التوثيق بمقتضى القانون، فهو الذي يتولى مهمة الإشراف والمصادقة على إرادة الأطراف، ويكون مسؤولا عما شهد به من وقائع واتفاقات وقعت أمامه، ويختم الوثيقة بتوقيعه، إلى جانب توقيع الأطراف ويحتفظ بالأصل في ديوانه ويسلم نسخة منها للأطراف[77]. وفي الفقرة الثانية من الفصل 2-417 من ق.ل.ع : "تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق"، فظاهر النص يوحي بأن ما يكسب المحرر الإلكتروني صبغة الرسمية هو وضع التوقيع الإلكتروني أمام الموظف العمومي, إضافة إلى الشروط التي ذكرناها بالنسبة للمحرر الإلكتروني العرفي.
     أما الدور الذي يقوم به الموثق هي مهمة تنطوي على تعقيدات كبيرة مقارنة مع المهمة التقليدية التي يقوم بها الموثق في المعاملات العادية[78]، لأن الحضور الشخصي للموثق في المعاملة الالكترونية لا يمكن أن يكون في مجلس واحد بسبب تباعد الأطراف مكانيا، إذ لو كان المجلس واحد ما كانت هناك حاجة للتعاقد الالكتروني أصلا،  ومن تم فان ما يمكن تصوره هو حضور الموثق الفعلي لوضع التوقيع الالكتروني لأحد الأطراف فقط ثم بعد ذلك يرسل الوثيقة الكترونيا للطرف الآخر للغرض نفسه أمام موثق آخر أو أمام نفس الموثق إذا تسنى له الانتقال لذلك الطرف، و أما إذا تصورنا الحضور الافتراضي للموثق فمعنى ذلك أن معاينته كذلك تكون افتراضية لوضع التوقيع الالكتروني، و هذا يتطلب معدات تقنية وبرمجيات متطورة جدا لكي توفر مجالا لتلاقي الموثق بالأطراف على شبكة الانترنيت على غرار منتدى النقاش و هي إمكانيات غير متاحة حاليا للموثقين في أغلب البلدان المتقدمة فبالأحرى في بلادنا إذا مازال استعمال وسائل الاتصال في التوثيق مقتصرا لدينا على الطبع و تخزين البيانات و على البريد الالكتروني و الويب, إذ أن المشرع الفرنسي وضع مجموعة من القواعد، والذي أوجب على الموثقين استعمال نظام معالجة وتحويل للمعلومات مقبول معترف به من طرف المجلس الأعلى للتوثيق، وضامنا لسرية مضمون العقد.

      إن الورقة الرسمية متى استوفت الشروط و تمت بالمعايير التي حددها القانون إلا واكتسبت حجية قاطعة لا بالنسبة للمتعاقدين فحسب بل حتى بالنسبة للغير، يتضح أن هناك نوعان من البيانات يكسبان الورقة الرسمية حجيتها و هي:
1) البيانات التي قام بها الموظف في حدود مهمته و بينهما في الورقة الرسمية من قبل التاريخ، مكان التلقي، توقيعه، و توقيع ذوي الشأن و الإجراءات المصاحبة لذلك من تسجيل و غيره.
2) الاتفاقات و الوقائع التي حصلت في محضر الموظف من طرف المتعاقدين، و هذا يتعلق بموضوع الورقة الرسمية التي حررت بمعرفة الموظف العمومي بيعا أو غير ذلك، وهذا البيانات بنوعيها تكسب الورقة الرسمية حجية لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور لأن فيها مساس بأمانة الموظف العمومي[79].
      و تجدر الإشارة في الأخير أن المشرع المغربي سعى إلى تحديث الترسانة القانونية بمقتضى قانون 05-53 و مواكبته للتطورات التقنية في مجال المعلومات و كذا حرص المشرع على تهيئة بيئة قانونية ملائمة للتطورات التقنية في المعاملات الالكترونية.

الفقرة الثانية : البيانات اللازمة لصحة المحرر الالكتروني وحجيتها في الاثبات                                                          

      سنحاول من خلال هذه الفقرة ابراز أهم البيانات اللازمة لصحة المحرر الالكتروني وحجيتها في الاثبات.                                                 

أولا : البيانات الازمة لصحة المحرر الالكتروني

      كان من نتيجة التطورات  في تكنولوجيا التبادل الالكتروني للبيانات و ظهور الحاجة الى البحث عن وسيلة لحفظ و توثيق و تخزين هذه البيانات والمعلومات، مما أدى إلى ظهور المحرر الالكتروني، و هذا الأخير يعد من الأمور الهامة التي يتعين مراعاتها، حتى اذا ثار نزاع بين الأطراف التعامل أمكن آنذاك إقامة دعوى إثبات الحق بناءا على ما سجل من بيانات متبادلة، و يحتوي المحرر على عديد من البيانات الخاصة بالمعاملات الالكترونية و هي[80] :
·      تاريخ و زمان إرسال و الاستلام البريد الالكتروني.
·      الهوية و البريد الالكتروني للطرفين.
·      الاسم و العنوان للطرفين.
·      توقيع الأطراف.
·      حجم التعامل بين الأطراف .
·      نسخة طبق الأصل يحتفظ به بالأرشيف.
·      ملف إضافي يحتوي على معلومات أخرى ترتبط بالتعاملات.
·      معلومات عن الفواتير أو المستندات الخاصة بالتبادل الالكتروني.
·      بيان البرتوكول و المعايير الخاصة بالتبادل الالكتروني للبيانات EDI التي تم تسليم الرسائل بموجبها و ذلك كصيغة نموذجية يستخدمها الأطراف فيما بينهم بعد ذلك في المعاملات المستقبلية.
      إذا كانت أغلبية العقود المبرمة بالطرق التقليدية تحتاج إلى وجود وسائل مكتوبة أو سجل مادي ملموس يمكن للأطراف الرجوع إليه في حالة الشك أو التزوير.

ثانيا : حجية المحررات الالكترونية من حيث الاثبات             

      قبل الحديث عن حجية المحررات الالكترونية في الاثبات تجدر الاشارة إلى أن المشرع المغربي شأنه في ذلك مجموعة من التشريعات المقارنة لم يقم بتعريف المحرر الالكتروني، وإنما اكتفى بتقرير مجموعة من المقتضيات التي تهم تحريره والتقنيات المستعملة في ذلك.                                                        
      وعموما يمكن تعريف هذه المحررات بأنها عبارة عن مجموعة من الحروف أو الرموز أو الأرقام التي تثبت على دعامة الكترونية أو ضوئية أو رقمية أو أية وسيلة أخرى مشابهة شريطة أن تعطي دلالة قابلة للإدراك[81]، وبرجوعنا إلى القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، نجد أن المشرع المغربي قد ساوى بين حجية الدليل الكتابي والدليل الالكتروني.                           
      فالوثيقة الالكترونية تقبل بدورها الاثبات بالطريقة الذي تتم بها إثبات المحرر الورقي لكن شرط أن يكون بالإمكان التعرف على الشخص مصدر المحرر الالكتروني وكذلك أن يكون معدا بشكل يضمن سلامته وهذا ما جاء به الفصل 1.417 من قانون الالتزامات والعقود المغربي المعدل بموجب القانون 53.05  حيث جاء نصه كالتالي : " تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة الكترونية بنفس قوة الاثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق".                             
      وبالتالي تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات شأنها في ذلك الوثيقة المحررة على الورق، شريطة أن يكون بالإمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه، وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها وأخيرا أن يتم التعرف على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله للالتزامات الناشئة عن الوثيقة المذكورة.                       
  




خاتمة :

       وخلاصة القول، أن الموضوع حاول الجمع بين مجموعة من القوانين المختلفة ليدرس الأوضاع القانونية الخاصة بشكل كل من المحررات الرسمية الصادرة عن كل من العدل والموثق العصري، وكذا المحررات العرفية والمحررات الالكترونية، وذلك ابتداء من الأحكام المنظمة لمهنة الثوثيق العدلي المضمنة في القانون رقم 03-16 أو المقتضيات التي جاءت بها القوانين التطبيقية المواكبة له، و كذا الأحكام الواردة في قانون التوثيق العصري رقم 32.09، وكذا الاطلاع على المقتضيات القانونية الخاصة بالتبادل الالكتروني والممثلة في القانون رقم 53.05، دون إغفال المقتضيات القانونية العامة كقانون الالتزامات والعقود.
        و تماشيا مع كل ما ذكر، تناول الموضوع أوضاع شكل المحرر الصادر عن الموثق العدل والموثق العصري والمحرر العرفي والالكتروني، مبرزا الاختلافات البنيوية والشكلية بين هذه المحررات، سواء من حيث قالب بناء المحرر أو من حيث احترام الضوابط التوثيقية الأساسية له. موضحا أن هذه المحررات تجتمع في كون أن أي محرر يصدر لا مناص من أن يتضمن شكليات وبيانات واجبة التنفيذ، تختلف باختلاف المراحل التي يمر منها كل محرر.
       كما تناول الموضوع أيضا حجية كل محرر من المحررات المذكورة، على أساس أنه كلما كان المحرر واضحا ووافيا بالمطلوب منه، مشتملا على كل ما يحقق فائدته من بيانات وقواعد و ضوابط، اكتسب حجية قاطعة بين الأطراف المنشئة له، مؤكدا امتداد هذه الحجية حتى إلى الأغيار.







المراجع المعتمدة :

القرآن الكريم
الكتب :
&                   عبد المجيد بوكير : التوثيق المغربي: واقع وآفاق، أشغال الندوة الوطنية بالكلية متعددة التخصصات بتازة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، يومي 24-25 أبريل 2008، الطبعة الأولى 2010.
&                   سعد سليمان الحامدي : التوثيق وأحكامه في الفقه الاسلامي، دار السلام، الطبعة الأولى 2010.
&                   محمد الربيعي : الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم، دراسة على ضوء التوثيق العدلي والعصري، مطبعة وراقة الوطنية، الطبعة الأولى 2008.
&                   العلمي الحراق : التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في أحكام غيبية الزوج، أطروحة لنيل الدكتوراه، طبعة 2005.
&                   محمد الشنتيوي : المعين في التوثيق وفق الضوابط المنظمة لخطة العدالة، دراسة نظرية وتطبيقية، الطبعة الأولى 2001.
&                   برهان الدين بن الوفاء ابراهيم : تبصرة الأحكام في أصول ومنافع الأحكام، الجزء الأول.
&                   العلمي الحراق : التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة، الجزء الأول، طبعة 2009.
&                   غزلان الشافعي : المعاملات العقارية بين ظاهرة انتشار المحررات العرفية وضمانات المحررات الرسمية،رسالة لنيل دبلوم ماستر المدني والأعمال،جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2010-2012.
&                   لمياء الفكراني : توثيق المعاملات العقارية في المحررات الرسمية،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول بوجدة،السنة الجامعية 2006-2007.
&                   محمد شليح : مرشد الحيران إلى الفهم المحدود بفك القيود عن نكت أحكام البيع المنضود في القانون المغربي للالتزامات والعقود، طبعة 1998.
&                   ادريس العلوي العبدلاوي : النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد،طبعة 1996.
&                   جيهان بونبات : الكتابة في البيع العقاري- توثيق التصرفات العقارية.
&                   رشيد خيري : مسؤولية الموثق في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العقارية والتعمير،جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات،السنة الجامعية 2011-2012.
&                   عبد العزيز العيساوي : ضوابط وبيانات قيام كل من الوثيقة العصرية والعدلية والمحرر العرفي، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس 2013.
&                   حسن عبد الباسط جمعي : إثبات التصرفات التي يتم إبرامها عن طريق الأنترنيت، دار النهضة العربية، القاهرة 2002.
&                   محمد ابراهيم أبو الهيجاء : عقود التجارة الالكترونية، العقود الالكترونية، القانون الواجب التطبيق، المنازعات العقدية وغير العقدية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2005.
&                   أحمد درويش : تأملات حول قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، عناصر لمناقشة مدى تأثير القانون رقم 53.05 على ق.ل.ع،مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى 2009.
&                   طارق عبد الرحمن ناجي كميل : التعاقد عبر الأنترنيت وآثاره، دراسة مقارنة.
&                   محمد يحيى مطر : مسائل الاثبات في القضايا المدنية والتجارية، الدار الجامعية، بيروت، طبعة 1991.
&                   عباس العبودي : شرح أحكام قانون الاثبات المدني.
&                   العربي جنان : التبادل الالكتروني للمعطيات الالكترونية (رقم 53.05)، دراسة تحليلية نقدية، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2008.
&                   المعطي الجبوجي : القواعد الموضةعية والشكلية للاثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، مكتبة الرشاد.
&                   عبد الرحمن بلعكيد : وثيقة البيع بين النظر والتطبيق.
&                   محمد جميل بن مبارك : التوثيق والاثبات بالكتابة (في الفقه الاسلامي والقانون الوضعي)،طبعة 2000.
المجلات والمقالات :
&                   عبد العزيز العيساوي : ضوابط وبيانات قيام كل من الوثيقة العصرية والعدلية والمحرر العرفي، مقال منشور بموقع   Marocdroit.comبتاريخ 16 غشت 2013
&                   عبد الله درميش : أخلاقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم، مجلة رحاب المحاكم، العدد 3.
&                   مجلة المنبر القانوني : عدد 4، أبريل 2013.
&                   المنصف رغاب : الوثيقة الالكترونية، مجلة القضاء والتشريع التونسية، العدد 10، ديسمبر 2005.
&                   نور الدين الناصري : المحررات الالكترونية وحجيتها في إثبات التصرفات المدنية والتجارية،مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 112، يناير-فبراير 2008.
&                   مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 46.
القوانين :
&                   قانون الالتزامات والعقود.
&                   القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.
&                   القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
&                   قانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.











الفهرس :

                                                                                   


[1] عبد المجيد بوكير : التوثيق المغربي : واقع وآفاق، أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف مسلك القانون الخاص بالكلية متعددة التخصصات بتازة جامعة سيدي محمد بن عبد الله يومي 24-25 أبريل 2008، ط:1، 2010، ص: 130.
[2]  سعد سليمان الحامدي : التوثيق وأحكامه في الفقه الإسلامي، دار السلام، ط: 1، 2010، ص: 40.
[3]  محمد الربيعي : الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم، دراسة على ضوء التوثيق العدلي والعصري، مطبعة وراقة الوطنية، ط: 1، 2008، ص: 14.
[4] العلمي الحراق : التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في أحكام غيبية الزوج، أطروحة لنيل الدكتوراه، ج : 1، ط: 2005، ص 15.
[5] محمد الشتوي : المعين في التوثيق وفق الضوابط المنظمة لخطة العدالة، دراسة نظرية وتطبيقية، ط: 1، 2001، ص: 5-6.
[6] الظهير الشريف رقم 1.06.56 الصادر في 14 فبراير 2006 بتنفيذ القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة الجريدة الرسمية عدد 5400 صفحة 566  .
[7]  مرسوم رقم 2.08.378 صادر بتاريخ 28 من شوال 1429 ( 28 أكتوبر 2008 ) بتطبيق أحكام القانون رقم 16,03 المتعلق بخطة العدالة الجريدة الرسمية  عدد 5687 صفحة 4403
[8] ظهير شريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 ( 22 نوفمبر 2011 ) بتنفيد القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية
[9]- الجريدة الرسمية عدد 46 بتاريخ 12 غشت 1913.
[10]  نص الفصل: 418 من ق.ل.ع على مايلي: "الورقة الرسمية هي التي يتلقاه الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، و ذلك في الشكل الذي يحدده القانون.
و تكون رسمية أيضا:
- الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم
- الأحكام الصادرة من المحاكم المغريبة و الأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيد أن تكون حجة على الوقائع التي ثتبثها."
[11]  نص الفصل 419 من ق.ل.ع على مايلي: " الورقة الرسمية حجة قاطعة، حتى على الغير في الوقائع و الإتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره و ذلك إلى أن يطعن فيها بالزور...."
[12]  برهان الدين ابن الوفاء ابراهيم : تبصرة الأحكام في أصول و منافع الأحكام، الجزء الأول، ص: 174.
[13] ألمادة 25 : "....تشتمل الوثيقة في طليعتها على أسم عدليين التلقي ودائرة انتصابهما ...".
[14]  محمد الشتوي : المعين في الثوتيق وفق الضوابط المنظمة لخطة العدالة، الطبعة الاولى 2001
[15]  المادة 418  من قانون الالتزامات و العقود : " الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد ، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون ..." .
[16]  المادة 35 من خطة العدالة
[17]  العلمي الحراق : التوتيق العدلي بين الفقه المالكي و التقنين المغربي و تطبيقاته في مدونة الأسرة الجزء الأول، طبعة 2009، ص: 110
[18]  العلمي الحراق : نفس المرجع ، ص 113
[19]  العلمي الحراق : نفس المرجع، ص : 115.
[20]  العلمي الحراق : نفس المرجع،  ص : 120
[21]  محمد الشنتيوي : مرجع سابق ، ص: 28 -29.
[22]  مرسوم رقم: 2.08.378 صادر في 28 من شوال 1429 (28 أكتوبر 2008) بتطبيق أحكام قانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.
[23]  الفصل 20 من قانون خطة العدالة رقم 16.03 نص على ما يلي : " في حالة الإمتناع عن التوقيع أو وضع البصمة أسفل الشهادة بعد إدراجها بمذكرة الحفظ، يشير العدلان إلى هذا الإمتناع قبل توقيعهما و يخبران القاضي المكلف بالتوثيق فورا بذلك."
[24]   نص الفصل 33 من ق.16.03 على ما يلي : " يجب أن ينص بهامش الشهادات و بنسخها قبل الخطاب عليها على إسم السجل المضمنة به ورقمه و العدد الترتيبي و الصفحة و تاريخ التضمين، و كذا مراجع التسجيل بالنسبة إلى نسخ الرسوم الخاضعة له."
[25]   نص الفصل 21 من ق 16.03 على مايلي: " إذا توفي عدل أو زالت عنه الصفة أو إنتقل أو فقد أهليته أو عاقه عائق آخر عن الأداء بعد أن تلقى شهادة بصفة قانونية و أتبتها في مذكرة الحفظ، كلف القاضي... بناء على طلب يقدم إليه من ذوي المصلحة عدلين للتعريف به.... تم  يحرر رسم ذلك و يضمن بسجل التضمين... و يعتبر رسم التعريف بعد الخطاب عليه بمتابة أصل...
[26] - غزلان الشافعي  :  المعاملات العقارية بين ظاهرة إنتشار المحررات العرفية وضمانات المحررات الرسمية، رسالة لنيل دبلوم في وحدة القانون المدني والأعمال جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم الإقتصادية والإجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2010-،2012، ص : 88 .
[27] - لمياء الفركاني : توتيق المعاملات العقارية في المحررات الرسمية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول  كلية العلوم قانونية ةالإقتصادية والإجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2006-2007، ص 51.
[28]- عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص : 241.
[29] عبد المجيد بوكير: نفس المرجع، ص: 219.
[30]- سورة الطلاق من الأية 2
[31] عبد المجيد بوكير : نفس المرجع ، ص: 220 وما بعدها.
[32] مجلة المنبر القانوني:  عدد 4 ، أبريل 2013 ، ص: 41 و 42.
[33] لمياء الفركاتي: مرجع سابق، ص: 52.


-[36] رشيد خيري: "مسؤولية الموثق في التشريع المغربي". رسالة لنيل دبلوم الدراسات العقارية والتعمير، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بسطات، السنة الجامعية : 2011– 2012، ص: 55.
-[37] عبد المجيد بوكير : مرجع سابق، ص: 240.
[38] رشيد خيري : مرجع سابق، ص: 42.
[39] عبد المجيد بوكير : مرجع سابق، ص: 240.
[40] - عبد المجيد بوكير : نفس المرجع، ص: 240.
[41] - عبد المجيد بوكير : نفس المرجع، ص: 243.
[42]- قد يثار إشكال هنا حول بعض العمليات التي يقوم الموثقون العصريون بتحريرها والتي قد تكون مخالفة لحكم الشرع، والقانون الوضعي قد نهى أو سكت عنها، لكنها منتشرة بحكم الواقع العملي، ككافة العمليات الربوية أو المتعلقة ببعض التجارات الممنوعة كالخمور وغيرها.
[43]- محمد شيلح : مرشد الحيران إلى الفهم المحمود بفك القيود عن نكت أحكام البيع المنضود في القانون المغربي للإلتزامات والعقود، طبعة 1998، ص: 48.
[44] - عبد المجيد بوكير : مرجع سابق، ص: 245.
[45]- تنص هذه المادة على: "... يجب على الموثق إسداء النصح للأطراف، كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم وأن يوضح لهم الأبعاد التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها".
[46] - عبد العزيز العيساوي : ضوابط وبيانات قيام كل من الوثيقة العصرية والعدلية والمحرر العرفي، مقال منشور بموقع marocdroit.com بتاريخ 16 غشت 2013،
ـ تنص المادة 43 على: "تذيل أصول العقود ـ تحت طائلة البطلان ـ بأسماء كاملة وتوقيعات الأطراف والترجمان والشهود إن وجدوا، ثم الموثق مع خاتمه..."
ـ تنص المادة 40 على: "يشار في العقد إلى قراءة الأطراف وإلى أنهم أطلعوا على مضامينه من طرف الموثق..."
[47] - بطاقة التعريف الوطنية أو جواز السفر أو أية وثيقة إدارية رسمية تقوم مقامهما.
[48]  - الفصل 11 من قانون فانتوز.
[49]  - الفصل 43 من قانون 32.09.
[50]-  عبد الله درميش : أخلاقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم،  مجلة رحاب المحاكم، العدد 3.
[51]-  الفصل 36 من قانون 32.09.
[52]-  الفصل 40 من نفس القانون.
[53]-  الفصول 38 و 39 و 43 من نفس القانون.
[54]-  الفصل 44 من نفس القانون.
[55] - إدريس العلوي العبدلاوي : النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد، ص : 43.
[56] - حالة انعدام الأهلية.
[57] - لأن ذلك يمس في العمق مبدأ حياد وتجرد الموثق.
[58] - جيهان بونبات : الكتابة في البيع العقاري ـ توثيق التصرفات العقارية، ص :65.
[59]-  يسوغ ان تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد غير الشخص الملتزم بها شرط أن تكون موقعة من طرفه كما ينص على ذلك الفصل 426 من ق.ل.ع.
[60]- يبدو أن المشرع تبنى نظرية البطلان النسبي.
[61]  عبد المجيد بوكير : مرجع سابق ، ص : 55 .
[62]  عبد العزيز العيساوي : ظوابط وبيانات قيام كل من الوثيقة العصرية والعدلية والمحرر العرفي، جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس ، 2013،  ص:11.
[63]  العلمي الحراق : التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص : 111.
 قرار عدد 345 صادر بتاريخ 2013/07/02 منشورا لعدد الاخير من مجلة القضاء والقانون  لسنة 2014.[64]
  مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 46، ص : 125  وما بعدها[65]
  عبد الرحمن بلعكيد : وثيقة البيع بين النظر والعمل، ص : 283-284[66]
  محمد جميل بن مبارك :التوثيق والإثبات بالكتابة (في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي ) ، طبعة 2000 ، ص : 315[67]
[68] حسن عبد الباسط جميعي : اتباث التصرفات التي يتم إبرامها عن طريق الانترنيت ، دار النهضة العربية ، القاهرة 2002، ص : 20.
[69] محمد ابراهيم أبو الهيجاء : عقود التجارة الالكترونية ، العقود الالكترونية ، القانون الواجب التطبيق ، المنازعات العقدية وغير العقدية،دار الثقافة  للنشر والتوزيع ،عمان 2005، ص : 64.
[70]  أحمد درويش : تأملات حول قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية ، عناصر لمناقشة مدى تأثير القانون رقم 05-53 على ق.ل.ع،    منشورات سلسلة المعرفة القانونية ، مطبعة الأمنية ، الرباط, الطبعة الأولى 2009 ، ص : 64.
[71] الفقرة الأخيرة من الفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود .
[72]  طارق عبد الرحمن ناجي كميل : التعاقد عبر الانترنيت واثاره ، دراسة مقارنة ، ص : 123 .
[73]   الفقرة (ج) من المادة 10 من قانون التوقيع الالكتروني المصري .
[74]  محمد يحيى مطر : مسائل الاثبات في  القضايا المدنية والتجارية، المكتبة القانونية، الدار الجامعية- بيروت، طبعة 1991، ص : 121.
[75]  المنصف زغاب : الوثيقة الكترونية, مجلة القضاء والتشريع التونسية، العدد 10، السنة  ديسمبر 2005, ص : 203.
[76] عباس العبودي : شرح أحكام قانون الإثبات المدني، م. س، ص : 125.
[77] العربي جنان : التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية,( رقم 05-53)دراسة تحليلية نقدية,المطبعة الوراقة الوطنية-مراكش,الطبعة الاولى 2008, ص : 26 .
[78] العربي جنان : نفس المرجع،  ص : 27.
[79] المعطي الجبوجي : القواعد الموضوعية و الشكلية للإثبات و أسباب الترجيح بين الحجج. مكتبة الرشاد ص : 60 .
[80] -Bernard D. Reans. Op. cit. p43.
[81] نور الدين الناصري : المحررات الالكترونية وحجيتها في إتباث التصرفات المدنية والتجارية ، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 112   يناير – فبراير 2008 ، ص : 43 .

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *