-->

الاطار القانوني للملك العام الجماعي

تصميم العرض


تقديم
المبحث الأول: الملك العام الجماعي وأنواعه
المطلب الأول: الممتلكات العامة للجماعات
الفقرة الأولى: مفهوم الأملاك العامة الجماعية
الفقرة الثانية: الأجهزة القانونية المخول لها تدبير الملك العام الجماعي
المطلب الثاني : أنواع الملك العام الجماعي
الفقرة الأولى: الأملاك البلدية على ضوء ظهير 1921
الفقرة الثانية: الأملاك القروية على ضوء ظهير 1954
المبحث الثاني: التحديد الإداري للممتلكات الجماعية
المطلب الأول: المسطرة العامة لتحديد الأملاك الجماعية
الفقرة الأولى: الجهات المتعاقبة على تدبير الأملاك الجماعية
الفقرة الثانية: التحديد الإداري على ضوء ظهير 1914
المطلب الثاني: المسطرة الخاصة على ضوء القانون رقم 12.90
الفقرة الأولى: قرار تعيين الطرق المسالك الممرات والأزقة
الفقرة الثانية: قرار التصفيف والتخلي
الفقرة الثالثة: مسطرة قرار التصفيف والتخلي


تتوفر الجماعات على أملاك عقارية وأخرى منقولة متعددة من حيث الحجم وكذا النوع، وبالتالي فإنها تحتاج إلى تطبيق سياسة واضحة المعالم، تأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الآنية والمستقبلية، كما يجب أن تكون مصدرا أساسيا لتوفير الموارد المالية الذاتية للجماعة، لتحقيق الاستقلال المالي المنشود، هذا الأمر يساهم في إنجاز مختلف المرافق العمومية والخدمات التي يتطلع إليها السكان المنتمون ترابيا للجماعة المعنية، ولتحقيق هذه الأهداف يتطلب من الجماعة المعنية ترشيد استعمال هذه الأملاك و المحافظة عليها في إطار تدبير استراتيجي فعال و محكم، على اعتبار أن الممتلكات الجماعية تشكل في الوقت الراهن تراثا له مردوديته الاقتصادية، غير أنه في واقع الأمر نجد بعض من الأملاك العامة رغم تواجدها على تراب الجماعة فإنها لا تخضع لتدبيرها[1]. ورغم القصور الذي كان يعرفه تدبير الملك الجماعي، والمتعلق بمدى مساهمتها في تدبير الممتلكات لتدعيم الموارد المالية وبالتالي تحقيق التنمية، وفي غياب نظرة للتغلب على بعض الإكراهات التي تحول دون تدبير واستغلال جيد للأملاك الجماعية وجعل هذه الأخيرة تتخلف عن الدور المنوط بها في مجال التنمية المحلية، مما يزيد من عمق الأزمة المالية التي يكرسها ضعف هذا النوع من مصادر التمويل الجماعي في مواجهة المتطلبات المتزايدة لتدبير الشأن العام المحلي، فإنه كان دافعا أساسيا لإضافة بعض الاقتراحات العملية التي قد تفعل من دور الجماعة في تنمية وبناء الاقتصاد المحلي، وتتوزع من حيث زمن إنجازها، إلى اقتراحات يمكن تحقيقها على المدى القريب، واقتراحات أخرى يتطلب تطبيقها في المدى المتوسط، ورغبة في دعم هذا التوجه، يمكن التذكير بأهمية بعض العناصر التي قد تكيف على أنها حلول واقعية، تستجيب لمتطلبات التنمية الترابية والتي بإحقاقها والسهر على إرسائها لمن شأنه بلوغ هدف التنمية المنشودة، ونظرا للأهمية التي أولاها المشرع لعملية التحفيظ فإن مرحلة التحديد الإداري للملك العام الجماعي ضرورة ملحة للجماعات، الأمر الذي أوصت المناظرات من خلاله بمجانية التحفيظ الجماعي لعقاراتها. وبناءا على ما سلف يمكن التساؤل حول مدى تفوق مسطرة التحديد الإداري في ضبط حدود الأملاك الجماعية وتحصينها من الترامي؟ وما هي خصوصيات هذه المسطرة؟ وهل التحديد الإداري كألية للحماية يغني عن سلوك مسطرة التحفيظ؟ وللإجابة على هذه الأسئلة وأسئلة أخرى، سوف نتطرق إلى الموضوع من خلال المحورين التاليين:
المبحث الأول: الملك العام الجماعي وأنواعه.
المبحث الثاني: التحديد الإداري للممتلكات الجماعية العام.
المبحث الأول: الملك الجماعي العام و أنواعه
نظرا للأهمية البالغة التي تكتسيها الأملاك الجماعية، لكونها تشكل موردا ذاتيا تتمكن بفضله  الجماعات من تحقيق التنمية المنشودة، الأمر الذي يمكن تمييز من خلاله الملك العام الجماعي عبر التطور  التاريخي الذي عرفته الترسانة القانونية المنظمة له سواء في شقها الخاص (النصوص القانونية المنظمة لتدبير أملاك الجماعات) بدءا من فترة الحماية إلى يومنا هذا، والمتمثلة في المرسوم الصادر عن الصدر الأعظم في سنة 1912، وبعده ظهير فاتح يوليو 1914، المتعلق بتحديد الأملاك العامة بشكل أوضح ومفصل، وكذا ظهير 30 نوفمبر 1918، هذا الأخير حدد الاحتلال المؤقت للملك العام كآلية من آليات تدبير الملك العام، و بعد ذلك جاء ظهير 1921، بإعتباره المؤسس والمنظم للأملاك البلدية وظهير 1954 المنظم للأملاك القروية، و أيضا في شقها العام المتمثل في ( النصوص القانونية المتعلقة بالمجالس الجماعية).

المطلب الأول: الممتلكات الجماعية العامة وطرق تدبيرها

إن الحديث عن الأملاك الجماعية العامة والسبل الواجب نهجها لتدبيرها سوف نقتصر على المفهوم للأملاك العامة الجماعية في الفقرة الأولى، فيها سنتطرق من خلال الفقرة الثانية إلى المتدخلين المباشرين لتدبير الأملاك العامة الجماعية ولاسيما الهيئة المنتخبة.

الفقرة الأولى:  مفهوم الأملاك الجماعية العامة:

    يقصد بالأملاك الجماعية العامة تلك الأملاك التي تمتلكها الجماعات الترابية ملكية قانونية تامة والمخصصة إما لاستعمال العموم مباشرة أو لتسيير المرافق العمومية المحلية والتي يكون بإمكانها تحقيق منفعة عامة، وبالتالي ومن حيث هذه الصفة لا يمكن أن تكون هاته الأملاك موضوع ملكية خاصة ولا يمكن أن تكون محل إيجار أو كراء[2]، غير أنها قد تخضع لعقود الامتياز، ويكون لفترة عشر سنوات مع قابلية تمديد الفترة لمدة لعشرون سنة.
  ويدخل ضمن الأملاك الجماعية العامة جميع أملاك الجماعات بشقيها الحضري والقروي، والتي تم التنصيص عليها بشكل صريح في الفصول 2 و3 و4 من ظهير 1921 المتعلق بالأملاك البلدية والفصلين 2 و3 من ظهير 28 يونيو 1954 المتعلق بأملاك الجماعات القروية.
 كما يخضع تدبير الملك العام الجماعي لقواعد القانون العام  ولا يمكن للغير إدعاء أي حق عليه بحيث لا يجوز امتلاكه بالتقادم أو نزع ملكيته أو الحجز عليه، كما أنه لا يمكن تفويته إلا بعد إتباع مسطرة خاصة لاستخراجه من حيز الأملاك العامة وفقا للشروط والشكليات التي يحددها القانون في الفصل الرابع من ظهير 19 أكتوبر 1921 والفصل الرابع من ظهير 28 يونيو 1954.
ويعتبر التحديد الإداري للأملاك العامة التابعة للدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، مسألة غاية في الأهمية بالنسبة للجهة المالكة للعقار العمومي، فبواسطته يتم تبيان الحدود التقنية والقانونية للملك العام ومن ثم توضيح حقوق الشخص المعنوي المالك له، وكذا حقوق الغير، والمقصود بالتحديد الإداري أي التحديد الذي تقوم الإدارة به بالنسبة لأملاكها العامة غير المحفظة، وبشكل انفرادي أي دون التشاور مع الملاكين المجاورين للملكية العمومية[3].
وكما هو معلوم فإن التحديد الإداري للملك العام الجماعي لا يشمل الأملاك العامة وحدها، بل يمتد أيضا إلى أملاك أخرى من قبيل أراضي الجموع والملك الغابوي والملك الخاص للدولة.
وفي إطار نظرية الأملاك العامة نجد الفقه والقضاء يميز بين الأملاك العامة الطبيعية والأملاك العامة الاصطناعية. فيما يخص الأولى يقتصر الأمر على كشف وإعلان الحدود التي صنعتها الطبيعة بفضل عوامل جيولوجية وطبيعية لا دخل للإنسان فيها.[4] فقرار التحديد الذي يهمنا لا ينشئ الحدود، بل يعمل على إبرازها دون توسيعها، وفي حالة ما إذا تجاوز التحديد الحدود الطبيعية يكون مشوبا بخطأ. أما بالنسبة لتحديد الملك العام الاصطناعي، مثل تحديد الساحات العمومية والحدائق العامة، وأماكن المحطات وموقف السيارات والأسواق العامة والمجازر ودور الثقافة والرياضة والشبيبة وغيرها من الأماكن، شريطة أن تكون مصنفة ضمن الأملاك العامة، فإن قراره لا يقتصر على معاينة الحدود وإنما يمتد إلى إمكانية تغيير هذه الأخيرة  بتوسيعها أو تصنيفها حسب ما تستلزمه اعتبارات المصلحة العامة وما قد تنص عليه وثائق التعمير.

الفقرة الثانية: الأجهزة القانونية المكلفة بتدبير الملك العام الجماعي

  إن التسيير السليم لممتلكات الجماعات الترابية يتوقف على تواجد أجهزة قانونية تكون مهمتها الأساسية الوقوف والسهر على تتبع الملفات الخاصة بالأملاك الجماعية والمحافظة عليها والعمل على تنميتها، ولتحقيق هذا الغرض يجب أن تكون هذه الأجهزة ملمة بالقواعد التي تحكم تدبير الأملاك الجماعية وكذا المساطر العملية المتبعة في هذا الميدان[5].
ويتبين من خلال قراءة القوانين المتعلقة بتنظيم الجماعات الترابية بدءا من ظهير 30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي وصولا إلى القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، يتضح بجلاء أن المجلس الجماعي هو الجهاز التقريري الذي يحمل على عاتقه مهمة تدبير الممتلكات التي تتوفر عليها الجماعات.
    يلعب المجلس الجماعي دورا مهما في التدبير والمحافظة على أملاك الجماعات الترابية باعتبارها من بين الاختصاصات الذاتية للمجلس الجماعي،  الأمر الذي تبناه المشرع من خلال المادة 37 من القانون رقم 08.17 المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر في سنة 2009، هذه الأخيرة تنص على سهر المجلس على تدبير الأملاك الجماعية والمحافظة عليها و صيانتها ولهذه الغاية يقوم المجلس طبقا للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل، بتحديد الأملاك العامة الجماعية وترتيبها و إخراجها من حيز الملك العمومي، كما يبت في الإقتناءات والتفويتات والمعاوضات و الاكتراءات، وكل المعاملات المتعلقة بعقارات الملك الخاص، كمايصادق على جميع أعمال تدبير أو احتلال الملك العمومي الجماعي مؤقتا، بالإضافة إلى أنه يقرر في شأن تخصيص أو تغيير تخصيص البنايات العمومية و الأملاك الجماعية طبقا للقوانين و الأنظمة المعمول بها.
نفس النهج صار عليه المشرع في القانون التنظيمي الأخير رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، بحيث جاء في المادة 92 من القانون المذكور على أن المجلس الجماعي تدخل في اختصاصاته الأملاك الجماعية وذلك عبر ما يلي:
·      تدبير أملاك الجماعة و المحافظة عليها و صيانتها.
·      إقتناء العقارات اللازمة لاضطلاع الجماعة بالمهام الموكولة إليها أو مبادلتها أو تخصيصها أو تغيير تخصيصها طبقا للقوانين و الانظمة الجاري بها العمل.
        و انطلاقا مما تضمنه القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات ولا سيما في الدور المنوط بالمجلس في تدبير الأملاك الجماعية والمحافظة عليها فإن له حق التقرير في الميزانية الجماعية و التي تتضمن من بين نفقاتها نفقات صيانة الممتلكات و مواردها، وكذا حق إحداث و تنظيم المرافق العمومية المحلية وتدبير شؤونها وتحديد شروطها، إذ "يتعين أن يدرج الإعتمادات الكافية بخصوص نفقات صيانتها، وهي نفقات اعتبرها المشرع إجبارية بالنسبة لكل مجلس، ذلك أنه ليس المهم فقط أن تكون لجماعة معينة أملاك كثيرة، ولكن الأهم هو الحفاظ على هذه الأملاك بصيانتها و استمرارها في القيام بأدوارها..." كما أن المجلس يرخص لرئيسه مهمة الدفاع أمام المحاكم المختصة عن كل ما يتعلق أو يتصل بأملاك الجماعة ما عدا دعاوى الحيازة أو الأعمال التحفظية[6].
كما يعتبر رئيس المجلس الجماعي من الأجهزة القانونية الموكل إليها تدبير و تسيير أملاك الجماعات الترابية وفي هذا الصدد نجد أن مضمون المادة 94 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، والتي تتحدث عن دور الرئيس في ما يخص تدبير الأملاك الجماعية وبالتالي فإن رئيس المجلس الجماعي يقوم فيما يتعلق بتدبير الأملاك الجماعية بما يلي:
·      يدبر أملاك الجماعة و يحافظ عليها و لهذه الغاية يسهر على مسك وتحيين سجل محتويات أملاكها و تسوية وضعيتها القانونية ويقوم بجميع الأعمال التحفظية المتعلق بحقوق الجماعة. ويتخذ الإجراءات اللازمة لتدبير الملك العمومي للجماعة.
·      يمنح رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي الجماعي بإقامة بناء طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل. ويتخد الإجراءات اللازمة لتدبير المرافق العمومية المحلية.
انطلاقا مما سبق، ولارتباط الرئيس اليومي بمشاكل الجماعة يتضح بجلاء الدور المهم الذي يلعبه في تنفيذ مقررات المجلس خاصة فيما يتعلق منه بإبرام العقود الخاصة بشراء العقارات أو بيعها أو باحتلال الأملاك العامة و مباشرة مسطرة تسجيل وتحفيظ الأملاك لصيانتها من كل اعتداء وكذا تسجيل الممتلكات في سجلاتها حتى يتسنى ضبطها وتتبع تطوراتها[7].

المطلب الثاني: أنواع الملك الجماعي

  سوف نتوقف في هذا المطلب عند كل من الممتلكات الحضرية في الفقرة الأولى (ظهير19 أكتوبر 1921)، ثم نخصص الفقرة الثانية للممتلكات القروية ( ظهير 28 يونيو 1954).

الفقرة الأولى: أملاك الجماعات الحضرية

   أول شيء يمكن ملاحظته في هذا الصدد يتعلق بالتاريخ المبكر الذي صدر فيه النص القانوني الضابط للأملاك البلدية، وذلك مقارنة بالتاريخ المتأخر الذي أصدر فيه النص القانوني المتعلق بالجماعات القروية.
   ولعل السبب في ذلك يعود إلى سهولة ضبط ومعرفة القاعدة العقارية للجماعات الحضرية إذا ما قورن ذلك بعقارات الجماعات القروية التي كان من الصعب تحديدها نتيجة لخضوعها لجملة من القواعد العرفية التقليدية و نتيجة لأن القبائل في البادية لم تضع السلاح ضد قوات الحماية إلا في سنة 1934. بعبارة أخرى، أن مشرع الحماية اعتنى أولا بما كان يسمى ب "بلاد المخزن" قبل أن يوجه اهتمامه إلى التأطير القانوني لـ "بلاد السيبة".
    فظهير 19 أكتوبر 1921 يتألف شكليا من بابين و إثنى عشر فصلا. ويفتح الباب الأول حديثه عن الأملاك البلدية بالفقرة التالية: "الأملاك العمومية الخاصة بمدن إيالتنا الشريفة التي جعلت فيها بلديات، و الأملاك الخصوصية التي لهذه المدن تقرر و تنظم طبق الشروط المبينة في الفصول الآتية".

أولا: الأملاك العمومية للبلديات

     وبالرجوع إلى الظهير المذكور،  نجد ثلاثة فصول تتحدث عن الملك العمومي البلدي هي الفصل الثاني و الثالث و الفصل الرابع.
     فالفصل الثاني ينص على أن الأملاك العمومية البلدية هي تلك الأملاك التي وصفت كذلك صراحة، أي بنص قانوني صريح، و التي يمكن أن تشمل:
الأزقة و الطرقات و الساحات العمومية (الرحبات) و الأجنحة العمومية، و الآثار التاريخية كالتماثيل و ما شاكلها، و كذلك النافورات و التجهيزات المعدة للإنارة، وكل ما يعتبر تابعا لهذه الأشياء السالفة الذكر.
المياه المعدة لاستهلاك المدن، و كذا القواديس و القنوات و مجاري المياه و الأحواض التي تتجمع فيها المياه قصد توزيعها و غير ذلك من التجهيزات التي تدخل في الأملاك العمومية بالمغرب طبقا للشروط المعينة في ظهير فاتح يوليو 1914، و ذلك مع مراعاة الشرط المثبت في هذا الظهير و الذي بموجبه يبقى ما للغير من الحقوق الثابتة قانونا، و خصوصا الحقوق الخاصة بالأحباس، المقابر ما عدا المقابر الإسلامية و الإسرائيلية.
   و الملاحظ أنه رغم هذا السرد الضيق للأملاك العمومية، فمجالها في الواقع يبقى واسعا ما دام  بإمكانه أن يشمل كل ملك مقيد في عدد الأملاك العمومية البلدية، و هذا التقييد يقع بقرار من الصدر الأعظم، يصدر بناء على طلب مدير الأمور المدنية و بعد مداولة اللجنة (المقصود باللجنة هنا المجلس البلدي) و كذا الرأي الذي يبديه المدير العام للأشغال العمومية و مدير المالية العامة. كما يمكن إخراج ملك من دائرة الأملاك العمومية البلدية بنفس المسطرة طبقا لنفس الشروط، أما إذا كان الإخراج واقعا في جزء من طريق، فلا يجوز تفويت ذلك الجزء إلا بشرط مراعاة حقوق "الشفعة" التي للمجاورين[8].
     أما الفصل الثالث من ظهير 1921 المذكور، فيذكر بأن الأموال الداخلة في الدومين العمومي البلدي غير قابلة للتفويت أو التقادم، فهذا الدومين في واقعه، مكون من تجزيء أو اقتطاع دومين الدولة.
    وهذا ما يفسر حرص المشرع على التشبث بالتخصيص الشكلي للأملاك البلدية، وهو ما دفع " ميشال" إلى القول: "في غياب نص شكلي واضح يبقى كل ملك عمومي في حوزة دومين الدولة"، إذ ليس للبلديات حق خاص في ملكية الدومين العمومي، فحق الملكية هذا لا يوجد إلا بالنسبة للدولة، لدرجة يبقى معها المالك الوحيد و الأوحد للدومين العمومي هو الدولة، التي تفوض للبلديات بعضا من سلطاتها الإدارية والتدبيرية، مع منحها امتيازا على بعض من ممتلكاتها دون حق الملكية بمعناها الصحيح. و إذا كان هذا هو النظام الساري على الملك العمومي البلدي، فإن الأمر يختلف عنه بالنسبة للملك الخصوصي لهذا النوع من الجماعات.

ثانيا: الأملاك الخصوصية للبلديات

تشتمل الأملاك الخصوصية البلدية على جميع الأملاك التي تملكها البلديات، و لم تكن قد خصصت صريحا بأملاكها العمومية، أما تفويتها أو معاوضتها، فيجب أن يرخص بهما بقرار من الصدر الأعظم[9]. يمكن اعتبار هذا المعيار سلبي الذي اعتمده المشرع ليحدد الأملاك الداخلة في دائرة الأملاك الخصوصية، إذ كل ما يعتبر ملكا عموميا بلديا بنص صريح يعتبر ملكا خصوصيا.
     و يؤكد الفصل التاسع من الظهير المذكور على الطابع التملكي لهذه الأملاك الخصوصية للبلديات، و المتمثلة في العقارات الداخلة في دائرة الملك الخصوصي للدولة الشريفة، و التي تخصص فعليا لمختلف المرافق العامة ذات المصالح البلدية، و التي تشرف عليها هذه البلديات. فهذه الأملاك : "تسلم مجانا على وجه التملك المطلق" للبلديات.
     بقيت هناك نقطة هامة يجب الوقوف عندها قبل المرور إلى مسألة أملاك الجماعات القروية، يتعلق الأمر باقتناء و تفويت العقارات البلدية، بحيث ينص الفصل السادس من ظهير أكتوبر 1921 على أن يشتمل الملك الخصوصي للبلدية بنوع خاص:
العقارات أو الأبنية التي اشترتها البلديات، أو بنتها على نفقتها لتخصصها بإدارات ذات مصالح بلدية أو لشغلها بقصد مستفادها.
قطع الأراضي اللازمة للتجزئة بداخل منطقة المدينة و التي تكون قد تخلت عنها الدولة من ملكها الخاص للبلديات بعوض.
       كما لايجوز للبلديات أن تبيع قطع الأراضي المذكورة إلا لتباع بثمنها عقارات غيرها لتصير الثمن في صوائر غير اعتيادية، ذات منفعة عمومية تأتي بمداخيل مهمة للجماعة".
       أما تقييد الملك العمومي للدولة في دائرة الأملاك العمومية للبلديات أو تقييد الملك الخاص للدولة في دائرة الأملاك الخصوصية للبلديات، فهي عملية مجانية شريطة أن تتكفل البلديات المستفيدة من هذا التقييد فيما يتعلق بالأملاك الخصوصية للدولة المسلمة إليها، بالمحافظة على الأملاك المقيدة" و صيانتها وأن تتكفل ببقاء مباشرة الحرمات و غيرها من الالتزامات التي ربما تترتب على العقارات المشار  إليها...[10]".

الفقرة الثانية: الأملاك القروية

      على غرار أملاك الجماعات الحضرية، تنقسم الأملاك القروية إلى أملاك عامة و أملاك خاصة، وذلك طبقا لمقتضيات ظهير 28 يونيو 1954.

أولا: الدومين العام للمجلس القروي

       ينص الفصل الأول من ظهير يونيو 1954 على أن الملك العمومي القروي يضم: "كافة الأملاك المخصصة به بصفة صريحة". وهذه هي نفس العبارة التي استعملها ظهير 1921 من ذي قبل، غير أن هناك أمر جديد، بحيث يرى بعض الباحثين في إطار حديثه عن ظهير 1954، هو أن الأملاك الداخلة بدائرة الملك العمومي القروي تكون كذلك بحكم تخصيصها لاستعمال العموم أو بحكم استعمالها لتسيير المرافق العمومية المحلية التابعة للمجالس القروية، فمعيار الدومين العمومي هنا لم يبقى مبهما كما هو الشأن بالنسبة لأملاك الدولة العمومية في إطار ظهير 1914 و الذي يستعمل بدوره عبارة  "استعمال العموم "، ولكن من غير تبيان فرضيات التخصيص المباشر أو التخصيص الغير مباشر، في حين أن ظهير 28 يونيو 1954 يميز بوضوح حالة التخصيص لاستعمال العموم وحالة التخصيص لتسيير المرافق العمومية، وتتوزع الأملاك العمومية القروية على ثلاثة أنواع وهي: المسالك، الطرق، الأزقات، الساحات، البساتين أو الحدائق العمومية، و المحلات المجهزة بشؤون الإنارة و البواليع، المياه التي يشربها الناس أو التي هي معدة لإرواء المواشي و كذا الأجهزة المعدة لذلك. بالإضافة إلى العقارات كالأسواق و مرافقها و الفنادق و المجازر و الآثار و الحمامات المعدة لإزالة الطفيليات المصابة بها البهائم.
أما المسطرة المتبعة فيما يخص تخصيص هذه الأملاك بالدومين العمومي، فيتضمنها الفصل الرابع من الظهير، حيث تتم بموجب "قرار وزيري يصدر بعد استشارة مدير الداخلية و رؤساء الإدارة الذين يهمهم الأمر، وبعد اقتراح الجماعة الإدارية" (أي المجلس القروي)، نفس المسطرة تتبع في حالة نزع هذا التخصيص. وينص الفصل الثامن على أن الأموال المقيدة في دائرة الملك العمومي غير قابلة للتفويت أو التقادم أو الحجز، أما الفصل السادس من ظهير 1954، فينص على مجانية تسليم الملك العمومي أو الخصوصي للدولة لفائدة الجماعات المجانية تسليم الملك العمومي أو الخصوصي للدولة لفائدة الجماعات الإدارية تحت نفس الشروط المنصوص عليها بالنسبة للبلديات في إطار ظهير 19 أكتوبر 1921.

ثانيا: الدومين الخاص للمجلس القروي

     نفس المعيار السلبي المستعمل لتخصيص الأملاك الخصوصية لفائدة البلديات، نجده ساريا بالنسبة للمجالس القروية. فالأملاك الخصوصية هنا هي تلك الأموال الغير المخصصة بالدومين العمومي. ولا يمكن تفويت هذه الأموال سواء بمقابل أو بالمجان إلا بترخيص من الصدر الأعظم بمقتضى مرسوم وزيري، نفس الترخيص يستوجب شراء أو معاوضة العقارات التي يربو ثمنها على خمسة عشر مليون فرنك، أما فيما عدا هذه الحالات، فالترخيص يكون بقرار من مدير الداخلية[11]، كما ينص الظهير على مجانية عملية تسجيل العقارات المشتراة أو التي كانت موضوع معاوضة، وذلك لتشجيع خلق مرافق عمومية محلية داخل الجماعات القروية، الأمر الذي يعطيها المزيد من الاستقلال الذاتي، ويتعلق الأمر بمرافق التعليم و الصحة و أشغال التعمير و المنشآت ذات الطابع العام  و المصلحة العامة.
ومن الملاحظ كذلك في الممارسة الميدانية، هو أن الجماعة عادة ما تعتقد أن الأملاك الخاصة، هي المهمة لأنها تتكون من أراضي أو بنيات غير مخصصة للعموم، وتغفل عن أملاك كثيرة، ضمن أملاكها الخاصة في الوقت الذي كان يجب عليها أن تصنفها ضمن أملاكها العامة، الأمر الذي كان له أثر سلبي على وضعية تلك الأملاك، وعلى حقوق ومالية الجماعات، ومن بين الإشكالات التي عادة ما تصنفها ضمن الأملاك العامة واكتساب مشغليها كثيرا من الحقوق عليها، كتكوين أصول تجارية وإقرار الحجز أو الرهن عليها، وصعوبة الدفاع عنها أمام القضاء في الحالة التي تقرر الزيادة في واجب استغلالها بشكل مغاير لما تسمح به القوانين الخاصة، لأنها تتعامل معها أحيانا كأملاك عامة وهي من الناحية القانونية لا تزال ضمن الأملاك الخاصة، وإذا كان الأمر كذلك، فمالمقصود بالتحديد الإداري للملك العام الجماعي؟ وكيف تستطيع الجماعات الترابية تحديد ممتلكاتها الجماعية والمسطرة المتبعة بشأن عملية تحديدها ؟ وللإجابة على هذه الأسئلة سنقوم سوف نتطرق لها من خلال المبحث الموالي.

المبحث الثاني: التحديد الإداري للممتلكات الجماعية

بما أن للجماعات أملاك عامة متنوعة، يجب عليها الاعتناء بها واستغلالها استغلالا جيدا إلى جانب استغلال أملاكها الخاصة، مما يجعلها تتوفر على موارد مالية ذاتية مهمة، علاوة على تحقيق الخدمات المتوخاة من وراء التخصيص الممنوح للأملاك العامة، كما تستطيع هذه الجماعات الزيادة في حجم أملاكها العامة كلما استجاب ملك ما لمعيار تخصيصه للمنفعة العامة، سواء يجعله رهن إشارة تصرف العموم عبر التفويت، أو بتخصيصه لمرفق عام، والهدف من هذا هو حماية الأملاك التي تكتسي صبغة عمومية، وجعلها تستمر في تحقيق أهدافها، وذلك عن الأدوار والمهام الاقتصادية التي يمكن أن تطلع بها.

المطلب الأول: المسطرة العامة لتحديد الأملاك الجماعية

 إن الجماعات الترابية غالبا ما تلجأ إلى عملية تحديد الأملاك العامة التابعة لها عندما تحس أن موقعها سيكون ضعيفا أمام المحاكم المختصة لعدم توفرها على سندات وحجج كافية لإثبات الملكية، وذلك بغية نقل عبء إثبات الملكية على المتعرض في عملية التحديد أثناء إيداعها لمطلب التحفيظ، كما لا يخفى على المهتمين في هذا الإطار أن الأملاك الجماعية تعاقبت على تدبيرها العديد من الهيئات أثناء فترة الحماية وبعدها (الفقرة الأولى)، ورغم ظهور الفلسفة للتدبير في وقت مبكر لم يمنع المشرع من سن قانون ينظمه ألى وهو ظهير 1914، هذا الأخير جاء في مضمونه التحديد الإداري للأملاك الجماعية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الجهات المتعاقبة  على تدبير الملك العام الجماعي

بالرجوع إلى النصوص الصادرة في عهد الحماية و التي كان لها الفضل في تأسيس و تحديد الأملاك الجماعية العامة والتي لا يزال العمل بها إلى يومنا هذا، فلقد عرفت تغييرا على مستوى الأجهزة المكلفة بتدبيره و تحديده في مرحلة الحماية ومرحلة الإستقلال.

أولا: مرحــلــة الحمـــايــــة

ينص الفصل السادس من ظهير 1914 على: " يدبر الأملاك العمومية المدير العام للأشغال العمومية بمقتضى تفويض مستمر أو أعوان الدولة الذين يعينون في هذا الشأن بظهير شريف"،  فالمدير العام للأشغال العمومية يعتبر حارسا للأملاك العامة و يتمتع بسلطات واسعة في هذا المجال سواء بالإذن أو المنع أو سحب رخص الاستغلال وذلك بدون إخطار.
و إلى حين صدور ظهير 19 أكتوبر 1921 المؤسس للأملاك المختصة للبلديات و الذي أعطى صلاحيات تدبيره بموجب الفصل 10 من نفس الظهير، إلى الباشوات و القواد المكلفين بتدبير أملاك المدن وبالتالي تجاوز التدبير المتمركز لها من طرف مدير الأشغال العمومية. وحتى مع صدور ظهير 19 نوفمبر 1949 أصبحت للجماعات المحلية نص خاص بها ينظم عملية منح رخص الاستغلال للملك العام البلدي، و بالرغم من أن مسألة منح الرخص في هذا المجال أصبحت اختصاصا ذاتيا للبلديات، إلا أنها ظلت مرتبطة في الواقع بسلطة الوصاية.
كل ذلك يبين أنه من الصعب الحديث في مغرب ما قبل الاستقلال عن وجود ملك جماعي قائم الذات مستقل عن سلطات تدبير الملك العام للدولة كونه ظل مرتبطا في مجال تدبيره بالسلطة المركزية المتمثلة في المدير العام للأشغال العمومية وغيره من المدراء العامون، وفي سلطات اللاتركيز المتمثلة في الباشاوات و القواد المكلفين بتدبير ألاك المدن، لتتحول في مغرب الاستقلال و ما بعد الاستقلال إلى اختصاص ذاتي تمارسه المجالس الجماعية تحت إشراف سلطات الوصاية.      

 ثانيا: مرحلة ما بعد الاستقلال

منذ حصول المغرب على الاستقلال ومع تعاقب القوانين المتعلقة بالتنظيم الجماعي بدءا بقانون 30 شتنبر 1976، ومرورا بالقانون 78.00 التعلق بالميثاق الجماعي المتمم و المعدل بموجب القانون 17.08 .، وصولا إلى القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات فإن معظم المقتضيات المتعلقة بتحديد و تدبير الملك العام الجماعي قد أعطت للجماعات صلاحيات هامة في مجال تدبير ملكها العام، و ذلك بنقل أغلب الصلاحيات التي كانت للمدير العام للأشغال العمومية  وللباشاوات و القواد المكلفين بتدبير أملاك المدن في عهد الحماية إلى المجالس الجماعية في فترة ما بعد الاستقلال، إلا أن هذا التدبير وكما هو الشأن في المرحلة السابقة على الاستقلال قد بقي مرتبطا بالأساس بموافقة سلطات الوصاية سواء من خلال الترتيب أو الاستخراج أو التخصيص و التي تعتبر كلها مساطر تهم تدبير كل ملك له صفة العمومية أو يتمتع بصفة المنفعة العامة.     

الفقرة الثانية: التحديد الإداري على ضوء ظهير 1914[12].

تجب الإشارة إلى أن القواعد المسطرية المنصوص عليها في الفصل 7 من ظهير فاتح يوليوز 1914 هي مسطرة عامة تسري على جميع الأملاك الجماعية العامة المراد تحديدها ما عدا الملك الطرقي ويتعلق الأمر بالطرق الجماعية و الساحات ومواقف السيارات العامة والمسالك والممرات والأزقة فقد أفرد لها المشرع مساطر خاصة لتحديدها كما سنوضح لاحقا وهكذا فإن المسطرة المتبعة لتحديد الأملاك العامة الجماعية طبقا للظهير المذكور هي:

        أولا: دور المجلس الجماعي في اتخاذ مقرر بشأن تحديد الملك العام الجماعي

استنادا إلى المواد 83، 87، 92، 94، و 100 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الصادر في 15 يوليو 2015 والذي أصبح ساري المفعول بعد 4 شتنبر من نفس السنة، أن رئيس المجلس الجماعي يسهر على تدبير أملاك الجماعة و المحافظة عليها، كما يتولى المجلس الجماعي أيضا دراسة مسألة تحديد الملك العام الجماعي والتداول بشأنه في دورته العادية أو الاستثنائية ثم يتخذ مقرره القاضي بالموافقة على تحديد الملك العام مع تحديد موقعه وحدوده بكل دقة ووضوح.
وبمقتضى الفصل 7 من ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العام للدولة كما وقع تغييره وتتميمه، تجري الجماعة بحثا عموميا مدته شهر واحد يتعلق بالعقار المراد تحديده حتى يتمكن من يهمهم الأمر أن يبدوا بملاحظاتهم ويقدموا تعرضاتهم داخل الأجل المذكور إما بتدوينها مباشرة في السجل المخصص لهذه الغاية خلال الأوقات الإدارية الرسمية أو بإرسالها عن طريق البريد المضمون مع إشعار بالتوصل إلى الجماعة المعنية، كما يعلن عن البحث بواسطة الإعلانات التي تنشر بالجريدة الرسمية وفي إحدى الجرائد الوطنية وكذلك بواسطة الإعلانات التي تلصق بمكاتب الجماعة المعنية.
    وبعد انتهاء البحث العمومي تقوم الجماعة بالبت في الملاحظات والتعرضات التي أدلى بها  كل من يهمه الأمر في موضوع التحديد وتبعا لذلك يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار  التعرضات المقدمة من طرف المعنيين بالأمر والتي تستند أساسا على عقد الملكية أو الاستمرارية أو البيع أو الشراء أو عقد اللفيف وفي هذه الحالة تقوم بتغيير الحدود المبينة في مشروع تصميم التحديد إذا تيسر ذلك أو إلى اقتناء العقارات المعنية بالمراضاة أو سلوك مسطرة نزع الملكية ويمكن لها من جهة أخرى ألا تأخذ بعين الاعتبار التعرضات المتضمنة بالسجل المعد لذلك وتحتفظ بالحدود كما هي  مرسومة في مشروع تصميم التحديد وفي هذه الحالة يجب على المتعرضين اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقوقهم.

 ثانيا: التأشير والنشر لمقررات المجلس الجماعي

تطبيقا لمقتضيات المادة 118 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، لا تكون مقررات المجلس قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من قبل عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه، داخل أجل عشرين يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس وذلك بعرض ملف قانوني على عامل العمالة أو الإقليم قصد المصادقة عليه عملا بأحكام وزير الداخلية رقم 687.03 الصادر في 20 مارس 2003 بتفويض  الاختصاص و مصحوبا بالوثائق الأتية:
·      محضر مداولات المجلس الجماعي مذيل بمقرره في الموضوع .
·      مذكرة تقديم تبين الأسباب  التي استوجبت التحديد وتعيين العقارات التي سيتم تحديدها.
·      تصميم تجزيئي يبين بكامل الدقة والوضوح موقع العقارات موضوع التحديد وكذا حدودها المرسومة بكل وضوح تحمل توقيع رئيس المجلس الجماعي وتأشيرة المهندس الجماعي.
·      ملف البحث العمومي.
·      تقرير يبرز رأي السلطة المحلية في الموضوع.
·      مشروع قرار التحديد.
كما أن مرحلة إشهار القرار تأتي بعد المصادقة على مقرر تعيين حدود الملك العام بواسطة عامل العمالة أو الإقليم ونشره في الجريدة الرسمية، يتعين على رئيس المجلس الجماعي تطبيق إجراءات الإشهار المنصوص عليها في الفصل 7 من الظهير المذكور وذلك بتعليق هذا القرار بمقر الجماعة المعنية حتى يتمكن كل من يعنيه الأمر داخل مدة 6 أشهر من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية الاطلاع على مضمونه وتقديم مطالبه وملاحظاته في سجل الملاحظات و التصريحات المخصص لذلك.
       وبعد انتهاء مدة البحث العمومي يقفل السجل المذكور، وتشرع الجماعة في دراسة الملاحظات والتعرضات المقدمة في هذا الشأن، وهكذا يمكن للجماعة أن تعيد النظر في حدود الملك العام، إذا اقتنعت بصحة المطالب المقدمة من المعنيين بالأمر إذا أمكن ذلك، وإلا ستلجأ الجماعة إلى اقتناء الأراضي المعنية عن طريق التراضي أو نزع الملكية ويمكن لها من جهة أخرى ألا تقتنع بصحة  هده المطالب فتبقى  على حدود الملك العام كما هي مرسومة في التصميم وفي هذه الحالة يجب على المعني بالأمر عرض النزاع على المحاكم المختصة.
وعملا بمقتضيات الفصل 7 من الظهير الأنف الذكر فإن تحديد الملك العام يصبح نهائيا بعد انصرام أجل ستة أشهر من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية ومن ثم لا يحق لأي أحد المطالبة بأي حق في العقارات التي كانت محل تحديد الملك العام. كما تجدر الإشارة إلى أن القواعد المسطرية المنصوص عليها في الفصل السابع من ظهير فاتح يوليو 1914 هي قواعد عامة تسري على جميع الأملاك الجماعية العامة المراد تحديدها، ماعدا الملك الطرقي ويتعلق الأمر بالطرق الجماعية والساحات ومواقف السيارات العامة والمسالك والممرات والأزقة، فقد أفرد لها المشرع مساطر خاصة لتحديدها، كما سنوضح لاحقا في المطلب الموالي.

المطلب الثاني: المسطرة الخاصة على ضوء القانون رقم 12.90

إذا كانت نظرية الأملاك العامة تسمح بذلك وبدون التفاوض مع الملاكين المجاورين، فإن التشريعات المنظمة لهذه الفئة من الأملاك عادة ما تفعل مسطرة القيام بالتحديد الإداري وباستقراء النصوص المنظمة لأملاك الجماعات، ونلاحظ أنها لا تتضمن مقتضيات مفصلة وواضحة بخصوص تحديد الأملاك العامة للدولة، وإن كانت بدورها غير كافية، إلا أنها أوضحت بعض ما يجب القيام به من إجراءات لتطبيق مسطرة التحديد، كما أن نصوص أخرى تضمنت بدورها أحكاما تهم تحديد الأملاك العامة ونقصد قانون التعمير. كما أن المسطرة العامة تهم بالأساس الأملاك العامة العقارية، والمسطرة الخاصة تتمظهر بالأساس في الجانب المتعلق بتحديد الطرق والممرات العامة، هذه المسطرة تجد أساسها القانوني في ظهير7 ذي القعدة 1371 الموافق ل 30 يوليو 1952 المتعلق بالتعمير والمعدل بظهير 31.92.1 الصادر في 17 يونيو 1992 بتنفيذ القانون 90.12 المتعلق بالتعمير الذي ينص على هذه المسطرة، والتي تتم إما في إطار تصميم التهيئة المعتمد في الجماعة المعنية (الفقرة الأولى)، و قرار تخطيط حدود الطرق العامة وقرار تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها( الفقرة الثانية)، و مسطرة تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: قرار تعيين الطرق، المسالك، الممرات والأزقة

بناء على المادة 19 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير و التي تنص على أن تصميم التهيئة يهدف إلى تحديد جميع أو بعض حدود الطرق الواجب الحفاظ عليها أو تغييرها أو إحداثها، وأولى للمجالس المنتخبة القيام بتعيين الطرق والمسالك والممرات والأزقة المستعملة لتأكيد طابع الملكية العامة التي تكتسيها و بيان حدودها[13].
تبدأ هذه المسطرة من خلال محاولة الجماعة المعنية في نهج سبيل مسطرة التراضي مع الجوار للاراضي المراد نزع ملكيتها لأجل تعيين الطرق (أولا) مقرر بعد مداولة المجلس لتعيين الطرق و المسالك و الممرات والأزقة تليه مجموعة من الإجراءات تتوج باستصدار مشروع قرار متعلق بالعقارات موضوع التعيين (ثانيا)، لتتم إحالة الملف على عامل عمالة الإقليم للتأشير عليه (ثالثا)، والقيام بإجراءات إشهار القرار الموشر عليه من طرف عامل العمالة أو الإقليم (رابعا).

أولا:  إبرام الاتفاق بالمراضاة مع الأشخاص المنزوعة ملكيتهم

من خلال قراءة متأنية لمقتضيات الفصل 42 من قانون نزع الملكية يتبين أن المشرع مكن الجماعة النازعة للملكية من أسلوبين اثنين لتطبيق مسطرة الاتفاق الذي تبرمه الجماعة مع الملاك وأصحاب الحقوق العينية والشخصية، يهدف إلى نقل الملكية إليها بصفة ودية تختلف إجراءاتها تبعا لمكان إقامة الملاك:
إذا كان المنزوعة ملكيتهم يقيمون بمكان موقع العقار حيث يتم إبرام هذا الاتفاق أمام السلطة المحلية التابع لها هذا القرار يقضي بنقل العقارات أو حق عيني مقابل تعويض تمنحه الجماعة للمعنيين بالأمر من ملاك وأصحاب حقوق عينية وشخصية لا يتجاوز من حيث المبدأ الثمن الذي قررته اللجنة المكلفة بتقييم العقارات بمكناس في حكمها عدد 1 الصادر 06/01/2006  في الملف رقم 12/97. ش إلى أن المشرع لا يسمح باقتطاع سوى 10 أمتار من عرض المساحة الخاضعة للمساهمة المجانية تطبيقا للمادة 37 من قانون التعمير وأن الزائد على 10 أمتار بالنسبة للعرض يكون مستوجبا للتعويض حتى وان كانت المساحة المتقطعة أقل من لربع المساحة الإجمالية للقطعة بعدما ثبت لها من خلال الخبرة أن الجزء المقتطع عرضه 13 متر على طول القطعة وأن المساحة المقتطعة لا تمثل سوى 11 في المائة من المساحة الإجمالية للقطعة.
أما فيما يخص مسألة توسعة الطريق الموجودة فقد تباينت الأحكام القضائية الصادرة في هذا الخصوص ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة في حكمها عدد 58/95 بتاريخ 04/10/95 في الملف عدد 30/94 إلى إمكانية تطبيق المادة 37 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، حتى في مثل هذه الحالة اعتبرت  إدارية فاس في حكمها عدد 5359/99 بتاريخ 7/12/99 أن توسعة الطريق خارجة  عن نطاق المادة 37 المذكورة.
أما إذا استغرق الطريق لجميع القطعة وأصبحت طريقا ففي هذه الخالة تنتفي صفة الجار بالنسبة لمالكها وتنتفي معه أيضا قرينة فائض القيمة التي يمكن أن تقع في حالة بقائه جارا للطريق وبالتالي يصبح المالك محقا في التعويض الكامل عن قطعته الأرضية ودون أية مساهمة منه وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في قرارها عدد 850 الصادر بتاريخ 21/6/2001 في الملف الإداري عدد 1993/4/99 حين اعتبرت بأن متى شمل قرار نزع الملكية جميع العقار انتفت صفة الجوار المنصوص عليها في الفصل 5 من الظهير 30 يوليوز 1952 الذي حلت محله المادة 37 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير وأصبح المالك محقا في التعويض عن كافة أجزاء العقار.
كما أنه يمكن إبرام عقد التفويت بالمراضاة مع السلطة النازعة للملكية لنقل ملكية العقارات أو حقوق عينية مقابل تعويض عادل متى كان المنزوعة ملكيتهم لا يقيمون بالمكان الذي يقع به العقار. ويمكن أن يكون هذا العقد عرفيا ثابت التاريخ أو رسميا محرر من طرف عدول أو موثقين ويتم بعد ذلك تبليغه إلى السلطة المحلية القاضي بنقل الملكية تطبيقا لإحكام الفقرة 2 من الفصل 42 من قانون نزع الملكية.

ثانيا: مداولة المجلس الجماعي واتخاد مقرر بتعيين الطرق والممرات والمسالك والأزقة

بعد مداولة المجلس الجماعي واتخاد المقرر لتعيين المسالك والطرق والممرات والأزقة ضمن الأملاك الجماعية العامة، مع بيان حدودها (نقطة بدايتها ونهايتها وعرضها)، ومع تبيين الموافقة على القيام بتوسيع الطريق وفتح أخرى جديدة، أو إلغاء بعض منها التي لم تعد صالحة.
كما يقوم رئيس المجلس الجماعي بإجراء علني مدته شهر بالنسبة للطرق العامة، مع حضر أي بناء على تلك الأراضي، لتمكين العموم من إبداء ملاحظتهم والتي تدون في سجل مخصص لهذا الغرض على أن يشهر الإيداع ببلاغات تنشر على الأقل في جريدتين، وكذا بملصقات تعلق بمقر الإدارات المحلية، وبعد نهاية البحث العلني تقوم السلطة المكلفة بإعداد هذه القرارات مع الأخذ بعين الاعتبار المقترحات المقدمة من طرف العموم.

ثالثا: إحالة العملية على عامل العمالة والإقليم للتأشير عليه

بعد استصدار رئيس المجلس الجماعي لمشروع القرار المتعلق بالعقارات موضوع التعيين يقوم بإحالته على عامل العمالة أو الإقليم قصد التأشير عليه تطبيقا للمادة 118 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات مرفقا بالوثائق التالية:
·      محضر مداولات المجلس يبرز فيه موافقته على المشروع.
·      تقرير يبرز فيه رأي الوكالة الحضرية في المشروع و مدى ملائمته لوثائق التعمير.
·      تصميم جزئي يبين فيه حدود الطرق والمسالك والممرات والأزقة موضوع التعيين المراد إحداثها أو تغييرها أو توسيعها، موقعا من طرف رئيس المجلس و تأشير المهندس الجماعي.
·      مذكرة تبرز الدوافع أو الأسباب التي دفعت إلى تطبيق مسطرة التعيين.
·      إعلان بإيداع و نشر المشروع الذي تم تعليقه بمقر الجماعة.
·      تقرير يبرز رأي السلطة المحلية في الموضوع.
·      شهادة صادرة عن رئيس المجلس الجماعي حول افتتاح و اختتام البحث العلني.

رابعا: إجراءات إشهار القرار

   بعد التأشير وطبقا لمقتضيات المادة 40 من مرسوم 2.92.832  يتم نشر القرار كاملا في الجزء المتعلق بالنشرة العامة في الجريدة الرسمية مع نشر الإعلان في الجرائد الوطنية المأذون لها بنشر الإعلانات القانونية بشرط إبراز مرجع الجريدة الرسمية موضوع الإعلان.
و تعليق القرار المذكور يكون أيضا بمقر الجماعة حتى يتمكن كل من يعنيه الأمر من الإطلاع على مضمونه داخل أجل سنة من تاريخ نشره، وعند انتهاء المدة يتم إقفال سجل الملاحظات و التصريحات و تشرع الجماعة في دراسة التعرضات والملاحظات الواردة في السجل، وتبعا لذلك فإن الجماعة إما أن تقوم بإعادة النظر في حدود العقارات موضوع التعيين أو اقتناء العقارات اللازمة عن طريق التراضي أو نزع الملكية، و إما أن لا تأخذ هذه التعرضات بعين الاعتبار مع مكانية لجوء أصحاب التعرض إلى المحاكم المختصة.
و في حالة عدم تقديم أي تعرض داخل أجل سنة تباشر الجماعة المعنية مسطرة تحفيظ العقارات موضوع التعيين، كما أنه لا يحق لأي شخص أن يتقدم بتعرض على قرار التعيين بعد انصرام المدة المذكورة لأنه يصبح قرارا نهائيا تطبيقا لأحكام المادة 81 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير و التي تنص في فقرتها الأولى على أنه: " يمكن وفي جميع أرجاء المملكة بتعيين الطرق والمسالك والممرات والأزقة المستعملة لتأكيد طابع الملكية العامة التي تكتسيها وتبيان حدودها.

الفقرة الثانية: قرار التصفيف والتخطيط

حسب المادة 35 من قانون التعمير فان قرارات تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها لما تستجوبه العملية تخضع للأحكام المقررة في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، هكذا واستنادا إلى أحكام المادة 32 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، فان رئيس المجلس الجماعي يتخذ قرار تخطيط حدود الطرق العامة أو قرار تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها العقارات المراد نزع ملكيتها لما تستوجبه العملية عندما يتعلق الأمر بإحداث طرق جماعية وساحات عامة ومواقف عامة للسيارات بالجماعات أو إلى تغيير تخطيطها أوالى عرضها أو حذفها كلا أو بعضا، واستنادا للمادة 81 من القانون السالف الذكر, فان الجماعات المحلية تعتبر شريكا لوزارة التجهيز والنقل في تعيين الطرق و المسالك و الممرات و الأزقة لتأكيد طابع الملكية العامة التي تكتسبها و بيان حدودها، ويتم هذا التأكيد بقرار لرئيس مجلس الجماعة بعد مداولة المجلس، وما دام أن ممارسة تلك الصلاحيات رهين بتوفر وعاء عقاري لدى تلك الجماعات، فان نفس المادة اشترطت في قرارات إحداث الطرق والساحات تعيينها للعقارات المراد نزع ملكيتها مع بيان مشمولاتها ومساحتها وأسماء من يحتمل أن يكونوا مالكين لها، من جهة أخرى، فإن المشرع مكن الجماعة من ثلاثة طرق لمباشرة مسطرة تحديد الطرق العامة وهي:

أولا: اتخاذ قرار يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة ويعلن بموجبه عن المنفعة العامة

يعد بمثابة إعلان عن المنفعة العامة إذا كان الغرض منه إحداث أو توسيع الطريق العام أو الساحة العامة أو موقف عام للسيارات فوق عقارات مملوكة للجماعة. وبموجب هذا القرار ترتب هذه العقارات ضمن الأملاك العامة الجماعية ويحق للجماعة الاستغناء عن هذا القرار في حالة توفرها على وثائق التعمير.
بالإضافة كذلك إلى أن القرار المذكور والتي بموجبه تعلن أن المنفعة العامة تقضي بتخطيط حدود الطرق العامة ويعين فيه مباشرة العقارات المقررة نزع ملكيتها مع بيان بكل دقة عددها ونوعيتها ومراجعتها العقارية ومساحتها وأسماء وعناوين الملاك المفترضين.

ثانيا: اتخاذ قرارين متتابعين سابق  ولاحق:

بناءا على مسطرة اتخاذ القرار السابق، يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة الذي يعد بمثابة إعلان عن المنفعة العامة للمشروع الذي ترغب الجماعة في انجازه ويحدد بموجبه المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها.
أما مسطرة اتخاذ القرار اللاحق، يدعى قرار التخلي تعين العقارات المقرر نزع ملكيتها الواقعة بالمنطقة المحددة في قرار السابق من تحتمل أن يكون مالكين لها.
وينبغي التنبيه هنا إلى أن الجماعة لا يمكن لها أن تباشر الطريقتين الثانية و الثالثة لمسطرة تخطيط حدود الطرق العامة إلا على عقارات مملوكة للغير لكونها مناط نزع الملكية لأجل المنفعة العامة كما يجب التأكيد أن الطريقة الثانية للمسطرة المذكورة هي التي يجري بها العمل من حيث الواقع العملي.

ثالثا: إعفاء الجماعة الحضرية أو القروية من إصدار قرار تخطيط حدود الطرق العامة

مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن التصاميم المصادق عليها في إطار قوانين التعمير تعفي الإدارة من اتخاذ مرسوم بإعلان المنفعة العامة وقرار التخلي لانجاز التجهيزات و الأشغال الواردة في التصميم أو إجراء بحث علني جديد المنصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية غير أن القضاء الإداري المغربي ألزم الإدارة بسلوك مسطرة استئذان القضاء في حيازة العقار المقرر نزع ملكيته بمقتضى قانون التعمير تحت طائلة اعتبار احتلالها للعقار المقرر نزع ملكيته بمقتضى قانون التعمير تحت طائلة اعتبار احتلالها للعقار بدون إذن قضائي يدخل في إطار الاعتداء المادي.

 الفقرة الثالثة: مسطرة تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها

تمر هذه المسطرة بالمراحل الآتية:

أولا: مداولة المجلس الجماعي واتخاذ مقرر لتخطيط حدود الطرق العامة

تطبيقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون التعمير، فان رئيس المجلس الجماعي يختص بإصدار مشروع قرار تخطيط حدود الطرق العامة بناء على مداولة المجلس الجماعي واتخاذ مقرر يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة فقط أو تخطيط حدود الطرق العامة يبين فيه العقارات المراد نزع ملكيتها لانجاز المشروع المزمع تحقيقه مع تحديد بكل دقة موقعها وعددها ومحتوياتها ومساحتها وأسماء وعناوين الملاك المفترضين.
واستنادا إلى أحكام المادة 28 من المرسوم رقم 2.92.832 الصادر في 14 أكتوبر 1993 لتطبيق قانون التعمير، تقوم الجماعة بإحالة مشروع القرار والتصميم المرفق به على السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير قصد الموافقة عليه.

ثانيا: إجراءات إشهار مشروع قرار تخطيط حدود الطرق العامة

لقد نصت المواد 29 و 30 من المرسوم المذكور على أن رئيس المجلس الجماعي قبل أن يتخذ مشروع قرار نهائي يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة وتعيين العقارات المراد نزع ملكيتها لانجاز المشروع المزمع تحقيقه، يتعين عليه أن يباشر إجراءات الإشهار التالية:
·      الإعلان بإيداع ملف البحث العلني بمقر الجماعة المحلية.
·      تعليق الإعلان بمقر الجماعة المحلية.
·      نشر مشروع القرار في الجريدة الرسمية.
·      إجراء بحث علني.
بالإضافة إلى أحكام الفقرة الثانية من المادة 33 من قانون التعمير، يتعين على رئيس المجلس الجماعي القيام بإجراء بحث علني أجله شهرين قبل استصدار مشروع قرار نهائي يقضي بتخليط حدود الطرق العامة المعينة فيه العقارات المراد نزع ملكيتها لما تستلزمه العملية حتى يتمكن من يهمهم الأمر من الإطلاع على مشروع القرار و التعرف على المنافع والمضار المترتبة عنه خلال الأجل المذكور يبتدئ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية و لأجل ذلك يوضع سجل خاص رهن إشارة العموم لتدوين ملاحظاتهم وتلقي تصريحاتهم.
واستنادا إلى أحكام الفصل 12 من قانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، يجب على الجماعة أن تودع مشروع قرار تخطيط حدود الطرق العامة المعنية فيه العقارات المراد نزع ملكيتها لما تستوجبه العملية بإدارة المحافظة العقارية التابع لها موقع العقارات.
إضافة إلى كل ما سبق، يتعين على الجماعة أن تودع مشروع قرار تخطيط حدود الطرق العامة مع تعيين العقارات المراد نزع ملكيتها لما تستلزمه العملية بكتابة الضبط بالمحكمة الإدارية التي يتواجد العقار في دائرة اختصاصاتها، إذا كانت هذه العقارات غير محفظة وليست في طور التحفيظ.

ثالثا: عرض ملف العملية على عامل العمالة و الإقليم للتأشير عليه

بعد استيفائها لجميع الإجراءات السابق بيانها، تقوم المصلحة الجماعية المختصة بعرض مشروع قرار نهائي يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيه العقارات المراد نزع ملكيتها لانجاز المشروع المرغوب فيه يحمل توقيع رئيس المجلس الجماعي على أنظار العمالة أو الإقليم بهدف التأشير عليه مشفوعا بالوثائق الآتية في ثلاثة نظائر أصلية:
·      محضر مداولات المجلس الجماعي مذيل بمقرر يوافق على العملية العقارية.
·      إعلان عن إيداع ونشر مشروع قرار تخطيط الطرق العامة المقرر فيه الأراضي المراد نزع ملكيتها لما تستوجبه العملية الذي تم  نشره في الجريدة الرسمية.
·      تقرير يبرز رأي الوكالة الحضرية في الموضوع ومدى ملائمته مع التخصيص المعد له في وثيقة التعمير.
·      تصميم تجزيئي يبين بكل دقة حدود الطرق العامة أو الساحات العامة أو مواقف العامة للسيارات المراد إحداثها أو تغيير تخطيطها (توسيعها أو تمديدها) ويحدد فيه بدقة موقع الأراضي موضوع العملية ويرسم حدودها بكامل الوضوح وموقع عليه من قبل رئيس المجلس الجماعي و المهندس الجماعي.
·      مذكرة تقديم في الموضوع تبين أسباب ودواعي تطبيق مسطرة تخطيط حدود الطرق العامة.
·      إعلان بإيداع ونشر مشروع القرار الذي تم تعليقه بمقر الجماعة المعنية.
·      محضر اللجنة الإدارية للتقييم المكلفة بتحديد قيمة العقارات موضوع العملية.
·      مذكرة مالية تثبت توفر الجماعة على الاعتمادات اللازمة لتعويض الملاك وأصحاب الحقوق العينية المنزوعة ملكيتهم مع بيان السنة المالية التي رصدت برسمها هذه الاعتمادات موقعة من طرف رئيس المجلس الجماعي وتأشيرة القابض الجماعي.
·      تقرير يبرز رأي السلطة المحلية في الموضوع
·      شهادة مسلمة من إدارة المحافظة العقارية أو كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية المختصة تثبت تقييد مشروع القرار في السجلات المخصصة لهذه الغاية.
·      شهادة صادرة عن رئيس المجلس الجماعي تتعلق بالإيداع والنشر والتعليق مصحوبة بنسخة من الجريدة الرسمية والجريدتين اليوميتين اللتين وقع فيها نشر مشروع القرار.
·      سجل الملاحظات و التصريح.
·      شهادة صادرة عن رئيس المجلس الجماعي حول افتتاح واختتام البحث العلني.
   وعندما تتوصل المصالح المختصة في العمالة أو الإقليم بالملف المشار إلى وثائقه أعلاه تقوم بدراستها وفحصها بكيفية جيدة وتتحقق من سلامتها من ناحية الشكل والمضمون ثم بعد ذلك تقوم بعرض مشروع القرار على عامل العمالة أو الإقليم المختص قصد التأشير عليه تطبيقا لمقتضيات المادة الأولى من قرار وزير الداخلية رقم 686.03 الصادر في  20 مارس 2003 المتعلق بتفويض الاختصاص.

رابعا: إشهار القرار القاضي بإعلان المنفعة العامة وبنزع الملكية

تنفيذا للأحكام الفصل 13 من قانون نزع الملكية يجب على الجماعة المعنية أن تتخذ بشأن القرار القاضي بإعلان المنفعة العامة وبنزع الملكية تدابير الإشهار الآتية:
·      نشر نص القرار بكامله في الجريدة الرسمية (الجزء الأول الذي يتعلق بالنشرة العامة). 
·      نشر الإعلان بجريدة أو عدة جرائد مأذون لها في نشر الإعلانات لإخبار العموم بعملية نشر نص القرار في الجريدة الرسمية مع ذكر مراجعها.
·      تعليق نص القرار كاملا بمقر الجماعة المعنية مع إمكانية إشهاره بجميع الوسائل الأخرى الملائمة (كالمناداة في الأسواق، تعليق نص القرار بإدارات أخرى...).
والجدير بالذكر أن هذه الإجراءات جد جوهرية يمكن دائما للمعنيين بالأمر التمسك بخرقها أمام قاضي نزع الملكية أو قاضي الأمور المستعجلة الذي طلب منه نقل الحيازة للسلطة النازعة طبقا لأحكام الفصل 24.
من الواضح أن الفصل 17 من قانون نزع الملكية يلزم الجماعة نازعة الملكية بمباشرة إجراءات نزع الملكية في أجل أقصاه سنتين ابتداء من تاريخ نشر القرار القاضي بإعلان المنفعة العامة وبنزع الملكية في الجريدة الرسمية.

خاتمة

من خلال ما سبق و بعد دراستنا للتصرفات القانونية التي تجريها الأجهزة المكلفة بتدبير و حماية الممتلكات الجماعية على هذه الأملاك، لامسنا أن واقع الأمر يتطلب ترشيد استعمال هذه الأملاك والمحافظة عليها في إطار تدبير استراتيجي فعال و محكم. وعلى اعتبار أن الممتلكات الجماعية تشكل في الوقت الراهن تراثا له مردوديته الاقتصادية، كما يتطلب الأمر كذلك، إعادة النظر في أشكال التراخيص الممنوحة و مسطرتها و نظامها القانوني، حتى لا تقف حاجزا أمام ازدهار الاستثمار فوق هذه الأملاك لاسيما و أن الأملاك العامة تعد الأساس العقاري لكل مشروع تنموي بغية إنعاش الاقتصاد المحلي واستدامته، وعليه إذا لم يتم احترام القواعد الأساسية للتصرف في هذه الممتلكات من طرف الإدارة أو الأفراد، فإن ذلك سيفقدها الطابع الاقتصادي و الإنساني المتمثل في الاستعمال العمومي للملك العام، كما خلصنا أيضا إلى أن معظم الجماعات بالمغرب لا تستغل أملاكها استغلالا معقلنا يساهم في تحقيق التنمية المحلية المنشودة، الأمر الذي يتطلب ضرورة عقلنة عمليات التسيير والاستغلال الجيد، و ذلك من خلال تحديث النظام القانوني والإداري لهذا الغرض، لكي ترقى هذه الممتلكات إلى مستوى التحديات والرهانات التي يطمح لها المغرب. إلا أنه في ظل الإكراهات التي تعترض هذا التحدي، يجعل من الصعب القيام بالدور المنوط بها على الوجه الأكمل.
إن الملاحظ في الممارسة العملية لتحديد الأملاك العامة، أن الجماعات لا تقوم بالتحديد الإداري لأملاكها العامة في إطار المسطرة الواردة في نصوص التعمير إلا نادرا، الأمر الذي ترتب على قلة اللجوء إلى التحديد الإداري، انعكاسات سلبية على حقوق الجماعات، ولا سيما أن مجموعة كبيرة من الأملاك التابعة لها غير محفظة، كما أنه في كثير من الحالات يصعب الدفاع عن الأملاك العامة تجاه الغير بسبب عدم وجود حدود واضحة لها. ولكي تتمكن الجماعات من إجراء عملية التحديد الإداري، يجب إعادة النظر في النصوص الحالية لتوضيح وتبسيط المسطرة الواجب إتباعها، فلا بد من إصدار نصوص خاصة بالأملاك العامة للجماعات، تلغي أو تغير النصوص القديمة السارية المفعول، بغية تحقيق المبدأ العام على الأملاك العامة للجماعات، وهي كونها مخصصة لاستعمال الجمهور ويترتب عن هذا، أن الملك العام يخضع لثلاث مبادئ وهي مبدأ الحرية، المساواة، والمجانية.

المراجع


v محمود شوراق: تدبير أملاك الجماعات الحضرية والقروية في ضوء الميثاق الجماعي الجديد، الطبعة الأولى 2007.
v محمود شوراق: المساطر القانونية لتدبير أملاك الجماعات الحضرية والقروية، الجزء الأول، الطبعة الأولى 2008.
v محمد بوجيدة: اللجنة الإدارية لتقييم أملاك الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها، الطبعة الأولى 1995.
v عبد الواحد شعير، الممتلكات العقارية للجماعات المحلية بالمغرب، تقديم الدكتور محمد خيري، رقم الإيداع القانوني 221\1991.
v منشورات مجلة الحقوق المغربية: سلسلة "الأنظمة والمنازعات العقارية"، أراضي الجماعات السلالية بالمغرب، الطبعة الأولى 2010.
v دستور 2011 للمملكة المغربية.
v ظهير شريف رقم 1.15.85 صادر في 7 يوليو 2015 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14.113  المتعلق بالجماعات، الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 23 يوليو 2015، ص 6660.
v الدليل القانوني للجماعات، طبعة 2009.
v قلبيوي محمد علي: رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تدبير الأملاك الجماعية العامة ـ دراسة حالة المجلس الجماعي بمراكش،  ماستر السياسات العامة والحكامة  المحلية كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية  جامعة القاضي عياض بمراكش.

الفهرس

تصميم العرض.................................................................................................................................... 1
المطلب الأول: الممتلكات الجماعية العامة وطرق تدبيرها........................................................................................... 3
الفقرة الأولى:  مفهوم الأملاك الجماعية العامة:................................................................................................ 3
الفقرة الثانية: الأجهزة القانونية المكلفة بتدبير الملك العام الجماعي................................................................................ 5
المطلب الثاني: أنواع الملك الجماعي............................................................................................................... 6
الفقرة الأولى: أملاك الجماعات الحضرية...................................................................................................... 7
أولا: الأملاك العمومية للبلديات............................................................................................................................................ 7
ثانيا: الأملاك الخصوصية للبلديات.......................................................................................................................................... 8
الفقرة الثانية: الأملاك القروية............................................................................................................... 9
أولا: الدومين العام للمجلس القروي..................................................................................................................................... 10
ثانيا: الدومين الخاص للمجلس القروي................................................................................................................................... 10
المبحث الثاني: التحديد الإداري للممتلكات الجماعية.......................................................................................... 12
المطلب الأول: المسطرة العامة لتحديد الأملاك الجماعية................................................................................................................... 12
الفقرة الأولى: الجهات المتعاقبة  على تدبير الملك العام الجماعي............................................................................... 12
أولا: مرحــلــة الحمـــايــــة.................................................................................................................................................. 12
ثانيا: مرحلة ما بعد الاستقلال........................................................................................................................................... 13
الفقرة الثانية: التحديد الإداري على ضوء ظهير 1914...................................................................................... 13
أولا: دور المجلس الجماعي في اتخاذ مقرر بشأن تحديد الملك العام الجماعي.................................................................................................. 14
ثانيا: التأشير والنشر لمقررات المجلس الجماعي............................................................................................................................. 14
المطلب الثاني: المسطرة الخاصة على ضوء القانون رقم 12.90.................................................................................... 16
الفقرة الأولى: قرار تعيين الطرق، المسالك، الممرات والأزقة................................................................................ 16
أولا:  إبرام الاتفاق بالمراضاة مع الأشخاص المنزوعة ملكيتهم............................................................................................................... 17
ثانيا: مداولة المجلس الجماعي واتخاد مقرر بتعيين الطرق والممرات والمسالك والأزقة.......................................................................................... 18
ثالثا: إحالة العملية على عامل العمالة والإقليم للتأشير عليه................................................................................................................... 18
رابعا: إجراءات إشهار القرار............................................................................................................................................. 19
الفقرة الثانية: قرار التصفيف والتخطيط.................................................................................................................................. 19
أولا: اتخاذ قرار يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة ويعلن بموجبه عن المنفعة العامة........................................................................................ 20
ثانيا: اتخاذ قرارين متتابعين سابق  ولاحق:................................................................................................................................ 20
ثالثا: إعفاء الجماعة الحضرية أو القروية من إصدار قرار تخطيط حدود الطرق العامة........................................................................................ 21
الفقرة الثالثة: مسطرة تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها.................................................................................... 21
أولا: مداولة المجلس الجماعي واتخاذ مقرر لتخطيط حدود الطرق العامة..................................................................................................... 21
ثانيا: إجراءات إشهار مشروع قرار تخطيط حدود الطرق العامة........................................................................................................... 22
ثالثا: عرض ملف العملية على عامل العمالة و الإقليم للتأشير عليه........................................................................................................... 23
رابعا: إشهار القرار القاضي بإعلان المنفعة العامة وبنزع الملكية.............................................................................................................. 24
خاتمة................................................................................................................................................................... 25
المراجع......................................................................................................................................... 26
الفهرس......................................................................................................................................... 27


[1] )-  الملك العام المائي الذي يعود تدبيره إلى المكتب الوطني لاستثمار الفلاحي.
[2]  )- دليل أملاك الجماعات المحلية، الطبعة الأولى 2009 ص 3.
[3] )- محمد بوجيدة: مسطرة تحديد الأملاك العامة الجماعية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 38-39 مايو- غشت 2001، ص: 165.
[4] )- كما هو الحل بالنسبة للأنهار والبحيرات والشواطئ البحرية وغيرها من الأملاك التابعة للدولة.
)- الدكتور عبد الواحد شعير  "الممتلكات العقارية للجماعات المحلية بالمغرب" ص 68. [5]
[6])-  الدكتور عبد الواحد شعير  مرجع سابق  ص 69.
[7] )- محمد بوجيدة: "أملاك الجماعات المحلية و هيئاتها" مجلة الشؤون الإدارية عدد 9 ص48 السنة 1990.
[8] )- الفصل الرابع من ظهير 19 أكتوبر 1921.
[9] )- الفصل الخامس من نفس الظهير أعلاه.
[10]  )- الفصل التاسع من ظهير 19 أكتوبر 1921
[11] )- الفصل التاسع من ظهير 1954
[12] - ظهير فاتح يوليو 1914 الجريدة الرسمية 62 بتاريخ 10 يوليو 1914
[13] )- المادة 51 من ظهير 1.92.31 الصادر في 17 يونيو الجريدة الرسمية 4159 الصادرة في 15 يوليو 1992.

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *