-->

دور القضاء الإداري في تكريس دولة الحق والقانون



مقدمة
          يعد خضوع الدولة للقانون مظهرا من المظاهر المدنية الحديثة، لكونه يؤدي إلى حماية حقوق الأفراد وحرياتهم، ومبدأ خضوع الدولة للقانون أو مبدأ المشروعية، يهدف إلى جعل السلطات الحاكمة في الدولة تخضع لقواعد ملزمة لها كما هي ملزمة بالنسبة للمحكومين، ومن المسلمات لدى الفقه أنه لم يعد يكفي لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم العامة أن تتأكد سيادة القانون فقط ، بل أصبح لتأكيد هذه الحماية أن تخضع علاقاتهم مع الدولة لحكم القانون، لأنه بغير خضوع الدولة للقانون سيكون الحكم خاضعا للقوة المادية، ومن هنا تبرز أهمية القضاء بصفة عامة في إجبار الدولة على الخضوع للقانون على حد سواء مع الأفراد، وهذا ما يكرس دولة الحق والقانون، ومن الاليات المهمة التي تساهم في تكريس هذا المبدأ ، هو القضاء الإداري الذي يساهم في حماية قواعد المشروعية وسيادة القانون والمساواة أمامه وحماية الحريات الفردية والجماعية، وصيانة الاختيار الديمقراطي عبر نظره في الدعاوي القائمة بين طرفين غير متساويين يكون أحد طرفيها شخصا عاما يمثل سلطات الدولة، سواء كانت هذه الدعوى ترمي إلى إقرار المشروعية أو حماية الحقوق والحريات.
          فالمغرب كباقي الدول لم يكن يعرف قضاء إداريا ولا قانونا إداريا بالمعنى الواسع للكلمة، وإنما كانت قواعد القانون والفقه الإسلامي هي التي تحكم وتنظم الإدارة، وبدخول المغرب تحت الحماية  الفرنسية، قامت سلطات الحماية بإدخال مجموعة من الإصلاحات على التنظيم القضائي المغربي، حيث عملت على إعادة تنظيم المحاكم الابتدائية، إلا أن معالم القضاء الإداري لم تظهر إلا بعض حصول المغرب على الاستقلال، حيث كانت أولى الخطوات تأسيس المجلس الأعلى بمقتضى ظهير 27 شتنبر 1957، الذي دعَّم وجوده القضاء الإداري، وذلك بإحداث غرفة إدارية على مستوى الغرف المشكًّلة له.
       ورغم هذا، فالقضاء الإداري المغربي لم يبلغ أهميته المنشودة إلا بعد إنشاء المحاكم الإدارية التي كانت الغاية منها ضمان حماية المتقاضين خاصة في مواجهة التجاوزات المحتملة للسلطة الإدارية، وتجسيدا لمبدأ التقاضي على درجتين تم إحداث محاكم الاستئناف الإدارية بتاريخ 14 فبراير2006 وفق القانون رقم 80.03 .
            وبالرغم من أن المغرب قد خطى خطوات جبارة نحو بناء نظام قضائي صرف، إلا أنه ما زال يراهن على المزيد من الإصلاح الجدري والنوعي الذي ينشده من خلال تفعيل مبدأ الاستقلالية وتطوير القضاء الإداري والنهوض به نحو المبادئ العالمية، و هكذا و اعتبارا لأهمية الموضوع فقد دفعنا إلى التساؤل حول مدى بلوغ  القضاء الإداري الغاية المرجوة منه في تعزيز الحقوق والحريات ؟و أين يتجلى دوره في تكريس دولة الحق والقانون ؟
          ومحاولة منا لدراسة موضوع "دور القضاء الإداري في تكريس دولة الحق والقانون" و الإجابة على التساؤلين المطروحين، نرى تقسيمه إلى مبحثين، الأول خصصناه للتطور التاريخي للقضاء الإداري ونشأة المحاكم الإدارية، أما المبحث الثاني فتناولنا فيه دور القضاء الإداري في تكريس دولة الحق و القانون.


Iالمبحث الأول: التطور التاريخي للقضاء الإداري ونشأة المحاكم الإدارية.
          المطلب الأول:التطور التاريخي للقضاء الإداري.
               شهد القضاء الإداري المغربي تطورا ملحوظا وإصلاحا مهما عبر العديد من المحطات التي مر منها المغرب منذ بداية القرن العشرين وصولا إلى الوقت الراهن، لكن قبل التطرق للمراحل التاريخية التي قطعها هذا القضاء، لابد من الرجوع والقاء نظرة حول نشأة القضاء الاداري الفرنسي على اعتبار الروابط التي ميزت العلاقة بين البلدين، والتي كانت لها بالغ الأهمية في استلهام المبادئ العامة للقضاء الإداري المغربي، وتعتبر فرنسا مرجعا أساسيا للقضاء الاداري لمختلف الدول، وقد كان للثورة الفرنسية دورا كبيرا في نشوئه، حيث بالرجوع إلى الأفكار التي كانت تنادي بها الثورة الفرنسية وخاصة في الجانب المتعلق بالفصل بين السلط ، جاء إحداث مجلس الدولة بتاريخ  1799 الذي كان له دور مهم في وضع الأسس الأولى للقضاء الإداري الفرنسي، لِما كان يتميز به أعضائه من كفاءة ومؤهلات علمية، وقد حدد المشرع الفرنسي اختصاصات هذا الأخير على سبيل الحصر[1]باعتباره يمثل أعلى هرم قضائي وكدا سموه على مختلف المحاكم الإدارية، وجعل من مجالس الدولة جهة قضائية متميزة توازي جهة القضاء العادي.
       وبالرجوع إلى القضاء الإداري المغربي، فقد مر بالعديد من المحطات الأساسية كانت للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عاشها المغرب خلال الحقبة الأخيرة بالغ الأهمية في إيجاد أرضية صلبة لتطوير القضاء الإداري، و يمكن إجمال هذه المحطات في ثلاثة مراحل :
                           الفقرة الأولى: مرحلة ما قبل الحماية:
          كان للخصوصيات التاريخية والدينية للمجتمع المغربي قبل الاستقلال وبالذات في فترة ما قبل الحماية اعتبارا أساسيا في عدم إمكانية وجود قضاء اداري بمفهومه الحالي لكون النظام القضائي الذي كان معمولا به لم يتضمن أسس التوازن بين حقوق الإدارة بوصفها "شخص عام " وحقوق المواطن الذي قد يتضرر من قراراتها أو تصرفاتها التي غالبا ما يشوبها نوع من الشطط أو التعسف، ويمكن أن نرصد تجليات هذا الفراغ التشريعي على مستوى القضاء الإداري من خلال محدودية الصلاحيات التي  كانت ممنوحة أنداك لوزارة الشكايات في شخص وزير "الشكايات"، حيث شكلت هذه الأخيرة مجلسا قضائيا لدى السلطات أو غرفة الاستئناف أو نقض رغم عدم توسيع صلاحياتها في حماية حقوق وحريات الأفراد في مواجهة الادارة المحلية ومن اختصاصاتها ندكر:
ü  فحص شطط العمال في استعمال السلطة تجاه الافراد والمتعاملين مع الادارة .
ü    النظر في الشكايات المقدمة لأجل إرجاع الاشياء التي انتزعت منهم بالقوة[2] .
          وفي نهاية القرن الثامن عشر وموازاة مع هده الفترة التاريخية، كان لفرنسا دورا كبيرا في تفعيل وتحسين القضاء الاداري المغربي، بحكم الأشواط التي قطعتها فرنسا في طريق نشأة قضاء إداري متميز وبنّاء يحترم حقوق وحريات الأفراد في مواجهة الجهات المختلفة وخاصة جهة الادارة.
                              الفقرة الثانية: مرحلة الحماية.
          بعد فرض الحماية على المغرب لم تعمل سلطات الحماية على نقل نضام القضاء الإداري الفرنسي إلى المغرب ، بل عملت ما أمكن على تمتيع رعاياها في الادارات العمومية بامتيازات غير متكافئة مع المواطن المغربي، الذي ظل يعاني أشكالا متنوعة من الحيف والتمييز، وخير مثال على ذلك ما جاء به قانون 1928، الذي سمح للموظفين العاملين في الإدارات العمومية بالطعن بالإلغاء في القوانين المتعلقة بنظامهم الأساسي أمام الدولة الفرنسية[3]، ومن هنا يمكن لمس ما للاعتبار الشخصي من تأثير في نتيجة الطعن، بحيث يتم النظر في طرفي العلاقة أو الدعوى، فكلما كان فرنسيا إلا وكانت الجهة المختصة هي المحاكم الفرنسية.
          وحتى بالرجوع إلى ظهير 9 رمضان 1331 الموافق 12 غشت 1913 المعروف بظهير الالتزامات والعقود، الذي جسد لمسؤولية الإدارة في الفصلين 79و80 ، نجد أن هذا القانون كان يطبق أنداك أمام المحاكم العصرية والتي كان أغلب قضاتها فرنسيين.
                              الفقرة الثالثة: مرحلة الاستقلال
          شكل تحرير المغرب من الدولة الفرنسية مهدا لانطلاق قضاء إداري عرف اتساعا في مجال مقاضاة الإدارة من خلال إدخال دعوى الإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة ضد القرارات الصادرة عن السلطة الإدارية، وذلك بمناسبة إنشاء المجلس الأعلى في شتنبر 1957 ، إضافة الى عدة ظهائر همت بالخصوص النزاعات المتعلقة بالمعاشات والانتخابات والضرائب، لكن ما يعاب على القضاء الإداري المغربي في خضم هذه المرحلة التاريخية بقاء الفصل 25 من قانون11 رمضان 1934 الموافق ل 28 شتنبر 1974 المعروف بقانون المسطرة المدنية والذي ينص "يمنع على المحاكم، عدا إدا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة ، أن تنظر ولو بصفة تبعية في جميع الطلبات التي من شأنها ان تعرقل عمل الإدارات العمومية للدولة أو الجماعات العمومية الأخرى أو أن تلغي إحدى قراراتها، ويمنع عليها أيضا أن تبث في دستورية القوانين."
       ومنه يلاحظ أن هذا النص شكل عثرة في طريق تطور القضاء الإداري المغربي وبالتالي كان لهذا القضاء مع بداية القرن العشرين، الذي عرفت فيه الحريات الفردية تعريفا يتجاوز كونها حرية فردية لا يجب أن تتجاوز حرية الغير، إلى اعتبارها تجسيدا للديمقراطية التي تعد شعارا ومعيارا لمدى تقدم الدولة سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية وكذا الاقتصادية .


المطلب الثاني: نشأة وتأليف المحاكم الإدارية و اختصاصاتها
          إن الخطاب الملكي المؤرخ في 08 ماي 1990 أضفى الصيغة الرسمية على مشروع إحداث المحاكم الإدارية ، وذلك بحثه على تحسين تنظيم القضائي بإحداث محاكم إدارية من شانها أن تضمن بشكل أفضل حماية المواطنين من الأخطاء والتجاوزات التي تصدر عن السلطات الادارية.
                              الفقرة الأولى: دوافع نشأة  المحاكم الإدارية
          كانت وراء إحداث المحاكم الإدارية عدة دوافع مختلفة ومتداخلة، منها دوافع داخلية وأخرى خارجية.
                                             أولا:  الدوافع الداخلية.
          يمكن إجمال هذه الدوافع في عوامل عدة، منها ما هو اجتماعي واقتصادي وقانوني :
ü  تتجلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية في التطور المديني الذي لعب دورا حضاريا وفكريا، بحيث أن الحضارة تعتبر مجالا أوسع للاستثمار الثقافي والاستهلاك التجاري والوعي الفكري، كل ذلك دفع المغرب إلى تحسين وتطوير الفكر الاقتصادي والاجتماعي الذي كان له وقع مهم على المستوى السياسي، مما عجل بضرورة تطوير وتعديل القضاء الاداري المغربي ليتماشى وطموحات المواطنين أو المجتمع المدني ككل، بحيث لم يعد دور القضاء يقتصر على تنزيل القوانين وإنما تجاوز ذلك الى محاولة التوفيق بين المصلحتين العامة والخاصة، وذلك لتشجيع المستثمرين سواء المغاربة أو الأجانب على الاستثمار داخل المغرب لوجود مؤسسة قادرة على ضمان الحقوق والحريات.
ü  تتجلى العوامل القانونية في الحركة التشريعية التي ظهرت في المغرب في إطار تحين العديد من النصوص بشكل يدل على وجود رغبة أكيدة نحو تعزيز دولة الحق و القانون في إطار ضمان حقوق الافراد في مواجهة الإدارة وتجاوزاتها .
                                                           

                                       ثانيا: الدوافع الخارجية.
          لا يمكن تجاهل دور الدوافع الخارجية في التأثير بقوة على تطور القضاء الإداري المغربـــي بسبب موقعه الجغرافي وضرورة انفتاحه على النظام الغربي، وخاصة النظام الفرنسي نظرا لروابط الوثيقة بين البلدين[4]، و من هذه الدوافع :
ü  تطور مجال حقوق الإنسان : لا أحد يجادل في دور الحركة العالمية المتنامية لحقوق الإنسان كضمانة مهمة للحقوق الفردية بمختلف أنواعها في إطار  تكريس الديمقراطية، واعتبارا للضجة  التي اثارتها منظمة العفو الدولية حول وضعية حقوق الانسان بالمغرب، عمل المغرب على غرار جل الدول المتقدمة على ركب التطور الديمقراطي لتفادي مختلف انتهاكات حقوق الانسان. وقد تجسد ذلك من خلال توقيع المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وكان أبرزها اتفاقية 3 ماي 1979[5]بالإضافة إلى مصادقته على اتفاقية مناهضة التعذيب والمعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 دجنبر 1984، و كان لهذا التوجه العام وقع نحو تعزيز القضاء الاداري المغربي، بشكل لم يتم  الاكتفاء فيه فقط بالمراقبة الادارية، وانما واكبها تيار يدعو الى توكيل مراقبة احترام الادارة لمبدا الشرعية الى قضاء متخصص.
ü   تكريس مبدأ القضاء المتخصص : كان المغرب يعتمد على القضاء العادي لضمان الحقوق والحريات، إلاأن طغيان مبدأ التخصص ومحاولة تدخل الدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وامتيازها مقارنة مع الأفراد العاديين، كلها عوامل دعت معظم دول المنتظم الدولي و من بينها المغرب إلى الأخذ بنظام القضاء الإداري، وبالتالي نهج سياسة القضاء المتخصص إلى جانب القضاء العادي بحيث أصبح القضاء الإداري سمة كونية في تكريس مبدأ حقوق الانسان وتجسيد دولة الحق والقانون.
                           الفقرة الثانية: تأليف المحاكم الإدارية واختصاصاتها.
                                        أولا: تأليف المحاكم الإدارية
   بالرجوع إلى المادة الثانية من القانون 90 .41[6] ، نجد أن المحاكم الإدارية تتألف من :
ü  رؤساء المحاكم : يعتبر رؤساء المحاكم الادارية هم الدعامة الاساسية لهذه المحاكم لانهم يشرفون عليها وعلى قضاتها و مراقبة اعمالهم وسلوكهم في شكل تنقيط سنوي يوضع في ملفهم الاداري [7]وكتابة الضبط بها. ولهم فوق هذا علاقة مباشرة مع الادارة المركزية للوزارة دون اشراف اخر من غيرها في دائرة نفودهم الترابي هذا فضلا على ما خوله له المشرع من اختصاصات أخرى سواء ما تعلق منها بالقضاء الاستعجالي  أو الأوامر القضائية ، أو سلطة منح المساعدة القضائية
ü  مؤسسة المفوض الملكي: يتم تعيينه من طرف رئيس المحكمة الإدارية من بين قضاتها لمدة سنتين بعد اقتراح من طرف الجمعية العامة التي تنعقد في النصف الأول من شهر دجنبر من كل سنة ، والفصل 6 يحدد اختصاصات المفوض الملكي [8]حيت  لا يشارك في إصدار الأحكام، وهو محايد لا يمثل أحد في المنازعات الإدارية ولا يعمل الا بما يمليه عليه ضميره المهني في اطار سيادة القانون وجميع أعماله تتصف بالصفة القضائية ، مع اعتبار حضوره في الجلسات اجباري، ودوره يظهر في القضايا الهامة والمستعصية ومستنتجاته الكتابية او الشفاهية تساهم في الارتقاء بالقضاء الإداري لأنها ترمي إلى تطبيق القانون والدفاع عن الحق بكل تجرد واستقلالية .
ü  القضاة: يعمل بالمحكمة الإدارية زيادة على الرئيس والمفوض الملكي، قضاة يتولى كل واحد منهم تسيير المسطرة القضائية في الملفات المحالة عليهم من طرف رئيس المحكمة إلى أن تصبح جاهزة للبث فيها، كما يحضرون الجلسات ويشاركون في المداولات والنطق بالأحكام.
ü  كتابة الضبط  :شكلت كتابة الضبط عنصرا مهما ورئيسيا في تكوين المحاكم الإدارية على غرار باقي محاكم المملكة، فهي تعتبر العمود الفقري للمحاكم من خلال قيامها بتتبع الاجراءات و تنفيد القرارات التي تتخذها الهيئة القضائية.
          و قد جاء في الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر أنه يجوز تقسيم المحاكم الإدارية إلى عدة أقسام بحسب أنواع القضايا المعروضة عليها، علما بأن هيئة المحكمة الإدارية تتكون من رئيس المحكمة او من ينوب عنه بصفة رئيسا، وقاضيين أحدهما مقررا والآخر مستشارا ومفوضا ملكيا وكاتبا لضبط .
                                       ثانيا: اختصاص المحاكم الإدارية:
             يقصد بالاختصاص صلاحية المحكمة للبث في الدعوى المعروضة عليها، و يتم التمييز فيه عادة بين الاختصاص النوعي أي إمكانية البت في قضية معينة استنادا إلى نوعها (مدنية، تجارية، جنائية...)،و الاختصاص المحلي أي إمكانية البت في الدعوى بناء على الأساس الجغرافي .
أ: الاختصاص النوعي
            تنص المادة 8 على أنه:
ü  تختص المحاكم الإدارية مع مراعاة المادتين 9 و 11 من هذا القانون[9] بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة، وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية ودعاوي التعويض عن الأضرار التي تسببها اعمال ونشاطات اشخاص القانون العام، ما عدا الاضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من اشخاص القانون العام.
ü  وتختص المحاكم الإدارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وموظفي ادارة مجلس النواب وعن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية والمتعلقة بالانتخابات والضرائب ونزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وبالبث في الدعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة والنزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، وذلك كله وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
ü  وتختص المحاكم الإدارية أيضا بفحص شرعية القرارات الإدارية وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 44 من هذا القانون
ب الاختصاص المحلي:
ü  تطبق أمام المحاكم الإدارية كما جاء في المادة 10 من قانون 41.90 ،قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصل 27ومايليه الى الفصل 30 من قانون المسطرة المدنية ، ما لم ينص على خلاف ذلك في هذا القانون او في نصوص اخرى خاصة .
ü  واستثناء من ذلك ،ترفع طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة إلى المحكمة الإدارية التي يوجد موطن طالب الإلغاء داخل دائرة اختصاصها أو التي صدر القرار بدائرة اختصاصها .
                                   الفقرة الثالثة : إحداث محاكم الاستئناف الإدارية.
       يشكل إحداث محاكم استئناف الإدارية ببلادنا، دعامة أخرى من دعائم بناء دولة الحق، ولبنة اضافية من لبنات ترسيخ وتكريس مبدأ المشروعية وسيادة القانون في العلاقات التي تربط الادارة بالمواطنين افرادا وجماعات، فبعد إحداث المحاكم الإدارية بمقتضى القانون رقم 90-41 بمناسبة الخطاب السامي ليوم 8 ماي 1990 في عهد المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، و سيرا على نفس النهج و بمناسبة افتتاح دورة المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 15 ديسمبر 1999 أعلن جلالة الملك محمد السادس عن ضرورة إحداث محاكم استئناف ادارية على ان يتم مستقبلا تأسيس مجلس دولة يعلوا قمة هرم القضاء الإداري.
       و من خلال إلقاء نضرة حول تأليف[10]هذه المحاكم و الاختصاصات[11]المخولة لها بمقتضى القانون المنضم لها، يتضح أن إحداث محاكم الاستئناف الإدارية شكل نقلة نوعية، وطفرة ايجابية، ومحطة متميزة في المسار التاريخي للقضاء عموما والإداري على وجه الخصوص[12].

II المبحث الثاني:دور القضاء الإداري في تكريس دولة الحق والقانون.
            انطلاقا من المادة8 من قانون 41.90نجد أن المشرع حدد نطاق اختصاصات المحكمة الإدارية، والمنازعات التي عهد لها بالولاية العامة عليها، كما نجده قد حدد المسطرة الواجب إتباعها في كل دعوى، فحصر مجال المنازعات التي تدخل في إطار دعاوى الإلغاء من خلال المادة20 في الطعون المقدمة بشأن الشطط في استعمال السلطة، إضافة إلى نزع الملكية، وبذلك أدرج ضمنيا باقي الطعون ضمن مسطرة القضاء الشامل الذي يتميز عن دعوى الإلغاء بكون القاضي له صلاحيات واسعة نسبيا وفي ذلك ضمانة أكثر للحقوق والحريات الفردية، والأكثر من ذلك جعل المشرع هذا النوع من التقاضي هو الأصل ودعاوى الإلغاء هي الاستثناء[13]وذلك من خلال الفقرة السادسة من المادة 23 من قانون41.90
المطلب الأول: رصد حماية الحقوق والحريات من خلال
تطبيقات دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة.

            تستدعي مبادئ الديمقراطية على كل الدول التي تحترم الحق والقانون، ان تخضع انشطها التنفيذية لقاعدة عليا، ويجب ان تتماشى مع الدستور، ومع المبادئ العامة للقانون وحتى مع مجموعة قواعد الآداب. والا كانت كل انشطتها مخالفة وتتعرض لجزاء من طرف القضاء ، وعندما يتعلق الامر بقرارات ادارية تنفيذية فيتم الطعن فيها بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة .
       و قد خول المشرع للقضاء الإداري مجموعة من الوسائل القانونية في إطار رقابته على القرارات الإدارية و ذلك بغية تحقيق التوازن بين السلطة و الحرية، حيث فرض شروطا لإقامة دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة، وبالرجوع إلى قانون رقم 41.90المحدث بموجبه المحاكم الإدارية، فإنه لقبول دعوى الإلغاء لابد من رفعها أمام المحكمة الإدارية بمقتضى مقال مكتوب وبواسطة محام وذلك طبقا للمادة 3 والتي نصت أنه "ترفع القضايا إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيأت المحامين بالمغرب" وبمقتضى المادة 20 التي نصت على أن" كل قرار إداري صدر من جهة غير مختصة او لعيب في شكله أو الانحراف في السلطة أو لانعدام التعليل او لمخالفة القانون يشكل تجاوزا في استعمال السلطة يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة الإدارية المختصة "وكذا نصت المادة 21 منه (يجب أن يكون طلب الإلغاء بسبب تجاوز السلطة مصحوبا بنسخة من القرار الإداري المطلوب إلغاءه، وإذا سبقه تقديم تظلم إداري يتعين أن يصحب طلب الإلغاء أيضا بنسخة من القرار الصادر برفض التظلم او بوثيقة تشهد بإيداع التظلم إن كان رافعه ضمنيا)  ونصت المادة 22 أنه (يعفى طلب الإلغاء بسبب تجاوز السلطة من أداء الرسم القضائي)كما نصت كذلك المادة 23 (يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة داخل اجل ستين يوما يبتدئ من نشر القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر، ويجوز للمعنيين بالأمر أن يقدموا قبل انقضاء الأجل المنصوص عليه في رفع طلب الإلغاء إلى المحكمة الإدارية داخل اجل ستين يوما يبتدئ من تبليغ القرار الصادر صراحة برفض التظلم الإداري).
          كما أن القضاء ملزم بأن يكون ملما بالجوانب المتعلقة بثقافة حقوق الانسان حتى يضمن حسن ممارستها، و كذلك استحضار المعاهدات الدولية و الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب وانضم إليها حتى يضمن حسن تطبيق القانون كما يمكن القول ان القضاء الاداري المغربي بالرغم من حداثته كجهاز قضائي بالمفهوم الحديث ،وبالرغم من أن المحاكم الإدارية لم تنطلق في عملها الا في فاتح مارس 1994 فانه كرس اجتهادات جد هامة، واصدر اجتهادات قضائية كان لها اثرها على المعنيين بها من جهة، وأغنت الاجتهادات القضائية الإدارية من جهة اخرى.
          وبالاطلاع على ما قام به الاجتهاد القضاء الاداري المغربي نجده قد هم مجموعة من الحقوق السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، كما هم مختلف الحريات، وهو ما يعد بحق مكسبا للمواطن المغربي من خلال تجسيد دور هذا القضاء بمجموعة من الاجتهادات القضائية نذكر منها:
1- حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء رقم 799 ، بتاريخ 18/11/2006 ، ملف رقم 294/2006 ، بشان قرار المحافظ برفض تقييد عقد هبة بسجل العقاري نطق الحكم إلغاؤه للشطط في استعمال السلطة[14] .
2- حكم محكمة الاستئناف الإدارية بالدار البيضاء رقم799 بتاريخ 18 نوفمبر 2006 ملف رقم 294 /2006[15].
3- حكم محكمة الاستئناف الإدارية بفاس الحكم رقم 749 بتاريخ 29 نوفمبر 2005 ملف رقم 159 غ 04، مجلة المحاكم الإدارية .العدد الثالث ص 266.[16]
          .
المطلب الثاني: التجليات الحمائية للقضاء الاداري في دعاوى
نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.

          الأصل في حق الملكية مضمون ولا يمكن الاعتداء عليه أو تقييد حرية صاحبه في التصرف فيه، إلا أنه في ظل التغيرات الاقتصادية والحاجيات الاجتماعية، فان هذا الحق ليس مطلقا، إذ يبقى للسلطة العامة الحق في نزع ملكية الأفراد كلما استدعته الظروف الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ذلك شريطة احترام مجموعة من الاجراءات الإدارية والقضائية.
       يعد حق الملكية من أهم الحقوق المقررة للأفراد حيت اهتمت به معظم التشريعات و الدساتير ودعت إلى احترامه واعتباره من الحقوق الطبيعية للأفراد ، وفقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/12/1948 على أن (لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره و لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا) ، كما نص عليه  الدستور المغربي لسنة 2011 حيت جاء في الفصل 35 منه (يضمن القانون حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون)  فيكون المشرع قد وضع الضمانات الضرورية لحماية حق الملكية، وأن الإدارة في حالة احتياجها لملكية الغير من أجل المنفعة العامة  فإن الدستور الحالي يفرض عليها سلوك مسطرة نزع الملكية التي نظمها قانون 81/7 وأنه في حالة عدم احترامها للإجراءات التي نص عليها القانون بهذا الخصوص، فإن تصرف الإدارة باحتلال ملك الغير يعتبر اعتداء ماديا، وهذا ما كرسه مجلس الأعلى في العديد من قراراته و كذا المحاكم الإدارية في العديد من أحكامها ، مما يؤكد أن الإدارة يجب أن تكون تصرفاتها وأعمالها مطابقة للقانون،  و نص على ذلك الفصل 10 من الظهير المتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة الصادر بتاريخ 2 يونيو 1915 ” لا يجبر أحد على التخلي عن ملكه إلا لأجل المصلحة العامة ووفق القوانين الجاري بها العمل في نزع الملكية”.
       و قد أصبحت هذه الظاهرة متفشية في الإدارة المغربية التي أضحت تخالف القانون عبر خرقها لحق الملكية المضمون بالدستور وذلك باستيلائها واعتداءها المادي على أملاك الغير دون سلوك مسطرة نزع الملكية،  و يشكل هذا تجاوزا لمصداقيتها وهدرا لحقوق الأفراد الذين يفقدون ثقتهم فيها بسبب تصرفها الغير المشروع ، كما يعتبر ذلك عائقا لبناء دولة الحق والقانون كاختيار استراتيجي سارت فيه بلادنا.
سأتناول خلال هذا المطلب رقابة القضاء للمسطرة الإدارية لنزع الملكية وذلك من خلال المسطرة الاستعجالية في فقرة أولى ثم من خلال قضاء الموضوع كفقرة ثانية، و أخيرا من خلال قضاء الالغاء في فقرة ثالثة.
         

          الفقرة الأولى: حماية القضاء الاستعجالي للملكية العقارية
          ينظم مسطرة نزع الملكية القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 254-82-1 بتاريخ 11 رجـــب 1402الموافق ل 6 ماي 1982.
       وتجدر الإشارة إلى أن نزع الملكية يستهدف احلال الدولة او الجماعات المحلية والاشخاص المعنوية الاخرى والاشخاص الطبعيين المفوض لهم في ذلك، محل المالك الاصلية في ملكية عقار أو حق عيني عقاري وذلك مقابل تعويض يؤدى للمالك. وتمر مسطرة نزع الملكية القضائية عن طريق دعوى الاذن بالحيازة التي يرفعها نازع الملكية إلى رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات.
       أما الاحتلال المؤقت فيرمي فقط إلى احتلال ملك معين من طرف السلطة العامة او من يحل محلها خلال فترة زمنية محددة مقابل تعويض يدفع إلى المالك ، وقد بين الفصل 50 من قانـــــون رقم7- 81 المشار اليه اعلاه بان حق الاحتلال المؤقت يخول الحق في الادن بالحيازة المؤقت للعقار، وذلك من أجل تسهيل القيام بالأشغال العامة المعهود بها إلى منفذها[17].
          و بإنشاء المحاكم الإدارية أحدثت مؤسسة جديدة تتمثل في القضاء الاستعجالي الإداري ، في هذا الإطار ينص الفصل 19 من قانون 90/41 على ما يلي : يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاض للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية ، كما ينص الفصل 24 من قانون 81/7 على أنه يجب على نازع الملكية أن يودع لدى المحكمة الإدارية المختصة، أي التي يوجد بها موطن العقار محل نزع الملكية، طلبا لأجل الحكم له بحيازة العقار مقابل إيداع أو دفع مبلغ التعويض المقترح، ولا يجوز لقاضي المستعجلات أن يرفض الإذن بالحيازة إلا بسبب بطلان المسطرة. ولذلك فقاضي المستعجلات هو الذي يرجع له الاختصاص بشأن الإذن بالحيازة حيث يتأكد من مدى احترام الفصول 5 و 6 و12 المتعلقة بالإعلان والنشر والإيداع والبحث ومن الإجراءات المسطرية الضرورية، فمراقبة قاضي المستعجلات الإداري للإجراءات الإدارية المتعلقة بمسطرة نزع الملكية قبل أن يأمر بالإذن في الحيازة لفائدة الإدارة نازعة الملكية، يشكل ضمانة أساسية لصاحب العقار، لأن منح هذه الحيازة قبل استكمال المسطرة القضائية برمتها، يتطلب من القاضي المستعجلات إجراء فحص دقيق للوثائق المعروضة عليه ليتأكد من سلامة الإجراءات الإدارية التي سلكتها الإدارة تحت طائلة عدم قبول طلبها. 
       ويتجلى الدور الحمائي للقضاء الإداري في دعوى نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، في دعوى الإذن بالحيازة حيت يتعين على نازع الملكية أن يتقدم بدعوى امام محكمة الموضوع بقصد استصدار حكم بنقل الملكية قبل انصرام سنتين من نشر المقرر وإلا رفض طلبه طبقا للفصل 17 من قانون نزع الملكية[18]
                              الفقرة الثانية : حماية قضاء الموضوع للملكية العقارية.
       تتجلى هذه الحماية في اختصاص المحاكم الإدارية بدعاوى نقل الملكية وتحديد التعويض النهائي عن نزع الملكية.
                        أولا: دعاوى نقل الملكية
          تعتبر دعوى نقل الملكية أهم مرحلة قضائية التي تمكن نازع الملكية من الحصول على سند تنفيذي الذي هو بمثابة سند للملكية يمكنه من جميع الحقوق التي يخولها القانون للمالك. إلا أن هناك شروطا شكلية خاصة بدعوى نقل الملكية لابد من توافرها حتى يمكن للمحكمة الاستجابة لهذه الدعوى، وهي المنصوص عليها في الفصول 8و9و10و12 من قانون نزع الملكية، وذلك حسب ما يتضح من الفقرة الأولى من الفصل 18 من القانون المذكور.
وهذه الشروط الشكلية هي : النشر والتعليق والإيداع، فقد أوجب المشرع نشر مقرر المعلن للمنفعة العامة بأكمله في الجريدة الرسمية، كما ينشره في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية، و كذلك لا بد من أن يقوم نازع الملكية بتعليق نص المقرر المعلن للمنفعة العامة بمكاتب الجماعة التي يقع بدائرة نفوذها العقار أو العقارات المنزوعة ملكيتها وأخيرا يتعين على الإدارة نازعة الملكية إيداع مشروع مقرر التخلي لدى المحافظة العقارية التابع لها موقع العقار المنزوع ملكيته وذلك إذا كان العقار محفضا، أما إذا كان العقار في طور التحفيظ فيتم إيداع المشروع المذكور بسجل التعرضات[19]، أما إذا كان الأمر يتعلق بعقار غير محفظ فإن الإيداع بالنسبة لمشروع مقرر التخلي يتم بالمحكمة الإدارية التابع لها موقع العقار المنزوعة ملكيته حيث يتم تقييده بسجل خاص[20]، وتعتبر هذه الإجراءات المسطرية من النظام العام ويترتب عن عدم احترامها عدم قبول دعوى نقل الملكية، بحيث يمكن للمحكمة أن تثير الاختلالات التي شابت تلك الإجراءات تلقائيا ولو لم يثرها الخصوم ، مع الإشارة إلى كون نقل الملكية إلى الإدارة نازعة الملكية لا يتم إلا بمقتضى حكم قضائي وذلك حسب الفصل 2 من القانون رقم 81/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وبالتالي فإن القضاء الإداري هو الذي يتولى الإشراف على نزع الملكية.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكم بنقل الملكية غير قابل للتعرض من طرف المنزوعة ملكيته وغير قابل أيضا للطعن بالاستئناف في شق الحكم القاضي بنقل الملكية، بينما يمكن له الطعن بالاستئناف في الشق المتعلق بالتعويض[21] .
                       

                        ثانيا : تحديد التعويض النهائي عن نقل الملكية.
       تعتبر هذه المرحلة من أهم المراحل التي تهم بوجه الخصوص الشخص المنزوعة ملكيته، ذلك أن التعويض الذي تحدده المحكمة لفائدته يجب أن يكون بالنسبة إليه عادلا ومناسبا وغير مجحف، وبالتالي فإن دور القاضي الإداري في حماية الملكية العقارية يتجلى في مراعاة العديد من القواعد القانونية خصوصا منها تلك المنصوص عليها في الفصل 20 من قانون 81/7 المتعلق بنزع الملكية، وهناك عناصر تراعيها المحكمة حين اعتمادها في تحديد التعويض بكيفية عادلة ومنصفة، وخلال تحديد المحكمة للتعويض المقابل لنقل الملكية، تستعين بجميع إجراءات التحقيق منها على الخصوص الخبرة إما بناء على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء نفسها .
إن الأموال المخصصة لتغطية التعويضات عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة يمكن الحجز عليها على اعتبار أن الإدارة ترصد أموالا لتغطية التعويضات الناجمة عن نزع ملكية أراضي الخواص، وهي بذلك تخرج بإرادتها هذه الأموال من ذمتها المالية لتخصصها للتعويض عن عملية نزع الملكية، ومن تم فهي تضفي عليها صبغة خصوصية وتجعلها قابلة للتنفيذ عليها وبذلك يحق للمنزوع ملكيتهم القيام بتلك الإجراءات القانونية للتنفيذ على هذه الأموال بما في ذلك مسطرة الحجز لدى الغير.
                        ثالثا: حماية قضاء الإلغاء للملكية العقارية
       يعتبر الطعن بالإلغاء في المقرر المعلن للمنفعة العامة الضمانة الأساسية للتخلص من هذا القرار متى كان متسما بالشطط في استعمال السلطة، كما أنه يعتبر إحدى الضمانات التي تحمي الملكية الفردية، فقاضي الإلغاء هو القاضي المختص بمراقبة مشروعية المقرر المعلن عن المنفعة العامة، ولو أنه قد يتبادر إلى الذهن بأن الطعن وإن كان منصبا على مقرر إداري فهو يندرج ضمن النزاعات الناشئة عن تطبيق قانون 81/7 التي جعلتها المادتان 8 و37 من قانون المحاكم الإدارية من اختصاص قاضي نزع الملكية في إطار القضاء الإداري الشامل.
       فضمانا لحق الملكية الخاصة، فقد منح المشرع للأشخاص المعنوية أو الذاتية حق تحريك دعوى الإلغاء من أجل إلغاء مرسوم نزع الملكية، وذلك أمام المحاكم الإدارية والغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بشكل عرف تطورا يتماشى وضمان حق الملكية.
      في هذا السياق فقد عملت المحاكم الإدارية على بلورة تصور جديد حاولت من خلاله تطبيق نظرية الموازنة التي ابتدعها مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الشهير “المدينة الشرقية الجديدة ” لسنة 1971. وهذا التصور يقوم على ما يلي؛
1.   الاتجاه الحديث في القضاء الإداري لا يكتفي بالنظر إلى المنفعة العامة المتوخاة من نزع الملكية نظرة مجردة، بل يتجاوز ذلك إلى النظر فيما يعود به القرار من فائدة تحقق أكبر قدر من المصلحة العامة.
2.    يمكن للقاضي الإداري في هذا المجال أن يوازن بين الفوائد التي يحققها المشروع المزمع إنشاؤه والمصالح الخاصة التي يمس بها.
3.    يمكن تقييم قرار نزع الملكية على ضوء مزاياه وسلبياته والمقارنة بين المصالح المتعارضة للإدارة والخواص في نطاق المشروعية المخولة لقاضي الإلغاء عن طريق إجراءات التحقيق




خاتمة
          عرف المغرب طفرة نوعية في مجال حماية الحقوق و حريات الأساسية للأفراد  وذلك نظراً للدور الذي لعبه القضاء الإداري في حماية هذه الحقوق و الحريات، رغم التحديات التي يواجهها هذا في تطبيق مقتضيات نصوصه القانونية المحددة لعمله و أهدافه إذ شهد القضاء الإداري في الأعوام الأخيرة تطورات ايجابية تدفعنا إلى القول  بكل موضوعية و استنادا إلى أحكام عديدة صادرة عـن مختلف المحاكم الإدارية بالمغرب أن القضاء الاداري المغربي باعتباره قضاء متخصصا قد ساهم بشكل كبير في التميز بداته و تكريسه لمبدأ دولة الحق و القانون.


لائحة المراجع
·      المراجع العامة
ü    عبد القادر باينه " القضاء الاداري ، الأسس العامة و التطور التاريخي ص 67
ü    مشيشي الشبيهي " في القضاء الاداري المغربي ، دراسة عملية "طبعة 1997
ü    عبد الله حداد. القضاء الاداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الادارية.
·    القوانين
ü   القانون المحدث للمحاكم الإدارية رقم 41.90 بتاريخ 22 ربيع الأول 1414  الموافق ل 10 سبتمبر 1993 ) المصادق عليه بالظهير الشريف 1-91-225
ü    القانون رقم 81/7 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة
·      المجلات
ü    مجلة المحاكم الإدارية –وزارة العدل -العدد الثالث
ü    مجلة القضاء الاداري ودولة الحق والقانون
ü   دليل المحاكم الادارية وزارة العدل :العدد الثالث 2004
الفهرس

العنوان
الصفحة
مقدمة
2
 المبحث الأول: التطور التاريخي للقضاء الإداري ونشأة المحاكم الإدارية.
4
المطلب الأول : التطور التاريخي للقضاء الإداري.
4
الفقرة الأولى: مرحلة ما قبل الحماية
4
الفقرة الثانية: مرحلة الحماية
5
الفقرة الثالثة: مرحلة الاستقلال
6
        المطلب الثاني: نشأة  وتأليف المحاكم الإدارية و اختصاصاتها
7
الفقرة الأولى: دوافع نشأة  المحاكم الإدارية
7
أولا:  الدوافع الداخلية
7
 ثانيا: الدوافع الخارجية
8
الفقرة الثانية: تأليف المحاكم الإدارية واختصاصاتها.
8
أولا: تأليف المحاكم الإدارية
8
ثانيا: اختصاص المحاكم الإدارية:
10
الفقرة الثالثة : إحداث محاكم الاستئناف الإدارية.
11
المبحث الثاني: دور القضاء الإداري في تكريس دولة الحق والقانون
12
المطلب الأول:  رصد حماية الحقوق والحريات من خلال تطبيقات دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة.
12
 .المطلب الثاني: التجليات الحمائية للقضاء الاداري في دعاوى نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
14
الفقرة الأولى: حماية القضاء الاستعجالي للملكية العقارية
16
الفقرة الثانية : حماية قضاء الموضوع للملكية العقارية.
17
أولا: دعاوى نقل الملكية
17
ثانيا : تحديد التعويض النهائي عن نقل الملكية.
19
ثالثا: حماية قضاء الإلغاء للملكية العقارية
19
خاتمة
21
لائحة المراجع
22



[1]مشيشي الشبيهي " في القضاء الاداري المغربي ، دراسة عملية "طبعة 1997 ص 7
[2]مشيشي الشبيهي " في القضاء الاداري المغربي ، دراسة عملية "طبعة 1997 ص 6
[3]ظهير 1 شتنبر 1928 الذي يقرر اختصاص مجلس الدولة الفرنسي للنظر في دعاوى الإلغاء المرفوعة من لدن الموظفين ضد القرارات الإدارية المرتبطة بنظامهم الأساسي و الصادرة عن سلطات الحماية.
[4]عبد القادر باينه " القضاء الاداري ، الأسس العامة و التطور التاريخي ص 67
[5]العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية (3 ماي 1979.
[6]القانون المحدث للمحاكم الادارية رقم 41.90 بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993 ) المصادق عليه بالظهير الشريف 1-91-225
.
[7]طبقا للمرسوم الصادر بتاريخ 23-12-1975 المتعلق بتحديد شروط وكيفية تنقيط القضاة وترقيتهم من الدرجة والرتبة
[8]القانون المحدث للمحاكم الادارية رقم 41.90 بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993 ) المصادق عليه بالظهير الشريف 1-91-225
[9]تنص المادة 9من القانون 41.90 أنه استثناءا من احكام المادة السابقة ان المجلس الاعلى يضل مختصا بالبث ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الالغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة ب:- قرارات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير الاول (رئيس الحكومة حاليا)- قرارات السلطات الادارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة الادارية.
      و تنص المادة 11 كذلك على انه تختص محكمة الرباط الادارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للاشخاص المعينين بظهير شريف او مرسوم و بالنزاعات الراجعة الى اختصاص المحاكم الادارية التي تنشأ خارجة دوائر اختصاص جميع هذه المحاكم

[10]حسب المادة 02 من القانون المحدث لمحاكم الإستئناف الإدارية رقم 80.03 فإنها تتألف من :
ــ رئيس أول و رؤساء غرف و مستشارين
ــ كتابة الضبط
 يجوز تقسيم محكمة الاستئناف الإدارية الى عدة غرف حسب أنواع القضايا المعروضة عليها,
و يعين الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف الإدارية من بين المستشارين مفوضا ملكيا، أو أكثر للدفاع عن القانون و الحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد.
     و تعقد هذه المحاكم جلساتها و تصدر قراراتها, و هي متركبة من ثلاثة مستشارين من بينهم رئيس يساعدهم كاتب الضبط. اما عن المفوض الملكي للدفاع عن القانون و الحق فان حضوره ضروريا للأدلاء بآرائه مكتوبة مع امكانية توضيحها شفويا لهيئة الحكم بكامل الاستقلال سواء فيما يتعلق بالوقائع او القواعد القانونية المطبقة عليها, و ذلك بالنسبة لكل قضية على حدة بالجلسة العامة.
     و يحق لأطراف الدعوى الحصول على نسخة من مستنتجات المفوض الملكي. وتظل لهيئة الحكم صلاحية الاستعانة برأيه تبعا لقناعته بما يدلي به من مواقف واقتراحات تلافيا لأي تاثير مباشر منه على هيئة الحكم, فان القانون لم يخوله صلاحية المشاركة في مداولات المحكمة.
[11] حسب المادتين 5 و 6  نجد أن الأخيرة مختصة بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية و كذا في أوامر رؤسائها.
[12] مجلة المحاكم الادارية،  وزارة العدل،  العدد الثالث 2008 ص   7.
[13]عبد الله حداد. القضاء الاداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الادارية.

[14]مجلة المحاكم الإدارية-وزارة العدل - العدد الثالث ص 166
[15]مجلة المحاكم الإدارية –وزارة العدل -العدد الثالث ص 287
[16]مجلة القضاء الاداري ودولة الحق والقانون ص 266
[17]وذلك من خلال نقطتين:
ü       أن يقوم بالدراسات والأعمال التحضيرية  للأشغال العامة .
ü      - أن يوضع فيها مؤقتا الآلات والمواد أو يُقيم فيها أوراشا أو طرقا ضرورية لإنجاز الأشغال ويؤذن بالاحتلال المؤقت بمقتضى مقرر اداري يعين العمليات الصادر الأمر بالاحتلال ونوعه ومدته وايضا المساحة المحتلة، وقد خصص المشرع الباب السادس من القانون رقم 90-41 لاختصاص المحاكم الإدارية في كل ما يتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة، وبالاحتلال المؤقت في المواد 37الى40
[18].( دليل المحاكم الرادارية وزارة العدل :العدد الثالث 2004 ص 75 ).
[19]المنصوص عليه في الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري الصادر في 12 غشت 1913
المنصوص عليه في الفصل 455 من قانون المسطرة المدنية[20]
حسب الفصل 32 من القانون 81/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة.[21]
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *