-->

المطالبة بحق الشفعة

مقدمة:
تعتبر الشفعة رخصة منحها المشرع للشركاء على الشياع ليجنبهم ضرر الشركة، والذي يحدث لهم من دخول شريك جديد محل قديم، هذا الأجنبي الذي يقوم بسلب راحة بقية الشركاء والتنغيص عليهم بما يبتدعه كل يوم، من أعمال تعسفية لفتت منذ القديم نظم الفقهاء الذين حبذوا الشفعة دفعا للضرر الناشئ عن سوء المجاورة على الدوام، بسبب سوء المعاشرة والمعاملة من حيث." إعلاء الجدار وإبعاد النار ومنع ضوء النهار وإثارة الغبار".
فالشفعة تحقق للشركاء الأمن والاستقرار، وذلك بإبعاد الخطر الذي يتسبب فيه الغير الذي يتسبب فيه الغير الذي آلت إليه الحصة المشاعة، فهي تزيل الشيوع وما يرافقه في غالب الأحيان من إهمال في استثمار العقارات المشتركة لعدم الوفاق بين الشركاء.[1]
وإذا كان المشرع المغربي من خلال مدونة ح.ع. يعرف الشفة حسب المادة 292" على أنها" أخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة  بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء".
فإنه لم يعرف الشفيع الذي يعتبر ركنا أساسيا وهاما ضمن أركان الشفعة الأربعة وهي:
-      الشفيع
-      المشفوع منه
-      المشفوع فيه
-      الشيء المشفوع.
فالشفيع هو الشخص الذي يحق له أن يستعمل الشفعة بصدد انتقال مال شخص إلى آخر حسب الفقيه ابن معجوز ولقد آثار نقاشا كبيرا بين الفقهاء حول من يثبت له حق الشفعة. وتعددت آراؤهم في تحديد هذا الشفيع، فمنهم من يرى أن الشفعة لا تثبت إلا لشريك في العقار، ومنهم من يرى أن الشفعة تثبت للجار أيضا، ومنهم من يرى أن الشفعة كما تثبت للشريك والجار، تثبت أيضا للشريك في مجرد حق من حقوق العقار.[2]
كما أن الشفيع ومن أجل ممارسته لهذا الحق يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط ليتمكن من ذلك.
ولئن كان المشرع المغربي قد أوضح سبيل استغلال المال المشاع وذلك بإلزام الأقلية من الشركاء بالعمل بقرارات الأغلبية طبقا للفصل 971 من ق.ل.ع، فإن هذا الاستغلال قد تحصل بشأنه عراقيل ومشاكل، لأجل ذلك رخص المشرع للشريك في حالة قيام شريكه ببيع نصيبه، ممارسة حق الشفعة لعدم رضاه بشركة المشتري معه لاعتبارات معينة قد تكون عدم توفره على مؤهلات معينة أو سوء معاملاته أو أي سبب آخر، ولممارسة هذا الحق لابد من توفر شروط في هذا الأخير كما سبق الذكر.[3]
فمن هو الشفيع؟ وما هي الشروط الواجب توفرها فيه من أجل ممارسته لحق الشفعة؟.
وللإجابة على هذه الإشكاليات، ارتأينا إلى تقسيم موضوعنا وفق التصميمي الآتي:
المبحث الأول: المطالب بحق الشفعة.
المبحث الثاني: الشروط الواجب توفرها في المطالب بحق الشفعة.


المبحث الأول: المطالب بحق الشفعة.
إن الحديث عن المطالب بحق الشفعة يدفعنا إلى التطرق لمفهوم هدا الشفيع وكدا أهليته للقيام بالمطالبة بالشفعة وعليه سنقسم هدا المبحث إلى مطلبين :
المطلب الأول : مفهوم الشفيع.
المطلب الثاني : شخصية الشفيع.

المطلب الأول: مفهوم الشفيع.
سنقسم هدا المطلب  إلى ثلاثة فقرات : 
الفقرة الأولى: الشفيع في الفقه الإسلامي
تجدر الإشارة إلى انه قد ثار نقاش كبير بين الفقهاء حول من تثبت له الشفعة وتعددت آراؤهم في تحديد هدا الشفيع. فما هو تعريف الشفيع في الفقه الإسلامي ومن هو الشخص الذي تثبت له الشفعة .
§      تعريف الشفيع :
الشفيع هو الشخص الذي يحق له أن يستعمل الشفعة بصدد انتقال مال شخص إلى أخر.
§      لمن تثبت الشفعة :
  نشير أولا إلى أن الإجماع  انعقد على أن الشريك في العقار الذي يملك نصيبا فيه الشفيع هو الشخص الذي يحق له أن يستعمل الشفعة بصدد انتقال مال شخص إلى أخر  على الشياع له الحق أن يشفع ما باعه شريكه قبل أن تقع المقاسمة  البتية بينهما في ذلك العقار ومن المعروف أن الإجماع يعد مصدرا من مصادر الفقه الإسلامي ومهما تبث الإجماع حول حكم من الأحكام فإنه يكفي قي عدا ذلك الحكم شرعيا وواجب التطبيق ولا يحتاج إلى الاستدلال على شرعية ذلك بالقرآن والسنة، لأن الإجماع نفسه دليل وحجة يعني البحث عن دليل آخر ولكننا مع ذلك نشير إلى أن الفقهاء استندوا في هذا الإجماع إلى الحديث الذي ورد على النبي صلى الله عليه وسلم من طرق عديدة يكاد يصل معها إلى حد التواتر وأثبته الإمامان البخاري ومسلم في صحيحهما بلفظ " قضى رسول الله (ص) بالشفعة فيما لم ينقسم" فإن هذا الحديث يصرح بأن رسول الله صلى الله عليه و وسلم حكم بالشفعة للشريك في العقار الذي لم يقسم.
وبعد أن أجمع الفقهاء حول ما ذكرنا من ثبوت الشفعة للشريك في العقار، تسألوا حول ما إذا كانت الشفعة لا تثبت إلا لهذا الشريك وحده ولا تثبت لغيره أبدا أو أنها كما تثبت له تتثبت لغيره، ووجد في هذا الصدد آراء عديدة.
الرأي الأول: يرى أصحاب هذا الرأي أن الشفعة لا تثبت للشريك على الشياع في هذا العقار الذي لم يقسم دون غيره. وهذا هو رأي علي وعثمان وعمر وغيرهم.
الرأي الثاني: يرى أصحابه أن الشريك المذكور هو أولى الناس بالشفعة وأنه يقدم على غيره بحيث مهما وجد هذا الشريك وطلب الشفعة إلا ويمكن منها ولا شفعة لغيره.
لكن إن لم يوجد ذلك الشريك أو وجد لم يطلب الشفعة فإن هذا الحق ينتقل إلى الجار الذي له حق من حقوق المبيع. أو عندما لا يطالب هذا الشريك بالشفعة، هو الجار الذي يملك في العقار المبيع من الحقوق غير الرقبة أما إذا كان لا يملك أي حق من تلك الحقوق بأن كان ملك كل واحد من الجارين متميزا وحقوق كل منهما متميزة فلا شفعة له وهذا هو مذهب البصريين.
الرأي الثالث: يرى الحنفية أن الذين يستحقون الشفعة هم ثلاث أشخاص حسب المراتب.
المرتبة الأولى: الشريك في الرقبة أي الشخص الذي يكون مالكا على الشياع لنصيب في رقبة العقار.
المرتبة الثانية: الشريك في حق من حقوق المبيع والمراد به الشريك في الطريق الذي يوصل إلى العقار، والشريك في الشرب الذي يسقى بواسطة العقار المبيع بشرط أن يكون الطريق أو الشرب خاصين ويقصد بالطريق الخاص أن لا يكون نافذا ويقصد بالشرب الخاص عند أبي حنيفة أن يكون تهزأ لا تجزي فيه السفن.
المرتبة الثالثة: الجار الملاصق ولو كانت بابه في سكة أخرى ومهما وجدت الملاصقة إلا ويثبت الحق في الشفعة سواء كانت الملاصقة من ثلاث جهات أو جهتين أو جهة واحدة فقط وسواء كانت مسافة الملاصقة طويلة أم قصيرة، ولو يشير ينبني على هذا أن كل من كان ملاصقا للبائع يستحق الشفعة وأن الجيران المتلاصقين يتساوون في استحقاقهم للشفعة ولو كان بعضهم أشد التصاقا من البائع من الآخرين ومعنى هذا أن الجار الملاصق من جهة واحدة فقط  كالجار الملاصق من ثلاث جهات بشبر أو بعدة أدرع. ولا تثبت الشفعة للجار المقابل لأن ضرره دون ضرر هؤلاء الثلاثة يتبين باستعراض آراء المذاهب حول الشخص الذي تثبت له الشفعة أن الحديث الذي يتمسك به الجمهور  صريح بثبوت الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فقط لأنه نص على أن  الشريك الذي قاسم شريكه أصبح نصيب كل واحد مفرزا بحدوده وطرقه لم يبقى هناك حجابا للشفعة وهذا يعني أن الشريك الذي قسم لا يستحق الشفعة مع أن هذا الشريك أصبح بعد القسمة جار.
ولا يمكن الاستدلال بهذا الحديث على أن الجار يستحق الشفعة إذا كانت الطريق مشتركا مع جاره بناء على  قوله: صرفت الطرق فلا شفعة يقتضي أنه إذ لم تصرف الطريق بل بقيت مشتركة تبتت الشفعة لأن ذلك لا يستقيم مع قوله في الحديث"إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة كما لا شفعة فيما أصبح له طريق خاص وبناءا على ذلك لا تتثبت الشفعة فيما قسم وتعينت حدود كل قسم ولو بقي الطريق مشتركا.[4]


الفقرة الثانية: الشفيع في التقنين المغربي.
ينص الفصل 25 من ظهير1915 على أن الشفعة هي الحق الثابت لكل ما يمكن مع الآخرين على الشياع عقارات أو حقوق عينية عقارية في أن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها ومن هذا  الفصل ونصوص الفصول الأخرى يتبين أن الشفيع حسب الظهير السالف ذكره، هو الشريك على الشياع في عقار أو في حق عيني عقاري فقط دون غيره.
وسنقتصر الكلام على الشريك في الشياع لأنه هو الوحيد الذي له حق الشفعة في ظل ظهير 1915 بالنسبة للعقار المحفظ سواء كان شريكا على الشياع في العقار أو في حق عيني عقاري ويقصد بالمالك على  الشياع في العقار من كان لا يملك جزءا غير مفرز من العقار كالربع أو الثمن أو عشرة في المائة أو جزء من خمسة وستين وغير ذلك من النسب.
ويقصد بالشريك على الشياع في حق عيني عقري الشخص الذي يملك جزءا شائعا من أحد الحقوق العينية العقارية التي أشار إليها الفصل 8 من ظهير المطبق على العقارات المحفظة، ولكن لما كانت بعض هذا الحقوق مما لا يمكن من صاحبها أن يتصرف فيها بالبيع للغير كما سيأتي ذلك مفصلا عند الكلام عن المشفوع فإننا نكتفي هنا بتعداد الحقوق العينية العقارية التي يثبت ل لشركاء فيها الحق في الشفعة وهي:
1- حق ملكية العقار.
2- حق الانتفاع بالعقار.
3- الأحباس.
4- كراء طويل الأمد
5- حق السطحية
6- الرهن الحيازي
7- حقوق الارتفاق
8- حقوق العرفية الإسلامية
وكل شريك على الشياع يثبت له الحق في شفعة الحصة التي يبيعها شريكه في ذلك الحق من الحقوق العينية العقارية.
بالرجوع إلى مدونة الحقوق العينية وقانون الالتزامات والعقود يتبين أن المشرع لم يتطرق إلى مفهوم الشفيع وإنما اكتفى بتعريف الشفعة في الفصل 292 من مدونة الحقوق العينية الذي جاء فيه" الشفعة اخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيع بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء.
وقد عرف قانون الالتزامات والعقود الشفعة حسب رأي الأستاذ مأمون الكزبري" هو المالك على الشياع للمنقول أمر العقار الذي له حصة شائعة فيه صغيرة كانت أم كبيرة وسواء كان الشياع اختياري (عن طريق الاتفاق) أو كان اضطراريا أو وليد التوازن.[5]

الفقرة الثالثة: الشفيع عند فقهاء القانون الوضعي.
سنتطرق في هذه الفقرة عند مفهوم الشفيع مع المرحوم الدكتور مأمون الكزبري الذي ميز بين الشفيع في قانون الالتزامات والعقود والشفيع في ظهير 2 يونيو وقال الشفيع حسب قانون الالتزامات والعقود هو المالك على الشياع للمنقول أو العقار الذي له حصة شائعة فيه صغيرة كانت أم كبيرة سواء كان الشياع اختياريا أو اضطراريا أما الشفيع حسب ظهير 13 رجب فهو المالك على الشياع لعقار محفظ أو مالك على الشياع لحق من الحقوق العينية العقارية القابلة للتداول بحد ذاتها.
وعرفه الأستاذ سليمان الحمزاوي الشفيع هو من له الحق في استشفاع حصة شائعة في عقار يملك فيه جزءا شائعا فوته شريكه للغير بعوض.
وأخيرا ميز الدكتور محمد ابن معجوز بين الشفيع في الفقه الإسلامي ونظيره في التشريع العقاري المغربي (ظهير 19 رجب) فنص على أن الشفيع هو الشخص الذي يحق له أن يستعمل الشفعة بصدد انتقال مال شخص إلى آخر وأنه حسب ظهير 19 رجب هو الشريك على الشياع في عقار أو حق عيني عقاري فقط دون غيره.
ومن خلال هذه التعريفات السابقة يمكن الجمع بينهما بتعريف واحد للشفيع ومن ثم فالشفيع في نظرنا هو كل من يملك حصة شائعة في عقار (عادي أو محفظ أو في طور التحفيظ) أو في حق عيني عقاري قابل للتداول بحد ذاته أو في منقول بعد تفويت شريكه حصته للغير بعوض داخل أجل معين وذلك مقابل أداءه للمفوت إليه كل ما أنفقه هذا الأخير من أجل حيازة وتكلك الشيء المراد شفعته.[6]
المطلب الثاني: شخصية الشفيع.
إذا توفرت شروط الأخذ بالشفعة الواردة في المادة 293 من مدونة الحقوق العينية فإن الشريك على الشياع أو الشفيع إن صح القول جاز له طلب الشفعة ممن انتقلت إليه الشيء المراد شفعته إلا أن الشفيع قد يكون وقت عملية التفويت كامل الأهلية أو ناقصها أو عديمها. وفي مهملا كما قد يكون سليما معافي أو مريض، وغيرها من الحالات الأخرى التي تصيب أهلية الشفيع، لذا سنحاول التحدث  عن شخصية الشفيع المحجور والغائب والجنين (كفقرة أولى) . والشفيع المريض والمفلس (كفقرة ثانية) وأخيرا الشفيع الغير المسلم والشخص المعنوي( كفقرة ثالثة).
الفقرة الأولى: الشفيع المحجور والغائب والجنين.
الأصل في التصرفات القانونية أن يكون المتعاقدون كاملوا الأهلية بحيث تعتبر الأهلية من الأركان اللازمة لصحة الالتزامات والتصرفات وقد نظم المشرع المغربي أحكام الأهلية في كل من قانون الالتزامات والعقود  ومدونة الأسرة. حيث جاء في المادة3 من ق.ل.ع بأن "الأهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية، وكل شخص أهل للإلزام والالتزام ....."[7] فانطلاقا من هذا الفصل نلاحظ أن المشرع المغربي وأحال أحكام الأهلية لقانون الأحوال الشخصية للفرد. والتي نظمتها مدونة الأسرة ضمن موادها من المادة 206 إلى المادة 211. فالأهلية إذن تنقسم إلى قسمين أهلية الوجوب وهي صلاحية الشخص لاكتساب حقوقه وتحمل الواجبات والتي يحددها القانون وهي دائما ملازمة له طول حياته ولا يمكن حرمانه منها لأي سبب أما بالنسبة لأهلية الأداء تنصب صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته ويحدد القانون شروط اكتسابها وأسباب نقصانها وانعدامها.[8]
فالشفيع المحجور إذن هو من لم يكن راشدا لصغر في السن أو لسفه أو لجنون أو بمعنى آخر هو من يكون ناقص أهلية الأداء. فالحجر من فعل حجر (بفتح الحاء والجيم) أي منع فهو محجور أي ممنوع والحجر هو المنع المطلق لذلك فإن المحجور لا يتولى شؤونه بنفسه سواء في ذلك  إبرام العقود والتصرفات أو رفع الدعاوى باسمه وأصالة عن نفسه وإنما ينوب عنه شخص آخر أهل لذلك في إطار ما يسمى بالنيابة الشرعية.[9]
والنائب الشرعي أو القانون للمحجور إما أن يكون وليا على أولاده كالأب والأم والقاضي فهو يحدث بقوة القانون وإما أن يكون وصيا من طرف الأب أو الأم أو الأشخاص الآخرين بمقتضى عقد الوصية. وأما أن يكون مقدما وهو الذي يعينه فقاضي شؤون القاصرين لمن ليس له ولي أو وصي ليتولى في الأخير شؤون المحجور.
والمحجور ليس بالضرورة أن يكون له نائب قانوني بل إنه في بعض الأحيان يكون دون نائب قانوني ويسمى عندئذ مهملا.
فهل يمكنه حينئذ طلب الشفعة؟.
أولا: الشفيع المحجور الذي له نائب قانوني.
اتفق فقهاء المالكية وغيرهم من فقهاء المذاهب الأخرى على أن للمحجور لصغر في السن الحق في طلب الشفعة لأن الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في الشفعة تدل على العموم دون تقييد ولم تستثنى الصغير من الأخذ بها ونفس الحكم ينطبق على المجنون والسفيه لاتحاد العلة.
كما اتفقوا على أنه إذا لم يطالب الأب أو الوصي بالشفعة لمصلحة محجوره داخل أجلها فلا يحق لهذا الأخير أن يستعمل حق المطالبة بها عند زوال مانع الحجر.[10]
أما إذا كان النائب القانوني للمحجور هو مقدم القاضي فلا يسقط حق المحجور مبدئيا في طلب الشفعة بعد زوال سبب الحجر عنه إذا أراد أن يشفع، وإن امتناع المقدم أو سكوته عن طلب الشفعة لا يحمل على السداد إلا إذا تبين فيما بعد أنه توخى مصلحة المحجور من وراء سكوته.[11]
ثانيا: المحجور المهمل.
على العكس من حالة الشريك (الشفيع) المحجور الذي له نائب قانوني، فإن الشريك المهمل اليتيم الذي لا ولي له ولا وصي ولا مقدم يثبت له الحق في طلب الشفعة ما سبق أن فوته أحد شركائه على الشيوع. ابتداءا من تاريخ زوال الحجر عنه. وذلك ببلوغه سن الرشد القانوني ما لم يبلغه وهو سفيه أو مجنون إلى غاية انتهاء أجل الشفعة. إلا أنه يتعين عليه إثبات أنه كان وقت عملية التفويت عليا قادرا على طلب الشفعة عن طريق دفع المشفوع به للمشفوع منه عملا بقبول  اللخمي وما جرى العمل به في ماس. وعلى من يعينه الأمر أن يثير هذا الدفع، لأن الأصل هو ملائمة الذمة.[12]
أما بالنسبة للشفيع الغائب، فقد يتعذر بدوره طلب استشفاع الحصة المبيعة بسبب غيبته فالغائب هو غاب عن البلد الموجود به العقار محل الشيوع. عكس المفقود الذي تفقد أخياره. فما الغائب في طلب الشفعة في هذه الحالة:
يقول ابن عاصم في التحفة:
وغائب باق عليها وكذا      ذو العذر لم يجد إليها منفذا[13].
وقريبا من قول ابن عاصم هذا جاء تعبير المشرع المغربي في الفصل 976 من ق.ل.ع. لما تحدث عن سقوط الشفعة بعد مضي سنة من علم الشفيع بالبيع الحاصل من المالك على الشياع معه ما لم يثبت أن عائقا مشروعا قد منعه كالإكراه.[14]
ونظرا لوضوح كلام الشيخ محمد بن يوسف الكافي، عند شرحه قول ابن عاصم يستحسن الرجوع إليه فيما يلي: قال: والغائب باق على شفعة حتى يقدم فإذا قدم وعلم بالبيع ومضى عام بعد علمه سقط حقه في الشفعة. وإذا علم بالبيع قبل سفره ولم يشفع فحكمه حكم الحاضر. والمعذور الذي لم يجد مسلكا للأخذ بالشفعة بسبب العذر من سطوة المشتري أوقفته أو حجر وأثبتت ذلك بموجبه فلا تسقط شفعة وله ما للحاضر بعد زوال العذر.[15]
الشفيع الجنين:
الجنين الذي ما زال في بطن أمه. يمكن له أن يكتسب بعض الحقوق دون تحمله بأي النزاع، شريطة أن يولد حيا، ومن بعض هذه الحقوق الوصية والوقف والشفعة.
قال الحطاب في مواهب الجليل قال في المدونة في كتاب الشفعة ولا يأخذ الوصي للعمل بالشفعة حتى يولد ويستهل. بمعنى أنه لا يمكن طلب الشفعة للجنين حتى أن يولد حيا بأن يستهل صارخا. وبعد ذلك يكون حكمه حكم المحجور في حالتين السابقتين. (مهملا أو له نائب قانوني) أما قبل ميلاده فإنه يوقف ما فوته شريكه إلى أن يزداد الحمل على الوجه المذكور.[16]
الفقرة الثانية: الشفيع المريض والمفلس.
يعتبر كل من المريض والمفلس شفيعين أو مطالب باستشفاع حصته شريكهما على الشياع المبيعة وذلك ما توفرت الشروط أهليتهما للأخذ بها.
وبالنسبة للمفلس: إذا كان شريكا على الشياع ويريد استشفاع حصته شريكه على الشياع المبيعة. والمراد بالمفلس هو من أحاط الدين بما له فإن له حق طلب الشفعة ولا تمنعه حالته أو مؤثرة القانوني في الأخذ بها. من جهة وليس لغرمائه أن يستعملوا حقه فيها نيابة عنه. ولا أن يرغموه على استعمال ذلك الحق أو عدم استعماله وكل ما لهم عليه هو أن يمنعوه من أداء المشفوع به من ماله الخاص لأن حقهم الذي يمثل الدين بكاهل المفلس متعلق بذلك المال.
أما بالنسبة للشفيع المريض والمقصود بالمريض مرض الموت فهو بدوره يحق له طلب أو استشفاع حصة الشريك على الشياع المبيعة. لخاصة لأنه لا يحجر عليه في المعاوضات. كما هو معلوم. وإذا قيل بأنه يجب منعه من طلب الشفعة لأنه يأخذ لورثته فذلك قول مردود على القائلين به ما دام للورثة (بعد وفاة المريض مرض الموت) الحق في طلب الشفعة أيضا وهو استشفاع منطقي من ذاكرة الفقيه المالكي الشيخ الرهوني.[17]

الفقرة الثالثة: الشفيع الغير المسلم والشخص المعنوي.
أ‌-  الشفيع الغير المسلم.
أثارت حالة الشفيع غير المسلم نقاشا حادا بين فقهاء المذاهب لأن عملية الشفعة تتم على الأقل بين اثنين: الشفيع والمشفوع منه بالإضافة إلى البائع وقد يكون جميع هؤلاء غير مسلمين. أو أن بعضهم فقط كذلك. فما الحكم الراجح في هذه الحالات:
فإذا تعلق الأمر بأطراف كلهم غير مسلمين. فلا شك أنه لا يجوز تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عليهم إلا إذا رضوا هم بذلك صراحة.
وإذا كان الشيء المراد شفعته. مملوكا على الشياع بين مسلم وغير مسلم فباع المسلم حصته لمسلم أو لغير مسلم. فلشريكه الحق في طلب الشفعة. كما لو كان مسلما والعكس صحيح.[18]
ويمكن أن يستنتج من كلام ابن القاسم وقضائه، أنه كلما كان النزاع مقتصرا على غير المسلمين. فلا يحكم بينهم إلا إذا تحاكموا إلينا وذلك بغض النظر عن الشريك البائع لأنه ليس طرفا في النزاع.
أما إذا وجد مسلم على الأقل كطرف في دعوى الشفعة فإن القاضي المسلم يحكم للمسلم كما يحكم عليه.
ب – الشفيع شخص معنوي.
من بين الأشخاص الاعتبارية التي نص فقهاء المالكية على إمكانية استحقاقها الشفعة بين المال. إذا كان يملك نصيبا شائعا في شيء قابل للشفعة بغض النظر عن سبب شركته.
واختلف الفقهاء داخل المذهب حول من يحق له طلب الشفعة في هذه الحالة، إذا لم يعني السلطان من ينوب عنه في ذلك. وهو اختلاف ليس له ما يبرره اليوم. وبالتالي فلا داعي لإطالة الكلام فيما لم يعد معمولا به.
وقياسا على بيت المال، ليس هناك ما يمنع الدولة من طلب الشفعة فيما يتعلق بأموالها الخاصة وكذا بقية الإدارة العمومية الأخرى كالجماعات المحلية. وهيأتها. والمؤسسات العمومية.
كما أن لكافة الأشخاص المعنوية العامة كالشركاء والجمعيات. إمكانية طلب الشفعة إذا توفرت لديها شروط الأخذ بها.
ونحن حين نتطرق عن موضوع طلب الشفعة من طرف الشخص المعنوي العام. نقصد بذلك فيها هذا الشخص مالكا على الشياع في عقار مع شركاء آخرين سواء كانوا من أشخاص القانون العام أو من أشخاص القانون الخاص.[19]

المبحث الثاني: الشروط الواجب توفرها في المطالب بالشفعة.
إذا كانت الشفعة لا تثبت إلا للشريك على الشياع، ولا تثبت لغيره حسب جمهور الفقهاء. وحسب مدونة الحقوق العينية فإن المطالب بالشفعة يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط ليثبت له الحق في الشفعة.
فما هي الشروط الواجب توفرها في الشفيع من أجل الاستشفاع؟ للإجابة على هذا السؤال، سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: ضرورة تملك الشفيع على الشياع وأسبقيته على تملك المشفوع.
المطلب الثاني: ضرورة إثبات الشفيع تركته على الشياع وتملك المشفوع منه الحصة المشاعة بعوض.
المطلب الأول: ضرورة تملك الشفيع على الشياع وأسبقيته على تملك المشفوع.
سنحاول تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين اثنتين:
(الفقرة الأولى) أن يكون طالب الشفعة شريكا على الشياع وفي الرقبة. وفي (الفقرة الثانية) أن يكون الشريك على الشياع أيضا متملكا للجزء المشاع سابقا على تملك المشفوع منه للحصة محل الشفعة.
الفقرة الأولى: أن يكون  طالب الشفعة شريكا على الشياع وفي الرقبة.
يشترط في الشريك الذي يستحق الشفعة أن يكون شريكا بجزء شائع، أي أن يملك في العقار نسبة معينة في جميعه، كثلث أو ربع أو جزء من خمسة عشر جزءا أو ستة في المائة أو غير ذلك. ولا شك في أن هذا الشريك يملك في كل جزء من العقار وأن ملكه غير معين ولا مفرز بل هو شائع في جميع العقار.
ولذلك لا يمكنه تعيين الجزء الذي يملكه، فلا يمكن مثلا أن يقول أن نصيبي هو هذا البيت من هذه الدار، أو هو هذا الجانب من الضيعة. وينبني على ما ذكرنا أن الشريك بجزء شائع هو الذي يستحق الشفعة دون غيره، أن الشركاء الآتين لا يستحقون الشفعة. وهم:
1- الشريك بمساحة معينة.
2- صاحب العلو
3- الشريك المفاوض)
وقد نص المشرع المغربي على هذا الشرط من خلال المادة 293 من مدونة الحقوق العينية، وينصرف هذا الشرط أن يكون طالب الشفعة أو الشفيع شريكا في ملك مشاع.
وبالرجوع إلى أحكام الفقه المالكي نجد ابن عاصم قد نص في تحفته على ما يلي:
وفي الأصول شفعة مما شرع       في ذي الشياع وبحد تمتنع.
وعليه فلا شفعة لمن لم يكن مالكا على الشياع قبل البيع أو المعاوضة، وبقي على شركته إلى ما بعد تفويت الشيء، المراد شفعته، أما إذا قسم الشيء المشاع وحدت حدوده وصرفت طرقه فلا شفعة، لأن كلا من الشركاء صار بعد القسمة جارا، ولا شفعة للجار عند المالكية، كما أنه لا شفعة لشريك بمساحة معينة لأن ذلك بمثابة المقسوم، ومن باب أولى فإن الذي انتهت شركته لا شفعة له، لأن حكمه حكم الجار، ونفس الشيء يقال لصاحب العلو، كما لو أن دارا من طابقين مشتركة بين شخصين لكل واحد منهما طابق مستقل بملكيته، فباع أحدهما نصيبه لشخص ثالثا فلا شفعة لأحدهما فيما باعه الآخر.)



الفقرة الثانية: أن يكون تاريخ تملكه للجزء المشاع سابقا على تملك المشفوع منه للحصة محل الشفعة.
فالشفيع لا يمكن أن يطالب بالشفعة ما لم يكن مالكا للجزء الذي يشفع به، سواء انتقل إليه ذلك الجزء عن طريق الإرث، أو الوصية أو أنه أصبح مالكا عن طريق اشتراكه مع شخص آخر أو عدة أشخاص، أو أن سبب تملكه كان نتيجة هبة أو وصية وغير ذلك.
لهذا يجب أن تكون ملكية الشفيع سابقة على ملكية المشفوع منه، وإلا فلا شفعة.
وعلاوة على ما سبق، فإن الشفيع لا يمكنه ممارسة الشفعة بشأن تصرف في عقار محفظ إلا بعد تسجيل ذلك التصرف على الرسم العقاري.
وحسب الدكتور مأمون الكزبري فإن العبرة في الأسبقية بالنسبة للعقارات المحفظة هي التسجيل لأن الحقوق العينية العقارية لا تنشأ ولا تنتقل حتى بين المتعاقدين، (الفصل 66 والفصل 67 من قانون التحفيظ العقاري).
إلا اعتبارا من تاريخ تسجيلها في السجل العقاري، فإن الشريك الذي لم يسجل حقه – أو الذي سجل حقه بعد أو في نفس تاريخ الحق المتصرف فيه – لا يستطيع أن يطالب بشفعة هذا الحق.[20]
وجاء في قرار محكمة الاستئناف في الرباط" أن العرض الحقيقي الذي تقدم به وريث لم يسجل الحصة التي آلت إليه بالإرث في عقار كان بملكه الموروث، ليأخذ بالشفعة الحصة الشائعة التي تصرف بها وارث آخر، هو عرض غير منتج إزاء من اكتسب هذه الحصة، وأن التسجيل اللاحق لحقه الإرثي لا يمكن أن يكون له أثر رجعي، وليس من شانه أن يصحح العرض الحقيقي الذي كان في الأصل عرضا غير منتج.[21]
وجاء أيضا في قرار المجلس الأعلى (سابقا النقض حاليا) أنه " لا وجود لأي حق عيني يتعلق بعقار محفظ حتى بين المتعاقدين إذا لم يكن مسجلا بالرسم العقاري وأن الشفيع لا يمكنه ممارسة الشفعة بشأن تصرف في عقار محفظ، إلا بعد تسجيل التصرف المذكور على الرسم العقاري.[22]
وهذا ما ذهبتا إليه أيضا محكمة النقض المصرية في قرار لما أنه" لما كانت الملكية في العقار وفقا لأحكام الشهر العقاري لا تنتقل إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع ولا يرتب التسجيل أثره في الأجل إلا من تاريخ تسجيل العقد.[23]
الفقرة الثالثة: أن يكون المشفوع منه قد تملك الحصة المبيعة بعوض.
ويبرز الأساس المستقى منه هذا الشرط في ذكر المشرع له من خلال المادة 303 من مدونة الحقوق العينية 39.08 التي تعني بأنه لا شفعة فيما فوت تبرعا ما لم يكن التبرع صوريا أو تحايلا، كما لا شفعة في الحصة الشائعة التي تقدم في صداق أو خلع.[24]
أما من جهة قانون الالتزامات والعقود فينص في فصله 478 على أن: البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق مقابل ثمن يلتزم هذا الأخير بدفعه له.[25]
ومنه فإن الشفعة سواء في العقار المحفظ أو الغير محفظ لا تثبت إلا عند انتقال حصة المشفوع منه عن طريق البيع فقط دون سائر أنواع الانتقال الأخرى.[26]
فبإضافة المشرع لهذا الشرط يكون قد قطع شوطا كبيرا في منع الشفعة في التبرعات وذلك تماشيا مع ما قرره فقهاء المالكية في هذا الإطار إذ يقول ابن رشد"....فالمشهور عند مالك أن الشفعة إنما تجب إذا كان انتقال الملك بعوض كالبيع. وبه قال الشافعي أيضا".[27]
ولا خلاف بين الفقهاء في ثبوت الشفعة في العقار الذي انتقل إلى المشتري عن طريق البيع الصحيح النافذ المستجمع لجميع أركانه وشروطه.
بالإضافة إلى ذلك يشترط في الشفيع أن يكون مليئا بالثمن والجدوى من ذلك أنه إذا طالب الشريك بالشفعة وتبين أنه عاجز عن أداء الثمن والمصاريف. لم يحكم له بها وإن طلب إمهاله إلى أن يصبح قادرا على ذلك فلا يجب على المشفوع منه أن يستجيب له، وحتى إذا حكم له بالشفعة ثم عجز عن أداء الثمن والمصاريف فيحق للمشفوع منه أن يطلب الحكم بسقوط حقه في الشفعة.[28]
واشتراط الملائمة لا يعني أن يتعين أن يكون الشريك مالكا بالثمن والمصاريف وإنما يعني أن يكون قادرا على أداء ذلك سواء كان من ماله السائل أو بواسطة بيع منقولاته أو عقاراته بغير حصته التي يملكها في المال موضوع الشفعة أو كان قادرا على أن يتسلف ما يشفع بع لأن المقصود هو أن يكون قادرا على الأداء وكذلك هو الحال في حال طلب الشريك للشفعة بعد مرور سنة على وقوع المعاوضة وأثبت أن له عذرا منعه من استعمال حق الشفعة إبانها، فيتعين عليه أن يثبت زيادة على ملاءته وقت طلب الشفعة في أنها وأنه كان خلال تلك السنة قادرا على أداء ما خرج من يد المشفوع منه فإن لم يثبت ذلك لم يحكم له بالشفعة.[29]
وقد نقض المجلس الأعلى سابقا حكما قضى بالشفعة من غير أن يقوم الدليل على توفر شرط الشفعة الذي هو ثبوت أن طالب الشفعة الذي تقدم بهذا الطلب بعد مرور سنة على البيع كان له يوم البيع مال يشفع به أو اكتسبه داخل سنة البيع.[30]

الفقرة الرابعة: أن تكون شركة الشفيع ثابتة وليست محل منازعة من أي                              طرف.
  على الشفيع أن يثبت  شراكته على الشياع وأن هذه الشراكة ليست محل أي كمنازعة من أي طرف، أما إذا كانت محل منازعة من الغير كأن يكون الجزء المشفوع به ليس تحت يد الشفيه وإنكما بيد الغير ويدعي هذا الأخير ملكيته له كأن يكون شخصان شريكان على الشياع في عقار معين، ويتولى أحدهما إدارته دون الآخر، فيقوم هذا الأخبير بيعه للغير. وعند قيام شريكه بالشفعة يواجهه البائع بأنه لا يملك أي حق عيني على هذا العقار ففي هذه الحالة لا يمكن للشريك ممارسة الشفعة إلا بعد استحقاق لنصيبه الشائع، ويمكنه إما أن يطالب بواجبه استحقاقا والباقي شفعة في مقال واحد، وإما أن يتقدم بدعوى الشفعة وفي هذه الحالة  فإن أجل الشفعة يسري في مواجهته ابتداء من تاريخ صيرورة الحكم بالاستحقاق نهائيا للقاعدة الفقيه التي تقضي" بأن لمن كهل له الاستحقاق الأخذ بالشفعة"
وهو ما أشار إليه أيضا الفقيه المهدي الوزاني[31] بتاريخ 18-03-1980 في الملف المدني عدد 68352.[32]
أما إذا طلب الشفعة في كل المبيع دون أن يطلب استحقاق واجبه الذي يشفع به فسيحكم بإلغاء دعواه على أن حالة بكونها سابقة لأوانها.
وقد صدر قرار محكمة النقض تؤكد فيه على أنه" من شروط الأخذ بالشفعة أن يكون طالبها مالكا لواجبه الذي يشفع به، فإذا نوزع في استحقاقه له، فعليه أن يطلب واجبه استحقاقا، ويأخذ الباقي شفعة لما نص عليه الشريف العلمي من أن" من كهل له استحقاقي نصيبه من الملك أن يأخذ الباقي شفعة" ومتى ثبت له استحقاق نصيبه فتح له أجل الشفعة ولو طال الأمد بين تاريخ البيع وتاريخ الشفعة".[33]
ومن خلال قراءة المادة 293 م.ح.ع نجدها تشترط أن يكون الشفيع شريكا في الملك المشاع وقت بيع حصة شريكه، مما يدفعنا إلى التساؤل هل يشترط أن يضل الشفيع شريكا في الملك المشاع وقت بيع حصة شريكه، لما يشفع به إلى حين صدور الحكم بالشفعة، أم يكفي توفره على صفة شفيع حين قيام سبب الشفعة وقيام بإجراءاتها والمطالبة بها قضائيا ولو باع حصته في العقار موضوع الشفعة بعد ذلك وقبل صدور الحكم بالشفعة إن م.ح.ع وقواعد الفقه الإسلامي) لا تشترط في الشفيع أن يبقى مالكا لها يشفع به إلى حين صدور الحكم بالشفعة، وإنما تشترط فقط قيام سبب الشفعة والمطالبة بها في وقت يملك فيه الشفيع ما يشفع به.
ويذهب البعض أنه ليس ثمة شيء يلزم الشفيع بأن يضل مالكا لما يشفع به إلى حين صدور الحكم بالشفعة، إنما يكفي توفره على صفة شفيع حين قيام سبب الشفعة، والقيام بإجراءاتها والمطالبة بها قضائيا، ولو باع حصته التي يشفع بها بصدده، وقبل صدور الحكم)).
وعموما فإن طالب الشفعة يجب عليه أن يثبت بشراكته على الشياع بالوسائل القانونية المتعارف عليها فإذا كان العقار محفظا وجب إذ لا يثبت برسم الملكية المتضمن اسمه إلى جانب بقية الشركاء من المحافظة العقارية، أما إذا كانت الشراكة على الشياع منصبة على عقار فعليه الإدلاء بما يثبت تملك العقار غير المحفظ (شهادة عدلية،...).

خاتمة:
مجمل القول فقد حولنا قدر المستطاع من إبراز المركز القانوني للشفيع باعتباره العنصر الأساسي في مؤسسة الشفعة. فالشفيع هو من له الحق في استشفاع حصة شائعة في عقار مشاع أو حق عيني مشاع مع ضرورة توفره على كل الشروط التي سبق ذكرها وحسب ما جاء في المادة  293 من مدونة الحقوق العينية. وقد حاولنا أثناء حديثنا عن المطالب بحق الشفعة الاستعانة تارة بالقضاء وأحكامه وقراراته وتارة أخرى بالجانب الفقهي فالشفعة تعتبر من أهم المواضيع التي خصها الفقه الإسلامي باهتمام بالغ، وكذلك القضاء سواء من الناحية العلمية أو العملية فالشفعة تعتبر من المواضيع التي يعالج نزاعاتها القضاء المدني. فيمكن القول أن الشفعة نظام قانوني تؤطره مدونة الحقوق العينية بالدرجة الأولى ثم قانون ل.ع وكذا الفقه المالكي، لكن رغم مجهودات المشرع المغربي في تجاوب عيوب ظهير 2 يونيو1915 فيما يحض الشفعة فإن ما جاءت به مدونة الحقوق العينية من قواعد وإجراءات تظل غير كافية. ولا تستوف جميع حيثيات نظام الشفعة. فرغم تخصيص المشرع جزء مهم من م.ح.ع لنظام الشفعة فإن هذا الأخير يظل بحاجة إلى بعض المصادر الأخرى خاصة الفقه الإسلامي.

لائحة المراجع.
ü   رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات العقارية تحت عنوان" شفعة العقار غير المحفظ الأحكام والآثار" أنوار رفيق.
ü   محمد ابن معجوز (أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي المقارن) طبعة 1993.
ü   امحمد براد غزيول: الدليل العملي للعقار غير المحفظ الطبعة الثانية، أبريل 2007، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث العدد.
ü   محمد محجوبي: الشفعة في الفقه المالكي والتشريع المغربي.
ü   تحفة ابن عاصم: والأب والوصي مهما غفلا عن حدها فحكمهما قد بطلا.
ü   أنوار رفيق، شفعة العقار غير المحفظ أحكام وآثار. رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات العقارية 2013/2014.
ü   محمد محجوبي: الشفعة في الفقه المالكي والتشريع المغربي، لسنة 2011.
ü   محكمة الاستئناف بالرباط، تاريخ 13 مارس 1974، مجلة المحاكم في المغرب لهام 1947.
ü   قرار المجلس الأعلى عدد 286 بتاريخ 7/4/82 في الملف المدني رقم: 94.903، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 30 مارس/أبريل 1984م.
ü   حنان بوعرة : الشفعة في العقار المحفظ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة عبد المالك السعدي، كلية الحقوق بطنجة السنة الجامعية 2009/2010.
ü   محمد خيري نحو تشريع عقاري جديد سلسلة الندوات والأيام الدراسية عدد 38-2011
ü   ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد.
ü   ابن معجوز الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي.
ü   قرار رقم 297 بتاريخ 16 مارس 1959 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 21.
ü   خديجة أجنيفي الشفعة في بيع العقار غير المحفظ وفق المذهب المالكي ومستجدات م.ح.ع.  رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الاول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2013-2012.
ü   المهدي الوزاني في نوازله الصغرى.
ü   القرار المذكور منشور بمؤلف قضاء المجلس الأعلى في الشفعة خلال أربعين سنة.
ü   قرار محكمة النقض عدد 1025 بتاريخ 28 فبراير 2012 في الملف المدني عدد 3730/1/9/2011 منشور بمجلة محكمة النقض ملفات  عقارية العدد سنة 2012.
عبد العزيز توفيق، قضاءا بمجلس الأعلى في الشفعة خلال أربعين سنة الطبعة الأولى.

الفهرس :
مقدمة:...........................................................................1
المبحالأول: المطالب بحق الشفعة..............................................3
المطلب الأول: مفهوم الشفيع.....................................................3
الفقرة الأولى: الشفيع في الفقه الإسلامي...........................................3
الفقرة الثانية: الشفيع في التقنين المغربي...........................................5
الفقرة الثالثة: الشفيع عند فقهاء القانون الوضعي...................................6
المطلب الثاني: شخصية الشفيع..................................................7
الفقرة الأولى: الشفيع المحجور والغائب والجنين...................................8
أولا: الشفيع المحجور الذي له نائب قانوني........................................9
ثانيا: المحجور المهمل...........................................................9
الفقرة الثانية: الشفيع المريض والمفلس...........................................11
الفقرة الثالثة: الشفيع الغير المسلم والشخص المعنوي..............................12
المبحث الثاني: الشروط الواجب توفرها في المطالب بحق الشفعة.................14
المطلب الأول: ضرورة تملك الشفيع على الشياع وأسبقيته على تملك المشفوع.....14
الفقرة الأولى: أن يكون شريكا على الشياع وفي الرقبة............................14
الفقرة الثانية: أن يكون تاريخ تملكه للجزء المشاع سابقا على تملك المشفوع منه للحصة محل الشفعة..............................................15
الفقرةالثانية: أن يكون المشفوع منه قد تملك الحصة المبيعة بعوض..............17
الفقرة الأولى: أن تكون شركة الشفيع ثابتة وليست محل منازعة من أي طرف......18
خاتمة:.........................................................................21
لائحة المراجع:.................................................................22
الفهرس:.......................................................................24



[1] ـ رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات العقارية تحت عنوان" شفعة العقار غير المحفظ الأحكام والآثار" أنوار رفيق.
[2] ـ محمد ابن معجوز (أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي العقاري) طبعة 1993 ص 39.
[3] ـ امحمد براد غزيول: الدليل العملي للعقار غير المحفظ الطبعة الثانية، أبريل 2007، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث العدد 2 صفحة 113.
[4] ـ ابن معجوز: الحقوق العينية العقارية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي ص (   ).
[5] ـ محمد محجوبي: الشفعة في الفقه المالكي والتشريع المغربي ص 20-21.
[6] ـ محمد محجوبي، مرجع سابق.
[7] ـ الفصل 3 من ق.ل.ع.
[8] ـ المادة 206 و 207 مدونة الأسرة.
[9] ـ محمد محجوبي: مرجع سابق.
[10] ـ تحفة ابن عاصم: والأب والوصي مهما غفلا عن حدها فحكمهما قد بطلا.

[11] ـ محمد محجوبي: مرجع سابق.
[12] ـ محمد ابن معجوز، أحكام الشفعة.
[13] ـ تحفة ابن عاصم" منطوقه تصفية الأحكام في نعث العقود والأحكام.
[14] ـ فصل 976 ق.ل.ع
[15] ـ محمد محجوبي: الشفعة  في الفقه المالكي والتشريع المغربي.
[16] ـ محمد محجوبي: مرجع سابق.
[17] ـ محمد محجوبي: مرجعع سابق، منقول عن الشيخ الرهوني.
[18] ـ محمد محجوبي: مرجع سابق. ص 43.
[19] ـ محمد محجوبي: مرجع سابق، ص:44
)   محمد ابن معجوز، أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي المقارن. طبعة 1993. صفحة 61-62.
) ـ محمد محجوبي: الشفعة في الفقه المالكي والتشريع المغربي، لسنة 2011. صفحة 49.
[20] ـ محمد المحجوبي: (مرجع سابق) ص 24.
[21] ـ محكمة الاستئناف بالرباط، تاريخ 13 مارس 1974، مجلة المحاكم في المغرب لهام 1947 صفحة 155.
[22] ـ قرار المجلس الأعلى عدد 286 بتاريخ 7/4/82 في الملف المدني رقم: 94.903، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 30 مارس/أبريل 1984م ص 39.
[23] ـ حنان بوعرة : الشفعة في العقار المحفظ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة عبد المالك السعدي، كلية الحقوق بطنجة السنة الجامعية 2009/2010. ص 18.
[24] ـ المادة 303 من مدونة الحقوق العينية.
[25] ـ فصل 478 من قانون الالتزامات والعقود.
[26] ـ محمد خيري نحو تشريع عقاري جديد سلسلة الندوات والأيام الدراسية عدد 38-2011 ص 109.
[27] ـ ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد.
[28] ـ ابن معجوز الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي.
[29] ـ محمد ابن معجوز، أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي المقارن.
[30] ـ قرار رقم 297 بتاريخ 16 مارس 1959 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 21 ص 826.
[31] ـ المهدي الوزاني في نوازله الصغرى ص 473.
[32] ـ القرار المذكور منشور بمؤلف قضاء المجلس الأعلى في الشفعة خلال أربعين سنة.
[33] ـ قرار محكمة النقض عدد 1025 بتاريخ 28 فبراير 2012 في الملف المدني عدد 3730/1/9/2011 منشور بمجلة محكمة النقض ملفات  عقارية العدد سنة 2012 ص 266 إلى 269.
) ـ عبد العزيز توفيق، قضاءا بمجلس الأعلى في الشفعة خلال أربعين سنة الطبعة الأولى 1999 ص 8.
) ـ خديجة أجنيفي الشفعة في بيع العقار غير المحفظ وفق المذهب المالكي ومستجدات م.ح.ع.  رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الاول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2013-2012 ص 17.
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *