-->

القواعد الفقهية على ضوء العمل القضائي في المادة العقارية


القواعد الفقهية على ضوء العمل القضائي في المادة العقارية
"  الحيازة و الاستحقاق و الشفعة و القسمة "
المقدمة :
قبل صدور مدونة الحقوق العينية عدت النزاعات المتعلقة بالعقار غير محفظ من أخر المجالات التي تطبق فيها قواعد الفقه الإسلامي، بعد أن اكتسحت القوانين الوضعية كافة الميادين ، و هذه القواعد رغم أنها مشتتة في بطون الأمهات لا تدرك الا بمشقة ، و لا يفك رموزها المقفلة إلا من كان جهبذا ذا عدة لغوية و فقهية ، إلا أنها انطوت على حل لشتى أنواع النزاعات في المعاوضات و التبرعات ، وباستقراء الاجتهادات القضائية المطبقة لقواعد الفقه الإسلامي ، خاصة بعد صدور ظهير المغربة سنة 1965 و الذي نصت المادة الثالثة منه على تطبيق النصوص الشرعية على نوازل العقار غير محفظ، يظهر حتى للباحث غير المتخصص أن القضاء في أحايين كثيرة لا ينتقي من مبادئ الفقه الإسلامي و فق ضابط معين تسير على هديه جميع المحاكم و تنقاد له أغلب الأحكام و القرارات ، بل نرى إعمال أقوال فقهية مختلفة في نازلة واحدة ، مع أن الأمر خلاف ما يتم تقدره ، ذلك أنه من مسلمات الاجتهاد داخل مذهبنا المالكي الأخذ بالراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل ، وفق ترتيب واجب الالتزام و متعين الاحترام .
ومع صدور مدونة الحقوق بمقتضى ظ 178-11-1 بتاريخ 12/11/2011 أضحى الفقه الاسلامي و بالذات المالكي مصدرا تكميليا ثانيا حسبما تنص على ذلك المادة الأولى منها ، بعد اعتبارها قانون الالتزامات و العقود مصدرا تكميليا أوليا .
و لا شك أن المتمعن لنصوص مدونة الحقوق العينية جمعا و إفرادا يلحظ اختصار مخلا في مقتضياتها ، و أكثرها لا يشفي الغليل و لا يعيين الدارسين و المهتميين من المحاميين و القاضاة على التقاط الحل القانون اللازم بسهولة و يسر ، فيجبر هذا الاخير خاصة  في مطلق الحالات أو أغلبها على الرجوع إلى المصادر التكميلية ، من هنا تبقى أهمية الإلمام بموضوع القواعد الفقهية و الاهتمام بها  الموضوعية و الإجرائية منها رغم الصعوبة التي تعترض كل باحث للخوض في هذا المجال أسلوبا و لغة و منهجا و مصادرا  ،ذلك أن  أغلب القواعد الفقهية هي قواعد يختلط فيها الفقه بالأصول اختلاطا و سبكا لا يعقله إلا أرباب الاختصاص ممن خبروا الفقه و أصوله ظاهرا و باطنا ، و  لأن قواعد الفقه الاسلامي ينبغي أن تؤخذ جملة واحدة بلا تجزيئ أو تبعيض يحرف المعنى ، إذ القواعد الفقهية " إجرائية كانت أو موضوعية " إنما جعلت ليصار بها إلى حكم صائب ، وكثير من القواعد الفقهية  التي قعدها الحذاق من الفقهاء النوازليين بعد استقراء و تتبع ، و أفاض في شرحها  وبيانها الشراح و المختصرون و المحشوون ، بشرط ألا تخضع المبادئ الفقهية المؤهلة لأن تكون مقننة للانتقاء بالهوى و التشهي ، أو الانتقاء  بمعيار السهولة  اللفظية ، بل بضابط المصلحة المستجلبة و ضابط الراجح و المشهور و ما جرى به عمل قضاة مملكتنا .
و سنحاول من خلال هذا العرض رصد و إنتقاء أبرز القواعد الفقهية الأكثر تطرقا في ساحة الخصومة القضائية في كل من دعوى الاستحقاق و الحيازة و كذا في دعوى القسمة و الشفعة ، إذ أن مقاربة موضوع القواعد الفقهية من الناحية العملية متمثلة في عمل القضاة ، يوضح أهمية و جدوى هذه القواعد و التي بدونها تظل مجرد كلام يتلى أو محض أحكام مجردة ، لا تدرك فائدتها و لا تعري نواقصها و مثالبها إلا بالإعمال و الإنفاذ بعد تعريف ها و تأريخها و إبراز أنواعها في المبحث الاول على أن نتطرق إلى تطبيقاتها القضائية في المبحث الثاني و فق التصميم التالي :

المبحث الأول: القواعد الفقهية تعريفا وتأصيلا وتأريخا وأنواعا
المطلب الأول : : القواعد الفقهية تعريفا وتأصيلا وتأريخا:
        الفقرة الأولى : القواعد لفقهية تعريفا و تأصيلا.
       الفقرة الثانية : نبذة تاريخية عن القواعد الفقهية
المطلب الثاني: أنواع القواعد الفقهية
الفقرة الأولى: القواعد الفقهية الإثباتية و الاجتهادية
الفقرة  الثانية : القواعد الفقهية الشكلية و الموضوعية .
المبحث الثاني : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى الحيازة و الاستحقاق و القسمة و الشفعة
المطلب الأول : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى الحيازة الاستحقاق :
              الفقرة الأولى : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى الحيازة:
              الفقرة الثانية: القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوىالاستحقاق :
المطلب الثاني : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى القسمة و الشفعة :
             الفقرة الأولى : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى القسمة :
            الفقرة الثانية: القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى الشفعة  :
خاتمة




المبحث الأول: القواعد الفقهية تعريفا وتأصيلا وتأريخا وأنواعا
المطلب الأول: القواعد الفقهية تعريفا وتأصيلا وتأريخا:
الفقرة الأولى: تعريف القواعد الفقهية وتأصيلها
تعريف القواعد الفقهية : القواعد جمع قاعدة من فعل قعد يقعد قعودا، والقعدة الهيئة والقعة الحمرة، والفاعل قاعد والجمع قعود والمرأة قاعدة، والجمع قاعدات وقواعد، وأصل القاعدة في الوضع اللغوي الثبوت والاستقرار في الموضع[1]، قال تعالى: ﴿في مقعد صدق﴾[2] أي في مستقر صدق، وتطلق أيضا على أساس البيت أو الجدر، قال تعالى: ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل﴾[3]، ففي تفسير القرطبي (قال النسائي القواعد هي الجدر والمعروف أنها الأساس، وفي الحديث أن البيت لما هدم أخرجت منه حجارة عظام، فقال ابن الزبير هذه القواعد التيي رفعها إبراهيم عليها السلام[4].
وفي الاصطلاح الفقهي عرفها الحموي (ت 1198 هـ) بقوله: "حكم أكثري، لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه" وقد عيب على التعريف عدم تركيزه على موضوع القاعدة والقضايا التي تشتمل عليها، أما كونها كلية أو أغلبية، فهي تخص مطلق القواعد. وقريب من هذا التعريف تعريف مصطفى الزرقاء بأنها "أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية تتضمن أحكاما تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها"[5]. وهو تعريف يعرف القواعد بالأصول إفادة لذات المعنى، غير أن الشيخ الندوي يعتبرها: "حكما شرعيا في قضية أغلبية يتعرف منها أحكام ما دخل تحتها"، ليخرج بقوله:" شرعي" القواعد غير الشرعية وهو الأصوب، ويعني بقوله: "أغلبية" أنها تتسم بصفة الأغلبية، أي انطباقها على أغلب جزئياتها، وقد تند عن ذلك بعض الجزئيات، لكن ذلك لا يرفع عنها صفة العموم التجريد.
وقد عيب على التعريف المذكور وقوعه في أمور عدة منها ما فيه من التكرار الذي لا مبرر له في التعاريف وهو قادح فيها، إذ في التعبير بلفظ الحكم والقضية تكرار ملحوظ يغني عنه التوسل بلفظ قضية شرعية أغلبية، ثم إدخاله الثمرة من إقراره القاعدة، وهي التعرف على الأحكام الشرعية في مسمى التعريف، والأصل في الحدود والتعاريف أن تختص بماهية التعريف، ثم زعمه بأن القضية الفقهية أغلبية فيه نظر، لكون بعض الفروع تخرج عن الحكم المذكور[6]. وعرفها الدكتور محمد الروكي بأنها: "حكم كلي مستند إلى دليل شرعي مصوغ صياغة تجريدية محكمة منطق على جميع جزئياته على سبيل الأطراد أو الأغلبية".[7]
-        ب - تأصيل القاعدة الفقهية :
نعرض في هذه الفقرة لتأصيل القاعدة الفقهية، تجلية لمصادرها النقلية والعقلية المختلفة، وثمرته بيان الثابت من هذه القواعد الذي لا يجوز أن ينتهك بالاجتهاد باعتبار ربانية مصدره، والمتغير منها بحسب تغير علة الحكم الزمانية أو المكانية باعتباره مصاغا بخط يمين بشر.
لا مراء في أن أكثر القواعد الفقهية تعتبر رابنية النزعة والمصدر، والمعنى أنها استمدت من الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين، وبعضها استقي من الاجتهاد المبني على الاستقراء والتتبع التفصيلي، ويأتي في طليعة هذه المصادر:
-القرآن الكريم
فالقرآن الكريم حامل بالقواعد الكلية والمبادئ العامة والضوابط الشرعية، التي تعتبر مشكاة يعتصم بها المجتمع في حمأة ولجج النوازل، ويعول عليها لتأصيل الأصول وتقعيد القواعد، وهذه المبادئ هي التي تدل على مرونة الشريعة وكمالها، وأنها من لدن خبير حكيم، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، ومن شواهد كلامنا قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾[8]، قوله تعالى: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾[9]، فالآية الأولى بنيت عليها نظرية العقد المعروفة، والثانية أصل لقاعدة كلية كبرى أسست عليها تعريفات كثيرة وهي قاعدة: "المشقة تجلب التيسير" وهي إحدى القواعد الفقهية الخمسة الكبرى التي بنى عليها الفقه برمته، واستنبطت منها قواعد أخرى كقاعدة "إذا ضاق الأمر اتسع" واستنبطت منها قواعد أخرى كقاعدة "إذا ضاق الأمر اتسع"، و"الضرورات تبيح المحظورات".
فلا غرو أن يستقى من التنزيل الحكيم قواعد كلية جامعة مانعة تعتبر غاية في الجزالة والحكمة والبيان[10].
-السنة النبوية:
سارت السنة النبوية على هذي القرآن الكريم، فحوت كثيرا من المبادئ والقواعد الفقهية التي تحوي جوامع الكلم، والمقصود بها الاختصار في اللفظ والجزالة في الأسلوب مع سعة المعنى، فهي مصوغة في كلمات معدودة تفيد معان لا تحصى، وهذه قمة الإيجاز البياني، فجوامع الكلم كما قيل: "ملكة اقتدر بها على إيجار اللفظ مع سعة المعنى، بنظم لا تعقيد فيه يعثر الفكر في طلبه، ولا التواء يحار الذهن في فهمه"[11].
الفقرة الثالثة: نبذة تاريخية عن القواعد الفقهية
باستقراء التطور التاريخي لعلم القواعد الفقهية نجد أنها لم توضع كلها جملة واحدة، وإنما تكونت مفاهيمها وتطورت نصوصها وصيغها بالتدرج عبر عصور ازدهار الفقه ونهضته، فنبتت البذرة الأولى لهذه القواعد إبان عصر الرسالة، وكانت أحاديث النبي صلى عليه وسلم في كثير من الأحكام بمثابة القواعد العامة التي تنطوي على فروع فقهية كثيرة كقوله عليه الصلاة والسلام: (الخراج بالضمان)[12]، وقوله عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار)[13]، وقوله عليه الصلاة والسلام: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر)[14]... وسواها من جوامع كلمة عليه الصلاة والسلام التي أضحت عند الفقهاء قواعد ثابتة مستقلة جرت مجرى القواعد الفقهية. ومثله في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم من أئمة الفقه والاجتهاد، فببروز مجموعة ضخمة من المسائل والفروع الفقهية، أوجد هؤلاء الفقهاء لكل قضية ومسألة من تلك المسائل حكما ومخرجا شرعيا، تشكل على إثرها الفقه الإسلامي في أبوابه ومسائله الواقعية، انتظمت معظمها في شكل قواعد واضحة من نماذجها في زمن الصحابة: قول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "مقاطع الحقوق عند الشروط".
وفي عصر التابعين: القاضي شريح (ت 80 هـ)، من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه، ومن ضمن مالا فله ربحه".
والذي يظهر من استقراء تاريخ الفقه الإسلامي، أن المذهب الحنفي هو أقدم المذاهب الأربعة اهتماما بموضوع التقعيد الفقهي، فقد كان فقهاؤه سباقين إلى صياغة المبادئ الفقهية الكبرى في شكل قواعد فقهية، نقلها عنهم فقهاء المذاهب الأخرى للاستشهاد والاحتجاج بها في النوازل والمستجدات الفقهية.
ولعل أقدم خبر يروي في جمع القواعد الكلية المصوغة بصيغها الفقهية المأثورة ما أورده العلامة ابن نجيم المصري الحنفي (ت 970 هـ)، في مقدمة "أشباهه" من أن أبا طاهر الدباس (ت 430 هـ)[15] ألف كتابا جمع فيه أهم قواعد مذهب أبي حنيفة في عشر قواعد كلية. وشهد للرجل بأهليته في التخريج والترجيح بين القواعد، ونسبت له خمس قواعد مشهورة هي: الأمور بمقاصدها، والضرر يزال، والعادة محكمة، واليقين لا يزول بالشك، والمشقة تجلب التيسير.
وتعد رسالة الإمام أبي الحسن الكرخي[16] (ت 340 هـ) في القواعد أقدم مجموعة (في القواعد الفقهية) وصلت إلينا، صاغ فيها نحو سبع وثلاثين قاعدة في الفقه الحنفي، ثم توالت التآليف في التقعيد الفقهي بالفقه الحنفي تأليفا وشرحا وتوضيحا وسبكا... ومنها في القرن التاسع الهجري كتاب "الأشباه والنظائر" لابن نجيم وفي منتصف القرن الثاني عشر الهجري كتاب "مجمع الحقائق" للفقيه التركي محمد أبو سعيد الخدمي[17] الذي وإن كان مؤلفه هذا في أصول الفقه فقد ختمه بخاتمة حوت عدة قواعد فقهية كلية.
ثم وضع فقهاء الأحناف المتأخرون "مجلة الأحكام العدلية" المعروفة والتي ستعرج عليها في هذا البحث في أكثر من مناسبة التي نافت قواعدها تسعا وتسعين قاعدة فقهية، حظيت بالشرح والتعقيب فيما بعد.
وفي المذهب الملكي اشتهر العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن العلاء القرافي (ت 684هـ) صاحب كتاب "الفروق" وهو من أهم وأبرز ما صنف في القواعد، وعليه مدار هذا الفن في المذهب، إذ تناوله فقهاء المالكية على مر العصور بالشرح والترتيب والاختصار والتهذيب، فاختصره العلامة البقوري (ت 707 هـ) في كتابه "ترتيب الفروق واختصارها" كما تناوله العلامة ابن الشاط (ت 723 هـ) بالشرح في كتابه "إدرار الشروق على أونوار البروق" وغيرهما كثير[18].
كما اشتهر العلامة محمد بن محمد بن أحمد المقري (ت 660 هـ) صاحب كتاب: "القواعد" والذي جمع فيه ما يناهز 1200 قاعدة مرتبة على أبواب الفقه، وكان نواة مصنفات المذهب بعده في هذا الباب كمؤلف "إيضاح المسالك" لأبي العباس الونشريسي (ت9 14 هـ)، واشتهر أيضا الإمام الزقاق (ت 912 هـ) بمصنفه المسمى "المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب" الذي أسهب متأخرو المذهب في العناية به نظما وتهذيبا واختصارا وشرحا. ومن أهم شروحه: "شرح المنهج المنتخب" للإمام المنجور (ت 995هـ) و"شفاء الغليل من ضمئ العليل" للعلامة محمد بن علي اليعقوبي السوسي (ت 1296 هـ) الذي قام أستاذنا الدكتور عبد النعيم حميتي بتحقيقه في رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا بكلية الشريعة بأكادير في الموسع الجامعي 1993-1994م تحت إشراف فضيلة شيخنا الدكتور سيدي الحسن العبادي.
واشتهر في المذهبب الشافعي، كل من الإمام عز الدين بن عبد السلام (ت 660 هـ) الذي كان له قصب السبق في تناول موضوع القواعد الفقهيةوالفضل في إبرازها وإفرادها كعلم مستقل. والذي أجاد وأفاد واستوفى الكلام على وجوهه في مؤلفه "قواعد الأحكام في مصالح الأنام"، كما برز الإمام جلال الدين السيوطي (ت911 هـ) بكتابه القيم "الأشباه والنظائر" في قواعد وفروع فقه الشافعية.
وفي المذهب الحنبلي، برز الإمام عبد الرحمن ابن رجب (ت 795 هـ)، بكتابه المعروف "بقواعد ابن رجب" ضمنه مائة وستين قاعدة وذيله بإحدى وعشرين مسألة خلافية مشهورة في مظان الفقه الحنبلي، إلى جانب الإمام ابن تيمية (ت 728 هـ)، في مصنفه "القواعد النورانية الفقهية"[19].
المطلب الثاني: أنواع القواعد الفقهية
الفقرة الأولى: القواعد الفقهية الإثباتية:
لا مراء في أن الإثبات هو الدليل الأوحد على وجود الحق وصحته، فبدونه يكون هو والعدم سواء، فالحق والحالة ما ذكر يرتبط بالإثبات ارتباط العلة بالمعلول، بحيث يدور معه وجودا وعدما، غير أن الإثبات لا يستند في أهميته على كونه معضدا للحقوق وآية وجودها فقط، بل إنه مانع من الغمط بالادعاءات المجردة والافتراءات المزعومة، وهو محظ إثباتي تنبه إليه الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم عندما قال من جوامع كلمه في حكمة بالغة تختزل نظرية الإثبات برمتها: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن البنية على المدعي واليمين على المدعي عليه"[20]. وللبيهقي بلفظ آخر عن ابن عباس بإسناد صحيح: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر".
قال الإمام النووي في تعقيب بديع معلقا: "إن هذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع فقيه قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، أو أنه لا يحتاج إلى البينة أو تصديق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة في كونه لا يعطي بمجرد دعواه، لانه لو كان أعطي بمجردها لا ادعى قوم دماء قوم واستبيح، ولا يمكن للمدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المدعي فيمكنه صيناتها بالبينة"[21].
لذلك لا غرو أن تكون نظرية الإثبات مبنى عمل المحاكم وعصبها، بواسطتها يحقق القاضي غايته ويؤدي رسالته، وهي إيصال الحقوق لأربابها الحقيقيين، ومن ثمة تحقيق العدل الذي هو أساس الملك وعماده.
فالإثبات، والحالة ما ذكر يمنع الافتراء والظلم وتتعاظم بوجوده بالتبعية الثقة في مرفق القضاء، وتزداد النزعة الاجتماعية للقانون، مما يفضي إلى تحقيق الاستقرار القانوني والمسلم الاجتماعي، إذ بالإثبات تتحقق غاية إيصال الحقوق إلى أصحابها على وجه الاستعجال ودون أية مماطلة أو تسويف، ذلك أنه لا يكفي إيصال الحق إلى صاحبه إذا لم يقع فورا ودون تراخ، فأي تأخير في إيصال الحقوق أو المطل فيها، يزعزع الثقة المفترضة في مرفق القضاء كما أنه يكبد صاحب الحق خسائر مادية معتبرة، فإيصال الحق إلى ربه من لدن القضاء إنما يمثل فائدة القاعدة القانونية من الناحية النظرية، لكن إيصاله بسرعèة يجسد فعالية القاعدة القانونية ذاتها ويجسدها واقعا.
إن حاجة الأفراد للإثبات تجسد حقيقة حاجتهم للقانون، باعتبار أن الإنسان كائن اجتماعي يعيش في مجتمع تتضارب فيه المصالح وتختلف فيه الأهواء[22]. إذ ليس كل الأفراد يذعنون لمقتضيات القاعدة القانونية، إما منازعة في مدى انطباق نصوص القانون على تصرف قانوني أو واقعة قانونية، أو عدم الالتزام بتنصيصات القاعدة القانونية نفسها، جحودا وإنكارا، لذلك كان القانون هو الضابط الذي يعقل التخالف والتضارب بين كل ما ذكر، فيحقق التوازن الذي يحتاج إليه المجتمع بين الحقوق والالتزامات، وبين مختلف المصالح المتضاربة فتتحقق بذلك غاية القانون وهي  السلم الاجتماعي، وذلك عبر كفالته حق اللجوء إلى القضاء لكل متضرر ومعتدى على حقوقه وهذا حق دستوري كفلته كافة دساتير العالمن وتبقى على القضاء مسؤولية وتبعة التحقيق من انطباق المراكز الواقعية للمتقاضين مع المراكز القانونية التي تكفلها نصوص القانون، فيقر المتلازم منها ويصوب ما دون ذلك.
وبهذا يحقق القضاء أحد أهم صفات القاعدة القانونية وهي الإلزام، فالحق لا قيمة له إذا لم يؤازر ويعضد بحماية القضاء له، وقد تنبه إلى هذا الملحظ الهام منذ قرون الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في رسالته إلى قاضيه أبي موسى الأشعري عندما قال: "...فافهم إذا أدلى إليه، وأنفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له"[23]، لذلك عني فقهاء الإسلام بتحديد سبل الإثبات، وتحديد جميع متعلقاتها موضوعا وإجراءات[24].
ومن شهد القواعد الاثباتية الفقهية وزبدتها، نشير إلى القواعد المتعلقة بالإقرار وتلك المتعلقة بالشهادة وبالإيمان.
أ‌-      القواد الفقهية المتعلقة بالإقرار :
-        الإقرار مقدم على البينة
-        المرء مؤاخذ بإقراره
-        البينة حجة متعدية و الإقرار حجة قاصرة .
-        عدم جواز الإقرار على الغير
ب القواعد الفقهية المتعلقة بالشهادة :
-        الشهادة بمجهول و لمجهول و على مجهول باطلة
-        شهادة السماع تنفع الحائز و لا ينتزع بها من يد حائز .
-        الشاهد لا ينتفع بشهادته
-        العدو لا يشهد على عدوه
ج القواعد المتعلقة بالأيمان :
-        البينة على المدعي و اليمين على من أنكر
-        القول قول منكر العقد
-        النكول عن النكول تصديق للناكل الأول
-        لا يحلف أحد ليستحق غيره
-        البينة للإثبات خلاف الظاهر و اليمين لإبقاء الأصل.
الفقرة الثانية: القواعد الفقهية الإجرائية والاجتهادية " الحيازة و الاستحقاق نموذجا "
نعرض في هذه الفقرة القواعد الفقهية المتعلقة بالحيازة والملك، وهما ولا ريب من كبريات القواعد الفقهية العقارية، لكون أغلب المنازعات العقارية إنما تبنى على إشكال متعلق بالحيازة أو الملك، ولذلك رشحنا طائفة منتقاة من تلك القواعد و أبرزها وأكثرها جدوى في المنازعة العقارية.
وهي قواعد تحدد ضوابط الحيازة والملك المختلفة، و وسيلة إثباتها والجهة المحملة بعبئ الإثبات، وآثارها المختلفة وحجيتها مقارنة بباقي الحجج عند الترجيح.
وتشخص أهمية قواعد الحيازة والملك في كون مدار أغلب المنازعات العقارية تتعلق بالحيازة والملك ومتعلقاتهما، الأمر الذي يستلزم الإحاطة بمختلف القواعد المتعلقة بها كليات وجزئيات ، فهناك قواعد تحمي الحائز حيازة تصرفية، وأخرى تحمي الحائز حيازة استغلالية، وثالثة تحمي المالك من الحائز سيء النية، ورابعة تضبط آجالها لكي تغدو حيازة تصرفية. فيكون لازما إجراء بيان واف لسائر أضرب الحيازات العرضية أو التملكية، مع بيان واف للقواعد التي تحدد مختلف القيود الواردة على الملكية، وتجعلها أمرا نسبيا ترد عليه قيود ومحاذير، حماية لحقوق عامة أو خاصة،منها ، مع تأجيل شرح مضمونها و تطبيقاتها القضائية في المبحث الثاني ومن أهم هذه القواعد نذكر على سبيل المثال  :
- الحيازة تنفع فيما جهل أصل ملكه
- الحيازة قد تنتج آثارا قانونية ولو كانت مجردة
- العادة عدم السكوت، والسكوت دليل على صدق الحائز
- القول لذي اليد المنفرد بها ما لم تكن للخصم بينة الملك
- دعوى التخلي اعتراف ضمني بحيازة المدعى عليه
- شهادة السماع تنفع الحائز ولا ينتزع بها من يد حائز
- البينة أولى من اليد لوضوح البينة وإبهام اليد.




المبحث الثاني : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى الحيازة و الاستحقاق و القسمة و الشفعة
المطلب الأول : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية دعوى الحيازة الاستحقاق :
الفقرة الأولى : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية دعوى الحيازة :
عرض مشرع مدونة الحقوق العينية لأحكام الحيازة في الفصل الثالث من الباب الأول، وأفرد لها ثلاثة فروع، حيث عرض لأحكامها العامة ومدتها وآثارها وذلك من خلال أربعة وعشرون مقتضى، من المادة 239 إلى المادة 263، مما يدل على أهمية موضوع الحيازة وتعلق أكثر الدعاوى العقارية بها.
وهكذا سنتعرض في هذه الفقرة  لكافة متعلقات الحيازة من خلال مدارسة أبرز القواعد الفقهية المتعلقة بها، معزين ذلك ببعض  القرارات القضائية .
أولا: الحيازة تنفع فيما جهل أصل ملكه
مقتضى هذه القاعدة أن الحيازة المكسبة للملكية على اختلاف آمادها بحسب طبيعة القرابة عموما وخصوصا، إنما تنتج آثارها في المحوز مجهول الأصل، الذي لا يعلم حائزه الحقيقي. وهكذا اعتبر المجلس الأعلى: "أن القاعدة الفقهية المحتج بها تقضي بأن الحيازة وإنما تنفع فيها فيما جهل أصله.... وأن للشخص الذي لم يكن حاضر الحيازة الأجنبي الحق في المطالبة بعد حضوره ولا ينقطع هذا الحق حين غيبته، مع اختلاف بين الرجل والمرأة في مسافة المكان الذي كانت فيه الإقامة لحمل النساء على العجز عن القدوم"[25]. ويترتب على ذلك بمفهوم المخالفة أن ما علم حائزه، فإنه لا تأثير لحيازة الحائز فيه مهما طال أمد حيازته[26]، وإلا إذا كان ذلك غصبا واعتداءا على حق الملكية الظاهر لصاحبه، فقد جاء في قرار المجلس الأعلى وهو ينبه إلى هذا الملحظ الهام ما نصه: "لكن حيث إن الطالب لم يدع الحوز والملك للمدعى فيه وإنما عارض دعوى العارية بطول المدة، الأمر الذي يدل على اعترافه بوقوعها إذ إن نزاعه محصور فقط بطول مدتها وغير خاف أن طول المدة لا أثر له ما دام وجه المدخل قد عرف..."[27]، وحدد قرار آخر مدة الحيازة المعتبر فيما جهل أصله، حيث جاء فيه ما نصه: "وحيث ما جهل أصله يكتفى فيه بعشرة أشهر أو ستة على الأكثر من طرف الحائز.... وحيث إن المدعى عليه قد ملك المدعى فيه بصفة شرعية على تسعة أعوام والمدعون حاضرون بالدوار ولم يحركوا ساكنا..."[28].
وبالنسبة لأثر الحيازة الصحيحة نصت المادة الثالثة من مدونة الحقوق العينية على أنه: يترتب على الحيازة المستوفية للشروط القانونية اكتساب الحائز ملكية العقار غير المحفظ أو أي حق عيني آخر يرد عليه إلى أن يثبت العكس.
لا تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غير المحفظة إلا إذا استندت على أصل التملك وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية".
ثانيا: الحيازة قد تنتج آثارا قانونية ولو كانت مجردة
مؤدى هذه القاعدة أن الحيازة في حد ذاتها تنتج آثارا قانونية بقطع النظر عن استنادها على رسم معضد لها أو لا، ولعله لهذا السبب حمى المشرع الحائز بمقتضى الفصل 167 وما يليه من قانون المسطرة المدنية. وكثيرا ما تتبنى محكمة النقض هذه القاعدة بلفظ صريح، معتبرة أن الحيازة تكون منتجة لكافة الآثار القانونية حتى لو لم تكن مؤسسة على أي رسم[29].
ولهذه العلة جعلت الحيازة عنوانا للملك ودليلا عليه، بل لعلها في أحوال معينة تقضي إليه إذا طال أمدها، ومن ثمة تخول لصاحبها تملك العقار المحاز، بحسب مدد تختلف بحسب ما إذا كانت الحيازة بين الأقارب، لتصل إلى أربعين سنة إذا لم تكن بينهم عداوة، وعشر سنوات إذا كانت بينهم عداوة، أو تعلق الأمر بحيازة الأجنبي، حسب تفصيل عددته المادتان 250 و251 من مدونة الحقوق العينية.
والمشرع إنما حمى الحائز، لأن الحيازة قرينة على الملكية، ثم إنها قد تكون مستندة إلى عقد من عقود الانتفاع بالرقبة مدة معينة كعقدي الرهن والكراء، أو بتملك ذاتها كما في العقود العوضية كالبيع ونحوه أو العقود التبرعية كالهبة وأضرابها، فأصحاب هذه العقود جديرون بحماية القانون، لأن حيازتهم مستندة إلى سند قانوني صحيح ولأجله يعفى الحائز وكما تدل على ذلك المادة 242 من مدونة الحقوق العينية من بيان وجه مدخله إلا إذا استظهر المدعي بخجة تؤيد دعواه، بل إن القانون تكفل حتى بحماية حائز المنقول الذي لا يركن إلى أي حجة غير حيازته تلك، لأن حيازته سند لملكيته وقرينة قانونية قابلة لإثبات العكس، وعلى مدعي خلاف ذلك إثبات أنه مالك المنقول بحجة عاملة تطمئن المحكمة إلى وجاهتها. وهكذا نص الفصل 456 من قانون الالتزامات والعقود على أنه: "يفترض في الحائز بحسن نية شيئا منقولا أو مجموعة من المنقولات أن قد كسب هذا الشيء بطريق قانوني، وعلى وجه صحيح وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل عليه".
وقد يستفيد الحائز حسن النية من حماية القانون بشرط ثبوب حسن نيته، بحيث يكون بإمكانه الاحتفاظ بالغلة التي يحصل عليها لتوهمه أنها تعود إليه، ثم إن وضع اليد كحالة مادية قائمة يعد من المرجحات الهامة التي تضاف إلى رسم الشراء، وهو ما أكده المجلس الأعلى بمقتضى قرار له جاء فيه: "...أن المحكمة رجحت شراء المطلوب لكونه معززا بوضع اليد الذي هو شاهد عرفي لقول ابن عاصم: "والقول قول ذي يد منفردة"، واستبعدت شراء الطاعن لكون القسمة التي استند إليها لم تكن مؤسسة على أية حجة تثبت الملك كما قيمتها المحكمة بدون أي تحريف... الشيء الذي كان معه الحكم معللا بما فيه الكفاية والوسائل كلها لا أثر لها"[30]. ولأهمية الحيازة اعتبر مشرع مدونة الحقوق العينية بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الثالثة منها أن عقود التفويت لا تفيد ملكية العقارات غير المحفظة إلا إذا استندت على أصل التملك، وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية.
ليبين المجلس الأعلى في قرار آخر دلالة الحيازة، معتبرا أن: "مسألة قرينة الحيازة تدل على الملك لا على أداء الثمن عند التبايع"[31]. فيقع تبعا لذلك على عاتق وعهدة المشتري إثبات أداء الثمن ولا تعفيه حيازة المشتري من ذلك، لأن الحيازة تدل على الملك لا على أداء الثمن.
ولأهمية الحيازة ومحوريتها عدت من المرجخات الهامة التي ترجح كفة أحد الخصوم حال المنازعة، وتساوي الحجج، فإذا أدلى الخصمان المتداعيان بحججهما وتكافأتا بلا مرجح بينهما، فإن المدعى فيه يبقى بيد حائزه بعد حلفه، وهو ما عناه خليل بقوله: "وبيد إن لم ترجح بينة مقابله، فيحلف"[32].
ثالثا: العادة عدم السكوت، والسكوت دليل على صدق الحائز
مؤدى هذه القاعدة أن الأصل والعادة أن لا يسكت الإنسان إذا اعتدي على حق من حقوقه مدة طويلة[33]، إلا لعذر قاهر كجنون أو عته أو صغر أو إكراه أو غيبة ونحوها..  أما إذا كان حاضرا بالبلد في طوعه ورشده وصحته[34] وسكت مدة طويلة، وهو يرى المدعى عليه يجوز ويتصرف في الحق المحاز دون أن ينازعه فيه، فإن الحائز يصدق، لأن العادة عدم السكوت والحيازة مع عدم المنازعة قرينة على صحة ملكية الحائز حوزي وملكي ولا يكلف بأكثر من ذلك، لقول الشيء خليل: "وإن حائز أجنبي غير شريك وتصرف، ثم ادعى حاضر ساكت، بلا مانع، (مدة) عشر سنين، لم تسمع (دعواه) ولا بينته"[35]. وقد تبنى مشرع مدونة الحقوق العينية هذه القاعدة صراحة في المادة 250 منها والتي جاء فيها: "إذا حاز شخص أجنبي غير شريك ملكا حيازة مستوفية لشروطها واستمرت دون انقطاع عشر سنوات كاملة والقائم حاضر عالم ساكت بلا مانه ولا عذر فإنه يكتسب بحيازته مكلية العقار".
فالحوز شاهد عرفي يعزز بيمين الحائز ويقضى له باستمرار الحوز[36]، وعلى المدعى عليه بعدم التعدي، لأن الأصل والاستصحاب بقاء ما كان على ما كان.
وقد جاء في حكم صادر عن القاضي العمارتي مبنيا أثر السكوت مع القدرة على المنازعة: "دعوى المدعي غير صحيحة لعدم توفر أحد شروط صحتها المشار إليه بقول الأمية مع نفي عادة مكذبة إلخ فلا تسمع دعواه وبينته، إذا لم يعرف بكذبه، لأن سكوته تلك المدة المذكورة دليل على صدق الحائز يجري العادة أن الإنسان لا يسكت عن ملكه عشر سنين فكيف بثلاثين سنة في المقال وفي الخبر من حاز شيئا عشر سنين فهو له قول الزرقاني: والتحديد بها أي بعشر سنين هو المشهور كما قال ابن رشد وعزاه في المدونة وهو المعتمد"[37]. وتبناه الشيء في قوله المتقدم، وهو ما عناه المتحف بقوله:
واليد مع مجرى الدعوى، وقوله أيضا: والقول قول ذي يدي منفرد.
ولأن السكوت هو إقرار ضمني بمشروعية حيازة الحائز، طالما أن الساكت كان حاضرا وبكمال صحته وتمام طوعه واختياره، والأصل هو بقاء ما كان على ما كان المعبر عنه بالاستصحاب ولأجله عددت المادة 256 من مدونة الحقوق العينية الحالات التي لا يرتب فيها السكوت أثره ولا يعتد فيها بالحيازة عندما نصت على أنه: "لا يعتد بالحيازة:
1-إذا كان المحوز عليه فاقدا الأهلية أو ناقصا وليس له نائب شرعي، وفي هذه الحالة لا تبدأ مدة الحيازة في السريان إلا من تاريخ تعيين هذا النائب أو من تاريخ الرشد حسب الأحوال.
2-إذا غاب المحوز عليه غيبة طويلة متواصلة، يفترض عدم علمه بحيازة ملكية إلى أن يثبت العكس.
3-إذا منع المحوز عليه عملية قوي من المطالبة بحقه كالخوف من الحائز لكونه ذا سلطة أو مستند إلى سلطة.
4-إذا منع المحوز عليه بأن كان في ظروف تجعل من المستحيل عليه المطالبة بحقوقه خلال المدة المقررة للحيازة".
فالعادة والعرف يقتضيان عدم سكون الإنسان، الذي يرى غيره يتصرف في ملكه مدة طويلة بسائر أنواع التصرفات بحضوره وعلمه وقدرته على المطالبة بحقه، فكان ذلك تسليما وإقرارا ضمنيا بملكية الحائز لما حازه، ذلك أن الغالب عدم السكوت حال الاعتداء على الحق، خاصة إذا كان المعتدي أجنبيا لا تربطه قرابة برب الحق، وفي ذلك يقول القرافي: "وكل شيء يكذبه العرف والعادة، يجب أن لا يؤمر به، بل يؤمر بالملك للحائز، لأنه العرف فيمن رأى هذه التصرفات مع طول السنين من غير مانع، ولك يدع ملكا، ولا تعرض، ويكذب في دعواه"[38].
فظهر من كل ما تقدم أن العرف العام يقتضي أن الحيازة والتصرف في المحوز بحضور المحوز عليه، الساكت بلا عذر، يفضي إلى رجحان دعوى الحائز، فالعرف والعادة من أبرز أنواع البينات التي يصار إليها في ساحة الخصومة القضائية شرط تعضيدها باليمين، أي بيمين الحائز الذي شهد له العرف بالرجحان والاعتبار.
رابعا: القول لذي اليد المنفرد بها ما لم تكن للخصم بينة الملك
تندرج هذه القاعدة الفقهية في باب الحيازة، وحاصلها أن القول قول الحائز المدعى عليه إن لم تكن للمدعي بينة للملك تعزز ادعاءاته، أما إن أيد ادعاءاته بحجج ملكية مقبولة فترجح آنذاك ويحكم وفقها وبمقتضاها. قال خليل: "وبالملك على الحوز"[39].
ولذلك عدت هذه القاعدة من صور التقعيد بالاستصحاب الذي يدل على بقاء ما كان على ما كان. وقد تبنى مشرع مدونة الحقوق العينية هذه القاعدة بمعناها نص بمقتضى المادة 242 منها على أنه لا يكلف الحائز ببيان وجه مدخله إلا إذا أدلى المدعى  بحجته على دعواه.
فالحيازة للمدعى عليه شاهد عرفي على الملك، أي قرينة تفيد تملكه إذا تعزز بيمينه كحائز، وهذه القرينة المفترضة أكدتها المادة 263 من مدونة الحقوق العينية، والتي اعتبرت أن الحائز الذي يثبت أنه يحوز ملكا حيازة مستوفية لشروطها وتقدم بمطلب لتحفيظه يعد حائزا حيازة قانونية إلى أن يثبت العكس[40]. وهذا إذا لم تكن للمدعي حجج تنطبق على النزاع وتؤكد تملكه للمدعي فيه[41]. والشواهد القضائية المعتبرة أن الحيازة دليل على الملك كثيرة، فقد جاء في حكم للقاضي العمارتي أيده مجلس الاستئناف الشرعي ومجلس الاستئناف الشرعي الأعلى: "الاصل هو بقاء ما كان على ما كان المعبر عنه بالاستصحاب، وبأن القول قول من بيده الشيء المتنازع فيه مع يمينه، قال في التحفة واليد مع مجرد الدعوى وقال أيضا: القول قول ذي يد منفرد، وفي البهجة ممزوجا بكلام الناظم ما نصه: فإن انفرد أحدهما بوضع اليد عليه كان لو وحده مع يمينه، وفي حاشية شيخه الوزاني ما نصه: ونقل ابن فرحون[42] عن ابن رشد الاتفاق على أن مجرد الحيازة لا ينقل الملك عن المحوز عليه إلى الحائز ولكن تدل على الملك فيكون القول للحائز بيمينه، ونحوه في جواب لابن لب نقله في المعيار"[43].
وجاء في حكم آخر مكرس لذات المعنى: "معلوم أن بينة ثبوت الملك مقدمة على بينة الحوز إن تعارضتا، وأحرى في التقديم إذا أثبتت الملك مع مجرد دعوى الحوز، كما هنا. ففي البهجة ما نصه: وإنما يكون القول لذي اليد المنفرد بها إن لم تكن للآخر بينة الملك، وإلا قدمت على مجرد اليد كما قال: وهو لمن أقام فيه البينة، وإلى هذا يشير الشيخ خليل بقوله وبالنلك على الحوز"[44].
والترجيح باليد لا يلجأ إليه إلا عند تساوي البينتين وعدم وجود أي مرجح آخر[45]، باعتبار الحيازة شاهدا للحال، ولا يلجأ إلى الترجيح بالأقدمية إلا إذا كانت الحجتان صحيحتين متنا وسندا، شكلا وموضوعا، ومنجتين في الدعوى. ولا ريب أن ترجيح الملك على الحوز، وترجيح مجرد الحوز مع اليمين عند وجود بينة الملك يعد تحصيل حاصل في مسائل الترجيح بين الحجج، بشرط تحديد صاحب الملك وصاحب الحوز من خلال الأسانيد المستظهر بها على ذمة القضايا[46].
فيكفي أن يقول الحائز: "حوزي وملكي" ولا يكلف بأكثر من ذلك، فقد جاء في حكم للقاضي العماري: "جواب وكيل المدعي عليهم (الحائزين) عن المقال بالحوز والملك كاف ولا يكلف بأكثر من ذلك، ولا من أي صار له كما في التحفة وشروحها"[47].
فهو لا يكلف بأكثر من اليمين وهي هنا يمين إنكار، وهو ما عناه المتحف عند قوله:
المدعي استحقاق شيء يلزم             بينة مثبتة ما يزعـــــــــــم
والمدعى عليه باليميــــــــن             في عجز مدع عن التبيين
لكن أداء اليمين ها هنا رهين بثبوت مجال إعمالها على نحو ما ذكره غير واحد من شراح التحفة، فإذا عجز المدعي عن الاستظهار بينته والاستدلال بحجته كان على المدعى عليه اليمين، إذا كانت الدعوى من الأضرب التي تتوجه فيها اليمين، وهي دعاوى المال أو ما يؤول إلى المال، وإلا فلا يمين بمجرد الدعوى كالنكاح ونحوه مما لا يثبت إلا بشهادة عدلين[48].
وقيل بأن يمين الحائز متممة للحيازة التيي تدل على الملك للشقص[49]، وهي شاهد عرفي عليها.
وإنما تطبق قاعدة أن القول لذي اليد المنفردة، إذا تجردت الدعوى من الدليل، وإلا توجب إعماله والحكم بموجبه وبمقتضاه متى وجد وكان صحيحا لا تعتريه شائبة، وقد جاء في قرار محكمة النقض المصرية وهي تحكم هذا النظر: "إذا تمسك مدعي الملكية بأنه تملك الأطيان المتنازع عليها بالشراء ممن تملكها بالتقادم من مالكها الأصلي، ودفع المدعي عليه بأنه هو الذي تملك بالتقادم وأمرت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات وضع اليد بشهادة الشهود، وحملت المدعى عليه عبء الإثبات فقبل هذا الحكم ولم يستأنفه، ثم لما أصدرت حكمها القطعي نفت ملكية المدعى عليه، وأثبتت في الوقت نفسه ملكية المدعى وردت هذه الملكية إلى سببها القانوني وهو التقادم، وساقت على هذا التقادم أدلة من شأنها أن تؤدي إليها، فإنها لا تكون قد أخطأت في قواعد إثبات الملكية"[50].
خامسا: دعوى التخلي اعتراف ضمني بحيازة المدعى عليه :
من المتفق عليه فقها وقضاء أن طلب المدعي الرامي إلى الحكم على المدعي عليه برفع اليد والتخلي عن العقار المدعى فيه يعتبر إقرارا ضمنيا بحيازة هذا الأخير. فيكلف غير الحائز بالإثبات لادعائه خلاف الأصل الثابت بإقراره الضمني، لأن الحيازة شاهد عرفي على التملك وهي مظهر من مظاهره وتجلياته، فيؤخذ المقر بإقراره ويحكم عليه بمقتضاه، وهذا الأمر مستقر عليه في فقه المسطرة الشرعية من غير تنكسب لذلك المنهج. ولأجله نص المشرع في المادة 242 من مدونة الحقوق العينية على إعفاء الحائز من بيان وجه مدخله إلا أن يناهض الأصل المذكور ويدلي خصم الحائز بحجة.
وقد اعتبر المجلس الأعلى في قرار له وهو يتبنى هذا الفقه: "أن ادعاء المشتري شراء أرض النزاع من المدعي طالب التخلي يعفي هذا الأخير من إثبات ملكية أرض النزاع، وأن المحكمة حين اعتبرته مجيبا بالحوز والملك ورتبت على هذا الاعتبار تجرد دعوى المدعي من الإثبات تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا"[51].
ويؤخذ بهذا الأصل المفترض إلى أن يثبت المدعي غير الحائز أنه المالك الحقيقي للمدعى فيه خلافا للأصل الظاهر، وذلك بالحجة المثبتة، ولا يكفي في ذلك محضر إقرار المدعى عليه، لأنه قد يغدو إقرارا على الغير وهو لا يجوز، لاحتمال تواطؤ المدعي والمدعي عليه على أخذ مال شخص ثالث، فتسد ذريعة التواطؤ بوجوب الاستظهار بالحجج المعضدة، ويسري هذا الأمر على دعاوى الشفعة، التي لا يكتفي بها بمجرد إقرار المشفوع منه بالشراء، حتى يحكم للشفيع بالشفعة، بل لابد من استظهاره بسند الشراء حماية لحقوق الناس من الغمط والتحايل. والأمر ذاته في دعاوى الاستحقاق التي قد يتواطأ فيها طرفان فيتداعيان ويترافعان أمام المحكمة، حتى إذا ما أقر المدعى عليه للمدعي، حكم له وفق دعواه دون إدلائه بما يلزم من الموجبات، وكل ذلك تحايل وتلبيس كثيرا ما يقع التفطن له من لدن القضاء، الذي لا يقضي بمحض الأقارير بل بالحجج المؤسسة والعاملة، ولأجله وسم القاضي المدني بكونه قاضي أوراق، اي قاضي حجج ووثائق وأسانيد، وهو أمر سميت معالمه السنة المطهرة، إذ لو كان الحكم بمجرد أقوال الناس، لأفضى ذلك إلى أكل أموالهم بالباطل، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
سادسا: شهادة السماع تنفع الحائز ولا ينتزع بها من يد حائز:
هذه قاعدة فقهية تندرج في باب الشهادات وباب الحيازة، وحاصلها أن شهادة السماع لا تفيد صاحبها المشهود له ولا تجديه نفعا إلا إذا كان حائزا للمدعى فيه، أي بيده وفي حوزه، لأن حيازة شاهد عرفي على الملكية، فتعضد بشهادة السماع، التي يشهد شهودها بأنهم يسمعون سماعا متواترا أو ميتفيضا أو فاشيا من أهل العدل وغيرهم بأن المشهود له هو المالك للمدعى فيه[52] المشهود به. لكن لا يقع التعويل عليها في انتزاع الحيازة من الخائز، لأنها ضعيفة في الإثبات فلا تناهض الحيازة كون الثانية أقوى وأرجح، وقصرها غير واحد من الفقهاء على تسعة عشرة مسألة نص عليها ابن عاصم في أرجوزته، ورغم أهمية شهادة السماع في مادة الحيازة والالتباس الذي يقع في فهم مجال تطبيقها، لم يعرض مشرع مدونة الحقوق العينية لأحكامها في الفصل الخاص بالحيازة أو في الفصل التمهيدي بصفة مباشرة أو عرضية، والأمر ذاته بالنسبة لقانون الالتزامات والعقود، مما يوجب الرجوع إلى مقتضيات الفقه الإسلامي أخذا بقاعدة الإحالة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون المذكور.
ومن استثناءات قاعدتنا التي تقبل فيها شهادة السماع، شهادة التمليك لمن بيده الملك، وحاصله أنه إذا اشترى شخص عقارا من بائعه وحازه عشرين سنة وضاع منه سند التملك[53]، ثم قام البائع له يدعي ملكيته وعدم بيعه إياه، وأنه لم يقم طالبا بملكه لغيابه أو  لمرضه، فإن شهادة السماع المستفيد التي تشهد بشراء المشتري المدعى عليه منذ مدة طويلة تكون عاملة باعتبارها حجة ناقلة، تقدم على الحجة المستصحبة وهي حجة البائع، بشرط أن يعضدها المشهود له باليمين[54].
وقد حرصت محكمة النقض في عدة قرارات على تأكيد وجوب تطبيق هذه القاعدة الفقهية المانعة من نزع الحيازة بمجرد شهادة السماع، لأن الحيازة أقوى من شهادة السماع[55]. أي أن مناط الترجيح باليد أو بالحيازة قوتها مقارنة بشهادة السماع المحتملة، ولأن الحيازة تعتبر أحد مظاهر الملك وتدل عليه إلا أن يثبت خلاف ذلك بثابت يقيني ينقض الأصل المذكور.
سابعا: البينة أولى من اليد لوضوح البينة وإبهام اليد :
هذا الضابط يعد من قولااعد الترجيح بين البينات، يعمل به عند تعارض الحيازة مع الحجة الكتابية[56]، إذ الحجج الكتابية تكون مفسرة أي واضحة المعنى بلا خفاء، فالملكية المؤسسة على أسانيد كتابية لا تشوبها شائبة المستندة إلى وقائع محددة وأطراف معروفة وأصل تملك معروف، أكثر لزوما وحجية من تلك المستندة إلى مجرد الحيازة، إذ الأخيرة تكون مبهمة لا يعلم مدى استنادها إلى وقائع صحيحة وأسباب مشروعة، أو مستندة إلى مجرد الغصب والتعدي والاستيلاء، وما احتمل واحتمل سقط به الاستدلال[57]، فتكون الحجة المفسرة الواضحة مقدمة على تلك المبهمة والمحتملة.
فالحيازة أو اليد كما جاء في لفظ الضابط، تكون عاملة ومؤثرة إذا كانت هي الحجة الوحيدة بيد صاحبها، وهي تستند في رجحانها إلى الأصل والاستصحاب، أي بقاء ما كان على ما كان إلى أن تثبت حجة ناقلة تخرج الاستصحاب، أي بقاء ما كان إلى أن تثبت حجة ناقلة تخرج الاستصحاب عن الأصل وتنقضه فيعمل عندئد على مقتضى البينة، وهذا ما أكده المجلس الأعلى بمقتضى اجتهادات متواترة، ومنها قرار جاء فيه: "...وعلى هذا، فحيازة الطاعنين غير عاملة ففي اختصار الرهوني كلما علم الأصل لا تنفع الحائز فيه طول المدة، وقال في الارتفاق عن القاضي عبد الوهاب[58]، إن المدعي إذا أقام بينة كانت أولى من اليد لرجحانها، لأن البينة تشهد بما لا تشهد به اليد حيث إن اليد مبهمة والبينة مفسرة..."[59].
هذا ما لم تتساو حجج المتنازعين أو تتعارض بيناتهم، فآنذاك ترجح حجة واضع اليد باعتبار الحيازة شاهد الحال، فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى: "المحكمة لما رجحت حجج المتعرضين المدعومة بالحيازة العلنية الهادئة على حجج طالبي التحفيظ المجردة تكون قد طبقت القاعدة الشرعية التي تقول عند تساوي الحجج ترجح حجة واضع اليد باعتبار الحيازة شاهد الحال... وهذا ما فعلته المحكمة"[60].
لكن كل هذا بشرط بيان أسانيد ومؤيدات النتيجة المعبر عنها في منطوق الحكم، فتكون محكمة الموضوع –والحالة ما ذكر- ملزمة بتعليل قرار ترجيح البينة وتقديمها على الحيازة، وهذا الأمر من مسائل الواقع الذي لا تطاله رقابة محكمة التعقيب بشرط سلامة التعليل على ضوء ظروف وملابسات القضائي، إذ لا يعقل أن يكون التعليل خاطئا ومجافيا للصواب ولا يقع تصويته من المحكمة الأعلى درجة[61].
وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى مؤكدا ما سقناه ما نصه: "وحيث إن قضاة الموضوع لهم الحق في تصفح الرسوم المدلى بها لديهم، واختيار صفتها شكلا وموضوعا قبل أن يعملوا بها، ولو لم يقع أي طعن من لدن المحتج بها عليهم، وأن ذلك داخل في سلطتهم التقديرية التي لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى"[62].
وما قرره المجلس الأعلى جوابا على وسيلة الطعن بالنقض أمر بديهي لا جديد فيه، إذ كيف يتأتى لمحكمة الموضوع النظر في مزاعم الخصوم، والفصل في طلباتهم من غير النظر في حججهم المستدل بها أمامها، وهي السند والظهير في ساحة الخصومة القضائية، ولو لم يطلب الأطراف وهي تقضي النوازل، ويستثنى من ذلك الرسوم غير المجدية وغير المؤثرة في الدعوى التي يسوغ لها أن تعرض عنها، وتقدير هذا الأمر تستقل به محاكم الموضوع بعيدا عن رقابة محكمة التعقيب.
وتكون الحيازة مبهمة إذا نص الشهود على القول بانها حيازة تزيد عن أمد الحيازة المعتبرة شرعا دون بيان ذلك على سبيل التفصيل، وهذا الإبهام يعتبر قادحا في الرسم[63]. ولأجله نصت المادة الثالثة من مدونة الحقوق العينية في تبن صريح لقواعد الترجيح المعروفة في الفقه الإسلامي، على تقديم بينة التفصيل على بين الإجمال حال التعارض، ولعل مبنى الإبهام أو لعله إجمال وإرسال، أن مدة الحيازة في الفقه الإسلامي مختلفة بحسب ما إذا كانت متعلقة بقريب أو بعيد درجة، فقد تكون عشر سنوات كافية لترتيب أثرها، وقد لا يقبل أقل من أربعين سنة لترتيب هذا الأثر في أحوال خاصة.
ومن القوادح أيضا توسل العدول بعبارة "حاز بما تحاز به الأملاك شرعا" فعدم الوضوح في التعبير بما يدل على المعاينة الصريحة للحوز قادح في الرسوم، وقيل إن العبارة المذكورة  رغم ما فيها من الغموض والإرسال، إلا أنها قد تكون في بعض الأحيان مقبولة، لكونها الأقرب في التعبير عن الحيازة التامة لمحل التبرع من الاعتراف، إذ إن اللفظ المذكور وإن لم يذكر فيه لفظ المعاينة تصريحا إلا أن فيه ما يفيد المعنى المذكور، بخلاف الإقرار الذي تقتصر دلالته على معناه من غير إفادة للمعاينة التي هي شرط لتمام الحيازة لإنفاذ التبرعات المتعلقة بعقار غير محفظ[64]، والتي لا يكتفي بها بالإقرار بل لابد من معاينة العدلين للحوز والإشهاد على ذلك.
وتكون الحيازة مبهمة أيضا إذا احتفت بها ملابسات وظروف تشكك في استنادها إلى وقائع صحيحة وتنبئ عن كونها حيازة مشوبة بقادح من القوادح، أو مؤسسة على مجرد الغصب والتعدي.
الفقرة الثانية : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعاوى الاستحقاق:
دعوى الاستحقاق هي الدعوى التي يرفعها الغير لإستحقاق عقار و تعد و سيلة في يد صاحب حق الملكية لحماية ملكيته و كل مالك يريد المطالبة بملكه الذي تحت يد غيره له أن يرفعها أو يلجأ إليها .[65]
 لسماع دعوى الاستحقاق  لا بد من توافر الحوز و الملك و إقامة البينة على ذلك لقول صاحب التحفة :
المدعي استحقاق شيئ يلزم ......بينة مثبتة ما يزعم
من غير تكليف لمن تملكه ......من قبل ذا بأي وجه ملكه .[66]
و شروط الاستحقاق عند الفقهاء ثلاثة ، حصرها الحطاب [67]في قوله : و أما شروطه فثلاثة: الاول الشهادة على عينه إن أمكن و إلا فحيازته ، و هي أن يبعث القاضي عدلين و قيل أو عدلا مع الشهود الذين شهدوا بالملكية فإن كانت دارا مثلا قالوا لهما مثلا هذه الدار هي التي شهدنا عند القاضي فيها الشهادة المقيدة أعلاه، الثاني الاعذار في ذلك إلى الحائز فإن إدعى مدفعا أجله فيه بحسب ما يراه ، الثالث : يمين الاستحقاق و اختلف في لزومها على ثلاثة أقوال و هذا ما سنتطرق إليه في الفقرارات الثلات التالية :
أولا : الشهادة على عين الملك و إلا فحيازته :
ومعنى هذا الشرط أن يبعث القاضي عدلين و قيل عدلا مع الشهود الذين شهدوا بالملكية فإن كانت دارا قالوا هذه هي التي شهدنا عند القاضي فيها الشهادة اعلاه ، وفي ذلك يقول المتحف : :
وماله عين عليها يشهد.......من الحيوان او عروض توجد
ويكتفي في حوز الأصل المستحق ......بواحد عدل و الاثنان أحد
فعندما يكون الشيئ المدعى فيه مما يقبل النقل من مكان إلى أخر فإنه يأتي به لتقع شهادة الشهود على عينه لدى القاضي او من ينوب عنه ، أما إذا تعلق الأمر بعقار فإنه لا يمكت نقله كالدار و الأرض.... فإن الحيازة في ذلك بعدل واحد يقدمه القاضي تكون كافية ، لتعذر حضوره و شغل القاضي عند الذهاب إليه ، فيكتفي بالعدل الواحد لأنه نائب عنه لكن الاثنان أولى و به العمل[68] ، و إنما تكون الحيازة بالعدول واجبة على العين إذا شهد عدلان بملكية أصل لشخص ما و ذكر حدوده ، وأنكر المدعى عليه الحدود و أمام إذا وافق المدعي عليه على الحدود فلا يحتاج إلى حيازة.[69]
كما يجوز لمن ادعى ملكا بيد غيره أن يثبته بشهادة شهود لا يعرفون حدوده و لا يقدرون على حيازته ، ويشهد سواهم بالحيازة لا غير ، للأنهم لا يعرفون الملك لمن هو ، و بذلك تلفق الشهادتان و يثبت الملك لهذا المذعي ، و تلفق الشهادتان كذلك إن كان الملك المشهود به للمدعي ذا تسمية معروفة عند أهل ذلك الموضع أو تسمية مشهورة عندهم ، فتشهد بينة بأن العقار المسمى كذا هو ملك فلان و ماله من أمواله و تحت يده يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه و ينسبه لنفسه ...ولا يتعرضون لذكر حدوده لأنهم لا يعرفونها أو لغيبتهم أو موتهم فيشهدون فقط بمجرد الملكية و تشهد بينة أخرى بأن الوضع المسمى بما ذكر حده من ناحية القبلة كذا و من الغرب كذا و من الجنوب كذا ، و أن التسمية المذكورة تطلق على الحدود لا على ما خرج منها و لا يعرفون الموضع لمن هو ، فإن الشهادتان تلفقان و يوجه القاضي معهما شاهدين يشهدان على حيازتهما فيكون مجموع الشهود ستة و يثبت حينئذ الاستحقاق [70]و في هذا يقول المتحف :
و جاز أن يثبت ملكا شهدا........وبالحيازة سواهم شهدا
إن كان ذا تسمية معروفة ......ونسبة مشهورة مألوفة
وهو ما أكذته محكمة النقض في كثير من قراراتها فجاء في أحدها :
" حيث يتبين صحة ما تعيبه الطاعنة على المحكمة ذلك أنها عللت استبعادها للملكية عدد 367 بتاريخ مارس 1957 المدلى بهما من طرف الطاعنة لمجرد كونها خالية من ذكر موقع فدان العبد و حدوده ، كما عللت عدم الاستجابة لطلبها الرامي إلى الوقوف على عين المكان و الاستماع إلى الشهود المجاوريين بقولها : إن التمسك بمقتضيات الفصلين 34و 43 من ظهير التحفيظ غير ذي موضوع إذ لا يتأتى معاينة أرض مجهولة الموقع و الحدود و أن هذين التعليلين يخالفان الأحكام الشرعية التي تسمح بإثبات ملك من طرف شهود بحيازة المشهود به و تحديده من طرف شهود أخريين مما ينص عليه ذلك ابن عاصم في التحفة بقوله :
و جاز أن يثبت ملكا شهدا........وبالحيازة سواهم شهدا
إن كان ذا تسمية معروفة ......ونسبة مشهورة مألوفة
و قوله :
و يكتفي في حوز الأصل المستحق ......بواحد عدل و الاثنان أحق
فلم يكن للمحكمة إهمال ملكية بمجرد عدم ذكر حدود المشهود به بالرغم من أن شهود تلك الملكية نصوا على اسم و نسبة الشيئ المشهود به و هو فدان العبد  بل كان عليها الاستجابة لطلب الطاعنة الرامي إلى إجراء الوقوف بعين المكان و الاستماع إلى الشهود  هناك بشأن حيازة المشهود به و تحديده لتتم الاجراءات التي يوجبها الفصلان المتمسك بهما من الطاعنة تطبيقا للاحكام الشرعية المشار إليها أعلاه ..." [71]و في قرار أخر :
وحيث يعيب الطاعنون على القرار المذكور في الوسلة الأولى بخرق قواعد الفقه ، وذلك أنه من المقرر فقها أن يجوز أن يشهد بالملكية شهود ، و يشهد بتعيين المشهود له فيه و بحيازته شهود أخرون لقول ابن عاصم :
وجاز أن يثبت ملكا شهدا ........بالحيازة سواهم شهدا
ولقول ناظم العمل المطلق :
وفي التخالف اجز ان يشهدا.......بالحوز غير من بملك شهدا
و أن المحكمة باستبعادها لملكيتهم بعله أن الموجب 307 لا يتضمن شروط الملك حتى يعتد به و لم يصدر عن نفس شهود الملكية حتى يعتبر حجة مكملة لها ....لكن حيث إن القاعدة المحتج بخرقها  لا تنطبق في حالة تدارك الغلط في البيانات ، و إنما تطبق في حالة ما إذا كان شهود الملك لا يعرفون الحدود، فهنا يمكن لشهود آخرين يعرفون الحدود بدقة و لم يعرفوا من هو المالك فتلفق الشهادتان بشرط أن يتفق جميع الشهود على موقع الارض و اسمها و إن كانت مشهودة باسم معين ، ولا تصح الشهادة الا في عين المحل"[72] .
وجاء في قرار حديث لمحكمة الاستئناف بالحسيمة قرار عدد 394 المؤرخ في 12/7/2006 :" العبرة في العقارات غير المحفظة بالموقع لا بالمساحة و الحدود .... "[73]
ثانيا الاعذار إلى الحائز :
الاعذار في القضاء هو إمهال أحد الخصمين للإدلاء بحجته ، وبذلك فإذا أدلى مدعي الملكية " المستحق" بينته ، فيعذر للحائز في الجواب بإظهار حجته فيمهله القاضي لإحضار ما يؤيد حيازته و ادعائه ، و إن ذكر أن له بينة بعيدة حكم عليه وكتب في كتابه ، ومتى أحضرها فهو على حجته ، و إن عجز و لم يدع شيئا حكم عليه [74]، يقول عاصم :
إن يكن له مقال أجلا ......فإن أتى بما يفيد أعملا
وماله في عجزه رجوع ......على الذي كان له المبيع
ويضيف قائلا:
و قبل حكم يثبت رجوع.....على الذي كان له المبيع
 وقد اختلف الفقهاء في وقت الاعذار إلى المحكوم عليه لكن المشهور عند الفقهاء المالكية هو أن يكون قبل الحكم .
كما تجب الاشارة إلى أن الاعذار لا يكون الا بعد إثبات مدعي الملكية لدعواه بالبينة ، و هكذا اتفق فقهاء فقهاء المالكية على أنه لا تسمع دعوى المدعي و لا يكلف المدعى عليه الجواب الا بعد اثباته موت المورث و عدة الورثة ، و إثبات الملك لمن ادعى أن الشيئ المستحق له و استمراره له و لورثته، إلى موت من مات إلى حين الشهادة للقائم. " جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالناضور " الحائز يكفيه أن يدفع بقوله حوزي و ملكي و لا يكلف بالاثبات ما لم يثبت القائل تملكه "
 وهكذا جاء في قرار عن محكمة الاستئناف بالحسمية " لاستحقاق الارض بالرث يتعين الادلاء ببينة مثبتة لما يدعيه صاحب الارض كأن يشهد على  عين الشيئ المستحق و أنه ملك لمورثه ، إضافة إلى ما يفيد استمرار هذا التملك "[75]
لكن اذا كان الفقه المالكي قد أوجب الاعذار ، فإن قانون المسطرة المدنية لم ينص عليه ، بحيث إن القاضي و بعد تبادل الحجج بين الأطراف ، و بعد أن يتبين له أن القضية أصبحت جاهزة و لا حاجة فيها إلى المزيد من الحجج و يحجزها للمداولة دون إعذار [76]، مادام الخصوم مدعويين للاطلاع على الملف و الإدلاء بحجهم ، وما دام أن المسطرة المدنية أو قانون الشكل أصبح موحدا و يطبق على مختلف القضايا العقارية و الشرعية و القضايا المدنية ، فإن العمل القضائي لم يستقر على رأي في الموضوع ، فتارة يقول بضرورة الاعذار و تارة أخرى يستبعده، فجاء في قرار لمحكمة النقض :" لكن حيث إنه لما كانت المسطرة في المرحلة الاستئنافية كتابية و كان الطاعن ممثلا فيها بمحام ينوب عنه في الدفاع و في اعداد المذكرات و التعليقات على مذكرات الخصوم و منحها التأجيلات لإعداد المذكرات و الادلاء بالمستنتجات فذلك هو الاعذار عينه "[77] وفي قرار أخر :" محمكة الاستئناف بعدما تبين لها أن هذه الحجة ناقصة لم تكن في حاجة إلى إعذار الطاعنة عملا بالقاعدة الفقهية " لا اعذار في ناقص " و لكون المتعرض مدعو للإدلاء بكافة حججه أمام المحافظة العقارية ، وتأكد هذا التوجه في قرار ثالث جاء فيه :
" لكن حيث إن المحكمة المطعون في قرارها  لما ثبت لديها أن حجج الطالب لا تتوفر فيها الشروط الشرعية أبطلتها و أبقت الشيئ بيد حائزه و لم يكن عليها فحص حجج المطلوب لكونه مدعى عليه حائزا و لا ينتزع من يد حائز الا بيقين و أن المحكمة غير ملزمة بإنذار الطالب لإتمام حجته إذ هو ملزم بذلك تلقائيا و أنها قد عللت قرارها حسب المشار إليه أعلاه فجاء معللا بما فيه الكفاية و الوسيلة غير ذي أساس "[78]
لكن و خلافا لهذا التوجه أوجبت محكمة النقض على المحكمة الاعذار تحت طائلة  بطلان الحكم في قرار لها :" غير أن المحكمة  في اقتصارها على ماذكر فهي لم تتحقق بما فيه الكفاية من علاقة موروث الطاعنيين بالمتوفي .....و من جهة أخرى لم تعذر لهم بالادلاء بما ينقصهم و يترتب من عدم القيام بذلك بطلان الحكم تمشيا مع القاعدة :
وقبل الحكم يثبت الاعذار .....بشاهدي عدل و ذا مختار ...." .
فهذا القرار جاء مخالفا لما استقر عليه العمل القضائي ، بخصوص توحيد قواعد الشكل ، فالإعذار أصبح متجاوزا في الميدان المدني بعد صدور مسطرة مدنية موحدة للتطبيق في القضايا العقارية و الشرعية و القضايا المدنية و هو ما سبق و أن أكدته محكمة النقض مكونة من الغرفة الأولى بقسميها و الغرفة الاجتماعية مند سنة 1970 حيث قضت فيه بأن :
" .... قانون المسطرة المدنية الذي يتظمنه ظهير 12/08/1913 التي أل إليها النظر  في القضايا الشرعية ، و بمقتضى ذلك أصبحت المسطرة التي ينظمها الظهير المؤرخ في 16/12/1957" المسطرة المتبعة أمام محاكم القضاة: غير ذات موضوع ". وبموجب ذلك و ما دام أن المسطرة كتابية في دعوى الاستحقاق فإن الخصوم مدعوون تلقائيا للإدلاء بما لديهم من حجج.
ثالثا: يمين الاستحقاق :
إن يمين الاستحقاق هي التي تجب على المدعي عندما تشهد له بينته بملك شيئ غير العقار – أو بملك العقار أيضا على ما به العمل – بعد أن يقول الشاهد بالملك : ولا أعلم أنه خرج عن ملكه، فلا تتم هذه الشهادة الا إذا حلف المشهود له أن الشيئ لم يخرج فعلا عن ملكه .[79]
فيمين الاستحقاق هي التي جعلت لرد دعوى محققة أو مقدرة ، فبعد أن يثبت المدعي دعواه بالبينة الشرعية ، يلزمه من أجل أن يتم له الاستحقاق أن يؤدي اليمين أمام القاضي ، بأن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما باع الشيئ المستحق و لا خرج عن ملكه بأي وجه من الوجوه إلى أن وجده الأن بيد المدعى عليه [80].
ولفقهاء المالكية في لزوم يمين الاستحقاق ثلاثة آراء ، لخصها الحطاب في قوله : : يمين الاستبراء و اختلف في لزومها على ثلاثة أقوال أنه لابد في جميع الاشياء قاله ابن قاسم و ابن وهب و ابن سحنون الثاني لا يمين في الجميع أيضا قاله ابن كنانة الثالث أنه لا يحلف في العقار و يحلف في غيره و هو المعمول بع عند الأندلسيين و في سجلات الباجي : أو استحق ذلك من يد غاصب لم يحلف ، قال ابن سلمون و لا يمين على مستحق الأصل إلا أن يدعي عليه خصمه ما يوجبها و قيل لا بد من اليمين كاعروض و الحيوان ....
و هذا جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالناظور " وحيث أن المحكمة و في إطار التحقيق في الدعوى أمرت بأداء المستأنفيين لليمين المتممة غير أنه لم يحضر سوى 12 نفرا و الحال أن عدد المستأنفين 26 و بالتالي لا عبرة باليمين المذكورة طالما أن النزاع غير قابل للقسمة . وحيث أن انطباق الملكية على المدعى فيه حسب الخبرة غير منتج في النازلة نظرا لعدم حجة هذه الأخيرة و فق السابق بيانه .وحيث أن مؤدى ما ذكر بقاء العقار بيد حائزه الثابت ....." [81].

المطلب الثاني : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى القسمة و الشفعة  :
الفقرة الأولى : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى القسمة:
جاء في رد المختار وتبيين الحقائق: أن القسمة هي جمع نصيب شائع في مال معين أو مخصوص. وعرفها صاحب البدائع بقوله:“وفي الشريعة عبارة عن إفراز بعض الأنصباء عن بعض ومبادلة بعض ببعض”
أما الشافعية والحنابلة والجعفرية فقد عرفوها بأنها تمييز حق كل واحد وتخليصه من الشيوع ودلك بجعله معينا .
هذا وقد تناول فقهاء المالكية نضما و شرحا في متونهم ابراز القواعد الناضمة للقسمة منها
 التحفة "فصل في القسمة" والتي تبدأ من قول المتحف:
ثلاث القسمة في الأصول                   وغيرها تجتوز مع تفصيل
والعمل الفاسي في مسائل "الرهن والضمان والشركة والقسمة".
والعمل المطلق في فصل "الشفعة والقسمة والقراض"، والتي تبدأ من قول ناظمة:
وراع في جواز قسمة العقار               وغيره معنى حديث لا ضرار
و القسمة في الفقه الإسلامي إما أن ترد على الأموال ذاتها أو على منافعها، وقد اصطلح على تسمية قسمة رقاب الأموال بالقسمة النهائية أو البتية وعلى قسمة المنافع بقسمة المهايأة.
فقسمة الرقاب  هي تلك التي تؤدي إلى فض الشيوع بصفة نهائية، وقد تكون كلية كما قد تكون جزئية وهذه قد تكون بالقرعة أو عن رضى[82]. و -قسمة القرعة: وهي تلك التي تصدر عن مجلس القضاء فيما فيه تماثل أو تجانس بين الأشياء، وقد جرى الفقهاء المسلمون على تقسيم الأموال إلى أصول وعروض وحيوانات[83].
فالأصول هي ما يصطلح عليه اليوم بالعقار، ويدخل في مسماها الأراضي سواء كانت مبنية أو خالية من البناء أو مغروسة، وهي غما أن ترد على محل واحد أو أمكنة متعددة. فإذا وردت على محل واحد فتجوز إذا انقسمت إلى أجزاء متساوية ولم تؤد إلى نقصان في منفعة تلك الأجزاء جراء القسمة وإلا لم تجز[84]. أما إذا وردت على أمكنة متعددة فإنها إما أن ترد على نوع واحد أو عدة أنواع. ففي الحالة الأولى فإنها تقسم بالتقويم والتعديل ولا يجوز الجمع فيها بين سيء ورديء وقديم وجديد، ووجب عند إجرائها مراعاة جميع المنافع والزوائد التي تزيد من قيمتها، أما في الحالة الثانية وهي اختلاف الأصول في النوع فلا يتم الجمع بينها في القسمة.
أما قسمة العروض والحيوان  أو قسمة القرعة في هذه الحالة لا تجوز إلا عند التجانس والتماثل بين الأنواع والأجناس، فلا تقسم العروض مع الحيوانات بل وجب قسمة كل نوع داخل الجنس الواحد.
وسميت هذه القسمة بالقرعة لكونها تتم عبر إجراء القرعة بين المتقاسمين بواسطة القضاء وذلك لتحديد ما سينوب كل متقاسم، ولهذه القسمة خصوصية في المذهب المالكي[85] حيث يتعين على الذي يرد الاستفادة منها التقدم بطلب بذلك إلى مجلس القضاء موجها دعوى القسمة ضد جميع الأشراك أو الورثة، وذلك يعد إثبات طالبي القسمة لأصل الملك متى توزعوا في ذلك حتى  لا يقسم بين اثنين في مال ثالث، فضلا عن إثبات وفاة الموروث إن وجد وحصر متروكه وأصل تملكه. وللقاضي في سبيل ذلك أن ينذر الأطراف بإصلاح المسطرة متى بدا له وجود خلل شكلي، وليس هناك ما يمنع القاضي من أن يصدر حكما تمهيديا بإجراء خبرة بواسطة خبير وذلك لإعداد مشروع قسمة عينية متى كان المطلوب قسمته قابلا لها[86]، وذلك بعد تقويم الحصص وتعديلها حت ى تصبح متساوية، وله في سبيل ذلك أن يفرض بعض المعدلات على بعض المتقاسمين إذا أخذوا أكثر من نصيبهم في القيمة أو النوع. وعلى الخبير أن يراعي عند إنجاز مهامه جميع الأمور التي تزيد من قيمة كل حصة أن تنقص منها كموقعها، واحتوائها على حقوق وارتفاق إلى غير ذلك. ويجب أن تجعل القسمة عند تنفيذها كل متقاسم ينتفع بحصته على وجه سليم دون ضرر لأن القسمة شرعت لرفض ضرر الشركة والشياع، كما يجب أن تكون قابلة للتنفيذ على أقل نصيب.
فإذا قام الخبير بتحديد الأنصبة بعد التعديل والتقويم كتب في أوراق مستقلة أسماء الجهات المحددة، وأسماء المتقاسمين فمن خرج اسمه في جهة أخذ منها، وقال بعض فقهاء المذهب يرمي بالأسماء في الجهعات وكل من خرج اسمه في جهة أخذ منها[87] ذلك السهم ويضاعف له حتى يتم نصيبه الذي يستحقه إرثا أو بموجب الشركة، هذا الذي تقرر في المذهب وقال به حذاق المالكية. أما إذا كان المال الشائع لا يقبل القسمة عينا أو يقبلها لكن مع إهذار للمنفعة المتوخاة كدار مشتركة بين مجموعة من الأشخاص فقد فصل في ذلك فقهاء المذهب على النحو التالي:
-إذا كان بيع حصة وحدها يحدق ضررا، فللشريك أن يبيع المال دفعة واحدة بيع صفقة، وليس للشريك الآخر سوى إجازة البيع جملة أو ضم حصة شريكه مقابل إعطائه ثمنا[88].
-للشريكين أن يتفقا بينهما على بيع جملة المال المشترك واقتسام ثمنه بينهما وهو ما يصطلح عليه قضاء بقسمة التصفية وذلك عن طريق البيع بالمزاد العلني، وإلى ذلك يشير المتحف بقوله:
وكــــل ما قسمتــــه تعـــــــذر   تمتع كالتي بها تضـــــــــرر
ويحكم القاضي بتسويق ومن     يريد أخذه يزيد في الثمـــــن
2-قسمة التراضي : وهي تلك التي تجري بتراض بين جميع الأشراك في المال الشائع وفق الطريقة التي يرتضونها لذلك، لا فرق أن تكون الأموال متفقة أو مختلفة متجانسة أو غير متجانسة، كأن يحددوا في حصة عروضا وأخرى حيوانا، ولهم في سبيل ذلك الاستعانة بخبير لتقويم وتعديل الحصص قبل قسمتها، أو لقسمتها بينهم بدون تعديل أو تقويم. ولقد جرى رأي أغلب فقهاء المهب على اعتبار هذا النوع من القسمة بيعا ويجوز فيها ما يجوز فيه، ويحظر فيها ما يحظر فيه ومن أباها لا يجبر عليها[89].
ثانيا: قسمة المنافع : قسمة المنافع هي التي تقتضي قسمة منفعة الشيء بين الأشراك ذو الرقبة التي تبقى على وجه الشيوع بين الأشراك، وذلك إما عن طريق المهايأة الزمانية أو المكانية، وقد سبق أن عرضنا لكلا النوعين من القسمة. وقد قال أغلب فقهاء المالكية بسريان أحكام الإيجار على هذا النوع من القسمة. وقد جرت الأحكام القضائية على أن مرور عدة سنوات على إجراء قسمة المنافع بنوعيها يحولها إلى قسمة بنية تضع حدا للشركة بصفة نهائية، ما لم يدفع أحد الأشراك بخلاف ذلك من خلال إدلائه أمام القضاء بحجة معتبرة تفيد ذلك[90].
ثالثا: قسمة التصفية في الفقه الإسلامي : لقد كان الفقه الإسلامي سباقا إلى الأخذ يقسمة التصفية. فقد نص غير واحد من الفقهاء على أنه إذا لم يتراض الشركاء على بقاء المقسوم الذي تجري فيه القسمة على حكم الشركة والانتفاع به على وجه الشياع وطلب بعضهم بيعه وقسمة ثمنه وامتنع البعض الآخر، فإنه يجبر الأشراك الممتنعون على البيع، وقد ذهب إلى ذلك المالكية[91] والحنابلة. ووجه ما ذهبوا إليه أن بيع ما في قسمته ضرر حق على الشريك فإذا امتنع عن البيع أجبره الحاكم ليتخلص الطالب من ضرر الشركة[92].
بعد هذا التأصيل يتضح أن القسمة سواء قضائية أم رضائية أوجد لها الفقهاء ظوابط و قواعد تحكمها ، يستعين بها القاضي في الفصل في المنازعات الناشئة عنها ، و هي قواعد كثيرة و متناثرة في أمهات الكتب لذا فإننا سنعمل على إبراز أهمها و كذا تطبيقاتها القضائية :
1      قاعدة : لا يجبر أحد على البقاء في الشياع :
جاء في التحفة "فصل في القسمة" والتي تبدأ من قول المتحف:
ثلاث القسمة في الأصول              وغيرها تجوز مع تفصيل
ومن أبى القسم بها فيجبر                 و جمع حظيين بها مستنكر
وهذه القسمة حيث تستحق                يظهر فيها أنها تمييز حق .
 وقال الخليل : " وأجبر لها كل إن إنتفع كل .
أجمع الفقه و التشريع على تخويل كل شريك حق المطالبة بقسمة المال الشائع ، وتمكينه من نصيبه فيه عينا أو نقدا ، إذا كان غير قابل للقسمة العينية إذ لا يحق لباقي الشركاء في ارغام شريكهم على البقاء معهم في حالة الشياع و هو يتعلق بالنظام العام و لا يسقط بالتقادم و لا يلزم البقاء في الشيوع إلا فيحالات ضيقة جدا إما لوجود إتفاق بين الشركاء ينص على تقديم طلب القسمة خلال أجل محدد و إما لوجود نص في القانون كالحالة التي يكون فيها الشيوع حالة طبيعية مهيأة على وجه الدوام " الشيوع الاجباري " .جاء في قرار لمحكمة النقض " إذا كان الفصل 978 من قانون الالتزامات و العقود ، يضع قاعدة عامة عدم اجبار الشريك على البقاء على  الشياع ، فإن ظهير الشريف رقم 16929 الصادر بتاريخ 15/7/1967 المتعلق بالحد من تجزئة الاراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري و مقتضياته آمرة تمنع تفتيت الاملاك الفلاحية ، تطبقها المحكمة و لو لم يطلبها الاطراف و أن المحكمة التي قضت برفض طلب قسمة أرض تخضع لأحكام ه\ا الظهير ، تكون قد طبقت القانون ."[93]جاء في قرار لمحكمة النقض المجلس الأعلى سابقا : "  المحكمة التي ثبت لديها من خلال تقرير الخبرة المنجز في النازلة تعذر إجراء قسمة الدار المدعى فيها قسمة عينية و أمرت ببيعها بالمزاد العلني و قسمة ثمنها بين الورثة تكون قد صادفت الصواب و لا يحتاج هذا البيع إلى موافقة المحكوم عليهم " [94]

1-    قاعدة : لا تسمع دعوى القسمة الا بعد اثبات موجباتها :
حيث إن المقرر فقها و قضاء أن دعوى القسمة لا تسمع الا بعد إثبات موجباتها عملا  بقول ابن عاصم في التحفة:
                    وحيث كان القسم للقضاة.......فبعد اثبات لموجبات "
حيث يتعين على الذي يريد الاستفادة منها التقدم بطلب بذلك إلى القضاء موجها دعوى القسمة ضد جميع الأشراك أو الورثة، وذلك بعد إثباته لأصل الملك متى توزعوا في ذلك حتى  لا يقسم بين اثنين في مال ثالث، فضلا عن إثبات وفاة الموروث إن وجد وحصر متروكه وأصل تملكه.
جاء في حكم عن ابتدائية الناظور " حيث يتعين على المدعي ال\ي ينسب ملكية القطعة الارضية المطلوب قسمتها لموروثه أن يدلي بما يثبت ملكية هذا الأخير لها ، في حين أن رسم الملكية ال\ي استدل به ينسب له الملك شخصيا ، و ب\لك فإن حالة الشياح غير ثابتة بين الطرفين و يتعين بالتالي عدم قبول الطلب " [95].
وجاء في قرار أخر " لا يحكم بالقسمة الا بعد إثبات موجباتها : المحكمة لما قضت برفض طلب القسمة لعدم إثبات المدعي ملكية المطلوب قسمته للموروت تكون قد عللت قرارها تعليلا كافيا "[96]
و عليه إذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ وجب على طالبي القسمة إثبات أصل التملك للمدعي فيه[97] المطلوب قسمته متى توزعوا في ذلك[98] منعا للتحايل وقسمة أموال الغير.
كما يجب إدخال جميع الأشراك في دعوى القسمة وتنذر المحكمة طالبها بإصلاح المسطرة متى تبين لها عدم إدخاله لهم[99]، مع بيان إن كان أحد الأشراك قاصرا أو غائبا فضلا عن إثبات أصل الملك لمورث الورثة طالبي القسمة وعدتهم.
جاء في قرار للمجلس الأعلى محكمة النقض حاليا : يلزم في دعوى القسمة إدخال جميع الورثة، وإذا أهملت المحكمة ذلك تعرض قرارها للنقض" قرار عدد  863  وتاريخ في 05/10/99 ملف عقاري عدد 5324/94 غير منشور .
وحيث أن دعوى القسمة من الدعاوى التي لا تقبل التجزئة و يجب لقبولها إدخال جميع المشاعيين في الدعوى جاء في قرار أخر ما يلي : المحكمة التي قبلت دعوى القسمة رغم عدم توجيهها ضد جميع الشركاء في التركة المطلوبة قسمتها مع أن أسمائهم واردة في الوثائق المدلى بها تكون قد خالفت القاعدة الفقهية المذكورة وعرضت قرارها للنقض "[100].
و حيث إن إغفال الموصى لهم يرتب عدم قبول الدعوى كذلك جاء في قرار لمحكمة النقض " نصيب الموصى لهم بالثلث ، لا يتأثر بعدم انحصارهم في الدعوى و يجب إدخالهم في دعوى القسمة و الا كانت غير مقبولة " [101]
و يتعرض بالتالي للنقض القرار الذي يقضي بالقسمة في غيبت الموصى لهم بالثلت .
إذا تعلق الامر بقسمة عقار محفظ فإنه يتعين إدخال جميع الشركاء المقيديين بالرسم العقاري تحت طائلة عدم القبول كذلك ، ولكن  لا يجبر على إدخال من لم يرد اسمه في الرسم العقاري كما لا يجبر طالب القسمة على باتمام النقص الواقع في أسماء المالكين المسجلين  في الرسم العقاري بسبب وفاة أحد الشركاء و عدم تسجيل ورثثته مكانه في الرسم  [102] ، جاء في قرار لمحكمة النقض " لا تقبل دعوى القسمة الا اذا شملت جميع المالكيين المسجليين في الرسم العقاري للعقار المطلوب قسمته و المسلم من المحافظة على الاملاك العقارية "[103]
 جاء في قرار أخر " تكون المحكمة قد صادفة الصواب لما قضت بالقسمة بين الملاكين المسجلة أسماؤهم في الرسم العقاري للملك المطلوب قسمته عملا بالفصل 66 من ظهير التحفيظ " [104]
القاعدة الثالثة : لا يلجأ إلى قسمة التصفية الا إذا كانت القسمة العينية غير ممكنة :
قال ابن عاصم في التحغة :
و كل ما قسمته تعذر.................تمنع كالتي بها تضرر
ويحكم القاضي بتسويق ومن.......يريد أخذه يزيد في الثمن .
وإن أبو قومه أهل البصر ......و آخذ له يقضي من يذر
و إبو  بيع عليهم بالقضا.......... و اقتسموا الثمن كرها أو رضا .
وبيانه أنه أنه  إذا طلب أحد الشركاء بيع ما لا ينقسم أصلا أو يقسم بفساد  بحيث لا ينتفع كل منهما بما يحصل له ، فإنه يستجاب لطلبه  ، ومن يرد من الشركاء أخذه  يزيد في الثمن إلى حين أن يقف الثمن على أحدهم ، بعدما يتم تقيم و تحديد الثمن الافتتاحي .
جاء في قرار لمحكمة النقض " لا يلجأ إلى قسمة التصفية الا إذا كانت القسمة العينية غير ممكنة و لو بمدرك و تجري القرعة بعد ذلك بين الشركاء ، إن المحكمة التي قضت ببيع العقار المشترك رغم قبوله القسمة العينية بمدرك بعلة إن القسمة العينية هي التي تنهي النزاع ال\ي يرفع بالقرعة تكون قد عللت قراررها تعليلا فاسدا يوازي انعدامه و عرضته للنقض " [105]
وعليه فإن المحكمة عندد تحققها من قيام جميع مقومات القسمة أن تبين جميع النقط اللازمة لفض الشياع عند إصدارها لحكمها التمهيدي[106]، مع طلب الخبير إعداد مشروع للقسمة وبيان إن كانت القسمة العينية ممكنة على أقل نصيب وإلا فيقضى بقسمة التصفية[107]. و إن عدم إجراء خبرة يعرض خكمها للنقض إذ يتعين عليها قبل الحكم بالقسمة العينية أن تتأكد من قبول العقار المطلوب قسمته لها و ذلك بتعيين خبيرمختصا في العقار ، و القرار الذي قضى بالقسمة العينية دون هذا الاجراء يكون منعدم الاساس و يتعرض للنقض [108]
جاء في قرار أخر " المحكمة التي تبث لديها من خلال تقرير الخبرة المنجزة في النازلة تعذر إجراء قسمة الدار المدعى فيها قسمة عينية ، و أمرت ببيعها بالمزاد العلني وقسمة ثمنها بين الورثة على قدر انصابهم تكون قد صادفت الصواب ، و لا يحتاج هذا البيع إلى موافقة المحكوم عليهم " .[109]
و لا يعتبر تغيرا للطلب اذا قضت المحكمة ببيع المدعى فيه بالمزاد العلني ، وقسمة ثمنه بين المالكين عندما يثبت لها أن المدعى فيه لا يقبل القسمة  العينية .ولكن  ينبغي عليها أن تبرز في قضائها أسباب تعذر القسمة العينية ، لأنه لا يصار إلى قسمة التصفية الا اذا تعذرت القسمة العينية ، لطبيعة الشيئ أو القانون أو تع\ر الانتفاع منه ولو بمذرك .
وإذا ادعى أحد الأشراك وقوع قسمة بتية فعلية إثبات مدعاه لقاعدة "البينة على المدعي واليمين على من أنكر"، ولأن الشياع حالة مؤقتة يمكن وضع حد لها في كل وقت وحين[110].




Bas du formulaire
الفقرة الثانية : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في دعوى الشفعة [111]:
            تعتبر الشفعة من مستحدثات الفقه الإسلامي التي قضى بها النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث الصحيحج الذي رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله، ولم تكن معروفة عند فقهاء الرومان وإنما انتقلت إلى القوانين كغيرها من النظم الإسلامية الأخرى. وقد شرعت على خلاف الأصل والقياس، إذ الأصل ألا ينزع الملك من صاحبه إلا برضاه. لكن لما كان دخول المشتري الجديد واشتراكه في العقار مع باقي الأشراك قد يعرقل الاستفادة منه، لأن الشركاء في الغالب الأعم لا يتفقون على طرق إدارة المال الشائع خصوصا عند طروء شريك جديد حيث غالبا ما لا ينسجم معهم فيتعطل منفعة العقار ويتوقف استغلاله. ولدرء هذه المفسدة المتوقعة شرعت الشفعة للتقليل من ضرر الشركة والشياع، لأنه وبالموازنة بين المصالح والمفاسد يتبين أن الضرر الذي يصيب المشتري قليل إذا ما قورن بالضرر الذي يصيب باقي الأشراك. وغني عن البيان أنه يتحمل الضرر الخاص لرفع الضرر العام كما هو مقرر عند علماء أصوله الفقه.
وبذلك فإن الشفعة من وسائل نزع الملكية يمكن الاستعاضة عليها عبر لجوء الشريك الشفيع إلى طلب قسمة المال الشائع، خصوصا وأن الشفعة تنطوي على بعض الأضرار التي لا تجحد ذلك أنها تعوق استغلال العقار وتنميته وتغل يد المشتري في استغلال مشتراه لاحتمال نزعه منه في كل لحظة عبر نظام الشفعة.
أولا: في تعريف الشفعة:
-الشفعة لغة
الشفعة بضم الشين وسكون الفاء لغة مشتقة من الشفع وهو ضد الوتر الذي هو الزوج، وسميت بذلك لأن الأخذ بها الذي هو الشفيع ويضيف بسببها الحصة المشفوعة من المشفوع إلى الحصة التي كانت تحت يده، فتصير الحصة شفعا بعد أن كانت وترا[112].
وفي الاصطلاح عرفت الشفعة بعدة تعريفات، ومن ذلك ما جاء في حاشية بناني على الزرقاني: "الشفعة أخذ شريك لازم ممن تجدد ملكه اللازم اختيارا بمعاوضة، عقار على الزرقاني: "الشفعة أخذ شريك لازم ممن تجدد ملكه اللازم اختيارا بمعاوضة، عقار أو ما يتبعه بمثل الثمن أو قيمته أو قيمة الشقص أو ما حدده الشارع في عوض الشقص".
-شرح التعريف:
"أخذ شريك": يعني أن الشفعة لا تثبت إلا للشريك ولا يستحقه سواء كالجار.
"ممن تجدد ملكه": وهو المشتري الذي انتقل النصيب إليه.
"اللازم": أي أن يكون الانتقال إلى الداخل الجديد بصفة نهائية احترازا من بيع الخيار.
"بمعاوضة": أي أن الشفعة تثبت في كل من المعاوضات ولا تكون في غيرها كالهبة والصدقة.
"عقارا": أي أن الشفعة لا تجوز إلا في العقار.
"يمثل الثمن أو قيمته أو قيمة الشقص": أي الشفيع لا يستحق إلا إذا دفع للمشفوع منه ما خرج من يده بمناسبة حصوله على النصيب  المشفوع[113]، وفي التحفة:
وشفعة في الشقص يعطي عن عوض    ومنعه في التبرعات مفترض
ثانيا: في مشروعية الشفعة
-الأصل في الشريعة الإسلامية ألا يسلب شخص ملكه عنه إلا برضاه إلا أن هذه القاعدة يرد عليها استثناء وهو حكم الشفعة. والشفعة مشروعة وثابتة بالسنة والإجماع.
1-من السنة: دلت أحاديث كثيرة على مشروعية الشفعة، ومنها حديث جابر رضي الله عنه: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة، ومنها حديث جابر رضي الله عنه: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة[114] وفي رواية: "في أرض أوز ربع حائط".
وحديث جابر أيضا: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا[115].
وحديث أبي رافع: "الجار أحق بصقبه"[116].
2-أما الإجماع: فقد حكى ابن المنذر إجماع العلماء على ثبوت الشفعة للشريك غير المقاسم، ولم يخالف في ذلك إلا أبو بكر بن الأصم الذي قال بأن علم المشترين يأخذ مشتراهم عبر الشفعة يجعلهم لا يقدمون على الشراء، رغم أن في قوله هذا مخالفة صريحة للأحاديث السابقة والإجماع.
ثالثا: في حكمة مشروعية الشفعة
باستقراء التأليف الفقهية نجد أن للشفعة حكمتين، الأولى دفع ضرر الشريك الحادث وقال السادة المالكية والشافعية والحنابلة هي دفع ضرر احتمال طلب الشريك القسمة.
غير أن الكتب الفقهية كثيرا ما تختزل حكمة مشروعية الشفعة في إزالة الضرر عن الشركاء الذين غالبا ما يعتدي بعضهم، على بعض قال الحق سبحانه وتعالى:﴿وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض﴾[117]، ولأن الشركاء لا يعرفون هل الشريك الدخيل يلائمهم أو يضر بهم[118]، فضلا على أن الشفعة تعمل على إنهاء حالة الشياع من غير أن تترتب عنها الأضرار التي تترتب على إنهائها الشياع بالقسمة أو التصفية.
غير أن الخلاف بين الفقهاء قد ثار هل شرعت الشفعة لرفع ضرر القسمة؟ أو لرفع ضرر الشركة؟ فأصحاب الرأي الأول قالوا بأن الشفعة إنما شرعت لرفع ضرر القسمة وهي لذلك لا تثبت إلا في الأموال التي يمكن قسمتها قسمة عينية، بينما يرى أهل الرأي الثاني أن الشفعة تثبت في كل ما هو مشترك، ويرى رأي ثالث أن الشفعة إنما شرعت لرفع ضرر الشركة والجوار في العقار[119].
أركان الشفعة أربعة وهي:
1-الشفيع، 2-المشفوع، 3-المشفوع عنه، 4-المشفوع به.
أولا: الشفيع
وهو الشريك الذي ثبت له الحق في أخذ النصيب الذي انتقل إلى المالك الجديد، فكل من يملك نصيبا شائعا في عقار له الحق في أن يشفع ما باعه شريكه، والشريك الذي تثبت له الشفعة يشترط فيه أربعة شروط وهي:
-أن يكون شريكا على الشياع
فالشريك المستحق للشفعة هو الشريك بنصيب شائع كالثلث، أو الربع، بحيث يملك في كل جزء من العقار لا بجزء معين أو مفرز[120]، واستمرار هذا الشياع إلى تاريخ البيع، قال المتحف:
وفي الأصول شفعة مما شرع             وفي ذي الشياع وبحد تمتنع
فلا شفعة للجار خلافا لأبي حنيفة، وكذا الشريك بمساحة معينة، أو صاحب العلو، أو الشريك المفاوض، فهؤلاء لا شفعة لهم، لأن ذلك بمنزلة المقسوم فقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش:
"حالة الشياع معناها أن يكون الشيء مملوكا بين عدة أشخاص، وأن يكون  لكل منهم حصة معلومة القدر في كل جزء من أجزاء الشيء دون أن تكون هذه الحصة مفرزةعن سواها من الحصص.
إن المحلين الفوقي والسفلي رغم أنهما يكونان ملكا عقاريا واحدا فإن البائعة في هذا الملك تملك حصة مفرزة ومحددة وهي سفلى الدار وبذلك فإن حالة الشياع التي تسمح بالشفعة غير قائمة"[121].
-أن يكون شريكا في الرقبة
أي أن يكون الشريك مالكا لجزء شائع من رقبة العقار، فلا يكفي أن يكون مالكا لحق الارتفاق أو حق الانتفاع[122]، والشريك هو الذي يشارك في رقبة الملك بجزء معروف على الشياع، بيد أن هناك حالات ذكرها الفقهاء لا يستحق الشريك فيها الشفعة بالرغم من كونه شريكا فيي نصيب شائع في رقبة العقار كالشريك في الطريق، أو الحائط المشترك، والموصى له بنصيب في العقار، والوارث الذي يأخذ نصيب مورثه عن طريق التقويم بينه وبين باقي الورثة[123].
-أن تكون شركته ثابتة
والمعنى أن تكون شركة الشفيع ثابتة قبل أن يبيع شريكه نصيبه، وأن يبقى شريكا حين البيع ويستمر على هذه الحال عند عزمه الأخذ بالشفعة[124]، ويرى الإمام مالك أن الشفيع إذال كان شريكا قبل البيع واستمرت شركته إلى أن باع شريكه نصيبه لكن شركته لم تثبت إلا بعد أن باع شريكه، فإن الشريك يستحق الشفعة، لأنه كان شريكا قبل البيع إذ المعتبر عنده وجود الشركة لا ثبوتها.
-أن يكون الشفيع مليئا بالثمن
يشترط في الشفيع أن يكون له المال الذي يشفع به يوم البيع، أو خلال السنة الموالية لوقوع هذا البيع[125]. سواء كان هذا الشفيع محجورا عليه، أو مالكا لأمر نفسه، حاضرا أو غائبا. وعلى الشفيع أيضا أن يثبت أنه كان يوم وقوع المعاوضة، قادرا على أداء الثمن، والصوائر التي أداها المشفوع منه للحصول على ذلك الشقص، أو على اكتسابه إياه خلال السنة الموالية التي تلت تاريخ المعاوضة، وعليه فقد نقض المجلس الأعلى حكما قضى باستحقاق الشريك للشفعة قبل أن يثبت هذا الشريك أنه كان قادرا على أداء الثمن أثناء السنة الموالية لبيع شريكه العقار، حيث جاء في حيثيات القرار: "وحيث إن قسم الاستئناف الإقليمي بفاس حكم على المستأنف عليها طالبة النقض بتمكين المستأنفين المطلوبين من الشفعة على قدر نصيبهم فيما استشفعه بالرغم من عدم قيام دليل على توفر شرط الشفعة الذي هو كون الشفيع له يوم البيع ما لم يشفع به أو اكتسبه داخل سنة من البيع".
بل إنه لا يحكم للشفيع ولو قدم كفيلا يضمن أداء الثمن عند الأجل المطلوب، أو طلب أجلا متى كان عاجزا عن دفع الثمن. بيد أنه إذا قام الشفيع ببيع ما شفعه أو تبرع به داخل ستة أشهر من تاريخ شفعته، فإن للمشفوع منه أن يطلب من القضاء فسخ ذلك البيع أو التبرع وإسقاط حقه في الشفعة وإعادة النصيب الذي اشتراه إليه، لأن ما قام به الشفيع قرينة لا تقبل إثبات العكس على أنه إنما شفع ليبيع للغير ما شفعه وهذا ما لا يجوز، ولذلك فإن للمشفوع منه إبطال ذلك عملا بقول ابن رشد الذي يرى أنه لا يجوز له أن يشفع ليبيع للغير.
ثانيا: المشفوع
وهو الشيء محل الشفعة، وقد ثار خلاف بين الفقهاء في تحديد الشيء الذي يمكن للشريك أن يطالب بشفعته، وأجمعوا على أن الشفعة تثبت في العقار وهي الأرض وما اتصل بها من شجر وبناء، واختلفوا في حكم المنقول، ومشهور المذهب عندنا ألا شفعة في المنقول خلافا لقانون العقود والالتزامات الذي سوى بين العقار والمنقول في حكم الشفعة[126]، وعليه فإنه نظرا لأهمية العقار فسنقصر الكلام عن الشفعة في العقار ثم في الثمار.
1-العقار:
العقار عندنا في المذهب هو كل ما لا يمكن نقله أبدا، وهو الأرض، أو ما لا يمكن نقله إلا بتغيير في هيأته وهو البناء والأشجار، فالشفعة كما تثبت في الأرض تثبت في كل ما التصق بها وهو البناء والأشجار[127]، غير أن الخلاف وقع في جواز الشفعة في العقار سواء كان قابلا للقسمة أو لا.
فإذا كان العقار قابلا لها مثل الأرض والدور فإن الشفعة تمارس على الشقص المبيع اتفاقا سواء كانت الأرض مملوكة للشركاء على الشياع أو لا كأن تكون للأحباس لقول صاحب المختصر "كشجر أو بناء بأرض حبس".
أما العقار الذي يقبل الشفعة بطبيعته لكنه تتعذر قسمته قسمة عينية نظرا لكثرة الشركاء الذي يملكونه فالشفعة ثابتة فيه اتفاقا. أما إذا كان العقار غير قابل للقسمة بحسب طبيعته أو ما أعد له كالبئر والشجرة الواحدة والحمام[128] والرحى، فقد وقع الخلاف في المذهب هل تثبت فيها الشفعة أم لا؟[129] والأول هو مشهور المذهب وما جرى به عمل القضاة لقول خليل "انقسم وفيها الإطلاق وعمل به[130]. والإطلاق معناه عدم تقييد الأخذ بالشفعة بما ينقسم من العقار، قال صاحب العمل المطلق:
والأخذ بالشفعة في الحمام                  ونحوه نسب للإمام
وقال المتحف:
والفرن والحمام والرحى القضا  بالأخذ بالشفعة فيها قد مضى
وقال أيضا:
ومثل بئر وكفعل النخل                     تدخل فيها تبعا للأصل
والماء تابع لها فيه أحكم                    ووحده إن أرضه لم تقسم
واختلاف الفقهاء فيما يقبل الشفعة يرجع إلى اختلافهم في سبب الشفعة هل شرعت لرفع ضرر القسمة؟ أم لرفع ضرر الشركة؟ فأصحاب القول الأول يرون أن لا شفعة فيما لا ينقسم لانتفاء ضرر القسمة لاستحالة وقوعها. ومن قال بالرأي الثاني قال بأن الشفعة ثابتة حتى فيما لا يقسم لأن ضرر الشركة يحصل فيما يقبل القسمة وفيما لا يقبل[131].
2-الثمار:
يرى الإمام مالك خلافا لأبي حنيفة والشافعي أن الشفعة كما تثبت في العقار تثبت كذلك في توابعه من ثمار وزرع[132]. والمقصود بالثمار كل ما له أصل تجنى ثمرته ويبقى أصله كالتين والزيتون فيخرج بذلك الزرع والفول الأخضر، قال صاحب العمل:
ورزق التوت به الشفعة لا                 في القول الأخضر على ما حصلا
والثمار إما أن تباع مع أصولها وهي يوم البيع إما مؤبرة، أو غير مؤبرة، أو غير موجودة أصلا، ثم طرأت بعد البيع، وإما أن تباع مفرزة ومستقلة عن الأصل.
وإذا أخذ الشفيع الثمار وهي غير مؤبرة أو غيرموجودة يوم البيع فشفعتها في هذه الحالة مقيدة بعدم يبسها، فإن يبست فلا شفعة فيها ويأخذها المشتري دون أن يحط شيئا من الثمن عن الشفيع، لقول المتحف في بيع الأصول:
وفي الثمار عقدها الإبار                    والزرع أن تدركه الأبصار
أما إذا كانت الثمار مشتركة وباع أحد الشركاء حصته فيها فلشركائه الأخ بالشفعة في الحصة المبيعة، وهو قول الإمام مالك دون غيره، وسواء كان الأصل الذي به الثمرة يملكه الشريك أو لا، لقول صاحب المختصر "ولو مفردة إلا أن تيبس" فإذا يبست فلا شفعة فيها.
ويشترط لصحة بيع الثمار مفردة عن الأصل حتى يترتب عن بيعها ثبوت حق الشفعة ظهور صلاحها خلاف ما إذا بيعت مع أصلها، غير أن الذي جرى به العمل هو وجوب الشفعة في الثمار المستقلة عن الأصل إذا كانت خريفية مثل العنب والتين والرومان، أما إذا كانت صيفية فلا شفعة فيها مثل البرقوق والمشمش[133]، والحكمة في ذلك أن الثمار الخريفية يتضرر الشركاء فيها بدخول المشتري بينهم عدة مرات وبطول زمن قطفها[134]، قال صاحب العمل الفاسي:
وشفعة الخريف لا المصيف               كذا التصدق على الشريف
ثالثا: المشفوع منه
المشفوع منه هو الشخص الذي تستعمل الشفعة ضده ليأخذ الشفيع في يده جبرا عنه الشقص من الشائع الذي ملكه بعوض. والشرط الرئيس في الشفيع ليثبت له الحق في أخذ الشقص من المشفوع منه أن يكون شريكا فيه قبل أن ينتقل إلى المشفوع منه، وأن يكون انتقاله بعوض. وسنتحدث تبعا لذلك عن انتقال الحصة بعوض ثم انتقالها بغير عوض.
 جاء في قرار للمجلس الأعلى:
"متى كانت الشفعة هي الحق الثابت لكل من يملك مع آخرين على الشياع عقارات، أو حقوقا عينية في أن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها، فيكفي لممارستها ولصحة البت فيها، توافر الشروط التي حددها القانون، ومن بينها وجود الشراء دون استثناء ما تم شراؤه بالمزاد العلني[135].
رابعا: المشفوع به
المشفوعه به هو ما يدفعه الشفيع للمشتري المشفوع منه عوضا عن الثمن الذي أداء للبائع مقابل الحصة المطلوب شفعتها، ولا يحكم له بالشفعة حتى يؤدي للمشتري ما خرج من يده من الثمن والصوائر والتحسينات التي قام بها كالبناء والغرس لقول المتحف:
وما ينوب المشتري فيما اشترى           يدفعه له الشفيع محضرا
ويجب أن يتضمن الحكم بالشفعة إلزام الشفيع بأدائه ما ذكر حفاظا على حقوق الطرفين، وحسما لكل نزاع قد يعرض بصدد الأداء. ويختلف هذا المقابل باختلاف الحالات، فقد يؤدي الشفيع مثل الثمن أو قيمة الشقص، أو قيمة الشيء المقابل للنصيب الذي حصل عليه عن طريق المعاوضة.
1-ما يؤديه الشفيع في البيع
الثمن الذي يؤديه المشتري للشريك البائع إما أن يكون معجلا أو مؤجلا، أو قيميا أو مثليا[136]. فإن كان قيميا فيحب على الشريك الشفيع أن يؤدي للمشتري القيمة التي كان يساويها ذلك الشيء يؤم حصول البيع، قال المتحف:
ويلزم الشفيع حال ما اشتري               من جنس أو حلول أو تأخر
وإن كان الثمن مؤجلا وكان قيميا فيجب على الشفيع أن يؤدي للمشفوع منه مثل ذلك الشيء بالرغم من كونه مقوما، وإن كان مثليا فإن السادة المالكية يرون أن الحكم يختلف بحسب ما إذا طلب الشريك الشفعة في بداية الأجل أو أثناءه.
فإذا طلب الشفيع شفعة المبيع في بداية الأجل، فإن كان مليئا بالثمن يوم المطالبة بالشفعة فإنه يأخذ بالشفعة عاجلا ولا يؤدي الثمن إلا عند حلول الأجل. وإن لم يكن كذلك فعليه الإتيان بالثمن حالا أو بضامن يضمن الأداء عند حلول الأجل لقول المتحف:
وحيثما الشفيع ليس بالملي                 قيل له سق ضامنا أو عجل
فإن لم يأت بضامن ولم يعجل الثمن فإن المشتري يكون بالخيار بين طلب الحكم على الشريك بسقوط حقه في الشفعة، وبين التمسك بطلب الشريك الشفعة، وحينئذ يباع النصيب موضوع الشفعة على حساب الشفيع مع النصيب الذي يملكه الشريك طالب الشفعة إذا لزم الأمر، ويؤدي من ثمنها للمشتري في الحال ما صرفه بمناسبة شرائه لذلك الشقص.
2-ما يؤديه الشفيع في المعاوضات
إذا كان العوض الذي جعل مقابلا للحصة المبيعة المطلوب شفعتها غير مالي، فإن الشفيع يؤدي للمشتري القيمة التي كان الشقص المبيع يساويها يوم عقد المعاوضة، سواء أكان ذلك الشقص قد احتفظ بنفس القيمة، يوم الأخذ بالشفعة أو ارتفعت قيمته أو لم ترتفع[137]، لكن إذا أمكن الجزم بقيمة العوض الذي حصل عليه صاحب العقار مقابل تنازله عن المشفوع منه، فإنه يجب على الشفيع في هذه الحالة أن يؤدي قيمة ذلك العوض كما في المناقلة حيث يتنازل كل من الطرفين عن نصيبه في العقار مقابل حصوله على نصيب الآخر في العقار الآخر. فإذا طلب الشريك في أحد العقارين الشفعة فإنه يجب عليه أن يؤدي للمشفوع منه قيمة النصيب اي حصل عليه. ويجب على الشفيع أن يؤدي زيادة على الثمن كل ما صرفه المشفوع منه بسبب تملكه للشيء المشفوع.
3-عناصر الثمن وأوصافه
أ-عناصر الثمن
يلزم الشفيع بأن يؤدي للمشفوع منه زيادة على الثمن الذي أداه للبائع حسب ما سبق بيانه جميع المصاريف المصروفة من قبل المشتري، سواء تعلق الأمر بمصاريف العقد أو بمناسبة دعوى المطالبة بالأخذ بالشفعة أو إسقاطها، قال المتحف:
وما ينوب المشتري فيما اشترى                     يدفعه له الشفيع محضرا
: أحكام الشفعة
سنتولى الحديث عن أحكام الشفعة في هذا المبحث وفق الاجتهاد القضائي، سنتحدث أولا عن موجبات الشفعة وإجراءاتها، ثم ثانيا عن آجال الشفعة، وثالثا عن تزاحم الشركاء ، ورابعا  عن أحكام الاختلاف بين أطراف الشفعة.
أولا: موجبات الشفعة
لا يحكم للشريك القديم باستحقاقه للشفعة إلا بعد أن يثبت: أنه شريك على الشياع في العقار المطلوب شفعته. وأن المشفوع منه أصبح شريكا في العقار المطلوب شفعته وبأنه قام بالاستشفاع داخل الآجال المضروبة لذلك.
1-إثبات الشركة على الشياع
إن الشفعة لا يقضي بها إلا للشريك على الشياع في الشقص المبيع ولذلك فإنه على الشريك طالب الشفعة أن يثبت أن يملك جزء معينا في رقبة العقار وأنه يملك هذا الجزء مشاعا. ويقع الإثبات من الشفيع وفق جميع الوسائل التي تثبت بها الوقائع المالية ومنها:
-إقرار المشفوع منه الذي قد يكون صريحا بالقول أن بالإدلاء برسم الشراء عملا بالقاعدة القائلة من أدلى برسم فهو قائل بما فيه. فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى:
"دفع المدعى عليه في الشفعة بأن الشفيع قد أجرى القسمة مع أحد الشركاء يتضمن إقرارا له بملكيته على الشياع ولا يكلف بإثبات هذا الشرط. وأما ادعاؤه القسمة فعليه هو عبء إثباته وإلا استحقت الشفعة منه"[138].
-أن يدلي الشفيع بشهادة عدلين أو ما يقوم مقامها كعدل وامرأتين أو شهادة اللفيف تتضمن ملكية الشفيع لجزء مشاع في العقار المطلوب شفعته، ويشترط فيها حتى يمكن قبولها تضمنها لجميع شروط الملك المعتبرة فقها.
-أن يثبت ملكيته لجزء من العقار بشراء أو إرث أو مغارسة أو  مناقلة أو غير ذلك مما يفيد انتقال الملك إليه من المالك السابق، أو أن يدلي برسم شراء لجزء من العقار، أو بعقد مغارسة الذي آل بمقتضاه الجزء المذكور بعد إثبات أن المغارسة تمت والغرس أثمر.
-أن يدلي بإراثة تثبت إرثه للعقار
2-إثبات انتقال الشقص إلى المشتري بعوض
فلابد أن يثبت طالب الشفعة أن المشتري قد تلقى ذلك الشقص المطلوب شفعته عن طريق المعارضة، ويقع إثبات ذلك بناء على شهادة عدلين أو ما يقوم مقامها[139].
وقد كان يجري العمل قضاء على أنه يحق للشريك المطالب بالشفعة أن يطلب من المحكمة إلزام المشتري بالإدلاء برسم الشراء، بيد أن المحاكم كلها عدلت عن هذا الاتجاه وأصبح المدعي هو المكلف بالإثبات، لأن المحكمة لا تصنع الحجج للأطراف، والمدعي هو المكلف بإثبات موجبات الشفعة وخصوصا وقوع المعاوضة، فقد جاء في حكم لمجلس الاستئناف الشرعي الأعلى "...وبما أن الخصم إذا لم تقم له حجة على دعواه ولا قرينة ولا شبيهة فلا حق له في إبراز رسم خصمه"[140].
وقد ذكر العلامة سيدي المهدي الوزاني أنه يجب على الشريك طالب الشفعة أن يثبت مو جباتها بما فيها انتقال الشقص إلى المدعى عليه بمعاوضة حيث قال: "مثاله: قال المتيطي وابن فتحون: إذا طلب الشفيع بالشفعة عند الحاكم لم يقض له حتى يثبت عنده البيع والشركة، ويقر المبتاع بالابتياع على الإشاعة، ولا يحكم بإقرار المشتري حتى يثبت عنده البيع" وجاء في قرار للمجلس الأعلى:
"ونظرا إلى أنه لا يحكم بثبوت الشفعة أو عدمها إلا بعد ثبوت البيع، إذ لا يحكم بين اثنين في مال ثالث. ولا حكم بإقرار المشتري والشفيع حتى يثبت عنده البيع"[141].
غير أنه ويتعقب باقي اجتهادات المجلس الأعلى نجده قد تراجع عن هذا الاتجاه مقتصرا على الاكتفاء باعتراف المشفوع منه بالبيع، فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى:
"حيث إن محكمة الاستئناف ركزت حكمها أساسا على كون طالب النقض لم يثبت شراء المطلوب ضدهما النقض. وهذا الاعتراف يؤخذان به ويؤسران بمقتضاه، ويعفى من الإدلاء برسم الشراء المذكور، لأن قانون المسطرة المدنية احتفظبالحق لمن تضرر بذلك الإقرار في تقديم طعنه فيه بدعوى أصلية أو بدعوى تعرض الغير الخارج عن الخصومة، ولأن المبدأ القانوني الذي هو نسبية الأحكام لم يترك مجالا للقول بأنه لا بد من إثبات الشراء حتى لا يحكم في مال لشخص ثالث. الأمر الذي كان معه تعليل المحكمة والحال ما ذكر لا يرتكز على أساس"[142].
وقد علق الأستاذ الوافي العراقي رئيس غرفة بالمجلس الأعلى سابقا على هذا القرار بقوله إن العلة التي استند إليها الفقهاء في عدم اكتفائهم بإقرار المشفوع منه بالشراء لم يبق لها أثر بعدما أصبح قانون المسطرة المدنية يطبق على العقار غير المحفظ نظرا إلى أن هذا القانون حافظ على حقوق الطرف الثالث عن طريق تدخله في الدعوى تدخلا إراديا، أو عن طريق تعرض الخارج عن الخصومة، ولأن مبدأ نسبية الأحكام يجعل البائع في مأمن من مؤاخذته بما يصدر بين المشتري وبين الشفيع، الأمر الذي لم يبق معه لتحليل الفقهاء المشار إليه أثر بعدما وقع الاحتفاظ للطرف الثالث بما يمكنه من الدفاع عن حقوقه بالطرق القانونية المشار إليها أعلاه، والعلة كما يقول علماء الأصول تدور مع المعلول وجودا أو عدما[143].
وقد انتقد جانب من الفقه توجه المجلس الأعلى ذلك، حيث يرى الشيخ ابن معجوز أن المجلس الأعلى لم يكن على صواب عندما تراجع عن تطبيق القاعدة التي قررها الفقهاء وسواء عليها العمل منذ القديم لأنها هي القاعدة التي تحافظ على مصلحة الجميع، ذلك أن الحكم بالشفعة بناء على مجرد إقرار المشفوع منه بالشراء قد يؤدي إلى ضياع حق المالك الحقيقي لتلك الحصة المشفوعة، لأنه حتى لو استرد حصته من الشفيع –حينما يثبت أنه لم يفوتها للمشفوع منه- فإنه لا يمكنه أن يطالبه بالغلة التي حصل عليها طيلة المدة التي بقيت الحصة عنده بعد الحكم له بشفعتها[144].
ويضيف الشيخ الفاضل إن إقرار الشخص المقام ضد الشفعة بشرائه للحصة موضوع الاستشفاع يضر بمصالح الغير الذي لم يكن طرفا في الدعوى وهو المالك الحقيقي لها، فهو إذن إقرار على الغير، وهذا الاعتراف بالشراء بمثابة ادعاء أنه سيستحق مقابل الشفعة أي المشفوع به. وغني عن البيان أنه لا يقضي لشخص بشيء حتى يثبت استحقاقه له بحجة مقبولة ولا يكفي الادعاء المجرد. لذلك فإن القول بمحافظة المسطرة المدنية لحقوق الطرف الثالث (البائع) بمنحه الحق في التدخل الإرادي أو تعرضه الخارج عن الخصومة أو إعمالا لمبدأ نسبية الأحكام لا يكفي لإهذار قاعدة فقهية قعدها فقهاء المالكية واعتمدها القضاء طويلا للمحافظة على حقوق البائع للحصة المطلوب شفعتها. طالما أن الفقه الإسلامي عرف بدوره أحكام المسطرة المدنية وفق قواعد خاصة وكان بوسعه أن يحافظ على حق البائع عن طريق تمكينه من المطالبة بإبطال الحكم لكنه ترك ذلك إعمالا لمبدأ لا يقضى بين اثنين في مالك ثالث، وأن الإقرار على الغير لا يعتد به. وكان القضاء تبعا لذلك يلزم الشفيع بإثبات انتقال الحصة التي يطلب شفعتها بعد أن كان يكلف المشفوع منه بالإدلاء برسم الشراء لتعذر حصول الشفيع على نسخة من رسم الشراء لكنه عدل عن هذا الاتجاه بعد أن أصبح من اليسير حصول الشفيع على نسخة من رسم الشراء المودعة في محاكم التوثيق[145]. وحيث يتعذر على المدعي طالب الاستشفاع الحصول على رسم الشراء إمالاحتفاظ الأطراف به أو لعدم وجوده أصلا فإن للشفيع إثبات الانتقال بجميع وسائل إثبات الدعاوى المالية[146]، والحكم تبعا لذلك بالشفعة مع حفظ حق المشتري في المطالبة بالثمن والمصاريف بعد إثباتها[147].
فإذا أثبت الشفيع وجود الشركة على الشياع ولم يثبت الشراء وأنكره المشتري وحلف بأنه لم يشتر الحصة المطلوب شفعتها فيها فلا يقضى بالشفعة عملا بالقاعدة الفقهية: "القول قول منكر العقد إجماعا بيمينه". "وحتى لو أقر البائع بالبيع فلا شفعة لأن إقرار البائع وحده بالشراء بعد بيعه للشقص لا تأثير له لكونه أصبح أجنبيا، وإقرار الأجنبي على الغير لا تأثير له وهو فيه شاهد،  وفي ذلك يقول الشيخ خليل: "أو أنكر المشتري الشراء وحلف. وأقر به بائعه" عاطفا على مسقطات الشفعة. لكن إذا أقر المشتري والبائع بالشراء بعد إثبات الشفيع للشركة فإنه يقضى له بالشفعة اتفاقا. وإذا أثبت الشركة دون الشراء الذي أنكره المشتري والبائع، فإن البائع يحلف على نفي وقوع البيع ولا شفعة أيضا. أما إذا أقر المشتري لوحده بالشراء وأنكره البائع أو سكت أو كان غائبا فلا يقضى بالشفعة لكون إقرار المشتري هو إقرار على الغير وهو رأي غالب الفقهاء[148]. وجنح اتجاه آخر إلى الاكتفاء بإقرار المشتري كالشريف العلمي في نوازله، لأن أحق ما يؤاخذ به المرء إقراره على نفسه، قال خليل يواخذ المكلف بلا حجر بإقراره)، وهذا الاتجاه هو الذي استقر عليه المجلس الأعلى بدعوى أن حقوق البائع محفوظة بمقتضى قواعد المسطرة المدنية كما سبق بيانه.
ثالثا: آجال الشفعة
يجب على الشفيع فضلا عن إثباته للشركة على الشياع ولانتقال الحصة المطلوب شفعتها بعوض، أن يثبت أنه تقدم بطلب الشفعة داخل الأجل المحدد والذي يختلف حسب الحالات التي سيقع بيانه[149].
1-أجل شهرين من تاريخ حضور الشفيع عقد البيع
فالشفيع الذي يحضر بيع الشقص المطلوب شفعته عليه المبادرة إلى طلب الشفعة داخل أجل الشهرين لقول الشيخ خليل: "وشهرين إن حضر العقد"، فإن سكت طيلة هذه المدة سقط حقه في الشفعة قاله ابن رشد في البيان والتحصيل ونص عليه غير واحد من فقهاء المذهب.
وقد نص غير واحد من شراح خليل على أنه إن طلبها داخل أجل عشرة أيام من البيع استحقها دون يمين، وإن لم يفعل إلا بعد مضي المدة المذكورة فيحلف على أن سكوته هذه المدة كلها ليس تنازلا عن حقه في الشفعة[150].
أ-أجل السنة
فإذا لم يحضر الشريك عقدؤالبيع فإن حقه في الشفعة لا يسقط إلا بعد مضي سنة من تاريخ علمه بوقوع البيع أو المعاوضة إن كان حاضرا، لقوله المتحف:
والترك للقيام فوق العام                     يسقط حقه مع المقام
هذا ما لم يمنعه عذر معين من القيام بالاستشفاع داخل ذلك الأجل، وإلا فإن أجل السنة يبتدئ بعد زوال ذلك العذر. ويشترط في الشفيع لممارسة حقه في الاستشفاع داخل الأجل المذكور فضلا عن كونه حاضرا أن يكون عالما بالبيع راشدا عاقلا، ما لم يمنعه أحد الموانع من الأخذ بها وإلا فيبقى على شفعته قال المتحف:
وغائب باق عليه وكذا            ذو العذر لم يجد إليها منفذا
وأجل السنة على نحو ما استقر عليه العمل القضائي هو أجل سقوط لا تقادم لا ينقطع، كما أن أجل السنة ليس كاملا بحيث يحسب فيه اليوم الأول والأخير. فقد جاء في قرار لاستئنافية الدار البيضاء:
"إن أجل السنة يحسب فيه اليوم الأول والأخير، وإن طالب الشفعة إذا مان محجورا ولم يكن مهملا حيث كان له ولي من أب أو وصي يسير شؤونه المالية، ولم يمارس وليه حق الشفعة نيابة عنه إما عمدا أو غفلة أو تراخيا فيسقط حقه الشفعة ولا كلام له بعد رشده"[151].
أي أن الولي إذا تراخى عن ممارسة الشفعة لمحجوره فلا حق له بعد رشده[152]، لقوله المتحف:
والأب والوصي مهما غفلا                عن حدها فحكمها قد بطلا
وما نص عليه ابن عاصم في التحفة هو الذي عليه العمل قضاء، ولا يؤخذ بقول سيدي خليل أو أسقط وصي أو أب بلا نظر"، مع عدم إلزام المحجور بإسقاط حقه في الشفعة من حاجره بعد رشده، ويسري نفس الحكم على مقدم القاضي، والسبب في سقوط حق المحجور بعد رشده عند عدم قيام حاجره بذلك في الأوان المحدد يرجع إلى كون الشفعة بيع على المشهور لا استحقاق[153] وأن الأولياء يقتصرون على صيانة أموال من هم تحت نظرهم دون الاستثمار الذي يدخل في مسماه البيع والشراء، لذلك فإنه ليس للأولياء الاستثمار لمحاجرهم ما دامت الشفعة بيعا على المشهور في المذهب، والقضاء المغربي سوى في هذا الباب بين الأب والوصي والمنقدم فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى:
"إن أجل الشفعة أجل سقوط لا تقادم، فيسري في حق القاصرين إذا كان لهم نائب قانوني وكذا في المطالبة بالشفعة إذا انقضى أجل ممارستها على الفقه المعمول به والذي تبنته مدونة الأحوال الشخصية  قد سوى بين مقدم القاضي وبين الأب والوصي، لهذا تكون المحكمة قد تجنبت الصواب لما أخذت بقول التحفة:
والأب الوصي مهما غفلا                  عن حدها فحكمها قد بطلا
وقالت بأن مقدم القاضي ليس كالأب والوصي"[154].
بيد أنه يجب التذكير على أن هذه القاعدة لا تطبق إذا كان المحجور مهملا، ذلك أن له الأخذ بالشفعة بعد رشده لعدم قدرته على ذلك يوم حجره.
وإذا علم الشفيع بالبيع وغاب بعد ذلك فسقط حقه في الشفعة وذلك كالشفيع الحاضر الذي لم يمارسها داخل الأجل. واشتراط أجل السنة لسقوط الحق في طلب الشفعة مقيد بما إذا لم يحدث المشتري هدما أو بناء في الحصة المشفوعة ولم يحدث غرسا ولو يسيرا، وكون الشفيع حاضرا عالما بما يفعله المشتري ساكتا بلا مانع يمنعه، فإن وقع ذلك فإن الشفعة تسقط بمجرد وقوع ذلك ولا ينظر إلى مرور أجل السنة لقول الشيخ خليل: "أو سكت بهدم أو بناء" عاطفا على ما تسقط به الشفعة.
وأجل الشفعة بحسب من تاريخ علم الشفيع بالبيع لا من تاريخ وقوع البيع[155]، فإن ادعى المشتري علم الشفيع بالبيع ونفى الشفيع ذلك فإن الشفيع يصدق في نفس العلم بيمينه لقول الشيخ خليل: "وصدق إن أنكر علمه"[156]، وذلك ولو طال أمد الشراء أكثر من عشرين سنة كما قال العلامة سيدس المهدي الوزاني في نوازله الصغرى، وإنما صدق الشفيع في ذلك إعمالا للأصل والاستصحاب الذي هو الجهل، لكن إذا ثبت من قرائن الأحوال أن الشريك قد علم بانتقال الملك إلى المشفوع منه منذ أكثر من سنة فلا شفعة، وإلى ذلك أشار قرار المجلس الأعلى:
"لكن حيث إن تصديق الشفيع في إنكاره العلم مشروط بعدم ثبوت العلم بحجة أو قرينة"[157].
وهذا ما أكده أيضا في قرار آخر جاء فيه:
"لا يعقل ألا يكون الزوج على علم ببيع زوجته لنصف الدار التي يقيما فيها معا، ففي المعيار لأبي الحسن الصغير: "أما سكوته، أي الشفيع عن القيام أمدا يرى أنه دليل على تركها فلا قيام له وأقله سنة على مذهب أشهب وعليه عمل القضاة".
حيث إن المدعي عليه زوج البائعة له نصف الدار المطلوب قسمتها من طرف المدعية المالكة للنصف الآخر عن طريق الشراء من شقيقتها زوجة العلوي الساكنة معه بنفس الدار المتنازع عليها، ولا يعقل أن تبيع زوجته نصف الدار من تاريخ 27-02-80 إلى تاريخ 26-12-82 أي مدة ثلاث سنوات وهو غير عالم ببيعها، إذ أفعال العقلاء تصان عن العبث"[158].
أجل أربع سنوات : لقد انتقد غير واحد من الفقهاء تصديق الشفيع نفيه العلم بالشراء وإن طالت المدة[159]، فقد أتى الشريف العلمي في نوازله بنقل مفاده أن مضي أربع سنوات مع حضور الشفيع بالبلد قرينة على علمه بالبيع، وهو نظر سليم خصوصا في عصرنا الحالي الذي تيسرت فيه سبل الاتصال واختصرت فيه المسافات بوجود وسائل النقل والمواصلات كالهاتف والفاكس وغيرهما. بل إن بعض المحتالين وجدوا ذلك ذريعة لأخذ الشقص المبيع بثمن زهيد وبعد مضي زمن كبير تكون فيه قيمة ذلك الشقص قد تضاعفت.
وقد تنبه القضاء المغربي إلى هذا الملحظ وذلك من خلال المجلس الأعلى الذي أصدر قرارا بغرفتين مجتمعتين جاء فيه:
"وحيث إن اعتماد هذا النص والقضاء بمقتضاه بعد مرورخمسة عشر عاما على عقد البيع المطلوب شفعته، يشكل ضررا فادحا للطاعنة، ذلك أنه يبعد كل البعد ألا يحصل العلم للشريك في عقار بظهور شريك جديد أصبح يملك معه طيلة هذه المدة. وأنه لما علم به ساعة قيامه برفع دعواه، لا سيما في هذا العصر. وتحقيقا للعدالة وعملا بقول المشرع الأعظم "لا ضرر ولا ضرار" فإنه يتعين العمل بمقتضاه في نوازل الشفعة التي يقام بطلب الأخذ بها بعد العام من تاريخ البيع، وهي مدة كافية لحصول العلم للشريك بظهور شريك جديد معه، ولا يصدق فيما زاد عليها لاستبعاده، وهذا الفقه أخذ به جماعة من أقطاب فقهاء المالكية وفي طليعتهم ابن عبد الحكم وابن المواز، واقتصر عليه الباجي في كتابه لشرح موطأ الإمام مالك، وابن رشد والفشتالي، الأمر الذي يستوجب معه القول بتقييد قول خليل: "وصدق إن أنكر علمه" بما أجمع عليه هؤلاء المجتهدون"[160].
وقد علق الأستاذ محمد الصقلي رئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث سابقا على هذا القرار بقوله:
"إن الشفعة بعد الزمن الطويل بالنسبة للشريك الحاضر ومن في حكمه مشروعة في أصلها جائزة لتعلق حق الشريك بها لما فيها من مصلحة ومنفعة ظاهرة، وقد استقر العمل القضائي على تصديق الشفيع في نفيه علمه بالشراء لما نص عليه خليل بقوله: "وصدق إن أنكر علمه". غير أن هذه المصلحة ينبغي أن تهدر في حالة مفسدة تلحق المشفوع منه، وهي في النازلة موضوع التعليق تتمثل في كون ثمن الشقص المطلوب شفعته والذي انعقد فيه البيع كان 700 درهم سنة 1964، والمطلوب يحاول أخذه عن طريق الشفعة جبرا وبنفس الثمن بعد أن مر عليه 15 أعاما وبالرغم من كونه أصبح زهيدا لا يساوي أجرة كراء شهر. ولا يخفى ما في الاستجابة لطلبه والحكم له بالشفعة من ضرر فادح ومفسدة راجحة على مصلحة الشفيع تفضي إلى تفقير المشترية وتشريدها وإغناء الشفيع. ومن المقرر شرعا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولا عبرة بالمرجوح من وجود الراجح. إلا أن هذه المصلحة المهدرة بسبب الزمن الطويل الذي امتزج بتحول في الاسواق وارتفاع في الأثمان تبقى في ذاتها مصلحة يجب الحكم عندها، لكن مع تحديد المدة في أربعة أعوام من تاريخ البيع ما لم يقم دليل على كذب الشفيع، وإن التحديد بأربع سنوات ينبغي أخذه بعين الاعتبار والعمل به في نوازل الشفعة بالنسبة للحاضر ومن في حكمه باعتبار أنها مدة كافية لحصول العلم للشريك بظهور شريك جديد معه في العقار، ولا يصدق إطلاقا في نفي علمه فيما زاد عليها لاستبعالاده ولاسيما في هذا العصر. وهذا الفقه أخذ به جماعة من أقطاب فقهاء المالكية وفي طليعتهم ابن عبد الحكم وابن المواز واقتصر عليه الباجي في كتابه المنتقى لشرح موطأ الإمام مالك وابن رشد وابن شاس والفشتالي، كما نقل ذلك كله الشيخ الرهوني في حاشيته على شرح الزرقاني لمتن الشيخ خليل"[161].
وهذا القرار لا يحتاج إلى مزيد توضيح، وهو قرار يزيد في ترجيحه قواعد المصلحة والعدل المعتبرة عندنا في المذهب، ذلك أن تقيد المجلس الأعلى بالمسطرة في كتب مذهب الإمام جعله لا يفكر بحال في اتباع ذلك وهذا دليل آخر على سعة هذا المذهب وشموله لجميع التطورات والتغيرات دون الحاجة إلى النهل من سواه. وإذا كان المجلس الأعلى بنظره الجديد قد جعل المصلحة مناطا لإصدار القرار السابق فإن المصلحة ذاتهعا يجب أن تعتبر للقول باعتبار كل مقيم في المغرب بمثابة الحاضر وأن يقتصر حكم الغائب على من يوجد خارج البلد، وأن يكون عدم دخوله ثابت بوثائق رسمية صادرة من السلطات الوصية[162]، وإلا كان في حكم الحاضر الذي تسقط شفعته بمضي أربع سنوات في جميع الأحوال إن نفي علمه بوقوع البيع، وتبدأ من تاريخ العلم بالبيع ما لم يقم مانع من الموانع التي اعتبرها الفقهاء أعذارا مقبولة ومنها:
-إذا أكره الشريك على السكوت عن طلب الشفعة إما بالتهديد أو بالضرب او السجن[163] أو أية وسيلة تعتبر إكراها.
-أن يكون جاهلا بأنه شريك في ذلك العقار.
-أن يكون الشريك قاصرا مهملا سواء كان صغيرا أو سفيها أو مات وليه، أو تغيب بعد تاريخ المعاوضة وقبل أن يعلم به، لذلك فإن أجل السنة لا يبتدئ إلا من تاريخ علمه[164] بعد رجوعه من غيبته، وإذا علم وهو غائب في مكان بعيد فلا يبدأ الأجل إلا من تاريخ رجوعه قاله أشهب. أما إذا كان في محل قريب فإن شفعته تسقط إذا مرت سنة من تاريخ علمه، وتقدير حد الغبية مصروف إلى اجتهاد القاضي بحسب الظروف والأحوال، وإن كان من الحكمة قصر حكم الغائب على من يوجد خارج المغرب.
وهذا الاجتهاد هو ما تبناه المشرع المغربي في المادة 304 من مدونة الحقوق العينية كتحديد أجل للشفعة في مطلق الاحوال بالنسبة للغائب في أربع سنوات .
ولا يعتبر من الأعذار المسقطة لحق الشفيع في الشفعة مرض الشفيع مرضا غير عقلي، قال الزرقاني:
"والمريض كالصحيح لتمكنه من التوكيل"، وكذلك الأمر بالنسبة لغيبة المشفوع منه التي لا تعتبر عذرا بالنسبة للشفيع ذلك أن عليه ممارسة الشفعة داخل الأجل، غير أن سلوك الشفيع لتلك الآجال مقيد بها إذا لم يستعجله المشفوع منه بعد الشراء ويلزمه قضاء بالأخذ بالشفعة أو تركها وعلى القضاء الاستجابة له، وإذا طلب التأجيل للتشاور أو فحص الحصة المبيعة فلا يستجاب لطلبه إلا إذا تعلق الأمر بالنظر للشيء المشتري حيث يؤجل ساعة أو نحوها وإلا اكتفى بوصفها له لقوله خليل: "واستعجل إن قصد ارتياء أو نظرا للمشتري إلا كساعة"، ولقوله المتحف:
وليس للشفع من تأخير            في الأخذ أو الترك في المشهور
وقول صاحب العمل المطلق:
ومن له الشفعة إن دعى إلى               أخذ بها أو تركها فاستمهل
فظاهر الكتاب لا يؤخـــــــر               ولو كساعة فأخرى أكثــــر
وإذا استجاب الشفيع إلى الطلب أخذت الشفعة بصيغة الماضي لا المضارع أو إسم الفاعل.
ثالثا: تزاحم الشركاء
لا تكون بصدد تزاحم الشركاء إلا إذا تعدد الشركاء، أما إذا كان شخصان شريكان على الشياع في عقار معين وانتقل نصيب أحدهما إلى شخص آخر بمعاوضة فإن للشريك البائع حق الشفعة[165]، أما إذا تعدد الشركاء فيثار التساؤل حول ما إذا كان جميع الشركاء يستحقون الشفعة، وكيفية ذلك هل بالتساوي أو يقدر الأنصباء؟ أو أن بعض الشركاء أولى من بعض في الاستحقاق عند التزاحم؟.
1-كون الشركاء متساويين في استحقاق الشفعة
يتساوى الشركاء في استحقاق الشفعة، إذا كان سبب تملكهم واحدا وذلك بأن يكون مدخلهم واحدا كالشراء أو الإرث، فإذا كانوا متساوين في المدخل كانت الشفعة لهم جميعا ويقتسمون المشفوع على قدر الحظوظ لا الرؤوس لأن بالملك تترتب الشفعة، وقد شرعت لرفع ضرر الشريك وهذا الضرر يقل ويكثر بحسب نسبة ما يملكه كل واحد من الشركاء قال المتحف:
والشركاء للشفيع وجبا            أن يشفعوا معه بقدر الأنصبا
وفي المدونة الكبرى قول منسوب للإمام مالك وفيه: "إذا وجبت الشفعة للشركاء قسمت بينهم على قدر أنصبائهم لا عددهم...".
والمعتبر في تحديد ما يستحقه كل واحد هو ما يملكه كل واحد يوم المطالبة بالشفعة.
2-حق الأولوية في الشفعة
معنى حق الأولوية في الشفعة أن يكون بعض الشركاء أولى من بعض في الأخذ بها، فلا يكون لباقي الشركاء الأخذ بها إلا إذا تنازل من له الأولوية عنها[166]. ذلك أن بعض الشركاء قد يشاركون البائع إما في السهم أو مطلق الإرث، وقد يكون بعض الشركاء أخص من بعض بالنسبة للشركة للبائع، والشريك الأخص هو من اجتمع مع البائع في أخذ الفروض الستة، والأعم هو من لم يجتمع مع الشريك البائع في احد القروض المذكورة أو يوجد معه شريك بطبقة أعلى، ومراتب الشفعة على هذا النحو كالآتي: أولا ذوو السهام، ثانيا العصبة، ثالثا الموصى له، رابعا الأجانب.
وحق الشفعة يمارس حسب هذه المراتب المذكورة لا من طرف هذه المراتب دفعة واحدة، فيقدم شريك البائع في السهم على مطلق الورثة عصبة كانوا أم لا، ثم الأ خص من ذوي السهام على الأعم منهم، ثم العصبة من الموصى لهمن ثم الأخص من العصبة على الأعم منهم، ثم الموصى لهم على الأجانب.
ومعلوم أن كلا من هذه المراتب يدخل على ما بعده في الشفعة دون العكس، كما يدخل الأخص من ذوي السهام أو العصبة على الأعم منهم دون العكس، وإلى ذلك أشار خليل بقوله: "وقدم مشاركة في السهم وإن كأخت أخذت سدسها. ودخل على غيره كذي سهم على وارث ووارث على موصى لهم ثم الوارث على الأجنبي"، والضمير في مشاركه يعود على البائع أي مشارك البائع، وقوله: "ودخل" ضمير مستتر يعود على الأخص، أي دخل الأخص على الأعم وذلك بدحول صاحب السهم على مطلق الوارث، وقد اشار إلى هذه القاعدة أبو العباس سيدي أحمد بن عبد العزيز الهلالي في أبيات ثلاثة جاء فيها:
قدم شريك بائع في السهم ثم                في الإرث ثم من له أوصى أم
فشرك موروث وادخل كــلا               منهم على من بعده قد حـــــلا
ووارث ومشتر في النقـــــل               كلاهما فيما له كالأصـــــــــل
وإلى هذه القاعدة أشار المجلس الأعلى في قرار له جاء فيه: "الزوجة وارثة بالفرض كالبنت البائعة، لها حق الأولوية بالشفعة على الأخ لقول المختصر: "ودخل الأخص على غيره كذي سهم على وارث"[167].
فإذا تزاحم ذوو المراتب على الشفعة فإن حق الأولوية يخضع للقواعد التالية:
-يقدم الشريك الأخص للبائع على الشريك الأعم
-يدخل الشريك الأخص مع الشريك الأعم وليس العكس
-يدخل صاحب الإرث بالقرض على صاحب الإرث بالتعصيب وليس العكس
-يدخل الوارث مع الموصى له وليس العكس
-يقدم الشريك في الإرث على الشريك من غيره الورثة
-ينزل خلف كل شريك منزلة سلفه، وينتقل إليه نفس الحق الذي كان لسلفه.
-إذا تنازل المشاركون في السهم عن الشفعة انتقل الحق إلى من يليهم
وبهذا يتبين أن الشفعة أربع مراتب هي بحسب الترتيب والأولوية كالآتي: أولا: ذوو الفرض، ثانيا العصبة، ثالثا الموصى لهم، رابعا الشريك الأجنبي.
والطبقة الأولى لا يدخل معها غيرها إذا كان البائع منها، أما إذا كان البائع من الطبقة الثانية فإن الذي يستحق الشفعة هو من في تلك الطبقة مع أصحاب الطبقة الأولى، وإذا باع أحد أصحاب الطبقة الثالثة فإن الذي يستحق الشفعة هم أصحاب تلك الطبقة بالإضافة إلى أصحاب الطبقتين الأولى والثانية، وإذا كان البائع من أصحاب الطبقة الرابعة فإن الذي يستحق الشفعة هو جميع أصحاب الطبقات الأربع[168].
وللإشارة فإن سكوت الشريك الأقرب درجة عن المطالبة بالشفعة لا يمنع من هو بعده في الدرجة من المطالبة بها، وعلى من أراد الاشتراك مع الشفيع أو له حق الأولوية أن يتقدم للمطالبة بنصيبه أو بحق الأولوية في الشفعة، هذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار جاء فيه: "سكوت الشريك الأقرب درجة عن المطالبة بالشفعة لا من هو بعده في الدرجة من المطالبة بها. ويجوز لمن أراد الاشتراك مع الشفيع أن يتقدم للمطالبة بنصيبه لقول ابن عاصم:
والشركاء للشفيع وجبا            أن يشفعوا معه بقدر الأنصبا[169]
ولقول خليل: "وهي على الأنصباء وترك للشريك حصته" وترك حصة الشريك المشتري تمارس تلقائيا دون طلب. لأن المرء لا يطلب حقه وهو بيده وإنما يطلبه إن كان بيد غيره. وهذا الترك لا يجبر عليه بل إنه تنازل عنه فلا يترك له. وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار جاء فيه:
"لا يقتضي اشتراك المشتري المالك من قبل أن يمارس الشفعة لنفسه يترك له حصته من طرف الشفيع تلقائيا. إلا أن هذا الترك ليس جبرا عليه، فإن أبدى رغبته في التنازل فلا يترك له"[170].
والعبرة بالأنصباء هو القيام بالشفعة لا يوم الشراء، فإذا باع المشتري حصته بعد شرائها وقبل القيام بالشفعة فيسقط حقه في مشاركة الشفعاء في الأخذ بالشفعة كما أن قواعد الأولوية تطبق على هذه الحالة، فإذا كان المشتري أولى من الشريك الذي يطالب بالشفعة فله الحق في الاحتفاظ بجميع مشتراه وليس للشفيع شفعة أي جزء منه.
ومن الشروط الرئيسية في الشفعة بالنسبة للشريك أن يكون مالكا لما يشفع به. فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى: "يجب لقبول الشفعة أن يكون طالبها حائزا بالفعل للواجب الأصلي الذي يشفع به وإلا كان طلبه سابقا لأوانه، ولا يمكنه ممارسته إلا بعد استحقاقه الواجب المذكور"[171].
أحكام الاختلاف بين أطراف الشفعة
إن الشريك في الشقص المبيع يستحق الشفعة متى ثبتت موجباتها وهي أن يكون مالكا على الشياع في العقار موضوع النزاع، وأن ينتقل هذا النصيب إلى المشفوع منه بناء على معارضة، وأن يتم طلب الشفعة داخل الأجل.
ولأن الشفيع هو المدعي فعليه يقع عبء الإثبات للشركة على الشياع، وانتقال الملك إلى المشفوع منه، لكن ما دام أن الأجل يبتدئ بالنسبة للشفيع من يوم علمه بالمعاوضة فيكفيه أن يقول إنه قام بالاستشفاع داخل الأجل، ويفترض أنه صادق في ذلك لقول الشيخ خليل: "وصدق إن أنكر علمه"[172]، وقلما نجد عدم منازعة بين الشريك طالب الشفعة والمشفوع منه في توفر موجباتها، فكثيرا ما تثار المنازعة، ويحاول المشفوع منه إثبات عدم توافر موجبات الشفعة، والأمر هنا لا يخلق كبير إشكال فمن أثبت دعواه يحكم له، وإن أدلى كل بحجته فيرجح بينهما، بخلاف ما إذا لم يعزز أطراف دعوى الشفعة ادعاءاتهم بحجة مقبولة فيحتاج إذاك إلى إعمال بعض القواعد في الحالات التالية:
1-الاختلاف حول الشركة والشياع
إذا انصب الاختلاف على إثبات شركة الشريك على الشياع، فعلى طالب الشفعة إثبات أنه كان شريكا على الشياع في العقار موضوع الشفعة، وإلا فلا يقضي له بها، ما لم يقر المشفوع منه بالشركة على الشياع حيث يعفى الشفيع من الإثبات وذلك عملا باجتهاد المجلس الأعلى بمقتضى القرار عدد 1645 والمؤرخ في 17-12-1991. وهذا الإقرار قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا، ومثال الإقرار الضمني دفع المشفوع منه بوقوع قسمة استغلالية والقسمة الاستغلالية تنهي حالة الاشتراك، فيكون معترفا ضمنيا بوجود حالة الشياع، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار جاء فيه: "القسمة الاستغلالية بين الورثة لا تزل الشياع، ومن يدع القسمة الاستغلالية يكون قد اعترف بالشياع كشرط لممارسة الشفعة"[173].
وغالبا ما يدعي المشفوع منه أن قسمة بتية قد وقعت بين شركاء الشقص قبل أن ينتقل إليه الشقص المطلوب شفعته وأنه لم يبق شريكا إلى حين وقوع المعاوضة. وعليه إثبات القسمة البتية التي يدعيها وله في ذلك الإدلاء بحجج مقبولة، أما إذا اقتصر على الادعاء المجرد فإنه لا يستجاب له ولا يكلف الشفيع بإثبات الشركة على الشياع إعمالا لقاعدة "الأصل هو الاستصحاب وبقاء ما كان على ما كان"[174] وهذا ما أكده المتحف بقوله:
والمدعي لقسمة البتات            يؤمر في الأصح بالإثبات
وهذا ما تبناه أيضا المجلس الأعلى في عدة قرارات منها قرار نص فيه على أن نفع المدعى عليه في الشفعة بأن الشفيع أولى بالقسمة مع الشركاء، يتضمن إقرارا له بملكيته على الشياع، ولا يكلف بإثبات هذال الشرط أما ادعاؤه القسمة فعليه هو عبء إثباته وإلا استحقت الشفعة[175].
2-الاختلاف حول الشراء أو المعاوضة
إذا اختلف طرفا الشفعة حول وقوع المعاوضة فإن على الشفيع عبء إثباتها وإلا فإنه لا يقضى له بها، ما لم يقر المطلوب بالشفعة بها فإنه يعفى الشفيع من الإثبلاات وهذه القاعدة التي كرسها المجلس الأعلى من خلال اجتهاده كانت محل انتقاد من بعض الفقهاء، وهو ما توضيحه في إبانه، لأن ذلك يعتبر إقرارا على الغير، كما أنه لا يقضى بين شخصين في مال ثالث، وهذا الاتجاه كان قد سار عليه المجلس الأعلى في قرار جاء فيه: "لا يحكم بثبوت الشفعة أو عدمها إلا بعد ثبوت البيع، إذ لا يحكم بين اثنين في مال ثالث. ولا يحكم بإقرار المشتري والشفيع حتى يثبت عنده البيع"[176].
وقد علل المجلس الأعلى عدوله عن هذا الرأي بإمكانية الدفع بنسبية الأحكام والتعرض الخارج عن الخصومة والتدخل الاختياري في الدعوى، وهي علل غير مستساغة ولا تكفي لإهدار قاعدة فقهية قعدها الفقهاء وساء عليها الاجتهاد القضائي طويلا، كما أن المالك وعلى فرض تدخله في الدعوى واسترجاعه للشقص فإنه لا يملك استرجاع الثمار التي أخذت.
وقد يثار الخلاف بين الشفيع والمشفوع منه عندما يقوم الشريك طالب الشفعة بهبة الشقص إلى شخص آخر، فيرفع الشريك في الشقص دعوى بمقتضاها يطعن في ذلك العقد بالصورية وذلك لمنعه من الشفعة. فيطلب الحكم له بالشفعة بناء على المعاوضة الخفية بينما يتمسك المدعى عليه بالهبة الظاهرة، فلا يستجاب لطلب الشريك الشفعة حتى يثبت شيئين: أولهما أن يثبت الصورية التي يدعي وقوعها، وثانيهما أن يثبت أن الناس يكثرون من اللجوء إلى هذه الصورية لمنع الشريك من الشفعة. فإذا عجز عن الإثبات وتمسك المدعى عليه بظاهر العقد، فإن اليمين توجب على المدعى عليه الموهوب له على أن الأمر يتعلق بالهبة، وأنه لم يدفع أي مقابل، فإن حلف سقطت الشفعة وإن نكل حكم للشفيع بالشفعة لأن يمين التهمة لا تنقلب، وإلى ذلك أشار المتحف بقوله:
ومن له شفعة مهما يدعي                   بيعا لشقص حيز بالتبرع
فما ادعاه فعليه البينة                        وخصمه يمينه معينة
وقال أيضا:
وتهمة إن قويت ىبها تجب                  بيمين مفهوم وليست تنقلب
ولا توجه اليمين على الشريك الذي تبرع للقاعدة الفقهية "لا يحلف أحد ليستحق غيره".
3-الاختلاف حول الأجل
الأجل الذي يحق بمقتضاه للشريك المطالبة بالشفعة يقدر ابتداء من تاريخ العقد إن حضر الشريع المعاملة، أو من تاريخ علمه بالمعاوضة إن لم يحضرها، أو من تاريه زوال المانع الذي منعه من الأخذ بالشفعة وهذا ما جمعه الشيخ خليل بقوله: "أو شهرين إن حضر العقد وإبلا سنة كأن علم فغاب. إلا أن يظن الأوبة قبلها فعيق".
فإذا قام الشريك بطلب الشفعة وادعى المشفوع منه أن الطلب وقع خارج الأجل ونجح في إثبات ذلك فعلا، فإن حق الشريك فيها يسقط. وإن عجز عن الإثبات وأصر المدعي على طلب الشفعة، فإنه يقضي له بالشفعة مع يمينه لأنه يدعي سقوط الحق الثابت للشفيع وذلك لقول الشيخ خليل" وصدق (أي الشفيع) إن أنكر علمه" ما لم تكذب الشفيع قرائن تدل على علمه. كأن ينظر إلى المشتري وهو يتصرف في مشتراه لأن شاهد الحال يكذبه في نفس العلم.
4-الاختلاف حول الثمن:
إذا ثبن أن الشقص قد انتقل إلى المشفوع منه بمعاوضة غير البيع، فإن على الشفيع أداء قيمة الشيء المشفوع أو قيمة الشيء الذي دفعه المشفوع منه مقابل الحصول على الشقص. والمحكمة تحدد ذلك على ضوء الخبرة. ثم يقضى على الشفيع بأداء ذلك ولا يثار أي خلاف في هذه الحالة وكذلك الأمر إذا أثبت الشفيع ببينة مقبولة الثمن الذي دفعه المشفوع منه مقابل الحصول على الشقص فإن المحكمة تعتد بهذا الثمن ولو ادعى المشفوع منه خلاف ذلك ما دام لم يثبت ادعاءه بدليل أقوى  من دليل الشفيع.
بيد أن الإشكال يثار عندما يثبت الشفيع وقوع البيع ببينة لا تذكر قدر الثمن الذي انعقد عليه البيع. فتقع منازعة بين أطراف الشفعة حول الثمن وتتكافأ البينتان وبعدم أي فرجح بينهما[177].
فإذا حدث خلاف بين الشفيع والمشتري في مقدار ثمن الحصة المطلوب شفعتها بحيث ادعى الشفيع ثمنا مخفظا، والمشتري ثمنا مرتفعا، ولم تكن لاي منهما حجة مستساغة تشهد له بدعواه، فإن القول قول المشتري بيمينه إذا كان ما ذكره من الثمن يشبه أن يكون ثمنا معتادا عند الناس حسب سعر السوق يوم البيع للحصة المذكورة[178]. فإن سمي المشتري ثمنا لا يشبه حسب سعر السوق ويبعد به عن الثمن المعتاد بحيث ذكر ثمنا مرتفعا فالقول قول الشفيع بيمينه إن أشبه فيما ادعاه ثمنا للحصة، فإن لم يشبه ما ذكره كل من الطرفين المتنازعين فيما سماه كل واحد ثمنا حسب سعر السوق وقت الشراء بحيث ادعى المشتري ثمنا مرتفعا والشفيع ثمنا أقل من الثمن المعتاد، فإن كل واحد منهما يحلف على نفي دعوى الآخر فيما يخص مقدار الثمن الذي حدده[179]. وتقوم بعد ذلك الحصة بواسطة خبرة، ويلزم الشفيع بهذه القيمة ما لم تزد على الثمن الذي حدده المشتري وإلا فيأخذ به، ويقضي للحالف على الناكل من الطرفين ولو أتى المحكوم منهما في هذه الحالة بما لا يشبه أن يكون ثمنا معتادا للحصة وهو مشهور المذهب والذي عليه العمل قضاء، وعليه اقتصر الشيخ خليل عند قوله: "وإن اختلفا في الثمن فالقول للمشتري بيمين فيما يشبه، ككبير يرغب في مجاوره وإلا فللشفيع وإن لم يشبها حلفا وردا إلى الوسط" وقال غير واحد من الشراع إن المقصود بقوله: "ككبير يرغب في مجاوره" أي كبير المكانة أو القدر أو الجاه يرغب في شراء عقار مجاور لداره قصد التوسعة، فيكون القول قوله فيما سماه ثمنا بلا يمين إن أشبه.
وقوله: "رد إلى الوسط" أي رد الثمن إلى قيمة الحصة المطلوبة شفعتها. هذا كله إن لم تكن لأي من طرفي الدعوى حجة مكتوبة. أما إذا كان الثمن محددا في العقد ومع ذلك أنهم الشفيع المشتري بالزيادة في الثمن، فإن العمل القضائي استقر على وجوب اليمين على المشتري سواء أكان متهما بالزيادة في الثمن أم لا، فيحلف على أن الثمن الوارد في عقد الشراء ظاهره كباطنه. ولو كان أداء الثمن للبائع قد تم بمعاينة العدول، والعلة في ذلك هي ضعف ذمم أهم هذا الزمان وضعف وازعهم الديني وكثرة تحايلهم على إسقاط الحقوق لذويها ومن بينها الشفعة. وهو ما أكده صاحب العمل المطلق، وهو اتجاه أيده العلامة المهدي الوزاني في نوازله الصغرى وانتصر له بقوله:
"الأخذ باليمين اليوم في هذا أحسن وعليه يجري العمل[180]، وقد ورد في معيار الونشريسي ما نصه: "الذي جرت به الفتوى وجوب اليمين ولو حصل الدفع بمعاينة عدلين[181]. "وهذه اليمين هي يمين تهمة لا تقلب. فإن حلف وجبت الشفعة بالثمن المحدد برسم الشراء، وإن نكل فإن تلك الحصة تقوم ويأخذها الشفيع بعد أداء هذه القيمة ما لم تزد على الثمن المحدد برسم الشراء".
وإذا أتى كل منهما ببينة على صحة دعواه وكانت كلتاهما في مرتبة واحدة من العدالة دون مرجح، فإن تاريخهما مختلفا فإن السادة المالكية يرون أن بينة الشفيع إن كانت عدلية تقدم على بينة المشفوع منه ولو كانت أعدل منها. وإن شهدت كلتا البينتان بوقوع البيع في تاريخ واحد واختلفا في ثمن البيع، فقد اختلف فقهاء المالكية في حكم هذه الحالة، فابن القاسم يرى أن البينتين معا تسقطان، ويعتبر الطرفان كأن لا بينة لهما، بينما يرى أشهب وسحنون أن بينة المشتري مقدمة على بينة الشفيع لأنها زادت علما عليها.
-أما إذا اختلف المشتري والبائع حول الثمن فإن أتى المشتري ببينة مثبتة لما يدعيه حكم على الشفيع بأدائه ذلك الثمن. وإن أتى البائع ببينة على ما يدعيه حكم على المشتري باداء ذلك الثمن، ويلزم من ثمة الشفيع بأداء الثمن ذاته، وإن لم يكن لاحدهما بينة فإن اليمين توجه إليهما معا. فإن حلفا معا فإن السادة المالكية يرون، أنه إذا كان ذلك الشقص المبيع ما زال على حالته دون أن يطرأ عليه ما يحول دون رده إلى البائع فإن البيع يفسخ ولا شفعة للشريك. أما إذا تغيرت الحصة عند المشتري مما يتعذر معه رده للبائع فلا يفسخ هذا البيع ويصدق المشتري بيمينه في ذلك الثمن الذي يدعيه إن ذكرا ثمنا معتادا، أي ما يباع مثل ذلك الشقص به وعلى الشفيع أداء ذلك الثمن[182].
أما إن حلف المشتري ونكل البائع فإن البيع ينعقد بالثمن الذي حلف عليه المشتري، وعلى الشفيع أداء ذلك الثمن، وإذا حلف البائع ونكل المشتري فإن على المشتري أداء ما حلف عليه البائع، وعلى الشفيع بالتبعية أداء ذلك الثمن.
إجراءات الشفعة
إذا بلغ إلى علم الشريك أن شريكه قد فوت الشقص المشترك بأي وجه من أوجه التفويت العويضية ورغب في استعمال حقه في الاستشفاع فله ذلك بغحدى وسيلتين وهما أن يبلغ إلى المالك الجديد رغبته في الشفعة، أو أن يلتجأ إلى القضاء مباشرة لطلبها:
1-أن يبلغ إلى المالك الجديد رغبته في الشفعة، فإن استجاب لها حضر أمام عدلين أو موثق ويقع الإشهاد عليه بتمكينه للشفيع من الشفعة مقابل توصله بالثمن والمصاريف حالا، أو تأخير الثمن عن الشفيع إلى أجل آخر وبذلك تنتقل ملكية المشفوع منه إلى الشفيع.
وإذا لم يستجب المالك الجديد لهذا الطلب أو نازعه في مدى استحقاقه، فإن على الشفيع اللجوء إلى القضاء قصد استصدار حكم بالشفعة داخل الأجل المحدد."
2-أن يلتجئ الشفيع إلى القضاء مباشرة دون اللجوء إلى المشفوع منه وذلك بواسطة مقال يقدم إلى المحكمة الابتدائية التي يقع العقار موضوع الشفعة بدائرتها. ويجب أن يتضمن على جميع البيانات الضرورية من ذكر لاسماء الطرفين وعنوانهما، مع تحديد كامل للعقار موضوع الشفعة ومقدار النصيب المطلوب شفعته، وتاريخ انتقال هذا الشقص إلى المشفوع منه، أو تاريخ علمه بهذا الانتقال، وإذا كان الشفيع واحدا وجب أن يذكر في مقاله أنه يرغب في شفعة جميع الحصص أو الحصة التي انتقلت إلى المشفوع منه ذلك أن الشفعة لا تتبعض[183] لقوله المتحف:
والشقص لاثنين فأعلى مشترى            يمنع أن يأخذ منه ما يرى
وإذا كان الشفيع في مرتبة أدنى من بعض الشركاء فيتوجب عليه أن يرفع الدعوى بحضور بقية الشركاء الأعلى مرتبة منه، ليطلب من المحكمة أن تحكم عليهم بالإعراب عن موقفهم من الشفعة، فإن تنازلوا عنها حكم لها. وإن عبروا عن رغبتهم فيها فلا حق له في الشفعة، ذلك أن سكوت الشفيع الأقرب درجة عن المطالبة بالشفعة لا يمنع من هو بعده في الدرجة من المطالبة بها وهو ما نص عليه قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط جاء فيه: "الوارث ينزل منزله موروثه في الأخذ بالشفعة، والمشتري ينزل منزلة البائع ويكون حكم المشتري من أحد الإخوة للبائع في مرتبة الشفعة. ويعتبر كواحد منهم فقها وقضاء.
الشفعة على قدر الأنصباء، ومن طلب أخذ الجميع ممن حضر يمكن منه ولا ضرر في ذلك على المشتري"[184].
وإذا اتهم الشفيع بمقتضى مقاله المشفوع منه بالمبالغة في ذكر الثمن الذي انعقد عليه البيع، فإن عليه توجيه اليمين على المشفوع منه بأن يحلف على أن الثمن ظاهره كباطنه. وطلب هذه اليمين من مستلزمات الشفعة لذلك فإن محامي الشفيع لا يحتاج في توجيهها إلى وكالة خاصة، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار عدد جاء في تنصيصاته: "اليمين المحكوم بها على صحة ثمة الشراء الثابت بعقد كتابي هي من مستلزمات الشفعة في العقار وليس يمينا خاصة تحتاج إلى توكيل خاص"[185].
وعلى الشفيع أن يرفق مقاله بما يثبت شركته على الشياع فيما طلب شفعته، وذلك قبل شراء المشفوع منه، وأن يكون حائزا فعلا للنصيب الذي سيشفع به وإلا عد طلبه سابقا لأوانه، وهذا ما نص عليه المجلس الأعلى في قرار جاء فيه: "يجب لقبول الشفعة أن يكون طالبها حائزا بالفعل للواجب الأصلي الذي يشفع به وإلا كان طلبه سابقا لأوانه، ولا يمكن ممارسته إلا بعد استحقاقه للواجب المذكور"[186].
ويجب على الشفيع أن يثبت انتقال النصيب إلى المشفوع منه بمعاوضة، غير أن اعتراف المشفوع منه بوقوع المعاوضة يعفيه من الإثبات حسب اجتهاد المجلس الأعلى المتواتر. كما وجبعليه رفع المقال داخل الأجل المحدد، وإذا رفع مقاله بعد مضي أكثر من سنة من انتقال الحصة، فعليه أن يثبت أنه كان مليئا خلال تلك السنة. فقد نص المجلس الأعلى في قرار جاء فيه: "إن قسم الاستئناف الإقليمي بفاس حكم على المستأنف عليها طالبة النقض بتمكين المستأنفين المطلوبين من الشفعة على قدر نصيبهم على الرغم من عدم قيام دليل على توفر شرطا الشفعة الذي هو كون الشفيع يوم البيع له ما يشفع به أو اكتسبه داخل سنة البيع"[187]. ثم تكلف المحكمة المدعى عليه بالجواب الذي لا يخرج عن الحالات التالية:
-إما أن يجيب المشفوع منه بأنه مستعد لتمكين الشفيع من شفعته مقابل تكليف الشفيع بإحضار جميع ما خرج من يده من ثمن وسائر داخل الأجل الذي حدده الفقه.
فعلى المحكمة تكليف المدعى بإحضار الثمن والمصاريف، أو تقوم بتقيين خبير للاتقدير قيمة ذلك الشقص، أو ما دفعه المشفوع منه مقابل حصوله على الحصة المشفوعة عند الاقتضاء، ثم تحدد المحكمة للشفيع أجلا لا يتجاوز ثلاثة أيام لإحضار الثمن أو القيمة ثم تقوم المحكمة بعرضه على المشفوع منه، فإن حازه فكذلك وإلا وجب عليه إيداعه بصندوق المحكمة ثم تقضي المحكمة بالشفعة. وإن مضى ذلك الأجل ولم يقم الشفيع بإحضار ما كلف به فتحكم المحكمة بسقوط حق في الشفعة.
كما أنه يسوغ للمحكمة تكليف طالب الشفعة بإحضار الثمن أو القيمة وذلك حينما يرفع المالك الجديد دعوى يطلب بمقتضاها من الشفيع الإعراب عن موقفه بخصوص شفعة النصيب الذي انتقل إليه، هل يرغب في الشفعة أم لا؟ فغن عبر عن قبوله كلفته المحكمة بإحضار الثمن والمصاريف داخل ثلاثة أيام، وإلا حكمت بسقوك حقه في الشفعة وذلك وفق ما يلي:
-يحكم بسقوك حق الشريك في الشفعة إذا تنازل عن حقه فيها، أو صرح بأنه لن يقرر شيئا قبل انقضاء الأجل المخول له.
   -إذا التمس مهلة للتشاور والتروي فإنه لا يجاب لطلبه، بل وجب أن يقرر توا هل يرغب في الشفعة أم لا؟
-إذا طلب أجلا حتى يستطيع النظر إلى ذلك الشقص، ويقرر بعد ذلك إن يريد استعمال حقه في الشفعة فإنه يعطي أجلا لا يزيد عن وقت ذهابه إلى مكان الشقص وأوبته.
فإت قرر الشفعة بعد ذلك وطلب أجلا لإحضار الثمن فإنه يؤجل ثلاثة أيام، فإن أحضر الثمن حكم له بالشفعة وإن تأخر فلا حق له فيها.
-إذا أجاب المشفوع منه بأن الشفيع لا يستحق الشفعة إما بعلة أنه ليس بشريك على الشياع، أو أنه تلقى ذلك النصيب على سبيل التبرع، أو أنه لم يرفع الدعوى خلال الأجل القانوني. فبعد تمحيص المحكمة للدعوى فإنها تبت في النازلة وفق ما يلي:
-فإذا ظهر لها أن الشفيع لا يستحق الشفعة حكمت بسقوط حقه فيها
-وإذا ثبت لها تحقق جميع وجبات الشفعة حكمت له باستحقاقها.
ويكون منطوق الحكم القاضي بالشفعة كما يلي:
"تحكم المحكمة على المدعى عليه بتمكين المدعي من شفعة النصيب الذي يطلب شفعته بعد يمينه على أنه لم يعلم بانتقال الشقص إلى المدعى عليه إلا منذ أقل من سنة على تاريخ مقاله. وعلى المحكوم عليه أن يؤدي اليمين على أن الثمن المذكور في العقد ظاهره كباطنه، فإن حلف استحقه وعلى الشفيع أن يؤدي القيمة التي كان النصيب يساويها حين العقد ما لم تزد على الثمن المذكور، وإلا أدى الثمن المذكور".
ويمكن أن يلاحظ من خلال منطوق هذا الحكم ما يلي:
-الشفيع لا تؤدي الثمن قبل الحكم له باستحقاق الشفعة. بل يحكم له بالشفعة بعد إثبات موجباتها. ولا يجبر على إحضار الثمن قبل الحكم له بها، ما لم يطلب منه المشفوع منه إحضار الثمن والمصاريف قبل الحكم له بالشفعة.
-إن المحكمة تحكم على المدعي بأداء اليمين على أنه لم يعلم بانتقال النصيب الذي يطلب شفعته إلا منذ أقل من سنة من تاريخ المقال (الذي يفيد العلم). وهذه اليمين لا يحكم بها إلا رفع دعواه بعد مرور أكثر من سنة على تاريخ وقوع المعاملة. وإذا ادعى المشفوع منه علمه وادعى الشفيع بأنه لم يعلم إلا منذ أقل من سنة، فتحكم عليه المحكمة بأداء اليمين فإن حلف على أنه لم يعلم إلا منذ أقل من سنة قضي له بالشفعة.
وإن نكل توجهت اليمين على المشفوع منه، فإن حلف على أن الشفيع قام بالشفعة بعد مرور السنة سقطت الشفعة، وإن نكل تبتت الشفعة للقاعدة بأن النكول المقابل للنكول يعتبر تصديقا للناكل الأول.
-إن قسم التنفيذ المدني بالمحكمة هو الذي يتولى تصفية قضية المشفوع به واليمين، وذلك بتكليفه الشفيع بإحضار الثمن المحدد في العقد والمصاريف في أجل يحدد له ولا يزيد غالبا على ثلاثة أيام، فإن لم يحضر الثمن في الأجل المحدد حرر قسم التنفيذ محضرا بذلك، ويسقط حقه في الشفعة، وإن حضر الثمن في الأجل المحدد من قبل قسم التنفيذ فإنه يوضع بصندوق المحكمة ثم يكلف المشفوع منه بأي يؤدي اليمين المحكوم بها عليه بأن الثمن ظاهره كباطنه فإن حلف دفع إليه الثمن، وإذا نكل حرر محضرا بذلك ثم يقوم ذلك النصيب بواسطة خبرة لمعرفة قيمة الشقص يوم وقوع المعاوضة. فإن كانت قيمته أقل من الثمن المنصوص عليه في العقد أو تساويه دفع المشفوع منه تلك القيمة ويرد للشفيع ما فضل عن ذلك. وإن كانت قيمته أكثر من الثمن المحدد في العقد دفع المشفوع منه القدر المنصوص عليه في العقد لأنه لا يستحق أكثر مما نص عليه عقد الشراء.
وإذا كانت الحصة المطلوب شفعتها قد انتقلت بمعاوضة فإن قسم التنفيذ هو الذي يقوم ذلك الشقص بواسطة خبرة، ثم يكلف الشفيع بإحضار القيمة داخل الأجل السابق. وقسم التنفيذ أيضا هو الذي يتولى تعيين ما إذا كان على الشفيع أداء الثمن عاجلا أم آجلا، حسبما إذا كان الثمن مؤجلا أو معجلا.
فيلاحظ إذن أن مصير الشفعة كما نبه على ذلك غير واحد ممن كتبوا في الموضوع يبقى معلقا بيد قسم التنفيذ والذي يملك سلطة واسعة في هذا الموضوع، وهذا ما يتنافى مع طبيعة الأحكام والتي ينبغي أن تكون فاصلة في الدعاوى القضائية حاسمة لكل منازعة حولها، لذلك وجب أن ينحصر دور قسم التنفيذ في اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بتنفيذ الأحكام الفاصلة في موضوع الشفعة دون أن يمتد ذلك إلى تفسير الحكم أو تعديله مع ضرورة تفعيل دور قاضي التنفيذ.
ويجدر بالمحكمة، لتجاوز هذه الوضعية أن تصدر المحكمة قبل فصلها في الجوهر حكما تمهيديا تقوم من خلاله بتصفية جميع ما يتعلق بهذا الموضوع، سواء تعلق الأمر  بأداء اليمين إن كانت لازمة أو أداء الثمن والمصاريف بصندوق المحكمة ثم بعد ذلك تفصل في موضوع الدعوى. كما أنه لا مانع يمنع المحكمة من أن تكلف الشفيع بإحضار الثمن ولو لم يطلب منه المشفوع منه ذلك حتى تستطيع المحكمة التأكد من توفر جميع موجبات الشفعة. وإذا كانت هذه النظرية لا تجد لتقعيدها سبيلا في مقتضيات المذهب المالكي فإن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة يرى أنه لا يجوز الحكم بالشفعة إلا إذا أحضر الشفيع الثمن والمصاريف، وهو ما يتلاءم مع عصرنا الراهن والذي يعرف نموا اقتصاديا متسارعا، فتمكين المشفوع منه من المقابل من يوم الحكم له، قد يمكنه من استثماره بخلاف انتظاره إلى حين استكمال إجراءات تنفيذ الحكم التي قد تطول في أغلب الأحيان، وحتى يتأكد أيضا من أن الشفيع مليء بالثمن زمن مطالبته بالشفعة.
وباستقرائنا لأحكام بعض المحاكم نجد أن بعضها قد فطن لهذا الملحظ، ومن ذلك ما قامت به محكمة الاستئناف بأكادير حين أصدرت في قرار لها حكما تمهيديا أنذرت من خلاله الشفيع بأن عليه إيداع الثمن بصندوق المحكمة داخل ثلاثة أيام من تاريخ توصله بالإنذار[188]، ولما قام الشفيع بكل ذلك أصدرت المحكمة حكمها باستحقاقه للشفعة وذلك بعد إثبات لجميع موجباتها. حيث جاء في حيثيات القرار: "وحيث إن المستأنف عليه (طالب الشفعة) أثبت دعواه كما يجب شرعا، كما أبدى استعداده للاخذ بحصة شريكه عن طريق الشفعة، حيث وضع بصندوق المحكمة الابتدائية قيمة الملك المتبادل الوارد في العقد وهو ستة آلاف درهم ووضعها داخل الأجل القانوني المحدد له من طرف المحكمة وهو ثلاثة أيام بعد أن يبلغ إلى القرار التمهيدي المشار إليه أعلاه"[189].
الخاتمة :
إن مقاربة موضوع القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية خاصة الحيازة و الاستحقاق و الشفعة و القسمة موضوع العرض ليعد بحق من أهم المواضيع و أعقدهم  على اعتبار أن كل قاعدة فقهية تنطوي على جزئيات فقهية لا تقع تحت الحصر و تستعصي عن الحد ، فهي جامعة لعيون ما في التآليف الفقهية و المظان و النوازل  و أن هذه الصعوبة في تناول موضوع القواعد الفقهية و الفقه الاسلامي عموما ، يعود إلى عدم تقنينه و لعدم وضع عامها وخاصها بين يدي رجال القانون و الطلبة في شكل مدونة أودليل  حتى تكون طوع يمينهم على سبيل الاستئناس و التوجيه ، لكونها ظلت مبثوثة في تآليف و مظان لا يفك رموزها الا  الجهبذة ذو العدة اللغوية و الفقهية اللازمة ، وفق ضوابط اجتهادية صارمة وضعها الفقهاء بعد استقراء و تتبع تلمسا للصواب حفاظا لعري الشرعية من التقويض ، كما أنها صيغت بأسلوب مختصر و بكثافة و حمولة لغوية ملحوظة و مقصودة ، فكل لفظ يختصر معاني فقهية غزيرة ، فكانت غررا جامعة مانعة تشكل قواعد ذهبية تحيط بكافة كليات و جزئيات القضايا ، وهذه القواعد تحتاج تحرير معناها و تجلية غوامضها ، لأن كثير من القواعد القانونية هي في الحقيقة قواعد فقهية ألبست لبوسا قانونيا ، و عقلت بالعقال القانوني ، لذلك فإن الاهم بالنسبة للدارس و المجتهد و القاضي فضلا عن الالمام بالقاعدة الفقهية معرفة سياق و مناسبة إعمالها و إهمال غيرها و هي جراحة دقيقة ، و ما توفق محكمة النقض في العديد من اجتهاداتها إنما يعود إلى إلمام قضاتها بالقواعد الفقهية ، وسياقها استعمالها ، بحكم تجربتهم القضائية التليدة و تمرسهم بتلك القواعد ، خلافا لباقي درجات المحاكم الدنيا و أن أغلب القواعد التي قررتها محكمة النقض وذيلت بها قراراتها بأسلوب مقفى و كلام مسجع ، إنما هي في الحقيقتها قواعد فقهية أقرها فقهاء أعلام  فيكون بذلك عمل محكمة النقض ذلك عملا كاشفا غير منشئ لا ابهار و لا جديد فيه .
و تبعا لما سبق فإن العرض كان محاولة لملامسة موضوع كبير و دقيق و ما يسعني إلا أن نقول كما قال الشيخ خليل في مطلع مختصره : فما كان من نقص أكملوه و من خطإ أصلحوه ، و العلم لا يعطيك جزءه اذا لم تعطيه كلك، و الانسان قد يعتريه عثار ، و الله يشاء و يختار ، و الجواد قد يكبو ، و الصارم قد ينبو ، و ما الكمال الا لله سبحانه ، و إن إقرارنا بالعجز و القصور لكفيل بنيل الصفح الجميل ".







لا ئحة المراجع المعتمدة :
1-    ذ/ عادل حاميدي : القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية في ضوء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الاسلامي . الطبعة الثانية 2015
2-    ذ/ عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ  بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني .دراسة علمية لعقود : القسمة –الشفعة-الهبة – الوقف .الطبعة الاولى 2006.
3-    محامدي لمعكشاوي : المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع و الفقه و القضاء الطبعة الاولى 2013.
4-    إحكام الأحكام على تحفة الحكام للعلامة الشيخ محمد بن يوسف الكافي
5-    ذ/محمد الكشبور : القسمة القضائية في القانون المغربي الطبعة الثانية.
6-    ذ/ عبد العزيز توفيق : قضاء المجلس الاعلى في القسمة من سنة 1998 إلى 2004 الجزء الثاني 2004
7-    ذ/ادريس الفاخوري قضايا المنازعات العقارية قضاء محكمة النقض و محاكم الموضوع الطبعة الثانية 2016
8-    ذ/ عبد العزيز توفيق : قضاء المجلس الاعلى في القسمة من سنة 1960 إلى 2015  طبعة 2016
9-    ذ/ عمر أزوكار : قضاء محكمة النقض في الترجيح بين البينات و الحجج  الطبعة الاولى 2014






















الفهرس:




[1] -الفيومي، المصباح المنير، ط 1/1996 المكتبة العصرية بيروت، ص: 699، وابن منظور، لسان العرب، طبعة دار صادر، بيروت لبنان، سنة 1375هـ/1956م، مادة قعد، ج 3/126.و ردت في كتاب القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية في ضء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الاسلامي للدكتور عادل حاميدي  الطبعة الثانية 2015
[2] -الآية 55 من سورة القمر.
[3] -الآية 127 من سورة البقرة
[4] -الجامع لإحكام القرآن، طبعة دار الكتاب العربي القاهرة ج 2/120.
[5]-المدخل الفقهي العام، ج 2، ص: 947.
[6] -د. يعقوب الباحسين، القواعد الفقهية (المبادئ والنظريات)، مكتبة الرشد ومطبعة الرياض، ط  1/ 1998، ص: 50.
[7] -د. محمد الروكي، نظرية التقعيد الفقهي وأثرها في اختلاف الفقهاء، منشورات كلية الآداب جامعة محمد الخامس، الرباط، 1994، ص: 48. القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية في ضء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الاسلامي للدكتور عادل حاميدي  الطبعة الثانية 2015 .

[8] -الآية 1 من سورة المائدة.
[9] -الآية 185 من سورة البقرة.
[10] -ابن القيم إعلام الموقعين، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الأولى، 1977، دار الفكر، بيروت، ج 2، ص: 108.
[11] -المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 1972م، ج 1ـ ص: 563.
[12] -أخرجه الإمام أبو داود في السنن، كتاب الإجازة.
[13] -أخرجه الإمام مالك مرسلا في الموطأ كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق، وابن ماجة في سننه موصولا في كتاب الأحكام، باب من بني في حقه ما يضر بجاره، كما أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/327، والإمام الحاكم في المستدرك 2/57-58، وذكره الإمام السخاوري في المقاصد الحسنة، وحسنته، ص: 462. القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية في ضء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الاسلامي للدكتور عادل حاميدي  الطبعة الثانية 2015
[14] -أخرجه الإمام البخاري في كتاب الشهادات والإمام مسلم في كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه.
[15] -هو محمد أبو طاهر الدباس عاش في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري، من أقران الإمام الكرخي، ولى القضاء بالشام وكان من أهل الرأي بالعراق، وحافظا خبيرا بالروايات.
[16] -هو أبو الحسن عبد الله بن الحسين الكرخي، من كبار فقهاء الحنفية، ولد بالكرخ سنة 260 هـ، وتوفي رحمه الله ببغداد سنة 340هـ، كان مرجع الحنفية بالعراق في زمنه، من تآليفه "شرح الجامع الصغير"، "شرح الجامع الكبير" و"رسالة في الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية" (سير أعلام النبلاء 9/542).
[17] -هو الفقيه التركي أبو سعيد الخدمي المتوفي سنة 1176هـ، صاحب "مجمد الحقائق" في القواعد التزم في تأليفه طريقة بدر الدين الزركشي الشافعي، وذلك بترتيبه حسب الحروف الهجائية، المدخل ===    الفقهي العام للشيخ الزرقاء، ط 2 مطبعة ألف باء، دمشق ص 961 وما بعدها، القواعد الفقهية، لعي أحمد الندوي، ط 2 دار القلم، دمشق، ص : 139 وما بعدها.
[18] -كمال بلحركة، مصنفات المدرسة المالكية في القواعد والنظائر الفقهيةن مجلة  المذهب المالكي العدد الثاني خريف 1427هـ/2006م، ص: 75 وما بعدها.
[19] -للوقوف على أهم مصنفات القواعد في مختلف المذاهب الفقهية، يراجع أستاذنا الدكتور عبد النعيم حميتي، "شفاء الغليل للعلامة اليعقوبي، تقديم وتحقيق"، رسالة مرقونة بخزانة كلية الشريعة بأكادير، ج 1، صك 16 وما بعدها. القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية في ضء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الاسلامي للدكتور عادل حاميدي  الطبعة الثانية 2015
[20] -أخرجه البخاري ومسلم في كتاب الأفضلية، باب اليمين على المدعى عليه، وابن ماجة في الأحكام، باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه.
[21] -النووي، م س، ص: ج 12، ص: 34.
[22] -لذلك يرى ابن خلدون في رؤية ثاقبة لعالم اجتماعي مرموق، أن الاجتماع الإنساني ضرورة لا محيد عنها، ولذلك قبل بأن الإنسان مدني طبعه يميل إلى الاجتماع، المقدمة، م س، ص: 4.
[23] -ابن القيم، الطرق الحكمية، تعليق الشيخ جمال مرعشلي، ط الأولى 1416هـ/1995م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ج 1، ص: 25.
[24] الدكتور عادل حاميدي  القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية في ضوء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الاسلامي الطبعة الثانية 2015 .

[25] -قرار عدد 2953 بتاريخ 15/08/97، ملف عدد 2594/95، أنظر ذ. محمد القدوري، موسوعة قواعد الفقه والتوثيق، م س، ص: 297-280.
[26] -يراجع قرار المجلس عدد 299 وتاريخ 28/2/84، ملف عقاري عدد 95714 غير منشور.
[27] -قرار عدد 456 وتاريخ 25/5/1982 ملف عقاري عدد 69463 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31، ص: 61 ويراجع القرار عدد 174 وتاريخ 18/3/1980 ملف عدد 68340 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 28، ص: 83 وجاء فيه أنه إذا ثبت وجه مدخل الحائز للعقار بما لا ينقل الملكية فإن حيازته لا تكتسبه الملك وإن طالت.
[28] -قرار مدني عدد 205، ملف عدد 316/77، بتاريخ 19/6/1979، صادر عن ابتدائية آسفي، مجلة المحامي، عدد 3، صك 73.
[29] -قرار عدد 142 وتاريخ 13/05/70، مجموعة قرارات المجلس الأعلى في المادة المدنية من 1966 إلى 1982، ص: 263 وما يليها.
[30] -قرار عدد 1885 وتاريخ 19 دجنبر 1989، ملف شرعي 6297/87، مجموعة قرارات المجلس الأعلى في مادة الأحوال الشخصية من 1983 إلى 1995، صك 66.
[31] -قرار عدد: 275 وتاريخ 4 يونيو 1969، مجموعة قرارات المجلس الأعلى في المادة المدنية من 1966 إلى 1982، ص: 736.
[32] -الشيخ خليل، م س، ص: 197.
[33] -فالسكوت مع القدرة على المخاصمة والمنازعة وطلب استرداد الحق المنتهك والمعتدى عليه، يعتبر إقرارا ضمنيا بصدق ومشروعية تصرف الحائز، ولهذه العلة حدد المشرع عدة آجال واعتبرها آجال سقوط. يسقط فيها الحق في رفع الدعوى للمطالبة بحق معين بعد انصرامها، كسقوط الحق في الاستشفاع بعد سنة من تاريخ العلم أو أربع سنوات في حالة الغيبة أو شهرين حال حضور مجلس العقد، والحق في طلب إسقاط الحضانة بعد مضي سنة من تاريخ العلم بزواج الأم الحاضنة إلا لعذر قاهر (المادة 176 من مدونة الأسرة حيث جاء في لفظ هذه المادة: "سكوت من له الحق في الحضانة مدة سنة بعد علمه بالبناء يسقط حضانته إلا لأسباب قاهرة".
[34] -وعلى مدعي وجود المانع من القيام بحقه إثبات مدعاه بحجج وجيهة تعضد زعمه أنه مريض أو غائب أو مكره، وفي الجملة كل ما يمنعه من القيام للمطالبة بحقه، طالما أن الأصل هو الصحة والطوع والرضد. يراجع قرار المجلس الأعلى عدد 664 وتاريخ 28/3/1995، مجموعة قرارات المجلس الأعلى في مادة الأحوال الشخصية من 1983 إلى 1995، ص: 253.
[35] -المختصر، باب الشهادات، م س، ص: 228.
[36] -وهذه اليمين متممة على اعتبار أن الحيازة شاهد عرفي يتعين تعضيده باليمين التي توجهها المحكمة تلقائيا وبغير طلب من أطراف الخصومة، وذلك بحكم تمهيدي نظير اليمين الحاسمة وذلك قبل الفصل في جوهر الخصومة، وهكذا اعتبر المجلس الأعلى في قرار له أنه: "كان على المحكمة وقد رأت أن توجه اليمين المتممة للمدعي لاستكمال دليله، أن توجه هذه اليمين بحكم تمهيدي تبين فيه الوقائع التي ستأتي اليمين يشأنها، وتسجل بعد ذلك تأدية هذه اليمين قبل الفصل في النزاع". قرار عدد 205 وتاريخ 30/10/1980، ملف مدني عدد 65682، قرارات المجلس الأعلىلا، أهم القرارات الصادرة في المادة المدنية، الجزء الأول، مطبعة الأمنية، الرباط، 2007، ص: 55.
[37] -مجموعة الأحكام الشرعية، م س، ص: 221.
[38] -الذخيرة، طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت 1994، ج 11، ص: 12. ويقول ابن أبي زيد القيراوني: "الحيازة الطويلة بعلم من يقوم في ذلك، لا يدعيه كالتسليم والإقرار، لأن كثيرا من عوائد الناس، والغالب من أحوالهم جعلت كالإقرار، منها أن من دخل بزوجة، فأقامت معه دهرا طويلا، ثم قامت عليه بالنفقة، وقالت: ما أنفق علي، أنها لا تصدق، وتصير مدعية كزوجها عن الغالب من أمر الناس"، النوادر والزيادات، طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت 1999، ج 9/8، ويراجع أيضا مسالك الدلالة في شرح الرسالة، م س، ص: 331.
[39] -مختصر خليل، م س، ص: 225.
[40] -ولذلك جعلت الحيازة مصدرا رئيسا من مصادر اكتساب الملكية، بآماد مختلفة بحسب وقوعها بين الأباعد أو الأقارب وبحسب المنازعة أو الموافقة حسب تفصيل أفاضت في تبيانه التآليف الفقهية في أبواب الحيازة.
[41] -وقد نص المجلس الأعلى في قرار له على أن على مدعي الاستحقاق أن يثبت زعمه ويكفي المدعى عليه أن يقول "حوزي وملكي"، ولا يكلف بالإثبات ما لم يثبت المدعي تملكه فيلزم المدعى عليه في هذه الحالة إثبات وجه مدخله. أما إذا عجز المدعى عن الإثبات فيكفي المدعى عليه الحائز أن يحلف طبق ===      دعواه ويبقى الشيء المحوز بيده، قرار عدد 419 وتاريخ 23 مارس 1983 ملف عقاري 42869 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 36-36: ص: 116.
[42] -هو إبراهيم بن علي بن محمد ابن فرحون، من أعيان المالكية، ولد ونشأ بالمدينة المنورة، وتولي قضاءها وتوفي بها رحمه الله سنة 799هـ من مصنفاته: "الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب" و"تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام" الديباج 9، الشجرة 3191، نيل الابتهاج 1/15.
[43] -الأحكام الشرعية للقاضي العمارتي، م س، ص: 230-231.
[44] -وهذا الحكم أيد من طرف مجلس الاستئناف الشرعي، الأحكام الشرعية للقاضي العماري، ص: 154 و155.
[45] -قرار عدد 1978 وتاريخ 01 أكتوبر 1990 ملف رقم 3148/86.
[46] -ومن سبل الترجيح بين البينات تقديم الحجة الناقلة على الحجة المستصحبة، والحجة العدلية على الحجة اللفيفية، وشهادة العدلين على شهادة العدل الواحد، والحجة المؤرخة على تلك المجردة من التاريخ، والحجة المثبتة على النافية، والقطعية على الظنية، والمفصلة على المجملة، وتقدم بينة مبين السبب وبينة متقدم تاريخ الحجة على عكسهما، وهو ما أراده الزقاق عند قوله:
وملك على حوز وزيد عدالة                    وبالنقل والإثبات أو ما قد أصلا
وخليل عند قوله: "وبنقل على مستصحبة..." إلخ، المختصر، م س، ص: 224.
[47] -نفسه، ص: 444 وقد أيد الحكم المذكور من لدن مجلس الاستئناف الشرعي الذي تبنى علله وحيثياته للقول بتأييده.
[48] -محمد بن يسوف الكافي، إحكام الأحكام على تحفة الحكام، م س، ص: 11.
[49] -الشقص: النصيب والحظ في الملك، والجزء أو الطرف من الأرض.
[50] -طعن رقم 120 لسنة 95 جلسة 10/10/1946 حسن الفكهاني، م س، صك 541.
[51] -قرار عدد 1616 بتاريخ 31/12/1988، ملف أحوال شخصية عدد 98226، مجلة رابطة القضاء، عدد 20-21، ص: 119.
[52] -ألزم علماء الوثائق جمع كلمتي العدل وغيرهم في الشهادة وإلا سقطت، وقد نص عليه التسولي في شرحه للتحفة عند قوله صاحبها:
والجمع فيما بين أهل العدل           وغيرهم جاء صحيح النقل
بل قيل فيها إنها لا تكمــــل            إلا بذلك وبهذا العمــــــــل  
فلا بد في كل أضرب الشهادات من ذكر الشاهد لمستند علمه الخاص أو العامنوإلا عد ذلك قادحا فيها، وقد تستبعد الشهادة للعلة المذكورة، ويقع على العدل أو الموثق استفساره عنها تحت طائلة بطلان الشهادة.
[53] -وتجنبا لإنشاء رسوم عدلية تصحفيا وزورا صير إلى إجراء التعريف بالرسوم أو التعريف بالعدلين أو الرفع على الرسوم، والمقصود به بيان أنهما وقت تلقيهما للإشهاد بالرسم كانا فعلا متسببين لخطة العدالة ومنتصبين للإشهاد، واستمرا على ذلك إلى حين الوفاة أو الإعفاء والتعريف يكون برسم يشهد فيه عدلان بمعرفتهما للعدل المعرف به، وبأنه كان عدلا إلى حين وفاته أو استقالته أو إعفائه، ويخاطب قاضي التوثيق على الرسم المذكور بعد تحققه من صحة الوقائع المذكورة بالرجوع إلى سجلات التوثيق الممسوكة لديه، وذلك منعا لكل تحايل أو تدليس قد يستغل في إنشاء رسوم تصحيفا.
[54] -وغني عن البيان أن للشاهد الرجوع عنو شهادته ما لم يمض الحكم الذي قضى وفقها، فيجوز قوة الشيء المقضي به، فمن تطبيقات المجلس الأعلى في هذا الصدد، ما قضى به من أن: "من المقرر فقها عند تعارض الحجتين... تقديم الحجة الناقلة على المستصحبة..." قرار عدد: 416 المؤرخ في 11/5/1982، ملف عقاري عدد 84446 نقلا عنو محمد القدوري، م س، ص: 261.
[55] -يراجع تعليق لمحمد الصقلي رئيس الغرفة الشرعية بالمجلس الأعلى سابقا على القرار عدد: 131 وتاريخ 8 أبريل 1981، ملف شرعي عدد: 58477، مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 29، م س، ص: 67.
[56] -أي إن محل إعمال هذه القاعدة عو عند إجراء عملية المفاضلة والترجيح بين الحجج والوثائق المستظهر بها، وهي قاعدة كثيرا ما يعول عليها ويستند إليها للقول بترجيح البينة وهي الحجة الواضحة على محض الحوز ومجرد وضع اليد.
[57] -فهذه القاعدة لا تعدو أن تكون من تطبيقات قاعدة وجوب تقديم البينة والحجة المفسرة على المجملة والمحتملة، وهكذا القواعد الفقهية بعضها أعم وأكثر أخص.
[58] -أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي، من فقهاء المالكية القضاء، ولد ببغداد سنة 362 هـ، تولي القضاء بالعراق، له مصنفات في الفقه المالكي، أشهرها كتاب "التلقين" وكتاب "المعونة"، توفي رحمه الله بمصر سنة 422 هـ (الديباج 261-252 الشجرة 1/154).
[59] -قرار عدد 466 وتاريخ 25 مارس 1986 ملف شرعي عدد 5304/85 مجموعة قرارات المجلس في مادة الأحوال الشخصية، ص: 17.
[60] -قرار عدد 537 وتاريخ 15/02/1995، ملف عدد 2165/87 قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ، م س، ص: 283.
[61] -قرار عدد 286 وتاريخ 24/06/1970، مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 20، م س، ص: 14.
[62] -قرار عدد 217 وتاريخ 8 مايو 1968، مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 1، ص: 28.
[63] -يراجع قرار المجلس الأعلى عدد 110 وتاريخ 8/5/1985 ملف مدني عدد 5-720 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 37-38، م س، ص: 60.
[64] -يراجع الحكم عدد 67 وتاريخ 8 شتنبر 1936، قضية رقم 2382 الصادر عن قاضي فاس، حيث ألغاه مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى بعلة عدم تقيده بما سقناه ولاعتباره عبارة: "بما تحاز به الأملاك شرعا" قادحا في رسم التبرع، تراجع الأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى في المادة العقارية، المجلد الثالث، م س، ص: 360.
[65]  الحسين المحجوبي : مرجع سابق الصفحة 136
[66] قرار  رقم 106 مؤرخ في 7/3/2006 ملف مدني عدد 340 8/2005 منشور  بكتاب قضايا المنازعات العقارية للدكتور إدريس الفاخوري الصفحة 371  الطبعة الثانية  ص 371
[67] أبو عبد الله محمد بن محمد عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب الرعيني : مواهب الجليل لشرح مختصر خليل  المجلد السابع ص 341
[68] أبو الشتاء بن  الحسن الغازي الحسيني : التدريب على تحرير الوثائق العدلية و ثيقة وشرح مطبعة الأمنية الرباط الطبعة الثانية 1995 الصفحة 138
[69]  محمد بن يوسف الكافي إحكام الحكام  على تحفة تحفة الحكام  دار الفكر بيروت لبنان الطبعة الاولى 2003الصفحة 195
[70] جواد الهروس : الاستحقاق و الحيازة في الفقه المالكي و القانون الوضعي  رسالة دبلوم الدراسات العليا ، كلية الشريعة بفاس السنة الجامعية 2000-2001
[71] القرار عدد 1226 الصادر بتاريخ 6 يونيو 1990 في الملف رقم 1001/86 عبد العزيز توفيق : قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ خلال أربعين سنة الصفحة 196.
[72] قرار محكمة النقض عدد 123 الصادر بتاريخ 19/1/2001 في الملف المدني رقم 1402/1/1/200 غير منشور أحال عليه الدكتور محمد بادن : دعوى الاستحقاق العقارية على ضء الفقه المالكي و التشريع المغربي و العمل القضائي صفحة 63 .الطبعة الأولى 2013.
[73] قضايا المنازعات العقارية للدكتور إدريس الفاخوري الصفحة 386  الطبعة الثانية  2016

[74] الدكتور محمد بادن : دعوى الاستحقاق العقارية على ضء الفقه المالكي و التشريع المغربي و العمل القضائي صفحة 63 .الطبعة الأولى 2013.

[75]قرار عدد 610 المؤرخ في 14/11/2006 ملف مدني عدد 377/8/2005 عن محكمة الاستئناف بالحسيمة منشور بكتاب  قضايا المنازعات العقارية للدكتور إدريس الفاخوري الصفحة 310 الطبعة الثانية  2016
[76] الدكتور محمد بادن : دعوى الاستحقاق العقارية على ضء الفقه المالكي و التشريع المغربي و العمل القضائي صفحة 65 .الطبعة الأولى 2013.
[77]  القرار عدد 1290 الصادر بتاريخ 21/10/1986 ملف رقم 4767/84 منشور مجلة قضاء المجلس الاعلى العدد 40 السنة  1987 ص 144
[78] نفس المرجع السابق الدكتور محمد بادن : دعوى الاستحقاق العقارية على ضء الفقه المالكي و التشريع المغربي و العمل القضائي صفحة 65 .الطبعة الأولى 2013.

[79] محمد ابن معجوز : وسائل الاثبات في الفقه الاسلامي الصفحة 263
[80] جواد الهروس مرجع سابق الصفحة 209
[81] قرار عدد 545 المؤرخ في 23/12/2009 ملف عدد 311/10/07عن محكمة الاستئناف بالناظور  منشور بكتاب  قضايا المنازعات العقارية للدكتور إدريس الفاخوري الصفحة 330  الطبعة الثانية  2016
[82] -أما أجرة القاسم على نحو ما جرى به العمل في سوس فقال عنها شيخنا العبادي" وأما أجرة القاسم فلم نر من حدها سوى ما كتبه سيدي داود لبعض من سأله أنها ستون درهما للدمنة الكبيرة، والحق أنها على قدر المشقة، وهي في المشهور على الرؤوس كما في المختصر" وأجره بالعدد "ولكن الذي يعمله قضاة الوقت أنها على الأنصبة لأنهم يبيعون مشتركا بينهم لتوخذ منه" فقه النوازل في سوس قضايا وأعلام، صك 236.
[83] -المعيار ج 8، ص: 119.
[84] -ابن رشد، المرجع السابق، ص: 200 وحاشيبة الصاوي على الشرح الصغير الدردير، الجزء الثالث ص: 671 والخرشي علي خليل، الجزء السادس، ص: 193.
[85] -الشيخ الكافي، أحكام الأحكام على تحفة الحكام، صك 205. طبعة دار الفكر والخرشي على المختصر الجزء السابق، ص: 189.
[86] -وعدم حكم المحكمة بإجراء الخبرة لا يعيب الحكم متى لم يطلب منها تصريحا، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار له حيث جاء فيه: "الحكم بالقسمة بدون إجراء خبرة لا يجعل الحكم باطلا ما دام أن الأطراف لم يطلبوا أمام محكمة الموضوع إجراء خبرة" قرار عدد 808 وتاريخ 06/09/2000 ملف عقاري عدد 118/96 غير منشور.
[87] -وهذا الطريقة منصوص عليها في تأليف الشافعية والحنابلة، المغني الجزء التاسع ص 125 ومغني المحتاج الجزء الرابع، ص: 422.
[88] -جواهر الإكليل، شرح مختصر خليل المجلد الثاني، ص: 166 وابن جزي القوانين الفقهية، ص: 210.
[89] -شرح ميارة على تحفة الحكام، الجزء الثاني، ص: 960 والقوانين الفقهية، ص: 210 وبداية المجتهد الجزء السابق، ص: 202.
[90] -التسولي، البهجة في شرح التحفة الجزء الثاني ص 132 والمدونة الكبرى الجزء 14 كتاب القسمة، ص: 189، وأحكام الحكام للكافي الجزء السابق، ص: 207.
[91] -جاء في شرح الخوشي "إن قسمة القرعة إذا طلبها بعض الشركاء وإياها بعضهم فإن الطالب لها يجاب إلى سؤاله ومجبر عليها من إياها..." الجزء السادس، ص: 196.
[92] -وفي المعيار ما نصه: "وسئل الأستاذ أبو سعيد ابن لب عن فندق بين رجلين في قرية... فذهب أحدهما إلى قسمته وامتنع الآخر من ذلك وقال إن في قسمته ضررا فهل يجيز الممتنع من القسمة عليها أم لا؟ فأجاب: يجير على القسمة من أباها إذا طلبها أحد الشريكين إلا أن يثبت أن القسمة في الفندق تعود بالضرر، فإن ثبت ذلك بوقوف أهل البصر وشهاداتهم منع منها على مذهب ابن القاسم وبه جرى العمل" ج 8، ص: 137.
[93] قرار عدد1795 بتاريخ 10/07/1991 ملف عدد 476/87 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 75 .
[94] قضاء المجلس الاعلى في القسمة من سنة 1988 إلى 2004 الجزء الثاني عبد العزيز توفيق ص 49.
[95] حكم صادر بتاريخ 10/3/2008 ملف عقاري عدد 454/7/06 منشور بكتاب قضايا المنازعات العقارية للدكتور ادريس الفاخوري الطبعة 2 2016 ص 469.
[96] قرار عدد 690 بتاريخ 27/06/2001 ملف عقاري عدد 210/2/2/96 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 267.
[97] -وغني عن البيان أن إثبات أصل التمالك للمطلوب قسمته مسألة تشترك فيها العقارات المحفظة والعقارات غير المحفظة، فقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط:
"لا يحكم بالقسمة بين الأطراف حتى يثبت الملك لهم.
وحيث إن الشهادة العقارية للرسم العقاري (قضية الحال تتعلق بعقار محفظ) تشهد بأن ملكية هذه الدار تعود أطراف النزاع مما يكون طلب قسمتها من غير مالكيها مفتقرا لأحد شروطه وهو ثبوت الملك المتنازعين في القسمة "لذلك قضت محكمة القرار بإبطال الحكم الابتدائي الذي قضى بقسمة الدار. قرار عدد 3104 وتاريخ 02/05/2000. ملف عدد: 621/2000 غير منشور وجاء في قرار للمجلس الأعلى: "إذا رفع الوصي أو الورثة أمرا للقاضي ليقسم بينهم فإنه لا يقسم بينهم حتى يثبتوا أصل الملك للموروث واستمراره بيده وحيازته وإثبات وعدة الورثة". قرار عدد 856 وتاريخ 25/04/95. ملف الأحوال الشخصية، عدد 6289/90. ذ عبد العزيز توفيق، م س، ص: 310.
وفي معيار الونشريسي: "وسئل بل الحاج عن قرية فيها حصة لبيت المال وسائرها لأربابها فذهب إلى قسمتها، فأجاب: "يوكل الوالي إلى حصة بيت المال من يقسم عليها ويثبت التوكيل عدد القاضي بعد أن يثبت عند القاضي ملك القرية لأربابها مع بيت المال. قلت: حكى بعضهم إجماع مالك وأصحابه أنه لا يجوز للقاضي أن يأذن للورثة في القسمة حتى يثبتوا أصل الملك لموروثهم واستمراره بحوزه والموت والوراثة وبه جرى العمل عند شيوخ قرطبة وطليطلة" ج 8، ص: 116.
[98] -أما إذا لم ينازع الورثة طالبوا القسمة فيكفيهم الإدلاء بالإراثة، فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى "القسمة تحقق موجباتها بالإدلاء بالإراثة ومخلف لم تقع معارضته أمام المحكمة" ملف عقاري عدد 839 ملف عدد 5364/94 مؤرخ في 28/09/99 غير منشور.
[99] -فقد جاء قرار للمجلس الأعلى: يلزم في دعوى القسمة إدخال جميع الورثة، وإذا أهملت المحكمة ذلك تعرض قرارها للنقض" قرار عدد  863  وتاريخ في 05/10/99 ملف عقاري عدد 5324/94 غير منشور .
وبهذا تتميز دعوى التمكين من الواجب فالأولى توجه ضد جميع الأشراك بينما الثانية توجه ضد حائز المدعى فيه دون غيره.
[100] قرار عدد 27 بتاريخ 16/01/2002  ملف عقاري عدد 301/2/1/98 عبد العزيز توفيق قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 .ص 289.
[101] قرار عدد 4687 بتاريخ 13/10/1999 ملف عدد 3450/97 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 201  .
[102] قرار عدد 875 بتاريخ 20/12/1996 ملف 6089/91 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 143  .

[103] قرار عدد 810 بتاريخ 06/02/1996 في الملف رقم 3942/91 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 127. .
[104] قرار عدد154 بتاريخ 9/1/1996 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 115 .
[105] قرار عدد 2636 بتاريخ 30/10/1991 ملف رقم 3037/89 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 81 .

[106] -ويكون منطوق الحكم التمهيدي بعد ثبوت موجبات القسمة كالتالي: تحكم المحكمة تمهيديا بإجراء خبرة يعهد بها للسيد ( ) تحدد مهامه في النقط التالية:
1-استدعاء أطراف النزاع شخصيا بواسطة رسائل مضمونة الوصول والاستماع إليهم بشأن موضوع النزاع 1-استدعاء أطراف النزاع شخصيا بواسطة رسائل مضمونة الوصول والاستماع إليهم بشأن موضوع النزاع.===
          2-الوقوف على المدعى فيه وبيان طبيعته ومشتملاته وشكل استغلاله وموقعه والحائز له كل أر منه وتحديد قيمة المنشآت المتواجدة به.
          3-بيان كون المدعى فيه قابل للقسمة الكلية أو الجزئية بين أطراف النزاع على أقل نصيب دون ضرر في حالة الإيجاب إعداد مشروع لذلك يتسم بالموضوعية والعدالة لفرز نصيب المدعي عن باقي الشركاء موضح على تصميم هندسي مرفق بالملف وفي حالة العكس تخديد ثمن الأساسي للبيع.
4-إعداد ذلك في تقرير مكتوب بنسخ كافية لعدد
 يتم إيداعه لدى هذه المحكمة داخل أجل شهر واحد من تاريخ التوصل.
5-تحدد أجرى الخبير في مبلغ (...ذ درهم تودع من طرف المدعي داخل أجل 15 يوما من تاريخ التوصل.
6-يحتفظ بالبت في حقوق الأطراف والصائر إلى ما بعد الخبرة أو صرف النظر عن ذلك.
7-يحال الملف على قسم الخبرات إلى حين الإنجاز (وإذا كان من الأفضل عدم الإشارة إلى هذه الملاحظة في ذات الحكم التمهيدي مع التنبيه إلى أن اعتراف القاضي المقرر وتتبع الملفات الرائجة في فترة الخبرة وما أنجز من الخبرات وما لم ينجز فضلا عن عدم الإذن يسحب صائر الخبرة، إلا بعد الاطلاع عليهما وللتأكد من احترام الشروط الشكلية والموضوعية المحددة في الحكم التمهيدي).    
[107] -       -وعلى الخبير استدعاء جميع أطراف دعوى القسمة تحت طائلة البطلان، فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى: "إجراء الخبرة لإعداد مشروع القسمة دون استدعاء الأطراف طبقا للفصل 63 من قانون المسطرة المدنية يعد خرقا للفصل المذكور وموجبا للنقض".
-قرار عدد 608 وتاريخ 06/06/2000 ملف عدد 461/95 غير منشور.
[108] قرار عدد 876 بتاريخ 10/12/1966 ملف 6569/92 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 201  .

[109] قرار عدد 121 بتاريخ 08/2/2000 ملف 161/2/1/95 عبد العزيز توفيق  قضاء محكمة النقض في القسمة من سنة 1960إلى 2015 طبعة 2016. ص 209  .

[110] -ولمزيد من التفصيل في موضوع القسمة تراجع التحفة "فصل في القسمة" والتي تبدأ من قول المتحف:
ثلاث القسمة في الأصول              وغيرها تجتوز مع تفصيل
والعمل الفاسي تراجع القسمة في مسائل "الرهن والضمان والشركة والقسمة".
والعمل المطلق تراجع القسمة في فصل "الشفعة والقسمة والقراض"، والتي تبدأ من قول ناظمة:
وراع في جواز قسمة العقار                    وغيره معنى حديث لا ضرار
والشيخ خليل تراجع القسمة في باب "القسمة تهايؤ في الزمن" ص: 232.
[111] ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006
ص 63 و ما بعدها .
[112] -وفي لسان العرب أن ابن عباس سئل عن اشتقاق الشفعة في اللغة فقال الشفعة الزيادة، مادة شفع الجزء الرابع، ص: 2289.
[113] -شرح الزرقاني لمختصر خليل، الجزء السادس باب الشفعة ص: 172. وعرفها الدردير بقوله:" هي استحقاق شريك أخذ ما عاوض به شريكه من عيار بثمنه أو قيمته بصيغة" الشرح الصغير ج 3. ص 230 والشرح الكبير ج 3 ص 473 وقريب من هذه التعاريف تعاريف الجنابلة. أنظر في هذا الموضوع غني المحتاج الجزء الثاني ص 296 وكشف القناع الجزء الرابع ص: 196 والمغني الجزء الخامس، ص: 284.
أما عند الحنفية فالشفعة هي حق تملك العقار المبيع جبرا عن المشتري بما قام عليه من ثمن لدفع ضرر الشريك الداخل أو الجوار تبين الحقائق ج 5 ص 239 والدر المختار ج 5 ص 125 وتكملة الفتح ج 7 ص 407.
[114] -رواه البخاري في كتاب الشفعة باب الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، رقم الحديث 2097 وذكره أيضا في البيوع تحت رقم 2026 و2061 وفي الشركة تحت رقم 2315 و2316 وفي كتاب الحيل تحت رقم 6461، ورواه مسلم في صحيحه في كتاب المسافات تحت رقم 3016 و3017 و3018، والترميذي في كتاب الأحكام تحت رقم 1291 والنسائي في كتاب البيوع تحت رقم 45678 و4621 و4622 و3049 ورواه أيضا أبو داود في كتاب البيوع تحت رقم 3044، وابن ماجة في كتاب الأحكام تحت رقم رقم 2490 ورواه أحمد في مسند باقي المكترين تحت رقم 13641 و13883 و14325 و14469 و14563 و14751.
[115] -رواه أبو جاود في كتاب البيوع، رقم الحديث 3053.
[116] -آخره البخاري في صحيحه في كتاب الشفعة  تحت رقم 2098 وفي كتاب الحيل رقمه 6463 و6465 و6466 وأخرجه النسائي في البيوع تحت رقم 4623 وابن ماجة في الأحكام تحت رقم 2486 وأحمد في مسنده في مسند القبائل تحت رقم 25927. ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006ص 63 و ما بعدها .
[117] -سورة "ص" الآية 23.
[118] -والقول بأن حكمة مشروعية الشفعة هو دفع ضرر  الشريك الدخيل يجعل الشفعة معللة، وقد اختلف فقهاء المذهب المالكي في ذلك، قال زروق في شرحه للرسالة: "واختلف في الشفعة هل هي معللة أم لا؟ فقيل غير معللة بل عبادة، نقله ابن العربي عن إمام الحرمين، وقيل معللة بضرر من الشريك الذي أدخله البائع قاله ابن رشد في أجويته" زروق على الرسالة، ج 2 ص: 199.
[119] -قال الحطاب: "قال في كتاب الشفعة من المدونة (يريد الإمام مالك) ولا شفعة بالجوار الملاصقة في سكة أو غيرها" مواهب الجليل ج 5 ص 312 وما ذهب أهل البصرة أن الشفعة تثبت أيضا للجار ومذهب العراقيين أن الشفعة تثبت إضافة إلى الشريك غير المقاسم والشريك في حق من حقوق البيع للجار الملاصق.
[120] -قال ابن أبي زيد القيرواني: "وإنما الشفعة في المشاع ولا شفعة فيما قد قسم" زروق في شرحه للرسالة، ج 2، ص: 191.
[121] -قرار عدد 678 تاريخ 25/3/1991 غير منشور وجاء في قرار المجلس الأعلى: "الملكية على الشياع شرط أساس لقبول طلب الشفعة..." قرار عدد 78 وتاريخ 25/01/83، ملف عدد 91980 الأستاذ عبد العزيز توفيق قضاء المجلس الأعلى في الشفعة خلال أربعين سنة، الطبعة الأولى 1419/1999، ص: 220.===
وجاء قرار آخر: "من المعلوم فقها أن الاشتراك بمساحة محددة وغير معينة لا يخول صاحبه حق الشفعة كما نص على ذلك العلامة الزرقاني لدى شرحه لقول خليل الشفعة أخذ شريك نال لجزء شائع ولا بأذرع معينة فلا شفعة لأحدهما على الأخرى قطعا لأنهما جاران، ولا بغير معينة عند مالك ورجحه ابن رشد وافتى به، لهذا تكون المحكمة على صواب لما رفضت دعوى الشفعة لعدم إثبات الاشتراك الموجب لها" قرار عدد 646 وتاريخ 26/01/83 ملف عدد 95123 الأستاذ عبد العزيز توفيق، مرجع سابق، ص: 222.
[122] -أبو زهرة، الملكية ونظرية العقد، ص: 152 والتمهيد لابن عبد البر القرطبي المالكي، ج 7، ص: 36.
[123] -حاشية المهدي الوزاني علي الشيح التاودي علي، التحفة الجزء الثاني، ص: 483 والزرقاني علي خليل، الجزء السادس، ص: 170.
[124] -لذلك قضت محكمة الاستئناف بالرباط برفض طلب المستأنف شفعة الشقص المبيع بمقولة أن حالة الشياع المبررة للأخذ باتلشفعة لم تعد قائمة بعد وقوع قسمة نهائية بين المشتاعين، قرار عدد 1145 وتاريخ 15/02/2000 ملف عدد 5764/99 غير منشور.
[125] -التسولي، البهجة في شرح التحفة، الجزء الثاني، ص: 128 وحاشية الشيخ بناني على المختصر، الجزء السادس، ص: 181  والمهدي الوزاني، النوازل الصغرى، الجزء الثالث، ص: 447 و448.
[126] -والملاحظ كما نبه إلى ذلك الشيخ ابن معجوز أن مذهب الظاهرية في التسوية بين المنقول والعقار في خضوعهما للشفعة هو أقوى المذاهب كما ألمح إلى ذلك غير واحد من الفقهاء، والملائم لعصرنا الحالي خصوصا وأن بعض المنقولات في زمننا أضحت لا تقل أهمية عن العقار بل قد تفوقها كالسفن والطائرات وهذا ما فطنت إليه بعض التشريعات كالتشريع المدني المصري والليبي رغم تسميته لها بمسمى آخر وهو حق الاسترداد.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون العقود والالتزامات الصادر في 1913 كان قد أفرد أربعة فصول للشفعة وهي الفصل 973-974 -975 –976. وكانت تسري على العقار والمنقول ثم بصدور ظهير 1915م والمتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة أصبح هذا التشريع يطبق على العقارات المحفظة، أما غير المحفظة فبقيت تخضع لأحكام الفقه الإسلامي فيما يخص أحكام الشفعة وبذلك أصبحت المنقولات هي وحدها الخاضعة لقانون العقود والالتزامات، وغني عن البيان أن الفقه الإسلامي يطبق على العقارات غير المحفظة اساسا، على العقارات المحفظة في حالة عدم وجود مقتضى يحكم حالة ما، وهذا ما ينص عليه صراحة الفصل 106 من ظهير 1915 المتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة وذلك طبعا بإعمال القاضي لما جرى به العمل ثم الراجح والمشهور. ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006ص 63 و ما بعدها .
[127] -فبعد اتفاق فقهاء المذهب في الجملة على ثبوت الشفعة في العقار اختلفوا في تحديد مفهومه فهو عند المالكية كما سبق بيانه هو ما لا يمكن نقله أبدا وهي الأرض أو ما لا يمكن نقله إلا بتغيير هيأته وهو البناء والشجر، ويرى غير المالكية أن العقار هو ما لا يمكن نقله أبدا وهو مختص بالأرض، أما غيرها من الأبنية والأشجار فهي منقولات، أنظر في نفس الموضوع بالنسبة لغير المالكية مغني المحتاج، ج 2، ص: 297، وكشاف القناع، ج 4، صك 155، وبالنسبة للمنالكية يراجع الشرح الصغير ج 3، صك 634 إلى 639 وبداية المجتهد، ج 2 ص 254 والقوانين الفقهية، ص: 236 والبهجة في شرح التحفة، ج 2، ص: 108.
[128] -جاء في معيار الونشريسي: "فأما الأمر الأول فهو هل في الحمام شفعة أم لا؟ فالذي في المدونة عن مالك الشفعة ورواه أيضا عنه ابن القاسم وابن الماحشون وإسماعيل بن أبي أويس"، ج 8، ص: 112.
[129] -قال التسولي في البهجة في شرح التحفة: "وفي الموازية إنما هو على أن لا شفعة فيما لا ينقسم" ج 2 ص 109 وقال صاحب عراضة الأحوذي تعليقا على حديث جابر قضى رسول الله (ص) بالشفعة في كل ما يقسم: "قوله فيما لم يقسم دليل على أن ذلك مختص بما تتأتى قسمته" ج 6، ص: 133.
وقريب منه تحفة الحبيب للشيخ البجريمي ج 3 ص 135 وفي نفس الإطار إرشاد الساري، ج 4، ص: 123.
[130] -جواهر الإكليل على مختصر خليل، الجزء الثاني، ص: 152.
[131] -حاشية الشيخ بناني على شرح الزرقاني لخليل الجزء السابق، ص: 172 و173.
[132] -وقد نقل الونشريسي في معياره مسألة سئل فيها الفقيه العبدوسي عن الشفعة في الثمار فقال: "...وأجاب شيخ شيوخنا أبو عبد الله سيدي محمد ابن مرزوق بما نصه: اختلف في الشفعة في الثمار فأوجبها مالك في المدونة استحسانا، وقال ما علمت من قاله قبلي" المعيار، ج 8، ص: 86.
[133] -المعيار، ج 8، ص: 85.
[134] -المهدي الوزاني النوازل الصغرى الجزء السابق، ص: 439 و400، شرح التسولي للتحفة، الجزء السابق، ص: 127.
[135] -قرار عدد 22 وتاريخ 2/1/81 غير منشور.
[136] -المهدي الوزاني، النوازل الصغرى الجزء السابق، ص: 441، والزرقاني على المختصر، الجزء السابق، ص: 172.
[137] -ذ. سليمان الحمزاوي، أحكام الشفعة والصفقة، ص: 36.
[138] -قرار عدد 1318  وتاريخ 21 أكتوبر 1986 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 257.
[139] -وفي كتب الأحناف أن القاضي إذا سأل المشتري عن ملكية الشفيع لما يشفع به وأقر بها لكفاه ذلك الإثبات، وإلا فوجب عليه إثبات تملكه، تكملة الفتح ج 7 ص 421، وتبين الحقائق، ج 5، ص: 244.
[140] -قضية عدد 243 وتاريخ 6 ذي الحجة 1338 غير منشور.
[141] -قرار عدد 134 وتاريخ 9 يناير 1968 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 175 ومجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 27، ص: 105.
[142] -قرار عدد 38 وتاريخ 22 يناير 1980 ملف شرعي عدد 60309 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 188.
[143] -الأستاذ الوافي العراقي، قضاء المجلس الأعلى، عدد 27، ص: 110.
[144] -د. ابن معجوز، مرجع سابق، ص: 134-135.
[145] -وهكذا نقض المجلس الأعلى قرارا استئنافيا حيث سبق لشخص أن رفع دعوى يطلب شفعة ما اشتراه المدعى عليه من شريكه، واعترف المدعي عليسه بالشراء، فألغت محكمة الاستئناف طلب المدعي لعدم إثباته الشراء، إلا أن المجلس الأعلى نقض هذا القرار بمقولة أنه كان يتعين على محكمة القرار ما دامت لم تكتف باعترافات المدعى عليه بالشراء أن تكلف ا لمدعى بالإدلاء برسم الشراء وتعطيه الأجل الكافي لذلك (التلوم) أو على الأقل أن تلغي الدعوى على الحالة قرار عدد 176 وتاريخ 09/09/83. قضاء المجلس الأعلى عدد 33 ص: 71.
[146]  -وفي المقابل فإن المشتري إثبات علم الشفيع بالبيع بسائر وسائل الإثبات، وهكذا نقض المجلس الأعلى قرارا استئنافيا ذهب خلاف ذلك، حيث جاء في تعليلات القرار: "إن العلم بالشراء كواقعة مادية يمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات ومنها الشهود وإن المحكمة التي رفضت دعوى الاستماع إلى الشهود الذي طلب الطاعن الاستماع إليهم في المرحلة الابتدائية وجدد طلبه في المرحلة الاستئنافية التي درته بأن مسألة العلم مسألة شخصية تكون قد عللت قضاءها تعليلا فاسدا وعرضته للنقض" قرار عدد 256 وتاريخ 26/03/93 في الملف المدني عدد 5413/91 عبد العزيز توفيق، مرجع سابق، ص: 316.
[147] -الدكتور محمد ابن معجوز، أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، ص: 234 إلى 236.
[148] -وففي معيار الونشريسي فتوى للقاضي سيدي علي ابن محمود سئل فيها عن مسألة إنكار البائع والمشتري التبليغ فقال: "الفقه والله تعالى أعلم في المسألة أن يحلف أولا البائع، فإن حلف سقطت الشفعة، وإن نكل حلف المشتري، فإن حلف فعلى قول ابن القاسم في المدونة المشتري تسقط عنه العهدة إذا أنكر التبايع وأقر به البائع أن الشفعة تسقط لأن العهدة على المشتري تسقط الشفعة" ج 8، ص: 90.
[149] -قال زروق في شرحه لقوله صاحب الرسالة: "ولا شفعة للحاضر بعد سنة"، "فاختلف في منتهى المدة على تسعة أقوال" زروق على الرسالة ج 02، ص: 194.
[150] -وإذا كان أخذ الشفعة في مذهب مالك على التراخي ولعى منتسع لا على الفور (إلا إذا استعجل الشفيع في ذلك)، فإن مذهب الحنفية هو وجوب طلب الشفعة فور العلم بالبيع لأنها عندهم حق ضيق فيتقوى بالمسارعة في طلبه، وهو مذهب الشافعية والحنابلة أيضا وعلى الشفيع عندهم أن يشهد على طلب الشفعة حين يعلم بالبيع ما لم يكن له عذر مانع من الطلب، عمدتهم في ذلك حديث ضعيف قال فيه النبي (ص): "الشفعة كحل العقال" (رواه البزار وابن ماجة وابن عدي من حديث ابن عمر وضعفه صاحب نصب الراية). ولأن أخذها على التراخي عندهم ربما أضر بالمشتري لعجم معرفعته هل يملك بصفة قطعية أم لا؟ واعتمدوا أيضا على حديث قال فيه النبي (ص) "الشفعة لمن واتبها" وقد رواه فقهاؤهم في كتبهم وقال عنه الزيلعي حديث غريب واعتبره صاحب نص الرابة أثرا وليس بحديث.
بالنسبة للمالكية يراجع الشرح الكبير ج 3 ص 287 والشرح الصغير، ج 3 ص 639 وبداية المجتهد ج 2 ص: 259 ويقارن بتأليف الحنفية خصوصا الهداية مع تكملة الفتح ج 7 ص 456 ورد المحتار على الدر المختار ج5 ص: 157 وتبين الحقائق ج 55 ص: 248.
[151] -عدد 1141 وتاريخ 13/11/1985 ملف عقاري عدد 18/84 غير منشور.
[152] -والشافعية مثل المالكية قالوا بأنه إذا أسقط الولي الشفعة بعد علمه فليس للمحجور المطالبة بها بعد رشده، أما الحنفية وزفر ومحمد من الحنفية فقالوا بأن للصغير إذا رشد المطالبة بالشفعة سواء أسقطها الولي أو لم يسقطها، سواء كان ذلك نظرا وسدادا أم لا لأنه هو المستحق للشفعة فهي حق له لا لغيره، تبيين الحقائق ج 5 ص 236، والشرح الكبير ج 3، ص: 286، والشرح الصغير، ج 3، ص: 645.
[153] -أبو العباس أحمد يحيى الونشريسي إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، ص: 383.
ولعل في إدخال البخاري حديث الشفعة ضمن كتب البيوع إشارة إلى أن الشفعة بيع وهو أحد المذهبين فيها أنظر في هذا الموضوع فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج 4 ص 549، ويرى ابن عرفة أن الشفعة استحقاق وقال ابن عبد السلام الشفعة شراء الدسوقي على الشرح الكبير ج 3 ص 483.
[154] -قرار عدد 522 وتاريخ 29/2/1979 ملف الأحوال الشخصية عدد 12561 الاستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 182.
[155] -وللاا يفوتنا التذكير في هذا المقام على دقيقة من الدقائق الشكلية القضائية الهامة وهي أنه إذاقام الشفيع دعوى الشفعة ضد المشتري داخل الأجل القانوني وانتهت بعدم القيول شكلا فإن أجلا للشفعة يبتدأ من يوم صدور هذا الحكم قرار محكمة الاستئناف بالرباط عدد 733 وتاريخ 02/02/99 ملف عدد 3398/99 غير منشور.
[156] -فقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط: "وحيث إن العلم بالبيع من لدن الشفيع قبل تاريخ... غير ثابت بأي دليل بعد إنكاره الشيء الذي يصدق في زعمه تبعا لقاعدة وصدق إن أنكر علمه" قرار عدد 733 وتاريخ 02/02/99 ملف عدد: 3389/98 غير منشور.
[157] -قرار عدد 338 وتاريخ 21 ماي 1966 غير منشور.
[158] -قرار عدد 763 وتاريخ 30 يونيو 1992 ملف شرعي عدد 4054/85 الاستاذ عبد العزيز توفيق المرجع السابق، ص: 277.
[159] -رغم أن ظاهر كتب المذهب أن الغائب على شفعته، قال صاحب الرسالة: "والغائب على شفعته وإن طالت غيبته" قال زروق ومثله في المدونة" زروق على الرسالة، ج 2، ص: 194.
[160] -مجموعة قرارات المجلس الأعلى في مادة الأحوال الشخصية، منشورات المعهد الوطني للدراسات القضائية الجزء الثاني من سنة 1983 إلى 1995، ص: 139.
[161] -نفسه.
[162] -فقد جاء في قرار المجلس الأعلى:
"لما كان طالب الشفعة قد استدل على غيبته إلى أمريكا منذ... شهادة القنصلية المغربية في أمريكا فإن هذه الشهادة تعتبر عاملة ولا يدحضها مجردالفلفيف".
-قرار عدد 874 وتاريخ 10/06/88 ملف شرعي عدد 5189 عبد العزيز توفيق مرجع سابق، ص: 289، وظاهر القرار أن المجلس الأعلى اعتبر أن المعمول عليه بالنسبة للقاطنين خارج أرض الوطن في علمهم بوقوع البيع الصادر من شريكهم أو عدمه هو الوثائق الرسمية الصادرة عن مختلف القنصليات، لكن في الحقيقة فإن المجلس الأعلى يرى خلاف هذا كله فقد ذهب في ذلت القرار إلى القول بأن حضور الشفيع إلى المغرب من حين إلى آخر لا يستلزم علمه بالبيع مستدلا في ذلك في ذلك ببعض القول الفقهية التي تنص== على تصديق دعوى المشتري إذا قال بأنه لم يكن بأن تصرف المشتري كان على وجه الشراء، رغم أن حرص الإنسان واستفساره الدائم يجعلان عدم علمه بوقوع البيع محال.
[163] -وقد قضت محكمة الاستئناف بالرباط برفض طلب الشفعة الذي قدمه المستأنفون بعد مرور الأجل بعلة أن بعضهم كان غائبا وأن أحدهم كان معتقلا، وردت محكمة الاستئناف دعواهم لكونهم لم يثبتوا هذه الغيبة، حيث جاء في تعليلات القرار: "حيث إن الغيبة المعلقة من طرف المستأنفين غير ثابتة في النزاع ببينة معتبرة ومتصلة، وأن الاعتقال بالسجن المدني المتعلق بأحد المستأنفين انتهى مفعوله حسب وثائق الملف سنة     وبقي المستأنف حرا منذ هذا التاريخ إلى غاية... اي بعد مرور أربع سنوات من تاريخ العقد، علاوة على أن هذه العلة زائدة بعد صيرورة الحكم بالقسمة نهائيا" قرار 1145 وتاريخ 12/02/2000 ملف عدد 5764/99 غير منشور.
[164] -وفي معيار الونشريسي ما نصه: "...سفر الشفيع خلال السنة إن كان سفرا يؤوب منه قبل مضي السنة، فعاقه عائق عنه حتى مضت السنة فهو على شفعته وإن كان سفرا بعيدا منه لا يؤوب منه قبل مضي سنة فتسقط شفعته بمضي السنة" ج 8، ص: 90-91.
[165] -د. ابن معجوز مرجع سابق، ص: 275. ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006
[166] -وفي مسألة الأولوية في الشفعة صاحب المعيار: "إذا باع بعض الشركاء في الأملاك حصته منها من بعض أشراكه فيها مع حصته من أملاك أخرى مشتركة بينه وبين المشتري منه، فإن كان بعض الشفعاء في الأملاك الأول والآخر أحق بالشفعة من سائرهم مثل أن يكون أهل سهم واحد وأهل وراثة دون سائرهم، فليس للأبعد أن يأخذ بالشفعة حتى يتوقف الأقرب على الأخذ والترك، فإن ترك كان للابعد أن يأخذ بها" ج 8، ص: 101.
[167] -قرار عدد 196 وتاريخ 25/2/86 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 242.
[168] -الونشريسي المعيار، ج 8 ص 105.
[169] -قرار عدد 918 وتاريخ 2 يوليوز 1985 ملف عقاري عدد 676 مجلة القضاء والقانون عدد 138، ص: 212.
[170] -قرار عدد 1023 وتاريخ 9 ماي 1990 ملف مدني عدد 2137/83 الأستاذ عبد العزيز توفيق المرجع السابق، : ص: 68.
[171] -قرار عدد 176 وتاريخ 18 مارس 1981 ملف شرعي عدد 68352 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 192.
[172] -وكثيرا ما يستدل المجلس الأعلى بقول سيدي خليل هذا فضلا عن غيره من الأقوال الفقهية، يراجع مثلا قرار عدد 184 وتاريخ 04/04/78 ملف شرعي عدد 57806 غير منشور. ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006
[173] -قرار عدد 929 وتاريخ 2/6/1985 غير منشور.
[174] -وفي معيار الونشريسي أن ابن الحاج سئل عن المشتري يدعي أنه اشترى مقسوما، وقال الشفيع بل اشتريت غير مقسوم، فأجاب القول قول الشفيع وعلى المدعي للقسمة البينة، قال ولو ادعى المشتري في أنها كانت قسمة بت وادعى الشفيع أنها كانت قسمة اغتلال واستمتاع كان القول قول الشفيع، وعلى المشتري إقامة البينة لها كانت قسمة بت" ج 8 ص 103.
[175] -قرار عدد1318 وتاريخ 12 أكتوبر 1981 ملف عقاري عدد 4431/84 الأيتاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابقن ص: 257. ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006
[176] -قرار عدد 134 وتاريخ 9 يناير 1968 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 175.
[177] -ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج 2، ص: 267.
[178] -قال المتحف:
          وحيثما في ثمن الشقص اختلف                 فالقول قول مشتر بعد الحلف
          إن كان ما ادعاه ليس يبعد            وقيل مطلقا ولا يعتمد
قال شارحه ميارة "يعني أنه إذا اختلف الشفيع والمشتري في ثمن الشقص المبيع، فقال الشفيع بثمانين وقال المشتري بمائة فثلاثة أقوال. الأول أن القول قول المشتري مع يمينه لكن إذا ادعى من الثمن ما لا يبعده، وهو قول ابن قاسم وابن الماجشون وإلى هذا القول أشار المؤلف، وقال اشهب إذا ادعى ما يشبه فالقول قول المشتري بلا يمين وفيما يشبه باليمين، وحكي عن مالك أنه قال إذا كمان المشتري ذا سلطان يعلم بالعادة أنه يزيد في الثمن قبل قول المشتري يغير يمين.." ميارة علي التحفة، ج 2، ص: 53.
[179] -ابن رشد، ج 267.
[180] -المهدي الوزاني النوازل الصغرى، ج 2 ص: 214. المرجع السابق ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006
[181] -المعيار ج 8 ص: 106.
[182] -نفسه.
[183] -فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى: "لا يجوز تجزئة الشفعة إلا إذا قبلها المشفوع منه وقد جاء في القوانين الفقهية ما نصه: إذا وجبت الشفعة لجماعة اقتسموا المشفوع فيه على قدر حظوظهم وإن سلم بعضهم فللآخر أخذ الجميع أو تركه وليس له أن يأخذ نصيبه خاصة إلا إذا إباحة له المشتري" قرار عدد 643 وتاريخ 15/03/90 ملف عدد 7249/88 عبد العزيز توفيق، مرجع سابق، ص: 264.
[184] -قرار صادر بتاريخ 06/06/1981  ملف عدد 352/79 غير منشور.
[185] -قرار عدد 176 وتاريخ 18/3/1980 ملف شرعي عدد 68352 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 238.
[186] -ذ. عبد العزيز توفيق، المرجع السابق، ص: 192.
[187] -قرار عدد 297 وتاريخ 16/3/1959 ملف شرعي عدد 1377 الأستاذ عبد العزيز توفيق، المرجع السابقن ص: 173
[188] -وهذا ما يتلاءم مع مقتضيات الفقه الإسلامي ففي نازلة ذكرها والونشريسي في معياره قال: وسئل ابن أبي زيد عن الشفيع يؤجله القاضي بالثمن ثلاثة أيام فهرب فيها فأراد المشفوع منه أن يعود فيما أخذه منه بالشفعة. فأجاب إن كانت غيبة هذا لنبدأ فالشفعة باطلة وهي زانلة عن المشتري، وإن كان له عذر في الغيبة فهو على شفعته" المعيار ج 8، ص: 104، فالشاهد قوله يؤجله القاضي بالثمن ثلاثة أيام وهذا الأجل ذكره أيضا المتحف عند قوله:
وبثلاثة من الأيام            أجل في بعض الأحكام
كمثال إحضار الشفيع بالثمن          والمدعي النسيان إن طال الزمن
وهذا الخلاف محسوم بالنسبة للعقارات المحفظة حيث وجب على الشفيع الاستشفاع والعرض العيني داخل الآجال المحددة عملا بالفصل 32 من ظهير 1915، فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى: "لكن حيث إن حق الشفعة بالنسبة للأملاك العقارية المحفظة يسقط حسب الأحوال بانصرام مختلف الأجال المنصوص عليها في الفصلين 31-32 من ظهير 1915. وأنه من الثابت أن المدعى عليه قيد شراءه للحصص المتنازع فيها بتاريخ 03/08/73. وأن المدعية المطلوبة (في النقض) قامت بالعرض العيني بواسطة كتابة الضبط بتاريخ 3/7/74. اي داخل الأجل المنصوص عليه في الفصل 32 من ظهير 1915 المذكور..."قرار عدد 267. وتاريخ 05/03/80 في الملف المدني عدد 77760. غير منشور وللمقارنة أكثر يراجع قرار عدد 673 وتاريخ 12/12/79. في القضية عدد 68391 الأستاذ عبد العزيز توفيق، مرجع سابق، ص: 41 وأيضا قرار عدد 999 وتاريخ 24/12/80 ملف مدني عدد 85975 الأستاذ عبد العزيز توفيق، صك 43-44. المرجع السابق ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006
[189] -قرار عدد 1846 وتاريخ 23/10/1979 قضية عدد 3062/78 قرار غير منشور. المرجع السابق ذ/عادل حاميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني الطبعة الاولى  2006
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *