مقدمة
اعتاد الإنسان منذ القدم على نسج اتفاقات مع
بني جنسه لتلبية رغباته ومتطلباته التي تساعده على تسيير شؤون حياته ، وبعد ظهور
الدولة كمؤسسة عامة تسهر على تنظيم المعاملات التي يقوم بها الأفراد في مختلف
المجالات قامت هذه الأخيرة بإحداث مجموعة من الوسائل القانونية للقيام بدورها على أكمل وجه ، ويعتبر العقد من أهم هذه
الوسائل باعتباره الأكثر شيوعا بين الأفراد ، إذ أنه وللقيام بأي عمل لابد من
مروره بمؤسسة العقد باعتبارها من أهم مصادر الالتزامات .
والعقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر
قانوني ، وهو كما عرفه أحد الفقهاء توفق إرادتين على إنشاء الالتزام أو نقله [1]
، وعرفته بعض التشريعات المقارنة على أنه اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر نحو شخص
أو أكثر ، بإعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عنه [2]
، وقد عرفه المشرع الجزائري في المادة 54 من قانونه المدني على أنه : " اتفاق
يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أفعل أو عدم فعل شيء " ، أما المشرع
المغربي فغنه لم يقم بتعريفه وإنما ترك أمر ذلك للاجتهادات الفقهية اكتفى فقط بتحديد أركانه وشروطه ، فلانعقاد
العقد من الممكن أن يمر بمجموعة من المفاوضات والاتفاقات التي تمهد لإنشائه ،
لتأتي بعد ذلك مرحلة تكوينه ، من خلال توفر أركانه .
وتكمن أهمية
الموضوع أن هذه المراحل تساهم في إنشاء عقد صحيح مرتب لكافة آثاره ، إذن إلى أي حد
استطاعت مؤسسة العقد تنظيم العلاقات التعاقدية بين الأفراد في منأى عن أي اختلاف
في المراكز القانونية للمتعاقدين ؟
للإجابة على هذه
الإشكالية إرتأينا تقسيم موضوعنا هذا وفق الشكل التالي :
المبحث الأول :
الاتفاقات التمهيدية لإنشاء العقد
المبحث الثاني :
أركان تكوين العقد والجزاءات المترتبه عنه
المبحث الأول : الإتفاقات التمهيدية لإنشاء العقد
إن العقود
ذات الأهمية غالبا ما تسبقها مفاوضات حول كيفية تكوينها والشروط الواجب توفرها
فيها ، حيث يمر العقد من مرحلة التفاوض " المطلب الأول " وانتهاء بمرحلة
الموافقة على العقد " المطلب الثاني "
المطلب الأول : مرحلة التفاوض على إنشاء العقد
تلعب
المفاوضات أهمية في تكوين العناصر الجوهرية للعقد (الفقرة الأولى )، كما أن الموافقة
غلى ما تم التفاوض عليه، وإبداء للوعد
يرتب آثارا (الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى : أهمية المفاوضات ودورها في تكوين العقد
لا يقوم العقد إلا بتطابق التعبير عن إرادتين ، وتعتبر المفاوضات السابقة
على التعاقد عملية تتبلور من خلال العناصر الرئيسية للعقد ، إذ بفضلها يعرف
المتعاقدون بدقة ما يعطيه له العقد ما يمليه على عاتقه من التزامات .
وهذه المرحلة لا تعتبر لازمة لتكوين العقد
أو لصحته ، إذ أن العقد يمكن أن يقوم بين طرفيه دون أن تسبقه مفوضات ، وتعرف أيضا
هذه المرحلة بمرحلة ما قبل التعاقد ، وهي الفترة الزمنية التي تبدأ بالاتصال مابين
الطرفين وتنتهي بقيام العقد فعلا ، ومثل هذه المرحلة قد تكون قصيرة جدا لاكنها
موجودة من الناحية النظرية [3].
ولا تقل مرحلة ما قبل التعاقد في أهميتها عن
المرحلة التالية للتعاقد أي مرحلة تنفيذ العقد ، كما أن أهميتها لا تخبو بانعقاد
العقد .
ففي هذه المرحلة ينشأ ما يسمى بالالتزام
بالإعلام أي التزام الطرف الذي يعلم بأن يبين للطرف الآخر بعض الظروف الجوهرية في
التعاقد ، مثل واجب الإفصاح عن العيوب الكامنة في الشيء المبيع ، أو تقديم نصيحة
إلى الطرف الآخر. ولمرحلة ما قبل التعاقد أهمية تتمثل في أن ما
يقع في أثنائها من مفاوضات وتبادل لوجهات النظر يعد واحدا من وسائل تفسير العقد
عند تنفيذه ففي هذه المرحلة
ومن خلال ما اتخذ فيها من إجراءات ومن تبادل النظر ، يمكن الكشف عن النية المشتركة
للمتعاقدين ولا ويعتبر وعقدا نهائيا ،
ولهذه المرحلة السابقة على التعاقد
التزاماتها المستقلة عن الالتزامات العقد ذاته، ذلك أن طبيعة المهمة التي يقوم بها
الطرفان في هذه المرحلة تفرض على كل منهما التزامات معينة تنتج عن الثقة التي
وضعها في الطرف الآخر ، مثل الالتزام بعدم التفاوض دون نية التعاقد ، والالتزام
بعدم قطع التفاوض في وقت غير مناسب ، والالتزام بعدم إفشاء المتفاوض للأسرار التي
علمها عن الطرف الآخر بمناسبة التفاوض [4]
.
كما ترتب هذه المرحلة بدورها آثارا قانونية ، بالرغم من أن العقد لم
يكن قد تم بعد ، من التزام بالإعلام عن العيوب في الشيء المتعاقد عليه ، وعن
الأمور التي تمنع من الوقوع في الغلط والالتزام بالنصيحة ، وغير ذلك من الالتزامات
التي تنتج الثقة المتبادلة بين الطرفين[5].
ولم يحتم المشرع المغربي مظهرا للتفاوض وإنما
ترك للأفراد الحرية في الإفصاح عن إرادتهم وفقا للطريقة التي يستنسبونها [6]
، في تحديد ما يرتب العقد من حقوق وما يفرض عليهم من التزامات ، على أنه في بعض
الأحوال قد تفرض شروط العقد من أحد الطرفين استنادا إلى ما يتمتع به من قوة
اقتصادية تتمثل في احتكاره لبعض السلع أو الخدمات الضرورية كمؤسسات الكهرباء أو
المياه ... ولا يكون هناك من دور للطرف الآخر مجرد
التسليم بشروط التعاقد التي أعدها سلفا الطرف القوي، فإذا ما قبل الطرف الضعيف أن
يتعاقد دون مناقشته ، فقد أذعن أذن لإرادة الطرف الآخر [7]
.
الفقرة الثانية : الوعد بالتعاقد .
أن ضرورة الحياة العلمية وتشابكها ، فقد
يحدث ألا تتم الصفقات بين الأطراف المتعاقدة مباشرة وإنما تحتاج إلى تمهيد ، فقد يرد شخص عمل مشروع
معين يتطلب لذلك قطعة أرض، لكنه لا يستطيع شراءها لعدم وجود المال اللزم لها ،
فيتم مع صاحب الأرض اتفاقا على أن يبيعها إياه إذا أبدى رغبته في شرائها خلال فترة
معينة ، ويعتبر هذا من جانب صاحب قطعة الأرض ... وعدا بالبيع [8] .
والوعد بالتعاقد
من وجهة نظر الفقه الإسلامي هو إرادة
منفردة ولا يعتبر عقدا ، ذلك أن الشخص يلتزم بإرادته المنفردة بأمر تعود مصلحته
على الموعود له [9].
وبالرغم من أن
المشرع لم ينظم بنصوص خاصة الوعد بالتعاقد فإنم هذه التقنية التعاقدية تعتبر
مشروعة وذلك بالإستناد إلى ما ورد في ، ظ ، ق
ل ع ، نذكر من أهمها :
الفصل 18 الذي جاء فيه : " الإلتزامات
الصادرة من طرف واحد تلزم من صدرت منه بمجرد وصولها |إلى علم الملتزم به " إن هذا النص إذا كان يعتبر أن أساس إقرار
الإلتزامات الصادر عن إرادة منفردة فإنه يعد ايضا مصدرا للوعد بالتعاقد الذي تنشغل
معه إرادة واحد في حين يكون ترتب الإلتزام قد اتصل بالطبع بعلم الإرادة الثانية [10]...
·الفصل 834 جاء فيه : " غير أن الوعد
بالإعارة ، لسبب معلوم من الواعد ، يتضمن التزاما ، من الممكن أن ينقلب إلى تعويض
إذا لم يف بوعده ، وذلك ما لم يثبت أن حاجة غير متوقعة قد حالت بينه وبين أداء
إلتزامه ، أو أن ظروف المستعير المالية قد ساءت إلى حد كبير منذ العهد الذي قطعه
الواعد على نفسه " .
إضافة إلى أن هذا الوعد بالتعاقد هو اتفاق مشروع ليس فيه ما يخالف النظام
العام والقواعد الآمرة ، بل هو العكس من ذلك يسهل المعاملات ويزيل الحرج والشدة
على أطرافها كما أسلفنا . من ثم تكون
مقتضياته ملزمة يتعين تنفيذها بحسن نية ، وهذا ما أجمله ، ق ل ع ، ضمن الفصل 231 الذي جاء فيه : " كل تعهد يجب
تنفيذه بحسن نية وهو لا يلزم بما وقع التصريح به فحسب ، بكل ملحقات الإلتزام التي
يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته " .
هذا وقد إستند القضاء إلى بعض
النصوص لإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة المشاكل القانونية التي يثيرها الوعد
بالتعاقد ، جاء في حكم لإستئنافية الرباط
، في قرارها بتاريخ 13 يناير 1950 [11] " ... إن الشرط الذي ينص على أن ( المكري ) ، يلتزم طيلة مدة عقد الكراء بأن يبيع الملك
موضوع الكراء إلى الشركة المكترية بمجرد أول طلب صادر منها وذلك بثمن ( معين ) يشكل التزاما صادرا من طرف واحد يخضع لتطبيق
الفصل 18 من ، ظ ق ل ع ، ولا يشكل الوعد المنصوص عليه
في الفصل 14 منه " .
وهو نفس القرار الذي ذهبت إليه
محكمة النقض الفرنسية ، بتاريخ 4 فبراير 1957 ، وهي تنظر في طعن ضد حكم أصدرته إحدى المحاكم المغربية :
" est légalement motivé l’arrêt qui déclares la société promeus
propriétaire d’un immeuble sur lequel il lui avait été consenti un bail avec
promesse devant – cette société ayant manifesté son intention de
réaliser vente sans s’arrêtes au fait que
postérieurement a la dite promesse de vente le lailleravait fait donation
comportait une clause selon laquelle ce dernier ( supporterait le bail ) , la
cour d’appel a ayant Abbon droit interprété cette clause insuffisamment
précise , comme stipulant l »exécution par le
dentaire , des obligations résultant aussi bien du bail que de la promesse de
vente .
Il ne serait être
fait échec à la force obligatoire des contrats sous le prétexte, que les
obligation stipulées sont devenues plus onéreuses de pour
l’une des parties.
C’est ainsi que,
dans le cas considéré, le bailleur ne pouvait, sous le proteste qu’il serait
lésé par cette exécution, en raison du désossons du
déséquilibre des bouleversements économiques entre temps[12]
.
وكذا ما ذهبت إليه ابتدائية الدار
البيضاء في أحد أحكامها على أنه "... وحيث أكدت المدعية علها أنها تسكن مع
أبنائها بالشقة ... وأن المدعي حصل على وعد بالبيع بوسائل تدليسية . وحيث تبين
للمحكمة أن المدعي يتوفر على مجرد وعد ببيع الشقة موضوع النزاع وأنه لم يصبح مالكا
لها ، إذ يمكن الرجوع في الوعد في أي وقت ... وبالتالي فغن مقاله غير ومنتج وقضت
بعدم القبول "[13].
إن الوعد بالتعاقد يكون إما ملزم لطرف واحد أو طرفين .
·الوعد بالتعاقد
الملزم لجانب واحد .
وهو إتفاق يقوم على أساس توافق إرادتي طرفين : أحدهما يلزم بإبرام عقد معين والآخر يقبل هذا الإلتزام لذي يخوله حق اختيار
التعاقد ضمنا لأجل وبالشروط التي تحدد بصورة مسبقة من ذلك مثلا الوعد بالبيع بموجبه
يعد مالك الشيء أو الحق بيعه بثمن معين لشخص آخر يدعي الموعود له إذا أبدى هذا
الأخير رغبته في الشراء خلال أجل معين [14]
.
وللإشارة فالوعد بالتعاقد كسائر العقود لا ينعقد إلا إذا توفرت فيه شروط
التعاقد الجوهرية ، وهي : الاتفاق بخصوص
طبيعة الوعد وتحديد وموضوعه تحديدا كافيا مانعا لكل جهالة وتعيين مدة الوعد ، كما
أنه قد يكون بسيطا أو موصوفا مثلا على شرط واقف إذا تخلف كان الوعد عديم الأثر ،
كالوعد ببيع بضاعة شريكة وصولها سالمة إلى الميناء أو الوعد ببيع قطعة أرض في
تجزئة التهيء شريطة صدور الترخيص الإداري بخصوصها [15]
.
المطلب الثاني :
مرحلة الموافقة على إنشاء العقد
هناك بعض العقود
تقوم بإتفاق إبتدائي ( الفقرة الاولى ) وإتفاق نهائي(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : الاتفاق
الابتدائي
الاتفاق المبدئي التزام تعاقدي
بتقديم إيجاب أو الاستمرار في المفاوضات الجارية بغية الوصول إلى إبرام عقد لم
يحدد موضوعه إلا بشكل جزئي وغير كاف للتعاقد نهائيا ، أو هو بتعبير آخر اتفاق يلزم
الأطراف بالمضي في التفاوض إلى حين تحديد
مختلف شروط وتفاصيل التعاقد النهائي[16]
.
فقد اعتبرت محكمة النقض
الفرنسية الالتزام بإعادة تشغيل عام بمؤسسة معينة عندما تسمح الضروف الاقتصادية
بذلك بمثابة اتفاق ابتدائي ، أيضا اعتبرت أن اعتبرت التعهد بإبرام عقد شركة اتفاق
مبدئي ، لا يحل محل العقد النهائي .
وللإشارة فإن الاتفاق المبدئي لا يلزام على عاتق طرفيه تحقيق نتيجة هي
إبرام العقد بصورة نهائية ، بل يلزمهما بوسيلة تتمثل في بذل الجهد للوصول إلى هذا الهدف وذلك عن طريق تقديم مشروع تعاقد
ومناقشته بجدية وحسن نية ، لهذا فقطع التفاوض يتحمل المخل بها المسؤولية العقدية
ويلتزم بالتالي دفع تعويض عن تفويت فرصة التعاقد على الطرف الآخر ، الذي علق عليها
آماله . لهذا فقطع المفاوضات دون مباحثات جدية ولا إبداء إقتراحات يبرر الفسخ
القضائي للإتفاق المبدئي ، مع الحق في الحصول على التعويض المناسب عن الضرر
الحاصل .
ومجمل القول إن الاتفاق
المبدئي يولد رابطة عقدية للمضي في المفاوضات واحترام تنفيذها بحسن نية ، وإلا
تحمل المخل على عاتقه دفع تعويض للطرف الآخر ، وتعتبر العقود المبرمة على العقار
في طور الإنجاز المثال الأبرز على الاتفاقات المبدئية ، إذ أن المشرع تطلب توفر
شكلية معينة في هذا النوع من العقود ، كالتوثيق والتسجيل أو الحصول على رخصة
إدارية معينة ، وبدونها يقع باطلا [17]
إذن يمكن القول
على أن العقد الابتدائي أو الاتفاق الابتدائي ما هو سوى مشروع متكاملا للتعاقد ،
وما هو إلا صورة من صور التعاقد الملزم لجانبين ، وما هو إلا وسيلة قانونية لحفظ
الحقوق .
كما وجبت الإشارة إلى أن عنصر العربون من أهم الأدوات التي يلجأ إليها
المتعاقدون قصد توثيق عقودهم والتزاماتهم التي حصل الاتفاق عليها .
الفقرة الثانية
: الاتفاق النهائي .
هي مرحلة يمر بها
العقد ، إذ اوجب المشرع في بعض هذه شكلية لإبرامه ( أولا ) وكذا تسليم الشيء
المبيع ( ثانيا ) .
أولا : الشكلية
المتطلبة لإبرام العقد النهائي .
إذا كان المشرع قد أوجب في بعض
العقود الابتدائية شكلية الانعقاد فانه لم يغفل من ذلك العقد النهائي ، وهو ما
يستساغ من نص الفصل 618-16 من ق ل ع ،
الذي أوجب ضرورة توثيق العقد النهائي لبيع العقار في طور الإنجاز في محرر رسمي ...
وذلك تحت طائلة البطلان، وعلى أن ملكية الأجزاء المبيعة لا تنتقل إلى المشتري إلا
من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم في الدعوى إن كان العاقر غير محفظ أو
في طور التحفيظ ، وتنتقل الملكية بعد تقييد العقد النهائي أو الحكم بالسجل
العقاري إذا كان العقار محفظا [18] .
ثانيا : شرط
التسليم
حمل المشرع في بعض العقود العينية أحد طرفي العقد إلتزاا بتسليم الشيء
المبيع ، إذ أن العقد لا يتم إلا إذا حصل التسليم [19]
، ويعد هذا الأخير من أهم الالتزامات الملقاة أو التي يتحملها البائع تجاه المشتري
، بعد تمام إبرام العقد ، حيث يتخلى ، البائع أو نائبه عن حياة الشيء المبيع لصالح
المشتري ، وقد عرف الفصل 499 من ق ل ع ، التسليم على أنه ، " يتم التسليم حين
يتخلى البائع أو نائبه عن الشيء ويضعه تحت تصرف المشتري ، بحيث يستطيع هذا الأخير
حيازته بدون عائق "
ويترتب على النص
ملاحظات :
1 : أن التسليم لا
ينقل الملكية للمشتري وإنما من ينقلها هو عقد البيع الرابط بين البائع والمشتري
أما التسليم ما هو إلا أثر مرتب على عقد البيع ، ولا غير[20]
.
2 : أن نقل
الحيازة الحكمية من البائع إلى المشتري ليست ضرورية لتمام التسليم إذ أن هناك
الكثير من الحالات ، التي يتم فيها الإكتفاء بنقل الحيازة الحكمية أو الإفتراضية
بين الأطراف كما هو الأمر بالنسبة للبيوع العقارية ، وحقوق الملكية الأدبية مثلا .
3: أن التسليم بهذا المفهوم يختلف إختلافا كليا عن التسليم الذي يعتبر من الإلتزمات الملقات على عاتق المشتري ، والذي يتعين عليه حوز المبيع وقبضه [21].
3: أن التسليم بهذا المفهوم يختلف إختلافا كليا عن التسليم الذي يعتبر من الإلتزمات الملقات على عاتق المشتري ، والذي يتعين عليه حوز المبيع وقبضه [21].
المبحث الثاني:أركان العقد و الجزاءات المترتبة عليه
إن الحديث عن الأركان العامة للعقد هو حديث عن عناصر و أسس لا يستقيم أي
عقد كيفما كان نوعه بدونها(المطلب الأول)، و التي رتب المشرع جزاءات البطلان و
القابلية للإبطال على تخلفها(المطلب الثاني).
المطلب الأول:أركان العقد
لانعقاد العقد لابد من توافر أربعة أركان أساسية و يتعلق
الأمر بركن الرضا و الأهلية(الفقر الأولى)، و المحل و السبب(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى:الأهلية و الرضي
لاعتبار تصرفات الشخص تصرفات صحيحة و نافذة
لا بد من توافر ركني الرضا(أولا) و الأهلية(ثانيا).
أولا:الأهلية
لإبرام
أي عقد كيفما كان نوعه لابد من توافر ركن الأهلية كأول ركن عام نص عليه قانون
الالتزامات و العقود المغربي في الفصل الثاني منه[22]،و
بالرجوع إلي الفقرة الأولى من الفصل
الثالث من نفس القانون نجده ينص على أن "الاهلبة المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله
الشخصية "والمقصود بقانون الأحوال ا لشخصية مدونة الأسرة المغربية[23]
هذه الأخيرة التي نصت في المادة 206 علي أن الاهلبة نوعان":أهلية أداء و أهلية وجوب "
فأهلية وجوب تعني صلاحية الشخص لثبوت الحقوق و
الالتزامات له و عليه و هي أهلية ثابة للشخص منذ ولادته حيا إلى وقت وفاته، بل و
تبدأ قبل ذلك للجنين في حدود معينة[24].
أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص و قدرته على القيام بالتصرفات القانونية
و تحمل الالتزامات على الوجه المطلوب قانونا[25].
و
باستقراء فصول قانون الالتزامات و العقود نجد أن المشرع خصص إحدى عشر فصلا للحديث
عن ركن الأهلية من الفصل 3 إلى الفصل 13 مما يكشف عن أهمية هذا الركن في إبرام
العقد.
و
نجد أن أهلية الأداء هي مناط اهتمامنا إذ أنها الأهلية المطلوبة في التعاقد، و
الأصل في الشخص هو كمال الأهلية طبقا لما نصت علية الفقرة الثانية من الفصل الثالث
من ق.ل.ع.م إذ أقرت أن ''كل شخص أهل للإلزام و الالتزام ما لم يصرح قانون أحواله
الشخصية بغير ذلك''، بمعنى أن كل شخص يكون أهلا لإبرام العقود بمجرد بلوغه سن
الرشد القانوني المحدد من طرف المشرع المغربي في 18 سنة شمسية كاملة كما نصت على
ذلك المادة 209 من مدونة الأسرة المغربية، إلا أن تعبير المشرع في الفصل 3 من
ق.ل.ع.م بقوله ''ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك'' يوحي بان هناك
استثناءات على كمال الأهلية و تتجلى هذه الاستثناءات في ثبوت سبب من أسباب نقصان
أو انعدام الأهلية.
1- نقصان الأهلية
أشارت المادة 213 من مدونة الأسرة المغربية أن ناقصي الأهلية هم الصبي
المميز و السفيه و المعتوه.
* الصبي المميز:هو كل من بلغ سن التمييز القانوني و هو 12
سنة شمسية كاملة حسب صريح المادة 214 من مدونة الأسرة و بالتالي فان الصبي المميز
هو القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني.
* السفيه: هو كل شخص لا يحسن تدبير أمواله[26]
وقد عرفته المادة 215 من المدونة المذكورة أعلاه بأنه '' المبذر الذي يصرف أمواله
فيما لا فائدة فيه، و فيما يعده العقلاء عبثا بشكل يضر به أو بأسرته''، و مثاله من
ينفق أمواله في شراء المخدرات.
* المعتوه: '' هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع
معها التحكم في تفكيره و تصرفاته''[27]،
وبمقارنة المعتوه مع المجنون و المريض مرضا عقليا أو نفسيا نجده يأتي في مرتبة
وسطى بينهما.
و
بالنسبة للتصرفات التي يقوم بها ناقصي الأهلية فتختلف باختلاف نوع التصرف ، إذ
تنقسم التصرفات التي يبرمها ناقصي الأهلية إلى نافعة نفعا محضا و ضارة ضررا محضا و
الدائرة بين النفع و الضرر[28]،
فتكون تصرفاتهم نافذة إذا كانت نافعة بالنسبة لهم نفعا محضا و تكون باطلة إذا كانت
مضرة به في حين يتوقف نفاذها على إجازة النائب الشرعي في حدود اختصاصات هذا الأخير
إذا كانت هذه التصرفات دائرة بين النفع و الضرر[29].
واستثناءا من هذا المبدأ يعتبر الصبي المميز الذي إذن له إدارة جزء من
أمواله على سبيل اكتساب التجربة كامل
الأهلية في حدود الأموال الممنوحة له لإدارتها و في التقاضي فيها[30]،
كما أن القاصر الذي إذن له بالزواج دون السن القانوني يصبح كامل الأهلية في كل
الحقوق و الالتزامات التي تترتب عن ذلك الزواج[31].
2- فقدان الأهلية
فاقدي
الأهلية هم الصبي غير المميز و المجنون وفاقد العقل.
* الصبي غير المميز: هو الصبي الذي لم يتم سن التمييز[32]
بحيث انه لا يستطيع قبل بلوغ هذا السن التمييز بين ما يعود عليه بالنفع و ما يعود
عليه بالضرر[33].
* المجنون و فاقد العقل: الجنون هو العارض الذي يصيب الإنسان فيذهب
بعقله فينتفي معه كل إدراك و تمييز و هو حالة قد تصيب الإنسان بصورة مستمرة فيسمى
بالجنون المطبق و قد يكون في أوقات معينة فقط فيسمى بالجنون المتقطع[34].
وبالنسبة للتصرفات التي يقوم بها فاقدي الأهلية فنجد أنها تكون باطلة ولا
اثر لها مطلقا و هو ما يستنتج من صريح المادة 224 من مدونة الأسرة، وتجدر الإشارة
إلى أن المجنون جنونا متقطعا تكون تصرفاته نافذة إذا ابرمها في حالة سلامة عقله[35].
ثانيا: الرضا
الرضا هو '' تعبير صحيح عن الإرادة يقع على
العناصر الأساسية للالتزام '' حسب ما جاء به الفصل الثاني من ق.ل.ع.م وقد عرفه
الفقه انه توافق إرادتي المتعاقدين على إحداث الأثر القانوني المتوخى من العقد و
هذا التوافق يتحقق قانونا بتبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين تكون بصدور إيجاب
متضمن لعرض موجه من شخص لأخر و صدور قبول مطابق للايحاب صادرا من القابل الذي وجه
إليه الإيجاب، و بذلك يقترن القبول بالإيجاب و يحصل التراضي فيتم العقد[36]،وبالتالي
فإنشاء العقد يفترض فيه وجود طرفين احدهما موجب و الأخر قابل، أما حالة وجود إرادة
واحدة كافية بذاتها لإنشاء الالتزام فان مصدر هذا الالتزام في هذه الحالة هو
الإرادة المنفردة ولا يكون مصدره هو العقد بالمعنى الصحيح للعقد[37]،
كما هو الشأن لعقد الهبة أو الصدقة...
كما يرى البعض أن الرضا يكون بتحرك الإرادة إلى شئ معين و تعلقها به،
فالرضا يفترض وجود الإرادة فالشخص معدوم
الإرادة لا يمكن أن يصدر منه رضاء كالمجنون و الصبي غير المميز وفاقدي الوعي لسبب
معين كالسكر و المرض[38]...
ذلك أن العقل هو مناط التمييز و أداة التفكير و الإرادة هي العزم و القرار
الذي يصدر عن شخص أمامه عدة خيارات و ذلك بعد قيامه بعدة عمليات ذهنية يستقر بعدها
الأمر على قبول أو رفض أمر معين[39]،
لذلك فالتراضي غير كافي للقول بوجود عقد صحيح و إنما يتوجب أن يكون هذا التراضي
صادرا عن شخص يكون آهلا للتعبير عن هذا التصرف و تتحقق هذه الحالة عندما تكون
إرادة الطرفين سليمة من العيوب التي تفسدها[40]
و المتمثلة في الإكراه و الغلط و التدليس و الغبن و المرض و الحالات المشابهة كما
هي منظمة في ق.ل.ع.م من الفصل 39 إلى الفصل 56 .
والتعبير عن الإرادة قد يكون بطريقة مباشرة كما قد يكون بطريقة ضمنية كما
هو الحال بالنسبة ''لسائق سيارة الأجرة الذي يقف بسيارته في الموقف المخصص لهذا
النوع من السيارات إذ يعبر بتصرفه هذا عن إرادته في إبرام عقد نقل مع من يتقدم
إليه''[41].
من خلال ما سبقت الإشارة إليه فان التراضي لا يقوم إلا بوجود الإيجاب و
القبول.
1- الإيجاب: كما
يرى الفقيه الفرنسي جستان هو تعبير عن الإرادة الذاتية للفرد بموجب ذلك يعرب هذا
الفرد عن رغبته في التعاقد وفقا للشروط الأساسية التي حددها في إيجابه[42].
2- القبول: هو تعبير إرادي صادر عن الشخص الذي وجه إليه
الإيجاب و الذي بصدوره مطابقا للإيجاب تتم معه عملية التعاقد بين الموجب و القابل[43]
و الأصل في الإيجاب و القبول أن يصدر باللفظ و في حالة العجز عنه فإنهما يتحققان
بالكتابة أو الإشارة المفهومة[44].
و
لانعقاد العقد يجب أن يصدر القبول قبل سقوط الإيجاب و يسقط هذا الأخير في الحالات
التالية:
* يسقط الإيجاب بانتهاء الأجل المحدد من طرف
الموجب.
* يسقط الإيجاب برفضه ممن وجه إليه سواء بطريقة
صريحة أو ضمنية.
*يسقط الإيجاب بانحلال مجلس العقد دون صدور
القبول في حالة التعاقد بين حاضرين و بعد انصرام الأجل الذي يكفي عادة لوصول
القبول إلي الموجب في حالة التعاقد بين غائبين.
*يسقط الإيجاب بموت الموجب أو نقص أهليته إذا
اتصل ذلك بعلم من وجه إليه الإيجاب قبل أن يصدر منه القبول[45].
و يشترط أيضا في القبول أن يصدر مطابقا للإيجاب حتى ينعقد العقد صحيحا و
ينتج جميع أثاره القانونية، أما إذا كان رد القابل بالرفض فان الإيجاب يسقط في هذه
الحالة[46]
، أما إذا كان رد القابل بقبوله إيجاب الموجب مع اقتراحه شروطا مغايرة فهنا نكون
أمام التفاوض بين الموجب و القابل إذ يعتبر قبول التعاقد بشروط مغايرة أو إضافية
بمثابة إيجاب جديد يحتاج إلى قبول[47]،و
يطرح التساؤل في حالة سكوت القابل هل يعتبر سكوته بمثابة قبول أو رفض؟
بالرجوع إلى الكتابات الفقهية نجد أن السكوت لا يعتبر قبولا باعتبار أن
السكوت موقف سلبي إلا إذا لابسته ظروف تدل
دلالة قاطعة على أن الصمت يفيد القبول وهو ما يعبر عليه الفقهاء المسلمون بقولهم''
لا ينسب إلى ساكت قول لكن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان''[48]،
و هو الموقف الذي اخذ به المشرع المغربي إذ لم يعتبر السكوت قبولا إلا إذا تعلق
الإيجاب بمعاملات سابقة بدأت فعلا بين الطرفين و هو ما يحصل غالبا في المعاملات
التجارية[49]،
ويعتبر السكوت قبولا كذلك عندما يشرع القابل بتنفيذ العقد بدون تحفظ[50]
وكذا في حالة الإقرار بالتصرف القانوني من قبل الشخص الذي يحصل التصرف في حقوقه[51].
لعل أهم إشكال يتعلق بزمن نشوء العقد، بعبارة أخرى متى يقوم العقد و يرتب
أثاره سواء بين طرفيه أو تجاه الغير؟
للإجابة على هذا التساؤل لابد من التمييز بين حالتين:
*حالة التعاقد بين حاضرين: في هذه الحالة يجب أن يصدر القبول في مجلس
العقد[52]
و بالتالي فان الموجب يحق له العدول عن إيجابه إذا انفض مجلس العقد دون أن يصدر
القبول من الطرف الثاني[53]،
وعليه فان العقد بين حاضرين ينعقد بمجرد صدور القبول[54]
و هو نفس الحكم الذي يسري على التعاقد بواسطة الهاتف إذ ينعقد العقد بمجرد صدور
القبول و هو ما يستخلص من الفقرة الثانية من الفصل 23 من ق.ل.ع.م وهو الموقف الذي
اخذ به التشريع المدني المصري[55]
و التشريع المدني السوري[56].
*حالة التعاقد بين غائبين: أي بين شخصين لا يجمعهما مجلس العقد وفي هذا
الصدد نجد أن هناك أربع نظريات لتحديد زمن انعقاد العقد في هذه الحالة
•نظرية إعلان القبول:و هي النظرية التي اعتبرت
أن ''العقد يتم في الزمان و المكان الذين يعلن فيهما من وجه إليه الإيجاب عن قبوله''[57].
•نظرية
صدور القبول: وبها ينعقد العقد عند صدور القبول أي إرساله بأي طريقة للموجب[58].
•نطريه وصول القبول: وبها يكون زمن انعقاد
العقد هو وقت وصول القبول إلى محل الموجب[59].
•نظرية
العلم بالقبول: حسب هذه النظرية فان العقد لا يتم إلا في الزمان و المكان الذين
يتلقى فيهما الموجب قبولا من القابل[60].
ونجد أن ق.ل.ع.م قد مال إلى الأخذ بالنظرية الأولى من خلال إقراره في الفصل
24 منه انه '' يكون العقد الحاصل بالمراسلة تاما في الوقت و المكان الذين يرد
فيهما من تلقى الإيجاب بقبوله'' وهو نفس التوجه الذي اخذ به القانون التونسي[61]
و كذا القانون السوري[62]،
في حين اخذ القانون المصري بنظرية العلم بالقبول[63]،
و بالتالي فان زمن نشوء العقد بالنسبة للتعاقد بواسطة رسول أو وسيط يتم في الوقت و
المكان الذين يقع في إطارهما رد القابل للوسيط بأنه يقبل الإيجاب و هو ما أشارت
إليه الفقرة الثانية من الفصل 24 من ق.ل.ع.م.
الفقرة الثانية: المحل و السبب
ركني المحل و السبب هما ركنين أساسيين لقيام أي عقد كما سبقت الإشارة إلى
ذلك و نجد أن لكل من ركن المحل (أولا) و السبب (ثانيا) شروط ضرورية لوجودهما.
أولا: المحل
يعتبر المحل الركن الثالث الذي نص عليه المشرع المغربي في قانون الالتزامات
و العقود في الفصل الثاني منه , و محل العقد هو إنشاء التزام أو أكثر يقع على احد
المتعاقدين دون الآخر في العقود غير التبادلية كما في الوديعة أو يقع على طرفي
التعاقد في العقود التبادلية كما في البيع[64].
و
يختلف محل العقد عن محل الالتزام فهذا الأخير يعني الأداء الذي يجب أن يقوم به
المدين لصالح الدائن وهو إما إعطاء شئ ، أو القيام بعمل، أو الامتناع عن القيام
بعمل[65].
و
بالرجوع إلى الفصول المنظمة لمحل الالتزامات التعاقدية في ق.ل.ع.م[66]
نجد أن محل العقد تشترط فيه بعض الشروط و التي سندرجها كما يلي
1-أن يكون المحل مشروعا :لا يقوم العقد إلا إذا كان محله مشروعا،و
يكون المحل مشروعا عندما يكون غير مخالف للنظام العام أو الآداب،أي أن يكون جوهر
العقد أو الشئ المتعاقد عليه داخلا في دائرة التعامل[67]،إذ
نص المشرع في الفصل 57 من ق.ل.ع.م أن ''الأشياء و الأفعال و الحقوق المعنوية
الداخلة في دائرة التعامل تصلح وحدها أن تكون محلا للالتزام,و يدخل في دائرة
التعامل جميع الأشياء التي لا يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها''.
و
الأشياء التي تخرج عن دائرة التعامل تنقسم إلى قسمين:
*أشياء تخرج عن دائرة التعامل بطبيعتها:و هي
الأشياء التي يشترك كافة الناس في الانتفاع بها[68]
كما هو الشأن بالنسبة للشمس و الهواء و البحر[69]
* أشياء تخرج عن دائرة التعامل بحكم القانون:''و
هي التي لا يجيز القانون أن تكون محلا للحقوق المالية كالمواد المخدرة''[70]
و بالرجوع إلى الفصل 484 من ق.ل.ع,م نجده ينص
على انه ''يبطل بين المسلمين بيع الأشياء المعتبرة من النجاسات وفقا لشريعتهم مع
استثناء الأشياء التي تجيز هذه الشريعة الاتجار فيها،كالأسمدة الحيوانية المستخدمة
في أغراض الفلاحة''.
و من الأشياء التي تخرج عن دائرة التعامل
بحكم القانون نجد أيضا أملاك الدولة العامة[71]
التي لا يصح بيعها أو التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات لأنها مخصصة للمنفعة
العامة، إلا انه بالرجوع إلى الواقع نجد إن الدولة قد تمنح رخصا باستغلال الشواطئ مثلا عن طريق إقامة حمامات أو كابينات[72]،إلا
أن هذا لا يعتبر إجازة للتصرف في أموال الدولة العامة فهذه الأخيرة لا يصح فيها
التصرف.
و
لعل السبب في جعل هذه الأشياء تخرج عن دائرة التعامل راجع إما لاستحالة التعامل
فيها أو لكونها غير مشروعة كما هو الشأن بالنسبة للأشياء التي يعتبر التعامل فيها
مخالفا للنظام العام كالمحلات المعدة للاتجار في المخدرات مثلا[73].
2- أن يكون المحل ممكنا: بمعنى أن يكون جوهر العقد مما يمكن تحقيقه
و هو المضمون الذي نستفيده من نص الفصل 59 من ق.ل.ع.م إذ ينص على انه ''يبطل
الالتزام الذي يكون محله شيئا أو عملا مستحيلا،إما بحسب الطبيعة أو بحكم القانون''
و
الاستحالة المقصودة هي الاستحالة المطلقة و التي تنقسم إلى استحالة طبيعية و أخرى
قانونية[74]
ومثال الأولى أن يلتزم جراح بإجراء عملية جراحية لمريض مات قبل العقد، و مثال
الثانية أن يلتزم محامي بالطعن باستئناف حكم بعد انقضاء ميعاد الطعن بالاستئناف[75].
أما إذا كان الشئ محقق الوقوع في المستقبل
فيجوز أن يكون محلا للعقد كان يبيع فلاح محصول أرضه الذي لا و جود له أثناء
إبرام العقد، فان العقد يكون صحيحا على خلاف الأمر إذا كان المحل غير محقق الوقوع
في المستقبل إذ يقع العقد باطلا[76].
و
تجدر الإشارة أن الاستحالة المطلقة السابقة على انعقاد العقد تجعله باطلا و إن
كانت لاحقة على انعقاد العقد جعلته قابلا للفسخ خصوصا إذا كانت تلك الاستحالة
راجعة لقوة قاهرة[77]، و
إذا كان احد الطرفين على علم باستحالة محل العقد يلزم بتعويض الطرف الآخر[78].
3-أن يكون المحل معينا آو قابلا للتعيين:و قد نص على هذا الشرط الفصل 58 من ق.ل.ع.م
بقوله ''الشئ الذي هو محل الالتزام يجب أن يكون معينا على الأقل بالنسبة إلى نوعه
و يسوغ أن يكون مقدار الشئ غير محدد إذا كان قابلا للتحديد فيما بعد''
و
هنا يجب التمييز بين حالتين:
* حالة الالتزام بإعطاء شئ: ومثاله نقل حق عيني فإذا كان محل العقد من
القيميات يجب أن يكون معينا تعيينا دقيقا يميزه عن غيره من القيميات فإذا كان محل
الالتزام أرضا مثلا وجب تعيينها بالموقع و الحدود و المساحة أما إذا كان من
المثليات فتعين بالنوع و المقدار و مثاله أن يتعهد مورد بتوريد الغذاء الكافي
لمدرسة مثلا[79].
* حالة الالتزام بالقيام بعمل أو الامتناع عن
عمل: إذ يجب أن يعين العمل
بدقة و بصورة تنفي الغموض آو أن يشتمل العقد على عناصر تجعل محل الالتزام قابلا
للتعيين[80]،
كان يتعهد مقاول ببناء حي جامعي و يكون العقد متضمنا لبنود تكشف عن القدرة الاستيعابية
لهذا الحي أي عن عدد الطلبة الذين سيستفيدون من خدماته و عن نوع الخدمات التي
سيقدمها الحي للطلبة (كالمصحة،المطعم،الملعب،المسجد،المكتبة...)
فإذا لم تذكر المواصفات أو لم تتوفر العناصر
التي تجعل محل الالتزام قابلا للتحديد،
يبطل الالتزام لافتقاره لمحل معين و بالتالي امتنع انعقاد العقد[81].
ثانيا:السبب
ركن السبب هو الركن الرابع الذي نص عليه المشرع في الفصل الثاني من ق.ل.ع.م
و يختلف سبب العقد عن سبب الالتزام إذ يقاس سبب العقد بمعيار شخصي ذاتي، و يعني
الباعث و الدافع الذي دفع بالشخص إلى التعاقد، أما سبب الالتزام فهو الغاية و
القصد من وراء إنشاء الالتزام[82].
و
بالرجوع إلى الفصل 62 من ق.ل.ع.م نجده ينص على أن ''الالتزام الذي لا سبب له أو
المبني على سبب غير مشروع يعد كان لم يكن''، إذ لا يمكن للإرادة أن تتحرك بدون سبب[83].
و
نجد أن السبب تشترط فيه بعض الشروط و يتعلق الأمر بشرطين:
1- أن يكون السبب حقيقيا: و يكون السبب غير صحيح و غير حقيقي عندما
يكون موهوما أو إذا كان صوريا[84]،
و''يفترض في كل التزام أن يكون له سببا حقيقيا''[85]،
كما يفترض في السبب المذكور في العقد انه السبب الحقيقي و الصحيح حتى يثبت العكس[86]،
و يكون السبب موهوما نتيجة الوقوع في غلط غالبا[87]،
ففي هذه الحالة يبطل العقد لان السبب كان موهوما و غير صحيح[88]،
أما الصورية فهي لا تعتبر في حد ذاتها سببا للبطلان ما دام أن هناك سببا حقيقيا
للعقد، ولا يبطل العقد في هذه الحالة إلا إذا كان السبب الحقيقي للعقد غير مشروع
فيبطل لعدم مشروعية السبب[89].
2- أن يكون السبب مشروعا: إذ ينص الفصل 62 من ق.ل.ع.م على انه''يفترض
في كل التزام أن له سببا حقيقيا و مشروعا و لو لم يذكر''، و بالتالي فان مشروعية
السبب هي مسالة محتملة إلى حين إثبات العكس[90]،
و هو الأمر الذي أشار إليه الفصل 65 من ق.ل.ع.م حين نص على انه''إذا ثبت أن السبب
المذكور غير حقيقي أو غير مشروع كان على من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن
يقيم الدليل عليه''، و العقد الذي يكون
سببه غير مشروع يكون مآله البطلان بناء على الفقرة الأولى من الفصل 62 من ق.ل.ع.م
و يكون السبب غير مشروع عندما يتعارض مع
نص قانوني آو يكون مخالف للنظام العام و الآداب[91]
و هو ما يستفاد أيضا من الفقرة الثانية من الفصل 62 المذكور.
المطلب الثاني: بطلان العقود و قابليتها
للإبطال
نظرا لأهمية العقود باعتبارها مصدرا من مصادر
الالتزامات فقد نظمها المشرع بتفصيل و حدد لها أركان لازمة لقيامها، و رتب على
تخلف احدها البطلان (الفقرة الأولى) كما جعل بعض العقود قابلة للإبطال عند تخلف
احد شروط الأركان بصفة عامة(القابلية للإبطال).
الفقرة الأولى: البطلان
امام
احجام جل التشريعات على اعطاء تعريف للبطلان منها ق.ل.ع.م فانه لابد من الرجوع الى
الاجتهادات الفقهية لايجاد تعريف البطلان، هكذا نجد الفقيهان ''اوبري و رو'' عرفا
البطلان انه ''عدم الصحة او عدم النفاذ الذي يلحق تصرفا قانونيا لمخالفته لامر او
نهي من المشرع ''. [92]
أما الفقيه المصري عبد الرزاق السنهوري فقد
عرف البطلان لانه الجزاء القانوني على عدم استجماع العقد لاركانه الكاملة مستوفية
لشروطها.[93]
هكذا و نجد ان العقد الباطل ليس على درجة
واحدة من حيث الفعالية و القوة ذلك ان المدارس التي تناولت البطلان لم تستقرعلى
تصنيف موحد للبطلن و ذلك تبعا لاختلاف المنظور بين التقليد و الحديث بخصوص هذا
الموضوع:
أولا: النظرية التقليدية
بالنسبة للنظرية التقليدية ترتكز على فكرة
انعدام العقد لاعتبارها درجة من درجات البطلان و بذلك يعتبر التقسيم ثلاثيا على
الشكل التالي حالة انعدام العقد ، حالة البطلان المطلق و حالة البطلان النسبي، إلا
انه بالنسبة لنظرية انعدام العقد أدى بانصار هذه النظرية إلى الخلط بين حالات
الانعدام و حالات البطلان المطلق حيث اتسعت الأولى على حساب الثانية،[94]
و قد تم التمييز في إطار هذه النظرية بين البطلن المطلق و البطلان النسبي على أساس
أن الأول ينتج عن تخلف احد شروط انعقاد التصرف في حين ينتج البطلان النسبي عن وجود
خلل في احد شروط صحة العقد.[95]
وفي المقابل يرى عبد الرزاق السنهوري ان
المنطق يقضي ان يكون البطلان على درجة واحدة ذلك ان العدم لاتفاوت فيه.[96]
و هو الموقف الذي نؤيده باعتبار أن أثار
العقد في جميع الأحوال تكمن في إرجاع الأطراف إلى الحالة التي كانو عليها قبل
إبرام العقد و بالتالي لا داعي للتمييز بين درجات البطلان فالعقد الباطل يبقى عقدا
معدوما لا اثر له.
ثانيا:النظرية الحديثة
أمام كثرة الانتقادات الموجه للنظرية التقليدية
ظهرت النظرية الحديثة التي ترتكز على جعل البطلان على درجتين، البطلان و القابلية
للإبطال و أساس التفرقة بينهما يرتكز بالدرة الأولى على تحديد نوعية المصلحة التي
تم الإضرار بها فان كان القصد هو حماية المصلحة العامة فالجزاء هو البطلان أما إذا
تعلق الأمر بمجرد مصلحة شخصية للمتعاقد فان مصير العقد هو القابلية للإبطال لا
غير.[97]
و بصفة عامة فان البطلان هو الجزاء الذي رتبه
المشرع على تخلف احد الأركان العامة التي نص عليها القانون لانعقاد العقد و قيامه،
ذلك أن القانون اشترط لإبرام أي عقد كيفما كان نوعه ضرورة توافر أركان عامة كما
ذكرنا آنفا، و بالتالي ففي حالة تخلف احد أركان العقد يكون هذا العقد باطلا و كأنه
لم ينعقد أصلا[98].وهناك
حالة أخرى يكون فيها العقد باطلا كما إذا اقر القانون في حالة خاصة بطلانه[99].
و
بالتالي فان للبطلان حالتين:
1-حالة البطلان لتخلف احد الأركان العامة:'' يقع العقد باطلا إذا كان ينقصه ركن من
الأركان اللازمة لانعقاده''[100]،
إذ يبطل العقد في حالة تخلف احد الأركان
كما في حالة كون احد طرفي العقد فاقد الأهلية كالمجنون مثلا[101]
ويبطل العقد لتخلف احد شروط الركن إذا كان الركن مرتبط بشروطه، كما هو الحال إذا
كان محل العقد غير موجود أو كان مما لا يجوز التعامل فيه أو كان سبب العقد غير
مشروع ففي جميع هذه الحالات يكون العقد باطلا لكون أركانه معيبة[102]
، أما إذا تخلف شرط من شروط الأهلية أو الرضا فان ذلك لا يؤدي إلى بطلان العقد بل
يؤدي ذلك إلى إفساده ذلك أن شروط ركني الأهلية و الرضا هي شروط صحة و ليست شروط
وجود[103].
2- حالة وجود نص قانوني يقرر البطلان: لاعتبارات لها علاقة بالنظام العام و بالوضع
الاقتصادي القائم في البلاد، و لها مساس بالشريعة الإسلامية قام المشرع بالنص على
بطلان بعض العقود رغم أن أركانها و شروطها سليمة[104]،
إذ ينص الفصل 1034 من ق.ل.ع.م على انه '' كل شرط من شانه أن يمنح احد الشركاء
نصيبا في الإرباح أو في الخسائر اكبر من النصيب الذي يتناسب مع حصته في رأس المال،
يكون باطلا و مبطلا لعقد الشركة نفسه''، و هو ما يعرف بشرط الأسد في التشريع
الفرنسي[105],
كما قرر المشرع البطلان على عقد الشغل عندما
يلتزم الأجير في إطاره بتقديم خدماته طول حياته أو لمدة طويلة بحيث يظل ملتزما حتى
موته[106]، و كذا كل عقد يكون موضوعه تعليم القيام بأعمال
مستحيلة كالسحر و الشعوذة[107].
و
تجدر الإشارة إلى أن البطلان في جميع الحالات السابقة سواء كان سببه هو تخلف احد
الأركان أو الشروط آو بنص القانون يكون بطلانا بقوة القانون[108].
أما آثار البطلان فتكمن في إرجاع الأطراف إلى ما كانوا عليه قبل إبرام
العقد كقاعدة عامة[109]،
فإذا كان احد المتعاقدين قد سلم شيئا لآخر تنفيذا للعقد جاز له استرجاعه كاملا[110]،
و إلا كان في حكم الدفع غير مستحق الأداء.
إلا أن البطلان قد تكون له آثار عرضية أو آثار ايجابية إن صح هذا التعبير،
كما هو الحال بالنسبة لحالة عقد الزواج الباطل إذ أن المشرع رعاية منه للأسرة رتب
على عقد الزواج الباطل بعض الآثار العرضية في حالة البناء الحقيقي في زواج فاسد، و
من هده الآثار نجد وجوب العدة و ثبوت النسب ووجوب المهر[111].
بالإضافة إلى ما سبق نجد أن العقد بعدما يبطل قد يتحول إلى عقد أو سند أخر
إذا توافرت فيه شروط ذلك السند[112]،
و هو ما يسمى بتحول التصرف الباطل إلى تصرف آخر صحيح، نقول إعمال الشئ أحسن من
إهماله[113].
و
أخيرا تجدر الإشارة إلى أن العقد الباطل لا تلحقه الإجازة ولا التصديق[114]،
فالإجازة هي موافقة المتعاقد على تثبيت العقد و التجاوز عما به من خلل ليصبح كأنه
نشا صحيحا، أما التصديق أو الإقرار فهو موافقة شخص أجنبي على العقد على أن تسري
عليه نفس أحكام العقد[115]
و كل ما يمكن فعله لتجاوز ذلك البطلان هو إبرام التصرف من جديد مستكملا عناصره
الأساسية[116].
ونجد أن العقد الباطل لا يصبح موجودا و لو مر الزمن إلا أن التقادم يلحق دعوى
البطلان و ذلك بمرور 15 سنة و لعل السبب الذي جعل المشرع يقرر هذا التقادم يكمن في
حرصه على استقرار المعاملات[117]
الفقرة الثانية:القابلية للإبطال
العقد القابل للإبطال هو العقد الذي يقوم وينشا بتوافر كل أركانه لكنه يكون
حاملا بين طياته أسباب بطلانه، ذلك انه إذا أثيرت أسباب العيب حكم بالإبطال من طرف
القضاء و إلا ظل قائما[118].
وبالتالي فان العقد القابل للإبطال هو عقد تتوفر فيه أركان انعقاده و لكن
ركن الرضا أو ركن الأهلية يكون معيبا، كما قد يكون العقد قابلا للإبطال إذا نص
القانون صراحة على قابليته للإبطال.
1-في حالة تعيب ركن الرضا أو ركن الأهلية: يكون العقد قابلا للإبطال كما إذا شابت
الإرادة عيبا من العيوب المنصوص عليها في ق.ل.ع.م كالغلط، الإكراه، التدليس...{ و
يجب على من تعيبت ارادته أن يثبت ذلك بكافة وسائل الإثبات لإقناع المحكمة و إلا
فان المحكمة ترفض ادعاءه و تحمله مصاريف الدعوى و هو الاتجاه الذي سلكته المحكمة
الابتدائية بالناضور في حكم اصدرته في قضية لها علاقة بالموضوع جاء فيه ''
حيث ان اسباب الابطال المبنية على حالة المرض و الحالات الاخرى المشابهة متروكة
لتقدير القضاة، و حيث ان العته و ان كان من بين حالات نقصان الاهلية بصريح المادة
213 من مدونة الاسرة فانه لا محل لاعماله لكون المسمى____ في كامل قواه العقلية
خاصة امام تدخله في الدعوى بصفة ارادية و استعداده التام للمثول امام المحكمة قصد
التاكد من وضعه الصحي كما ان حالته الظاهرة وقت التعاقد كانت سليمة كما شهد بذلك
العدلان محرري رسم الشراء المطلوب ابطاله، اضافة الى كل ذلك لم يثبت للمحكمة ان
____ قام عند ابرامه للعقد المذكور بمحاباة المدعى عليها المتعاقد معها و ما يؤكد
ذلك قبضه لثمن البيع حسب اقراره المضمن بالعقد مما يجعل شروط ابطال العقد للمرض و
نقض الادراك غير مستوفية طبقا لمقتضيات الفصول 479و 345 و 54 من قانون الالتزامات
و العقود''[119]}،
أو إذا كان احد المتعاقدين فاقد الأهلية أو ناقصها[120].
2-في حالة الإبطال بمقتضى نص خاص في القانون:
في هذه الحالة لا
يكون سبب قبول دعوى الإبطال هو كون احد أركان العقد معيبا بل لوجود نص قانوني يوجب
ذلك، و من الأمثلة على ذلك نجد الفصل 485 من ق.ل.ع.م الذي ينص على حق طلب إبطال
البيع إذا رفض المالك الحقيقي إقراره، و كذا الفصل 1085 من نفس القانون الذي ينص
على حق دائني الشركة في طلب إبطال القسمة التي أجريت برغم اعتراضهم عليها.
و
يتميز الإبطال بمجموعة من الخصائص أهمها أن إبطال جزء من العقد يبطل العقد بمجموعه
ما لم يكن العقد قابلا للبقاء دون الجزء الذي تقرر إبطاله، كما أن إبطال الالتزام
الأصلي يقتضي إبطال الالتزام التبعي[121]
و لعل هذه هي النقط الأساسية التي يتشابه فيها الإبطال مع البطلان.و ينفرد الإبطال
بكونه قابلا للإجازة و التصديق[122]
إذ يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية[123].كما
أن القابلية للإبطال يلحقها التقادم ذلك أن دعوى الإبطال تتقادم بمرور سنة[124]،
و حسب الفصل 312 من ق.ل.ع.م فان مدة السنة تبدأ في السريان،
* في حالة الإكراه من يوم زواله
* في حالة الغلط و التدليس من يوم اكتشافهما
* في حالة نقصان الأهلية من يوم بلوغ ناقص
الأهلية سن الرشد القانوني
* في حالة الغبن من يوم وضع اليد على الشئ
المتعاقد عليه
* في حالة المحجر عليهم من يوم رفع الحجر
إلا انه بهدف استقرار المعاملات و تفادي بقاء العقد مهددا بالإبطال فان
دعوى الإبطال تتقادم بمرور 15 سنة من تاريخ إبرام العقد[125]،
بالإضافة إلى ما سبق فان الإبطال لا يجوز التمسك به إلا من طرف من شرع لمصلحته[126]
كناقص الأهلية مثلا.
أما آثار الحكم بإبطال العقد فقد حددها المشرع في الفصل 316 من ق.ل.ع.م
بقوله '' يترتب على إبطال الالتزام وجوب إعادة المتعاقدين إلى نفس و مثل الحالة
التي كانا عليها وقت نشأته و التزام كل منهما بان يرد للآخر كل ما أخذه منه بمقتضى
أو نتيجة العقد الذي تقرر إبطاله، وتطبق بشان لحقوق المكتسبة على وجه صحيح للغير
حسن النية الأحكام الخاصة المقررة لمختلف العقود المسماة''.
والحكم
بالإبطال و إن كان له اثر منشئ إلا أن هذا الإبطال ينسحب بأثر رجعي على العقد منذ
تكونه، إذ يزول العقد و يصبح كان لم يكن سواء بالنسبة للمتعاقدين الذين يجب أن
يعادا إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرام العقد باستثناء القاصر و ناقص الأهلية
الذي لا يلزم إلا برد ما عاد عليه بالنفع، أو بالنسبة للغير الذي اكتسب حقا على
الشئ محل العقد الذي تقرر إبطاله[127].
خاتمة
ختاما نخلص إلى أن العقد لا ينعقد إلا بعد دخول طرفيه في مفاوضات واتفاقات سواء حول محله أو سببه أو حول حقوق أو التزامات كل طرف ، كما يستشف على أنه بعد إتفاق الطرفين على كل جوانب العقد ينتهي بهما المطاف إلى إبرامه ، كما أن المشرع استوجب توافر بعض الأركان لينعقد العقد سليما ومرتبا لكافة آثاره سواء على مستوى العقد نفسه كركن الشكلية مثلا أو على مستوى طرفيه كركن الرضا ، وأن القواعد المنظمة لهذه الأركان هي قواعد آمرة لا يمكن للأطراف الاتفاق على مخالفتها وإلا كان العقد باطلا أو معرضا للإبطال .
ختاما نخلص إلى أن العقد لا ينعقد إلا بعد دخول طرفيه في مفاوضات واتفاقات سواء حول محله أو سببه أو حول حقوق أو التزامات كل طرف ، كما يستشف على أنه بعد إتفاق الطرفين على كل جوانب العقد ينتهي بهما المطاف إلى إبرامه ، كما أن المشرع استوجب توافر بعض الأركان لينعقد العقد سليما ومرتبا لكافة آثاره سواء على مستوى العقد نفسه كركن الشكلية مثلا أو على مستوى طرفيه كركن الرضا ، وأن القواعد المنظمة لهذه الأركان هي قواعد آمرة لا يمكن للأطراف الاتفاق على مخالفتها وإلا كان العقد باطلا أو معرضا للإبطال .
لائحة المراجع
- إدريس الفاخوري ، قانون الأسرة المغربية ،
الجزء الأول ، أحكام الزواج ، طبعة 2012 .
جمال الطاهري ، دروس في النظرية العامة
للإلتزام ، طبعة 2012 .
- دسوقي محمد إبراهيم ، الجوانب القانونية في
إدارة المفاوضات وإبرام العقود ،دون ذكر الطبعة .
- عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في القانون
المدني ، الجزء الأول ، دون ذكر الطبعة .
عبد الرحمان أسامة / حاجي بناصر ، المبادئ
العمة للإلتزامات ، طبعة 2010 ، ص 35 .
- عبد القادر العرعاري ، نظرية العقد ،
الطبعة الرابعة ، 2014 .
- عبد القادر العرعاري ، الوجيز في النظرية
العامة للعقود المسمات ، الكتاب الأول ، عقد البيع، الطبعة الثانية ، 2010
- عبد المجيد الحكيم / عبد الباقي البكريى ،
الوجيز في نظرية الإلتزام في القانون المدني العراقي .
- محمد العروصي المختصر في بعض العقود
المسمات ، البيع والمقايضة والكراء ، الطبعة الثالثة ، 2014 .
- عمر سالم ، الالتزامات في القانون المدني
على الوجه المبسط .
- مأمون الكزبري ، نظرية الالتزامات على ضوء
قانون الالتزامات والعقود المغربي ، الجزء الأول ، دون ذكر الطبعة .
- يزيد أنيس نصير ، مرحلة ما قبل إبرام العقد ، دراسة مقارنة ، الجزء الثاني
، عقد التفاوض بحسن نية .
مقدمة ...................................................................................1
المبحث الأول : الاتفاقات التمهيدية لإنشاء
العقد .....................................1
المطلب الأول : مرحلة التفاوض على إنشاء العقد
..................................1
الفقرة الأولى : أهمية المفاوضات ودورها في تكوين العقد .........................1
الفقرة الثانية : الوعد بالتعاقد
...........................................................2
المطلب الثاني : مرحلة الموافقة على إنشاء
العقد ....................................5
الفقرة الأولى : الاتفاق الابتدائي
.......................................................5
الفقرة الثانية : الاتفاق النهائي
..........................................................6
المبحث الثاني : أركان العقد والجزاءات
المترتبة عليه ..............................6
المطلب الأول : أركان العقد
...........................................................6
الفقرة الأولى : الأهلية والرضا
........................................................7
الفقرة الثانية :المحل والسبب
.........................................................13
المطلب الثاني : بطلان العقود وقابليتها
للإبطال ....................................18
الفقرة الأولى : البطلان
..............................................................18
الفقرة الثانية : القابلية للإبطال ......................................................22
الفقرة الثانية : القابلية للإبطال ......................................................22
خاتمة
..................................................................................25
لائحة المراجع
........................................................................27
[3] :
دسوقي محمد إبراهيم، الجوانب القانونية في إدارة المفاوضات وإبرام العقود، معهد
الإدارة العامة، 2014 دون ذكر الطبعة، ص 14
[15] : إذا كانت المادة 33 من قانون 25.90 الخاص
بالتجزئات العقارية وتقسيم العقارات منعت من إبرام عقود البيع في هذه التجزئات قبل
قيام الجماعات الحضرية او القروية باجراءات التسليم المؤقت لأشغال تجهيز التجزئة
فإن هذا المنع يهم عقود الوعد بالبيع ، ومما يؤكد ذلك أن الفصل 61 من ق ل ع أجاز
أن يكون محل الإلتزام مستقلا أو غير محقق .
[105] - أشار إليه الدكتور سعيد الروبيو في محاضرة
ألقاها على طلبة السداسي الرابع في مادة الشركات التجارية، سلك الإجازة في القانون
بالعربية، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بوجدة، السنة
الجامعية، 2012-2013
[113]-أشار إليها الأستاذ محمد شرف
في محاضرات لقيت على طلبةالدسداسي الرابع في مادة وسائل الوفاء و الائتمان، سلك الإجازة في القانون بالعربية،
السنة الجامعية 2012-2013
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق