-->

الطبيعة القانونية للعقود المبرمة عن بعد


Zone de Texte:  مقدمة
 يرتبط تطور علاقات البشر فيما بينهم ارتباطا وثيقا بتطور الحياة  البشرية نفسها وتقدم وسائلها وأساليبها. فإذا كان اختراع النار واكتشاف الزراعة ظاهرتين اجتماعيتين قد غيرتا وجه تاريخ البشرية، فمهدت هذه الظروف لاستقرار البشر واختراع الكتابة وجعلها وسيلة من وسائل التواصل، ولم يقف هذا الكائن الاجتماعي بطبعه عند هذا الحد فاخترع البريد ووظف الإنسان وتطور الأمر كثيرا في نهاية القرن التاسع عشر حيث اخترع عدة وسائل للاتصال كالتلكس والهاتف والفاكس والتلغراف واعتبر ذلك في وقتها ثورة في هذا المجال. ليصل هذا التطور مداه خلال القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، ليعيش العالم فعلا ثورة معلوماتية في مجال التكنولوجيا الحديثة للاتصال والتواصل، وتزامن ذلك مع ظاهرة العولمة وما فتحته من آفاق في وجه السلع والخدمات  ورؤوس الأموال، كل ذلك بالاعتماد على التقنيات الحديثة في الاتصال والتواصل. في خضم هذه التغيرات العميقة انتشرت وبشكل ملفت للنظر ظاهرة التعاقد عن بعد في شكلها الأولي بين المهنيين فيما بينهم ممهدة الطريق لدخول طرف آخر في المعادلة وهو المستهلك. ودخول هذا الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية نتج عنه إضرار ا به حيث أصبح عرضة لممارسات غير مشروعة. وهذا ما حثم على جل المشرعين التدخل لإعادة تنظيم هذه العقود خصوصا أمام صلابة المبادئ لإعادة تنظيم هذه العقود خصوصا أمام صلابة المبادئ القديمة. والمشرع المغربي لم  يحد عن هذا المنحى ثم استصدار مجموعة من القوانين تصب ط كلها في حماية المستهلك من تعسفات المهنيين وسنقتصر في هذا البحث على استجلاء المبادئ الأساسية التي اقرها المشرع لتنظيم العقود المبرمة عن بعد من خلال القانون رقم 05-53 المتعلق بتبادل المعطيات القانونية بشكل  إلكتروني الصادر بتنفيذه ظهير 3 أكتوبر 2007 والقانون رقم 08-53 المتعلق بحماية المستهلك الصادر بتنفيذه ظهير 18 فبراير 2011.
 فكيف عالج المشرع المغربي العقود المبرمة عن بعد من خلال هذين القانونين؟ وما علاقة مستجدات هذين النصين بالمبادئ العامة المنصوص عليها في ظهير الالتزامات والعقود؟ وما هو مفهوم العقود المبرمة عن بعد؟ وما هو نطاق  تطبيقها؟ وما هي طبيعتها القانونية؟ هل هي عقود رضائية في الأصل؟ أم عقود إذعان؟ هل هي عقود شكلية؟ وهل الشكلية شرط صحة في الانعقاد؟ أم شرط في الإثبات فقط؟ وأخيرا كيف تنفذ هذه العقود؟ وما هي الحماية المقررة للطرف الضعيف في هذه المعادلة الاستهلاكية؟
 سنحاول من خلال هذا البحث التقرب من ملامسة إجابات عن هذه التساؤلات. ولهذا الغرض قسمنا هذا البحث على الشكل التالي:
 مقدمة:
 المبحث الأول: مفهوم العقود المبرمة عن بعد ونطاق تطبيقها
       المطلب الأول: مفهوم العقود المبرمة عن بعد
          أولا: موقع العقود المبرمة عن بعد ضمن المنظومة التقليدية للتعاقد
          ثانيا: المفهوم الجديد للتعاقد عن بعد
     المطلب الثاني: نطاق تطبيق العقود المبرمة عن بعد
المبحث الثاني: الطبيعة القانونية للعقود المبرمة عن بعد وطرق تنفيذها
   المطلب الأول: تكوين العقد المبرم عن بعد
        أولا: الإيجاب في التعاقد عن بعد
       ثانيا: القبول في التعاقد عن بعد
   المطلب الثاني: الحقوق والالتزامات الجديدة المتولدة عن التعاقد عن بعد
       أولا: حماية المستهلك قبل التعاقد
      ثانيا: حماية المستهلك أثناء إبرام العقد
      ثالثا: حماية المستهلك بعد التعاقد
خاتمة
 المبحث الأول: مفهوم العقود المبرمة عن بعد ونطاق تطبيقها
إن ظهور التصرفات القانونية المعتمدة أو على وسائل الاتصال الحديثة، وما تطرحه من مشاكل إن على مستوى تحديد ن مكان وزمان العقد أو على مستوى الإثبات. كل هذا لنم تستوعبه النظم القانونية التقليدية[1]. فما هو مفهوم العقود المبرمة عن بعد؟ وما و موقعها ضمن منظومة التعاقد بين غائبين المنظمة في ظهير الالتزامات والعقود؟
المطلب الأول: مفهوم العقود المبرمة عن بعد
" في إطار استكمال بناء المنظومة  التشريعية المغربية المستجيبة لمتطلبات الانفتاح الاقتصادي، ومستلزمات السوق. فقد ارتأى المشرع المغربي تنظيم هذه العقود  بقوانين خاصة... وذلك من خلال ربط هذه النصوص بمتطلبات مجتمع الإعلام والتواصل، بما يزخر به من معاملات على الخط والتي تغاير كثيرا من حيث الطبيعة والتكوين والآثار مثيلتها من معاملات مدنية وتجارية بالمفهوم التقليدي"[2]
 أولا: موقع العقود المبرمة عن بعد ضمن قواعد ظ.ل.ع:
 لقد نص المشرع المغربي في ظ.ل.ع عن ثلاث حالات للتعاقد بين غائبين وهي التعاقد بالمراسلة، والتعاقد بواسطة رسول أو وسيط، والتعاقد بالهاتف.[3]ومع التطور العلمي خصوصا في مجال تكنولوجيا التواصل، إضافة إلى تطور جوانب ألأخرى للحياة في المجتمعات المعاصرة، وما صاحبها من تغيير في سوائل الإنتاج والسرعة في التوزيع والاعتماد على مجموعة من العلوم والتقنيات، كعلم التسويق والإشهار مما أدى على زيادة الاستهلاك وما يتطلبه من سرعة في العمليات القانونية كل هذا أفرز في الواقع عقودا جديدة تتميز بالسرعة وبل بالاعتماد على السوائل الحديثة، وأبرز صورة لهذه العقود هو العقد الالكتروني. فما هو موقع هذا العقد ضمن منظومة التعاقد بين غائبين المنصوص عليها في ظ.ل.ع؟
 يعتبر العقد الالكتروني أ[رز صورة للعقود المبرمة عن بعد وما هو في الحقيقة " إلا نسخة متطورة للعقد التقليدي الذي كان يجمع بين شخصين غائبين[4]. تجب الإشارة أ,لا أن المشرع المغربي قد نظم العقود المبرمة عن بعد في حلتها الحديثة من خلال قانونين الأول هو القانون المتعلق بتبادل المعطيات القانونية والثاني هو قانون حماية المستهلك في الباب الثاني المعنون بالعقود المبرمة عن بعد. وإذا كان هذا القانون الأخير قد حظي باستقلاليته وتضمينه في نص خاص به الشيء الذي لم يكتب للقانون الأول حيث ثم تشتيته على فصول متفرقة من مدونة ل.ع.إما في شكل" تتميم بعض الفصول بمقتضيات جديدة أو بإضافة فصول كاملة لفصل الأصلي. وفي مقابل هذه الإضافات فإن هذا القانون عير وتمم..."[5] فصولا أخرى. كما قام بتجميد العمل بعدة فصول.
 وخلاصة القول أن" القوانين الحديثة'( قوانين الاستهلاك خاصة) أصبحت تنظر نظرة جديدة ومغايرة لنظرة القوانين المدنية التقليدية لموضوع التعاقد بين غائبين. فإذا كانت هذه الأخيرة لا تهتم في هذا المجال إلا بزمان ومكان العقد... فإن القوانين الحديثة ترتكز على مضمون الإيجاب نفسه وعناصره وطرق إعلانه وتأكيده للمشتري ومنحه أجلا للتفكير والرجوع. كما ترتكز على رضا المشتري وتحرص على تبصيره وحمايته من نفسه ومن إغراءات بائعه..."[6]".
 وهكذا برزت مجموعة من النظريات نذكر منها:
·      حق الرجوع في العقد.
·      مهلة التفكير.
·      استغلال الضعف أو الجهل
·       الإلزام بالإعلام والتبصير.
·       عبء الإثبات على المورد
 وغيرها من المبادئ والقواعد المشكلة لهوية قانون الاستهلاك المعاصر، والتي تشكل في عمقها مظهرا من" نظام الحماية الاستثنائية"6/1 في هذا النوع من العقود.
 ثانيا: المفهوم الجديد للتعاقد عن بعد
 تجدر الإشارة أن المشرع المغربي في الأصل لم يعط تعريفا للعقد ضمن قانون الالتزامات والعقود ونفس الشيء تكرر مع القانون رقم 05-53 الخاص بالتبادل الالكتروني للمعطيات  القانونية كما هو الشأن بالنسبة للقانون رقم 08-31 المتعلق بحماية المستهلك الذي اقتصر في المادة 25 في فقرتها الأولى على التعريف بتقنية الاتصال عن بعد. كما حدد في المادة 26 الأشخاص الخاضعين لأحكام الباب الثاني المتعلق بالعقود المبرمة عن بعد. ومن خلال المقتضيات يمكن تعريف العقد المبرم عن بعد بالشكل التالي:" هو اتفاق إرادتي المستهلك والمورد على إحداث أثر قانوني متمثل في بيع منتوج أو سلعة أو خدمة دون حضورهما شخصيا في آن واحد، وباستعمال  على وجه خاص واحد أو أكثر من تقنيات الاتصال عن بعد ولاسيما التقنيات الالكترونية من أجل إبرام هذا العقد"[7]
المطلب الثاني: نطاق تطبيق العقود المبرمة عن بعد
إذا كانت دائرة التعاقد بين  غائبين هي الدائرة الكبرى التي تضم دائرة أصغر هي دائرة العقد الالكتروني فان هذه الأخيرة تتقاطع مع دائرة العقود المبرمة عن بعد، التي تعتبر أضيق من حيث أنها تتعلق بالمورد من جهة والمستهلك من جهة أخرى دون الخروج عن هاته الأطراف في الوقت الذي نجد فيه دائرة العقد الالكتروني تتسع في هذا المجال لتشمل حتى المهنيين فيما بينهم سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين بل حتى الأشخاص المعنوية العامة. غير أنه  من جهة أخرى نجد دائرة العقود المبرمة عن بعد قد تفوق في اتساعها دائرة العقد الالكتروني من حيث وسائل الاتصال المستعملة في العقود الأولى والتي لم يحددها المشرع في الوسائل الالكترونية فقط حيث أن صياغة الفقرة الأولى من المادة 25 من قانون حماية المستهلك جاءت عامة حيث نصت على أن " تقنية الاتصال عن بعد" هي كل وسيلة تستعمل لإبرام العقد بين المورد والمستهلك بدون حضورهما شخصيا وفي آن واحد".
  فمشرع مدونة ل.ع لم يحدد نطاق تطبيق العقود بين غائبين بل اكتفى بالإشارة فقط للأنواع الثلاثة المشار إليها سابقا. عكس مشرع قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية الذي استثنى بصريح النص القضايا المتعلقة بمدونة الأسرة من زواج وطلاق ونسب وإرث وحضانة ووصايا. وكذلك الاستثناء المتعلق بالضمانات الشخصية أو العينية في الميدانين المدني والتجاري. فما هي الاستثناءات المقررة في العقود المبرمة عن بعد؟
بادئ دي بدء تجب الإشارة إلى أن المشرع أخذ بمفهوم جد ضيق لهذا النوع من العقود ويمكن تحديد العناصر الخاصة  بهذا العقد فيما يلي:
1- عقد بيع منتوج أو سلعة أو خدمة.
2- عقد بين مورد ومستهلك
3- عقد يتم دون الحضور الشخصي لأطرافه
4-  عقد يتم باستعمال واحد أو كثر من تقنيات الاتصال
 "وتجدر الإشارة أن المشرع المغربي لم يترك الباب مفتوحا أمام جميع العقود لكي تبرم عن بعد، وذلك إما بالنظر إلى طبيعة هذه العقود، أو نظرا لشكل انعقادها أو للطبيعة الخاصة للمجال الذي تنشأ فيه"[8].
وهذا ما يظهر من خلال المادة 28 من قانون حماية المستهلك.  التي تستثني تطبيق أحكام الباب الثني من هذا القانون والمعنون بالعقود المبرمة عن بعد في الحالات التالية:
1- العقود المبرمة بواسطة موزعين آليين أو محلات تجارية مجهزة بالآلات.
2-  العقود المبرمة مع المتعدين في مجال الاتصالات لأجل استخدام مخادع هاتفية عمومية.
3- لأجل بناء وبيع العقارات أو متعلقة بحقوق أخرى خاصة بالعقارات ما عدا الإيجار.
4-  أثناء بيع  بالمزاد العلني.
هذا فيما يتعلق بنطاق تطبيق العقود المبرمة عن بعد. فماذا عن أطراف هذا العقد؟
 يعتبر المستهلك من جهة والمورد أو المهني من جهة أخرى هما طرفا هذا العقد.
 تعريف المستهلك:" شخص طبيعي أو معنوي  يقتني أو يستعمل أو يستأجر لأغراض غير مهنية، منتجات او خدمات معروضة في السوق للاستهلاك"[9] وهذا ما جاء في الفقرة الأولى من المادة الثانية من ق.08.31
 تعريف المورد أو المهني: جاء في الفقرة الثانية من المادة الثانية السالفة الذكر أن المورد هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري.
 وتجدر الإشارة " أنه ليس هناك تلازم بالضرورة بين صفة المهني والتاجر، إذ أن المهني، في هذه الحالة هو من يتعاقد من خلال ممارسة مهنته وليس بالضرورة أن تكون له صفة التاجر. كالصيدلي مثلا"[10].
المبحث الثاني: طبيعة العقود المبرمة عن بعد وطرق تنفيذها
 ان التساؤل الذي يطرح نفسه بخصوص الطبيعة القانونية للعقد المبرمة عن بعد يدور حول ما إذا كان هذا الأخير ينعقد بين حاضرين في مجلس العقد خصوصا أن استعمال تقنية للتواصل تمكن من الحضور الزمني أو بين غائبين على اعتبار أن الذي يعتد به هو الحضور الفعلي المادي للأطراف لا الحضور الافتراضي. كما أن هناك تساؤل آخر حول ما إذا كان هذا العقد رضائيا أم عقد ادعان خصوصا أن هذا النوع من العقود يعتمد على  طرق تجارية قد توصف" بالعنيفة والهجومية"[11]. وأخيرا يطرح السؤال حول ما إذا كانت الشكلية شرط انعقاد في هذا النوع من العقود.
المطلب الأول: تكوين العقد المبرم عن بعد
 يرمز البيع عن بعد إلى " اتفاق يبرم دون الحضور المادي للأطراف. فهو تعاقد بين غائبين لكن بتصور أوسع وتنظيم جديد. فالتعاقد عن بعد يتخذ اليوم أشكالا جديدة. إضافة إلى التعاقد بالمراسلة والتعاقد بالهاتف أو الفاكس، هناك التعاقد عن طريق البريد الالكتروني أو من خلال الانترنيت..."[12].
 وقد شكل اللجوء  إلى التقنيات الجديدة في التعاقد عن بعد تغيرا جذريا في العلاقة التقليدية بين البائع والمشتري اللذان تحولا إلى مهني مورد متمرس عارف بخبايا المهنة وبين مستهلك مضطر في غالب الأحيان على اقتناء متطلباته الشخصية اليومية وهو الذي يشكل بطبيعة الحال الحلقة الضعيفة في هذه العلاقة وهذا ما طرح تحديات جمة على المستوى القانوني وفرض حماية خاصة للمستهلك تظهر على المستويات الثلاث قبل وأثناء  وبعد العقد فما هي الحقوق والالتزامات المتولدة أثناء فترة الإيجاب أو ما بات يسمى في قوانين الاستهلاك بالعرض؟
أولا: الإيجاب في التعاقد عن بعد
 يعرف الإيجاب بشكل عام على انه تعبير عن إرادة شخص يرغب أن يتعاقد مع شخص آخر. وقد يكون هذا الإيجاب موجها الى شخص معين أو موجها إلى العموم.
" لقد فكر المشرع سنة 1913 في حماية حرية التعاقد، وتحقيق  توازن العقد عن طريق مبدأ سلطان الإرادة، وافترض حرية الإرادة لدى المتعاقدين واعتبرها أساس للقوة الملزمة للعقد، وانطلق من المساواة بينهما، ولكن هذه الأمور لا تعد اليوم شيئا طبيعيا، وأن مثل هذه القواعد لا تضمن سوى مساواة شكلية بعيدة عن مقتضيات العدالة والإنصاف"[13] ولهذا فإن الإيجاب في التعاقد عن بعد، أو ما يسمى بالعرض المهني فهو وإن احتفظ بالمبدأ العام القائم على الدعوة إلى التعاقد فإنه ألزم الموجب أو العارض بإخبار المستهلك بمجموعة من البيانات  والمعلومات الضرورية. يعتبر إخبار المستهلك هذا عنصرا رئيسيا في الإيجاب. وهو التزام قبل تعاقدي يتجسد في توفير معلومات ومعطيات تولى القانون ا تحديدها وتحديد طريقة وشكل إعلانها.
 فقد حددت المادة 29 من قانون حماية المستهلك هذه المعلومات. فما هي التزامات المورد في هذا الشأن؟ يجب عل البائع عن بعد أن يقدم قبل إبرام العقد المعلومات التالية:
·      الخصائص الرئيسية للسلعة أو الخدمة ( المادة 3 والمادة 5 من ق.ج.م).
·      هوية البائع( اسم المورد- التسمية التجارية- المعطيات الهاتفية...)
·      عنوان البائع إن كان شخصا طبيعيا أو مقره الاجتماعي إذا كان شخصا معنويا.
·      رقم تسجيله ورأسمال الشركة إذا كان مقيدا في السجل التجاري.
·      رقم تعريفه الضريبي إذا كان خاضعا للضريبة
·      رقم الرخصة وتاريخها والسلطة التي çولتها إن كان خاضعا لنظام الترخيص.
·      مصاريف التسليم وأجله.
·      طرق الأداء.
·      وجود حق التراجع.
·      كيفيات الأداء أو التسليم أو التنفيذ.
·      مدة صلاحية العرض.
·      تكلفة استعمال تقنية الاتصال عن بعد.
·      المدة الدنيا للعقد. المقترح عندما يتعلق الأمر بتزويد مستمر.
 هذا عن المعلومات الواجب تقديمها من طرف البائع.
إضافة إلى ذلك فإن المشرع قد ألزم البائع بتقدير هذه المعلومات إلى المستهلك بشكل مكتوب أو بأي وسيلة دائمة أخرى موضوعة رهن تصرف المستهلك في الوقت المناسب وعلى أبعد تقدير عند التسليم.
 ويلاحظ من قراءة المادة 32 ق.ح.م أن المشرع المغربي" شأنه شأن المشرع الفرنسي والبلجيكي، يؤكد على وجوب تلقي المستهلك بطريقة مكتوبة أو بأية وسيلة دائمة تأكيد المعلومات المتعلقة بالعملية"[14].
 وخلاصة القول أن الموجب في العقود المبرمة عن بعد يلتزم بأمرين: الأول هو المعلومات الملزم بتقديمها والأمر الثاني هو تقديم هذه المعلومات في شكل مكتوب أو بأية وسيلة دائمة.
 ثانيا: القبول في التعاقد عن بعد
 بالرجوع إلى ظهير ل.ع نجده لم يحدد شكلا خاصا للقبول واعتبر السكوت كقاعدة عامة انه لا يعتبر قبولا أخذا بقاعدة" لا ينسب لساكت قبول" وإن  كان قد نص على بعض الاستثناءات تطبيقا لقاعدة" السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان"[15] كحالة الفصل 215 ق.ل.ع الذي اعتبر السكوت علامة على القبول متى تعلق بمعاملات سابقة بين التجار.
 فهل  سار مشرع قوانين الاستهلاك الحديثة العهد على هذا المنوال؟
" مع مراعاة خصوصيات العقد الالكتروني، يتمثل قبول المستهلك لعرض البائع في توقيع وإرسال طلب السلعة المختارة من طرفه وفي الغالب يبعث المستهلك بورقة الطلب المرفقة بالعرض"[16]
 فبالرجوع إلى المادة 5-65 من ق. تبادل المعطيات بالشكل الالكتروني نجد المشرع يحدد القبول على الشكل التالي:
 فلكي ينعقد العقد بشكل صحيح يجب أن يتوفر الطرف الموجه إليه الإيجاب على إمكانية التحقق من تفاصيل طلبه وثمنه الإجمالي وإمكانية تصحيح أخطاء محتملة قبل تأكيد قبوله.
 ويجب على الموجب أن يشعر بالتوصل دون أجل غير مبرر وبطريق إلكتروني بقبول إيجابه، وأنه بمجرد توصل القابل بهذا الإشعار يلزمه بطريقة لا رجعة فيها.
 يعتبر أنه تم التوصل بالقبول وتأكيده والإشعار بالتوصل عندما يكون بإمكان الأطراف الموجه غليهم ذلك الولوج إليه.
 ويتبين مما سبق أن القبول في العقد الالكتروني يتم عبر مراحل متدرجة فما هي المستجدات التي جاء بها كل من القانونين 08.31 و05-53 بخصوص مكان وزمان  العقد وأيضا دور السكوت في التعبير عن القبول كما سنتطرق الى التعارض بين نصين: الفصل 5-65 من قانون تبادل المعطيات بشكل الكتروني الذي يقضي بإلزام القابل بشكل لا رجعة فيه بمجرد توصله بإشعار الموجب بتسلمه لقبول العرض وبين المادة 36 من ق.حماية المستهلك التي تنص على الحق في التراجع.
 مكان وزمان العقد المبرم عن بعد:يمكن استخلاص زمان العقد المبرم عن بعد من خلال قراءة المادة 5-65 من ق.05-53 ومن خلال إعمال قاعدة مفهوم المخالفة للمادة 33 من ق.08.31 وهو أن هذا العقد ينعقد في الوقت الذي يتوصل فيه العارض برد القابل شرط إخباره إياه. أما بخصوص زمان العقد" فغن العقد يتم في المكان الذي يتسلم فيه القابل الإشارة النهائية التي تؤكد ا توصل العارض بمضمون القبول"[17] وذلك من خلال تأكيد المورد لتسلم طلبية المستهلك.
دور السكوت في التعبير عن الرضى: كان المشرع صريحا في المادة 33 من قانون حماية المستهلك فنص على أنه:" لا يعتبر سكوت المستهلك بمثابة قبول " وهكذا فإن المشرع قد تشبث بالأصل الذي هو " لا ينسب لساكت  قول".
 التعارض الظاهر بين المادة 5-65 من قانون تبادل المعطيات بشكل الكتروني والمادة 36 من قانون حماية المستهلك[18]: يتبين أن هذا التعارض هو تعارض ظاهري ليس إلا إذ بإعمال الفعل والمنطق بتم استجلاء هذا الغموض. فكما هو معروف أن القانونين معا هم من نفس الدرجة والقوة إضافة إلى أن قانون حماية المستهلك الذي يقر بحث الرجوع هو قانون لاحق عن قانون تبادل المعطيات بشكل  الكتروني واللاحق يلغي السابق هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن قانون حماية المستهلك الذي يقر هذا الحق هو نص خاص والخاص يسبق في التطبيق على العام.
 وخلاصة القول أن حق الرجوع يبقى حجر الزاوية في النظام القانوني للبيع عن بعد.
المطلب الثاني: الحقوق والالتزامات الجديدة المتولدة عن العقود المبرمة عن بعد
 أمام عجز المبادئ الكلاسيكية للقانون المدني عن توفير حماية حقيقة وكافية للمستهلك باعتباره طرفا ضعيفا في العلاقة التعاقدية لجهله وعدم إلمامه من جهة ولارتباط مجموعة من السلع والمنتجات والخدمات بحياته اليومية من جهة أخرى. أمام  هذا الوضع كان لا مناص للمشرع أن يتدخل لتوفير هذه الحماية وتم ذلك عن طريق إقرار مجموعة من الحقوق إذا نظرنا إليها من زاوية المستهلك وهي بالتالي مجموعة من الالتزامات الملقاة على عاتق المورد. وهذه الحقوق والالتزامات منها ما يقع قبل التعاقد ومنها ما هو أثناء التعاقد وآخر بعد التعاقد.
 فما هي إذن هذه الحقوق والالتزامات؟
 أولا: حماية المستهلك قبل التعاقد:
 تتجلى هذه الحماية في الالتزام بإعلام المستهلك. وبالإعلام وبآجال التسليم.
 ثانيا: حماية المستهلك أثناء إبرام العقد:
 يتجلى ذلاك في حق( الرجوع أو العدول والذي يشكل خروجا من مبدأ العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليه في المادة  مع القوة الملزمة للعقد لكن لهذا التوجه الجديد الذي نجه مشرع قانون حماية المستهلك له ما يبرره حيث أنه ينطلق من فرضية عدم وجود توازن واقعي بين مورد ذي تجربة في مجال نشاطه ومستهلك فاقد لها من حيث الأصل"[19].
 ثالثا: حماية المستهلك عند تنفيذ اعقد المبرم عن بعد
 تتجلى هذه الحماية من خلال إعادة توازن العقد عند إخلال توازنه بين أطرافه كما تظهر من خلال هيئات حماية المستهلك.

 خاتمة:
 في ختام هذا البحث لا يسعنا الا ،ان ننوه مع المنوهين للمجهودات الذي قام بها المشرع المغربي من خلال هاته القفزة التي جعلت بعض قوانيننا تقتحم العالم الرقمي الذي فرض نفسه منذ زمن طويل وكان لزاما إذن على المشرع ان يواكب المستجدات حتى ولو على حساب هدم صرح المبادئ القديمة.
  

لائحة المراجع

·      ظهير الالتزامات والعقود: سلسلة النصوص التشريعية العدد 6. الطبعة الرابعة 2012.
·      قوانين حماية المستهلك: سلسلة النصوص التشريعية العدد 30. الطبعة الأولى 2011.
·      الدكتور عبد القادر العرعاري: نظرية العقد. مكتبة دار الأمان الطبعة الثالثة 2013.
·      الدكتور عبد القادر العرعاري، عقد البيع: مكتبة  دار الأمان. مطبعة الكرامة. الطبعة الثالثة 2011.
·      الدكتور عبد القادر العرعاري: وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء. منشورات دار الأمان. مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى 2010.
·      العربي جنان: التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية. المطبعة والوراقة الوطنية. مراكش الطبعة الأولى 2008.
·      الدكتور بوعبيد عباسي: الالتزام بالإعلام في العقود. المطبعة والوراقة الوطنية مراكش. الطبعة الأولى 2008.
·      الدكتور عمر انجوم: حماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد على ضوء القانون رقم 08.31 الموقع الالكتروني منتدى القانون المغربي.




[1] - العربي جنان: التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية. المطبعة والوراقة الوطنية. الطبعة الأولى 2008
[2] - الدكتور عمر انجوم: حماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد. الموقع الالكتروني في منتدى القانون المغربي ليوم السبت 3 نونبر 2012.
[3] - الدكتور زيد قدري الترجمان: الموجز في القانون المدني: نظرية الالتزام. طبعة 1992.
[4] - الدكتور عبد القادر العرعاري: نظرية العقد. مكتبة دار الأمان الطبعة الثالثة 2013.
[5]  الدكتور عبد القادر العرعاري: وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء. مطبعة دار الأمان الطبعة الأولى 2010.
[6] - الدكتور عبد الحميد أخريف. عقد الاستهلاك: البيع في الموطن- التعاقد عن بعد- العقد الالكتروني. مطبعة أميمة فاس.الطبعة الأولى 2006.
6/1 – الدكتور عبد القادر العرعاري، عقد البيع: مطبعة الكرامة . الطبعة الثالثة 2011.
[7] - الدكتور عمر انجوم: المرجع السابق.
[8] - الدكتور عمر انجوم، المرجع السابق.
[9] - الدكتور عبد الحميد أخريف: المرجع السابق.
د الحميد أخريف: المرجع السابق.
[10] - الدكتور عمر انجوم: المرجع السابق.
[11] - د. عبد الحميد أخريف: المرجع السابق ص 31.
[12] -د. عبد الحميد أخريف: المرجع السابق ص 31.
[13] -د. بوعبيد عباسي: الالتزام بالإعلام في العقود. المطبعة والوراقة الوطنية مراكش. الطبعة الأولى 2008.
[14] - د. عبد الحميد أخريف: المرجع السابق ص 40.
[15] -د. عبد القادر العرعاري. نظرية العقد المرجع السابق ص 76.
[16] -د. عبد الحميد أخريف. المرجع السابق ص 41.
[17] - د. عبد  القادر العرعاري: نظرية العقد ص 112.
[18] - الفقرة الثالثة من الفصل 5-65 من ق 05-53:
" يصبح المرسل إليه فور تسلم العرض ملزما به بشكل لا رجعة فيه"
-       الفقرة الأولى من المادة 36 من ق.08-31
-       للمستهلك أجل:
-        سبعة أبأم كاملة لممارسة حقه في التراجع
-        ثلاثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة لم يف المورد بالتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين 29 و32".
[19] - د. عمر انجوم: المرجع السابق.
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *