-->

بعض أهم مستجدات مسودة مشروع القانون الجنائي

* بعض أهم مستجدات مسودة مشروع القانون الجنائي
* الدكتور : أحمد قيلش - أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق ابن زهر –اكادير-
مواكبة منه للتطور الحاصل في عالم الجريمة التي استفادت من التقنيات المدنية ناهيك عن تنوع أساليبها و ظهور الجرائم العابرة للقارات و جرائم الإرهاب بقوة، حيث أصبح معه أمن و سلامة المجتمع في خطر كبير مما حدى بالمشرع الجنائي في مسودة مشروع القانون الجنائي أن ينظم عددا من الجرائم الجديدة و تأطيرها في نصوص قانونية و تحديد العقوبات الملائمة لها.و لعل المسودة استفادت من التطور الحاصل في الأنظمة الجنائية الحديثة و الفقه الجنائي المعاصر وما يترتب عنه من نظريات حديثة تحاول تطوير أساليب العدالة الجنائية و ضمان و توفير أسباب الأمن القانوني.
و لعل المشرع في مسودة المشروع حاول التدرج في تحديد العقوبات المناسبة للعديد من الجرائم لم تكن مجرمة في القانون الحالي، بعضها أملته الشروط العامة على نحو ما ذكرنا، و البعض الآخر جاء نتيجة طبيعية للأعطاب التي شهدتها السياسة الجنائية و التي أفرزتها الممارسة العملية.و سعيا منه كذلك في تجميع النصوص الجنائية في وثيقة واحدة فقد تم إدماج نصوص كانت مقررة في قوانين خاصة مع نسخ مواد لوجودها في نصوص قانونية خاصة، كذلك كجرائم الشيك و التفالس و الإعتداء على الملكية الأدبية و الفنية.
و سوف نقتصر في هذه المداخلة على الجرائم المستحدثة في مسودة المشروع التي تأتي في سياق تعزيز الحماية القانونية لضحايا الجريمة و منح المجتمع مناعة من آثار الجرائم التي تحدث اضطرابات اجتماعية و تهدد السلم و الأمن الاجتماعيين.الإطار العام :
إن ما يستدعي الإنتباه في تتتبع فصول المسودة لاسيما على مستوى الجرائم الجديدة التي نظمها المشرع الجنائي، يتضح ان هذا الاخيراعتمد مفاهيم جديدة للجريمة تأخذ بعين الاعتبار الجريمة المنظمة و الجريمة العابرة الحدود ، و أن تجريم هذا النوع من الجرائم ليست مطلبا لذاته بل تمليه ضرورة مجتمعية لا تهم جغرافية الوطن الواحد بل تتعداه إلى جميع بقاع العالم، كما أن شرعية هذا التجريم تستمد خصوصيتها من الإلتزامات الدولية التي انخرط فيها المغرب، و سعيا منه لملائمة قانونه الداخلي مع الإتفاقيات الدولية خصوصا في مجال القانون الدولي و حقوق الإنسان.
كما أن إضفاء صفة التجريم على بعض الأفعال التي كانت غير مجرمة و التي شكلت ثغرات في القانون الحالي كما هو الشأن في تجريم الإخلال بالواجبات الزوجية و كذا رفض إرجاع المطرودة إلى بيت الزوجية مثلا حيث يروم هذا التجريم الحفاظ على استقرار العلاقات الأسرية و حماية الفئات الأكثر هشاشة.
بناء على ذلك تتحكم في الإطار العام للمراجعة دواعي أمنية بحثة، من حيث مكافحة و محاربة الجريمة المنظمة التي تتطلب مجهودات قد تتجاوز حدود البلد، و كذا دواعي داخلية من خلال ترتيب الجزاء الجنائي على بعض الأفعال التي لم تكن مجرمة، أو تشديد العقوبة في حالات أخرى خصوصا في مجال حماية الأسرة و الطفولة و المرأة.
ـ المستجدات التي طالت مسودة مشروع القانون الجنائي
ـ تم إدراج جرائم الإبادة، و الجرائم ضد الإنسانية، و جرائم الحرب، ملائمة مع اتفاقيات جنيف الأربعة المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني و نظام روما الذي يشكل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (448ـ5 وما بعدها من مسودة مشروع القانون الجنائي ).
وقد نحت المسودة هذا المنحنى في ظل تعاظم هذا النوع من الجرائم التي أقلقت الرأي العام الدولي و أسفرت عن اتخاذ قرارات حاسمة في شكل اتفاقيات تبناها المنتظم الدولي سواء مؤتمر جنيف و روما، و المغرب العضو النشيط في التنظيم الدولي، ووفاء بالتزاماته الأمنية يكون حريصا على تطويع بنيته التشريعية الداخلية و ملائمة قانونها مع هذا التوجه العالمي سيما الوفاء بالتزاماته اتجاه الاتفاقيات التي صادق عليها.
و هذا النوع من الجرائم تعرفه العديد من التشريعات المقارنة في ظل تنامي جرائم الإبادة، و جرائم الحرب، و الجرائم ضد الإنسانية التي لا يكاد يخلوا منها بلد، الشيء الذي أدى بالعديد من الدول إلى التسارع في إيجاد الأنظمة القانونية لتأطير هذه الأفعال الجرمية، و تحديد العقوبات الملائمة لها تماشيا مع قاعدة نصية التجريم و العقاب.
أولا : تجريم الإختفاء القصري
( المادة 231ـ9 و ما بعدها من مسودة المشروع ) و الاختفاء القصري هو كل فعل ينم عن اعتقال أو احتجاز أو اختطاف أو أي شكل من الأشكال السالبة للحرية يرتكبه موظفون عموميون أو أشخاص يتصرفون بموافقت الدولية أو بإدنها ، و كذا رفض الإعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفى أو مكان وجوده حيث يتم حرمانه من الحماية التي يكفلها له القانون.
وقد توسع المشرع الجنائي المغربي في المسودة حيث اعتبر الاختفاء القصري يتحقق إذا مورس ضد:
ـ موظف عمومي أثناء ممارسته لمهامه أو بمناسبة ممارسته لها حدث هذا و ضحية أو طرف مدني بسبب إدلائه بتصريح أو لتقديمه شكاية أو لإقامة دعوى أو للحيلولة دون القيام يؤكد من طرف مجموعة من الأشخاص بصفتهم فاعلين و مشاركين عن طريق ارتداء بدلة أو حمل شارة نظامية أو مماثلة لها، ولو عن طريق انتحال اسم كاذب أو تقديم أمر ملغى أو مزور باستعمال وسيلة من وسائل النقل ذات محرك.
من أجل توفير حماية للأشخاص الذين يعانون الهشاشة فقد تشدد المشرع في العقوبة يرفعها من 20 إلى 30 سنة، و غرامة من 50.000 إلى 500.00 درهم إذا ارتكب الاختفاء القصري ضده.
ـ قاصر دون 18 سنة.
ـ شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو سبب مرض أو إعاقة أو بسبب نقص بدني او نفسي.
ـ امرأة حامل إذا كان حملها بينا أو كان معروفا لدى الفاعل.
من انتزع أطفالا ضحايا اختفاء قصري أو أطفال لا……… الاختفاء القصري، بل إن المشرع عاقب كذلك من وصل إلى علمه ارتكاب جريمة الاختفاء القصري أو الشروع فيها ولم يقم بتبليغ السلطات القضائية أو الإدارية.
ثانيا : جريمة تهريب المهاجرين المادة 18ـ231 وما بعده
في ظل تنامي ظاهرة الهجرة و استغلالها من طرف أشخاص يقومون بتهريب المهاجرين عمدا بتنظيم أو تسهيل الدخول إلى التراب الوطني، و مغادرته بطرق غير مشروعة بهدف الحصول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مالية أو أي منفعة مادية أخرى باستعمال وسائل احتيالية أثناء إجتياز أحد مراكز الحدود من التملص من تقديم الوثائق الرسمية اللازمة أو القيام بالإجراءات الجاري بها العمل، أو باستعمال وثيقة مزورة، أو انتحال هوية مستعارة، أو بالدخول إلى التراب المغربي أو مغادرته عبر منافذ غير مراكز الحدود المعتمدة، حيث جرم المشرع كل هذه الأفعال و عاقب عليها، و تشديده ذلك إذا توفرت أحد أسباب التشديد مثل تعريض حياة أو سلامة المهاجرين للخطر أو معاملتهم معاملة لا إنسانية أو مهينة، أو كان من بين المهاجرين أطفال أو نساء .
ثالثا : تجريم و إهمال الواجبات الزوجية (المادة 479)
حفاظا على قداسة رابطة الزوجية وما يترتب عليها من آثار قانونية تتجلى في الترابط و التماسك الشرعي بين الزوجين و إنشاء أسرة مستقرة تعيش جوا من الطمأنينة و الاستقرار، وحتى لا تطفوا على السطح بعض المعوقات التي من شأنها أن تكدر صفوة هذا الهدوء باللامبالاة أو صدور بعض السلوكات من طرف أحد الزوجين الذي قد لا يقدر طبيعة هذه الرابطة و يخل بواجباته الزوجية في مواجهة زوجه، حيث تدخل المشرع الجنائي في المسودة بالمعاقبة على هذا السلوك إذا ما ترك أحد الزوجين عمدا الزوج الآخر لأكثر من اربعة أشهر و دون موجب قاهر الذي اعتبره المشرع الجنائي إخلالا واضحا بالواجبات الزوجية، و عاقب عليه بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر و غرامة من 2000 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، و تشدد في العقوبة و رفعها من 3 أشهر إلى ستة و غرامة من 2000 إلى 10.000 درهم، إذا كان ضحية الإهمال امرأة حاملا (المادة 479 من مسودة مشروع القانون الجنائي).يلاحظ أن المشرع الجنائي في المسودة يساير التطور الحاصل في محيط الأسرة التي تحتاج إلى مزيد من التعبئة القانونية بتوفير أمن أسري حتى لا تتحول العلاقات الزوجية أحيانا إلى نوع من الاستهتار بالواجبات الزوجية التي يحددها عقد الزواج، و لأن اللامبالاة و عدم الإكثرات بالمسؤولية الأسرية قد تترتب عليه بعض الأمراض الإجتماعية التي تنخر كيان الأسرة، و هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع و تؤدي إلى تشتيت الأسرة و تفكيكها و هو ما يريد المشرع أن يتجنبه بالتشدد في تجريم هذا العبت الذي يمكن أن يطفو على سطح العلاقة، و ردع الزوج المستهتر حتى يعود إلى صوابه و يحافظ على أسرته.كما نلاحظ كذلك أنه بإضافة هذه المقتضيات الجديدة تجاوز المشرع المنظور الكلاسيكي الذي كان يعتمده في جريمة إهمال الأسرة و الذي كان يحفل به الفصل 479 بإضافة هذه المقتضيات التي تروم كبح جماح النزاع في بدايته حتى لا يصل إلى دروته و تستعصي معه الحياة الزوجية التي تنتهي بانفصام العلاقة الزوجية، و لعل الممارسة القضائية حافلة بمثل هذه القضايا.
رابعا : تجريم الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية (المادة 48/01)
أفرزت الممارسة القضائية مجموعة من الإخلالات أثرت سلبا على تنزيل بعض مقتضيات مدونة الأسرة لتحقيق أهدافها من توفير الحماية للأسرة سيما المادة 53 من مدونة الأسرة التي تقضي بإرجاع المطرود إلى بيت الزوجية مع اتخاذ كافة التدابير لحمايته.
و إذا كانت هذه المسطرة تكتسي طابع الفورية، و هو ما انخرطت فيه جميع النيابات العامة لأنها الجهة الوحيدة التي أناط بها المشرع اتخاذ التدابير اللازمة في إرجاع المطرودة فورا إلى بيت الزوجية و إعطاء تعليماتها إلى الضابطة المختصة قصد القيام بالمطلوب فإنه غالبا ما كانت هذه التعليمات تصطدم بواقع حيث يرفض الزوج استقبال زوجته و إرجاعها إلى بيت الزوجية، و يصرح بذلك أمام الضابطة القضائية التي تحرر محضرا في الموضوع و تحيله على النيابة العامة المختصة التي تقوم بحفظ المسطرة لعدم ملائمة المتابعة في غياب نص صريح يحرم رفض الزوج إرجاع زوجته إلى بيت الزوجية.
و في غمرة هذه الإجراءات تضيع الزوجة التي أصبحت بدون ملاذ و تتعاظم مشكلتها في حالة وجود أبناء برفقتها، و تبقى رفقتهم عرضة للضياع و التشرد، مما يترتب عن ذلك من نتائج و آثار من قبيل انقطاع الأبناء عن التمدرس مثلا، و ضياع مصالح كان من الأولى صيانتها و رعايتها بتوفير الحماية اللازمة لها.
و ظل الجسم القضائي و معه مجموعة من الفاعلين يعاني من هذا العطب التشريعي منذ سنة 2003 تاريخ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ بتنصيص المشرع على مقتضى قانوني دون تحديد للآثار المترتبة عليه لتأتي مسودة مشروع القانون الجنائي و تملأ هذا الفراغ في مادتها 1/481 بتجريم الامتناع عن إرجاع المطرودة إلى بيت الزوجية، حيث يعاقب بالحبس من شهر إلى 3 أشهر و غرامة من 2000 إلى 5000 درهم من امتنع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 53 من مدونة الأسرة.
غير أن الجميل في هذه المادة هو أن تنازل المشتكي عن شكايته لا يضع فقط حد للمتابعة في مراحلها الأولى بل أيضا يضع حدا لآثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به.
و بذلك يكون المشرع الجنائي قد أحسن صنعا عندما وفر الحماية الجنائية للمطرود من بيت الزوجية و الحيلولة دون بعض السلوكات المنحرفة التي توصف مسؤوليته بطرد الآخر من بيت الزوجية، و منحها مناعة بتجريم هذه الأفعال و المعاقبة عليها، و في ذات الآن تحصين الأسرة و عدم تعكير صفوها بمتابعات أو أحكام قد تؤثر على علاقة الزوجين في مستقبل الأيام عن طريق الحد من آثار المتابعة أو الحكم بتنازل المشتكي عن شكايته حتى ترجع الأمور إلى نصابها و تصفو الأجواء داخل الأسرة و لأن التنازع قد يؤدي إلى الشقاق و بالتالي انفصام العلاقة الزوجية و هو ما لا يريد المشرع الجنائي في المسودة أن يكون سببا فيه.
خامسا : تجريم الإكراه على الزواج (المادة 1ـ2ـ503 وما بعدها)
تماشيا مع مدونة الأسرة التي تنص على أن الزواج ميثاق تراض بين رجل و امرأة، حيث تتجسد فيه الإرادة أقصى صورها، حاول المشرع الجنائي توفير الحماية الجنائية لهذه الإرادة المطلقة حتى يكون الزواج على هدى و بصيرة من طرف الزوجين اللذين يجب أن يتمتعا بسلطان الإرادة دون ضغط أو إكراه من أحد حتى يمارس حقهما في إنشاء اسرة مستقرة على وجه البقاء يتحمل مسؤوليتها الزوجان معا.
لذلك جاءت مسودة مشروع القانون الجنائي متناغمة مع هذا التصور الذي يسعى من خلاله المشرع توفير الحماية منذ البدايات الأولى في بناء الأسرة بتجريم فعل كل شخص كيفما كان نوعه يمارس إكراها أو إجبارا على شخص آخر على الزواج باستعمال العنف أو التهديد.
و يلاحظ أن المشرع الجنائي تحدث بصفة عامة عن الشخص الذي يمارس نوعا من الإكراه لحت شخص آخر على الزواج حتى يدخل في دائرة هذا التجريم أي شخص سواء كانت له الولاية على المتزوج من قبيل الولي أو الوصي أو الغير مثلا او شخصا آخر أجنبي.
كما أن المكره على الزواج قد يكون ذكرا أو أنثى، و شرع لهذه الجريمة عقوبة حبسية من شهر إلى سنة حبسا نافذة، و غرامة من 2000 إلى 20.000 ألف درهم، غير أنه إذا كان الضحية المكره قاصرا دون الثامنة عشر من عمره فإن هذه العقوبة تتضاعف و تشدد في حق الفاعل.
و إذا كان لا يجوز المتابعة في هذا النوع من الجرائم إلا بناء على شكاية من المتضرر، فإن الأمر يتعلق بالمكره الراشد، أما القاصر فقد سكت عنه المشرع مما يجعلنا نطرح السؤال: هل يمكن لأي شخص التقدم بشكاية نيابة عن القاصر؟ هل القاصر له الحق شخصيا في رفع شكاية إلى الجهات المعنية؟ و كيف يمكن الوقوف على جريمة إكراه أو إجبار قاصر على الزواج سيما و أن علاقة التبعية بينه و بين من له حق الرعاية تكون وطيدة في هذه السنة العمرية؟.
و بذلك يكون المشرع بتقييد تحريك المتابعة بناء على شكاية المتضرر قد أفرغ هذا المقتضى من الضمانات التي أقرها لحماية الاسرة ، لكن يبدوا أن للمشرع مبرراته في تقييد المتابعة قطعا من طرف المتضرر شخصيا للاعتبارات التالية :
ـ خصوصية موضوع الزواج؛
ـ أن المكره هو الذي يحدد وجود عنف أم تهديد بإجباره على الزواج من شخص آخر؛
ـ إبعاد الصراعات الأسرية على محيط مؤسسة الزواج؛
ـ رغم وضع حدود تدخل المجتمع المدني و الجمعيات النسائية و تسييج مؤسسة الزواج و اعتبار أطرافها ( المرأة و الرجل ) هما المعنيان فقط بالموضوع ولا يمكن أبدا لأي أحد القيام بهذا الاجراء .
و بذلك يكون المشرع قد أحسن صنعا في جعل إمكانية التقدم بشكاية بيد المتضرر شخصيا، احتراما لمقدسية العلاقة بين الزوجين.
سادسا: تجريم تبديد الزوج لأمواله للتحايل على مستحقات النفقة أو السكن أو المستحقات المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية و اقتسام الممتلكات (المادة 1ـ526 و ما بعدها)
انطلاقا من كون أموال المدين ضمان لدائنيه، و بما ان النفقة و باقي المستحقات التي قد تترتب في ذمة الزوج تعتبر دينا ممتازا كان لابد من رعاية هذا الدين و تحصينه عبر مقتضيات قانونية زجرية تحول دون المساس بالذمة المالية للدائن الزوجة.و قد استجابت هذه المقتضيات الزجرية الجديدة لواقع عملي يعيش ترددا فظيعا سيما و أن العدد الكثير من ملفات النفقة غالبا ما ينتهي تنفيذها بسلوك مسطرة إهمال الأسرة أمام النيابة العامة، و قد يكحم على المهمل لزوجته بمدة سجنية قصيرة دون تمكين الزوجة من مستحقاتها، و تبقى عرضة للضياع و الإهمال سيما إذا كانت تتوفر على أبناء مما يثقل كاهلها بأعباء لا حول ولا قوة لها بها، و قد يتفنن الزوج في إخفاء أمواله أو تبديدها ليحرج زوجته المدعية و يمنعها من الاستفادة منها أو يتحايل عليها بمختلف أشكال التحايل.
لذلك كان المشرع صارما بمعاقبته بالحبس من شهر واحد إلى 6 أشهر و غرامة من 2000 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين لأحد الزوجين في حالة تبديد أو تفويت أموال بسوء نية و بقصد الإضرار بالزوج الآخر و الأبناء إن وجدوا أو التحايل على مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة أو السكن أو بالمستحقات المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية و باقتسام الممتلكات.و كعادته في التعامل مع قضايا الأسرة بكونها شأن داخلي يهم الزواج و الأولاد و أن المشرع الجنائي يريد فقط توفير الحماية له بغطاء خارجي دون الخوض في تفاصيل الحياة الزوجية، فإنه كذلك غل يد النيابة العامة في تحريك المتابعة إلا بناء على شكاية الزوج المتضررمن الجريمة، بمعنى أن الدعوى العمومية يمكن ان تسقط في أي مرحلة من مراحلها بمجرد تنازل الزوج المتضرر، بل الأكثر من ذلك أن هذا التنازل له أثر فوري واسع ليس فقط في وضع حد للمتابعة بل أيضا للآثار المترتبة عن المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره.


TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *