-->

اللإخلال العلني بالحياء

مقدمــــة:


ينص الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي على أن من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم".
ويعتبر إخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون 18 سنة من عمره أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار الجمهور" .
ومن خلال هذا النص يتبين أن أركان جريمة الإخلال العلني بالحياء ثلاثة:
1.    الركن المادي وهو كل فعل يرتكبه الجاني ويكون مخلا بالحياء.
2.    العلانية ولها نفس المعنى اللغوي وهي أهم ركن في الجريمة.
3.    الركن المعنوي النية الجرمية أو خطأ الجاني.
ومن هذا المنطلق سنقسم موضوعنا إلى ثلاثة مطالب:
ـ المطلب الأول: الركن المادي للإخلال العلني بالحياء.
ـ المطلب الثاني: العلانية
ـ المطلب الثالث: الركن المعنوي للإخلال العلني بالحياء.

المطلب الأول: الركن المادي للإخلال العلني بالحياء

يتكون هذا الركن من أي فعل أو حركة أو إشارة يقوم بها الجاني، ويكون من شأنها خدش الحياء العام سواء استطال هذا الفعل على جسم إنسان ما  ـ بشرط ألا يبلغ درجة جريمة هتك العرض ـ حتى ولو كان جسم الجاني نفسه أو لم يقع على جسم إنسان ما، فالشخص الذي يقوم بكشف عورته في الشارع العمومي، أو في مكان معرض لرؤية الجمهور، والشخص الذي يقبل امرأة بكيفية تثير الغريزة الجنسية والشخص الذي يعقد إحدى يديه ويدخل فيها وسطى أصابعه الأخرى أو الراقصة التي تقوم برقصة هزة البطن بكيفية بذيئة والشخص الذي يقوم بحركات تثير فكرة التمازج الجنسي، كل هؤلاء يرتكبون جريمة الإخلال العلني بالحياء. أما الأقوال مهما كانت فاحشة ما لم تصحب بحركات أو إشارات، وكذلك الصور والرسوم مهما كانت فاضحة وفاحشة فإنها لا تعدو ولا تكون جريمة الإخلال العلني بالحياء وإنما تدخل في زمرة جرائم السب والقذف العلني وتعاقب حسب قانون حرية الصحافة؛ فالشخص الذي يقوم في جمع عام أو خاص ويتفوه بأقوال في غاية البذاءة والفحش لا يكون مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء ولكن يكون مرتكبا لجريمة السب العلني وكذلك من يقف على قارعة الطريق ويعترض سبيل النساء بالكلام الفاحش أو القول البذيء يكون مرتكبا لجريمة السب العلني أو لجريمة التحريض على الفساد إذا كان يقصد من وراء ذلك جلب أشخاص للفساد وكان دوره يقتصر على الوساطة فيه وقد اعتبرت محكمة النقض المصرية في حكم لها "توجيه المتهم للمجني عليها في الطريق العام ألفاظا تخدشها في شرفها اعتبارها وتجرح كرامتها يعد سبا ".[1]
ومن أمثلة جرائم الإخلال العلني بالحياء تقبيل امرأة في مكان عمومي أو لمس يدها أو ذراعها أو عنقها أو ثديها بكيفية يكون من شأنها إثارة الغريزة الجنسية سواء كان هذا الفعل في حد ذاته مشروعا أم لا، فالشخص الذي يقبل زوجته أو الزوجة التي تقبل زوجها أو الزوج الذي يلمس زوجته في مكان من أماكن إثارة الغريزة الجنسية من جسدها يكون قد قام بعمل مشروع يقره القانون والشرع والعرف، وكل من قام بنفس الأعمال السابق مع امرأة لا تربطه معها علاقة الزواج يكون قد قام بعمل غير مشروع ولكن كلا من العملين سواء كان مشروعا أو غير مشروع إذا ارتكب في مكان عام أو معرض لرؤية الجمهور أو بحضور قاصر يقل عمره عن 18 سنة يعد مخالفا للآداب العامة، وبالتالي يكون جريمة الإخلال العلني بالحياء لأن الأخلاق العامة والتقاليد تدعو إلى التستر عند القيام بهذه الأعمال.
ـ الأخلاق العامة:
وهي مجموعة القواعد والأعراف التي يلتزم الناس في مكان معين وزمان معين باتباعها والتقيد بها والسير وفقها، وهي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والمجتمعات، فما كان في الماضي يعد عملا مخلا بالحياء لم يعد اليوم كذلك وما يعد مخلا بالحياء في الدول الإسلامية لا يعد كذلك في الدول غير الإسلامية، وما يعد مخلا بالآداب في البادية والأرياف لا يعد كذلك في المدن، كما أن ما يعد عورة في جسم المرأة لا يعد عورة في جسم الرجل، فالرجل يكشف صدره أو بطنه، ولا يعد ما قام به مخلا بالحياء، بينما إذا فعلت المرأة ذلك تكون قد ارتكبت عملا مخلا بالحياء، والشخص ـ ذكرا كان أو أنثى ـ الذي يلبس ملابس شاطئ البحر ويجول بها في الشوارع يكون قد ارتكب عملا مخلا بالحياء بينما لا يعد كذلك في شاطئ البحر. فالإخلال العلني بالحياء إذن مسألة نسبية على القاضي أن يستقيها من المحيط الذي وقعت فيه الجريمة لا من تصور من وقعت عليه وشعوره[2] ولا يكتفي القاضي في حكمه بأن يقول إن المتهم ارتكب عملا مخلا بالحياء، بل عليه أن يتبين الأفعال التي ارتكبها بكل تحديد وإلا كان حكمه معرضا للإبطال.
وعلى العموم فإن كل عمل أو حركة أو إشارة من شأنها إثارة الغريزة الجنسية أو إثارة فكرة التمازج الجنسي سواء وقعت على شخص برضاه أو وقعت على الجاني نفسه، لأن المشرع لم يرد من تجريم هذا الفعل حماية شخص معين بالذات جرائم العرض أو الاغتصاب، وإنما أراد حماية الشعور من رؤية الفاعل أو حركات أو إشارات تخدش حياءه تعد عملا مخلا بالحياء.

المطلب الثاني: العلانية

ينص الفصل 483 المشار إليه أعلاه على أن "من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء" والمقصود بالعلانية هنا معناها اللغوي وهو إتيان فعل أو حركة أو إشارة في مكان عام أو معرض لرؤية العموم، والعلانية أهم ركن في جريمة الإخلال العلني بالحياء، ذلك أن المشرع كما لم يقصد بتجريم هذا الفعل حماية شخص معين من الناس وإنما قصد إلى حماية الشعور العام، لما يحدثه هذا الفعل من جرح في الشعور الأخلاقي وحماية الناس من أن تقع أبصارهم على مناظر بذيئة لا يرغبون في رؤيتها؛ فإذا ما ارتكب شخص فعلا من الأفعال المخلة بالحياء في مكان خاص أو بعيد عن أعين الناس فإن ركن العلانية لا يتوفر، وبالتالي لا يقع تحت طائلة الفصل 483 أعلاه، والمشرع المغربي ـ خلافا للمشرع المصري[3] ـ أوضح العناصر اللازمة لتكوين ركن العلانية في جريمة الإخلال العلني بالحياء وذلك بقوله في الفصل 483: "يعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا وذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون 18 من عمره أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم". وبناء على ما ورد يمكن تقسيم الأماكن التي تتوفر فيها العلانية المطلوبة لقيام هذه الجريمة إلى:
أ ـ المكان العام.
ب ـ المكان المطروق
ج ـ المكان الخاص المعرض للأنظار
د ـ المكان الذي يوجد فيه قاصر.

أ ـ المكان العام:

هو المكان المفتوح للجمهور يدخله من يشاء وأنى شاء ومتى شاء كالطرق العامة والقناطر والحدائق العامة، ولا فرق بين أن يكون دخولها مجانا كالشوارع والأزقة أو بمقابل كالمسارح والمقاهي، ويمكن تقسيم المكان العام إلى:
·       مكان عام بطبيعته
·       مكان عام بالتخصيص.
·       مكان عام بالمصادقة
فالمكان العام بطبيعته هو المكان المفتوح لجمهور الناس يدخلونه متى شاءوا وأنى شاءوا كالشوارع والحدائق والمساحات العمومية والأزقة والمنتزهات والملاعب الرياضية، فإذا ما ارتكب شخص فعلا مخلا بالحياء في مكان من هذه الأماكن يكون قد ارتكب جريمة الإخلال العلني بالحياء لتوافر ركن العلانية حتى ولو ارتكب هذا الفعل ليلا، ذلك أن هذه الأماكن تطرق في كل وقت وهي بطبيعتها معرضة لمرور الجمهور منها في أي وقت.
والمكان العمومي بالتخصيص هو المكان المباح دخوله لكل شخص أراد ذلك إما بمقابل وإما بشروط خاصة أو مجانا، ولكنه أقل تعرضا للجمهور من النوع الأول ولا يباح دخوله عادة إلا في أوقات كالمساجد والمسارح والمقاهي والمدارس والمطاعم وسيارات النقل العمومي وعربات القطار والمؤسسات العمومية كمكاتب البريد وقاعات المحاكمات والمكاتب الإدارية بشرط أن يقع فيها الفعل المخل بالحياء في وقت تكون فيه أبوابها مفتوحة وتستقبل العموم، أما إذا وقع فعل مخل بالحياء في مكان من هذه الأماكن ليلا أو في وقت كانت أبوابها مقفلة وليس بها أحد غير الفاعل والضحية الذي وقع عليه الفعل أو الفاعل وحده أن أوقع الفعل على نفسه كالعرى مثلا، فإن ركن العلانية لا يتوفر بالتالي فإن الفاعل يكون بمنأى من العقاب المنصوص عليه في الفصل 483 المذكور أعلاه. وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى "أن الفعل المنافي للحياء المقترف من مدرس ابتدائي على أحد طلاب المدرسة في غرفة من غرف الدراسة يفقد صفة العلانية إذا وقع بعد وقت الدراسة وفي وقت غياب أي شاهد ومع اتخاذ احتياطات خاصة بمنع رؤيته وذلك لأن المدرسة تفقد صفة العلانية منذ الوقت الذي تغلق أبوابها دون طلابها".[4]
والأمكنة العمومية بالمصادقة هي أماكن خاصة مقتصرة على أفراد معينين اختياريا كالنوادي والدكاكين والمخازن وإجباريا كالسجون، فهذه الأماكن تكون خاصة بمن خصصت لهم أو بمن أنشأها إلا أن وجود الجمهور ولو بمجرد الصدفة هو الذي يعطيها صفة العلانية، فإذا ما ارتكب شخص عملا مخلا بالحياء في وقت يكون فيه الجمهور موجودا في هذه الأمكنة فإن ركن العلانية يتوفر، وبالتالي يقع الفاعل تحت طائلة 483 أعلاه؛ والمقصود بالجمهور عدد من الناس حتى ولو كان شخصا واحدا غير الفاعل، فإذا ما ارتكب سجين عملا مخلا بالحياء في السجن ورآه أو أمكن أن يراه سجين آخر أو أحد حراس السجن ولو ليلا فإنه يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء، ومن الأماكن العمومية بالمصادقة المصاعد والسلالم المتركة وممرات العمارة ودهاليزها.

ب ـ المكان المطروق:

هو مكان عام إلا أنه أقل تعرضا لغشيان الناس له من المكان العام كالشواطئ في غير فصل الصيف أو الصحاري أو الأماكن النائية عن العمران أو قمم الجبال والحدائق في فصل الشتاء فهذه أماكن يطرقها الناس متى أرادوا ولكن هناك أوقات تكاد تكون فيها خالية من الناس فإذا ما ارتكب شخص مخلا بالحياء في مكان من هذه الأماكن وقع تحت طائلة الفصل 483 المذكور أعلاه لتوفر ركن العلانية في فعله سواء كان فيه أحد أم لم يكن، لإمكان وجود الناس في أي وقت.[5]

ج ـ المكان الخاص المعرض للأنظار:

وهو المكان الخصوصي إما لفرد واحد وإما لمجموعة أفراد لا يتعداهم إلى غيرهم كالمنازل والسيارات الخاصة والنوادي المغلقة، فهذه أماكن خاصة لا تتوفر فيها العلانية المطلوبة في الفصل 483 أعلاه إلا أنها قد تتعرض لأنظار الجمهور فتكتسي بذلك صفة العلانية[6] كالمنزل الذي يترك صاحبه نوافذه المطلة على الشارع أو زقاق أو على منازل أخرى مفتوحة، وكالنادي الذي يترك باب أو نوافذه مفتوحة فيستطيع الجمهور رؤية ما يجري بداخله دون عائق، إما إذا تسلق المشاهد جدارا أو سلما أو فتح نافذة أحكم إغلاقها ليرى ما يجري في الداخل فإن ركن العلانية لا يتوفر لأن رؤية ما يجري في الداخل لم تأت عن عمل الفاعل وإنما من المشاهد، ولأن المشرع من جهة أخرى حمى شعور الذين تجرحهم المناظر المخلة بالحياء دون رضا منهم، أما الذين يسعون إلى رؤية هذه المناظر فإنهم يعدون مشاركين في ارتكاب هذا الفعل، وبالتالي فإن المشرع لم يتدخل لحمياتهم ، وهكذا مثلا إذا دخل شخص اختياريا لنادى من نوادي العراة فإنه لا يقبل منه الادعاء بأن شعوره الأخلاقي قد جرح لأنه هو الذي ذهب إلى هذا النادي وهو يعلم ما يجري فيه وذلك لا يعد إخلالا بالحياء العمل الذي يرتكبه شخص في حقل بعيد عن المساكن وعن الطريق العمومي ومحاط من جميع الجهات بحقول أخرى مملوكة لمقترف الجرم.
متى ثبت أنه لم يتمكن من مشاهدته سوى شاهد واحد دخل بدون حق في ملك المتهم وأفسد عليه ما اتخذه من احتياطات وكذلك السيارات الخاصة.

د ـ المكان الذي يوجد فيه قاصر:

ألحق المشرع المغربي المكان الذي يوجد فيه قاصر دون 18 حتى ولو كان خاصا بالمكان العام وذلك حماية للناشئة من الانحلال الخلقي والانحراف بل حتى ولو كان الفاعل أبا أو أما لهذا القاصر، إذن كل من ارتكب عملا مخلا بالحياء بحضور قاصر دون 18 يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء، وبالتالي يقع تحت طائلة الفصل 483 المذكور أعلاه سواء وقع الفعل على القاصر أو على الفاعل نفسه أو على شخص آخر مادام الفعل وقع بحضور القاصر. لكن ما الحكم إذا وقع الفعل الجنائي بحضور قاصر حضر عن اختيار وعلم إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة؟
الحقيقة أن المشرع اعتبر الشخص الذي حضر أو شاهد الفعل المخل بالحياء عن طيب خاطر غير جدير بالحماية، كما يدل على ذلك عندما عبر بكلمة "عفوا" الواردة في الفصل 483 فإن المشرع حماية منه للقاصرين اعتبر رضاهم كعدمه ولم يعتد بهذا الرضا، وألحق المكان الخاص الذي وقع فيه الفعل المخل بالحياء بحضور القاصر بالمكان العام لتوفر العلانية فيه بحضور القاصر، لكن هل يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء من ارتكب فعلا شائنا بحضور شخص أعمى أو أصم؟ لا شك أن هذين الشخصين الأعمى أو الأصم إذا كان جسمه هو الذي تعرض للفعل الشائن كمن يمس عورة أحدهما لو يضع أحدهما على ذكر الفاعل مثلا أو يضع يده على نهد امرأة عمياء أو صماء فإن الجريمة تعد قائمة، وبالتالي يقع الفاعل تحت طائلة الفصل 483، لكن إذا وقع بمحضر أحدهما فلا جدال في رؤية الأصم، تعتبر كرؤية المبصر مادام المقصود هو رؤية الإشارات أو الحركات أو الأفعال، لكن بالنسبة للأعمى إذا كان الفعل الذي قام به الفاعل لا يدع شكا في كون الفعل المخل بالحياء ارتكب فإن الجريمة تعد قائمة من يقبل امرأة بشهوة أو يقوم بحركات ويتفوه بألفاظ غزلية تخدش حياء الأعمى فإن الجريمة تعد مرتكبة، فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن "الفعل الفاضح يكتسب العلانية حتى ولو كان الشاهد الوحيد لم يشاهد ببصره متى كان وجوده معروفا لمرتكبي الفعل وكان الفاعلان لم يعملا على إخفاء أمرهما بل إنه بالأقوال التي تفوها بها وبالأصوات المتقطعة التي خرجت قد وقف الشاهد على طبيعة الأفعال المخلة بالحياء المغايرة للآداب التي اقترفت في حظيرته بحيث تأثرت منها عاطفة الحياء لديه،[7] كما ذهبت محكمة النقض المصرية في تعريفها للفعل الفاضح بأنه "ذلك الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش في المرء حياء العين والإذن ليس إلا"، بمعنى لا تستلزم العلانية رؤية الشهود للفعل فمجرد السماع يكفي للدلالة على العلانية في الفعل الفاضح إذا أمكن سماع الحركات التي تدل عليه.

المطلب الثالث: القصد الجنائي

لا ضرورة في قيام الإخلال العلني بالحياء لوجود القصد الجنائي، بل يكفي إرادة الفاعل ارتكابه الفعل وعلمه بأن فعله مخل بالحياء، لذلك فإن مجرد إهمال الفاعل يعد كافيا لتوفر الركن المادي، وهكذا مثلا من قام بفعل مخل بالحياء في مكان خاص ولكنه ترك النوافذ التي تطل على الشارع العمومي أو مكان عام أو حتى على منزل آخر مفتوحة أو أغلقها بكيفية لم تستر ما يقع في الداخل فإنه يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء، ولو لم يقصد إيذاء الشعور العام. وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن من يدخل دكان حلاق ويتبول في الحوض الموجود به فيعرض نفسه بغير مقتضى للأنظار بحالته المنافية للحياء يتوافر في حقه القصد الجنائي في جريمة الفعل الفاضح العلني.[8]
لكن إذا كان العري مثلا غير إرادي كمن تعدى عليه اللصوص فسرقوا لباسه وتركوه عاريا أو من اشتعلت النار في ملابسه فاضطر لخلعها حماية لنفسه من الحريق، أو من كان في نزاع مع شخص آخر فمزق له ملابسه بكيفية انكشفت معها عورته أو من كان في سباق أو ساحة رياضية فسقط سرواله أو تمزق.
وهكذا في كل حالة يكون فيها العري غير اختياري فإن الركن المعنوي لا يتوفر، وبالتالي فإن جريمة الإخلال العلني بالحياء تكون قائمة، ويكون مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء من قام بعمله المخل بالحياء دون احتياطي أو دون تبصر، كمن يرتكب عملا شائنا في مكان محتمل الرؤية من الغير كحقل غير مستور أو مكان مقفر أو ساحل نهر، لأن هذه أماكن عامة كما تقدم ذكره.


 






[1] محمد عطية، الجرائم الجنسية، ص.259.
[2] عمر السعيد، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، ص.353.
[3] ينص الفصل 278 من قانون العقوبات المصري على أن: "كل من فعل علانية فعلا فاضحا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا".
[4] محمد عطية، مرجع سابق، ص.280.
[5] محمد عطية، المرجع السابق، ص278.
[6] الجندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء5، ص.410.
[7] الجندي عبد الملك، المرجع السابق، ص5.
[8] عمر السعيد، مرجع سابق، ص.355.
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *