-->

مفهوم أجرة الكراء والتكاليف الكرائية



 

 48C
نص الفصل 627 من قانون الالتزامات والعقود على أن:
" الكراء عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة يلتزم الطرف الاخر بدفعها له".
ومن الخصائص التي يتميز بها عقد الكراء، بالإضافة إلى أنه عقد من العقود ومن  العقود الزمنية والرضائية أنه عقد ملزم للجانبين  : الأول هو المكري والثاني هو المكتري بحيث يلتزم كل منهما تجاه الآخر بالتزامات متقابلة، إذ يلتزم المكري بتمكين المكتري من العين المكتراة مقابل أداء المكتري لوجيبة الكراء المتفق عليها .
وقد خص المشرع المغربي عقد الكراء المدني بمجموعة من النصوص التشريعية التي تنظم هذا العقد فبالإضافة إلى القواعد المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، فإن هناك نصوصا خاصة منها ماألغي عدل ومنها ماغير وتمم، كان آخرها صدور قانون 67-12 الصادر في 19 نونبر 2013 الذي حاول من خلال المشرع تجميع العديد من النصوص التي كانت مشتتة .
الأمر الذي طرح ولايزال يطرح العديد من المشاكل خاصة بالنسبة للقضاة ،حيث أنهم ملزمون بأخذ نوع من الحيطة والحذر أثناء تطبيق هذه النصوص على المنازعات الكرائية ،خاصة ونحن أمام رابطة بين طرفين تسودها نوع من الحساسية بحيث يعتقد كل من الطرفين أنه أولى بالحماية من الطرف الآخر .
وقد  أفرزت هذه العلاقة العديد من الكتابات والمناقشات الفقهية  و الإجتهادات القضائية وإن كان الفقه يميل إلى الدفاع عن حقوق المكتري ضد تعسفات المكري خاصة وأن هذه العلاقة غير متوازنة بحيث غالبا مايكون هو الطرف الأقوى في هذه الرابطة ،وكذلك القضاء الذي حاول من خلال الاجتهادات الصادرة عنه تهدئة الأوضاع بإيجاد حلول ترمي إلى تكريس هذه الحماية وتحقق نوعا من التوازن بين المكري والمكتري  وإن لم يكن موفقا في بعض الحالات كما سنرى خلال مناقشة هذا الموضوع .
وقد حدد الفصل 627 المذكور العناصر اللازمة لإبرام عقد الكراء  السكني والمهني ،  فبالإضافة إلى طرفا عقد الكراء ومدة الكراء نجد أجرة الكراء وتعتبرهذه الأخيرة ’’المقابل الذي يؤديه المكتري إلى المكري   تبعا للمنفعة التي يحصل عليها المكتري في عقد الكراء ’’.
وقد اشترط المشرع أن تكون اجرة  محددة ومعلومة لكلا الطرفين ن وفي حالة وجود غموض في هذه الأجرة فإنه يتم الرجوع إلى النصوص المنظمة لذلك .
فما هو مفهوم  أجرة الكراء ؟وماهي العناصر المكونة لهذه السومة الكرائية والإشكالات التي تطرحها على مستوى الفقه والقضاء ؟

المبحث الأول : أجرة الكراء
المطلب الأول :مفهوم أجرة الكراء
المطلب الثاني : تحديد الوجيبة الكرائية بين حرية التعاقد  وتدخل المشرع
المبحث الثاني: العناصر المكونة للسومة الكرائية والإشكالات التي تطرحها بين الفقه والقضاء
المطلب الأول : واجبات الخدمات والمواد المتعلقة باستعمال العين المكترة
المطلب الثاني : مآل التكاليف الكرائية المترتبة عن استعمال العين المكتراة بين الفقه والقضاء   


v                    المبحث الأول : أجرة الكراء

أجرة أو بدل الكراء أو السومة الكرائية كلها مصطلحات تدل على المقابل الذي يتوجب على المكتري أداؤه للمكري بالرغم من اختلاف هذه المصطلحات  إلى تؤدي نفس المعنى  وهو ذلك البدل أو المقابل الذي يؤديه المكتري للمكري مقابل المنفعة التي يحصل عليها من العين المكتراة .
·      المطلب الأول :مفهوم أجرة الكراء

عند حديثنا  عن مفهوم أجرة الكراء سنتطرق إلى طبيعة هذه الأجرة (الفقرة الأولى ) و إلى تمييز هذه العناصر المشابهة لها خاصة الأجرة التي يؤديها المكتري في عقد الإئتمان الإيجاري أو تلك التي يؤديها المكتري المتملك في عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار (الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى : طبيعة أجرة الكراء
بالرجوع إلى الفصل 633 نجد ينص على أن:’’ يجب أن تكون الأجرة معينة ، ويسوغ أن تكون نقودا أو منتجات أو أطعمة أو أية منقولات أخرى بشرط أن تكون محددة إلى مقدارها وصنفها ويسوغ أيضا أن تكون حصة شائعة في منتجات الشيء
 المكترى .
ويسوغ في كراء الأراضي الزراعية اشتراط المستأجر زيادة على دفع مبلغ محدد من النقود أو نصيب معلوم من الغلة ،بإجراء أعمال معينة على اعتبار أنها  تكون جزءا من الأجرة .’’
لذلك فإن المشرع لم يشترط شكلا معينا  بالذات يتخذه بدل الكراء وهذا مايتضح من خلال استعمال المشرع لعبارة’’يسوغ’’ بحيت أجاز أنت تكون هذه الأجرة مبلغا نقديا وهذا هو مايحصل في الغالب الأعم وكذا أن يكون عبارة عن منتجات أو أطعمة ووسع من ذلك عند استعماله لعبارة ’’ أية منقولات أخرى ’’،شريطة أن تكون محددة إلى مقدارها وصنفها  أي أن يتم اتفاق بين المكري والمكتري  على المقدار والصنف الذي سيقوم أداؤه الطرف الأول للطرف الثاني .
وإن كان اتخاذ  أجرة الكراء شكلا آخرا غير المبلغ النقدي سيؤدي إلى نوع من التداخل بين عقد الكراء والعقود الأخرى كعقد المقاولة والعمل وعقد المعاوضة مما ينبغي الانتباه معه إلى العناصر التي تميز عقد الكراء عن باقي هذه العقود .
الفقرة التاني : تمييز أجرة الكراء عن بعض العناصر المشابهة لها
أدى التطور الاقتصادي والإجتماعي إلى ظهور عقود حديثة تتشابه مع عقد الكراء في بعض العناصر خاصة فيما يتعلق بالأجرة  التي يؤديها  المكتري مقابل المنفعة التي يحصل عليها من العين المكتراة ومن بين هذه العقود نجد عقد الإئتمان الإيجاري و  عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار.
نظمته مدونة التجارة في من الفصول (credit -bail أما عن عقد الائتمان الإيجاري (431 إلى الفصول 442 بحيث أجاز المشرع إكراء العقارات المعدة لغرض مهني تم شراؤها من طرف المالك أ وبناها لحسابه إذا كان من شأن هذه العملية كيفما كان تكييفها أن تمكن المكتري من أن يصير مالكا لكل أوبعض الأموال المكتراة على أبعد تقدير عند انصرام أجل الكراء .
وكذلك بالنسبة إلى الإيجار المفضي إلى تملك العقار حيت نصت 2 من قانون 51_ 00 أنه :’’يعتبر الإيجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الإنتفاع به بعوض مقابل أداء الوجيبة المنصوص  عليه في المادة 8 من هذا القانون وذلك إلى تاريخ حلول حق الخيار ’’.
وكذلك المادة 8 من نفس القانون التي نصت: .... تتكون الوجيبة وجوبا من جزئين ،مبلغ متعلق بحق الإنتفاع من العقار ،والآخر يتعلق بالأداء المسبق لثمن تملك العقار ’’
من هنا يتبين أن كلا من عقد الكراء و عقد الإئتمان الإيجاري و  عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار تشكل لهم أجرة الكراء عنصرا من العناصر اللازمة لإبرام هذه العقود إلا الفارق الأساسي بينهم أن المكتري في عقد الكراء يتوقف أداؤه للوجيبة الكرائية على حصوله على منفعة من العين المكتراة أما المبلغ الذي يدفع على سبيل الكراء في عقد الإئتمان الإيجاري و  عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار يتخد شكل التمن في عقد البيع لذلك ينبغي على قضاة الموضوع الانتباه لذلك عند تكييفهم للطبيعة القانونية لبدل الكراء في هذه العقود

المطلب الثاني : تحديد الوجيبة الكرائية بين حرية التعاقد  وتدخل المشرع
بالرجوع إلى مقتضيات  الفصل 628 و 633 من قانون الالتزامات والعقود ترك مهمة تحديد أجرة الكراء لإرادة طرفي عقد الكراء إعمالا لمبد أ سلطان الإرادة (الفقرة الأولى ) ،إلا أن هذه القاعدة ترد عليها استتناءات يتدخل فيها المشرع ويحد من هذا المبد أ(الفقرة الثانية ).
  
الفقرة الأولى:تحديد أجرة الكراء بالتراضي

بالرجوع إلى الفصل التاني من ظهير 25 دجنبر 1980 نجده ينص في فقرته الأولى ’’ تحدد بتراضي الأطراف وجيبة أكرية الأماكن في الفصل الأول مؤتتة أم لا وكذا مرافقها من مخادع أرضية ومرائب وساحات وحدائق ’’
وشعورا من المشرع بصلابة هذا المبدأ فبادر إلى إضافة فقرة تانية تمكن المكتري من طلب مراجعة الوجيبة الكرائية متى تبين له أن هذه الأخير لا تتناسب والمنفعة التي توفرها له العين المكتراة  من حيث موضعها وظروف تجهيزها وربطها بأجل يتمتل في ثلالثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الكراء .
غير أن المشرع سرعان ما نظم هذه الفقرة أبطل مفعولها بفقرة تالتة تخدم في الأصل مصلحة المكري وذلك عن طريق النص على تعويض تفرضه المحكمة على المكتري إذا تبين أنه قد تعسف في استعمال هذا الخق شريطة رفض طلبه الرامي إلى مراجعة الوجيبة الكرائية من طرف المحكمة .
هذه الفقرة الثالثة التي تتير العديد من الإشكالات والتساؤلات أهمها تحديد الأحوال التي يكون فيها المكتري متعسفا في استعماله لهذا الحق الذي منحته الفقرة الثانية من ظهير 25 دجنبر 1980  ؟ وهل شرط رفض طلبه كاف لاعتباره متعسفا في استعمال الحق وهل المكري ملزم بإتارة ذلك أمام المحكمة ؟ أم أن هذه الأخيرة يمكن لها الحكم  من تلقاء نفسها بالتعويض المنصوص عليه في الفقرة الثالثة ؟
والجواب على هذه الأسئلة يقتضي منا الرجوع على نظرية التعسف في استعمال الحق والتعويض المترتب على ذلك بحيث يلزم المكري أن يطلب من المحكمة الحكم له بالتعويض تبعا لرفض طلب المكتري بمراجعة الوجيبة الكرائية لكون أن التعويض حق شخصي يستدعي من المكري المطالبة به صراحة ولا يتعين على المحكمة أن تحكم بذلك من تلقاء نفسها .
وتجدر الإشارة أن الفصل الثاني الذي أصبحت   تقابله المادة الثانية من قانون 67-12 الذي ينص :’’ تحدد بتراضي الأطراف شروط ووجيبة أكرية المحلات المشار إليها في المادة أعلاه’’

الفقرة التاني :تحديد أجرة الكراء بمقتضى القانون

إذا كان الأصل كما سبق الذكر وحسب الفصل 2 من ظهير 25 دجنبر 1980 فإن الأصل في تحديد السومة الكرائية أنه يتم بالتراضي تبعا لمبدأ سلطان الإرادة ، وخروجا عن هذه القاعدة نص الفصل 634 من قانون الالتزامات والعقود على انه ’’ إذا لم يحدد المتعاقدان الأجرة يفترض فيهما أنهما قد قبل  أجرة المتل في مكان العقد ،و إذا كانت تمة تعريفة رسمية افترض في المتعاقدين أنهما قد ارتضيا التعاقد على أساسها’’ ومن خلال هذا الفصل يتبين  أنه هناك حالتين يخرج فيها عن القتعدة العامة الحالة الأولى عندما يتم السكوت عن تحديد الواجيبة االكرائية وبالتالي يفترض فيهما أنهما قبلا أجرة المثل في مكان العقد ويقصد بأجرة المثل هي أجرة مثل الشيء المكرى وقت الكراء ولنفس المنفعة المتفق على كرائها ، ويرجع تحديد هذه الأجرة إلى قاضي الموضوع وله ان يرجع في ذلك التحديد لأهل الخبرة وعقود الكراء السابقة للعين أو لعين تماتلها.
والحالة الثانية هي في حالة وجود تعرفة رسمية ففي هذه الحالة يفترض على أنهما ارتضيا على أساسها ،وهذه الحالة الأخيرة كثيرا مانصادفها بالنسبة لكراء غرف الفنادق إذ يفترض في المقبل على هذه الفنادق أنه عالم بثمن كراء غرفها وبالتالي قبل ذلك 

المبحث الثاني: العناصر المكونة للسومة الكرائية والإشكالات التي تطرحها بين الفقه والقضاء

بعد تعريفنا لاجرة الكراء وتحديد طبيعتها وتوضيح كيفية تحديدها لابد من معرفة العناصر التي تدخل في تكوينها فما هي القواعد المنظمة لهذه العناصر ؟وماهو موقف الفقه والقضاء من الفصلين 3 من ظهير 25 دجنبر 1980 - الذي حلت محله المادة 12 من قانون 67-12 - والفصل  642 من قانون الالتزامات والعقود  وماهي الإشكالات التي يطرحهما هذين  الفصلين على مستوى الفقه ؟ وهل كان القضاء المغربي من خلال الأحكام والقرارات التي أصدرها يتوفر على نفس الاتجاه في تحديده لهذه العناصر  .
   
المطلب الأول : واجبات الخدمات والمواد المتعلقة باستعمال العين المكتراة بين الفقه والقضاء

بالرجوع إلى القواعد المتضمنة في قانون الالتزامات والعقود والمتعلقة بعقد الكراء نجدها لاتسعفنا بثاثا لتحديد العناصر المكونة للسومة الكرائية وللأشياء التي تدخل في حكمها عكس ماهو عليه الأمر بالنسبة للمقتضات الواردة في ظهير 25 دجنبر 1980  المنظم للعلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للأماكن المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني لاسيما الفصل 3 منه الذي ينص ’’ يؤدي المكتري علاوة على وجيبة الكراء - مقابل إثبات - واجبات الخدمات و المواد المتعلقة باستعمال الأماكن المكتراة أو
تعويضا إجماليا عن التكاليف الكرائية كما هي محددة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل، و في حالة عدم اتفاق الأطراف 
يحدد هذا التعويض من طرف القاضي".فماذا قصد المشرع بواجبات الخدمات والمواد المتعلقة باستعمال العين المكراة ، والمقصود أيضا بالتكاليف الكرائية وفقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل ؟ ومن هو الطرف الملزم بأدائها هل المكري أم المكتري ؟ وما موقف القضاء والفقه من ذلك ؟
بالرجوع إلى  مضمون الفصل 3 من ظهير 25 دجنبر 1980  نجده استعمل مصطلحات واسعة بحيث أن واجبات الخدمات والمواد المتعلقة باستعمال الأماكن  المكراة هي واسعة لا يمكن حصرها وتبعا لهذا الفصل فإن المكتري يفترض فيه أنه يتحمل عبء أداء هذه الخدمات ، كما أن العلاقات الكرائية  غير متشابهة فليست كل الأماكن المكراة تتوفر على نفس العناصر  فمثلا ليست كل المحلات تتوفر على المصاعد  و الحدائق لذا فإن بعض واجبات الخدمات  التي يكون المكتري ملزم بأدائها في بعض الأماكن المكراة لا تكون في البعض الآخر . وتجدر الإشارة إلى أنه قبل صدور ظهير 25 دجنبر 1980 كان العرف يقضي على تحمل المكري لهذه الواجبات مادامت تتعلق بالعين ،وتدخل ضمن خانة التزامات المكري الذي يتحملها طبقا لمقتضيات الفصل 638  من قانون الالتزامات والعقود و المتعلقة بتسليم العين وملحقاتها وصيانتها أتناء مدة الكراء ،بالإضافة إلى الفصل 642 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أنه ’’ يلتزم المكري بدفع الضرائب وغيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة ،مالم يقضي العقد او العرف بخلاف ذلك ’’.
لكن بعض صدور الفصل 3 من ظهير 25 دجنبر 1980  ذهب غالبية الفقه إلى اعتبار مثل هذه الخدمات يتحملها المكتري عملا بالفصل 3 من نفس الظهير أن متل هذه الخدمات كالمصعد والمرآب وواجبات البوابين على اعتبار أن المكتري هو من ينتفع بهذه الخدمات بطريقة مباشرة وليس المكري ، فهو إذن الملزم بأدائها .
وترى فئة قليلة من الفقه على ان تحمل المكتري  لواجبات الانتفاع بالعين المكتراة  يجب أن تقع على عبء  المكري لكونها تتقل  كاهل المكتري وتشكل له تكليف إضافيا وأنها تخل بالتوازن الذي سعى المشرع لتحقيقه فيما يخص العلاقة الكرائية التي تربط طرفا عقد
الكراء .

المطلب التاني  التكاليف الكرائية بين الفقه و القضاء

لقد نص  المشرع على التكاليف الكرائية في الفصل  3 من ظهير 25 دجنبر 1980 دونما تحديد مفهومها بالرجوع الى الفصل  642 من قانون الالتزامات والعقود نجده ينص على أن المكري ملزم بدفع الضرائب وغيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة مالم يقض العقد أو العرف بخلاف ذلك ، وقد ذهب غالبية الفقه إلى ان المقصود بالتكاليف الكرائية   المنصوص عليها في ظهير 25 دجنبر 1980 هي ضريبة الخدمات الإجتماعية –ضريبىة النظافة سابقا – إذا سلمنا بهذا الطرح  فإن المكتري هو الملزم بأدائها كماذهب إلى ذلك المستشار الدكتور أحمد عاصم  ، لكننا نجد الفصل 642 يلزم  المكري بدفع الضرائب وغيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة مما يشكل تعارضا صارخا بين الفصلين ومرد ذلك أن المشرع لم يحدد مفهوم التكاليف الكرائية فهل   تدخل ضريبة الخدمات الاجتماعية ضمن التكاليف الكرائية المنصوص عليها في الفصل 3 وبالتالي يتحملها المكتري أم أنها تدخل ضمن الضرائب المنصوص عليها في الفصل 642 من قانون الالتزامات والعقود وبالتالي يتحملها المكري لذلك فإن ضريبة الخدمات الإجتماعية كانت ولاتزال تسيل الكتير من المداد إلا أن غالبية الفقه –وبحق- يذهب إلى أن هذه الضريبة لابد و أن يتحملها المكري وليس المكتري للأسباب الآتي بيانها :
أولا : ضريبة الخدمات الإجتماعية من جملة التحملات البلدية وبالتالي فمن يتحملها هو المالك أي المكري دونما أن  يكون ذلك متوقفا على استعمال الأماكن الخاضعة لها أي حتى ولم يسكنها بل وتفرض حتى على العقارات المغلقة لأن أدائها لايقوم  على أساس الانتفاع الشخصي وإنما تشكل مساهمة في تغطية نفقات الدولة وذلك من أجل  مساعدة الدولة على تحمل نفقات نظافة الشوارع والأزقة التي تقوم بها الجماعات المحلية في المدن والقرى .
كما أن التسليم بأن المكتري هو من يتحمل  هذه الضريبة سيشكل عائقا أمام إدارة الضرائب بحيث يصعب على هذه الاخيرة تتبع كل مكتر لعقار على عكس المالك الذي يتميز بنوع من الثبات .
وتجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك مانع يمنع على أن يتم الاتفاق بين المكري اوالمكتري  على تحمل هذه الأخيرة كما يقضي بذلك الفصل 642 من قانون الالتزامات والعقود . إلا أن هذا لايعني أن هذه الضريبة تشكل جزءا من اجرة الكراء .
وفي الوقت الذي ذهب فيه الفقه إلى اعتبار أن ضريبة النظافة لاتدخل ضمن التكاليف الكرائية المنصوص عليه في الفصل 03 من ظهير 25 دجنبر 980 1 وبالتالي فإن المكتري غير ملزم بأدائها فقد اتخذ القضاء المغربي في هذا الصدد مسارا مغايرا لما صار عليه الفقه فأغلب الأحكام والقرارات الصادرة في هذا الصدد تنص على أن المكتري هو الملزم بأداء ضريبة الخدمات الإجتماعية عملا بالفصل 03 من ظهير 25 دجنبر 980 1 ونستدل في هذا الشأن بمجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض :
فقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 29|2|1984 ’’أن ضريبة النظافة يتحملها المكتري ولا فرق في ذلك بين المحلات التجارية ومحلات السكنى ’’
أما في قرار آخر صادر عن محكمة النقض تحت عدد 6541 بتاريخ 28|10|1998 لما قضت المحكمة على المكتري بأداء الكراء وضريبة النظافة رغم أنه ادعى بأن ضريبة النظافة ضمن السومة الكرائية و أمهلته بالإدلاء بما يتبت ذلك ولم يفعل تكون قد جعلت لقرارها أساسا من القانون "
و  في قرار آخر صادر عن محكمة النقض تحت عدد 1086 بتاريخ 28|03|2007 " بأن ضريبة النظافة تؤدى مقابل الخدمات التي تقوم بها المصالح المختصة والمستفيد من هذه الخدمات هو الملزم بأدائها وهو المكتري وهي ليست من الضرائب المقصودة في الفصل 642 من قانون الالتزامات والعقود والمحكمة التي قضت بأن الدعوى الرامية إلى أداء
الضريبة تجد أساسها القانوني في الفصل 642 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص انه أن المكري ملزم بدفع الضرائب وغيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة مالم يقض العقد أو العرف بخلاف ذلك وأن عقد الكراء المبرم بين الطرفين لاينص على تحميل المكتري أداء واجب ضريبة النظافة تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا يوازي لانعدامه مما عرضه للنقض و الإبطال "

خاتمة
يهدف القانون الجديد  رقم 67-12  المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، إلى تحسين العلاقات بين الجانبين وإرجاع الثقة للاستثمار في السكن الكرائي.
إن المتوخى من هذا القانون، أساسا، هو تطوير قطاع السكن المعد للكراء وجعله يستجيب لحاجيات مختلف الشرائح الاجتماعية من السكن وضبط السوق العقارية، والمساهمة في ظهور منعشين عقاريين متخصصين في قطاع السكن المعد للكراء، فضلا عن تحفيز مالكي الشقق المغلقة على فتحها للكراء وبالتالي ارتفاع العرض وتراجع أثمان الكراء. المرتفعة.
فهل ستتحقق هذه الأهداف ويتم احترام فلسفة القانون الجديد، أم سيكون هذا الأخير وسيلة لعودة مسلسل الافراغات لتعميق المضاربات؟. لحد الآن يصعب الحكم على تجربة إعمال القانون الجديد، بيد أن الآتي من الوقت سيفرز لاريب نتائج تطبيقه.
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *