-->

أسباب الترجيح بين الحجج في مدونة الحقوق العينية

أسباب الترجيح بين الحجج
مقدمة:
         تعتبر الدعوى الوسيلة القانونية لاستصدار حكم قضائي منشأ للحق المدعى فيه، أو كاشف لهذا الحق. ومجرد الادعاء، لا يخول المدعي اقتضاء الحق موضوع النزاع، إذ لابد من تعزيز الطلب بما يتبثه، من مختلف وسائل الإثبات تطبقا للمبدأ القانوني، إثبات الالتزام على مدعيه، والمنصوص عليه في الفصل 399 من ق.ل.ع.
   يشكل الإثبات الوجه الايجابي للحق، يدور معه وجودا وعدما، فالحق من الناحية القانونية يعتبر موجودا بوجود ما يثبته، ويعتبر غير قائم بانعدام ما يثبته، والحق غير الثابت يبقى حقا غير جدير بالحماية القانونية، ويبقى في دائرة الالتزام الأخلاقي والأدبي وموكول تنفيذه إلى ضمير الملزم به. ولإثبات الحق موضوع الدعوى، يتعين الالتجاء إلى إحدى وسائل الإثبات المنصوص عليها  قانونا في الفصل 404 من ق.ل.ع وهي: الإقرار،الحجة الكتابية، شهادة الشهود،القرنية،اليمين والنكول عنها. وتعتبر هذه الوسائل حصرية، لا يمكن اللجوء إلى غيرها من الوسائل، خلاف الإثبات في الميدان الزجري، حيث تطبق قاعدة حرية الإثبات والاقتناع الوجداني للقاضي، ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة أعلى درجة، إلا في جانب التعليل وتبيان كيفية استخلاص قناعته، من خلال أدلة وقعت مناقشتها بمحضر المتهم ومكن من الإطلاع عليها، وتقديم وسائل دفاعه بخصوصها.
    إذا كان الإثبات بتنازعه ثلاثة مذاهب، وهي المذهب الحر، الذي يسمح للأطراف بتقديم أية وسيلة إثبات، ويملك فيه القاضي حرية تكوين قناعته من أي دليل يقدم إليه، مع التدخل  الايجابي للقاضي، بحث الخصوم على الكمال ما في أدلتهم من نقص، وثاني هذه  المذاهب، هي المذهب القانوني، الذي يتدخل فيه المشرع لتحديد طرق الإثبات بالنسبة لكل رابطة قانونية معينة، يتقيد بها الخصوم وكذا القاضي. والمذهب الثالث هو الذي حاول المزج بين المذهبين  السابقين، وهو المذهب المختلط، حيث يطلق حرية الإثبات في المسائل الجنائية، وتتقلص هذه الحرية في الميدان التجاري، لتزداد القيود في المسائل المدنية، حيث لا يسمح إلا بطرق إثبات محددة ،تضييق وتتسع من واقعة إلى أخرى[1] وهذا الاتجاه، هو الذي أخد به المشرع المغربي، حيث اعتمد الإثبات الحر في الميدان الزجري، وقيده في الميدان المدني بوسائل حصرية، مع التقليل من هذا التقييد في الميدان التجاري.
    الإثبات لغة هو الدليل الذي يستبين به الحق ويظهر، وفي الاصطلاح القانوني، هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتبت آثارها[2]، والقاضي لابد له من الركون إلى وسائل الإثبات، ولا يمكنه الحكم بعلمه الشخصي بخصوص واقعة معينة. والإثبات لا ينصرف إلى الحق في ذاته، وإنما إلى الواقعة التي تعتبر مصدرا له. فمحل الإثبات هو الواقعة، لا الحق، فالمكري مثلا، الذي يطالب بواجب الكراء في مواجهة المكتري، يكون ملزما فقط بإثبات التصرف القانوني مصدر الحق في الكراء، وهو عقد الكراء الذي يرتب التزاما في مواجهة المكتري بأداء الكراء. ويشترط في الواقعة محل الإثبات، أن تكون محل نزاع، محددة، متعلقة بالحق المنازع فيه، منتجة في الإثبات، وجائزة القبول[3].
    أثناء سريان الدعوى، ينقلب عبئ الإثبات بين المدعي والمدعى عليه، فإذا أثبت المدعي وجود الالتزام،كان على المدعي عليه، إذا ادعى انقضاء هذا الالتزام بأية وسيلة من وسائل الانقضاء المشار إليها في الفصل 317 من ق.ل.ع [4] فإنه يقع عليه عبئ إثبات هذا الانقضاء. وفي المثال السابق، إذا اثبت المكري العلاقة الكرائية للمطالبة بواجب الكراء، كان على المكتري إثبات الوفاء أو انقضاء التزامه هذا. وهو ما يسمى بقلب عبئ الإثبات، ويخضع الإثبات لبعض القواعد، منها مبدأ حياد القاضي، ومبدأ لا يجوز إجبار شخص على تقديم دليل ضد نفسه.
      يمكن تقسيم طرق الإثبات من حيث قوتها الاثباتية :
- إلى طرق إثبات ذات قوة مطلقة، تصلح للإثبات جميع الوقائع، سواء كانت وقائع مادية، أو تصرفات قانونية، وبغض النظر عن قيمة الحق المراد إثباته، ومثالها الكتابة.
- وهناك طرق ذات قوة محدودة في الإثبات، وهي التي تصلح لإثبات بعض الوقائع القانونية دون البعض، وهي : الشهادة، والقرائن القضائية، واليمين المتممة.
- أما الطرق المعفية من الإثبات، فهي : الإقرار، واليمين الحاسمة، والقرائن القانونية.
    هذا التقسيم يخص تصنيف مختلف وسائل الإثبات، غير أنه قد يقع أن يتوفر كل طرف في النزاع على نفس وسيلة الإثبات،  كالحجة  الكتابية، أو شهادة الشهود. وكل حجة تنسب الحق لطرف دون آخر، مما يستلزم اللجوء إلى الترجيح بين الحجج. وهي تقنية يلجأ إليها القاضي عند تعارض حجتين من نفس الصنف والقوة الاثباتية.
ودراستنا ستقتصر على وسائل الترجيح بين الحجج في ميدان العقار غير المحفظ، من حيث إثبات الملكية، باعتباره المثال الأكثر تداولا في الميدان القضائي، سواء في مجال مسطرة التحفيظ حين البث في التعرضات، أو في  إطار دعاوي الاستحقاق، والحيازة، مع الإشارة إلى أن أول خطوة في ميدان الترجيح بين الحجج، هو النظر في إمكانية الجمع بين الحجتين، فإذا أمكن الجمع فلا إشكال، حيث ينمحي التنازع بين الحجتين، ومثال ذلك رسم إراثة يتضمن بعض الورثة، ورسم آخر يتضمن نفس الورثة مع إضافة وارث أو وارثتين آخرين، هنا يجمع بين الاراثات لعدم التعارض، وتصبح الاراثة المتضمنة لأكبر عدد من الورثة هي الصحيحة، سيما وأن الإشهاد في الاراثة يكون بالعلم، لا بالقطع. حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى:" لا مخالفة بين الاراثة التي تشهد بكون المطلوب من جملة أبناء الهالك، وبين الاراثة التي تدلي بها الطاعنة أرملة الهالك النافية لوجوده ضمن ورثته، فكل منهما شهدت بما في علم شهودها..."[5]
    والترجيح بين الحجج هنا يختلف عن الترجيح بين الأدلة الشرعية، الذي يجد مجاله في مادة علم أصول الفقه، التي تدرس الدليل الشرعي الكلي من حيث ما يثبت به من الأحكام الكلية[6].
  فما هي أسباب الترجيح بين الحجج؟ وكيف يتم إعمالها؟
  هذا ما سنتناوله في دراستنا، مع الإشارة إلى أننا سنقتصر على بعض هذه الوسائل فقط والتي يكثر استعمالها من طرف المحاكم، دون إمكانية تناولها كلها، لعدم استيعاب البحث لها، وذلك من خلال مبحثين:
المبحث الأول:أسباب الترجيح الشكلية
المبحث الثاني: أسباب الترجيح الموضوعية







المبحث الأول: أسباب الترجيح الشكلية
     إذا تعذر الجمع بين الحجتين المتعارضتين، وجب الانتقال إلى الترجيح بينهما، حتى يمكن تغليب أحدهما على الأخرى، وتتعدد أسباب الترجيح بين أسباب شكلية، وأخرى موضوعية. وفي كل صنف نجد عدة أسباب، فأسباب الترجيح الشكلية، يمكن  أن تشتمل السبب المعتمد على التاريخ، كما  يدخل ضمنها سبب الترجيح المستند على عدالة شهودها، أو عددهم.
المطلب الأول: من حيث التاريخ
  يعتبر تاريخ الوثيقة المعتمدة كحجة في الإثبات، بيانا جوهريا يرجع إليه حال وجود تعارض بين حجتين من نفس القوة، ويمكن أن يشكل هذا السبب مرجحا لأحد الوثيقتين، سواء من جهة كون إحدى الوثيقتين مؤرخة والأخرى غير مؤرخة، أو من جهة كونهما معا مؤرختين، فيعتمد مبدأ قدم التاريخ.
 الفقرة الأولى: البينة المؤرخة تقدم على العارية من التاريخ
   إذا أدلى كل من الخصمين بحجة، وكانت الحجتان متعارضتان، إلا أن إحداهما مؤرخة فتقدم هذه الأخيرة على البينة التي لم تؤرخ، ولا سيما في عقود المعاوضة، أو النكاح، أو التبرعات عند تعدد التبرع، لأنه مع عدم تحديد التاريخ، لا يعلم السابق من اللاحق منها. أما إذا لم تؤرخا، أو ذكرتا وقتا واحدا، فهما ساقطتان معا، ويبقى الشيء في يد حائزه[7] .
     ومن نماذج الترجيح استنادا إلى وجود التاريخ من عدمه، حالة وجود نزاع بين شخصين أو أكثر حول ملكية عقار معين، وكل منهم يتوفر على رسم ملكية يفيد ملكيته له.
كما لو افترضنا أن شخصا معينا )أ( يزعم تملكه لعقار استنادا إلى رسم ملكية مؤرخ في فاتح يوليوز 2000، يشهد شهوده أنه يضع يده على العقار، ويتصرف فيه بشروط الملك الخمسة، من يد، ونسبة، وطول، وعدم علم معارض ولا منازع ولا تفويت.
فعارضه في ذلك شخص آخر)ب( الذي يدعي بدوره الملكية على العقار المدعى فيه، مستندا بدوره على رسم ملكية، يشهد شهوده انه يضع يده على العقار، ويتصرف فيه بشروط الملك المذكورة أعلاه، باستثناء ذكر مدة التصرف، وكذا تاريخ الوثيقة.
   ففي حالة عرض مثل هذا النزاع على القضاء كيف سينظر فيه؟
   طبعا إن الترجيح بين الحجج يشترط ويقتضي، وجود وثيقتين موضوع الترجيح- متوفرتان على كامل شروطهما الشرعية، والقانونية. أي أن الترجيح يكون بين وثيقتين سليمتين من هذه الزاوية، إنما ترجح إحداهما عن الأخرى، ليس لعلة فيها، بل لشمول المرجحة على بعض التفصيلات، أو التدقيقات، التي لا تتوفر في الوثيقة الأخرى.
   ويتبين لنا من ذلك، إن رسم ملكية يفتقد إلى أحد شروطه الأساسية التي ذكرناها في حينها يكون باطلا، ولا يمكن أن يصبح موضوع ترجيح برسم ملكية آخر سليم من الوجهة القانونية.
     وبالرجوع إلى النازلة أعلاه، يتبين أنه لا يمكن الترجيح بين ملكيتي )أ( و)ب( على اعتبار أن هذه الأخيرة، لا تتوفر على ركن أساسي من أركانها، وهو ذكر مدة الحيازة ووضع اليد، وربط ذلك بتاريخ الوثيقة. أي أن الملك الذي  أثبتته، جاء ناقصا من حيث التاريخ. فالنتيجة إذن هي الحكم لفائدة )أ( بملكية العقار[8]
الفقرة الثانية: قدم التاريخ
    المقصود هنا ليس تاريخ تحرير البينات، وإنما تاريخ الشيء المشهود به، والمراد بقدم التاريخ، ما يكشف عن طول مدة الحيازة. فإذا شهدت بينة بان حيازة صاحبها ترجع لعام 2000 ،وشهدت أخرى بان حيازة صاحبها ترجع لعام 1990 ،كانت هذه الثانية، أقدم تاريخا، ورجحت بقدم التاريخ.
والترجيح  بقدم التاريخ موضوع زلل، لان الكثيرين يظنون أن المراد بقدم التاريخ، هو التاريخ الأقدم بالنسبة للوثيقتين، فإذا أرخت إحدى البينتين في عام 1980 ،والثانية في عام 1985 ،اعتبرت الأولى هي الأقدم تاريخا، وهو خطأ شائع، لان المراد بقدم التاريخ، هو مدة الحيازة بالنسبة للوثيقتين، وليس تاريخ تحريرهما، ووضع اليد على المدعى فيه قرينة على الملكية تؤيد باليمين، ويستحق صاحبها مع يمينه، عملا بقول صاحب التحفة :
              واليد مع مجرد الدعوى وأن        تكافأت بينتان فاستبن.
    ومن ثم إذا استدل الخصمان بحجج متبادلة، وكان تاريخ إحداهما سابقا على الأخرى، فترجح ذات التاريخ السابق على ذات التاريخ الحديث، أو المؤرخة بتاريخ إجمالي، أو تقريبي، فإذا كان تاريخ إحدى البينتين أقدم فهي مقدمة  على حديثة التاريخ، إلا أن يكون القائم أي المدعي بحديثة التاريخ، حائز يتصرف تصرف المالك في ملكه بمحضر المدعي، ولا عذر له في سكوته عنه، فتقدم بنيته، وإن كانت أحدث تاريخا، لان تركه بيده يتصرف فيه وهو ينظر إليه قاطع لحجته.
     والراجح أن الحجة ذات التاريخ القديم، تقدم مطلقا، سواء كانت الحجة ذات التاريخ الحديث مصحوبة باليد أم لا، وهو ما جاء في بعض أجوبة ابن رشد المنقولة في المعيار، إنه يقضي بأقدم التاريخين، وسواء كان هذا الملك، بيد إحداهما أو بأيديهما، وإنما يفترق الحكم، إذا تحدد تاريخ العقدين، واستوت البينة في العدالة، فإن كان بيد أحدهما ثبت له، وإن كان بأيديهما، أو بأيدي غيرهما، قسماه بعد أيمانهما أو نكولهما[9].
    وتطبقا لذلك جاء في قرار للمجلس الأعلى: "إن قدم التاريخ الذي يقع به الترجيح بين البينات، يعني قدم تاريخ الشيء المشهود به، لا تاريخ تحرير البينات، فإذا ما شهدت بينة بأن فلانا تصرف منذ أربع وأربعين سنة، وأخرى شهدت بان خصمه تصرف منذ أربعين سنة، فإن الأولى مرجحة بقدمها[10].
   وفي قرار آخر أورد المجلس الأعلى:"... كما أن المحكمة من جهة أخرى، قبلت تعرض السيد ناظر أحباس وزان اعتمادا على حجة عدد 1232 ،بدعوى أن شهودها يشهدون بأن أحباس وزان كان يتصرف في البقعة محل النزاع مدة أربعين سنة سلفت، مع العلم انه بالرجوع إلى هذه الحجة، نجد أنها حررت بتاريخ 24/12/1970 ،بينما الحجة عدد 228 التي استند عليها طالبوا التحفيظ، حررت بتاريخ 5/5/1956 ،وان شهودها يشهدون لمورثهم بالتصرف في حياته مدة عشرين سنة ثم تركها لورثته طالبي التحفيظ الذي استمروا في التصرف فيها مدة 10 سنوات، ولا زالوا يتصرفون فيها لحد الآن. وبمقارنة تاريخي الحجتين ببعضهما، ومدة التصرف فيهما، نجد أن حجة طالبي التحفيظ أقدم من حجة أحباس وزان، كما أن مدة تصرف الأولين استمرت 44 سنة إلى تاريخ تحرير الحجة الأولى، وهو أطول من تصرف أحباس وزان، الأمر الذي يجعل حجة طالبي التحفيظ طبقا للقواعد الفقهية، أقدم من حجة المتعرض[11]".
    غير أنه لا يعتبر الترجيح بقدم التاريخ، إلا إذا كانت البينتان معا مستوفيتين لجميع الشروط المتفق عليها، أما إذا كانت إحداهما ناقصة فلا. فقد جاء في مبدأ قرار صادر عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى، أن البينة المستوفية لشروط الملك، لا ترجح عليها البينة الناقصة، ولو كانت قديمة التاريخ. لأنه لا يلجأ إلى الترجيح، إلا عند تساوي البينتين[12].


المطلب الثاني: من حيث العدالة والعدد
     إذا تعذر  الترجيح بين البيانات بسبب كون إحداهما مؤرخة والأخرى غير مؤرخة، أو لسبب كون إحداهما أقدم تاريخا من الأخرى،فإنه يلجأ إلى سبب آخر للترجيح، وهو البحث فيما إذا كانت إحدى البينات تتضمن عدولا أحسن مروءة وتقوى، من عدول البينة الأخرى، أو أن أحد البينتين تتضمن شهودا عدولا أكثر في العدد من البينة الأخرى.
الفقرة الأولى: سبب الترجيح استنادا الى العدالة
    إذا وقع وكانت إحدى البينات المتعارضة المستوفية لشروطها الشكلية، تتضمن عدولا يشهد لهم بالمروءة والتقوى أكثر من عدول البينة المعارضة، فإن الأولى ترجح على الثانية، استنادا الى ما لعدولها من خاصية إضافية، تنتفي في عدول البينة الأخرى. وتبقى خاصية المروءة والتقوى، نسبية ويصعب الركون إليها في الوقت الحاضر، لصعوبة إيجاد شهود عدول ،فما بالك بشهود عدول أكثر تقوى و مروءة. ولعل هذا ما دفع بالمشرع إلى تنظيم خطة العدالة[13]، بتكليف رجالها بتلقي الشهادات الاسترعائية، أو تدوين الشهادات الأصلية، بما علم به العدول أنفسهم ،مع ما يعرفه هذا الميدان من مشاكل تتمثل أساسا في حجية شهادة اللفيف، التي  تبقى خاضعة  لتقدير المحكمة، بالنظر لخطورة آثار الأخذ بها في بعض المجالات، خاصة  في ميدان العقار غير المحفظ. أما إذا كان الترجيح بين البينة المشتملة على شهادة العدول على قلتهم، وبين بينة مشتملة على شهادة العوام على كثرتهم، فإنه في جميع الحالات ترجح بينة شهادة العدول، مهما بلغ عدد شهود شهادة العوام.
الفقرة الثانية:معيار العدد عند التساوي في العدالة
        عند تساوي درجة العدالة في المروءة والتقوى، بالنسبة للبينتين المتعارضتين، واختلف عدد الشهود في كل بينة،فان المعيار العددي يلعب دور الترجيح بين البينات، حيث ترجح البينة المشتملة على أكبر عدد من الشهود العدول. مع أن الواقع العملي يفترض الحد الأدنى في بعض الشهادات، حيث يشترط في شهادة اللفيف المثبتة للحقوق المالية، بما في ذلك الملكية، والحيازة، والإرث، على عدد 12 شاهدا، ويمكن أن يزداد هذا العدد عندما يتعلق الأمر بالأهلية وعوارضها، من تحجير، وتسفيه، حيث يشترط الفقهاء ما لا يقل عن 16 شاهدا، ومنهم من زاد عن ذلك.
        إضافة إلى أسباب الترجيح الشكلية التي تناولنا بعضها، فإن هناك أسباب ترجيح موضوعية تشمل صلب البينة و موضوعها.




المبحث الثاني: أسباب الترجيح الموضوعية
     إن أسباب الترجيح الموضوعية متعددة، ويختلف ويصعب حصرها. وسنتناول أهمها من خلال سبب الترجيح المستند على التملك، والمستند على التفصيل، والإثبات مع النفي.
المطلب الأول: سبب الترجيح من حيث التملك
    في هذا المطلب يمكن أن نتناول أسباب الترجيح الموضوعية من حيث التملك، اعتمادا على سبب التملك، أو أصل الملك، أو اعتمادا على الترجيح بين بينة الملك وبينة الحوز.
الفقرة الأولى: سبب التملك أو أصل المدخل
    المقصود بسبب التملك، أو أصل المدخل، هو جملة الوثائق التي توضح الطريقة التي توصل بها الحائز إلى حيازة هذا الملك، وهو غير أصل الملك، الذي يرصد التطورات التي لحقته، من غرس وبناء والزيادة والنقصان.
    ولما كان البيع من العقود التي تنصب على الملكية طبقا للفصل 478 من ق.ل.ع ،فقد أوجب القانون على البائع، أن يكون مالكا ملكية تامة للمبيع، ويرجع في ذلك إلى مختلف الوثائق الرسمية والعرفية. فقد ورد في الفصل 519 من ق.ل.ع "ويشمل بيع العقار كذلك الخرائط وتقدير المصروفات والحجج والوثائق المتعلقة بملكيته،وإذا تعلقت حجج الملكية بالمبيع وبغيره من الأشياء التي لا تدخل في المبيع، لم يكن البائع ملتزما إلا بان يسلم نسخة رسمية للجزء المتعلق منها بالعين المبيعة" .كما نص الفصل 19 من مرسوم 28/10/2008 بتطبيق أحكام قانون خطة العدالة، في فقرته السابعة، على أنه، ينص في الشهادة على المستندات اللازمة طبقا للقواعد المعمول بها، مع ذكر رقمها، وتاريخها، والدائرة التي أقيمت فيها، ومراجع  التسجيل، كما جاء في المادة 30 ،على أنه ترفق أصول المستندات التي أسست عليها الشهادة مع وثيقتها وتسلم لأصحابها. وهو نفس المقتضى التي تضمنته المادة 36 من قانون رقم 09/32 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، والتي ورد فيها، وجوب تضمين العقود التي يتلقاها الموثق مجموعة من البيانات، منها بيان المراجع الكاملة  للوثائق التي استند عليها في إبرام العقد. ومن الطبيعي القول أنه لا يمكن للموثق، أو العدل، استنساخ جميع الأصول السابقة. وفي هذه الحالة، يجب التمييز بين العقار غير المحفظ، حيث تواتر العدد بخصوصه على ثلاثة، وفي هذه الحالة يقول الصنهاجي )والذي جرى به العمل بفاس منذ أواسط القرن الهجري حتى الآن هو الاكتفاء بثلاث شراءات للأصل المبيع، فيطالب البائع بدفعها للمشتري، أو إعطائه نسخة منها مسجلة على القاضي[14].
     والأمر هنا يتعلق بالعقار غير المحفظ، إذ أن رسوم الملكية والاستمرار هي التي تفيد الملك في هذا النوع من العقارات، أما بخصوص العقار المحفظ، فإن القوة الثبوتية للرسم العقاري تغني عن الإدلاء بالأصول السابقة.
     وعلى ضوء هذه النصوص، فإن الموثقين يعملون على استحضار أصل الملكية في العقود التي يتولون كتابتها، بغية إثبات مشروعية الحيازة، وتبيان صحة سبب التملك من خلال أدراج مراجع هذا السبب، من حيث التاريخ، والرقم، ومراجع التسجيل بالوثيقة المثبتة للتصرف، الذين يتولون الإشهاد عليه.
     ومن المقرر في الفقه، أن الاستظهار برسوم الأشرية، لا تفيد الملك، ولا ينتزع بها  من يد حائز. ونظم ذلك في العمل الفاسي بقوله:
        لا توجب الملك عقود الأشرية          بل ترفع النزاع عند التسوية.
  والحكم المستمد من هذه القاعدة، أن رسم الشراء، لا يفيد الملك، ولا يدل عليه ما لم يثبت الملك للبائع بشروطه، لان الشراء المجرد، لا يثبت به الملك للمشتري، وسببه أن الشراء يكون من المالك وغيره، فالشهادة به لا توجب الملك للمشتري، ولكنها توجب له الحوز، بشرط أن يكون المبيع بيد البائع وقت العقد حتى قبضه المشتري منه، وإلا لم يوجب ملكا، ولا حوزا، وإذا لم يوجب الشراء المجرد الملك للمشتري، فهو يرفع النزاع بين البائع والمشتري عند تنازعهما في البيع، ويكون النزاع المجرد حجة على البائع المنكر للبيع. وبالتالي فالاشرية المجردة، لا حجة لها إلا على البائع.
    ورسوم الاشرية المجردة من سبب التملك، لا ينتزع بها من يد الحائز الذي يدعي التملك، إلا إذا كان الحائز هو البائع، أو كان الحائز وارثا للبائع، فينزع الشيء من يده ويعطي للمدعي كان بينهما حوزا أو لا. لان من قال بان رسوم الاشرية لا تفيد الملك ولا يستخرج بها من يد حائز، مراده الحائز مدعي الملكية غير المشهود عليه بالبيع، أما إن كان الحائز، هو البائع فتقوم عليه وعلى ورثته الحجة برسم الشراء، ويستخرج به المبيع من يده.
    نخلص في ذلك إلى قاعدة الترجيح مفادها، أنه إذا شهدت بينة بالملك مع بيان سبب التملك من شراء أو هبة أو صدقة أو غيره، وشهدت بينة الخصم بالملك دون بيان سبب التملك، ترجح الأولى على الثانية.
 الفقرة الثانية: بينة الملك أرجح من بينة الحوز والحيازة بشروطها مرجحة على بينة الملك
      لقد تناول المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية الجديدة[15] الحيازة كسبب لكسب الملكية في المواد من 239 إلى 263، ويبقى نطاقها محصورا في العقارات غير المحفظة، دون المحفظة، التي تعتبر فيها رسوم الملكية نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية، والتكاليف العقارية المترتبة على هذا الصنف من العقار دون ما عداها من الحقوق غير المسجلة، حيث ينص الفصل 63 من ظهير التحفيظ العقاري، على أن التقادم لا يكسب أي حق عيني على العقار المحفظ في مواجهة المالك المسجل اسمه، ولا يزيل أي حق من الحقوق العينية المسجلة برسم الملك.
    وقد وضع قانون المسطرة المدنية في الفصول من 166 إلى 170 شروط وإجراءات الدعاوي المدنية لحماية الحيازة المادية، ولا يحمي الحق العيني في ذاته، إذ خول لمن حاز العقار سنة على الأقل، حيازة هادئة علنية مستمرة وغير مشوبة باللبس، أن يحمي حيازته، إما بإقامة دعوى منع التعرض، أو دعوى استرداد الحيازة، أو دعوى وقف الأعمال الجديدة بحسب طبيعة الأعمال التي تهدد حيازته. وإن الحكم القاضي برد الحيازة لصاحبها، لا يكون حجة على انه مالك لذلك العقار، وإنما يعني منع الغير من القيام بعمل يضر بحيازة الحائز.
   أما في الفقه فالحيازة تنقسم إلى قسمين، حيازة مكسبة للملكية، وحيازة قاطعة لحق المالك السابق.
    فالحيازة تكون مكسبة للملكية، بالنسبة للعقارات التي لا مالك لها، بشروط نصت عليها المادة 240 من مدونة الحقوق العينية وهي:
1- أن يكون واضعا يده على الملك.
2-أن يتصرف فيه تصرف الملك في ملكه.
3- أن ينسب الملك لنفسه والناس ينسبونه إليه كذلك.
4- ألا ينازعه في ذلك منازع.
5-أن تستمر الحيازة طول المدة المقررة في القانون.
6- وفي  حالة وفاة الحائز يشترط بالإضافة إلى ذلك عدم العلم بالتفويت.
 وهي نفس الشروط التي لخصها الزقاق في قوله:
             يد نسبة طول كعشرة أشهر        وفعل بلا خصم بها الملك يجتلي
            وهل عدم التفويت في علمهم كما   ل أم صحة للحي للميت ذا أجعلا
  وتكون الحيازة سببا من أسباب نقل الملكية من مالك إلى آخر، ويسمى هذا النوع عند المالكية، بالحيازة القاطعة لحق الغير أو الحيازة المبطلة لملكية الغير، كما تسمى بالحيازة الدالة على الملكية، وتسمى في التشريعات الوضعية بالتقادم المكسب، وهي تكون مقترنة بالادعاء بالتملك، ومحلها ما جهل أصل مدخل الحائز، أو علم وكان ينقل الملكية عن الأول، كالبيع والتبرع. وبالتالي فمتى تنازع شخص حول ملكية أرض مثلا، وأدلى المدعي بملكية صحيحة، تشهد له بان تلك الأرض على ملكه، وأدلى الحائز بحجة مستوفية أيضا لشروط الحيازة، فإن حجة الحيازة الطويلة الأمد مع شروطها، تقدم على حجة الملك. وهذا يعني أن للحيازة اثرين:
  -احدهما: أنها تعتبر مثبتة لحق الحائز، ومسقطة لدعوى الغير في ملكية الشيء المحاز، لان الحيازة نقلت ملكيته لهذا الحائز، وأزالت ملكية المالك السابق.
- ثانيها:أنها تعتبر مطهرة للملكية من العيوب التي تشوبها قبل توفر شروط الحيازة، بحيث لو فرضنا أن شخصا ملك عقارا بمقتضى عقد بيع غير مستوف لشروط البيع، ثم حاز ذلك العقار طيلة المدة المعتبرة في الحيازة، وتوفرت له شروطها، فإنه يصير مالكا لذلك العقار ملكية صحيحة،ويتطهر له العقد من العيوب التي شابته.
   وإذا لم يدفع إلا بوضع اليد مقابل الملكية الصحيحة، فإن بينة الملكية تقدم على بينة الحوز، لان الحوز قد يكون عن ملك أو كراء أو رهن أو غصب، فكونه بيده هو أعم من كونه ملكا له. والملك أخص من الحوز وأقوى منه،وثبوت الأعم لا يستلزم ثبوت الأخص، والعكس صحيح.
    ويقدم الحوز المجرد على مجرد الدعوى، ويكفي المدعى عليه الحائز الجواب بحوزي وملكي، ولا يكلف بإثبات حيازته، ولا أنها متوفرة على شروطها، ولا من أين صار له ذلك الشيء. فإذا كانت الدار في يد شخص عدة أعوام، وهو يدعي تملكها، فأقام عليه شخص دعوى، فإن لم يكن لهذا المدعي إلا مجرد الدعوى، أو بينة سماع، فليس له إلا اليمين على الحائز، أي تحليفه، لان بينة السماع لا ينزع بها من يد حائز، كما لا ينزع مجرد الدعوى. أما إن جاء المدعي بالبينة التامة، وعجز الحائز عن الطعن فيها، فلا تردها إلا بينة الشراء من المدعي، أو موروثه ولو بالسماع.
    ومع ذلك، فإن الحيازة لا يمكن أن تكون سببا لكسب الملكية، ولا دليلا عليها، بين الأصول والفروع، وبين الأزواج، والشركاء، وبين النائب الشرعي ومن هم إلى نظره، وكذا بين أطراف الوكالة، وبين المكلف بإدارة الأموال العقارية وأصحاب هذه الأموال، كالحارس القضائي، أو المسير، والسنديك. وهو ما أكدته مدونة الحقوق العينية في المادتين 255 و256 ،وتطبيقا لذلك جاء في قرار للمجلس الأعلى: خلو اللفيف من الإشارة إلى ملكية المشهود له للمشهود به بشروط الملك المعتبرة شرعا، يفقد اللفيف قيمته الثبوتية[16]. كما ورد في قرار آخر: أن المنصوص عليه فقها أنه لا يقضي بسقوط البينتين إلا إذا تعادلتا وتعذر الترجيح بينهما بأي وجه من أوجه الترجيح، وأن مجرد وضع اليد وحده، غير كاف لسماع دعوى المدعي المعززة بالملكية.وما دامت ملكية المتعرضين مستوفية لكل شروط الملك، وحجة طالب التحفيظ مجرد موجب تصرف، لا يشمل كل شروط الملك، فإنه كان يتعين على المحكمة إعمال قاعدة الترجيح بين الحجتين"[17].
     وفي قرار آخر ورد انه لما كان المدعى عليه قد أثبت حيازته للعقار المدعى فيه لأكثر من عشر سنوات، فإن هذه الحيازة تكسبه الملك عملا بقول المتحف:
    والأجنبي إن يحز أصلا بحق عشر سنين   فالتملك استحق وانقطعت حجة مدعيه[18].

المطلب الثاني: من حيث التفصيل و الإثبات مع النفي
     قد يكون سبب الترجيح بين البينات يرجع إلى كون إحداهما أكثر تفصيلا من الأخرى التي تبقى مجملة وواردة على سبيل  العموم، كما قد يكون سبب الترجيح يرجع إلى كون إحدى البينات مثبتة والأخرى نافية.

الفقرة الأولى: ترجيح البينة المفصلة على المجملة
   الإجمال عند الفقهاء هو احتمال اللفظ لمعنيين فأكثر، وقيل انه الشهادة الخالية من التفصيل المشترط في صحة الشهادة الموصل إلى غالب الظن. فقد قال ابن عاصم: وغالب الظن به الشهادة.
    فقد يقع الإدلاء بحجج متعارضة من طرفي النزاع، غير أن حجة إحداهما مفصلة في مضمونها، والآخر مجملة، فتقدم المفصلة على الحجة التي أجملت، لان الإجمال قدح من القوادح التي ترد به الشهادات ،فمع الإجمال يأتي الاحتمال، ومن القواعد المتداولة أنه لا قضاء مع الاحتمال، وإن ما احتمل  واحتمل سقط به الاستدلال،وفي نفس هذا الإطار ورد في الفصل 403 من ق.ل.ع أنه لا يجوز إثبات الالتزام إذا كان يرمي إلى إثبات وقائع غير منتجة.
    وفي ذلك صدر قرار عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى ورد فيه، أن البينة المفصلة تقدم على المجملة، والشهادة بالمعين تقدم على الشهادة بالمطلق[19]. كما جاء في قرار للمجلس الأعلى أن الإجمال في بيان مدة الحيازة، واقتصار الشهود على القول بأنها مدة تزيد على أمد الحيازة المعتبرة شرعا، يعد عيبا في الرسم، وتكون المحكمة على صواب لما قضت بعدم صحة تعرض الطاعنين على مطلب التحفيظ، لعدم توافر شروط ممارسة حق الشفعة التي يتعرض بها، لان موجب الاستمرار الذي استدل به لإثبات التملك على الشياع، غير عامل لإجماله في بيان مدة الحيازة[20].
الفقرة الثانية: البينة المثبتة أرجح من النافية
     الحجة المثبتة للحقوق والأشياء تقدم على الحجة النافية لها، فإذا أدلى كل من الخصمين بحجة، وكانت إحدى الحجتين تثبت بالنسبة للمدعى فيه، والبينة الأخرى تنفي بالنسبة لنفس الموضوع، كالبيع في الاثباث وعدم البيع في النفي،فإن الحجة المثبتة للبيع مثلا ترجح على النافية للبيع، وكذلك في سائر المعاملات، لان الحجة المثبتة علم شهودها ما لا يعلمه شهود النفي. فشرط الصحة مثلا في التبرعات هو الحوز.وقد يحدث أن ينازع من له مصلحة بعد موت المتبرع، بعدم حوز المتبرع عليه، في حين يتمسك المتبرع عليه بالحوز قبل حصول المانع وهو الموت، وأدلى كل منهما بما يثبت ادعاءه، بحجتين متعارضتين. طبعا ففي مثل هذه الحالة، تقدم وترجح حجة الحوز على عدمه، وفي ذلك صدر قرار عن المجلس الأعلى، جاء فيه أن شهادة شهود الإثبات مقدمة على شهادة النفي، والواقعة موضوع النزاع هي القسمة التي وقع الدفع بها لرد دعوى الشفعة، وليست الشفعة التي لا نزاع فيها بين الطرفين، في الحكم الشرعي الذي يرتبه على حالة الشياع[21]. كما جاء في حكم مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى، أن ترجيح البينة العدلية على اللفيفية لا يعمل به إذا كانت اللفيفية مثبتة والعدلية نافية، إذ من المعلوم أن المثبت مقدم على النافي من غير نظر لمزيد عدالة، ولأنه لا تعارض في الحقيقة بين تينك اللفيفية والعدلية لإمكان الجمع بينهما، لقول خليل:
                       وإن أمكان الجمع بين البينتين جمع.
فإن قول العدلية لا تعلم للهالك عاصبا سوى بيت المال، لا يقتضي عدم وجود عاصب النسب، لأنه يفيد نفي العلم بوجوده، لا نفي وجوده، لمزيد علمها ،وحيث أمكن الجمع بينهما، فلا محل للترجيح أصلا[22].



خاتمة :
      إن المعرفة بأسباب الترجيح بين الحجج تشكل البوصلة التي يسترشد بها القاضي عند فصله في الحقوق وإدلاء كل طرف بحجة تنسب الحق إليه وفي غياب العلم بها يخبط القاضي خبط عشواء ويتأرجح بين حجة هذا وبينة ذاك لا يعلم ما يقدم ولا ما يؤخر ويستعصي عليه أي من الحجتين هي الأولى بالتطبيق وأي منها توجب الإبعاد وان دراستنا حاولت ملامسة بعض تلك القواعد دون الإحاطة بها لكثرها ونشير في الختام إلى بعضها والتي لم تتناوله الدراسة وهي:
-شهادة التجريح تقدم على شهادة التعديل.
-شهادة الضرر تقدم على عدم الضرر.
-النقل عن الاستصعاب.
-تقدم بينة الأصالة على الفرعية.
-بينة الإكراه مقدمة على بينة الطوع.
-بينة الصحة مقدمة على بينة المرض.
-بينة السفه مقدمة على بينة الرشد.
-بينة اليسر مقدمة على بينة العدم.
-البينة بالمعرفة أولى من البينة بالتعريف أو الوصف.



لائحة المراجع
الكتب:
Ø    إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي. مطبعة فضالة. المحمدية. الطبعة الأولى. 1977.
Ø    المعطي الحجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج ،مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء.
Ø    خالد مداوي. في بعض مبادئ الفقه الإسلامي المنظمة للعقار، مطبعة ومكتبة الشباب،الرباط.
Ø    أبو الشتاء الغازي الحسيني، التدريب على تحرير الوثائق العدلية، مطبعة الأمنية الرباط،الطبعة الأولى 1964.
Ø    عبد الرزاق احمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني، ج.2 دار إحياء التراث العربي بيروت.
Ø    عبد الوهاب خلاف. علم أصول الفقه. دار القلم الطبعة الحادية عشر 1977 .
المجلات:
v   مجلد الأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى في المادة العقارية وفي مادة الأحوال الشخصية. المجلد الثامن. مطبعة ادكل. الرباط.
v   مجلد قضاء المجلس الأعلى،أعداد 39 -53/54-55-28 -37-38-
v   قضاء المجلس الأعلى، الجزء الثاني، المادة المدنية 1983-1991
v   النشرة الإخبارية للمجلس الأعلى عدد 7 سنة 2000.



المقدمة......................................................................1

المبحث الأول: أسباب الترجيح الشكلية......................................5

  المطلب الأول: من حيث التاريخ...........................................5

    الفقرة الأولى: البينة المؤرخة تقدم على العارية من التاريخ...............5

    الفقرة الثانية: قدم التاريخ................................................7

  المطلب الثاني: من حيث العدالة والعدد.....................................9

    الفقرة الأولى: سبب الترجيح استنادا إلى العدالة..........................9

    الفقرة الثاني: معيار العدد عند التساوي في العدالة......................10

المبحث الثاني: أسباب الترجيح الموضوعية................................11

  المطلب الأول: سبب الترجيح من حيث التملك............................11

     الفقرة الأولى: سبب التملك أو أصل المدخل............................11

     الفقرة الثانية: بينة الملك أرجح من بينة الحوز والحيازة بشروطها مرجحة على بينة الملك............................................................13

   المطلب الثاني: من حيث التفصيل والإثبات والنفي.......................17

     الفقرة الأولى: ترجيح البينة المفصلة على المجملة.....................17

     الفقرة الثانية: البينة المثبتة مرجحة على النافية.......................18

الخاتمة....................................................................20

لائحة المراجع.............................................................21

الفهرس...................................................................22

الفهرس






[1]  إدريس العلوي العبدلاوي. وسائل الإثبات التشريع المدني المغربي. مطبعة فضالة. المحمدية. الطبعة الأولى 1977 ص 12.
[2]  عبد الرزاق أحمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني ج 2 .دار إحياء التراث العربي. بيروت ص 14.
[3] إدريس العلوي العبدلاوي،م.س .ص 25.
[4]  ينص الفصل 319 من ق.ل.ع تنقضي الالتزامات بما يأتي:  الوفاء-2-استحالة التنفيذ-3- الإبراء الاختياري- التجديد-5- المقاصة-6- اتحاد الذمة -7- التقادم-8- الإقالة الاختيارية..

[5] قرار رقم 14789 بتاريخ 17/12/1985 ملف شرعي رقم 2385 –قضاء المجلس الأعلى عدد 39
[6]  عبد الوهاب خلاف. علم أصول الفقه. دار القلم .الطبعة الحادية عشرة 1977 ص 12
[7]  المعطي الحجبوجي. القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء ص 170.
[8]  خالد مداوي في بعض مبادئ الفقه الإسلامي المنظمة للعقار مطبعة ومكتبة الثبات الرباط ص 106.
[9]  المعطي الجبوجي،م.س ص 171.
[10] قرار عدد 48 14/1/1985 ملف مدني رقم 971348 قضاء المجلس الأعلى عدد 53/54 ،ص 19
[11] قرار عدد 84 بتاريخ 4/1/1985 قضاء المجلس الأعلى. الجزء 2/83-91 ،ص 445
[12] حكم رقم 33 بتاريخ 15/3/1941 عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى بالأعتاب الشريفة قضية رقم 3915 منشور بمجلد الأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى في المادة العقارية وفي مادة الأحوال الشخصية المجلد الثامن مطبعة ادكل الرباط.

[13]  قانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.06.56 بتاريخ 14/2/2006
[14]  أبو الشتاء الغازي الحس ني الترتيب على تحرير الوثائق العدلية مطبعة الأمنية الرباط ط 1  سنة 1964 ج 1 ص 208.
[15] قانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه ظهير 22/11/2011 منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998
[16]  قرار عدد 1407 في 13/3/1999 النشر و الإخبارية للمجلس الأعلى ع 7/ 2000 ص 7
[17]  قرارا عدد 7097 في 24/11/98 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 55 ص 22
[18]  قرار عدد 722 بتاريخ 11/12 79 قضاء المجلس الأعلى عدد 28
[19]  حكم رقم 42 في القضية 3708 بتاريخ 4/8/1942، منشور بالمجلد الثامن للأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى ،مرجع سابق، ص 298.
[20]  قرار رقم110 بتاريخ 8/5/85 ملف عن 72015 مجلة قضاء الأعلى عدد 37/38
[21] -قرار رقم 1392 بتاريخ 5/6/1985 ملف مدني رقم 719/84 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 39.
[22]  حكم عدد 47 بتاريخ 13 مارس 1943 قضية عدد 3516 أحكام مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى ،مرجع سابق، ص 338.
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *