-->

مسطرة المقرر

 

" مسطرة المقرر "
      من إعداد السيد : عبد الصمد شرحبيلي 
منتدب قضائي اقليمي بالمحكمة التجارية بأكادير
من هو المقرر ؟
المقرر قاض عضو من بين أعضاء هيئة الحكم الجماعية فهو ليس بقاض حكم فرد، ويمثل دوره أساساً داخل هيئة الحكم الجماعية في اتخاذ كافة إجراءات التحقيق في القضية المعين لها.
ويأخذ المقرر تسميته من التقرير الذي يضعه عند إنهاء التحقيق، هذا التقرير يتضمن عوارض المسطرة واستيفاء الشكليات القانونية وتحليل الواقع ووسائل دفاع الأطراف ، مع ذكر مستنتجات وبيان النقط التي يجب الفصل فيها دون أن يبدي المقرر رأيه فيها ( الفصل 342 من ق.م.م)
ويتميز المقرر في القانون المغربي بسلطات تنقيبية  واسعة ، أهمها على الإطلاق إمكانية إصدار المقرر أوامر بإجراءات التحقيق كالخبرة والمعاينة والأبحاث ، بينما في القوانين المقارنة من القانون الفرنسي لا يملك المقرر هذه الصلاحية بحيث يكتفي باقتراحها على هيئة الحكم الجماعية.
ويمكن أن نضيف إليها إنهاء المقرر للتحقيق بإجراء  تنقيبـي يسمى الأمر بالتخلي وهو إجراء إجباري يضع حدا لتبادل الخصوم لمذكراتهم وإيداع مستنداتهم وحججهم.
شروط تعيين المقرر والإعفاء من التحقيق :
1- شروط تعيين المقرر :
إن تعيين المقرر للتحقيق في قضية معينة يتوقف على توافر شرطين هما :
1- أن تتشكل هيئة الحكم من قضاء جماعي، فهي القضايا التي تبت فيها المحاكم من قاض فرد فإنه لا يتم تعيين قاضي مقرر بل قاضي مكلف بالقضية.
2- أن يتطلب البت في القضية إجراء تحقيق.
فوجود قاضي أو مستشار مقرر في القضية مرتبط بوجود مرحلة التحقيق فإذا استغني عن التحقيق لم تعد هناك ضرورة لتعيين القاضي أو المستشار المقرر.
الإعفاء من التحقيق :
لقد نص المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية على حالات معينة بذاتها تعفى فيها المحكمة من إجراء تحقيق، بحيث يتم الانتقال مباشرة من تقييد الدعوى الى مرحلة الحكم، وذلك دون أن يتم تعيين القاضي أو المستشار المقرر، ونعتقد أنه في هذه الحالات لا يتم تبليغ نسخة المقال للطرف المدعى عليه لأن ذلك يشكل ايداناً بافتتاح التحقيق وهو الأمر الذي استغني عنه.
ويمكن أن نصنف الحالات التي أجاز فيها المشرع المغربي الإعفاء من التحقيق إلى نوعين: أولهما عدم مراعاة شكليات المقال ثانيهما معرفة حل القضية مقدما بصفة تقنية .
تعيين المقرر واستبداله وتسليمه ملف القضية:
1- من يقوم بتعيين المقرر؟
بالنسبة للمحاكم يقوم بتعيين القاضي المقرر رئيس المحكمة ( الفقرة الأولى من المادة 14 من ق م ت ) أو الرئيس الأول. أما بالنسبة للمجلس الأعلى فلا يقوم بتعيين المستشار المقرر الرئيس للمجلس الأعلى بل رئيس الغرفة المختصة أي رئيس الغرفة التجارية.
و لا يوجد نوع يمنع الجهة التي تتكفل بتعيين المقرر من تعيين نفسها للقيام بهذا الدور في قضية معينة، فليس هناك مثلا ما يمنع رئيس المحكمة أو الرئيس الأول من تعيين نفسه مستشاراً مقرراً للتحقيق في قضية تجارية معينة .


2- من يقوم باستبدال المقرر أو تعويضه؟
إن الجهة القضائية التي تتوفر على سلطة تعيين المقرر هي التي لها وحدها حق استبدال أو تعويض بمقرر آخر إذا ما اقتضت الضرورة ذلك.
فلا يحق للمقرر المعين أن يعين خلفاً له أو يستبدل نفسه ما لم يكن هو نفسه الجهة القضائية التي لها حق التعيين.
3- هل يبلغ الخصوم بتعيين المقرر :
إن  تعيين المقرر أو استبداله أو تعويضه إجراء داخلي للمحكمة فهو إجراء لا يهم الخصوم، وبالتالي فإنه لا ضرورة تقتضي تبليغهم بهذا الإجراء ، على خلاف تعيين الخبير أو استبداله و الذي سيتوجه فيه تبليغ الخصوم.
4- متى  يسلم ملف القضية إلى المقرر ؟
لقد  حرص المشرع المغربي على أن يتم تسليم ملف القضية إلى المقرر في أقرب وقت وذلك رغبة منه في الإسراع بالمسطرة ، و قد ذهب به الحرص إلى تحرير أجل لذلك احتسبه على أساس الساعات لا الأيام أو الأسابيع.
فبالنسبة  للمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية بتعيين على رئيس المحكمة التجارية و الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية أن يسلم ملف القضية إلى القاضي أو المستشار المقرر خلال أربع وعشرين ساعة اللاحقة لتعيين القاضي أو المستشار المقرر ( المادتان 14 و 19 من ق م ت ).
4- الأمر بتبليغ المقال :
يصدر  القاضي المقرر أمام المحاكم التجارية بمجرد تسلمه ملف القضية أمراً قضائيا بتبليغ المقال للطرف الآخر .
ومن  المفيد بيانه أن تبليغ المقال و المذكرات الدفاعية من طرف القاضي يأخذ شكل أوامر قضائية ونرى أن في ذلك تعبيراً من المشرع عن رغبته في إبراز الدور التنقيبي الذي يمارسه القاضي في هذه المرحلة.
فتبليغ  المقال والمذكرات الدفاعية لا يتم مباشرة بين الخصوم أو وكلائهم كما هو الحال في المسطرة الاتهامية، بل لا بد من وساطة القاضي، فهو الذي يمثل صلة وصل بين الخصوم، صلة وصل لا يمكن تجاوزها و لا محيد عنها .
أما  بالنسبة للأجل الذي يتعين فيه على المقرر إصدار الأمر بتبليغ المقال فالفقرة الثانية من المادة 14 من ق م ت تشير إلى أن الاستدعاء الذي يكون مرفقا بالمقال يجب أن يكون "لأقرب جلسة " يحددها المقرر بمعنى أن التبليغ بالاستدعاء و المقال يجب أن يكون في أقرب الآجال.
تعيين المقرر لأول جلسة علنية :
يتعين  على القاضي المقرر عند إصداره أمراً بتبليغ المقال أن يعين في نفس الوقت تاريخ النظر في القضية في أول جلسة علنية تعقدها هيئة الحكم الجماعية بكامل اعضائها (المادتان 14و19 من ق م ت ) .
تسيير المسطرة بالجلسة أو إرجاع القضية إلى المقرر :
وبعد  ذلك يدرج ملف القضية أمام هيئة الحكم بالجلسة العلنية فإذا كانت القضية جاهزة للحكم أمكن للمحكمة التجارية أن تؤجلها إلى أقرب جلسة أو أن ترجعها إلى القاضي المقرر و في جميع الأحوال يتعين على القاضي المقرر أن يحيل القضية من جديد إلى الجلسة داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر ؟ وذلك طبقاً للمادة 16 من قانون إحداث المحاكم التجارية .
وبمقارنة  هذه المادة مع الفصل 333 من ق م م  الذي جعل التحقيق في القضية واصدار الأوامر بتبليغ المذكرات الدفاعية في يد القاضي المقرر ليس غير.
أما  المادة التجارية 16 جاءت لتجعل تسيير المسطرة والتحقيق في القضية بيد هيئة الحكم أساسا وبصورة استثنائية يمكن لها أن تقرر تفويض المقرر بذلك فهيئة الحكم الجماعية من حقها ان تعمد إلى تداول أو تبادل المذكرات الدفاعية بالجلسة العلنية و لا تحيلها على المقرر، هذا الاتجاه له مزاياه وعيوبه، فمن مزاياه انه يساعد على الإسراع في تسيير المسطرة والبت في القضايا، فضلا عن كونه لا يرهق المقرر وكتابة الضبط بأعمال وإجراءات كثيرة ومركبة يقتضيها تبليغ المذكرات  تتبع آجال الردود .
على  أن له عيوباً أشار إليها منشور وزير العدل رقم 529 بتاريخ 31/04/1970 بقوله : " ولقد ترتب عن إهمال المسطرة النتائج التالية :
1-           تعطيل نصوص قانونية مازال العمل جارياً بها.
2-           عدم مراقبة الإجراءات من لدن العضو المقرر.
3-   إدخال القضايا للمداولة تم اكتشاف أنها غير جاهزة للحكم بعد ذلك، خاصة وأن رئيس الجلسة الذي يقرر في هذا المجال لا يكون له الوقت الكافي للإطلاع على ما تحتويه كل الملفات التي تصل إلى المئات أحياناً، و استيعاب العرائض والمذكرات التي تشتمل عليها، و ما إذا كانت الاجراءات قد استوفت أو انصرمت آجالها وغير ذلك، فيعمد إلى إدخالها للمداولة ثم يتبين أثناء وذلك تحتم قيام طرف بإجراء ما أودعموته إليه، فتخرج منها لتعاد إلى الجلسة وهكذا دواليك.
4-   صعوبة تقدير أصالة طلبات المحامين وجدية التماساتهم في الجلسات وبالتالي الأمر بإجراء معين، قد لا يكون مناسباً.
ففي المادة 16 التجارية أعطت هيئة الحكم الأولوية في تسيير المسطرة، ويتعلق بالخصوص بالقضايا التجارية ( أوراق تجارية ، إفلاس بيع الأصل التجاري ..) كما حددت مدة ثلاثة أشهر للتحقيق في القضية وأجل قيد به المقرر في ظل قانون إحداث المحاكم التجارية.
وهذا القيد تحول دون التزام به عدة عوائق ويطرح مشاكل عديدة منها :
1-     الأجل تستغرقه المدة اللازمة لقيام كتابة الضبط بالإجراءات المنوطة بها، وكذا آجالات التبليغ و الاستدعاء، و مهل إعداد الدفاع و الإطلاع على المذكرات والوثائق.
2-     الإجراءات المتخذة من طرف المقرر كالمعاينة أو  التحقيق في دعوى الزور الفرعي أو إجراء الخبرة وما تطلبه ذلك من تحرير الحكم وطبعه وتوقيعه وتبليغه، وضع المصاريف لتنفيذ بعض الإجراءات، و إشعار الخبير واستدعاء الخبير للأطراف وإنجاز الخبرة .
3-     أن المقرر لا يمكن له أن يرفع يده عن القضية إلا بعد استصداره أمرا بالتخلي وتبليغ الأطراف به مع استدعائهم للجلسة العلنية. ففضلا عن المدة التي يتطلبها تنفيذ هذا الإجراء. فكيف للمقرر أن يصدر أمراً بالتخلي بالرغم من أن القضية غير جاهزة للبت فيها ويضطر القاضي المقرر إلى إحالة الملف على الجلسة العلنية دون إصدار أمر بالتخلي أحياناً.
كما تقضي هيئة الحكم الجماعية بالقيام بالأمر بجميع الإجراءات التي تتطلبه القضية قبل إحالة الملف على المقرر .
الأوامر بتبليغ المذكرات الدفاعية :
الأصل أن تودع مذكرات الدفاع وكذلك الردود بكتابة ضبط المحكمة، على أن بالإمكان أن يقوم الأطراف بتسليمها مباشرة لهيئة الحكم بالجلسة وذلك ع ندما تتولى هذه الأخيرة تسيير المسطرة بدل المقرر.
ولما كان عدد المذكرات التي يمكن تبادلها بين الأطراف غير محدد قانوناً فباستطاعة الهيئة أو المقرر حسب الأحوال أن يضعا حدا لتبادل الخصوص لمذكراتهم وذلك برفض تبليغ المذكرة الأخيرة للخصم إذا ما قُدر أنها لا تتضمن أي عنصر جديد أو بإصدار أمر بالتخلي كما لا تقوم المحكم بتبليغ المذكرات الدفاعية المدلى بها من طرف الخصم بعد صدور الأمر بالتخلي بحيث يتعين سحب تلك المذكرات والمستنتجات من ملف القضية وتودع في كتابة الضبط رهن الإشارة أصحابها ويستثنى من ذلك المستنتجات الرامية إلى التنازل ( ق 335 من ق.م.م) .
آجال الردود :
يمنح القاضي المقرر أجلا كافيا ومعقول للرد على المقال أو المذكرة. ويبتدئ أجل الرد من التاريخ الذي يتوصل فيه الخصم توصلا قانونياً بمذكرة خصمه وتعتبر آجال الردود ملزمة للخصوم بحيث يحق له إنهاء التحقيق بمجرد انتهاء اجل الرد ،و لا يعتبر موقفه هذا خرقا لحقوق الدفاع غير أن العمل القضائي أظهر مرونة في تحديد آجال الردود الممنوحة.
الأمر بالتخلي :
يصدر القاضي المقرر أمراً بالتخلي إذا اعتبرت القضية جاهزة للمحكمة وتعتبر القضية كذلك :
-      إذا أسند الأطراف النظر .
-      إذا سكت أحد الأطراف عن الجواب إذا انقضى أجل الرد.
-      إذا أدلى الخصم مذكرة لا تتضمن عنصراً جديداً و لم يظهر للمقرر ضرورة تبليغها للأخر.
ويتعين تبليغ الأمر بالتخلي للخصوم فإذا عرضت القضية بالجلسة ولم تبلغ أحد الأطراف بالأمر بالتخلي وجب على الهيئة أن تعيد لهم التبليغ. والأمر بالتخلي أمر غير قابل لأي طعن.
إذا أصدر المقرر أمراً بالتخلي وجب عليه أن يرفع يده عن القضية بحيث لم يعد له الحق في التراجع عن هذا الأمر، غير أنه يجوز لهيئة الحكم وبقرار معلل أن تقرر إعادة القضية إلى المقرر في حالتين استثنائيتين نص عليهما الفصل 335 من ق م  م .
1-   إذا طرأت بعد أمر الإحالة واقعة جديدة من شأنها أن تأثر على القرار.
2- إذا تعذرت إثارة واقعة قبل امر الإحالة خارجة عن إرادة الأطراف و الطالب أن إرجاع القضية إلى المقرر قصد إجراء تحقيق تكميلي في القضية يكون بناء على طلب يقدمه أحد الخصوم، و قد اصطلح على تسمية هذا الطلب بطلب العدول عن الأمر بالتخلي .
ويتضمن الأمر بالتخلي تعينا للجلسة العلنية الجماعية التي ستعقد.
وهنا يرجع القاضي المقرر يده عن الملف ليروج في جلسات هيئة الحكم الجماعية حتى يتم إصدار حكم بشأنه فينتهي مصيره في هذه المرحلة من مراحل التقاضي.













ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *