-->

سلطة قاضي الموضوع في تقدير التعويض


سلطة قاضي الموضوع في تقدير التعويض
عبد الرحمان الشرقاوي
دكتور في الحقوق/ جامعة محمد الخامس
باحث في القانون المدني وقانون الاستهلاك

1. منذ البداية نشير إلى أن قاضي الموضوع يتمتع بسلطة واسعة في تقدير التعويض عن الأضرار التي تصيب الشخص سواء في المجال العقدي أو التقصيري، على اعتبار أن مسألة التقدير تعتبر من مسائل الواقع التي لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى[1] كقاعدة عامة.

2. ويستفاد من ذلك، أن الأصل هو أن للقاضي سلطة تقدير التعويض في طبيعته ومداه ولا يمكن مخالفة هذا الأصل إلا في حالة وجود مقتضى قانوني أو اتفاق صحيح. وتبقى القاعدة العامة، أنه متى اكتملت شروط المسؤولية المدنية وجب التعويض لجبر الضرر ومحو آثاره على قدر الإمكان وحق المتضرر في التعويض إنما ينشأ عن الخطأ الذي اقترفه المسؤول؛ ومن ثم يترتب في ذمته هذا الالتزام بالتعويض من وقت اكتمال أركان المسؤولية لا من وقت وقوع الضرر.

3. وما تنبغي الإشارة إليه، أن تقدير التعويض من قبل القاضي يكون وقت حكمه بالتعويض لطالبه حكما نهائيا، والعلة في ذلك أن مقدار التعويض قد يزيد عن تقديره وقت حدوثه. كما يجب على المحكمة أن تدخل في اعتبارها وهي تقوم بتقدير التعويض جسامة الخطأ الصادر عن المسؤولية وتراعي ما إذا كان الضرر الذي أصاب المضرور قد نجم نتيجة خطأ عادي أم نتيجة تدليس من المسؤول، وهو الأمر الذي أكد عليه الفصل 98 من ق.ل.ع.م.

4. وبشكل مختصر فإنه خارج الحالات التي يتدخل فيها المشرع لجعل التعويض محدد بشكل جزافي[2]، أو الحالة التي يتفق فيها الأطراف على تقدير التعويض بشكل مسبق في إطار ما يعرف بالشرط الجزائي[3]، فإن قضاة الموضوع يتمتعون بسلطة واسعة ومستقلة في هذا المجال، ومن ثم فإن نطاق رقابة المجلس الأعلى يضيق بشكل كبير (الفقرة الأولى)؛ لكن ذلك لا يعني أن سلطة قاضي الموضوع  تتجاهل العناصر التي حددها المشرع المغربي على غرار غيره من التشريعات المقارنة، حيث تعتبر من قبيل التكييف القانوني الذي لا يستقل به قاضي الموضوع (الفقرة الثانية). 

الفقرة الأولى: استقلال قاضي الموضوع عن رقابة المجلس الأعلى في تقدير التعويض
5. أكد المجلس الأعلى على هذه القاعدة في العديد من قراراته؛ من ذلك قراره الصادر بتاريخ 12 يناير 1983، والذي جاء فيه "إن تقدير التعويض خاضع للسلطة التقديرية للمحكمة وأن المحكمة عندما اعتبرت أن المبلغ المقضي به ابتدائيا يتسم بالشطط وقضت بالتعويضات التي ارتأتها مناسبة للضرر الحاصل للطاعنين، تكون قد عللت تعليلا كافيا وصحيحا."[4].

6. بمعنى أن القضاء يتمتع بسلطة واسعة في تقدير التعويض، على اعتبار أنه الجهة المخولة لتحديد كيفية جبر الضرر الحاصل (أولا)، وهو ما جعل مختلف النظم القانونية تجعل من هذا المبدأ قاعدة عامة، وذلك تفاديا للإشكالات التي يمكن أن تترتب على تدخل المشرع لإلزام القاضي بإتباع طريقة معينة فيما يتعلق بكل نوع معين من الأضرار؛ ومن ثم فإن القاضي يتمتع بسلطة واسعة في تحديد طبيعة التعويض (ثانيا).

أولا: تمتع القاضي بسلطة واسعة فيما يتعلق بمقدار التعويض الذي يحكم به
7. يشكل هذا المبدأ قاعدة عامة، على اعتبار أن الأضرار الممكن وقوعها في الحياة العملية لا حصر لها ومن المستحيل على المشرع أن يحيط بها إحاطة شمولية، وحتى على افتراض حصول ذلك "المستحيل" فإنه لن يحقق العدالة في مختلف الصور، ومن ثم فإن العديد من التشريعات لاسيما الحديثة منها نصت على سلطة القاضي في اختيار الطريقة الأمثل لجبر الضرر؛ من ذلك القانون المدني المصري في المادة 171 منه، الذي جاء فيها "يعين القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف ويصح أن يكون التعويض مقسطا، كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأمينا"، ونفس الشيء نصت عليه المادة 209 مدني عراقي.

8. وبالرغم من أن المشرع المغربي لم يحدد طريقة معينة للتعويض، فإن لقاضي الموضوع في حدود طلب المدعي سلطة تقديرية مطلقة في تحديد طريقة ومدى تعويض الضرر المترتب عن الفعل الضار، دون أن يكون خاضعا لرقابة المجلس الأعلى، وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى بتاريخ 29 ماي1969[5] "للمحكمة الحق المطلق في تحديد قدر التعويض دون أن يخضع لمراقبة المجلس الأعلى، وليس هذا من باب الشطط في استعمال السلطة"؛ وفي قرار أخر للمجلس الأعلى بتاريخ 17 نونبر 1962[6] "لمحكمة الأساس سلطة تقديرية مطلقة لتعيين مبلغ التعويض المحكوم به للمتضرر، وليس عليها أن تعلل هذا المبلغ لأسباب خاصة"[7].

9. كما أن القضاء الإداري المغربي سار على نفس المنوال، فقد ذهبت الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى على أنها غير ملزمة بالتعويض التي حددته اللجنة الإدارية للتقييم في إطار نزع الملكية للمنفعة العامة[8]، لأن اقتراحها غير ملزم، بل إن للمحكمة وحدها السلطة التقديرية لتحديد قيمة العقار دون إجراء الخبرة عليه. وحتى في حالة تحديدها، فإن المحكمة غير ملزمة بما توصلت إليه الخبرة من أجل تحديد قيمة التعويض المناسب[9].

10. وهذا ما سار عليه القضاء الفرنسي، حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية[10] إلى أن تحديد مبلغ التعويض يتم بطريقة واقعية ومطلقة من طرف قضاة الموضوع، ما لم يوجد هناك نص أو اتفاق يحدد مقداره. 

11. وإذا ما عدنا للقضاء العربي، نجده هو الأخر سلك نفس الموقف الذي اعتمده القضاء المغربي والفرنسي، فقد جاء في قرار لمحكمة التعقيب التونسية بتاريخ 28 أبريل 1966[11] "تقدير مبلغ التعويض موكول لاجتهاد قاضي الموضوع، ويكفي لتعليل قضائه أن يستند إلى شدة الإصابة التي لحقت مدى الضرر". وتكريسا منها لهذا القرار، جاء في حيثيات قرار أخر لمحكمة التعقيب التونسية ما يلي "وحيث لا جدال أن تقدير الضرر هو من إطلاقات قاضي الموضوع ولا تتدخل فيه محكمة التعقيب ما دام كان ذلك في نطاق القانون وحدود الطلب"[12].   

12. وبالرغم من أن القضاة غالبا ما يستعينون بالخبراء للوصول إلى التقدير الصحيح للتعويض، على اعتبار أنه يصعب عليهم الإلمام في كثير من الأحيان بنتائج وعواقب الأضرار، ومن جهة ثانية بهدف جعل أحكامهم أكثر إنصافا وسعيا لتحقيق العدالة، ما دام أن الغاية من التعويض هي جبر الضرر، وبالرغم من ذلك فإن رأي الخبراء غير ملزم للقضاة[13].

13. وإذا كان تعويض الضرر أحيانا يسهل تقديره، كما في الحالة التي يتمثل فيها الضرر في إتلاف شيء مادي معروفة قيمته، وأيضا بالنسبة للمصاريف التي ينفقها المصاب من أجل العلاج، فإنه كثيرا ما يصعب فيه تقدير التعويض بالنظر إلى طبيعة الأضرار التي تلحق بالشخص، كما في حالة الأضرار الجسمانية،[14] فكيف يمكن تحديد قيمة عين الإنسان أو أحد أطرافه؟ ونفس الشيء ينطبق على الضرر الأدبي، حيث يصعب تحديد قيمة مشاعر الحزن والأسى التي تنتاب المتضرر، فبالأحرى تلك التي تلحق أقربائه[15]؟ وبالتالي كيف يمكن للمجلس الأعلى أن يراقب محاكم الموضوع أثناء تقديرها للتعويض عن هذا النوع من الأضرار؟ ومن ثم، فإن الحل الأمثل يتمثل في منح المحكمة سلطة تقديرية فيما يتعلق بهذه النقطة، من أجل الوصول إلى تعويض عادل يخدم مصلحة الطرفين.

14. قد يبدو أن مسألة تقدير التعويض ما دامت موكولة لقاضي الموضوع، فإنها لا تثير إشكالات معينة كلما احترم هذا الأخير العناصر المكونة للضرر. لكن الواقع يكشف خلاف ذلك، بالنظر للإشكالات التي تحيط بمسألة تقدير التعويض، لاسيما حينما يتغير عنصر الضرر، والحال أن لهذا التغيير صورا متعددة، نقتصر على ذكر أهمها، والتي نختزلها في صورتين:

الصورة الأولى: تفاقم الضرر أو تناقصه واختفائه
15. في هذه الصورة يؤكد الفقه ومعه القضاء على أن العبرة في تحديد الضرر -في الحالات التي لا يبقى فيها الضرر على الحالة التي حدث بها  من وقت حدوثه إلى تاريخ الحكم وإنما تزداد وتتفاقم خطورته- هو تاريخ الحكم، شريطة أن يكون الضرر قد حدث نتيجة مباشرة لخطأ المسؤول دون تدخل لسبب أجنبي أدى لتفاقم الضرر، وأن لا يثبت إهمال في جانب المتضرر كان السبب في تفاقم الأضرار التي لحقت به.

16. وبالنظر لأهمية هذا الشرط الثاني، فإن الكثير من التشريعات حرصت على التنصيص عليه بشكل صريح، ومن هذه التشريعات نذكر القانون المدني المصري الجديد الذي أشار بمقتضى المادة 221 منه على أنه إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره. ويشمل التقدير ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به. ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول.  

         الصورة الثانية: التغير الحاصل في الضرر بين تاريخ حدوث الخطأ ووقت تحقق الضرر
17. على اعتبار أن الحق في التعويض ينشأ وقت تحقق الضرر، فإن التغير الحاصل بين حدوث الخطأ وتحقق الضرر يعتد به إيجابا وسلبا، وقد أعطى أستاذنا الدكتور أحمد الخمليشي[16] أمثلة حية لذلك، منها أن الزوجة التي يتزوجها الضحية بعد الحادثة والولد الذي تحمل به أمه بعد الحادثة أيضا كلاهما يستحق التعويض عن حرمانه من النفقة بسبب وفاة الزوج أو الأب نتيجة تلك الحادثة السابقة، لأن حق التعويض نشأ وقت الوفاة حيث كانت علاقة الزوجية والأبوية قائمة ومن ثم لا أثر لتاريخ الحادثة الذي لم يكن فيه للضحية زوجة أو ولد.

وعلى العكس من ذلك، يرى أستاذنا الدكتور أحمد الخمليشي، أنه إذا كان الضحية متزوجا وقت الحادثة وطلق بعد ذلك ثم توفي نتيجة تلك الحادثة فإن زوجته المطلقة لا تستحق أي تعويض.

18. غير أن المشرع المغربي خرج عن هذا المبدأ في المادتين 93 و105 من قانون حوادث الشغل، حينما اشترط أنه لاستحقاق الإيراد ينبغي أن يكون الزواج أو الحمل بالولد قد تم قبل الحادثة، فقد جاء في المادة 93 على أنه "يمنح إيراد عمري إلى الزوج المتوفى عنه غير المطلق أو المفصول عن الفراش بشرط أن يكون النكاح قد انعقد قبل  الحادثة"، بينما نصت المادة 105 على أنه "لا يحول الحق في الإيرادات أعلاه إلا للأولاد الشرعيين والأولاد المعترف بهم قانونيا أو الأولاد الطبيعيين المعترف بهم قبل وقوع الحادثة وأولاد التبني بشرط أن يقع هذا التبني قبل الحادثة وكذلك للأولاد الطبيعيين الصادر في شأنهم اعتراف قضائي بشرط أن تحمل بهم أمهاتهم قبل وقوع الحادثة".

19. وكما يتمتع القاضي بسلطة واسعة فيما يتعلق بمقدار التعويض الذي يحكم به، فإن له نفس السلطة من حيث طريقة التعويض التي يراها مناسبة، حيث بإمكانه أن يقرر تعويضا نقديا أو غير نقدي كما يستطيع أن يحكم بتعويض عيني كما سنرى في الفقرة الموالية.

ثانيا: تمتع القاضي بسلطة واسعة في تحديد طبيعة التعويض
20. نقر منذ البداية على أن المشرع المغربي لم يتعرض لبيان أنواع التعويض التي يمكن الحكم بها في ميدان المسؤولية المدنية بوجه عام، وفي الوقت نفسه لم يبين مدى السلطة التي تتمتع بها المحكمة لتبني هذا النوع أو ذاك من أنواع التعويض.

21. وفي الوقت الذي أغفل فيه المشرع المغربي هذا البيان، فإن تشريعات أخرى نهجت نهجا مخالفا، كما هو الشأن بالنسبة للقانون المصري، الذي تطرق لأنواع التعويض بمقتضى المادتين 170 و171 من القانون المدني المصري الجديد، حيث جاء في الأولى "يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المتضرر طبقا لأحكام المادتين 221 و222 مراعيا في ذلك الظروف الملابسة فإن لم يتيسر له وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعيينا نهائيا فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير". أما المادة 171 فحددت بشكل دقيق أنواع التعويض بقولها على أنه "1: يعين القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف ويصح أن يكون التعويض مقسطا كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا، ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأمينا.
2: ويقدر التعويض بالنقد، على أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع وذلك على سبيل التعويض".

22. غير أن ذلك لم يمنع القاضي المغربي من الحكم بمختلف أنواع التعويضات التي تطرقت إليها التشريعات المقارنة سيرا على نهجها وأيضا لكون قانون الالتزامات والعقود المغربي لم يغفل الإشارة لهذه الأنواع من التعويضات بمقتضى نصوص خاصة؛ كما لم يغفل التطرق للعناصر التي يتعين على قاضي الموضوع أن يأخذها بعين الاعتبار، كما سنتطرق لذلك في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: حدود سلطة قاضي الموضوع في تقدير التعويض
23. كما قلنا منذ البداية، فإن قاضي الموضوع هو الذي يستقل بتقدير التعويض، على أساس أن تكون العناصر التي اعتمدها في الضرر صحيحة، مما يدل على أنها وحدها العناصر التي تدخل في تحديد الضرر تخضع لرقابة المجلس الأعلى في تكييفها. وفي هذا الصدد ذهب المجلس الأعلى في قرار له بتاريخ 3 يوليوز 1969 على أن "تحديد مبلغ ما كتعويض في حدود ما طالب به المدعي بالحق المدني للتعويض الناشئ عن الجريمة يرجع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع ولا شيء يحتم عليهم، ما لم تقم لديهم منازعة بشأن عنصر بعينه من عناصر الضرر، أن يبرروا بأسباب خاصة مبلغ ما يحكمون به من تعويض"[17].

24. بمعنى أنه إذا كان تقدير التعويض يخضع لسلطة المحكمة التقديرية كما قلنا دون أن تخضع في ذلك لرقابة المجلس الأعلى، فإن الأمر ليس مطلقا في جميع الحالات المتعلقة بالتعويض. فهي إن كانت تستقل في تقرير مقدار التعويض فإنها ليست كذلك فيما يتعلق بتعيين عناصر الضرر الذي يجري التعويض عنها، حيث تعتبر من قبيل التكييف القانوني الذي لا يستقل به قاضي الموضوع.

24 مكرر. ذلك أن الضرر الذي يجب التعويض عنه يتعين أن يكون محققا لا احتماليا، وأن يكون ناشئا بشكل مباشر عن الفعل الضار سواء كان خسارة لحقت المصاب أو كسبا ضاع عليه، وفي مجال المسئولية العقدية يتعين أن يكون الضرر متوقعا، حيث يعتبر توافر هذه العناصر مسألة قانونية يتوقف عليها جواز الحكم بتعويضه من عدمه، وفي تقدير القاضي لهذه العناصر يخضع لرقابة المجلس الأعلى[18]. وسنتناول هذه العناصر في محورين مميزين بين العناصر العامة والخاصة التي وضعها المشرع كضوابط ملزمة لقاضي الموضوع في تقدير التعويض.

أولا: العناصر العامة لتقدير التعويض
25. لقد حرص المشرع في العديد من الدول إلى التنصيص على بعض العناصر التي يتعين على القاضي الامتثال لها، وقد وردت على مستوى القانون المغربي في الفصلين 98 و 264 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، حيث جاء في الأول منه "الضرر في الجرائم وأشباه الجرائم، هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلا والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب أضرارا به وكذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل. ويجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطإ المدين أو عن تدليسه".

وجاء في الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود المغربي "الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام، وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه". من خلال النصوص السابقة، نستطيع أن نستخرج عناصر التعويض بصورة واضحة، وذلك على النحو التالي:

26. أ: إن التعويض لا يشمل سوى الضرر المباشر، تعلق الأمر بالمسؤولية التقصيرية أم العقدية، ومن ثم فإن القاضي يكون ملزما باستبعاد الأضرار غير المباشرة في المسؤوليتين معا، والضرر المباشر هو الذي لا يمكن للمتضرر أن يتجنبه ببذل جهد معقول.

27. وقاعدة حصر التعويض في الأضرار المباشرة قاعدة قديمة، أخذ بها القانون الروماني وأيضا القانون الفرنسي القديم، ودافع عنها دفاعا سديدا كلا من دوما وبوتييه[19]، وقد مثل لها هذا الأخير بالمثال المعروف لدى الفقهاء والمتمثل في البقرة الموبوءة، حيث افترض من خلال هذا المثال بيع بقرة موبوءة بمرض الطاعون ونتيجة لاختلاط هذه البقرة بغيرها من الأبقار التي كانت مملوكة للمشتري فإن عدوى المرض انتقلت إلى هذه الأبقار الأمر الذي تسبب في هلاكها مما اضطر هذا المشتري للاقتراض بهدف تسديد الديون التي تراكمت عليه الأمر الذي أدى إلى إفلاسه،

28. وكما ذهب لذلك أستاذنا الدكتور عبد القادر العرعاري[20] فإنه بالرغم من كون المثال الذي جاء به الفقيه بوتييه يتعلق بالضرر التعاقدي، فإنه قابل للتطبيق أيضا في الميدان التقصيري، وفي جميع الأحوال فإن الضرر القابل للتعويض هو الضرر المباشر دون غيره من الأضرار. وهذا ما كرسه المشرع المغربي، حيث أشار الفصل 264 من ق.ل.ع.م، إلى أن الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام، بمعنى أن الأضرار المباشرة هي التي تكون محل تعويض دون الأضرار غير المباشرة.

29. وهي نفسها القاعدة التي أخذث بها مدونة نابليون بمقتضى المادة 1151[21]، بل منها انتقلت إلى مختلف القوانين التي تأثرت بالمدرسة الفرنسية، كما اعتمدتها أغلب التشريعات العربية كما هو الشأن بالنسبة للمادة 212 من القانون المدني المصري[22]. 

30. إلا أن ذاك لا يعني، أن الفقه وبالخصوص الفرنسي منه أجمع منذ البداية على هذه القاعدة، بل على العكس من ذلك، فقد انقسم هؤلاء إلى اتجاهين. الأول[23] يرى أن هذه القاعدة تقتصر فقط على المسؤولية العقدية، بينما يشمل التعويض في مجال المسؤولية التقصيرية كل أنواع الضرر من مباشر وغير مباشر. وفي مقابل هذا الاتجاه كان هناك جانب أخر مهم من الفقهاء[24] يرى عكس ذلك، ويجعل من المادة 1151 مدني فرنسي تتسع لتشمل أيضا مجال المسئولية التقصيرية.

31. وبخصوص الوضع في القانون المغربي، فإننا نجزم على أنه لا محل لهذا الخلاف أو التردد في ظل وجود النص القانوني، فبالإضافة للفصل 264 من ق.ل.ع.م، الذي سبق لنا الإشارة إليه، فإنه وفي معرض تناوله للمسؤولية التقصيرية، نجد الفصل 98 من ق.ل.ع.م بين بما لا يدع مجالا للشك أو الارتياب مفهوم الضرر، والذي جاء فيه بصورة ضمنية أن التعويض عن الضرر يقتصر على الضرر المباشر، فقد جاء في هذا الفصل "الضرر في الجرائم وأشباه الجرائم، هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلا والمصروفات التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب أضرارا به وكذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل. فهذا الشق من الفقرة السابقة هو الذي يفيد على أن المشرع المغربي قصد بالأضرار القابلة للتعويض في مجال المسؤولية التقصيرية الأضرار المباشرة دون غيرها.

32. وهو الأمر الذي أكد عليه القضاء المغربي في العديد من قراراته، من ذلك القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 06 مارس 1986، والذي جاء فيه "بمقتضى الفصل 98 من قانون الالتزامات والعقود، فإنه يجب أن تكون التقديرات واضحة ومطابقة للخسارة الفعلية التي ألحقها الفعل الضار. كما يجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسب نتائج الضرر الحاصلة للمضرور.
القرار الذي لم يبرز العناصر المختلفة التي اعتمدها في التقدير يكون قد خرق مقتضيات الفصل 98 المذكور وتعرض للنقض"[25].
وفي قرار أخر له بتاريخ 25 ماي 1995، ذهب المجلس الأعلى إلى أن القرار الاستئنافي لما قضى لورثة الهالك بتعويضات مختلفة فإنه استند في قضائه على الضرر المباشر الذي أصابها نتيجة الوفاة بعدما ثبت لدى قضاة الموضوع في إطار تقييمهم للوثائق المتبثة لها[26].

33. وهو نفسه الموقف الذي سبق لمحاكم الدرجة الأولى أن سارت عليه منذ مرحلة الاستعمار، حيث قررت محكمة الدرجة الأولى بالدار البيضاء أن مسألة تقدير الضرر متروكة للقاضي وأن عليه ألا يأخذ في الحسبان سوى الضرر المباشر دون غيره[27].

34. ب: إذا كان التعويض في مجال المسؤولية العقدية يقتصر على الأضرار المباشرة المتوقعة فقط (في غير حالتي التدليس والعمد)، فإنه في مجال المسؤولية التقصيرية لا يقتصر عن الضرر المباشر المتوقع وإنما يشمل أيضا غير المتوقع.

35. وإذا كانت هذه القاعدة واضحة في العديد من التشريعات، كما هو الشأن بالنسبة للقانون المدني المصري الجديد بمقتضى المادة 221 منه، وأيضا بمقتضى المادة 1150 من مدونة نابليون، فإن المشرع المغربي لم يشر لهذه القاعدة بشكل صريح، بل على العكس من ذلك فإنه اكتفى بمقتضى الفصل 264 من ق.ل.ع.م. بالإشارة إلى أن المحكمة تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه. وهي تكاد تقترب من العبارات التي استعملها بخصوص المسؤولية التقصيرية حينما أشارت الفقرة الثانية من الفصل 98 ق.ل.ع.م، إلى أنه "ويجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو عن تدليسه".

36. ولعله الأمر الذي أدى إلى خلق اللبس في ماهية هذا النص، فالبعض من الفقه كما هو الشأن بالنسبة للدكتور سعيد الدغيمر[28] يرى على أن المشرع المغربي لم يحصر التعويض في مجال المسؤولية العقدية في الضرر المتوقع، ومن ثم فهو لا يقر بالتمييز بين المسؤولية العقدية والتقصيرية على هذا المستوى، حيث في كلاهما يشمل التعويض كلا من الضرر المتوقع وغير المتوقع. 

37. لكن جمهور الفقهاء[29] يذهب عكس ذلك، ويقرون على أن التعويض في مجال المسؤولية العقدية ينحصر فقط في الأضرار المتوقعة، ومن بين هؤلاء الدكتور عبد القادر العرعاري[30]، الذي اشترط أن يكون الضرر متوقعا لتعويضه في المسؤولية العقدية ما لم يكن ناشئا عن تدليس أو خطأ جسيم، حيث يمتد في هذه الحالة إلى الضرر غير المتوقع.

38. ونرى أن الرأي الثاني للفقه المغربي هو الذي ينسجم مع فلسفة قانون الالتزامات والعقود المغربي، بل إنه وبالرجوع لبعض النصوص القانونية الخاصة نجدها تؤكد هذه الرؤية، من ذلك المادة 464 من مدونة التجارة المغربية التي جاء فيها "يحدد الضرر الناتج عن ضياع أمتعة المسافرين ولوازمهم المسلمة للناقل دون تصريح بنوعيتها وقيمتها حسب الظروف الخاصة بكل واقعة.
غير أن الناقل لا يسأل عن الأشياء الثمينة والأشياء الفنية والنقود وسندات الدين وغيرها من القيم والأوراق أو الوثائق التي لم تقع معاينتها عند تسليمها إليه، ولا يكون ملزما في حالة ضياع الأشياء أو تلفها إلا عن القيمة المصرح بها له والمقبولة من طرفه.
إذا صدر عن الناقل أو أعوانه خطأ أو تدليس طبقت لتقدير قيمة الضرر قواعد المسؤولية التقصيرية".  

39. ج: إن القاضي لا يحدد التعويض على أساس الخسارة التي لحقت بالمتضرر من جراء الفعل الضار أو الإخلال بالالتزام التعاقدي فحسب، وإنما يشمل أيضا ما فاته من كسب، وهكذا مثلا لو أحدث شخص أضرارا بسيارة آخر، فإنه ملزم ليس بتعويض الأضرار التي أصابت السيارة فحسب، وإنما بتعويض صاحبها عما فاته من منفعة منها، جراء عدم استخدامها الفترة اللازمة لإصلاحها. كل ما هنالك أن تكون للكسب أسباب معقولة تجعله مقبولة لدى المحكمة.

 ولا يعني ذلك أنها وحدها العناصر التي ينبغي على القاضي أخذها بعين الاعتبار، بل إن المشرع أورد نصوصا خاصة تستوجب على القاضي الامتثال لها.

ثانيا: العناصر الخاصة لتقدير التعويض
40. قلنا على أن العناصر التي ينبغي على القاضي أخذها بعين الاعتبار لا تقتصر على تلك التي أوردناها في الفقرة السالفة الذكر، بل إن المشرع قد يورد نصوصا خاصة تستوجب على القاضي الامتثال لها؛ من هذه النصوص ما جاء به الفصل 754 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، والذي حدد هذه المعايير في ضرورة مراعاة العرف وطبيعة الخدمات وأقدمية أدائها، وسن الأجير أو المستخدم والخصومات المتقطعة والمدفوعات الخاصة من أجل ترتيب معاش التقاعد، وبصفة عامة كل الظروف التي تبرر وجود الخسارة الحاصلة وتحدد نطاقها.

41. وعلى اعتبار أن هذه المعايير لا تقيد نهائيا سلطة قاضي الموضوع في تقدير التعويض، الأمر الذي ترتب عنه اختلاف كبير بين القضاة في مدى هذا التقدير، فإن المشرع المغربي قد تدخل بمقتضى مدونة الشغل للحد من هذا التباين، ومن ثم قام بتحديد هذا التعويض الذي أصبح يحتسب على أساس شهر ونصف عن كل سنة من العمل كما هو مبين في المادة 41 من مدونة الشغل، والتي جاء فيها "يحق للطرف المتضرر، في حالة إنهاء الطرف الأخر للعقد تعسفيا، مطالبته بالتعويض عن الضرر.
لا يمكن للطرفين أن يتنازلا مقدما عن حقهما المحتمل في المطالبة بالتعويضات الناتجة عن إنهاء العقد سواء كان الإنهاء تعسفيا أم لا.
يمكن للأجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء إلى مسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 532 أدناه من أجل الرجوع إلى شغله أو الحصول على تعويض.
في حالة الحصول على تعويض، يوقع توصيل استلام مبلغ التعويض من طرف الأجير والمشغل أو من ينوب عنه، ويكون مصادقا على صحة إمضائه من طرف الجهة المختصة، ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل.
يعتبر الاتفاق الذي تم التوصل إليه في إطار الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل للطعن أمام المحاكم.
في حالة تعذر أي اتفاق بواسطة الصلح التمهيدي، يحق للأجير رفع دعوى أمام المحكمة المختصة، التي لها أن تحكم، في حالة فصل الأجير تعسفيا، إما بإرجاع الأجير إلى شغله أو حصوله على تعويض عن الضرر يحدد مبلغه على أساس أجر شهر ونصف عن كل سنة عمل أو جزء من السنة على أن لا يتعدى سقف 36 شهرا".

42. ومع ذلك، فإن قاضي المحكمة الأعلى درجة بإمكانه تعديل التعويض إذا تبين له أنه هزيل أو مبالغ فيه، وفي هذا الصدد ذهب المجلس الأعلى في قرار له بتاريخ 17 ماي 1993 "ثم إنه بالرجوع إلى القرار المطلوب نقضه نجد أن الحيثية الوحيدة التي ردت بها المحكمة على الدفع الذي أثاره وطالب بشأن خرق مقتضيات الفصل 754 من قانون الالتزامات والعقود هي كون التعويض مبالغ فيه وأن هذه الحيثية لم ترد على دفع العارضة، إذ كان على محكمة الاستئناف حينما ارتأت أن دفع طالب النقض مرتكز على أساس أن تقضي بخفض المبالغ المحكوم بها دون أن تتطرق إلى العناصر والشروط المنصوص عليها في الفصل 754 قانون الالتزامات والعقود والفصل 6 من قرار 23/10/1948 فإن هذا يكون نقصانا في التعليل وخرقا للفصول المثارة مما يستوجب نقض القرار.
....لكن حيث إن محكمة الاستئناف لما قضت بتخفيض التعويض عن الطرد التعسفي المحكوم به ابتدائيا عللت قرارها بما فيه الكفاية بقولها 'حيث إن التعويض المحكوم به ابتدائيا للأجير عن الطرد التعسفي مبالغ فيه بالنسبة لسن الأجير وأقدميته في العمل وأجره والضرر اللاحق به من جراء الطرد وهذا التعليل سليم لأنه اعتمد على العناصر الأساسية المنصوص عليها في الفصل 754 من قانون الالتزامات والعقود والتي ليست مثار خلاف بين الطرفين وكذا على مقتضيات الفصل 6 من قرار 23/10/1948 مما تكون معه الوسيلتان غير مرتكز على أساس. فقضى المجلس الأعلى برفض الطلب"[31].

43. ومن هذه النصوص الخاصة تلك التي حددت العناصر المعتمدة في حساب الإيراد؛ ففي حالة إصابة العامل بحادثة شغل، فإنه يستحق تعويضا يختلف بحسب طبيعة الإصابة التي تعرض لها، فأحيانا يصاب بعجز دائم كلي وفي حالات أخرى لا يلبث أن يكون هذا العجز جزئيا. غير أنه وفي جميع الأحوال، يستحق إيرادا يحتسب اعتمادا على عنصرين أساسيين أولهما الأجر السنوي وثانيهما نسبة العجز الجزئي الدائم[32].

44. أ: الأجر السنوي؛ بحسب بعض الفقه[33]، فإن المقصود بالأجر هو مجموع العناصر التي تمثل ثمن العمل، وتندرج تحت ذلك جميع القيم التي تمثل هذا الثمن سواء كان نقودا أو تجهيزات، أطعمة، أو سكنى، أو غير ذلك من المنافع المختلفة، مثل التعويض اليومي، أو المقابل وجميع المنافع العينية المتعلقة بالعطل المؤدى عنها.

45. أما بخصوص الأجر الذي يعتمد عليه في القانون الفرنسي، فهو متوسط الأجر الذي تقاضاه المصاب خلال الإثنى عشر شهرا السابقة على التوقف عن العمل بسبب الحادث، ويمثل الأجر في هذه الحالة كل ما كان يدره يحصل عليه العامل من نشاطه المهني. بمعنى، أنه يدخل في حساب الأجر كما ذهب لذلك جانب من الفقه الفرنسي[34] الأجر الذي كان يحصل عليه العامل من كل عمل إضافي كان يقوم به خارج المنشأة التي يعمل فيها والتي وقع فيها الحادث.

46. ب: نسبة العجز الدائم؛ بالرجوع للفصل 85 من ظهير 6 فبراير 1963 نجده يعرف نسبة العجز بأنها نقص من القدرة المهنية التي نتجت عن حادثة شغل، وذلك بالنسبة للقدرة التي كان يتوفر عليها الضحية قبل وقوع الحادثة. وقد اعتبر المشرع المغربي بمقتضى المادة 84 من نفس الظهير على أن مقدار العجز الدائم يحدد حسب نوع عاهة المصاب، وحالته العامة، وسنه، وقدرته الجسدية والعقلية، وكذا حسب أهليته واختصاصه المهني، بالاعتماد على جدول المقاييس المنصوص عليها في القرار المديري المؤرخ في 21 ماي 1943.

47. وخلاصة ما سبق، فإنه يتعين على القاضي أن يورد في حكمه هذه العناصر وأدلة إثباتها، والأسباب التي دفعته إلى عدم الحكم بتعويض إحداها، وإلا فإن تقديره للتعويض بشكل مبهم ومجمل دون الإشارة إلى العناصر السالفة الذكر يجعل قراره عرضة للنقض. وفي هذا الصدد ذهبت المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة في قرار لها بتاريخ 27 يونيو 1984 [35] إلى أن "محكمة الموضوع تكون ملزمة بتضمين حكمها بيانا للعناصر المكونة للضرر الذي يدخل في حساب التعويض، باعتبار أن هذا البيان من قبيل التكييف القانوني للواقع، فيعد من المسائل القانونية التي تهيمن على رقابتها المحكمة العليا".

وعلى مستوى القضاء المغربي، ذهب المجلس الأعلى في قرار له بتاريخ 7 مارس 1986 "القرار الذي لم يبرز العناصر المختلفة التي  اعتمدها في التقدير يكون قد خرق مقتضيات الفصل 98 المذكور وتعرض للنقض". وفي قرار أخر للمجلس الأعلى، بتاريخ 20 نونبر 1985، ذهبت فيه إلى أنه "يقدر التعويض على أساس ما لحق بالمتضرر من خسارة وما فاته من كسب، وعلى المحكمة أن تبرر ما اعتمدته في تقدير التعويض حتى يمكن للمجلس الأعلى من بسط رقابته بشأن حقيقة الضرر الذي لحق بالمدعي".

انتهى بعون الله وتوفيقه.





[1] يعتبر المجلس الأعلى أعلى هيئة قضائية في البلاد، وهو ليس درجة ثالثة للتقاضي، على اعتبار أن مهمته تنحصر في مراقبة صحة الأحكام الصادرة عن المحاكم، وهل وقع تطبيق القانون بشأنها أم لا.
[2]  كما هو الشأن بالنسبة لقانون 2 أكتوبر 1984 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك.
(الجريدة الرسمية عدد 3753 بتاريخ 3 أكتوبر 1984).  
[3]  أحمد ادريوش: الكراء في المدونة الجديدة للتجارة؛ الجزء السادس من سلسلة المعرفة القانونية؛ البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع/ القنيطرة، الطبعة الأولى/1998، ص:114.
فؤاد معلال: مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27.95 بتاريخ 13 يوليوز 1995؛ مجلة القانون والاقتصاد؛ العدد 14، ص:111.
فؤاد معلال: الشرط الجزائي في القانون المغربي؛ أطروحة دكتوراه في القانون الخاص؛ كلية الحقوق؛ جامعة محمد بن عبد الله/ فاس، 1992/1993.
[4]  ملف مدني عدد 68660 (غير منشور).
[5]  مجلة القضاء والقانون، 1969، ص:175.
[6]  مجلة القضاء والقانون، ع: 54، ص: 178.
[7] جاء في قرار أخر بتاريخ 19 نونبر 1959 "لمحكمة الموضوع الباتة في القضية سلطة مطلقة لتعيين قدر التعويض عن الضرر، وتخولها هذه السلطة الحق في جعل ذلك التعويض منتجا لفائدة قانونية ابتداء من تاريخ الحكم الأول....". مجلة القضاء والقانون، ع:27، مارس 1960، ص: 183.
وفي قرار آخر بتاريخ 14 فبراير 1963، ذهب المجلس الأعلى على أن "القاضي لا يكون ملزما بأن يعلل حكمه بالتعويض بتعليلات خاصة ولا بأن يبين أساسه حتى لا تكون عناصر التقدير منازعا فيها بواسطة وسائل دفاع معينة واردة في مستنتجات منتظمة ولا بأن يتقيد برأي الخبير". مجلة القضاء والقانون، ع:68/69، ص:379.
[8]  مجلة المحاماة، ع:16، 2001، ص:115.
[9]  مجلة المعيار، ع:34، 2005، ص:166.
Civ 2, 2 novembre 1994, Bull. civ. II, N° 216.
[11]  موسوعة القضاء والفقه، الجزء 25، 1978، ص:626.
[12]  موسوعة القضاء والفقه، الجزء 25، 1978، ص:641.
[13]  امحمد برادة غزيول: الدليل العملي للتعويض عن المرض المهني؛ منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية؛ سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد السادس/ نونبر 2008، ص:31.
[14]  أحمد سعيد الوقرد: تعويض الأضرار الناشئة عن جرائم الإرهاب (القسم الأول)؛ مجلة الحقوق/ جامعة الكويت، 1997/ العدد الثالث، ص:176.
[15]  محمد صبري الجندي: في ضمان الضرر الجسدي الناتج عن فعل ضار؛ مجلة الحقوق/ جامعة الكويت، 2002/ العدد الأول، ص: 187.
[16]  الدكتور أحمد الخمليشي: المسؤولية المدنية للأبوين عن أبنائهما القاصرين، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، الطبعة الأولى/ 1980،  ص:359.
[17]  مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 13، ص:71.
[18]  في معرض حديثه عن هذه العناصر ذهب الأستاذ سعيد الدغيمر في أطروحته إلى أن القاضي مجبر وليس مخير في الأخذ بعين الاعتبار لهذه العناصر.
سعيد الدغيمر: تنفيذ الالتزام بمقابل أو بطريق التعويض في التشريع المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص؛ جامعة محمد الخامس/ الرباط، 1982، ص:300.
[19]  لطفي جمعة: في المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية؛ الكتاب الثاني من موسوعة القضاء؛ 1979، ص:112.
[20]  عبد القادر العرعاري: النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المغربي؛ الجزء الأول: مصادر الالتزامات، المسؤولية التقصيرية، ص:128.
« Dans le cas même ou l’inexécution de la convention résulte du dol du débiteur, les dommages intérêts ne doivent comprendre à l’égard de la perte éprouvée pour le créancier et du gain dont il a été privé, que ce qui une suite immédiate et directe de l’inexécution de la convention ». 
[22] الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد؛ المجلد الأول: نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية/ بيروت، 1998، ص:683.
[23]  من هؤلاء أوبري ورو (Aubry et Ray) وأيضا Grand Moulin
[24]   منهم Dumoulin  و Larombière
[25]  قرار رقم 625 في الملف رقم 96.8070.
[26]  قرار أشار إليه:
محمد أوغريس: قضاء المجلس الأعلى في التعويض والتأمين، طبع دار القرويين، الدار البيضاء، 1998، ص:41.
[27]  مجلة المحاكم المغربية، ع:280، السنة 1927.
[28]  سعيد الدغيمر: مرجع سابق، ص:296.
[29]  محمد الكشبور: المهن القانونية الحرة، انطباعات حول المسؤولية والتأمين، م.م.ق.ق.ق.ت، ع:25، 1991، ص:114.
عبد القادر العرعاري: مرجع سابق، ص:287.
[30]  عبد القادر العرعاري: مرجع سابق، ص:287.
[31]  قرار غير منشور، أشارت إليه:
ذ. بشرى العلوي: الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي، مرجع سابق، ص:341.
[32]  امحمد برادة غزيول: الدليل العملي للتعويض عن المرض المهني؛ منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية؛ سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد السادس/ نونبر 2008، ص:56.
[33]  رشيدة احفوض: التعويض عن حوادث الشغل بين الظهير الشريف 6/2/1993 وقانون 01/18 الصادر بتاريخ 23/07/2002 وقانون 03/06 الصادر بتاريخ 23/07/2002 وقانون 03/06 الصادر بتاريخ 19/06،2003، دراسة مقارنة. مطبعة النجاح الجديدة/2004، ص:156. 
Jean Jacques DUPEYROUX : Droit de la sécurité sociale, Dalloz/1977, P:537.
[35]  المجلة العربية للفقه والقضاء، الأمانة العامة لوزراء العدل العرب، ع:5، ص:196.

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *