-->

الترجيح بين الحجج

هذا ما سنتناوله في دراستنا مع الإشارة إلى أننا سنقتصر على بعض هده القواعد فقط والتي يكثر استعمالها من طرف المحاكم دون إمكانية تناولها كلها لعدم استيعاب عرضنا هذا لها, وذلك من خلال مبحثين:

    المبحث الأول : المرجحات الراجعة إلى مضمون البينتين


المبحث الثاني: المرجحات الراجعة إلى صفة و عدد الشهود و التاريخ في البينتين

















  المبحث الأول: المرجحات الراجعة إلى مضمون البينتين

 ظل العقار غير المحفظ أو الذي في طور التحفيظ خاضعا لأحكام الفقه المالكي على مستوى الموضوع، أو صدرت في ذلك اجتهادات قضائية تكاد تكون مستقرة اعتمدت قواعد الترجيح بين البينات كما هو معمول به عند فقهاء المالكية من مفتين و قضاة و حكام.
   لقد عالج المالكية موضوع الترجيح بين البينات سواء في مطولاتهم و مختصراتهم         و منظوماتهم و من المتون التي عليها المدار في هذا المجال و يقول الأستاذ عبد الرحمان بلعكيد "إذا وقع تعارض بين رسوم الملكية فإنه يعمل بقواعد الترجيح و هي قواعد دقيقة     و مقاييس مضبوطة و أدوات حادة في صناعة القضاء، الغاية منها منع تضارب الأحكام     و إنهاء الخصام".
   و قد جاء في لامية الزقاق:
   ـ بأسباب الملك رجحن أن تعارض       بدا من شهود و انتفى الجمع أولا
   ـ كنسيج لنفس أو نتاج و رجحن          على الملك إلا من مقاسم فاقبلا
   و قد اعتمد القضاء المغربي كثيرا على هذين النصين و صدرت في ذلك أحكام قضائية متعددة، و المشرع المغربي أخذ بقواعد الترجيح في مدونة الحقوق العينية في المادة الثالثة بأنه يمكن إعمال قواعد الترجيح سواء المرجحات الراجعة إلى بينة الملك و بينة النقل        و الاستصحاب (المطلب الأول)، و كذلك تلك الراجعة إلى بينة الإثبات و بينة الأصالة (المطلب الثاني). 

المطلب الأول: المرجحات الراجعة إلى بينة الملك و بينة النقل
   يندرج ضمن هذا المطلب ترجيح و تقديم البينة التي تبين سبب الملك على تلك الخالية منه، و تقديم بينة الملك على بينة الحوز، و ترجيح بينة النقل على بينة الاستصحاب.
الفقرة الأولى: ترجيح و تقديم البينة التي تبين سبب الملك على تلك الخالية منه
   يقصد بسبب الملك؛ السبب الذي بواسطته حمل التملك، فإذا شهدت بينتان بملكية الشيء   و بينت إحداهما السبب و لم تبينه الأخرى قدمت ذات السبب، و قد مثل له الناظم:
   بأسباب ملك رجحن أن تعارض     بدا من شهود و انتفى الجمع أولا
  كنسج لنفس أو نتاج رجحن           على الملك إلا من مقاسم أقبلا
   فإذا شهدت بينة بأن هذا الثوب ملك ليزيد، و شهدت أخرى بأنه ملك لعمرو، و زادت إحداهما: أنه نسجه لنفسه كانت بينة النسج أعمل.
   و إذا شهدت بينة بأن الدابة، أو الأمة، ملك ليزيد، و شهدت أخرى أنها ملك لعمر و زادت إحداهما: أنها نتجت أي ولدت عنده، كانت بينة النتاج أعمل.
   و قوله "و رجحن على الملك..." معناه أنه إذا تعارض النسج أو النتاج مع الملك قدم النسج أو النتاج على الملك، إلا أن يكون الملك من المقاسم.
   فتحصل: أنه متى عارض سبب الملك سواء كان السبب مشهود به وحده أو مع الملك أيضا يقدم السبب على الملك.[1]
   و ينبغي التأكيد أن شراح لامية الزقاق عند قوله "تنسج لنفس" اختلفوا في تقييد الناظم للنسيج ب "لنفس" فمنهم من قال بأنه لا حاجة إليه لاستغنائه عنه بالملكية، لأن من جملة شروطها أن ينسبه لنفسه، و منهم من قال أن هذا القيد احترز به الناظم مما إذا شهدت له بأن نسجه و لم تقل لنفسه، فلا ترجح بذلك، لاسيما إن كان نساجا منتصبا للناس و بمعنى آخر انه إذا شهدت بينة أن الثوب الفلاني نسجه فلان و لم تقل بأنه ملكه، و شهدت بينة أخرى بأن ذلك الثوب ملك لفلان، فإنه في هذه الحالة تقدم البينة التي ذكرت الملك على البينة التي ذكرت السبب فقط و هو النسج، فهنا تعارض السبب مع الملك، فيقدم الملك لاحتمال أن يكون النسج لمالكه، و لاسيما إن كان من شهد له بالنسج منتصبا للناس ينسج لهم بأجرة مثلا،       و الحاصل أنه إذا لم تقبل البينة "نسجه لنفسه" قدمت بينة الملك.
   و تخريجا للعقار على الثوب يمكن القول بأن الدار التي شهدت بينة ببنائها إن لم تقل: "بناها لنفسه" فإنه هنا تقدم البينة التي تقابلها و التي شهدت فقط بملكية الدار بقولها: "أن تلك الدار ملكه" و حتى و إن لم تذكر السبب إما إذا زادت البينة التي ذكرت السبب و هو البناء لنفسه بأن قالت "بناها لنفسه" و إن لم تقل "ملكه" ففي هذه الحالة تقدم هذه البينة على التي ذكرت الملك مجردا عن السبب.
   و إعمالا لهذا المرجح؛ جاء في حكم شرعي صادر عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى و نص الغرض منه:
   "...فحكم قاضي أحفير بينة المدعي على بينة المدعى عليه لأنها بينت سبب الملكية و هو الإحياء. قال الشيخ خليل و إن أمكن الجمع بين البينتين جمع و الأرجح سبب ملك كنسيج     و نتاج و في المجموع و إن أمكن جمع البينتين جمع و الأرجح سبب الملك".[2]
   و تطبيقا لترجيح و تقديم بينة الملك التي ذكرت سبب الملك على بينة الملك الخالية منه، جاء قرار حديث لمحكمة النقض المغربية و نص العرض منه:
   "...و المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عللته بأنه تبين لها أن ملكية الطرف المدعي ورثة لحسن و الحسين ابني الخالف هي الراجحة لكونها تضمنت وجه المدخل،      و الثابت فقها أن المبينة لوجه المدخل تقدم على الخالية منه، فإن ملكية المدعى عليه هاته...في مرتبة أدنى من ملكية المدعين...، فإنها (أي المحكمة) طبقت قواعد الفقه تطبيقا سليما و لم تخرق أي نص قانوني، فجاء قرارها مرتكزا على أساس و معللا تعليلا صحيحا.[3]

الفقرة الثانية: ترجيح و تقديم بينة الملك على بينة الحوز
   هذا هو المرجح الثاني الذي ذكره الفقهاء؛ فإذا شهدت إحدى البينتين بالملك و الأخرى بالحوز قدمت الشاهدة بالملك، و لو كان تاريخ الحوز سابقا، لأن الحوز أعم من الملك، لأنه يكون بالملك و بالإكراء و بالوديعة و بالعارية و بغير ذلك و الأعم لا يعارض الأخص، لأنه إشعار له بأخص معين.[4]
   و قد ذكر من الشيخ خليل بقوله: "و بالملك على الحوز" و أشار إليه صاحب اللامية بقوله "و ملك على حوز"، و المعنى: "رجحت البينة الشاهدة بالملك على البينة الشاهدة بالحوز خاصة دون أن تشهد بالملك، لأن الملك لأن الملك أخص من الحوز، و أقوى منه و لو كانت بينة الحوز مؤرخة أو تاريخها متقدم على بينة الملك، إذ لا يلزم من الحوز الملك، و أما الحيازة و هي حوز الئيء عشر سنين على عين القائم إلى آخر ما ذكر في شروطها، فهي مقدمة على الملك، و هو على الحوز و هو على الحوز و هو على مجرد الدعوى فالمراتب أربع: الحيازة، الملك، الحوز و مجرد الدعوى.
   فترجيح و تقديم بينة الملك على بينة الحوز؛ لأنه في الحقيقة ليس هناك تعارض كلي بينهما، فالحوز أعم من الملك لأنه قد يكون بالملك أو الكراء أو الغصب أو بغيره، و الأعم لا يعارض الأخص، لأنه لا إشعار بأخص معين، فالحوز يتحمل أن يكون بإرفاق أو توكيل      و في هذا الصدد ابن فرحون "لو شهدت إحداهما بالملك و شهدت الأخرى بالحوز، قدمت بينة الملك لأن الملك أقوى، و الحوز قد يكون لغير الملك، فيقضي بينة الملك و إن كان تاريخ الحوز متقدما.
   و إعمالا لهذا الترجيح؛ جاء في مجموعة الأحكام الشرعية للقاضي الحسن بن الحاج محمد العماري في الحكم الرابع ما نصه: "معلوم في دواوين الفقه من أن بينة ثبوت الملك مقدمة على بينة ثبوت الحوز و إن تعارضتا فأولى و أحرى في التقديم إذا ثبت الملك على مجرد الدعوى حسبما نص على ذلك غير واحد من الأئمة كالشيخ التسولي في بهجته، و نصه "    و إنما يكون القول لذي اليد المنفرد بها إن لم تكن للآخر بينة الملك و إلا قدمت على مجرد اليد". و إليه يشير الشيخ خليل بقوله "الملك على الحوز". و إليه يشير الشيخ التاردي ممزوجا بكلام التحفة ما نصه "و القول ذي قول ذي يد منفرد بها و ليس للآخر بينة بالملك  و إلا قدمت على الحوز".
   و جاء في الحكم السادس عشر من نفس المجموعة ما يلي: "إن رسم الملكية المستفسر المتوفر على الشروط المعتبرة شرعا و الحالة من كل اضطراب، يكون صحيحا و عاملا ضد مجرد دعوى الحوز، و من المقرر أن الحوز إذا لم يستند الشراء أو هبته أو وارث أو وصية أو غير ذلك فلا يلتفت إليه".[5]
   تطبيقا لهذا الترجيح أيضا صدرت عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدة قرارات في الموضوع؛ حيث جاء فيها ما نصه "...بينة الملك مقدمة على بينة الحوز و أن وضع اليد لا يعتبر إلا في حالتي تحري الدعوى أو تساوي البينتين، و هو ما أشار إليه الشيخ خليل بقوله "و بيد أن لم ترجح بينة مقابله و التحفة بقولها "و لا ليد مع مجرد الدعوى أو أن تكافأت بينات فاستبن و الزقاقية بقولها "و إن يعدم الترجيح فاحكم لحائز و يحلف...[6].
   و جاء في قرار آخر "أنت حيازة الطاعنتين غير عاملة، ففي اختصار الرهوني كلما علم الأصل لأحد لا تنفع الحائز فيه طول المدة، و قال في الارتفاق عن القاضي عبد الوهاب أن المدعي إذا أقام بينة كان أولى من اليد لرجحانها، لأن البينة تشهد ما لم تشهد به اليد، حيث أن اليد مبهمة و البينة مفسرة، و إنما يحكم لقوله صلى الله عيه و سلم: البينة على المدعي،       و فائدة ذلك أنه إذا أقامها حكم لمها، و قال ابن رشد مجرد الحيازة لا ينقل الملك على المحوز اتفاقا، و قال صاحب البهجة لدى قول التحفة "و الأجنبي إن يحز أصلا بحق...أي بوجه شرعي احترازا بما إذا حاز بغضب و تعد فإن حيازته كالعدم..."[7].

الفقرة الثالثة: ترجيح بينة النقل على بينة الاستصحاب
   هذا هو المرجح الرابع؛ فإذا تضمنت الوثيقة شهادة شهودها بأن عقارا في ملك شخص،   و أنهم لا يعلمون أنه خرج عن ملكه إلى الآن، و تضمنت وثيقة ثانية شهادة شهودها، بأن المشهود له اشترى العقار المذكور منه، فتقدم هذه الأخيرة لأنها علمت ما لم تعلمه المستصحبة.[8]
   و قد قصد صاحب اللامية هذا المرجح بقوله "و بالنقل"، و عبر عنه الشيخ خليل بقوله: "و بنقل على مستصحبة"؛ و المعنى أن البينة بالنقل عن الأصل ترجح و تقدم على البينة المستصحبة لذلك الأصل، فإذا شهدت بينة أن هذا العقار مثلا لا حصد لا يعلمون أنه خرج عن ملكه بناقل شرعي، و شهدت بينة أخرى بأن ذلك العقار لمحمد اشتراه من أحمد أو وهبه له و حازه قبل المانع، فإنه يعمل بالبينة الناقلة، فمن مات عن دار مثلا و ادعى ولده أنها لم تخرج عن ملك أبيه و أقام البينة بذلك، و أقامت الزوجة بينة أنه أعطاها لها في صداقها، فإن بينتها تقدم ناقلة و بينة الإبن مستصحبة.
   و إذا أمعنا النظر في هاتين البينتين؛ نجد في الحقيقة أنهما غير متعارضتين، لأن قول إحدى البينتين "لا يعلمونها خرجن عن ملكه"، لا يقتضي عدم الخروج، لأنه يفيد نفي العلم بالخروج لا نفي الخروج، و بمعنى أدق فبينة النقل عن الأصل علمت ما لم تعلمه البينة المستصحبة الأصل.
   و من علم شيء قم على من لم يعلم، و لذلك قال التسولي: "إن بينتي النقل و الاستصحاب ليستا من التعرض في شيء، لأن المستصحبة شهدت بنفي العلم بالخروج عن ملكه، و ذلك لا يقتضي عدم الخروج، فنفي الخروج أعم، و الأعم لا إشعار له بأخص معين، نعم إذا قالت بينة النقل و قع النقل بالبيع في وقت كذا و قالت الأخرى لم يقع بينهما بيع مثلا في ذلك الوقت أصلا، فيتعارضان حينئذ و تقدم بينة النقل.
   و تطبيقا لهذا الترجيح؛ جاء في نوازل المعيار في بينة شهدت أن رجلا كان يغتل جميع أصلا له إلى أن مات و شهدت أخرى أنه كان صيرها لزوجته فيما ترتب لها قبله، و أنها حازتها عنه، فإن التمييز صحيح و لا يقع في ذلك تعارض، و في نفس السياق؛ جاء جواب للمهدي الوزاني في النوازل الصغرى و نص الغرض منه "...فأجبت: الحمد لله بينة التمييز مقدمة على بينة الملك، لأنها ناقلة، و بينة الملك مستصحبة"، و من المعلوم أن المقرر في دواوين الفقه أن الناقلة أولى من المستصحبة، لأن التي شهدت باستمرار ملك لفائدة الدار إلى أن مات لم تطلع على التمييز فكانت كالعدم...، و قال الزرقاني في قول المختصر "و بنقل على مستصحبة ما نصه: كأن تشهد أنه أنشأها و لا يعلمونها خرجت عن ملكه إلى الآن،     و تشهد الناقلة لآخر أنه اشتراها فتقدم، لأنها علمت ما لم تعلمه المستصحبة[9]...".
   و إعمالا لترجيح بينة النقل على بينة الاستصحاب؛ جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) ما نصه "...الحجة الكتابية التي يقدمها الفرد هي حجة مستصحبة و لفيف الشراء حجة ناقل، و من المقرر فقها عند تعارض الحجتين المذكورتين تقديم الناقلة على المستصحبة...[10].

المطلب الثاني: المرجحات الراجعة إلى بينة الإثبات و بينة الأصالة
   سيتم التطرق في هذا المطلب إلى ترجيح و تقديم بينة الإثبات على بينة النفي في الفقرة الأولى، و ترجيح و تقديم بينة الأصالة على خلافها أو ضدها في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: ترجيح و تقديم الإثبات على النفي
   الإثبات على النفي؛ مثل له التاردي بما في نوازل ابن سهل ابن أبي مروان ابن مالك في هبة اختلف الشهود فيها فبعضهم شهد بالحوز، و بعضهم شهد بأنها لم تحز، قال ابن مالك: الشهادة بصحة الحوز أعمل، لوجوه من النظر مع موافقة الروايات في مثل ذلك.
   قال ابن سهيل: يريد لأن الشهادة بالحيازة أثبتت الهبة لصحتها فكانت أولى من التي شهدت بصلاحها، قال و أشار بقوله (مع موافقة الروايات إلى ما في الموازنة في شهيدين شهدا بحوز الرهن و شهد آخران بعدم الحيازة، قال: شهود الحيازة أعمل و مثله في المجموعة    و العتيبة.[11]
   و قد أشار إليه الزقاق عطفا على مرجح النقل بقوله: "و الإثبات" و يعبر عن ذلك بقاعدة فقهية أصولية و هي ان المثبت مقدم على النافي، و بصيغة أخرى فالمراد بدب "الإثبات"، إثبات الشيء المتنازع فيه، فإذا تنازع شخصان في حوز العطية، فالبينة الشاهدة به مثبتة     و البينة الشاهدة بعدده نافية.
   و بعد أن قرر أبو الشتاء الغازي قول الناظم اللامية، ذكر أنه من هذا المعنى ماشل عنه   و هو أن بينة شهدت بشركة أرض بين أربابها و أخرى شهدت بقسمة البتات بينهم، لأن الشاهدة بالشركة مثبتة لحكم و هو الشفعة، و الشاهدة بالقسمة تنفي ذلك الحكم حيث شهدت بالقسمة و من القواعد المقرر أن المثبتة مقدمة على النافية، قال في النهج المنتخب في أصول المذهب، و مثبت أولى الذي نفى، و وجه أن في الإثبات علما جديدا زائدا على النفي فيكون تأسيسها و هو خير من التأكيد، و قال في المعيار من أثبت مثبتا أولى ممن نفاه، هذا الذي تقرر عليه المذهب مالك و أصحابه و قال به حداقهم و إعمالا لهذا المرجح جاء حكم شرعي و نصه "إن الحكم المستأنف صحيح إذ لا عهد لورثته الشجعي لابتياعهم بالعهدة الصحيحة  و لا استحقاق و لا تراجع و لا يمين كأن ما أدلي به القائم عبد المعطي من إثبات المعاوضة بين والد و والد و ورثته المدعي لا يعارض الشهادة بالقطع على المقاسمة و المنصوص عليه: أنه إذا تعارضت البينتان فالمثبتة مقدمة له الناقلة و نحو هذا تكرر في نوازل أبي الحسن الزرويلي.[12]
   لقد صدرت عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) مجموعة من القرارات القضائية من بين ما جاء في بعضها ما نصه: "لا مخالفة بين الإراثة المثبتة و الإراثة النافية لأحد الورثة، فكلها شهدت بما في علم شهودها...و المثبت مقدم على النافي..[13].
الفقرة الثانية: ترجيح و تقديم بينة الأصالة على خلافها أو ضدها
   يعد هو المرجح الذي أشار إليه الزقاق في اللامية بقوله "أو ما قصد أصلا" و المعنى أن بينة الأصالة تقدم على البينة الفرعية، كبينة شهدت بان شخصها أوصى بعقار معين أو جزء منه و هو صحيح، و شهدت بينة أخرى أنه أوصى بذلك العقار أو جزء منه و هو مريض، فتقدم بينة الصحة، لأنها الأصل و الغالب، و في الحقيقة فإن هذا ليس من تعارض الأصالة  و خلافها او ضدها و إنما هو من تعارض الإثبات و النفي. لذلك قال التسولي عند قول الزقاق "أو ما قصد أصلا" ما معناه: أن هذا القول يغني عن قوله: "و الإثبات"، أن المدار عليه و هو في الحقيقة راجع إليه، و لذا أسقطه خليل و غيره من المشاهير و لم يذكروه ضمن المرجحات و بالجملة لو استغنى الزقاق ب "النقل" عن الإثبات و التأصيل لسلم، لأن التأصيل هو الاستصحاب في المعنى و الإثبات هو النقل.
   و مما ترجح به الأصالة على خلافها أو ضدها بينتا الصحة و الفساد، فبينة الصحة أعمل لا إنها الأصل ما لم يغلب الفساد و إلا فتقدم بينته و منها بينتا التسفيه و الترشيد بالنسبة للمبيع و نحو من المعاملات فتقدم بينة الترشيد، لأنها أوجبت صحة العقد، و منها بينة البلوغ        و الكفاءة فبينتهما أعمل لأنهما يوجبان صحة العقد الذي هو الأصل، و منها بينة العدم        و الملاءة، فتقدم بينة الملاءة بينت أم لا على ما به العمل، و من بينها بينتا صحة العقل        و اختلاطه في الوصية، فتقدم بينة الصحة لأنها أوجبت صحة العقد التي هي الأصل، فتقدم بينة الصحة لأنها أوجبت صحة العقد التي هي الأصل، و منها بينتا الطوع و الإكراه، فبينة الإكراه أعمل و كذا كل ضرر.[14]
   و في بناني على الزقاني أن اليسر مقدم على العسر، و أن هذه الأمور كلها ليست من قبيل تقديم الأصل على غيره.[15]



















المبحث الثاني: المرجحات الراجعة إلى صفة و عدد الشهود       و التاريخ في البينتين
   بما أن قواعد الترجيح بين الحجج مجموعة من القواعد الفقهية التي يهتدي بمقتضاها القاضي على ضوء الراجح و المشهور و ما جرى به العمل من مذهب الإمام مالك إلى ترجيح بينة على الأخرى قصد الفصل في النزاع المدلى بينهما بمناسبة.[16]
   و إن اللجوء إلى الترجيح بين الحجج التي أدلى بها لا يكون إلا بعد الفحص للوثائق التي أدلى بها الخصوم و مراقبة صحتها شكلا و مضمونا قبل إعمالها و لم يقع الطعن فيها بأي طعن من لدن المحتج بها عليه في إطار السلطة التقديرية لقاضي الموضوع و من هنا سنعمل على تبيان المرجحات الراجعة إلى صفة و عدد الشهود (المطلب الأول)، ثم المرجحات الراجعة إلى التاريخ في البينتين (المطلب الثاني).
المطلب الأول :  المرجحات الراجعة إلى صفة و عدد الشهود
   سنتناول في هذا المطلب المرجحات الراجعة إلى صفة و عدد الشهود و التي نقصد بها الترجيح بزيادة العدالة و العبرة ليست بالعدد (الفقرة الأولى)، ثم قاعد ترجيح شاهدين على شاهد و يمين أو شاهد و امرأتين (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الترجيح بزيادة العدالة و العبرة ليست بالعدد
   هذا المرجح نص عليه الزقاق بقوله "و زيد عدالة" و هو الذي ذكره الشيخ خليل بقوله أو بمزيد عدالة لا عدد؛ و المقصود بزيادة العدالة زيادتها في ذات البينة (أي البينة الأصلية) لا في المزكين للبينة فغنه غير معتبرة.[17]
   و المعنى أنه إذا شهدت بينتان كل واحدة منها بخلاف الأخرى رجحت الزائدة في العدالة  و إن شهدت الأخرى للحائز، بقول خليل "و باليد لم ترجح بينة مقابلة"[18]، بحي لا عبرة بالعدد في مقابل زيادة العدالة على المشهور، إذ المقصود من الترجيح هو قطع النزاع        و مزيد العدالة أقوى في قطعه من زيادة العدد ذلك أ، الترجيح بالعدد يفضي إلى كثرة النزاع و طول الخصومات.[19]
   حيث إذا رجحت بينة أحد الخصوم بمزيد، عدد سعى الخصم الآخر في زيادة عدد بينة     و تطول الخصومة و تعطل الأحكام، أما إذا اعتمدت ترجيح العدالة فإنه ليس في قدرة الخصم الآخر أن يجعل بينة أعدل فلا يطول النزاع، و يجدر التنبيه إلى أن ابن القاسم قال في المدونة فيما يتعلق بهذا المرجح "لو شهد بهذا شاهدان و لهذا مائه، و تكافؤا في العدالة، لا يرجح بالكثرة محمول على المبالغة، كما للخفي و المازري في حاشية الشيخ الهواري.[20]
   و قال مالك في المدونة "من كانت يده دور...أو غير ذلك من الأشياء، فادعى ذلك رجل،  و أقام بينة إن ذلك له، و أقام من ذلك بيده بينة، أنه له، قضي بشهادة أعد لهما و إن كانت أقل عددا".
   و بناءا عليه؛ فإن من أقام بشهادة الملك بعدلين فإنها تقدم على الشهادة على ذات الملك بعدل واحد مع اللفيف كما تقدم بينة الملك بستة اللفيف و عدل اللفيف الستة، و في هذا نظم أبو الشتاء الغازي أبياتا قال فيها:
   و إن تعارض لفيف و عدول     فاحكم بتقديم شهادة العدول
   كذلك ستة مع العدول             قدم على لفيفهم في المجمع
   و العدل و اليمين قل مقدم      على اللفيف الست حيث يقسم
   و هذا هو الذي كان به العمل عند القضاة المالكية بالمغرب.[21]
   و تطبيقا لهذه القواعد و المرجحات صدرت عن محكمة النقض عدة قرارات منها ما يلي:
   ـ قرار صادر بتاريخ 13ـ03ـ2010، ملف عدد 117ـ2ـ1ـ2008:
   شهادة العدلين أرجح من اللفيف حيث تكون محكمة الموضوع قد استعملت سلطتها في تقدير الأدلة لما رجحت ما شهد به العدلان في عقد التنزيل من أتمية المنزل بها تقتضيه من الحجة و الطوع و الجوار على ما شهد به شهود اللفيف من أن المشهود عليه كان مصابا بخلل عقلي وقت الإشهاد عليه لأن معاينة العدلين أرجح من غيرها.[22]
   و في قرار آخر جاء فيه:
   "حجة المدعى عليهم ناقصة لكونها بعدل واحد و حجة المدعي تامة لكونها بعدلين،        و معلوم أن شهادة عدلين أقوى من شهادة العدل الواحد و أرجح منها بذلك".
   و تجدر الإشارة؛ إلى أن زيادة العدالة يحلف معها على المشهور، كما أنه لا يعمل بزيادة العدالة إلا في المال أو ما يؤول إليه لا في غير كالنكاح لأن زيادة العدالة كشهادة واحدة.
   و محل عدم الترجيح بزيادة العدد مقيد بما إذا لم يبلغوا من الكثرة حتى يحصل بهم العلم بحيث يقطع بصدقهم و إلا وجب الترجيح بزيادة العدد، و لو كن نساء لأن عناية ما تفيده زيادة العدالة غلبة الظن بخلاف الكثرة فتفيد العلم.[23]
الفقرة الثانية: ترجيح شاهدين على شاهد و يمين أو شاهد و امرأتين
   هذا المرجح هو الذي أشار إليه الزقاق بقوله: "و باثنين"، و أما الشيخ خليل أشار إليه بقوله "و بشاهدين على شاهد و يمين و امرأتين".
   فإذا شهد شاهدان لزيد مثلا بعقار معين أو حق عيني لعمرو و حلف عمرو يمين مع شاهده، فإن شهادة الشاهدين ترجح على شهادة الشاهد و يمين المشهود له و يحكم بالعقار أو الحق العيني لزيد.[24]
   و قد وقع خلاف بين الفقهاء حول الشاهد الواحد المبرز أي الذي فاق إقرانه في العدالة، يقدم على شهادة الشاهدين الإثنين اللذين دونه في العدالة و هذا هو المشهور في الفقه المالكي، و قد قضى مطرف بالشاهدين، أي ترجيح شهادة الشاهدين على الشاهد الواحد المبرز و ارتضى واجب أن تقدم شهادة الشاهد الواحد الأعدل إذا حلف و غلى ذلك كله أشار ابن عاصم بقوله:
   و في ذوي عدل يعارضان     مبرزا أتى لهم قولان
   و بالشاهدين مطوف قضى    و الحلف الأعدل أصبغ ارتضى[25]
   و في هذا الصدد؛ نجد قرارا صادرا عن محكمة النقض حيث جاء فيه:
   شهادة الشاهدين تقدم على الشاهد و اليمين، ففي الزرقاني على الشيخ خليل "و رجح بشاهدين من جانب على شاهد و يمين من جانب آخر و لو كان أعدل أهل زمانه".[26]
   و الذي استقر عليه الحال أنه كما يقدم الشاهدين على الشاهد و اليمين، فإنه كذلك تقدم شهادة الشاهدين على شهادة شاهد و امرأتين، بقوله تعالى "فإن لم يكونا رجلين فرجلا        و امرأتان"[27]، فإنه يدل على أرجحية الشاهدين على الرجل و المرأتين، لأنه جعل مرتبتهم عند عدم الشاهدين، أما إذا كان الشاهد الذي معهما أعدل من الشاهدين، فإنه يقدم هو          و المرأتان على الشاهدين، و أولى إن كانت المرأتان أعدل كالشاهد معهما، و أما إن كانتا أعدل دونه فيقدم الشاهدان.
   و قد اقتصر المشرع المغربي في المادة 3[28] على "تقديم تعدد الشهادة على شهادة الواحد عند التعارض و لم يتعرض لتعارض شهادة الشاهدين مع شهادة شاهد و امرأتين، لكن إشارته في المادة الأولى من أن قانون الالتزامات و العقود يطبق فيما لم يرد به نص في هذا القانون، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح و المشهور و ما جرى به العمل من الفقه المالكي[29]، و بما أنه لا يوجد في قانون الالتزامات و العقود نص في قضية تعارض شاهدين من جانب مع شاهد و امرأتين من جانب آخر فإن مقتضيات المذهب الماالكي هي التي تطبق.[30]
المطلب الثاني: المرجحات الراجعة إلى التاريخ في البينتين
   إن أسباب الترجيح بين البينات المتعارضة على أساس بيانات الرسم المثبت للملكية، يندرج ضمنها ترجيح الحجة التي تثبت واقعة معينة بتاريخ محدد على الخالية من التاريخ (الفقرة الأولى)، كما أنه إذا تعارضت حجتين ترجح الأقدم تاريخيا على الحجة أو الرسم الحديث التاريخ (الفقرة الثانية)، و كذلك ترجح بينة التفصيل على بينة الإجمال (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: ترجيح تقديم البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة
   يعتبر ذكر التاريخ سببا من أسباب الترجيح بين البينات المتعارضة باتفاق الفقهاء، فإذا أدلى طرفا النزاع بحجتهما و كانت إحدى الحجج مؤرخة بعد تحريرها و الأخرى خالية من التاريخ، قدمت المؤرخة و أهملت غير المؤرخة.[31]
   يقول الشيخ خليل: "...أو تأريخ..."[32]، فإذا شهدت بينة المدعي مثلا؛ بأن الدار على ملكه منذ خمس سنوات بينما شهدت بينة المدعى عليه بأن الدار ملكه و لم تذكر تاريخا، فإن الأولى ترجح على الثانية بسبب اشتمالها على التاريخ، لأن المؤرخة جاءت أكثر دقة من الأخرى بحيث أنها تشهد بالملكية أو التصرف و تربط ذلك بقوة زمنية محددة، عكس الثانية التي أثبتت التصرف القانوني بشكل مجرد.
   و في هذا الصدد أكدت محكمة النقض على أنه "...خلافا لما جاء في الوسيلة فإن محكمة الاستئناف لم تصرح بأن كلا الرسمين لا يتوفر على قوة الإثبات، بل صرحت بأن الرسمين إن كانا معا أقيما من أجل الاحتجاج بها في النزاع، فإن الرسم المدلى به من طرف المطلوب في النقض له تاريخ ثابت و سابق مما جعل محكمة الموضوع ترجحه على الآخر"[33].

الفقرة الثانية: تقديم البينة السابقة على البينة اللاحقة تاريخيا
   فإذا شهدت كلتا البينتين بالملك، و ذكرت كل منهما تاريخا لهذا الملك، فإنه يعتد بالبينة الأسبق تاريخيا، و يعتد بها عاملا من عوامل التفضيل.[34]
   و المقصود هنا ليس تاريخ تحرير البينات و إنما تاريخ الشيء المشهود به، و المراد بقدم التاريخ ما يكشف عن طول مدة الحيازة، فإذا شهدت بينة بأن حيازة صاحبها ترجع لعام 1980 و شهدت أخرى بأن حيازة صاحبها ترجع لعام 1975 كانت هذه الثانية أقدم تاريخيا  و رجحت بقدم التاريخ، و الترجيح بقدم التاريخ موضوع زلل لان الكثيرين يظنون أن المراد بقدم التاريخ هو التاريخ الأقدم بالنسبة للوثيقتين، فإذا أرجعت إحدى البينتين لعام [35]1970     و الثانية لعام 1975، اعتبرت الأولى هي الأقدم تاريخيا و هو خطأ شائع، لأن المراد بقدم التاريخ مدة الحيازة بالبينة للوثيقتين و ليس تاريخ تحريرهما، و وضع اليد على المدعى فيه قرينة على الملكية تؤيد باليمين و يستحق صاحبها مع يمينه عملا بقول التحفة:
   و اليد مع مجرد الدعوى و أن        تكافأت بينتان فاستبن
   و في المختصر؛ و بيد إن لم ترجح بينة مقابلة.[36]
   و من تم استدل الخصمان بحجج متبادلة و كان تاريخ إحداهما سابقا على الأخرى، فترجح الأخرى ذات التاريخ السابق على ذات التاريخ الحديث أو المؤرخة بتاريخ إجمالي أو تقريبي.
   "و قدمت التاريخ ترجيح قبل       لامع يد و العكس عن بعض نقل
    و إنما يكون التاريخ ذاك عندما      لا يمكن الجمع لنا بينهما"
   مؤدى ذلك؛ أنه إذا كان تاريخ إحدى البينتين أقدم فهي مقدمة على حديثة التاريخ، إلا أن يكون القائم المدعي بحديثة التاريخ حائزا يتصرف تصرف المالك في ملكه بمحضر المدعي و لا عذر له في سكوته عنه، فتقدم بينته و إن كانت أحدث تاريخيا لأن تركه بيده يتصرف فيه و هو ينظر غليه قاطع لحجته.

   و الراجح أن الحجة ذات التاريخ القديم تقدم مطلقا سواء[37]  كانت الحجة ذات التاريخ الحديث مصحوبة باليد أم لا.
   و هو ما جاء في بعض أجوبة ابن رشد المنقولة في المعيار:
   إنه يقضى بأقدم التاريخين، و سواء كان هذا الملك بيد أمهما أو بأيديهما، و إنما يقترق الحكم إذا اتحد تاريخ العقدين و استوت البينة في العدالة، فإن كان بيد أحدهما ثبت له، و إن كان بأيديهما أو بأيدي غيرهما قسماه بعد أيمانهما أو نكولهما.[38]



الفقرة الثالثة: ترجيح تقديم بينة التفصيل على بينة الإجمال
   الإجمال عند الفقهاء هو احتمال اللفظ لمعنيين فأكثر و قيل بأنه الشهادة الخالية من التفضيل المشارط في صحة الشهادة الموصل إلى غالب الظن، قال ابن عاصم: "و غالب الظن به الشهادة".
   فقد يقع الإدلاء بحجج متعارضة من طرفي النزاع غير أن حجة أحدهما محفظة في مضمونها و الأخرى مجملة، فتقدم المفصلة على الحجة التي أجملت، لأن الإجمال قدح من القوادح التي ترد به الشهادات.
   منع الإجمال يتطرق الاحتمال، و من القواعد المتداولة، أنه: "لا قضاء مع الاحتمال" و ان "ما احتمل سقط به الاستدلال".
   و في لامية الزقاق:
   "شهادة معروف لمعروف إن جرت     على مثله و الشيء معروف أقبلا"[39]
   بمعنى و إلى المشهود بر معروف و محقق.
   و نجد أيضا:
   "و من يفضل فمختار على ما قد أجملا".
   و المعنى أنه من يفضل من الشهود في شهادته يقدم على من قد أجمل، فإذا شهدت بينة مثلا بالتوليج في عقار معين، هكذا بشكل مجمل، و شهدت البينة الأخرى مثلا بأنها توسطت عقد اليع بينهما فلم يقع بينهما تأليج، هكذا بهذا التفصيل و هذا التفسير، فهي في هذه الحالة تقدم هذه البينة لأنها مفصلة، و الأخرى مجملة، و من التفصيل أيضا البينة التي تذكر التفاصيل في الملك المشهود به مثل حدوده و جيرانه، و إن كان دارا مثلا؛ تذكر مرافقها بالتفصيل و عدد غرفها و مرافقها الصحية و غير ذلك بالتفصيل.[40]
   و إذا رجعنا إلى قانون الالتزامات و العقود؛ نجد أن ما يدل أن مثل هذه الشهادة غير مقبولة، فقد نص الفصل 403 منه كما سبق و رأينا، أن رأينا "أنه لا يجوز إثبات الإلتزام...إذا كان يرمي إلى إثبات وقائع غير معينة.[41]
   و من الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية و الاستئنافية في هذا الصدد؛ حكم المحكمة الابتدائية بوجدة و نص ما به الغرض:
   "...البينة المفصلة و المفسرة ترجح شرعا على تلك التي بها إجمال أو غموض، حيث جاء في المعيار: و لا يلزم القضاء و الأحكام بلفظ فيه إشكال و إحجام".
   و حيث للعلل أعلاه؛ تبقى حجة طالب التحفيظ مرجحة على حجتي المتعرضين، و يتعين بالتالي القول بعدم صحة تعرضها.[42]

خاتمة:
ان المعرفة بأسباب الترجيح بين الحجج تشكل البوصلة التي يسترشد بها القاضي عند فصله في الحقوق وإدلاء كل طرف بحجة تنسب الحق اليه وفي غياب العلم بها يخبط القاضي خبط عشواء ويتأرجح بين حجة هذا وبينة ذاك لا يعلم ما يقدم ولا ما يؤخر ويستعصي عليه اي من الحجتين هي الاولى بالتطبيق وأي منها توجب الابعاد .











لائحة المراجع

أولاـ القرآن الكريم
سورة البقرة.
ثانياـ الكتب و المجلات
ü    محمد القدوري، موسوعة قواعد الفقه و التوثيق.
ü    محمد لمعكشاوي، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع و الفقه و القضاء، قانون رقم 39.08، الطبعة الأولى 2013، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
ü    الدليل العملي للعقار غير محفظ، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية، العدد 2، الطبعة الأولى، فبراير 2007.

ü    عبد الإلاه عزمي، أعمال قواعد الترجيح في دعاوى استحقاق العقار وفق قرارات المجلس الأعلى، المنازعات العقارية من خلال اعتمادات المجلس الأعلى يومي 26 و 27 أبريل 2007، الندوة الجهوية 50.
ü    عبد المجيد الكتاني، الترجيح بين البينات في ضوء الفقه المالكي و مدونة الحقوق العينية، مجلة القبس المغربية للدراسات القانونية و القضائية، العدد الثالث، يوليوز 2010.
ü    عزيزة الحسبوني، دعوى استحقاق العقار، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني و الأعمال، جامعة عبد المالك السعدي، السنة الجامعية 2008.
ü    مجلة القضاء المدني، عدد 4 السنة الثانية.
ü    مجلة القضاء و القانون عدد 147، السنة 31.
ü    مدونة الحقوق العينية 39.08.




الفهرس

 المبحث الأول: المرجحات الراجعة إلى مضمون البينتين..........    ................4
المطلب الأول: المرجحات الراجعة إلى بينة الملك و بينة النقل....     ...............4
الفقرة الأولى: ترجيح و تقديم البينة التي تبين سبب الملك على                                  تلك الخالية منه.....................................................                      .......................4
الفقرة الثانية: ترجيح و تقديم بينة الملك على بينة الحوز...........    .................6
الفقرة الثالثة: ترجيح بينة النقل على بينة الاستصحاب........        ..................8
المطلب الثاني: المرجحات الراجعة إلى بينة الإثبات و بينة الأصالة............10
الفقرة الأولى: ترجيح و تقديم الإثبات على النفي................  .....................10
الفقرة الثانية: ترجيح و تقديم بينة الأصالة على خلافها أو ضدها.................11
المبحث الثاني: المرجحات الراجعة إلى صفة و عدد الشهود و التاريخ                         في البينتين..............................          ...................................................13
المطلب الأول:  المرجحات الراجعة إلى صفة و عدد الشهود....................13
الفقرة الأولى: الترجيح بزيادة العدالة و العبرة ليست بالعدد......................13
الفقرة الثانية: ترجيح شاهدين على شاهد و يمين أو شاهد و امرأتين..........15
المطلب الثاني: المرجحات الراجعة إلى التاريخ في البينتين.....    .................16
الفقرة الأولى: ترجيح تقديم البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة......    ......17
الفقرة الثانية: تقديم البينة السابقة على البينة اللاحقة تاريخيا.......     .............17
الفقرة الثانية: ترجيح تقديم بينة التفصيل على بينة الإجمال.......   ................17
لائحة المراجع..................      ..........................................................21
الفهرس.............      .......................................................................22



[1]ـ محمد القدوري، موسوعة قواعد الفقه و التوثيق، مستخرجة من حادي الرفاق إلى فهم لامية الزقاق، ص 255ـ257.
[2]ـ عبد المجيد الكتاني، الترجيح بين البينات في ضوء الفقه المالكي و مدونة الحقوق العينية، مجلة القبس المغربية للدراسات القانونية و القضائية، العدد الثالث، يوليوز 2010، ص 147ـ148.
[3]ـ قرار لمحكمة النقض، عدد 2303 بتاريخ 17 ماي 2011، في الملف المدني عدد 1739/1/3/2008، منشور في العدد الأول من أحدث مجلة صدرت في 2012 عن محكمة النقض المغربية و هي تختص بنشر أحدث قرارات محكمة النقض في منازعات العقار، ص 99.
[4]ـ عزيزة الحسبوتي، رسالة لنيل ماستر القانون الخاص المعمق تحت عنوان دعوى استحقاق العقار، ص 28.
[5]ـ الترجيح بين البينات في ضوء الفقه المالكي و مدونة الحقوق العينية، مرجح سابق، ص 148ـ149.
[6]ـ قرار المجلس الأعلى، عدد 395، بتاريخ 25 يناير 1998، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العددان 53 و 54، السنة 21 يوليوز 1999، ص 106.
[7]ـ قرار المجلس الأعلى، عدد 466 الصادر بتاريخ 25 مارس 1986 في الملف الشرعي رقم 5304/85، مجموعة منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 42ـ43، ص 164.
[8]ـ  محمد لمعكشاوي، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع و الفقه و القضاء، قانون رقم 39.08، الطبعة الأولى 2013، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 91ـ92.
[9]ـ الترجيح بين البينات في ضوء الفقه المالكي و مدونة الحقوق العينية، مرجع سابق، ص 150ـ151.
[10]ـ قرار عدد 416، بتاريخ 11 ماي 1982 في الملف العقاري رقم 34446، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 31، السنة الخامسة، مارس 1983، ص 69.
[11]ـ عبد الإلاه عزمي، أعمال قواعد الترجيح في دعاوى استحقاق العقار وفق قرارات المجلس الأعلى، المنازعات العقارية من خلال اعتمادات المجلس الأعلى، الندوة الجهوية 50، ص 332.
[12]ـ الترجيح بين البينات في ضوء الفقه المالكي، مرجع سابق.
[13]ـ قرار عدد 1479 بتاريخ 17ـ12ـ1985، منشور ضمن مجموعة قرارات المجلس الأعلى في مادة الأحوال الشخصية (1965ـ1989)، السنة 1990، ص 43.
[14]ـ  الترجيح بين البينات في ضوء الفقه المالكي و مدونة الحقوق العينية، مرجع سابق، ص 154ـ155.
[15]ـ عبد الإلاه عزمي، مرجع سابق، ص 333.
[16]ـ الدليل العملي للعقار غير محفظ، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية، العدد 2، الطبعة الأولى، فبراير 2007.
[17]ـ عبد المجيد الكتاني، مرجع سابق، ص 155.
[18]ـ محمد القدوري، موسوعة قواعد الفقه و التوثيق، مستخرجة من حادي الرفاق إلى فهم لامية  الزقاق، ص 261.
[19]ـ عبد المجيد الكتاني، مرجع سابق، ص 155.
[20]ـ عبد الإلاه عزمي، مرجع سابق، ص 332.
[21]ـ عبد المجيد الكتاني، مرجع سابق، ص 156.
[22]ـ قرار منشور بمجلة القضاء المدني، عدد 4، السنة الثانية، ص 139.
[23]ـ نفس المرجع السابق، ص 157.
[24]ـ نفس المرجع السابق، ص 158.
[25]ـ عزيزة الحسيوتي، مرجع سابق، ص 29.
[26]ـ قرار عدد 3355 بتاريخ 30 أكتوبر 2002، ملف مدني رقم 2820/01/1/2001، منشور بمجلة القضاء و القانون، عدد 147، السنة 31، ص 224.
[27]ـ سورة البقرة، الآية 282.
[28]ـ من مدونة الحقوق العينية.
[29]ـ هذا ما أكدته مدونة الحقوق العينية في المادة الأولى.
[30]ـ عبد المجيد الكتاني، مرجع سابق، ص 159.
[31]ـ محمد بادن، دعوى الاستحقاق العقارية على ضوء الفقه المالكي و التشريع المغربي و العمل القضائي، دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى، 2013.
[32]ـ مختصر العلامة خليل في فقه الإمام مالك، دار ابن حزم، الطبعة الأولى 2008، ص 173.
[33]ـ القرار عدد 79 الصادر بتاريخ 14 أبريل 1972 في الملف المدني عدد 19968 و 19824، قرارات المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية 1971ـ1972، الطبعة الأولى 1983، ص 133.
[34]ـ سلسلة الأنظمة و المنازعات العقارية، النظام القانوني الجديد للحقوق العينية بالمغرب في ضوء القانون 39.08، منشورات مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الرباط، الطبعة الخامسة 2012، ص 42.
[35]ـ المعطي الجبوجي، القواعد الموضوعية و الشكلية للإثبات، مكتبة الرشاد، الطبعة الأولى 2002، ص 170.
[36]ـ تعليق على الحكم عدد 152 من المجلة الأولى للأحكام الصادرة عن مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى/ط 1420/1999، ص 593.
[37]ـ  المعطي الحبوحبي، مرجع سابق، ص 171.
[38]ـ النوازل الجديدة الكبرى، ع 7، ص 357.
[39]ـ محمد المحوجي، مرجع سابق، ص 173.
[40]ـ مجلة القبس المغربية، قراءة في النظام العقاري الجديد، العدد الثالث 2012، ص 166.
[41]ـ محمد المحوجي، مرجع سابق، ص 173.
[42]ـ الحكم عدد 949، الصادر بتاربخ 20 أبريل في الملف رقم 1966/01، قرار منشور أشار إليه الباحث محمد بادن، في أطروحته المشار إليها أعلاه، ص 330.

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *