-->

الفصل 54 من ق.ل.ع حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة

     ان الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود يطرح اشكالية على المستوى التطبيق العملي، وهذا راجع الى الفصل ذاته،فهو يسوده الغموض والغرابة ،
حيت نجد المشرع ينص في هذا الفصل على ان "اسباب الابطال المبنية على حالة المرض والحالات الاخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة "[1]
     فالملاحظ من خلال هذ الفصل ان المشرع المغربي لم يحدد المقصود بالمرض، كما انه لم يتعرض لبيان حالات المرض جميعها وانما اكتفى بالاشارة الى المرجع في استخلاص وجود حالة المرض وماشابهه من عدمه هي مسالة تعود لسلطة القاضي التقديرية ،  وذلك حسب ظروف كل قضية على حدة الشيء الذي  يؤذي الى خلق بعض التخوف من هذه المسالة ، على اساس انه قد يتولد عن هذه السلطة تضارب في الاراء والمواقف قد تؤدي لا محالة الى تباين الاحكام بسبب تباين ميولات القضاة وتقديراتهم الشخصية[2]
 فالفصل 54 ق.م.ل.ع يتميز بميزتين اساسيتين هما الغرابة والغموض فالفصل غريب لكونه يضيف عيبا جديدا الى  لائحة  العيوب التقليدية المعروفة[3]وهو نص غامض لانه لم يبين لنا  اسباب الابطال بوضوح ،ذلك ان عبارة مرض وردت  عامة وواسعة ،يمكنها ان تشمل المرض العضوي والمرض العقلي ،ولا ندري ما اذا كان المقصود في هذا النص ،المرض العضوي او العقلي ام هما معا؟
    واذا كانت فكرة المرض هي بذاتها غامضة ،فكيف يمكننا بالتالي  التعرف على الحالات الاخرى المشابهة ؟
    ونفس الغموض نجده يكتنف السلطة الممنوحة للقاضي في تقديره لاسباب الابطال ،ذلك انه يتعين على القاضي امعان النظر في جميع الظروف والملابسات ،واتخاذ جميع الاحتياطات  الازمة والضرورية ، وبحث ما اذا كان المتعاقد قد استغل حالة المرض والضعف التي يوجد عليها المتعاقد الاخر،والتي تجعله في وضع ادنى منه.
    ويمكن للقاضي في مجال الاثبات ،ان يعتمد على جميع الوسائل بما فيها شهاده الشهود والقرائن ولو بسيطة للوصول الى حقيقة الامر .ونشير الى ان غموض نص الفصل 54 من ق.ل.ع وغرابته ،هما اللذين يفسران  تردد وتضارب الفقه المغربي في تحديد حالة المرض والحالات الاخرى المشابهة ،كما ادى الى ندرة تطبيق الفصل المذكور على المستوى القضائي ،مما خلق جدلا حادا  سواء على مستوى الفقه او القضاء ،في محاولة لفهم واستيعاب محتويات الفصل المذكور وتحديد نطاق تطبيق.
وعليه، سيكون موضوع بحثنا مرتكزا بالخصوص على الإشكالات التي يطرحها الفصل 54 من ق.ل.ع «حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة«.وموقف القضاء من الفصل المذكور
وبالتالي سنعالج هذه الإشكاليات وفق التصميم الأتي:
المبحث الأول: حالات المرض والحالات الأخرى المشابهة له في إطار الفصل 54 ق.ل.ع.
المبحث الثاني: موقف القضاء من الفصل 54 من ق.ل.ع.





صنف الفقه حالات المرض إلى أمراض عقلية (أولا) وأخرى عضوية (ثانية).
يقصد بالأمراض العقلية "هي الأمراض التي تصيب عقل الإنسان وتؤثر عليه بشكل يضر به وبأمواله؛ ومن بين الأمراض العقلية نجد: العته (1)؛ السفه (2)؛ الجنون (3).
1- العته:
يعتبر بدوره عارضا من عوارض الأهلية وقد عرفته المادة 216 من مدونة الأسرة المعتوه كالتالي" المعتوه هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع معها التحكم في تفكيره وتصرفاته "
كما عرفها الفقه وذلك من خلال تعريف الإمام الزيلعي للمعتوه " هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام وفاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون"؛ إلا أن العته قد يرقى إلى مرتبة الجنون إذا تطورت حالة المعتوه إلى أسوء الأحوال فتطبق عليه أحكام المجنون أنداك.[4]
أما بالنسبة للتصرفات التي يبرمها الشخص المعتوه قبل الحجر عليه تكون صحيحة ونافذة؛ أما بعد الحجر عليه فإنها تكون قابلة للإبطال. لأن "العته" نقص في العقل ويختلط معه الكلام؛ فأحيانا كلامه يشبه العقلاء وأحيانا أخرى يشبه كلام المجانين وكذلك  باقي أموره وأفعاله.[5]
2- السفه:
عرفت المادة 215 من مدونة الأسرة السفيه كالتالي:" السفيه هو المبذر الذي يصرف ماله فيما لا فائدة فيه؛ وفيما يعده العقلاء عبثا؛ بشكل يضر به أو بأسرته " ولهذا فقد سوت مدونة الأسرة في الحكم بين السفيه والمعتوه والصغير المميز الذي أثم 12 عشر سنة شمسية كاملة واعتبرته ناقص أهلية الأداء.
وبالتالي يحق لأسرة السفيه التي تضررت من تصرفاته أن تلجأ إلى المحكمة من أجل الحجر عليه. طبقا للمقتضيات المادتين 220 و221 من مدونة الأسرة وبالنسبة للتصرفات التي يبرمها السفيه قبل الحجر عليه فإنها تكون صحيحة ونافذة؛ أما بعد الحجر عليه فإنها تلحق تصرفات الصغير الميز.[6] 
3- الجنون:
هو اضطراب يصيب القوة العقلية لشخص ويجعله فاقد التميز، فهو إذن عديم الأهلية حسب ما تشير إليه المادة 217 من مدونة الأسرة التي اعتبر المجنون عديم الأهلية وهو فاقد العقل سواء كان جنونه مطلقا يستغرق جميع أوقاته أو متقطعا بحيث يعتريه فترات يؤوب إليه عقله فيها، فالتصرفات التي يجريها المجنون قبل الحجر عليه فقد اختلف فقهاء المالكية بخصوص تحديد الشروط الواجب توفرها لإبطال التصرفات لا يمكن إبطالها إذا قامت البينة في اللحظة التي صدرت فيها. وكان المتصرف فاقدا عقله والبعض الأخر أعطى للحجر شيئا من الأثر الرجعي واعتبره أنه يكفي الإبطال التصرف الواقع قبل الحجر.
غير أن مدونة الأسرة حسمت هذا الإشكال، فاعتبرت أن  التصرفات التي يبرمها المجنون بعد الحجر عليه تكون باطلة بطلانا مطلقا، أما بالنسبة لتصرفات الصادرة عنه قبل إقرار الحجر عليه ،لا تستوجب البطلان إلى إذا كانت حالة الجنون شائعة لديه أثناء إبرام التصرف أو كان الطرف الأخر على علم بذلك.
ملاحظة هامة " في حالة عدم معرفة تاريخ حدوث السبب الموجب للحجر القانوني أو القضائي فإن التحجير لا يسري مفعولة إلى من تاريخ الحكم به.[7]  
إلى جانب الأمراض العقلية التي تمت الإشارة إليها سابقا هناك أيضا الأمراض العضوية أو ما يسمى أيضا بالأمراض الجسدية. ومن بين هذه الأمراض نجد: مرض الموت (1) ومرض فقدان المناعة المكتسبة (2).
1- مرض الموت
 مرض الموت حسب فقهاء الشريعة الإسلامية هو المرض الذي يؤدي عادة إلى الوفاة وكثيرا ما يصطلح على تسميته بالمرض المخوف، انطلاقا من الآثار التي يخلفها في نفسية المريض، والتي تظهر من خلال تصرفاته القانونية وهو على تلك الحالة.
وبالرجوع إلى المشرع المغربي فلم يعرف مرض الموت إلا أن القضاء عندنا يعتمد على الراجح أو المشهور من مذهب الإمام مالك الذي عرفه على أنه "مرض الموت هو كل مرض يقعد صاحبه من الدخول والخروج وإن كان جداما أو برصا أو فالجا فهو مرض موت ومن تمت يحجب فيه المريض.
وقد ارتأت بعض التشريعات العربية أن تعرف مرض الموت منها المشرع الأردني الذي عرف مرض الموت في المادة 453 من القانون المدني " بأنه ذلك المرض الذي  يعجز فيه الإنسان عن متابعة أعماله المعتادة ويغلب فيه الهلاك ويموت على تلك الحال قبل مرور السنة فإن امتد مرضه وهو على حال واحدة دون ازدياد سنة أو أكثر تكون تصرفاته كالتصرفات الصحيح " كما عرفته المادة 185 من قانون الأحوال الشخصية اليمني " مرض الموت هو المرض الذي يتصل بالوفاة ...[8]
2- مرض فقدان المناعة المكتسبة

ان مرض فقدان المناعة المكتسبة(الايدز)ثم اكتشافه سنة 1983،وهو اخطر مرض عرفته البشرية لعدم وجود علاج فعال ولا حتى لقاح  ضده يقي من يتعرض للفيروس من الاصابة بالمرض ،كما انه سريع الانتشار في الجسم،لذلك  يطلقون عليه  طاعون القرن العشرين ،فالمصاب به ينتظره الموت عاجلا او اجلا ،فهو يقتل المصاب به خلال القضاء على فاعلية جهازه المناعي ،فيصبح جسمه عاجزا عن الدفاع عن نفسه،اذا ما تعرض لاي ميكروب او طفيلي مهما كان بسيطا
والملاحظ ان هذا المرض يمر بثلاثة مراحل اساسية ،لكل مرحلة منها خصائص معينة.
ففي المرحلة الاولى لا يشعر بالاصابة سوى المريض نفسه ،بحيت لايكون للاصابة اي اعراض خارجية ،وبالتالي لايكون لها اي تاثير على قدرة الشخص في التعامل مع الاخرين ،وادارته لشؤون حياته،لهذا فان الاصابة في هذه المرحلة لا تعد من قبيل مرض الموت.
ثم تاتي  المرحلة الثانية او المرحلة الوسط ،وهي التي تتميز بظهور اثار  معالم  هذا المرض ،وهي كذلك لا تدخل في نطاق مرض الموت ،لانها لا تعجز صاحبها عن ادارة اموره وشؤون حياته ؟، وبالتالي لاتاثير لها على صحة التصرفات الصادرة عنه في هذه الفترة.
ثم هناك المرحلة الاخيرة التي يكون فيها المريض قد وصل اللى نهايته ،واكتمل ظهور اثار اعراضه على حال الشخص نفسه الصحية،وعلى علاقته بالاخرين في المجتمع ،حيت في هذه المرحلة تعد الاصابة بمرض الايدز من قبيل مرض الموت.والامر هنا متروك لتقدير طبيب ثقة للمرحلة التي يمر بها المريض ،ومدى  تاثيرها على صحة المصاب لمعرفة ما اذا كان مرض الموت ام لا.[9]    
كما يعد مرض السرطان من مرض الموت وهذا مايستفاذ من القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 28 يناير1986 والذي قضت فيه بابطال لبيع الذي ابرمه الهالك بالمستشفى يومين قبل وفاته لفائدة احد ورثته،بناء على ما تبت لها من دخول البائع المريض المصحة يوم 21 شتنبر 1986،والذي قضت فيه بابطال البيع الذي ابرمه الهالك بالمستشفى يومين قبل وفاته  لفائدة احد الورثته ،بناء على ما تبت لها من دخول البائع المريض المصحة يوم 21 شتنبر 1981،وهو في  حالة خطيرة ناتجة عن تفاقم مرض السرطان الرئوي الذي كان مصابا به،وانه توفي يوم 25 شتنبر1981 .[10]                                   
كما يعد مرض السل من مرض الموت غير ان هذا المرض عرف خلافا فقهيا ،فالمالكية يعتبرونه من امراض الموت ،في حين يرى الحنفية  انه  اذا طال المرض وصار الشخص بحال لا يخاف به  الموت فهو كالصحيح. 
بما ان الامراض العضوية وبالخصوص مرض الموت تثير العديد من الاشكاليات .

فهل يمكن لورثة المريض أن يتمسكوا  في مواجهة من تعاقد مع مورثيهم في ظل أحكام
الفصل 54 من ق.ل.ع؟ وهل يحق لهم أن يطالبوا بإبطال العقد الذي ثم إبرامه ؟؟
وفي هذا الصدد جاء قرار مدني صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا ) 26 نونبر 1987 (قرار عدد 3 في ملف عدد 2746)
"تقدم أربعة ورثة بمقال إلى المحكمة الابتدائية بسطات بتاريخ 7 دجنبر 1991عرضوا من خلاله أن والدهم المرحوم توفي بتاريخ 11 دجنبر 1991 عن سن يناهز 60 سنة بسبب مرض مزمن حاد لا ينفع معه علاج لازمه في الأيام الأخيرة من حياته حيث ازدادت حدة هذا المرض بزواجه بإمرة ثانية بعد طلاقه من والد تهم؛ حيث استغلت الزوجة الثانية عزلته عن أولاده ومرضه فجردته من جميع أملاكه؛ وتمسكوا المدعون بالفصل 54 من ق.ل.ع الذي ينص على" أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة " كما تمسكوا أيضا بالفصل 479 من ق.ل.ع " البيع المعقود من المريض في مرض موته تطبق عليه أحكام الفصل 344 إذ اجري لأحد ورثته بقصد محاباته؛ كما إذا بيع له شيء بثمن يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية أو اشترى منه شيئا بثمن يجاوز قيمته أما البيع المعقود من المريض لغير وارث فتطبق عليه أحكام الفصل 345.
وأخيرا طالب المدعون من المحكمة إصدار الحكم بإبطال العقود المبرمة، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية حكما يقضي يرفض الطلب؛ فاستأنف المدعون (الورثة) الحكم الابتدائي متمسكين بما سبق لهم أن تمسكوا به بخصوص أن  العقود أبرمت في مرض الموت وأنه يجب إبطاله وبتاريخ 9 فبراير 1994 أصدرت محكمة الاستئناف بسطات قرار تمهيديا يقضي بإجراء بحث في القضية وهو ما تم انجازه وعلى إثر هذه الإجراءات أصدرت محكمة الاستئناف بسطات قرار يقضي بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإبطال العقود موضوع الدعوى وثم الطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى في قرار محكمة الاستئناف بسطات بعدم التعليل؛ وقد ذهب المجلس الأعلى (محكمة النقص حاليا) إلى أحقية الورثة في المطالبة بإبطال العقد ولكن بتوفر شرطين وهما: أولا: اختلال الأداءات اختلال فادحا ؛
ثالثا: استغلال الهوى الجامح.
يتضح من هذا القرار أن المجلس الأعلى اشترط أن يقترن المرض باستغلال فادح من أجل التمسك بإبطال العقد؛ ومادام المجلس الأعلى (محكمة النقض) اشترط هذه الشروط،  رأينا من المفيد التطرق إلى أحكام الغبن الاستغلالي في النقطة الموالية.  
لدارسة أحكام الغبن الاستغلالي لا بد من إعطاء تعريف لكل من الغبن والاستغلال ثم بيان عناصره وتكييف الفصل 54 من ق.ل.ع.
1- مفهوم الغبن والاستغلال  
الغبن هو عدم التعادل أو انتفاء التوازن بين ما يعطيه العاقد وما يأخذه في عقود المعاوضة.
مثال :  البيع بثمن باهض يغبن المشتري؛ أو البيع بثمن بخس يغبن البائع؛ إذن فالغبن عنصر مادي.
أما الاستغلال فهو عنصر معنوي؛ ولا يعتبر الغبن إلا مظهرا ماديا له وهو أن يستغل أحد المتعاقدين ضعف أو حاجة أو طيش المتعاقد الأخر ويجبره على إبرام عقد يغبن فيه بحيث لا تتوازن في هذا العقد حقوق والتزامات المغبون.[11]
2- عناصر الغبن الاستغلالي:
يتضح من خلال التعريف المشار إليه أعلاه للغبن والاستغلال انه لابد أن يرتبط الغبن بالاستغلال لكي يحدث أثره القانوني؛ مما يعني أن الغبن الاستغلالي يحتوي على عناصر أساسية التي يتكون منها؛ فلا بد من وجود تفاوت بين ما يعطيه المتعاقد أو ما يأخذه أي ما يسمى بالعنصر المادي ولا يكتفي أن يكون تفاوت فقط بين ما يأخذه العاقد وما يعطيه لقيام الاستغلال بل يجب  توفر العنصر الثاني وهو العنصر النفسي والذي يتمثل في وجود التفاوت والاختلال الفادح بين الأداءات نتيجة استغلال الطيش البين أو الهوى الجامع في الطرف المغبون أو حاجته أو عدم خبرته.
غير أن عدم التعادل لا يكفي بل لا بد وأن يكون عدم التعادل فادحا وباهضا للطرف المغبون، وبالتالي فأصل المغابنة لا بد منها غير أنه يطرح التساؤل التالي: ما هو المعيار الذي يمكن الاعتماد عليه لتحديد عدم التعادل بين الأداءات؟ أو متى يعتبر التعادل فادحا؟ ومتى يعتبر غير فادح ؟؟.
إن القاضي له سلطة واسعة يستهدي فيها بظروف المتعاقدين في كل حالة على حدى باحثا عن العناصر النفسية لدى كل من الطرفين؛ ومن خلال هذه المقارنة يتبين له ما إذا كان أحد المتعاقدين قد حصل على فائدة مبالغ فيها؛ وما إذا كان المتعاقد الأخر قد لحق به ضرر من جراء عدم التعادل بين المأخوذ والمعطى.[12]
فبخصوص موقف القضاء من الغبن الاستغلالي فإنه يحول الإبطال ويعتبره سببا من أسباب إبطال العقود لعيب من عيوب الإرادة حيث جاء في إحدى القرارات التي تقضي ببعض حيثياته على أنه "... وحيث أن الفصل يمنح للمحكمة حق إبطال العقد المبرم في حالة المرض أو الحالات المشابهة؛ وأن المشرع لم يقيد ذلك الحق وجعل للمحكمة السلطة التقديرية"؛ وحيث أن الوثائق التي أدلت بها المستأنفة وخاصة الشهادة الطبية المحررة من قبل المستشفى العام بتاريخ 13 غشت 1976 يستفاد أن المذكور دخل عدة مرات مصحة  الأمراض العقلية مند 1967؛ كما أن موجب الخلل المدلى به أن السيد المذكور مصاب بمرض عقلي منذ 10أعوام ...".
حاولنا في هذه الفترة معالجة حالة المرض وأحكام الغبن الاستغلالي إلا أن هناك حالات تشبه حالة المرض مما يخول للقاضي إبطال التصرف الذي قام به الشخص المصاب؛ إذ تبين أن هذا المرض أثر على إرادته ولولا هذا التأثير لما أقدم على التعاقد وهذا ما سنعالجه في النقطة الموالية.
اختلف الفقه بخصوص تأويل وتكييف التعامل مع الفصل 54 من ق.ل.ع؛ حيت ظهر إلى الوجود اتجاهان رئيسان :
الاتجاه الأول : يرفض النص لكونه يشكل خطرا على المعاملات الجارية بين الأفراد، لأن  السلطة التقديرية التي يمنحها للقاضي سواء للتأكد من المرض والحالات المشابهة له، أو لتقرير البطلان من شأنها أن تؤثر سلبا على مبدأ استقرار المعاملات، وهناك من أنصار هذا الاتجاه من يدعوا القضاء التشدد في تطبيق النص المذكور اعتبارا لنفس المبررات.[13] ومن بين الفقهاء الذين يقولون بهذا الاتجاه ،نجد الاستاذ محي الدين اسماعيل الذي يرى ان تطبيق الفصل 54 من.ق.ل،تهديدا لاستقرار التعامل بين الافراد:"لان تقرير عيوب ارادة جديدة بواسطة القضاء من خلال الحالات الاخرى المشابهة للمرض ،ووضع شروط لها قد يعرض التعامل للاهتزاز ،لان عيوب الارادة امور نفسية لا ينبغي ان يدخل منها الى عالم القانون ،الاما يحدده المشرع نفسه ويفصل شروطه
ومن انصار هذا الاتجاه نجد كذلك الفقيه مولاي ادريس العلوي العبدلاوي ،الذي يرى ان الفصل 54 من.ق.ل.م يتميز بكونه عجيب وخطير في ان واحد فهو:عجيب في ذاته ،وخطير في اثره .فاما من ناحية العجب فيه،فلانه يترك لتقدير القاضي امرا هاما هو قيام العقد او بطلانه،في حين انه كان يجب على المشرع ان يحدد هذا الامر سلفا حتى يسير الناس في تصرفاتهم على بينة من الامر وحتى يامنوا المفاجات .اما من ناحية الخطورة في النص ،فهي انه قد يؤدي الى تحكيم القضاة واختلاف احكامهم في امر اساسي وخطير وهو قيام العقد اوبطلانه.[14]
الاتجاه الثاني : يذهب الاتجاه الثاني من الفقه المغربي الى عدم قبول تطبيق الفصل 54، الا بعد تاويله بشكل يتضمن معه نظرية الغبن الاستغلالي. ومن أول أنصار هذا الاتجاه الأستاذ مأمون الكزبري الذي يقول بهذا الخصوص " إن النظرية الحديثة للغبن ترتكز على فكرة الغبن الاستغلالي أحد المتعاقدين مرض أو حاجة أو ضعف أو طيش المتعاقد الأخر واستجراره إلى التعاقد على أسس يظهر فيها البون شاسعا بين ما ينشأ للمغبون من حقوق وما يترتب عليه من التزامات.
فهذه النظرية الحديثة للغبن حسب رأي الدكتور عبد الحق الصافي يمكن تطبيقها في المغرب في الحالات التي تقضي التشريعات الحديثة بوجوب الأخذ بها، وذلك استنادا لما ورد في الفصل 54 من ق.ل.ع " أسباب  الإبطال المبنية على حالات المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاء.[15]      
وفي ضوء هذا النص، إذ كان أحد المتعاقدين قد استغل مرض المتعاقد الأخر أو ضعفه أو طيشه البين أو هواه الجامع أو حاجته الماسة وأبرم معه عقدا لا تتعادل فيه التزامات الطرفين ،بل ينطوي على غبن  أحد هما غبنا فاحشا، فإن الطرف المغبون غبنا استغلاليا يخول له المطالبة بإبطال العقد، ولاسيما لأن المشرع منح القاضي سلطة واسعة في هذا المجال وترك تقرير الإبطال لرأيه وتقريره.[16]
وحسب رأي الدكتور عبد الحق صافي أن كلى الرأيين محل نظر:
فالأول: الرافض لتطبيق الفصل 54 أو الداعي إلى التعامل معه بحذر وتشدد لا ينسجم مع المبادئ القانونية السليمة وهي تفرض عدم إهمال النصوص القانونية التي تشكل إرادة المشروع، فالقاعدة الفقهية تقضي بهذا الخصوص بأن : " إعمال النص خير من إهماله "؛ هذا بالإضافة إلى أن العدالة والمنطق يقتضيان تخويل القاضي صلاحية الاستجابة لدعوى إبطال العقد استنادا إلى حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة المؤثرة على الإرادة وذلك إذا لم يجد سبيلا لإبطال هذا العقد استنادا إلى أحد عيوب الرضا الأخرى كالتدليس أو الإكراه.
والثاني: الذي يعتبر الفصل 54 تبنيا من المشرع المغربي لنظرية الغبن الاستغلالي فهو غير سليم أيضا، لأن تطبيق هذه النظرية يقتضي تحقق عنصرين أساسين العنصر الأول موضوعي قوامه اختلال التوازن الفادح بين التزامات أحد العاقدين والتزامات العاقد الأخر، والثاني نفسي يتمثل في أن أحد المتعاقدين إستغل في الطرف الأخر طيشا بينا أو هوى جامع. هذا مع العلم أن منطوق الفصل 54 لا يتضمن النص الصريح على أي واحد من هذين العنصرين.   
كما ان هناك راي يقول بان:المرض المقصود في اطار الفصل 54 يشمل كل التوترات النفسية والعقلية والعصبية التي تتسبب في انهيار ارادة المعاقد سواء كان المرض مزمنا او متقطعا .[17]
لذلك نخلص بأن هذا الفصل ذو طبيعة خاصة هدفه تكريس تمسك ق.ل.ع بالنظرية التقليدية للتعاقد التي تقوم على أساس احترام مبدأ سلطان الإرادة وحرية التعاقد فهو يحمي بالأساس مصالح العاقد الذي تعاقد وطأت المرض أو ما شابهه من وضعيات تلقائية أي غير مدبرة أفسدت إرادته؛ ويمكن بالتالي للقاضي من الاستجابة لطلب إبطال العقد عند ما لا يتأتي  ذلك استنادا إلى عيوب الرضى الأخرى.[18]    
بإمكان القاضي أن يستجيب لطلب إبطال العقد في حالات تشبه المرض من حيث نتائجه بحيث تكون معها إرادة العاقد مقيدة الحرية ومتأثرة بالظروف المحيطة بها؛ مما يعرضه للاستغلال ويجعله يبرم عقودا مجحفة في حقه لم يكن ليبرمها لو كانت إدارته سليمة.
ويلاحظ هنا توسع الفقه بخصوص الحالات المشابهة للمرض؛ وهناك من يقول بهذا الخصوص يقصد بالحالات المشابهة لحالة المرض حالات يوجد فيها الشخص تجعله أقرب للمريض ضعيف التفكير منه لسليم الجسم صحيح العقل والإدراك كما في الطيش الجارف أو الهوى الجامح أو الحاجة الماسة أو عدم الخبرة.[19] 




 الفقرة الأولى : الطيش البين والهوى الجامح :
يقصد بالطيش البين حالة اندفاع خالية من التبصر والإكثرات بعواقب الأمور ولا تتطلب أن يكون قاصرا على بعض الأمور؛ وهذا ما يميز حالة الطيش البين عن حالة نقصان الأهلية، ويتطلب أن يكون هذا الطيش بين أي ظاهرا للمتعاقد الأخر.[20]    
مثال: الشاب الصغير الذي يعميه المال الكثير الذي يرثه؛ فيجعله يندفع في تصرفاته من غير تدقيق فيها ولا إكترات لعواقب الأمور.
والشخص الذي يبرم عقدا دون أن يكون لديه أدنى علم بتفاصيله؛ أو حتى دون أن يكون لديه علم بنسبة قيمة كل من الالتزامين المتقابلين إلى بعضهما يعتبر في حالة طيش؛ وبالتالي فالطيش البين يعد حالة من الحالات المشابهة لحالة المرض في إطار الفصل 54 من ق.ل.ع.
يعتبر الهوى الجامع من أبرز الحالات المشابهة لحالة المرض في إطار الفصل 54 من ق.ل.ع؛ والمقصود بالهوى الجامح الشهوى الجامحة التي تؤثر في إرادة الشخص فتضعفها.
مثال: زواج رجل مسن من امرأة لا تزال في مقتبل عمرها فتعمد الزوجة إلى استغلال ما تلقاه لدى زوجها من هوى ؛ فتستكتب من العقود لنفسها وأولادها ما تشاء[21]؛ وكذلك العكس كالزوجة المسنة الثرية إذا تزوجت شابا عن ميل وهوى؛ فيعمد الزوج إلى استغلالها  وابتزاز مالها عن طريق عقود يمليها عليها.
وعليه فالهوى الجامع حسب تعبير الدكتور العلوي العبدلاوي هو الشعور الملح العنيف نحو شخص أو شيء، والذي يمثلك على الإنسان نفسه ويأسر منه إحساسه أو هو ميل نفسي إلى ناحية تغلب فيه عاطفة الإرادة، وقد يكون الهوى الجامح نحو شخص، كما هو الغالب
مثاله: الهوى الذي يتولد في نفس الرجل، لاسيما إذا كان متقدما في السن، نحو امرأة جميلة تأسر فؤاده، وتجعله ضعيفا في يدها، وتسيره حيث تريد، طمعا منه في إرضائها والتقرب منها.[22]

يقصد باستغلال الحاجة كل ضائقة أيا كانت، سواء كانت هذه الضائقة تهدد الشخص في ماله أو في حياته أو صحته أو شرفه.
والحاجة يمكن أن تلحق الشخص الطبيعي، والشخص المعنوي على حد سواء، ذلك أنه يمكن أن تثار الحاجة بالنسبة لشركة تجارية إذا ما كان هناك خظر حال الإفلاس.[23]
ومثال استغلال الحاجة:
المريض الذي يتطلب إجراء عملية جراحية له عاجلة ولا يمكن تأخيرها فالمريض في حاجة ملحة إلى اقرب طبيب وعلى العموم فقد نص المشرع المغربي على استغلال الحاجة في الفصل 878 من ق.ل.ع" من يستغل حاجة شخص آخر أو ضعف إدراكه أو عدم تجربته فيجعله يرتضي من أجل الحصول على قرض أو لتجديد قرض قديم عند حلول أجله فوائد أو منافع أخرى تتجاوز إلى حد كبير السعر العادي للفوائد وقيمة الخدمة المؤداة، وفقا لمتضيات المكان وظروف التعامل ويمكن أن يكون محلا للمتابعة الجنائية، ويسوغ إبطال الشروط والاتفاقات  المعقودة بمخالفة حكم هذا الفصل بناء على طلب الخصم، بل حتى من تلقاء نفس المحكمة، ويجوز إنقاص السعر المشترط، ويحق للمدين استرداد ما دفعه زيادة على السعر الذي تحدده المحكمة على أساس أنه دفع ما ليس مستحقا عليه وإذا تعدد الدائنون، كانوا مسؤولين على سبيل التضامن".
إذا فمن خلال هذا الفصل 878 من ق.ل.ع نجد أن المشرع المغربي أخد بنظرية الغبن الاستغلالي، ومادام أن استغلال الحاجة المنصوص عليها في هذا الفصل تعطي حق إبطال التصرف المبرم نتيجة الحاجة فإنما تكون حالة من الحالات المشابهة المنصوص عليها في الفصل 54 من ق.ل.ع.
فالواقع أن معظم الحالات التي يوجد فيها غبن جسيم يرجع غالبا إلى الحاجة الملحة وهذا تأكيد لانطواء الفصل 54 من ق.ل.ع على فكرة الغبن.[24]    
إن المقصود بعدم الخبرة تخلف المعرفة لدى الشخص في نطاق المعاملات لدرجة لا يستطيع معها أن يدرك حقيقة مدى التزاماته.[25]
وعدم الخبرة هو من الأمور التي تدخل في التقدير المطلق لقاضي الموضوع، مستعينا في ذلك بالأعراف والعادات المحلية، وعليه فحالة عدم الخبرة أو التجربة من الحالات المشابهة والتي عبر عنها المشرع المغربي في الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود.[26]
الأصل أن كل من بلغ سن الرشد القانوني إلا ويكون له حق التصرف في ماله بالبيع أو غيره من التصرفات القانونية الأخرى، طالما أن المتصرف كان في كامل قواه العقلية ولم يثبت عليه ما يؤكد سفهه، إلا أن هناك الكثير من الحالات التي يمنع فيها الشخص من التصرف في ماله لقصور في السن أو لخلل عقلي أو سوء في تدبير الأمر، وهذه العوائق الشخصية قد تحول دون إبرام التصرفات القانونية فيتقرر المنع من التصرف لعدم اكتمال الأهلية اللازمة لصحة التعاقد من ذلك.  مثلا: التصرفات الصادرة عن المريض في مرض الموت.
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 479 من ق.ل.ع فإننا نلاحظ أنها تتعلق بالبيع المعقود من المريض في مرض موته وقد ورد فيه بأن البيع المعقود من المريض في مرض موته تطبق عليه أحكام الفصل 344 من ق.ل.ع إذا جرى لأحد ورثته بقصد محاباته، كما إذا بيع له شيء يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية أو اشترى منه شيء بثمن يتجاوز قيمته، أما البيع المعقود لغير وارث فتطبق عليه أحكام الفصل 345 من ق.ل.ع.[27]
ومن خلال تحليل مضمون الفصل 479 من ق.ل.ع يتبين لنا أنه يتضمن حالتين لمنع المريض من التصرف، أولهما تتعلق بالبيع الحاصل من المريض بقصد محاباة بعض الورثة والثانية تخص البيع الذي يعقده المريض مع الغير حيث لا يجوز إلا في حدود ثلث ما تبقى من التركة بعد سداد الديون وأداء مصروفات الجنازة.[28] 
إن التصرفات التي يجريها المريض أتناء مرض الموت غالبا ما تكون محفوفة بالمخاطر والشكوك التي تحوم حولها خصوصا إذا وردت على سبيل التبرع أو كان المستفيد منها واحد من الورثة، إذ قد يكون القصد من إبرامها هو محاباة بعد الورثة على حساب حرمان البعض الآخر.[29]
وتفاديا لكل هذه الشبوهات فإن المشرع قد قيد من حرية المريض في التعاقد وذلك عندما جعل البيع الذي يعقده المريض لصالح أحد الورثة موقوفا على إجازة باقي الورثة الآخرين.
وحماية لحقوق الورثة المرتبطة بأموال المريض فإن المشرع قيد من حرية هذا الأخير في التصرف حفظا لما له متى تحققت الشروط الآتية:
1) أن يحصل البيع من المريض في فترة مرض الموت.
2) أن يكون المستفيد من هذا التصرف واحد من الورثة.
3) أن يكون البيع أو الشراء من أجل محاباة هذا الوارث.
إذا كان الشرطين الآخرين لا يتيران أي إشكال من الناحية العملية في ميدان فقه القضاء، إلا أنه على العكس من ذلك  فإن الشرط الأول أثار الكثير من التساؤلات الفقهية والقضائية بخصوص المعنى المقصود من مرض الموت أولا ؟؟ ومدى الارتباط الموجود بين هذا المرض وواقعة الوفاة ثانيا؟
لقد فسرت المحاكم المغربية مضمون الحالات المرضية والحالات المشابهة لها في إطار مقتضيات الفصلين 54و479 من ق .ل.ع بمصطلحات فضفاضة جدا كان لها أثر سلبي على وحدة الاجتهاد القضائي المتعلق بمضمون هذه الفصول خصوصا بالنسبة للحالات التي تتداخل فيها عناصر الأمراض المزمنة بغيرها من عناصر الأمراض العادية الأخرى، ففي الوقت الذي تعذر فيه على محاكم الموضوع فهم المقصود من الحالات المشابهة للحالات المرضية كسبب للإبطال في إطار مقتضيات الفصل 54 من ق.ل.ع المتعلق بالغبن الاستغلالي، فإنها في مقابل ذلك لجأت لتفسير الحالات المرضية الموجبة لبطلان عقد البيع المرتبطة بالمحاباة في ظل مقتضيات الفصل 479  من ق.ل.ع بمصطلحات عامة من ذلك ما جاء في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 18/02/2002 في الملف المدني عدد 89 من انه  ( يشترط لإبطال العقد بسبب مرض الموت أن  يكون المتعاقد وقت إبرام العقد مريضا مرض الموت وأن يؤثر ذلك على مداركه العقلية )
وعندما أحست المحاكم بعدم جدوى النهج العام في التفسير فإنها انتقلت إلى التشخيص التدقيق لطبيعة المرض الموجب لبطلان التصرف.[30]
وإعمالا لهذا التوجه القضائي فإن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) ذهب في الكثير من القرارات الصادرة عنه إلى ملامسة طبيعة مرض الموت الموجب لبطلان التصرفات القانونية قرار المجلس الأعلى المؤرخ في 14 ماي 2008 ملف شرعي عدد 423 الذي جاء فيه بأن تقدير الأدلة تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة إلا فيما تستخلصه منها، ولما استخلصت بأن الواهب لم يكن فاقدا لوعيه وإدراكه رغم إصابته بمرض الشلل النصفي وأن مرور أكثر من ستة سنوات على إصابته بالعجز المذكور ووفاته يجعل مرض الموت منتفيا في النازلة فإنها تكون قد قدرت الأدلة تقديرا سائغا يبرر ما انتهت إليه، لأن المرض المزمن الذي يطول علاجه لا يعد مرض موت الموجب لإبطال تصرفات الشخص الواهب.[31] 
كما جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا ) عدد 44 مؤرخ في 6/9/2011 الصادر في الملف المدني  296 الذي جاء فيه بأنه مادام مرض الزهيمر يؤثر بصفة على القدورات العقلية للمصاب به خاصة ملكة الإدراك والتميز لديه، فإنه ينهض سببا للتحجير عليه وللمحكمة أن تعتمد في إقراره سائر وسائل الإثبات ومنها الخبرة الطبية وليس ضروريا للحكم به تحديد تاريخ الإصابه بالمرض المذكور لكون قضائها غير متوقف عليه.[32] 
اجتمع الفقهاء على ضرورة اتصال واقعة الوفاة بالمرض الذي حصل التعرف في ضله وهذا الارتباط العضوي بين كل من التصرف المشوه والمرض المخوف والوفاة الناجمة   عنه رغم بساطة المعادلة التي ينبني عليها، إلا أن هذا الارتباط أثار الكثير من التساؤلات الفقهية التي كان لها أثرها البالغ في خلق الكثير من المبادئ التي لا زال العمل جاريا بها لغاية الآن رغم كثرة الإنتقادات التي وجهت إليها ماضيا وحاضرا.[33] 
ومن خلال الإطلاع على بعض القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى بخصوص هذا الموضوع فإننا نلاحظ أن المجلس الأعلى قد تشدد كثيرا في تفسير مضمون الفصل 479 من ق.ل.ع حيث أنه لم يقبل طلبات بطلان العقود التي يبرمها المريض مرض الموت لصالح بعض الورثة إلا في نطاق ضيق جدا ويرجع الأمر في ذلك إلى عاملين كان لهما الأثر الأكبر في سلوك هذا التفسير وهما.
العامل الأول: تمسك المجلس الأعلى بقاعدة الأتمية  لتبرير تصرفات المريض مرض الموت والمقصود بهذه القاعدة في الفقه المالكي تفيد أن الرسوم والعقود التي ورد فيها الإشهاد على البيع أو غيره من العقود الأخرى بأتمية البائع، كذلك يعني أن هذا الأخير كان في كامل أحواله الصحية التي تسمح له بإبرام العقد وهناك الكثير من القرارات التي تؤكد تمسك المجلس الأعلى بهذه القاعدة.[34]  ومن ذلك مثلا القرار الصادر عنه بتاريخ 25/12/1982.[35]
العامل الثاني: جاء في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 28/3/1995بأن الإشهاد على المتصدق بالأتمية كاف لصحة عقد الصدقة وأن الأصل في الأشخاص الملائمة إلى أن يثبت العكس وقد تبين من خلال الوقائع أن شخص قد قام ببيع بعض أملاكه لزوجته وبنته أثناء مرض موته وتصدق بالبعض الأخر عليهما، بعد صدور الحكم الإستئنافي الذي أقر صحة البيع والوصية بالأتمية الشيء الذي حمل الطاعنتين على رفع هذا النزاع إلى المجلس الأعلى.
من خلال هذا القرار المشار إليه سابقا فإننا نخلص إلى تسجيل الملاحظات التالية:
الملاحظة الأولى : أن المجلس الأعلى لا زال يتمسك بالجانب الشكلي للعقد على إطلاقه فكلما كان حاملا لتأشيرة الأتمية إلا وكان موثوقا به ودليلا على صحة ما يتضمنه من نقل للحقوق والالتزامات.
الملاحظة الثانية : أن تأشيرة العدول بالأتمية لن تحل مطلقا محل شهادة الخبرة الطبية التي تؤكد أو تنفي مرض الموت بالاستناد إلى الوضعية الصحية للمريض المتصرف قبل وبعد إبرام هذا التصرف.[36]
الملاحظة الثالثة: أن البحث عن مدى توفر أو عدم توفر عنصر المحاباة في البيع الحاصل من المريض مرض الموت للوارث تعد أيضا من أمور الواقع بحيث يتعين الرجوع فيها لذوي الخبرة الذين لهم إمكانية تقديم الثمن وفي ما إذا كان الوارث المشتري العادي أم لا، ويكون من حق الوارث الدفاع عن نفسه بإثبات أنه دفع الثمن العادل الذي تستوجبه  المعاملة التي أجراها مع المريض مرض الموت.
انطلاقا من الفصل 479 من (ق.ل.ع )الذي يحيلنا على مقتضيات الفصل 345  من نفس القانون فإن الحكم الذي يسري على الإبراء الحاصل من المريض لمصلحة الغير هو الذي ينطبق أيضا على البيع الذي يعقده هذا المريض مع الغير، ومصير هذا النوع من التصرفات هو الجواز لكن في حدود ضيقة جدا، فالبيع لا يصح إلا في الثلث الباقي من التركة بعد سداد الديون وأداء مصروفات الجنازة، وأساس هذا التضييق في دائرة عدم جواز الاحتجاج بهذه التصرفات إزاء الورثة هو أن الأعمال والتصرفات الصادرة عن الأشخاص في فترة مرض الموت غالبا ما يكون القصد منها هو التبرع حتى ولو كان المستفيد منها واحدا من الأغيار، لذلك اعتبرتها معظم التشريعات المدنية من قبيل التصرفات المضافة لما بعد الموت وتسري عليها أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي أعطيت لهذا التصرف بحيث لا يجوز إلا في حدود ثلث التركة وذلك بعد اخرج الحقوق الممتازة وأداء مصروفات الجنازة.[37] 
الوصية المشهود بها في محرر رسمي تقع صحيحة بالرغم من وقوعها خلال مرض الموت بما ان الوصي راشد وهذا ماجاء في قرار محكمة النقض ان"..حيت ان الوصيةالمطعون فيها  رسمية مشهود بها لدى عدلين منتصبين للاشهادوبالتالي فلا يسري عليها حكم الوصية العرفية المقررة بالمادة 297 من مدونة الاسرة  المحتج بخرقها ،وهي من الحقوق المتعلقة بعين  التركة ومقررة بنص قانوني طبقا للمادتين 277و322من مدونة الاسرة،وتصح حتى من المريض مرض الموت طالما انه راشدا طبقا للمادة 297 من نفس المدونة ،ولا يتوقف نفاذها على  اجازة الورثة  لها لانعدام النص سواء في ظل قانون التحفيظ العقاري المؤرخ في 12/08/1913 او في ظل قانون 07/14 المغير والمتمم له خلاف ما ورد في النعي ،ثم ان شهودالاراثة المطعون فيها يهدوا بما في علمهم من الورثة ،..."[38]


سنحاول الوقوف بداية على الاختلاف القضائي في تأويل الفصل 54 من ق.ل.ع. ويتعلق الأمر هنا بمحاكم الموضوع التي هي محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف.(المطلب الأول )،وبعد ذلك نقف عند السلطة التقديرية في إبطال العقد المبني على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة .(المطلب الثاني )
يمكن أن نميز في موقف القضاء المغربي من الفصل 54بين اتجاهين ،الاتجاه الأول متمسك بالنص،وهو اتجاه محاكم الموضوع (أولا)،والاتجاه الثاني وهو موقف محكمة النقض والتي تستبعد تطبيقه أو على الأقل تأويله بما يقيد سلطة القاضي التقديرية وإخضاعها لرقابته (ثانيا )
من خلال الإطلاع على المنشور من قرارات وأحكام الموضوع ،نجد هذه الأخيرة تتمسك بالسلطة التقديرية التي يخولها لها النص سواء في تحديد المرض والحالات المشابهة أوفي الحكم بالإبطال من عدمه فقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش ما يلي:
وحيث إن المشروع المغربي ،استنادا إلى مبادئ الشريعة الإسلامية ،حث على إبطال الاتفاق الذي قد  تكون فيه حرية أحد الأطراف محدودة في إطار جد ضيق إلى درجة أنه لو كان له التصرف الطبيعي في ظروف عادية لما أعطى رضاه على فحوى العقد وشروطه .
وأنه في هذا الاتجاه ،وارتكازا على هذه القاعدة ،أكد الفصل 54من ق.ل.ع بأن" أسباب الإبطال المبنية على المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة"
وذلك على غرار الفصل 306من قانون التجارة البحرية الذي ينص هو الآخر على أن كل اتفاقية إنجاد أو إنقاذ مبرمة ساعة الخطر أو تحث تأثيره يمكن إلغاؤها أو تعديلها من طرف القاضي وحالات أخرى شبيهة لم ينص عليها القانون.
وأنه يجب إذن البحث عما إذا كان المرحوم السيد ...عندما أبرم مع السيد ... العقد المؤرخ في 21ماي 1969 الذي باع بمقتضاه لهذا الأخير ا لڤيلا الواقعة...بالرباط ذات الرسم العقاري ....مريضا إلى درجة لم يكن متوفرا على جميع القوى الكفيلة ببقائه متمتعا بالوعي
الكافي والضروري لإرشاد إلى صيانة مصالحه والحفاظ عليها وتدبير شؤونه تدبيرا محكما وأن حالته الصحية كانت سيئة إلى حد أنها كانت حائلة دون أن تترك له التصرف الذي يتمتع به الرجل العادي والطبيعي ".
"وحيث وخلافا لذلك أن المستأنفين أدليا بشهادة صادرة من الطبيب....بتاريخ 28 غشت 1970يؤكد فيها على أنه كان يعالج السيد ... منذ سنة 1965 إلى أن وافته المنية،وأن المريض كان مصابا بمرض قلبي كان يستوجب علاجا دوريا ونظاما غذائيا صعبا،وأن حالته  الصحية ازدادت خطورة في غضون شهر يوليوز1968إلى درجة أنه كان يصاب بالإغماء الأمر الذي أوجب إدخاله لمدة ثلاثة أيام للمصحة .
وانه بعد ذلك ظهرت بعض الاضطرابات في جهازه الدموي مصحوبة بفقدان الذاكرة من آن لآخر،ثم في شهر نونبر 1968أصيب كبده بمرض خطير أدى إلى ضعف جسمه و وجوب معالجة استمرت مدة ثلاثة أشهر .فتضاءلت إثر ذلك قواه العقلية وفي الشهور التالية وقعت اضطرابات جديدة في دماغه مصحوبة هي أيضا بفقدان الذاكرة،وقبل موته الذي وقع يوم 14ينويو 1969.كان يعاني من ألم نفساني قوي .فصرح لطبيبه صاحب الشهادة أنه يواجه صعوبات مادية جسمية أدت به إلى فقدان التمييز، والتمييز، ويضيف الطبيب في شهادته أن السيد ....لم يبق متمتعا بقواه العقلية ابتداء من شهر يوليوز 1968.
وحيث أن هذه الشهادة تتضمن تفاصيل مدققة عن مرض السيد .. وتؤكد أنه في الأيام الأخيرة من حياته ،أي في الوقت الذي تم فيه عقد البيع المتنازع فيه لم يكن في حالة يستطيع معها التصرف اللائق بالرجل الطبيعي وبالتالي لم يكون التمييز الكافي إذن لصيانة مصالحه".
وحيث ليس من الضروري لتطبيق الفصل 54 من ظهير الالتزامات والعقود أن يكون هناك مرض عقلي بل يكفي أن يتضح أن مرض المعني بالأمر أدى به إلى درجة أنه لو كان له التصرف الطبيعي في ظروف عادية لما أعطى موافقته على مضمون العقد .
وحيث إن الحالة الصحية للسيد .. التي وصفها الدكتور الذي كان يعرفه جيدا قيد حياته وتتبع تطورات مرضه من   البداية إلى النهاية ،لم تكن تسمح له بأن يتصرف ذلك التصرف
العادي وأن المحكمة لما اقتنعت بأنه لو لم يكن في تلك الحالة الصحية لما أعطى رضاه بخصوص البيع المتنازع فيه .
"وحيث يجب بالتالي إبطال ذلك البيع واعتباره كأنه لم يكن والأمر بالتشطيب على تسجيله من الرسم العقاري".[39]
وبناءا على ما سبق يمكن القول على أن محكمة الاستئناف بمراكش اعتبرت مفهوم المرض في الفصل 54 لا يتعلق بالمرض العقلي وإنما بالمرض الجسدي المؤثر على الإدراك.وهي بذلك تمارس السلطة التقديرية التي يخولها لها النص في تحديد الحالات التي ينطق عليها .وهي نفس السلطة التي يخولها  لها في إقرار إبطال التصرف المبرم من المريض حال مرضه .[40]
وعلى نفس المنوال ذهبت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرار لها حيث جاء فيه
وحيث أن الفصل 54 من ق.ل.ع يمنح للمحكمة حق إبطال العقود المبرمة في حالة المرض و الحالات الأخرى المشابهة ،وأن المشرع لم يقيد ذلك الحق بل ترك للمحكمة سلطة تقدير ما إذا كانت حالة المرض التي يوجد عليها المتعاقد في فترة إبرام العقد هي التي جعلته يقوم بإبرام العقد أم لا .
وحيث أن الوثائق التي أدلت بها المستأنفة وخاصة الشهادة الطبية المحررة من طرف الطبيب الرئيس بمستشفى إبن رشيد 31غشت 1976 يستفاد منها أن السيد ....دخل عدة مرات لقسم الأمراض النفسية مند 29نونبر 1976،كما أن شهادة الطبيب بمستشفى إبن رشد تشير إلى أن السيد ...عولج لمدة شهرين بمصحة الأمراض العقلية منذ 1967.كما أن موجب الخلل المدلى به ،والمحرر بتاريخ 19شتنبر 1977، يستفاد منه أن السيد ....مصاب بمرض عقلي ولا يعرف ما يضره ولا ما ينفعه وأنه على تلك الحالة منذ 10 أعوام ولا زال بتاريخ تحرير الموجب بمستشفى الأمراض العقلية بالبيضاء ،وحيث أن خبرة الخبير الدكتور ....يستفاد منها أن السيد .....مصاب بمرض انهيار مند سنة 1967 وأنه يعالج تحت إشراف الخبير مند سنة 1980...
وحيت أن نتيجة الخبرة التي توصل إليها الخبير تؤكد بالفعل انه يعاني من أمراض عصبية ونفسية مند سنة 1967 ولازالت مستمرة لحد الآن، و يستفاد منها أن السيد... لا يتمتع بكامل قواه العقلية، و أن أهليته ناقصة وإن كانت غير منعدمة، وأن قيامه ببيع داره الوحيدة التي يسكن بها، سيؤدي إلى تفسخ حالته الصحية.
 ولذلك قضت، بعد إلغاء الحكم الابتدائي، بإبطال العقد الذي باع بموجبه المريض داره لشخص أخر.[41]
 ووفق نفس المسار اتجهت محكمة الاستئناف بالرباط حينما قضت بإبطال عقد البيع، الذي أبرمه الهالك بالمستشفى يومين قبل وفاته لفائدة أحد الورثة، بناء على ما ثبت لها من " دخول البائع المريض المصحة يوم 21\09/1981 وهو في حالة خطيرة ناتجة عن تفاقم مرض السرطان الرئوي الذي كان مصابا به وأنه توفي يوم 25\09/1981  وأن الفصل 54 من ق.ل.ع. ينص على أن أسباب البطلان المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة موكلة لتقدير القضاة، وأنه تبين من ظروف البيع أن إرادة البائع كانت معيبة ولم تكن سليمة وعلى أن الشاهدين الموقعين على العقد أثبتا فقط هوية المريض وأنه لم يستطع التوقيع عليه ولم يكلف من ينوب عنه بذلك، وأنه يستفاد من الظروف والملابسات أن الطاعن استغل حالة ووضعية البائع للحصول على عقد البيع فكانت أسباب الإبطال المنصوص عليها في الفصل 54 من ق.ل.ع متوفرة".[42]
إذا كانت محاكم الموضوع تفسر مفهوم المرض في إطار الفصل 54 من ق.ل.ع بأنه مرض جسدي يؤثر على الإدراك. فإن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا). ذهب بخلاف ذلك، فهو لا يتردد في استبعاد تطبيق نص الفصل 54. لكن في الوقت الذي لا يجد فيه غيره أساسا قانونيا لكل نزاع، فإنه لا يقبل به إلا بعد تأويله على أنه يتضمن عناصر الاستغلال.
وعليه فحينما نظر المجلس الأعلى في قرار محكمة الاستئناف بمراكش المشار إليه أعلاه يستبعد المجلس الأعلى تطبيق الفصل 54. بل تطبيق ظهير ق.ل.ع بصفة عامة على النازلة لأنه إعتبر أن القضية تتضمن عنصرا أجنبيا، وهو كون البائع فرنسي و كذلك ورثته، كما نقض المجلس الأعلى قرار محكمة الإستناف لكونها طبقت الفصل 54 دون أن تتأكد من مدى اكتمال أهليته من عدمها. فقد جاء في قرار المجلس الأعلى [43] ما يلي : " حقا، حيث أن النزاع يدور في جوهره حول أهلية البائع الفرنسي للتعاقد، وقد نص الفصل الثالث من ق.ل.ع على أن الأهلية المدنية تخضع لقانون أحواله الشخصية، وكل شخص أهل الإلتزام والإلتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك". وتفيد مستندات الملف، أن الطاعن بمقتضى مذكرته الجوابية بعد الإحالة الموضوعة بكتابة الضبط بتاريخ 8 دجنبر 1979، أثار دفعا تضمن أن البائع كان مالكا ويدير ثروة هائلة ولو كانت حالته العقلية غير تامة لتقدمتا أي المستأنفتين في حياته بوضع الحجر القانوني لمنعه من التصرف، استنادا إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي حثت ، على إبطال الاتفاق الذي قد يكون فيه حرية أحد الأطراف محدودة في إطار ضيق إلى درجة أنه لو كان له التصرف الطبيعي في ظروف عادية لما أعطى رضاه على فحوى العقد وشروطه" واستندت في قضائها على مقتضيات الفصل 54 من ق.ل.ع الذي لا يتأت تطبيقه إلا بعد التحقق من أتمية الأهلية المدنية للبائع الفرنسي الجنسية أو عدم أتميتها طبقا لقانون أحواله الشخصية، الأمر الذي تكون معه محكمة الاستئناف تلك العلل أبعدت تطبيق قواعد الأحوال الشخصية للمعني بالأمر دون أن تعلل بكفاية ما قضت به الشيء الذي لا يمكن معه للمجلس الأعلى ممارسة مراقبته.
لهذه الأسباب.قضى بنقض القرار المطعون فيه وبإحالة القضية على محكمة الإستناف بفاس." يبدو أن المجلس الأعلى قد تعامل مع النزاع على ضوء قواعد القانون الدولي الخاص على اعتبار أن أحد طرفيه فرنسي، لكن هل يعتبر العقد دوليا لمجرد أن أحد طرفيه أجنبي ؟ هذا ما سار عليه فقه القانون الدولي الخاص في عهد الحماية، حيث كان يعطي للعقد الدولي مفهوما واسع يشمل أي عقد يكون أحد طرفيه أجنبيا.[44]
وهو موقف منتقد من جانبين. فمن جهة لم يكن له مبرر غير الدفاع عن نظام الامتيازات، ومن جهة أخرى فقد أصبح هذا التحديد متجاوزا نظرا لأن الاتجاه السائد اليوم في فقه القانون الدولي الخاص يعتمد على ضوابط موضوعية أخرى لتحديد الصفة الدولية للعقد أهمها ارتباط محله بالتجارة الدولية وليس على ضوابط شخصية.
ومن أجل استبعاد تطبيق الفصل 54 على هذا النزاع، كيف المرض على أنه متصل بالأهلية، والحق أن المرض الذي ينص عليه هذا الفصل لا يعتبر سببا في نقص الأهلية وإنما حسب الصياغة التي اتبعها مشرعه، عيبا من عيوب الإرادة ، ومن هنا كان موقف المجلس الأعلى منتقدا، خصوصا وأن المرض الثابت هو مرض جسدي وليس مرضا عقليا، لأن هذا الأخير هو الذي يؤثر على الأهلية من عدمها.[45]
وقد انتقد هذا القرار من نفس منطق القانون الدولي الخاص ، ذلك انه ربطه بين عيوب الرضا وبين الأهلية وإخضاعهما معا لقانون الشخص تطبيقا للفصل الثالث منه جعله يسير في ذلك فقه الحماية.[46]
ومن ناحية أخرى إذا كان هذا الموقف مبررا في عهد الحماية بفكرة توسيع شخصية القوانين واستثناءا لقانون الالتزامات و العقود المغربي. فإنه أصبح متجاوز اليوم في القانون الدولي الخاص المغرب المستقل حيث أصبحت السيادة التشريعية والقضائية للدولة المغربية كاملة، بعد أن انمحى كل أثر للمعاهدات والامتيازات القديمة فمن واجب القضاء المغربي إذن أن يتبع المسلك الذي يكفل تحقيق هذه السيادة في كل جوانبها، نافضا يده عن كل ذلك وبناء على وقائع النازلة نجد أن البيع الذي أبرم بتاريخ 21 ماي 1969 قد وقع من البائع وهو في مرضه الذي مات منه، حيث حصلت الوفاة بتاريخ 14 يونيو 1969 الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن مدى إمكانية تطبيق أحكام بيع المريض مرض الموت المنصوص عليها في الفصل 479 من ق.ل.ع.[47]
ويظهر أن تطبيق هذه الأحكام قد يؤدي إلى الإحالة على القانون الفرنسي ذلك أن أحكام بيع المريض مرض الموت تبين على تنزيل هذا البيع منزلة الوصية، ومن شأن هذا التكييف أن يحيل على القانون الفرنسي.
إلا أن استبعاد الضوابط الشخصية واعتماد الضوابط الموضوعية في تحديد الصفة الدولية للعقد وبالتالي الاستناد إلى موقع العقار موضوع التصرف يجعلنا نرجح قاعدة قانون الموقع التي تسند الاختصاص إلى القانون المغربي، خاصة الفصل 54 من ق.ل.ع.[48]
وحينما نظر المجلس الأعلى في قرار محكمة الإستئناف بالدار البيضاء المشار إليه أعلاه، و الذي تمسكت فيه المحكمة المذكورة بالسلطة التقديرية التي يخولها لها النص لم يتردد المجلس الأعلى في نقضه استنادا إلى تأويل الفصل 54 من ق.ل.ع على أنه يتضمن عناصر الاستغلال، وقد بنى المجلس الأعلى قراره على ما يلي :
"حيث أنه بمقتضى الفصل 54 من ق.ل.ع إذا استغل أحد المتعاقدين مرض المتعاقد الأخر وأبرم معه عقد لا تتعادل فيه التزامات الطرفين، فإن الطرف المغبون غبنا إستغلاليا، يسوغ له أن يطالب بإبطال العقد.
حقا حيث يتجلى من القرار المطعون فيه، أن المحكمة عندما بتت في الدعوى الرامية إلى إبطال عقد البيع... في إطار الفصل 54 من ق.ل.ع نظرا لكون البائع كان مصابا بأمراض عصبية ونفسية حين إبرام العقد اقتصرت في تعليل ذلك على القول " حيث أن الفصل 54 من ق.ل.ع. يمنح للمحكمة حق إبطال العقود المبرمة في حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة وأن المشرع لم يقيد ذلك الحق بل ترك للمحكمة سلطة تقدير ما إذا كانت حالة المرض التي يوجد عليها المتعاقد في فترة إبرام العقد هي التي جعلته يقوم بإبرام العقد أم لا...." في حين أن تطبيق الفصل 54 المعتمد عليه والذي يعالج حالة الغبن الاستغلالي باعتباره سببا من أسباب الإبطال كعيب من عيوب الرضا يتطلب توافر عنصرين. عنصر مادي وهو عدم تعادل التزامات الطرفين، مثل الثمن والشيء محل البيع عنصر نفسي وهو في هذه النازلة. حالة المرض التي نتج عنها عدم التعادل، وأن المحكمة وإن أبرزت حالة المرض. فإنها لم تبرز العنصر المادي أي غبن البائع. كنتيجة لاستغلال حالته المرضية.
ولعل ما يميز هذا القرار، فضلا عن تعرضه مباشرة للفصل 54، هو أنه تبنى بشأنه التأويل السائد في الفقه والذي يرى في هذا الفصل تكريسا لنظرية الاستغلال وهو تأويل ليس له من تبرير غير عدم الثقة بالقاضي. والرغبة في تقييد السلطة التقديرية التي يمنحها له هذا الفصل، وذلك بإدخال عنصر جديد فيه يمكن للمجلس من بسط رقابته عليها وهذا العنصر هو الغبن، أي عدم التعادل بين التزامات الطرفين، في حين أن النص لا يتضمن مثل هذا العنصر وغيرها.[49]
وقد اهتدى المجلس الأعلى مؤخرا إلى تأويل صحيح للفصل 54 حيث اعتبره مكرسا لعيب من عيوب الإرادة وهو المرض، ولسلطة القاضي التقديرية في الحكم بالإبطال من عدمه، لكنه لم يستطع أن يتخلص مع ذلك من هيمنة تأويل القاضي بأن الفصل 54 يكرس نظرية الاستغلال، ذلك أنه لم ينظر إلى المرض في ذاته كعيب من عيوب الإرادة وأن العلة في اعتباره كذلك هي تأثيره على الإدراك و التمييز وإنما نظر إليه كسبب من أسباب الاستغلال هذه عبارة عن حيثيته: " لا يشترط لإبطال العقد لسبب المنصوص عليه في الفصل 54 من ق.ل.ع. أن يكون الشخص فاقد للوعي بل يكفي أن تكون إرادته معيبة بسبب المرض الذي نزل به وأن المتعاقد معه استغل وضعيته هذه فحصل منه على قبول إبرام عقد ما كان ليقبله لو كان سليما معافا، وأن المحكمة لما لها من السلطة التقديرية الممنوحة بمقتضى الفصل 54 من ق.ل.ع اعتبر أن الهالك لم يكن حرا في تصرفه، وأن المشتري إستغل المرض الخطير الذي نزل به فأحظر الموثق للمصحة التي كان يعالج فيها وأشهد بالبيع.
والحقيقة أن التأويل الذي أعطاه المجلس الأعلى وقبله الفقه للفصل 54 يمكن سد ثغرة كبيرة في ق.ل.ع هي كونه لم ينظم نظرية الاستغلال، لكن تأويل الفصل 54 في ضوء مصادره المادية التاريخية أو حتى في ضوء المستقر في القوانين المقارنة يفيد أنه لا علاقة لهذا الفصل بنظرية الاستغلال وإنما يتعلق الأمر بحكم خاص جاء به مشرع ق.ل.ع لحماية إرادة المريض أو غيره ممن وجد في إحدى الحالات المشابهة للمرض. انفرد به عن سواه من القوانين المدنية العربية.[50]
يتعين بداية التطرق في إبطال الفصل 54 من ق.ل.ع من حيث طبيعته وخصائصه. إضافة إلى الوسيلة التي من خلالها يستطيع المتعاقد إبطال العقد المبني على مقتضيات الفصل 54 (الفقرة الأولى) هذا من جهة، ومن جهة ثانية، سنحاول الوقوف على نطاق السلطة التقديرية ومدى رقابة محكمة النقض عليها (الفقرة الثانية ).
برجوعنا إلى الفصل 311 من ق.ل. ع الذي نص على ما يلي " يكون لدعوى الإبطال محل في الحالات المنصوص عليها في الفصول 56.55.39.4 من ق.ل. ع وفي الحالات الأخرى التي يحددها القانون .."
فمن خلال مقتضيات هاته  الفصول يتضح لنا أن الإبطال هو الجزاء الذي يقرره المشرع إما على الإخلال بشرط من شروط صحة العقد. وإما بورود نص قانوني يخول حق الإبطال لأحد المتعاقدين في بعض الحالات، كما هو الحال بالنسبة للفصل 54 من ق.ل.ع. ومعلوم أن الجزاء المقرر في القانون، يهدف من خلاله المشرع إلى حماية مصالح المريض ومن في حكمه، وهو نفسه الموقف الذي تبناه في موضوع الأهلية عندما رتب على تبوث فقدانها أو نقصها اعتبار العقد باطلا أو قابلا للإبطال.[51]
ومما يلاحظ على الفصل 311 من ق.ل.ع عدم إشارته إلى الفصل 54 من ق.ل.ع رغم أنه ينص على أسباب الإبطال المبنية على حالات المرض و الحالات الأخرى المشابهة، غير أنه يمكن إدخال الفصل 54 في إطار ما سماه الفصل 311 بالحالات الأخرى المحددة في القانون.
وعليه فالفصل 54 يهدف إلى حماية الطرف الضعيف نتيجة المرض، وبالتالي هنا لا يمكن إثارة دعوة الإبطال إلا من ذوي المصلحة في ذلك. وهذا الإبطال لا بد من ثبوت سببه أمام القضاء.
وعلى ذلك فطبيعة الإبطال في إطار الفصل 54 ليس من النظام العام ومن ثم لا يمكن للقاضي أو المحكمة أن تبطله من تلقاء نفسها، وإنما بناء على طلب من ذوي المصلحة في الإبطال.[52] والجدير بالذكر أن الإبطال في إطار الفصل 54 يتميز بعدة خصائص والتي سنحاول الوقوف عليها بعجالة.
هناك خصائص يشترك فيها الإبطال والبطلان، بينما ينفرد الإبطال في إطار الفصل المذكور ببعض الخصائص وهي:
ü             العقد المشوب بعيب الغبن في إطار الفصل 54 والقابل للإبطال تلحقه الإجازة والإقرار.
ü             العقد القابل للإبطال في إطار الفصل 54 من ق.ل.ع يصححه التقادم فتسقط به دعوى الإبطال المقررة في الفصل 54 من ق.ل.ع.
ü             العقد القابل للإبطال نتيجة حالات الفصل 54 من ق.ل.ع يتطلب اللجوء إلى القضاء.
ü             ليس لغير الورثة والمتعاقد المغبون نتيجة الحالات المنصوص عليها في الفصل 54 حق طلب إبطال العقد ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بالإبطال من تلقاء نفسها.
لم يعرف قانون المسطرة المدنية الدعوى، وترك هذه المسألة للفقه وعلى ذلك فالدعوى هي وسيلة حمائية مكفولة للأشخاص، الذين تضررت حقوقهم نتيجة المساس بها من قبل الغير أو المطالبة بحقوقهم أمام القضاء.
ودعوى الإبطال في إطار الفصل 54 دعوى شخصية تهدف إلى المطالبة إبطال العقد المشوب بالاستغلال.
وإذا كان المشرع قد أعطى للمتضرر من العقد حق إبطاله فإنه أجاز انتقاله إلى الورثة في حالة الوفاة شريطة التمسك به داخل الأجل المتبقى طبقا للفصل 313 من ق.ل.ع. والدعوى في إطار الفصل 54 ليست من النظام العام، ذلك أن الإبطال المقرر لفائدة الشخص الذي عيبت إرادته نتيجة لحالة المرض أو الحالات الأخرى المشابهة الهدف منه حماية المصلحة الشخصية لذلك الشخص وليست لحماية المصلحة العامة و بالتالي لا يجوز للمحكمة إثارتها من تلقاء نفسها وإنما بطلب من ذوي المصلحة.
والدعوى المذكورة أعلاه، لا بد فيها من شروط موضوعية، وأخرى شكلية. فبالنسبة للشروط الموضوعية فهي (الصفة) و (الأهلية) و(المصلحة).[53] أما الشروط الشكلية، فهي البيانات التي يتعين على مدعى الإبطال احترامها في مطلبه الرامي إلى إبطال العقد الذي عيبت إرادته فيه.[54]
أما بخصوص أجال دعوى الإبطال. تتقادم  بمرور سنة في كل الحالات التي لايحدد فيها القانون أجلا مخالفا طبقا لمقتضيات الفصل 311 من ق.ل.ع. ويبدأ سريان هذا الأجل حسبما نص عليه الفصل 312 " لا يبدأ سريان مدة التقادم المذكور في حالة الإكراه إلا من زواله ولا في حالة الغلط و التدليس إلا من يوم اكتشافهما. أما بالنسبة للتصرفات المبرمة من القاصرين فمن يوم بلوغهم سن الرشد، وبالنسبة إلى التصرفات المبرمة من المحجور عليهم وناقصي الأهلية فمن يوم رفع الحجر عنهم. أو من يوم وفاتهم فيما يتعلق بورثتهم إذا مات ناقصي الأهلية وهم على هذه الحالة. وفي حالة الغبن المتعلق بالراشدين فمن يوم وضع اليد على الشيء محل العقد".
وعموما فدعوى الإبطال يجب ممارستها قبل انقضاء 15 سنة من تاريخ العقد. وإلا انقضت بالتقادم طبقا للفصل 314 من ق.ل.ع.
ونص الفصل  من ق.ل.ع315 أنه يسوغ التمسك بالدفع بالبطلان لمن ترفع عليه الدعوى بتنفيذ الاتفاق في جميع الحالات التي يمكن فيها نفسه أن يباشر دعوى الإبطال. وأضاف الفصل المذكور أنه لا يخضع الدفع المذكور للتقادم المقرر في الفصول 311.314 من .ق .ل.ع السابقي الذكر.
وإذا تمكن المعني بالأمر من إثبات العنصرين المادي القيمي المتمثل في اختلال الأداءات. والعنصر النفسي والمتجسد في الحالة المرضية التي يمكن أن تكون إما طيشا بينا أو هوى جامحا...) هنا يجوز للقاضي بناء على السلطة التقديرية الواسعة المخولة له الحكم بإبطال العقد وبالتالي يصبح العقد باطلا ويسري بأثر رجعي فيما بين المتعاقدين أو الغير طبقا للفصل 316 من ق.ل.ع.
وإذا تقرر إبطال العقد زال كل أثر له، وأرجع كل شيء إلى أصله، وجاز الحكم بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية و ليس العقدية.[55]
وتجدر الإشارة إلى أن الغير حسن النية الذي لا يعلم بنتائج العقد الذي أبرمه نتيجة لحالة استغلال المتعاقد الأخر للعيب الموجود بهذا المتعاقد. وفي المقابل فالطرف المستغل يفترض فيه سوء النية نتيجة لاستغلاله وضعية المتعاقد الأخر أي حسن النية. وعليه فحسن النية هو من له الحق في التمسك بإبطال العقد. أما الغير سيئ النية لا يمكن له بأي حال من الأحوال التمسك بإبطال العقد نظرا لسوء نيته. وعلى هذا المنوال سار الفصل 66 من ق .التحفيظ العقاري حينما نص على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التمسك بإبطال  التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة. ويضاف إلى ذلك الفصل 1187 من ق.ل.ع الذي نص على أن الدائن يتسلم بحسن نية. على سبيل الرهن الحيازي شيئا منقولا ممن لا يملكه يكسب حق الرهن، ما لم يكن الأمر متعلقا بشيء ضائع أو مسروق قابلا الإسترداد. ضمن الشروط المنصوص عليها في الفصل 456 مكرر."
والجدير بالذكر أن المشرع المغربي بموجب المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية الصادرة بتاريخ 22 نونبر 2011 قلص من القاعدة المشار إليها أعلاه في إطار الفصل 66 من قانون التحفيظ العقاري المشار إليه أعلاه وذلك في حالة التدليس والتغيير والتزوير
يقصد بالسلطة التقديرية في نظر الأستاذ المختار بن أحمد عطار بأن القاضي يتعين عليه أن يبقى في الحدود المرسومة للسلطة القضائية وهي تطبيق النصوص القانونية وان لا يلتجئ إلى تأويلها وإعمال سلطته إلا إذا اقتضت ظروف النازلة المعروضة عليه ذلك، كما أن سلطة تفرض عليه أن لا يلتجئ إلى تأويلها إلا بصدد النوازل التي تعرض عليه وأن القضاء ليس مرجعا للإفتاء.[56]
وعليه فالقاضي يمكنه أن يحكم بإبطال التصرف كلما تبين له أن المرض أو الحالات الأخرى المشابهة قد أثرت في رضا المعنى بالأمر. أو لم تؤثر فيه.
والقاضي في إطار الفصل 54 يستعين بجمع وسائل الإثبات الممكنة  كالشهادة الطبية وكذا شهادة العدول والموثقين من أجل الاقتناع بأن المتعاقد كان في حالة مرض أثرت على إدراكه وتمييزه، بحيث لولا حالة المرض لما قام بإبرام مثل هذا العقد.
نذكر في هذا الصدد قرار صادر عن محكمة النقض حول ترجيح الشهادة الطبية على شهادة اللفيف حيت جاء فيه:"..فانما اشارت اليه الوثيقة العدلية من اتمية الموكل ،تنفيه الشواهد الطبية الصادرة عن اطباء في تخصصات مختلفة والتي تفيد جميعها ان الهالك كان مصابا بمرض قصور القلب والضغط وداء السكري وباختلال في الجهاز العصبي وعنه الشيخوخة والخلل السيكولوجي والعمى القانوي،وان المعول به في حالة التناقض  بين شهادة العدلين بالاتمية  والشواهد الطبية هو ما اتبته  الطبيب صاحب الاختصاص،وهو اعتبرته محكمة الاستيناف في ردها على دفع الطاعنة بهذا الخصوص(من ان ما تثبته الشواهد الطبية بان الموروث كان مريضا عند ابرام عقد الوكالة والبيع لا يمكن دحضه بما شهد به العدلان  من اتمية الهالك ولاتعني انتفاء المرض الذي اشار اليه الفضل54 من ق.ل.ع)..."[57]  
وفي إطار نظرية الغبن الحديثة اتسعت سلطة القاضي التقديرية، بحيث لا يقتصر دوره على المقارنة بين إلتزامات كل متعاقد على حدة. لمعرفة ما إذا كان هنالك عدم التعادل بين الالتزامات أم لا. وإنما تمتد سلطة القاضي في النظرية الحديثة للغبن إلى تقدير ما يعرضه الطرف المستغل على الطرف المغبون لكي يقوم بدعوى الإبطال التي يرفعها المتعاقد المغبون. وهل هذا العرض كان لتجنب الاختلال الفادح في الأداءات.[58]
يضطلع للقضاء بمهمة أساسية وهى استخلاص الوقائع بغية وضع صورة كاملة حول وقائع النزاع وهذا من أصعب العمليات التي يقوم بها في الموضوع إذا أنه يعتبر المفتاح الصحيح القضية".[59]
وأهمية الوقائع تبرز في كونها تبين المراحل التي مرت بها المنازعة. ومن خلالها تم معرفة مدى احترام القاضي في حكمه حدود طلبات الأطراف و بالحياد في توجيه الإجراءات وباحترام قواعد الإثبات.
وإذا كان القاضي في إطار الفصل 54 لا يخضع لأية رقابة فيما يتعلق باستخلاص الوقائع المكونة لحالة المرض والحالات المشابهة، فإنه على العكس من ذلك يخضع للرقابة فيما يتعلق بالكيفية التي تم بواسطتها إثبات أن تلك الوقائع تشكل فعلا حالة مرض أو حالة من الحالات الأخرى المشابهة والكيفية التي توصل بها إلى هذه النتيجة.
وإذا كان الفصل 54 ينطوي على نظرية الغبن الاستغلالي وأن هذه النظرية تتطلب توافر عنصرين لإبطال العقد. فإنه لا مخرج من ضرورة مراقبة توفر العنصرين المادي أي القيمي والنفسي أي المعنوي، وبالتالي فمحكمة النقض تتأكد من ذلك.
أما بخصوص التكييف فالفصل 54 لا يتضمن نص يقضي بمنح القاضي إمكانية التعديل، لكن هناك نصوص قانونية في ق.ل.ع كالفصلين 316 و 317 من ق.ل.ع و الذي يجيزان للقاضي سلطة التعديل ليس من تلقاء نفسه وإنما بطلب ممن له الحق في ذلك.
والجدير بالذكر هو أن محكمة النقض من خلال سلطتها التقديرية فهي تمارس نوعا أخر من الرقابة وهي التي تتعلق بتعليل الحكم أو القرار. غير أن الفصل 54 يدخل ضمن الحالات التي يكون فيها التعليل غير ضروري. الذي يخول للقاضي سلطة تقديرية واسعة في إبطال العقد المبني على الحالات المرض والحالات الأخرى المشابهة.
ثالثا:التنازع بين الفصل 54ق.ل.ع واحكام مرض الموت
يلاحظ من خلال تصفح بعض الاحكام القضائية المتصلة بموضوع الفصل 54 ومرض الموت ،مدى الخلط والاضطراب العالق سواء بمذكرات الخصوم او بمواقف محاكم الموضوع،التي تخلط في بعض الاحيان بينا بين مرض الموت ،ويخضع لاحكام فقهية متميزة اوبعض النصوص التشريعية الخاصة ،والحالة التي يحكمها الفصل 54من.ق.ل.ع رغم ان لكل منهما مفهومه  مجاله الخاص به وشروط تطبيقه.
ولعل هذا الخلط  نابع من ان المشرع قد  اعتبر من خلال الفصل 54 المرض والحالات الاخرى المشابهة  عيبا يشوب الرضا يسمح للمريض بطلب ابطال التصرف الذي سبق له ان اجراه.
1-  مرض الموت
مرض الموت من الناحية الاصطلاحية ،ومن حيت الاثار التي يرتبها نظام قانوني اسلامي خالص،وضع بالاساس- كما سبقه-لصالح الورثة وحماية لحقوقهم،المحتملة وهي حقوق لله سبحانه وتعالى.
ومعنى ذلك ان من ابرم تصرفا قانونيا ،وهو في حالة مرض يندرج ضمن الامراض المعتبرة مميتة لايمكن له هو وبصفته تلك، لذات السبب،ان يطلب نقض التصرف الذي اجراه،غير ان هذا الشخص متى توفي من المرض الذي اجري التصرف خلاله –وبعد التحقق من الشروط الواجبة في هذا الصدد و بالشكل السابق بيانه-اصبحت لورثته حينئد الصفة الكاملة والمصلحة في رفع دعوى حالة صحتها ترتب اثارا تختلف من تصرف لاخر،وحسب ما اذا اجري التصرف لوارث ام لغير وارث في بعض التصرفات.
ان الاحكام  المتعلقة بمرض الموت،وبالكيفية المنظمة  في الفقه الاسلامي،ترمي اساسا الى حماية الورثة ،دون غيرهم ،وقد ترمي الى حماية الدائنين بصفة غير مباشرة من خلال تقوية الضمان العام المنصوص عليه ضمن مقتضيات الفصل 1241من.ق.ل.ع.
2-الفصل 54 من ق.ل.ع:
ينص الفصل 54 من.ق.ل.ع.على انه:
"اسباب الابطال المبنية على حالة المرض والحالات الاخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة"
لقد ورد النص التشريعي ضمن البحث المخصص للعيوب التي تشوب رضا المتعاقد فتجعل من ثمة العقد الذي ابرمه قابلا للابطال،والمنظمة بالفصول من 39الى 56 من.ق.ل.ع.
وعيوب الرضا قد وضعت كلها اساسا لحماية المتعاقد نفسه مما يتعرض له رضاؤه اثناء عملية التعاقد من غلط او تدليس او اكراه او غبن او وقوعه تحت وطاة المرض او حالات اخرى مشابهة له،تؤثر بدورها في ذلك الرضا وتعيبه.بل ان العقد المبرم في هذه الاحوال يتصحح باجارة من تقرر الابطال لصالحه.
وخلافا لحالة مرض الموت المقرر لمصلحة الورثة ،فان المتعاقد الذي ابرم التصرف تحت وطاة المرض الذي اثر في ارادته هو وحده صاحب الصفة والمصلحة في طلب ابطال العقد ،علما ان المرض المدعى به قد يكون مرض موت وقد يكون غير ذلك،المهم هو ان يثبت ان هذا المرض قد اثر في ارادة المتصرف نفسه ودفعه الى التعاقد.
واذا كان تحقق شروط مرض الموت يستتبعه ترتيب مختلف احكامه الفقهية انطلاقا من طبيعة التصرف المطعون فيه من جانب الورثة ،فان اعمال مقتضيات الفصل 54 من ق.ل.ع،يتوقف على السلطة التقديرية  لمحكمة الموضوع.جاء مثلا في قرار مجلس الاعلى :"....لا يشترط لابطال العقد المسبب المنصوص عليه في الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود ان يكون الشخص فاقد الوعي،بل يكفي ان تكون ارادته معيبة بسبب المرض الذي نزل به وان المتعاقد معه قد استغل وضعيته هذه فحصل منه على قبول لابرام عقد ما كان ليقبله لو كان سليما معافا وان المحكمة لما لها من سلطة التقدير الممنوحة لها بمقتضى الفصل 54 اعتبرت ان الهالك لم يكن حرا في تصرفه وان المشتري استغل المرض الخطير الذي نزل به فاحضر الموثق للمصلحة التي كان يعالج فيها واشهد عليه بالبيع..."[60]
 I.              وتؤول الدعوى المرفوعة في اطار مقتضيات الفصل 54 من ق.ل.ع حالة تحقق كل شروطها الى الحكم بابطال الالتزام العقدي ،وبالتالي اعادة الطرفين الى الحالة التي كانا عليها قبل ابرام العقد المحكوم بابطاله ،طبقا لمقتضيات الفصل 316 من قانون الالتزامات الذي جاء فيه: يترتب على ابطال الالتزام وجوب اعادة المتعاقدين الى نفس ومثل الحالة التي كانا عليها وقت نشاته،والتزام  كل منهما بان يرد للاخر كل ما اخذه منه بمقتضى اونتيجة العقد الذي تقرر ابطاله..."
وهكذا فاذا تعلق الامر بعقد بيع مثلا،وجب على المشتري ان يرد للبائع الشيء المبيع ووجب على البائع ان يرد للمشتري الثمن او الجزء الذي  ادي منه ،واذا تعلق الامر بهبة وجب على الموهوب له ان يرد الشيء الموهوب الى الواهب ،واذا تعلق الامر بعقد كراء وجب على المكري ان يرد الاجرة التي تسلمها ووجب على المكتري ان يرد العين المكتراة.
ودعوى الابطال هذه-مثلها في ذلك مثل مختلف دعاوى عيوب الرضا-وخلافا لدعوى مرض الموت التي تخضع من حيت سقوطها بمرور المدة طبقا للقاعدة العامة المضمنة بالفصل 387 من ق.ل.ع[61]تتقادم بمرور مدة سنة حسب مقتضيات الفصل 311 من ق.ل.ع.
وهي دعوى تنتقل الى الورثة في اطار مقتضيات الفصل 313 من نفس القانون حيت نص المشرع على انه:
تنتقل دعوى الابطال الى الورثة فيما بقي لمورثهم من مدتها  مع مراعاة الاحكام المتعلقة بانقطاع التقادم او بوقفه."
وعليه،فاذا ابرم المريض عقد بيع،وبعد ثمانية اشهر من ذلك الابرام توفي البائع حق لورثته-في اطار دعوى الفصل54 ق.ل.ع-ان يقيموا دعوى البطال على المتبايع الاخر خلال مدة الاربعة اشهر المتبقية من السنة.ومتى  سبق للبائع  ان رفع دعوى الابطال ثم توفي قبل صدور الحكم له او عليه،وجب العمل مسطريا على ادخال ورثته في الدعوى من اجل متابعتها طبقا للفصل 108 من قانون المسطرة المدنية .
والخلاصة ان احكام مرض الموت قد وضعت حماية للورثة اساسا،وتخضع لبعض القواعد التشريعية ولاحكام الفقه المالكي،اما مقتضيات الفصل54 من ق.ل.ع فقد وضعت اساسا لحماية المعاقد نفسه،وتخضع من ثمة لذات المقتضيات.
ودعوى الابطال التي تحكمها مقتضيات الفصل54 من ق.ل.ع-وبالاضافة الى ما سبق-لا تهم الا العقود العوضية كالبيع والمقايضة والكراء،اما دعوى نقض التصرف لاجرائه في مرض الموت،فهي عبارة عن نظرية عامة تهم جميع التصرفات سواء كانت عوضية كالبيع او غير عوضية كالهبة والصدقة والوصية، بل وتهم حتى التصرفات الخاصة بالاحوال الشخصية من زواج وطلاق وخلع.
3-  تكيف النزاع بين الفصل 54 ق.ل.ع،واحكام مرض الموت:
اطراف النزاع هم السادة الوقائع ،يحملون مايشاءون منها الى المحكمة الموضوع،شريطة اثبات وجودها او تحققها بالطرق التي حددها القانون. والقاضي رجل يعلم القانون،تتمتل وظيفته الاساسية في اعمال مقتضياته،دون ان يكون له تغيير تلك الوقائع،والا كان حكمه منعدم الاساس القانوني.وفي هذا الصدد جاء في الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية مايلي:
"يتعين على القاضي ان يبت في حدود طلبات اللاطراف ولايسوغ له ان يغير تلقائيا موضوع او سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب    الاطراف ذلك بصفة صريحة."[62]
ومن هذه الناحية، متى رفعت دعوى الابطال في اطار الفصل54 من ق.ل.ع.وتبين للمحكمة ان النزاع يجب ان يستند الى احكام مرض الموت او كنا امام الفرضية المعاكسة،أي الدعوى رفعت في اطار احكام مرض الموت،واتضح لمحكمة الموضوع انها انما تتعلق بتطبيق الفصل54 من ق.ل.ع.السالف ذكره.[63]
  

  
خاتمة:
ختاما فإن الفصل 54 من ق.ل.ع يحمل نوعا من الغموض لأنه يترك للقاضي تقدير أمر هام هو قيام العقد أو بطلانه، في حين أنه كان يجب على المشرع أن يحدد هذا الأمر سلفا حتى يسير الناس في تصرفاتهم على بينة من الأمر وحتى يأمنوا المفاجآت. هذا من جهة، ومن جهة ثانية هو أن الفصل المذكور يؤدي إلى تحكم القضاة واختلاف أحكامهم في أمر أساسي وخطير وهو قيام العقد أو بطلانه.
ولهذا حبذا لو تدخل المشرع المغربي، وعدل هذا الفصل 54 بشكل يتماشى وباقي الفصول الأخرى، وأن يأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي يراها المهتمين والباحثين في هذا الشأن. بغية وضع حد للنقاشات الحادة والمتعلقة بالفصل 54 من ق.ل.ع.


































الكتب:
v            ذ العرعاري عبد القادر ؛ مصادر الالتزامات الكتابي الأول نظرية العقد؛ الطبعة الرابعة سنة 2015.
v            ذ بن أحمد عطار المختار ؛ النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي؛ الطبقة الأولى 2011.
v            ذ الربيعي محمد ؛ محاضرات في نظرية العقد لطلبة الأسد س الثاني، الطبعة 2012.
v            ذ الكشبور محمد ، بيع المريض مرض الموت قراءة في قرار المجلس لأعلى الطبعة الأولي 2002.
v            ذ أدريوش أحمد، أثر المرض على عقد البيع تأملات حول تطبيق القضاة للفصلين 54 و 479 من ق.ل.ع مطبعة الأمنية الرباط 1996.
v            ذ صافي عبد الحق–الوجيز في القانون المدني الجزء الأول : المصادر الإرادية لألتزم  العقد والإرادة المنفردة طبعة 2016 مطبعة النجاح الجديدة  (ctp) الدار البيضاء.
v            ذ الكزبري مأمون– نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربية، الجزء الأول مضاد الالتزامات، مطابع دار القلم –بيروت –الطبعة الثانية 1972.
v            ذ العرعاري عبد القادر:العقود الخاصة (عقد البيع )، دارسة مقارنة على ضوء التعديلات الربعة 2017؛ مطبعة الأمنية ؛ الرباط.
v            ذ الصنهوري عبد الرزاق؛ الجزء الرابع من مصادر الحق في الفقه الإسلامي.
الرسائل:
v            وحيد مصلح عبده السندي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العلي المعمقة في موضوعه "إبطال العقد في إطار الفصل 54 من ظهير الالتزامات والعقود المغربي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص السنة الجامعية 2001-2002.
المقالات:
v            ذ العلاوي العبدلاوي إدريس ؛ نظرية الاستغلال؛ نظرية الاستغلال مقال منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 96 فبراير 1969.
v            ذ محمد ابن الصغير الفصل 54 من ق.ل.ع. نص غير مطبق لماذا السنة 1984.





[1] ظهير الالتزامات والعقود الطبعة الثالثة يناير 2011 ص12
[2] احمد عبد السلام فيغو:احكام تصرفات المريض مرض الموت في الفقه الاسلامي دراسة مقارنة اطروحةنيل شهادة الدكتورة
[3] ، عيوب الارادة في القانون المدني:الغلط ، التدليس انظرعبد اللطيف الخالفي دروس في النظرية العامة للالتزامات الجزء الاول "مصادر العقد طبعة 2006/2005،ص.94
[4]-  ذ عبد القادر العرعاري ؛ مصادر الالتزامات الكتاب الأول نظرية العقد؛ الطبعة الرابعة سنة 2015 ص:135.
[5]- ذ المختار بن أحمد عطار؛ النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي؛ الطبقة الأولى 2011؛ ص:196.
3 - ذ محمد الربيعي؛ محاضرات في نظرية العقد لطلبة الأسد س الثاني، الطبعة 2012 ص:37.
4 - ذعبد القادر العرعاري مرجع سابق صفحة 134.
[8]- ذ محمد الكشبور، بيع المريض مرض الموت قراءة في قرار المجلس الأعلى الطبعة الأولي 2002 الصفحة 29-35-39-40-41
[9] فاطمة اوسحاق:بيع المريض مرض الموت في القانون المغربي.رسالة الدراسة العليا المعمقة وحدة القانون المدني لسنة 1999/1998 جامعة الحسن الثاني عين الشوق ص.46-47
[10] فاطمة اوسحاق:م.س.ص.45-46
[11]  - وحيد مصلح عبدو السندي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في موضوع "إبطال العقد في إطار الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود المغربي السنة الجامعية 2001-2002 ص15.
7 -  وحيد مصلح عبدو السندي؛ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة" م.س.ص:51.
[13] - أنضر في تفاصيل هذا الموقف :أحمد إدريوش، أثر المرض على عقد البيع، تأملات حول تطبيق القضاء للفصلين 54و 479 من ظهير ل.ع. مطبعة الأمنية – الرباط 1996ص28.
[14] فاطمة اوسحاق:م.س.ص.12
[15]  - عبد الحق صافي – الوجيز في القانون المدني الجزء الأول : المصادر الإرادية لألتزم  العقد والإرادة المنفردة طبعة 2016 مطبعة النجاح الجديدة  (ctp) الدار البيضاء (ص101).
[16]  - ذ محمد الكزيري – نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربية، الجزء الأول مصادر الالتزامات، مطابع دار القلم –بيروت –الطبعة الثانية 1972ص12.
[17] امينة ايت حسين:القانون المدني 'دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام،مصادر الالتزام،الجزء الاول،العقد ،الطبعة الاولى سنة 2017
[18] - عبد الحق صافي مرجع سابق ص102.
[19] - ذ-مأمون الكزبري؛ م.س.ص.133 في نفس الاتجاه.
 Mohamed Azzedine benseghir l’article 54 du D.O.C. un article inaplippliqué : pour quoi?  R.M.D.E.D.I journée d’etude sur D.O.C.et sociétès .soixante dix ans après 20et 21 avril 1984.N°7.p232 
[20]  - وحيد مصلح عبدو السندي، م.س.ص.37
[21]  - ذ  مختار بن أحمد عطار. النظرية العامة للالتزامات الطبعة 2011 ص:176و177.
[22]  - ذ إدريس العلوي العبدلاوي، نظرية الاستغلال ، مقال منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 96 فبراير 1969.
[23]  - ذ  إدريس العلوي العبدلاوي م.س.ص:419 و420.
[24]  - وحيد مصلح عبدو السندي، م.س؟ص:54.
[25]  - ذ إدريس العلوي العبدلاوي م.س.ص420 .
[26]  - أنظر محمد بن الصغير، الفصل 54 من ق.ل.ع ص231 .
[27]  - أحكام الفصلين 344 و 345 من ق.ل.ع تتعلق بالإبراء من الإلتزام الصادر من المريض مرض الموت، انظر الفصلين 344و345:من ق.ل.ع.
[28]  - ذ –عبد القادر العرعاري : العقود الخاصة (عقد البيع )، دارسة مقارنة على ضوء التعديلات ، الطبعة الربعة 2017، مطبعة الأمنية ، الرباط ص:38.
[29] - يقول الأستاذ الصنهوري في الجزء الرابع من مصادر الحق في الفقه الإسلامي ص:197:(بأن الأصل في هذا التقييد هو أن التركة يتعلق بها حق  الورثة لا من موت المورث فحسب بل أيضا من بدأ مرضه الأخير وهو مرض الموت، وذلك أن المورث إذا تصرف في مرض موته فهو إنما يوصي ويكون لتصرفه حكم الوصية، فتكون تصرفات المريض مرض الموت موقوفة على إجازة الورثة الذين تعلق حقهم بالتركة )
[30]  - ذ عبد القادر العرعاري، م.س.ص.40.
[31]  - القرار المنشور في مجله القضاء المدني عدد 4-2011 ص279.
[32]  - القرار المنشور في مجله القضاء المدني عدد 6-2013 ص167.
[33]  - ذ عبد القادر العرعاري مرجع سابق ص41-42.
[34] - ذ- عبد القادر العرعاري مرجع سابق ص43.
[35] - قرار المجلس الأعلى المؤرخ في 25/12/1982 المنشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31ص45
[36] - عبد القادر العرعاري،م.س.ص47
[37]  - لقد نص القانون المدني المصري صراحة على هذه الأحكام في المادة 916 وهذا ما نصث عليه المادتان 277 و301 من مدونة الأسرة المغربية التين جاء فيهما بأن الوصية عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته )، ( يعتبر الثلث بالنسبة لما تبقى من التركة بعد الوفاء بالحقوق التي تخرج من التركة قبل الوصية).
[38] القرار عدد792 الصادر بتاريخ 25/11/2014 الملف الشرعي عدد738/2/1/2013 غير منشور.
[39] - قرار صادر عن محكمة الاستئناف عدد 862 بتاريخ 8 ماي 1980.ملف مدني 2562،منشور بمجلة المعامي عدد 2.س1980.1ص87 
[40] - احمد أدريوش.أثر المرض على عقد البيع  الطبعة الأولى 1996. ص26.27
[41]  - قرار عدد 4947 بتاريخ 05/12/1983 ملف مدني عدد 103/82 مجلة القضاء والقانون عدد 139 سنة 1988 ص 103. 104.
[42]  - قرار بتاريخ 28/01/1986 ملف مدني عدد 619/84
[43]  - قرار عدد 63 بتاريخ 20/01/1982 ملف مدني عدد 86772 .م.ف.ق. عدد 135.136 ص 137. تعليق الأستاذ محمد الوكيلي.
[44]  - أحمد أدريوش .م.س.ص 30.
[45]  - أحمد أدريوش .م.س.ص 31.
[46]  - قرار بتاريخ 29 يونيو 1931. منشور بمصنف قرارات محكمة الإستناف بالرباط 1931. ص 120.
[47]  - أحمد أدريوش .م.س.ص 32.
[48]  - أحمد أدريوش .م.س.ص 32.
[49]  - أحمد أدريوش .م.س.ص 34.
[50]  - أحمد أدريوش .م.س.ص 35.
[51]  - وحيد مصلح عبدو السندي : م.س. ص 76.
[52] - وحيد مصلح عبدو السندي : م.س.ص 77.
[53]  - الفصل 31 من القانون المسطرة المدنية.
[54]  - الفصل 31 من ق.م.م.
[55]  - وحيد مصلح عبدو السندي.م.س. ص 90.
[56]  - ذ مختار بن أحمد عطار م.س.ص 309.
[57] القرارعدد 5744 الصادر بتاريخ 27/12/2011،الملف المدني عدد253/1/2/2011 غير منشور.
[58]  - ذ العلوي العبدلاوي.م.س ص 26.27.
[59]  - وحيد مصلح عبد السندي.م.س. ص 104.
[60] محمد كشبور:بيع المريض مرض الموت .قراءة في قرار مجلس الاعلى (ح.ع.3958 الصادر في 24 يونيو 1997.م.م.ع.3817/1/2/95) ص.97ومايليها .
[61] الفصل 387الذي جاء فيه"كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمس عشرة سنة،فيما عدا الاستثناءات الواردة فيما بعد،والاستثناءات التي يقضي بها القانون في الحالات خاصة "
[62] قانون المسطرة المدنية.
[63] محمد كشبور.م.س.ص104-105
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *