-->

حق العمرى وفق القانون رقم 39-08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية

مقدمة
لقد كان الهدف الأساس من وراء صدور مدونة الحقوق العينية هو وضع حد لازدواجية لأحكام والقواعد المطبقة على العقارات المحفظة و العقارات غير المحفظة ، وذلك حدا للتضارب في  الاجتهادات القضائية والآراء  الفقهية التي كانت تسود قبل المدونة ، وهكذا فقد حاول  المشرع إخراج مدونة الحقوق العينية تطبق على العقارات المحفظة وغير المحفظة على حد سواء وذلك عن طريق دمج المقتضيات المنصوص عليها في ظهير 02 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة ضمن مدونة الحقوق العينية مادامت أن أغلبية فصوله تنسجم مع القواعد المقررة في الفقه الإسلامي مع إدخال بعد تعديلات عليها إلا أنه بالإضافة إلى ذلك .تم تنظيم أحكام عدة مواضيع لأول مرة منها الهبة ،الصدقة ، المغارسة .
ويعد العمرى  من بين المواضيع الجديدة التي تم تنظيم أحكامها لأول مرة في هذه المدونة،وقد عالج  المشرع العمرى في الباب الرابع من الكتاب الأول من القسم الأول من المواد  105 إلى المادة 108   .
وقد عرفه المشرع في مدونة الحقوق العينية في المادة 105 منها :"العمرى حق عيني تمليك منفعة عقار بغير يقرر طول حياة المعطي أو المعطى له أو لمدة معلومة".
يتضح من خلال هذا التعريف أن حق العمرى يتميز بالخصائص التالية :
-         حق العمرى حق عقاري : إذ لا يقع إلا على عقار .
-         العمرى حق مؤقت : لأنه يقرر طول حياة المعطي أو المعطى له و إما لمدة معلومة، وبعبارة أخرى  أن حق العمرى مقيد بأجل ينتهي لزوما بحلوله . و أنه كذلك ينقضي بوفاة المعطي أو المعطى له حسب اتفاق الأطراف .
ولقد سبق الفقه الإسلامي إلى تنظيم أحكام العمرى و إن كان عالجها ضمن أحكام الهبة، رغم اختلاف بعض الفقهاء في تنظيمها فالحنفية والشافعية اعتبر أن العمرى تعد هبة مبتوتة ، أي أنها هبة للرقبة ،أما المالكية فاعتبر أن ليس للمعمر فيها إلا المنفعة ، فإذا مات عادت الرقبة للمعمر أو للورتته .
وقد اشترط المشرع أن يبرم عقد العمرى في محرر رسمي ، و أن  يقيد في السجل العقاري في حالة وروده على عقار محفظ .كما يترتب عليه مجموعة من الآتار وباعتبار أن العمرى حقا مؤقتا فإنه ينتهي بأحد أسباب انقضائه ,
ولمعالجة هذا الموضوع سيتم مناقشته من خلال التصميم التالي :
§      المبحث الأول : أحكام العمرى
vالمطلب الأول : أركان العمرى
vالمطلب الثاني  : توثيق  العمرى وتقييدها في السجل العقاري حالة ورودها على عقار محفظ
المبحث الثاني : آثار حق العمرى وانقضاؤه
vالمطلب الأول : آثار حق العمرى  
vالمطلب الثاني  : انقضاء العمرى

§      المبحث الأول : أحكام العمرى
يلزم في العمرى توافر الرضا و الأهلية والمحل والسبب ( المطلب الأول ) ،و أن توتق وفقا للشكليات القانونية غير أن العمرى المنصب على عقار محفظ لايرتب حجية سواء بين الاطراف أو في مواجهة الغير إلا بتقييده بالرسم العقاري وابتداء من تاريخ هذا التقييد ( المطلب الثاني)
Ø  المطلب الأول : أركان العمرى
Ø  التراضي والأهلية
·       أولا : التراضي
يقصد بالتراضي تطابق إراديتين وقد نص المشرع  على التراضي في المادة 106 "تنعقد العمرى بالإيجاب والقبول  " وهكذا لابد أن يصدر الإيجاب من المعطي ويصدر القبول من المعطى له ، وأن يحصل توافق تام بين إرادة الأطراف ،كأن يقول المعطي مثلا "أعمرتك هذا العقار" ويصرح المعطى له " قبلت هذا العقار "،كما أنه ينبغي أن تكون الإرادة خالية من عيوب التراضي الغلط ،التدليس ،الإكراه والغبن والاستغلال ، وإلا تعرض العقد لقابلية الإبطال .
·       ثانيا :الأهلية
تنقسم الأهلية إلى أهلية الوجوب وأهلية أداء وأهلية الوجوب حسب المادة 207 :
أهلية الوجوب هي:" صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون، وهي ملازمة له طول حياته ولا يمكن حرمانه منها ".
وأهلية الأداء حسب المادة 208 هي :"صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية  والمالية  ونفاذ تصرفاته، ويحدد القانون شروط اكتسابها وأسباب نقصانها أو انعدامها".
وفي مدونة الحقوق العينية قد أغفل عن تحديد الأهلية الواجب توافرها  في العمرى سواء بالنسبة للمعطي أو المعطى له .
لكن بما أن العمرى تعتبر من التصرفات الضارة ضارا محضا بالنسبة إلى المعطي على اعتبار أنها تمليك منفعة بغير عوض  لذا فينبغي في المعطي أن يكون متمعا بالأهلية بالغا لسن الرشد القانوني ولا يعترضه أي عارض من عوارض الأهلية من سفه وعته وجنون.
·       ثالثا: المحل والسبب
إن محل العمرى وفق مدونة الحقوق العينية هو العقار إلا أن مشرع مدونة الحقوق العينية لم يعين الشروط الواجب توفرها في هذا المحل لذا لابد من الرجوع إلى القواعد العامة للالتزامات عملا بالمادة الأولى من مدونة الحقوق العينية ،فتبعا لذلك يشترط في العقار محل العمرى أن يكون موجودا ومشروعا .
أما عن السبب وهو الباعث الذي دفع بالمعطي  بتمليك منفعة عقار يجب أن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام والأخلاق الحميدة أو للمقتضيات القانونية المعمول بها.
ويجب أن يكون حقيقيا لا وهميا .
v                      المطلب التاني : رسمية عقد العمرى وتقييده في الرسم العقاري
أفرز الواقع العملي للمحررات العرفية أنها تطرح العديد من المشاكل ،فحسنا فعل المشرع عندما اشترط إبرام عقد العمرى في محرر رسمي تحت طائلة البطلان . لذا لابد من تحرير عقد العمرى في محرر رسمي من طرف جهة خول لها المشرع تحرير هذه العقود .
كما أنه لابد من التمييز بين حق العمرى الوارد على عقار  غير محفظ  وحق العمرى الوارد على عقار محفظ
إذ لا يكفي بالنسبة الوضع الثاني أن يحرر في محرر رسمي  فقط بل لابد من تقييده بالرسم الخاص بالعقار موضوع العمرى لدى المحافظة العقارية وذلك حتى ينتج العقد أثره سواء بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير . عملا بالمادة 65 و67 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه ،حيث نص الفصل 65 من الظهير :"يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري، جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة تفوق ثلاث سنوات، وكل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد على السنة غير مستحقة الأداء أو الإبراء منه".ونص الفصل 67 من نفس القانون:" إن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري، دون الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم."


المبحث التاني : آتار حق العمرى

يترتب على حق العمرى مجموعة من الآثار تتمثل في كل من الحقوق التي يكتسبها والالتزامات التي يلتزم بها كل من المعطي والمعطى له (المطلب الأول) .
وعلى اعتبار أن حق العمرى يعتبر من الحقوق المقيدة بأجل ينتهي لزوما بحلوله ،فإنه ينقضي إما بانتهاء المدة المتفق عليها أو بوفاة المعطي أو المعطى له حسبما تم الإتفاق عليه في العقد (المطلب الثاني )
المطلب الأول: آثار حق العمرى

أولا : حقوق والتزامات المعطي

إن المعطي كأحد الأطراف المهمة فيما يخص حق العمرى يلتزم بمجموعة من الالتزامات أهمها نقل ملكية منفعة العقار محل العمرى إلى المعطى له . وتسليمه العقار بالمواصفات التي كان عليها وقت إبرام العمرى والمحددة أساسا في العقد .
ويتم التسليم فور إبرام العقد أو في الوقت المتفق عليه ،وبطبيعة الحال بما أن محل العمرى هو شيء مستقر بحيز تابت فيه فإن مكان التسليم هو مكان العقار .
وفي حالة امتناع المعطي عن التسليم فللمعطى له الحق في اللجوء إلى القضاء قصد إجباره على تنفيذ التزامه .

تانيا : حقوق والتزامات المعطى له

تعمير العقار

نص المشرع في المادة 107 من مدونة الحقوق العينية " يجب على المعطى له أن يعمر العقار موضوع الحق بأن يقيم فيه بنفسه أو يأخذ غلته.ولا يجوز له نقل هذا الحق إلا إلى المعطي أو لوارثه". فلو كان العقار محل العمرى عبارة عن منزل فلابد له وأن يسكنها ، أما إذا كان أرض فلاحية ،فإن له أن يأخذ غلتها .
هل يجوز للمعطى له نقل العمرى إلى الغير ؟
يتضح من خلال المادة 107 من مدونة الحقوق العينية أن حق العمرى مرتبط بشخص المعطى له ، ولهذا نص المشرع على أنه لا يجوز للمعطى له أن ينقله إلا إلى للمعطي نفسه أو وارثه .
تحمل نفقات الصيانة
على المعطى له أن يبذل في المحافظة على العقار موضوع العمرى العناية التي يبذلها الشخص الحريص على ملكه وتقع عليه النفقات اللازمة لحفظه وصيانته.
وعليه إذا قصر المعطى له في العناية ،جاز للمعطي اللجوء إلى القضاء وطلب فسخ العمرى .
تحمل التكاليف العادية المفروضة  على العقار
نص المشرع عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 108 من مدونة الحقوق العينية حيت نص "....
ويتحمل أيضا التكاليف العادية المفروضة على هذا العقار ."
كمصروفات صيانة العقار ،وتكاليف إدارته  وكل التكاليف الضرورية لاستعمال العقار محل العمرى .
وكذا التكاليف المتعلقة بالضرائب المفروضة على عقار معد للسكنى كضريبة النظافة .
أما التكاليف الغير العادية كالمصروفات اللازمة بالإصلاحات الجسيمة التي لم تنشأ عن خطأ المعطى له ،فإن جميع المصروفات يتحملها المعطي .

المطلب التاني : انقضاء حق العمرى

ينتهي حق العمرى بأحد  الأسباب التالية :
انتهاء المدة التي أعطيت له
وفاة المعطي أو المعطى له في حالة ما إذا كانت العمرى مشروطة بحياة أحدهما
هلاك العقار موضوع العمرى ،غير أنه إذا كان هذا الهلاك بسبب خطأ صادر عن المعطى له فإنه ملزم بإعادته إلى أصله .
عدم استعمال العقار من المعطى له
خاتمة
رغم تنظيم المشرع لحق العمرى لأول مرة في مدونة الحقوق العينية ، فإنه لم يستطع الإلمام  بكافة أحكام هذا الحق فلم يحدد أركان انعقاده، ولا حتى أسباب انقضائه .


لائحة المراجع

    I.            المؤلفات:

·       محمد بونبات –في الحقوق العينية- دراسة مقاربة للحقوق العينية وجدواها الاقتصادية والإجتماعية ،ط .1 ،2002 ،م ط ، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش
·       إدريس الفاخوري –الحقوق العينية وفق القانون 39- 08 ط 2013 دار نشر المعرفة الرباط

II.            النصوص القانونية:
·       ظهير الالتزامات والعقود 12 غشت 1913
·       مدونة الحقوق العينية 39-08
III.            المجلات
مجلس القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية –قراءة في النظام العقاري الجديد- العدد الثالث يوليوز 2012 المطبعة الأورو متوسطية للمغرب


  
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *